بحث هذه المدونة الإلكترونية

Translate كيك520000.

السبت، 11 يونيو 2022

مجلد5. و6. بغية الطلب في تاريخ حلب المؤلف : ابن العديم

 

   مجلد5. بغية الطلب في تاريخ حلب
المؤلف : ابن العديم

وذكر أبو عبد الله المرزباني فيما قرأته في كتاب المستنير قال: حدثنا أبو عبد الله الحكمي، ومحمد بن يحيى قالا: حدثنا محمد بن موسى البربري قال: حدثني محمد بن صالح العدوي قال: أخبرني أبو العتاهية قال: كان الرشيد يعجبه غناء الملاحين في الزلالات إذا ركبها، وكان يتأذى بفساد كلامهم، وكثرة لحنهم، واستحالة معاني ألفاظهم، فقال يوماً لعيسى بن جعفر وجماعة من ندمائه: قولوا لمن معنا يعمل شعراً لهؤلاء الملاحين حتى يحفظوه، ويترنموا به ويريحوني من هذا الذي أسمعه منهم، فقيل له: ليس أحد أحذق بهذا ولا أقدر عليه، وعلى ما أشبهه من أبي العتاهية، وكان الرشيد قد حبسني وقال: لا أطلقك أو تقول شعراً في الغزل، وتعاود ما كنت عليه، فبعث إلي وأنا في الحبس يأمرني أن أقول شعراً للملاحين، ولم يأمر بإطلاقي فغاظني ذلك، وقلت: والله لأقولن شعراً 167 - و يحزن به ولا يسره، فعملت شعراً ودفعته إلى من حفظه الملاحين، فما ركب الحراقة اندفع الملاحون يغنون:
خانك الطرف الطموح ... أيها القلب الجموح
لدواعي الخير والشر ... دنو ونزوح
هل لمطلوب بذنب ... توبة منه نصوح
كيف اصلاح قلوب ... إنما هن قروح
أحسن الله بنا أ ... ن الخطايا لا تفوح
فإذا المستور منا ... بين ثوبيه فضوح
كم رأينا من عزيز ... طويت عنه الكشوح
صاح منه برحيل ... صائح الدهر الصيوح
موت بعض الناس في ... الأرض على قوم فتوح
سيصير المرء يوماً ... جسداً ما فيه روح
بين عيني كل حي ... علم الدهر يلوح
كلنا في غفلة وال ... موت يغدو ويروح
لبنى الدنيا من الدن ... يا غبوق وصبوح
رحن في الوشي وأصبح ... ن عليهن المسوح
كل نطاح من الده ... ر له يوم نطوح
نح على نفسك يا ... مسكين إن كنت تنوح
لتموتن ولو عم ... رت ما عمر نوح
فلما اندفع الملاحون يغنون جعل الرشيد يبكي وينتحب، كلما زادوا بيتاً زاد في بكائه ونحيبه، وكان الرشيد من أغزر الناس دموعاً في وقت الموعظة، وأشدهم عسفاً في وقت الغضب والغلظة، فلما رأى الفضل بن الربيع كثرة بكائه وما قد تداخله أو ما إلى أن أمسكوا.
أخبرنا أبو هاشم بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعيد السمعاني عبد الكريم بن محمد قال: سمعت عبد الله بن عمر - يعني الإصطخري - يقول: سمعت أبا طاهر الرازي يقول: سمعت عبد الكريم بن عبد الواحد بن محمد، أبا طاهر الصوفي، يقول: سمعت أبا الفتح محمد بن أحمد 167 - ظ بن محمد ابن عليّ بن محمد بن النعمان النحوي الأنباري قال: سمعت أبي أبا بكر أحمد قال: سمعت أبي أبا جعفر محمد يقول: سمعت أبي أبا الحسن عليّ يقول: سمعت أبي أبا سعيد محمد بن النعمان يقول: أنشدني أبو العتاهية لنفسه:
الخير والشر مزداد ومنتقص ... فالخير منتقص والشر مزداد
فما أسأل عن قوم صحبتهم ... ذوي محاسن إلا قيل بادوا
ولا أسأل عن قوم عرفتهم ... ذوي مساوي إلا قيل قد زادوا
فالخير ليس بمولود له ولد ... لكن له من بنات الشر أولاد
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سليمان الإربلي بحلب قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج الآبري قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين أحمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد عبد الله بن محمد بن يوسف الحنائي قال: أخبرنا عمرو عثمان بن أحمد السماك قال: حدثنا أبو القاسم اسحق بن إبراهيم بن سنين الختلي قال: سليمان بن أبي شيخ أبو أيوب قال: أنشدني أبو العتاهية:
تنافس في الدنيا ونحن نعيبها ... لقد حذرتنا لعمري خطوبها
وما نحسب الساعات تقطع مدة ... على أنها فينا سريع دبيبها
كأني برهطي يحملون جنازتي ... إلى حفرة يحثى عليّ كثيبها
فكم ثم من مسترجه متوجع ... وباكية يعلو عليّ نحيبها
168 - و

وداهية حرى تنادى وإنني ... لفي غفلة عن صوتها لا أجيبها
وإني لممن يكره الموت والبلى ... ويعجبه ريح الحياة وطيبها
أيا هادم اللذات ما منك مهرب ... تحاذر منك النفس ما سيصيبها
رأيت المنايا قسمت بين أنفس ... ونفس سيأتي بعدهن نصيبها
قال أبو القاسم بن سنين: وأنشدني - يعني محمد بن مزيد - لأبي العتاهية:
قد نغص الموت عليّ الحياه ... إذ لا أرى منه لحي نجاه
من جاور الموتى فقد أبعد الدار ... وقد جاور قوماً جفاه
ما أبين الأمر ولكنني أرى ... جميع الناس عنه عماه
لو علم الأحياء ما عاين الم ... وتى إذاً لم يستلذ والحياة
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة قراءة عليه قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي - إذناً إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسين ابن عبد الجبار الصيرفي - بانتخابي عليه من أصول كتبه - قال: حدثنا محمد بن عليّ الصوري قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الغساني قال: أخبرنا محمد بن مخلد الدوري قال: سمعت مشرف بن سعيد يقول: سمعت أبا العتاهية يقول:
أرى علل الدنيا عليّ كثيرةً ... وصاحبها حتى الممات عليل
ومن ذا الذي ينجو من الناس ... سالماً وللناس قال بالظنون وقيل
وقال: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد 168 - ظ بن محمد بن جعفر قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري قال حدثنا الصولي قال: حدثنا الغلابي قال: حدثنا عبد الله بن الضحاك قال: رأيت الناس في النفر وقد اجتمعوا على رجل وهو ينشد:
أجاب الله داعيك ... وعادى من يعاديك
كأن الشمس والبدر ... جميعاً في تراقيك
وفي جني النح ... ل ما أحلاه من فيك
وقد شاع بأن الخ ... ز يؤذيك ويدميك
وما تدرين من ذل ... ك أسماء جواريك
ولافا ختة النخل ... من الطاووس والديك
تعالى الله ما أحس ... ن ما براك باريك
فقال له رجل: يا شيخ أفي مثل هذا الموضع؟! قال: وما على من قضى حجة أن يشكو بثه، ويصف من هداه.
أخبرنا الشيخان الزاهدان: أبو محمد عبد الرحمن، وأبو العباس أحمد ابنا عبد الله بن علوان، والخطيبان: أبو البركات سعيد، وأبو الفضل عبد الواحد ابنا هاشم بن أحمد بن هاشم الأسديون الحلبيون، وأبو الحجاج يوسف بن عبيد بن سوار السلمي البرجيني - قراءة عليهم متفرقين بحلب - قالوا: أخبرنا أبو طالب عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن العجمي قال: أخبرنا أبو القاسم 169 - و بن بيان الرزاز قال: أخبرنا أبو القاسم بن عليّ بن الصقر قال: حدثنا أبو الحسن شاكر بن عبد الله المصيصي القارىء قال: حدثنا عمران بن موسى قال: سمعت أحمد بن الحسن العوفي قال: سمعت أبا العتاهية ينشد هذه الأبيات:
إن كان يعجبك السكوت فإنه ... قد كان يعجب قبلك الأخيارا
ولئن ندمت على سكوتك مرةً ... فلقد ندمت على الكلام مرارا
إن السكوت سلامةٌ ولربما ... زرع الكلام عداوةً وضرارا
وإذا تقرب خاسرٌ من خاسرٍ ... زاد بذاك خسارة وتبارا
أخبرنا أبو القاسم بن قميرة التاجر البغدادي قراءة عليه بحلب قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت بن الآبري قالت: أخبرنا طراد الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسين ابن بشران قال: أخبرنا أبو عليّ بن صفوان قال: حدثنا عبد الله بن أبي الدنيا قال: حدثني الحسين بن عبد الرحمن قال: كتب بكر بن المعتمر إلى أبي العتاهية من السجن يشكو إليه طول السجن وشدة الغم، فكتب إليه:
هي الأيام والعبر ... وأمر الله ينتظر
أتأيس أن ترى فرجاً ... وأين الله والقدر

أخبرنا أبو محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي، وعبد السلام بن المطهر بن أبي سعد بن أبي عصرون، وأبو الحجاج يوسف بن عبيد بن سوار المصري، وأبو اسحق إبراهيم بن عثمان بن عليّ الحنفي قالوا: أخبرنا أبو سعد عبد الله 169 - ظ بن محمد بن هبة اله بن أبي عصرون قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن القاسم بن المظفر الشهرزوري قال: حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد الشجاعي قال: أخبرنا أبو الحسن الليث بن الحسن بن الليث بسرخس قال: أخبرني عليّ بن الفضل ابن محمد ببغداد أن أبا العتاهية كتب إلى بعض إخوانه:
صديقي من يقاسمني همومي ... ويرمي بالعداوة من رماني
ويخطفني إذا ما غبت عنه ... وأرجوه لنائبة الزمان
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن عليّ بن الخضر القرشي - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو السعادات بن عبد الرحمن القزاز، والكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج، ح.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن عليّ يعيش قال: أخبرنا أبو الفضل عبد الله ابن أحمد بن محمد الطوسي قالوا: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمد بن عليّ بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن عليّ الكندي قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن جعفر ابن سهل الخرائطي قال: أنشدني أبو عبد الله المارستاني لأبي العتاهية:
الناس يخدع بعضهم بعضاً ... محضوا التخادع بينهم محضا
فلقل ما تلقى بها أحدا ... متنزهاً تحمي له عرضا
ألبس جميع الناس محتملاً ... للعاملين وكن لهم أرضا
فلئن غضبت لكل حادثةٍترمي بها فلقل ما ترضا 170 و
أخبرنا أبو طاهر إسماعيل بن عبد القوي بن أبي عزون بالقاهرة، وأبي محمد يونس بن خليل بن عبد الله بحلب قالا: أخبرنا أبو الطاهر إسماعيل ابن صالح بن ياسين قال: أخبرنا عبد الله الرازي قال: أخبرنا أبو الحسن عليّ ابن عبيد الله بن محمد الهمذاني بمصر قال: حدثنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن عليّ النحوي بالرملة قال: حدثني أبي قال: أنشدني إبراهيم بن السري الزجاج لأبي العتاهية:
اصبر لدهر نال منك ... فهكذا مضت الدهور
فرح وحزنٌ مرةً ... لا الحزن دام ولا السرور
أخبرنا عتيق بن الفضل بن سلامة السلماني بدمشق قال: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن الحسن الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عليّ القرطبي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن إبراهيم النسيب قال: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف بن ماشاء الله قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا محمد ابن موسى بن حماد قال: حدثنا محمد بن منصور البغدادي قال: لما حبس أمير المؤمنين الرشيد أبا العتاهية، جعل عليه عيناً له يأتيه بما يقول، فوجده يوماً وقد كتب على الحائط:
أما والله إن الظلم لوم ... وما زال المسىء هو الظلوم
إلى ديان يوم الدين نمضي ... وعند الله تجتمع الخصوم
170 - و قال: فأخبرنا بذلك الرشيد فبكى، ودعا به، فاستحله ووهب له ألف دينار.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي - إذناً - قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن عبد الباقي الأنصاري كتابه عن أبي منصور محمد بن محمد بن عبد العزيز العكبري قال: أخبرنا أبو عبد الله بن عمران بن موسى المرزباني - إجازة كتبها لي سنة أربع وثمانين وثلاثمائة - قال: أخبرني عبد الله بن يحيى قال: حدثنا هرون بن الحسن قال: أتينا بقية بن الوليد ومعنا أبو العتاهية، فانقبض بقية ولم يحدث فقال له أبو العتاهية: بلغني رحمك الله أن لكل شيء دسماً، ودسم العلماء البشاشة والطلاقة، فانبسط، وسألناه أن يحدث فأبى، فقال أبو العتاهية: إن لكل شيء زكاة وزكاة العلماء الفوائد، قال: فحدث 171 - و.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي

أخبرنا محمد بن إبراهيم بن مسلم قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبيد الله بن محمد قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا اسحق بن إبراهيم ابن سنُنين قال: حدثنا محمد بن مزيد قال: حدثنا سعيد بن أبي سكينة قال: أتى أبو العتاهية باب أحمد بن يوسف، فأخبره الحاجب أنه نائم، فمكث ساعة ثم دعا بدواة وقرطاس، فكتب هذا البيت، ثم قال للحاجب: إذا انتبه فادفع إليه هذه الرقعة:
ألم تر أن الفقر يرجى له الغنى ... وأن الغنى يخشى عليه من الفقر
قال ابن سنين: أنشدني محمد بن مزيد لأبي العتاهية:
لله ما وارى التراب من الألى كانوا ... الكرام هم إذا نسب الكرام
أفناهم من لم يزل بفني القرون ... وللفناء وللبلى خلق الأنام
يا صاحبي نسيت دار اقامتي ... وعمرت داراً ليس لي فيها مقام
دار يريد الدهر نقلة أهلها ... وكأنهم عما يريد بهم نيام
أخبرنا أبو جعفر يحيى بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن عليّ الدامغاني قال: أخبرنا أبي أبو منصور جعفر قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن سوار قال: أخبرنا أبو الحسين بن رزمة قال: أخبرنا أبو سعيد السيرافي قال: حدثني محمد بن منصور قال: حدثنا الزبير 172 - و - يعني ابن بكار - قال: حدثني جعفر بن الحسن اللهبي قال: دخل أبو العتاهية إلى بعض الهاشميين. فبينا هو عنده إذ أتاه خبر عن وكيل له يخبره باختلال في ضيعته، فغمه ذلك حتى تبين الغم في وجهه، فقال أبو العتاهية:
ليد المنية في تلمسها عن ... ذخر كل شقيقة فحص
وكأن من وافى منيته لم ... يبق منه لناظر شخص
تبغي من الدنيا زيادتها ... وزيادة الدنيا هي النقص
قال: فأسفر لونه، وسكن ما به.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: اخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الخطيب قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن منصور السمعاني، ح.
وأخبرنا أبو الحسن عليّ بن عبد المنعم بن عليّ بن بركات قال: أخبرنا يوسف بن آدم المراغي قال: أنبأنا أبو بكر السمعاني قال: أخبرنا الشيخ أبو سعد محمد بن عبد الملك الأسدي قال: أخبرنا أبو عليّ الحسن بن عبيد الله الصفار قال: حدثنا عمر بن محمد بن سيف قال: أنشدني أبو جعفر أحمد بن محمد الطبري المعروف بابن رستم النحوي قال: أنشدني ابن أبي العتاهية لأبيه:
ما من صديق وإن تمت مودته ... يوماً بأبلغ في الحاجات من طبق
إذا تعمم بالمنديل منطلقاً ... لم يخشى نبوة بوابٍ ولا غلق
لا تكذبن فإن الناس مذ خلقوا ... عن رغبة يعظمون الناس أو فرق
172 - ظ
أما الفعال ففوق النجم مطلعه ... والقول يوجد مطروحاً على الطرق
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد المؤدب البغدادي قال: أخبرنا الشريف أبو الحسن محمد بن عليّ بن محمد بن عليّ بن محمد بن عبد الصمد بن المهتدي بالله قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن الحسن بن الفضل قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري قال: أنشدنا محمد بن المرزبان قال أنشدني الحسن بن صالح الأسدي لأبي العتاهية:
سبحان خيار السمالء ... إن المحب لفي عناء
من لم تذق حرق الهوى ... لم يدر ما جهد البلاء
لو كنت أحسب عبرتي ... لوجدتها أنهار ماء
كم من صديق لي أسا ... رقه البكاء من الحياء
فإن تقطن لأمني ... فأقول ما بي من بكاء
لكن ذهبت لا تدري ... فأصبت عيني بالرداء
حتى أشككه فيس ... كت عن ملامي والمراء
يا عتب من لم يبك لي ... مما لقيت من الشقاء
بكت الوحوش لرحمتي ... والطير في جو السماء
والجن عمار البيوت ... بكوا وسكان الفضاء
والناس فضلاً عنهم ... لم تبك إلا بالدماء
يا عتب إنك لو شهد ... ت عليّ ولولة النساء

وموجهاً مستبسلا ... بين الأحبة للقضاء
لجزيتني غير الذي ... قد كان منك من الجزاء
أقمنا شعبت ولا روي ... ت من القطيعة والجفاء
لم تبخلين على فتىً ... محض المودة والصفاء
يا عتب سيدتي أعيني ... حسن وجهك بالسخاء
مهلاً عليك وإن بخل ... علي بالحسن العزاء
وأكثر أكثر من ترى ... وأقلهم أهل الوفاء
واليأس مقطعه المنى ... والصبر مفتاح الرجاء
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن أبي الحسن بن المقير بمصر بالجامع العتيق قال: أخبرنا الحافظ أبو أحمد معمر بن عبد الواحد بن الفاخر قال: أنشدنا الإمام 173 - و أبو المحاسن - يعني عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد الروياني قال: أنشدنا الإمام إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني إملاء قال: أنشدنا زاهر بن أحمد قال: أنشدنا أبو الحسن أحمد بن جعفر بن المنادي قال: أنشدني أبو بكر يونس بن يعقوب المقري الواسطي لأبي العتاهية:
كم يكون الشتاء ثم المصيف ... وربيع يمضي ويأتي الخريف
وانتقال من الحرور إلى الظل ... وسهم الردى عليك منيف
يا قليل البقاء في هذه الدن ... يا إلى كم يغرك التسويف
عجباً لامرىٍْ يذل المخلو ... قال: ويكفيه كل يوم رغيف
أخبرنا أبو الفضل إسماعيل بن سليمان بن ايداش الحنفي الدمشقي بها قال: أخبرنا عبد الخالق بن أسد بن ثابت الحافظ قال: أخبرنا عليّ بن أحمد قال: أخبرنا رجاء بن عبد الواحد قال: حدثنا أبو عبد الله - يعني محمد بن إبراهيم اليزدي - قال أنشدنا أبو الحسن محمد بن محمد قال: أنشدنا محمد بن القاسم بن بشار قال: أنشدني محمد بن الرزبان لأبي العتاهية:
يا صاحب الدار التي ... ليست له بمواتيه
أحببت داراً لم تزل ... عن نفسها لك ناهيه
أأخي فارم محاسن ال ... دنيا بعين قاليه
أترى شبابك عائداً ... من بعد شيبك ثانيه
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا عبد الكريم ابن محمد التميمي - إجازة إن لم يكمن سماعاً - قال: أنشدني كيخسره بن يحيى الشيرازي - إملاء من حفظه - أنشدني أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي بباب المراتب قال: أنشدني بعض أشياخي عن عتاهية بن أبي العتاهية لأبيه:
يا أيها المختال في مشيه ... هل لك أن تنظر في القبر
حتى ترى القبر ومن حله ... ثم ترى رأيك في الكبر
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن مسلم الإربلي قال: أخبرتنا شهدة بنت أحمد بن الفرج قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن عبيد الله بن يوسف قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا أبو القاسم بن إبراهيم بن سنين قال: أنشدني محمد بن أبي رجاء لأبي العتاهية:
ألا أيها القلب الكثير علائقه ... ألم تر أن الدهر تجري بوائقه
تسابق ريب الدهر في طلب المنى ... بأي جناح خلت أنك سابقه
وترحي على السوء الستور ... وإنما تقلب في علم الإله خلائقه
ألا أيها الباكي على الميت بعده ... رويدك لا تعجل فإنك لاحقه
رويدك لا تنسى المقابر والبلى ... وطعم حسا الموت الذي أنت ذائق
فما الموت إلا ساعة غير أنه ... نهار وليل بالمنايا تساوقه
إذا حل من قد تدنيه قبره ... فما هو إلا الدفن ثم تفارقه
وما تخطب الساعات إلا على الفتى ... تغافصه طوراً وطورا تسارقه
174 - و
فأي هوى وأي لهو أصبته ... على لذة إلا وأنت مفارقه
إذا اعتصم المخلوق من فتن ... الهوى يخالقه نجاه منهن خالقه
ومن هانت الدنيا عليه فإنني ... ضمنت له أن لا تدم خلائقه
ومن ذا الذي يخشى من الناس فاقة ... ورزاق هذا الخلق ما عاش رازقه
أيا نفس فارفضي بالإله فإنه ... مغاربه لي عرضه ومشارقه

أرى صاحب الدنيا مقيماً بجهله ... على ثقة من صاحب لا يوافقه
هي الدار دار تستذل عزيزها ... وإن كان مغشياً عظيماً سرادقه
إذا نطق النطاق فيها برغبة ... تعرفت فيها الذل حين تناطقه
إذا كنت في دين تمت بغيره ... وتزعمه ديناً فأنت منافقه
تفاضل أهل الدين فيه غداً ... كما تفاضل في يوم الرهان سوابقه
أخبرنا أبو اسحق إبراهيم بن عثمان الكاشغري، وأبو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن محمد البغداديان بحلب، وأبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية الحراني بها قالوا: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر بن أبي الأشعث قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن أحمد الحلبي قال: حدثنا أبو عبد الله بن عطاء الروذباري قال: أنشدنا أبو صالح عبد الله بن صالح، أظنه لأبي العتاهية:
المرء دنيا نفسه فإذا ... انقضى فقد انقضت
174 - ظ
تغتاله في غيه وتع ... ود فيمن خلفت
ما خير مرضعه بكأس ... الموت تقطم من غذت
بينا تزين صلاحه ... إذا أفسدت ما أصلحت
أخبرنا افتخار الدين عبد المطلب بن أبي المعالي العباسي قال: سمعت أبا سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني يقولك أنشدنا أبو النجيب الرازي بها قال: أنشدنا محمد بن أبي حاتم القزويني قال: أنشدنا أبو سعد الخطيب ببلخ قال: أنشدنا عبد الملك بن مروان قال: أنشدنا مكحول بن الفضل قال: قال أبو العتاهية:
نعى لك ظل الشباب المشيب ... ونادتك باسم سواك الخطوب
فكن مستعداً لريب المنون ... فكل الذي هو آتٍ قريب
ألسنا نرى شهوات النفو ... س تغني وتبقي علينا الذنوب
يخاف على نفسه من يتوب ... فكيف ترى حال من لا يتوب
أخبرنا أبو جعفر بن جعفر البغدادي قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن سوار قال: أخبرنا أبو الحسين بن رزمة قال: أخبرنا أبو سعيد السيرافي قال: حدثنا محمد بن منصور قال: أنشدني الزبير لأبي العتاهية في الناس:
يا رب إن الناس لا ينصفونني ... فكيف وإن أنصفتهم ظلموني
وإن كان لي شيء تصدوا لأخذه ... وإن جئت أبغي شيئهم منعوني
وإن نالهم بذلي فلا شكر عندهم ... وإن أنا لم أبذل لهم شتموني
175 - و
وإن طرقتني نكبة فكهوا لها ... وإن صحبتني نعمة حسدوني
سأمنع قلبي أن يحن إليهم ... وأحجب عنهم ناظري وجفوني
أخبرنا ابن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد المروزي - إذناً إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا عبد الرحيم بن عليّ الشاهد، بقراءتي عليه بأصبهان، قال: أخبرنا أبو عليّ الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد قال: حدثنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أحمد بن اسحق قال: حدثنا أحمد بن محمد الجمال قال: سمعت الحجاج البارد يقول: سمعت الكسائي ينشد لأبي العتاهية:
حتى متى أنا في حل وترحال ... وطول سعي بإدبار وإقبال
أنازع الدهر نما انفك مغتربا ... عن الأحبة لا يدرون ما حالي
في مشرق الأرض طورا ثم مغربها ... لا يخطر الموت من حرصي على بالي
ولو قنعت أتني الرزق في مهل ... إن القنوع الغنى لا كثرة المال
اخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل بن بشر الاسرفائيني قال: أخبرنا أبو الحسين محمد أبي مكي بن عثمان ازدي قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن العباس الأخميني قال: أنشدنا محمد بن يزيد لأبي العتاهية:
عيال الله أكرمهم عليه ... أبثهم الكارم في عياله
قال محمد بن يزيد: أخذ أبو العتاهية هذا القول من الحديث الذي روى " أن الخلق عيال الله فأحبهم إليه أنفعهم لعياله " .175 - ظ.

أخبرنا أبو هاشم الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن بن أبي الحسن محمد ابن عبد الله البسطامي قال: قرأت على أبي منصور بن خيرون: أخبركم الخطيب أبو بكر قالك أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن عليّ بن مرزوق قال: دخلت على أبي العتاهية في مرضه الذي مات، وكان له صديقاً، وكان أبو العتاهية قد أغمض عينيه، قال: فقالوا لي: كلمة، فقلت يا أبا اسحق، فلما سمع صوتي فتح عينيه، فقلت له: أعزز على العلماء بمصرعك، قال: فقال لي أبو العتاهية:
ستمضي مع الأيام كل مصيبة ... وتحدث أحداثاً تنسي المصائبا
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن أحمد الغساني قال: أخبرنا أحمد بن عليّ قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا محمد بن أحمد بن البراء قال: أنشدني - يعني أحمد بن عليّ بن مرزوق - لأبي العتاهية، وهو يكيد بنفسه:
يا نفس قد مثلت حا ... لي هذه لك منذ حين
وشككت أني ناصح ... لك فاستلمت إلى الظنون
فتأملي ضعف الحرا ... ك وكله بعد السكون
وتيقني أن الذي ... بك من علامات المنون
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين بالقاهرة قال: أخبرنا أبو عبد الله 176 - و محمد بن حمد بن حامد قال: أخرنا أبو الحسن عليّ بن الحسين الفراء، في كتابه عن أبي اسحق الحبال، وخديجة المرابطة قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد بن عمر المقرىء قال: أخبرنا أبو بكر الحسن ابن الحسين بن بندار، وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن عليّ ابن الحسين بن بندار قال: حدثنا جدي - قالا: حدثنا محمود بن محمد بن الفضل قال: حدثنا عبيد الله بن محمد قال: حدثني محمد بن سعيد الترمذي قال: قيل لأبي العتاهية وهو يموت: ما تشتهي؟ قال: أشتهي أن يكون زلزل عن يميني ومخارق عن يساري في حجر كل واحد منهما عود يدخلان يف وتر واحد ويغنياني بهذا البيت:
سيعرض عن ذكري وتنسى مودتي ... ويحدث بعدي للخليل خليل
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن مسلم قال: أخبرتنا شهدة بنت الآبري قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أحمد النعالي قال: أخبرنا أبو الحسن بن الحنائي قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: أخبرنا أبو القاسم بن إبراهيم قال: حدثني محمد بن أبي رجاء قال: حدثني يعقوب السواق قال: قال لي أبو العتاهية، وقد حضرته الوفاة، ومع كلاماً ببابه، فقال ما هذا الكلام؟ فاعتللت عليه بشيء، فقال: لا هؤلاء قوم بلغهم أني ميت فجاءوا، فتمثل بهذا البيت:
وما زالت تنعي برجم الظنون ... وقد جاءت النعية الصادقة
أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو الحسن الغساني قال: أخبرنا أبو بكر 176 - ظ أحمد بن عليّ قال: أخبرنا إبراهيم بن مخلد إجازة قال: أخبرنا عبد الله بن اسحق بن إبراهيم البغوي قال: أخبرنا الحارث بن محمد قال: حدثنا محمد بن سعد قال: سنة احدى عشرة ومائتين، فيها: مات أبو العتاهية الشاعر يوم الاثنين لثمان ليال خلون من جمادى الآخرة.
وقال أبو بكر أحمد علي: قرأت على الحسن بن أبي بكر عن أحمد بن كامل القاضي قال: مات أبو العتاهية إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان الجرار. مولى عنزة، فيما ذكر، سنة ثلاث عشرة ومائتين ببغداد.
وقال أبو بكر: ذكر محمد بن أبي العتاهية أن أبا العتاهية ولد في سنة ثلاثين ومائة، وأنه مات ببغداد، وقبره على نهر عيسى قبالة قنطرة الزياتين.
نقلت من خط صالح بن إبراهيم بن رشدين المصري ما صورته: يقال إن أبا العتاهية مات في خلافة المأمون سنة ثلاث عشرة ومائتين، ومات أبو العتاهية، وإبراهيم الموصلي، وأبو عمر الششيباني بمدينة السلام في يوم واحد.
ونقلت من أخبار أبي العتاهية للآمدي، ونقله كاتبه من خطه: قال أبو سويد عبد القوي بن محمد بن أبي العتاهية: مات أبو العتاهية سنة عشر ومائتين.
وقال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة: مات أبو العتاهية سنة خمس ومائتين.
وروى عن غيرهاما أنه مات سنة ثمان عشرة ومائتين في آخر خلافة المأمون.

وروى عن مخارق المغني، ومان من خلصان أبي العتاهية، أنه توفي في خلافة المأمون سنة ثلاث عشرة ومائتين، ويقال: إنه مات هو وإبراهيم أبو اسحق الموصلي.وأبو عمرو 177 - و الشيباني بمدينة السلام في يوم واحد، وفي هذه السنة مات أبو عبيدة وقد بلغ سنا نحو المائة، وقبره ببغداد قبالة قنطرة الزياتين.
وقد ذكرنا في أثناء الترجمة عن أبي عبيد الله المرزباني أنه مات ببغداد في سنة عشر ومائتين، وقيل في سنة إحدى عشرة، وقيل قبل ذلك وبعده، وقال: والأول أصح يعني سنة عشر.
أنبأنا زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حدثني عبد العزيز بن عليّ الوراق قال: سمعت عبيد الله بن أحمد بن عليّ المقرىء يقول: سمعت محمد بن مخلد العطار يقول: سمعت اسحق ابن إبراهيم البغوي يقول: قرأت على قبر أبي العتاهية:
أذن حي تسمعي ... اسمعي ثم عي وعي
أنا رهن بمضجعي ... فاحذري مثل مصرعي
عشت تسعين حجةً ... ثم فارقت مجمعي
ليس زادٌ سوى التقى ... فخذي منه أو دعي
قلت: وهذه الأبيات ليست لأبي العتاهية، لأنه على الاختلاف في مولده ووفاته لم يعش تسعين حجة، والأبيات قديمة العصر، رواها محمد بن أبي العتاهية عن هشام الكلبي، أخبرنا بها أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سليمان الإربلي قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أروى ابن الآبري قالت: أخبرنا أبو عبد الله بن أحمد النعالي قال: أخبرنا أبو الحسن بن الحنائي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أحمد النعالي قال: أخبرنا أبو الحسن بن الحنائي قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: أخبرنا أبو القاسم اسحق بن إبراهيم بن سنين قال: حدثني محمد بن أبي رجاء قال: حدثني محمد بن أبي العتاهية قال: حدثنا هشام الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس 177 - ظ قال: أُصيب في الجاهلية عليها مكتوب:
أذن حي تسمعي ... اسمعي ثم عي وعي
أنا رهن بمصرعي ... فاحذري مثل مصرعي
قال: فأتيت أبي فأخبرته فاستحسنه، وزادني فيه بعض أصحابنا:
ليس شيء سوى التقى ... فخذي منه أو دعي
؟إسماعيل ين قيراط العذري: أبو علي، سمع بمعرة النعمان مالك بن يحيى التنوخي، وهو إسماعيل بن محمد بن عبيد الله بن قيراط، أبو عليّ العذري، روى عنه أبو أحمد عبد الله ابن محمد بن شجاع المفسر حديثاً اوردناه فيما يأتي إن شاء الله تعالى في ترجمته مالك بن يحيى، ونسبه إلى جد أبيه قيراط، وستأتي ترجمته إن شاء الله تعالى فيمن اسم أبيه محمد.
حرف الميم في آباء من اسمه إسماعيل
إسماعيل بن المبارك بن كامل بن مقلد بن عليّ بن المقلد بن نصر بن منقذ: أبو الطاهر بن أبي الميمون الكتاني الشيرزي الأصل، المصري الولد والمنشأ وقد استقصينا نسبه في ترجمة ابن عم جده أسامة بن مرشد بن علي، واسماعيل هذا أمير فاضل، شاعر، خدم الملك العادل أبا بكر بن أيوب، وولده الملك الكامل محمد ابن أبي بكر، وسيره الملك الكامل رسولاً إلى حلب وغيرها من البلاد، ووالياً على حران، فقدم علينا حلب، وأقام بها أياماً، ولم يتفق لي اجتماع به.
وروى شيئاً من الحديث عن الحافظ أبي طاهر السلفي، وشيئاً من شعر أبي الحين عليّ بن يحيى بن الذروي.
روى لنا عنه أبو المجاهد إسماعيل بن حامد القوصي، وأبو بكر محمد بن عبد العظيم المنذري، ومحمد بن عليّ بن الصابوني. 178 - و.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد العظيم بالقاهرة قال: أخبرنا الأمير الأجل أبو الطاهر إسماعيل بن المبارك بن كامل بن منقذ قال: أخبرنا الإمام الحافظ أبو ضاهر أحمد بن محمد بن أحمد، ح.

وأخبرنا به أبو عليّ حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي، وأبو القاسم عبد الله ابن الحسين بن عبد الله الأنصاري قالا: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الخطاب نصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر القارىء قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبيد الله بن يحيى بن زكريا، المعروف بابن البيع قال: حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين المحاملي قال: حدثنا يعقوب الدورقي قال: حدثنا الطفاوي قال: حدثنا عوف عن زرارة بن أوفى عن عبد الله بن سلام قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قال الناس: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت إليه، فلما نظرت إليه عرفت أن وجهه ليس رجل كذاب، فكان أول ما سمعت من كلامه قال: " أيها الناس أفشوا السلام، وصلوا الأرحام، واطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام.
أنشدنا أبو حامد إسماعيل بن حامد القوصي قال: أنشدنا الأمير الكبير أبو الطاهر إسماعيل بن سيف الدولة المبارك بن منقذ قال: أنشدني القاضي وجيه الدين أبو الحسن عليّ بن يحيى بن الذروي مديحاً في والدي الأمير سيف الدولة قصيدته الذالية ومطلعها: 178 - ظ.
لك الله عرج على ربعهم فدي ... رسوم يفوح المسك عن عرفها الشذي
وذا كليم الشوق وادٍ مقدسٌ ... لدى الحب فاخلع ليس تمشيه محتذي
وقفنا فسلمنا على كل منزل ... نلذذ فيه العين كل تلذذ
ولم يبكني إلا ادكار مجدد ... الأشجان قلب بالغرام مجذذ
فيا حرقى ذا آخر الدمع فاشربي ... ويا سقمي ذي فضلة القلب فاغتذي
مر بي ظبي أنسٍ كمل الله حسنه ... وقال لأفواه الخلائق عوذي
جلا تحت ياقوت اللمى ثغر جوهر ... رطيب وأبدى شارباً من زمرد
وبي عذل أبدي التشاغل عنهم ... إذا أخذوا في عذلهم كل مأخذ
يقولون لي من ذا الذي مت في الهوى ... به أسفاً يا رب لا علموا الذي
ورب أديب لم يجد في ارتحاله ... جواداً إذا ما قال هات يقل خذِ
أقول له إذ قام يرحل نستغباً ... وسلمه طول السقام وقد خذي
مبارك عيس الوفد باب مباركٍ ... وهل منقذ القصاد إلا ابن منقذ
أنشدني جمال الدين محمد بن عليّ بن الصابوني قال: أنشدنا جمال الدين إسماعيل بن المبارك بن منقذ لنفسه:
صار داء لقلبي عاده ... فلهذا جفاه من كان عاده
لو أتاه هجوده وشفاه ... كان يشتاق سقمه وسهاده
ألف الهم والكآبة حتى ... لو أتاه سروره ما أراده
179 - و
ليس ذا قسوة ولكن مرادي ... أن ينال الحبيب مني مراده
إن حرمت منه حياة ... فلعلي فيه أنال الشهادة
يا رشيق القوام أخجلت بالبان ... تثني غصونه المياده
قد سلبت الفؤاد والطرف جمعاً ... ذا سويداءه وذا سواده
هل ترى فيهما تكون صدغاك ... فخطا على العذار مداده
قل لنبل القسي ما أنت إلا ... عند لحظ الحبيب شوك القتادة
ولقرب السيوف أنت جفون ... لعيون قد ودنا قداره
ولسمر الرماح ما نلت سبها ... بقويم القوام يا ميادة
ولغيث السحاب سحقاً فباقي ... كاسنا قد أبان فيك الزهاده
أنت تسقي وتحجب البدر عنا ... وهو يسقي وبدره في زيادة
منطقته العيون حسناً ولولا ... خشية من سناه كن قلاده
ونقلت هذه الأبيات الدالية من خط الأمير حسام الدين أبي بكر محمد بن مرهف بن أسامة للأمير جمال الدين إسماعيل بن الأمير سيف الدولة مبارك بن منقذ، وذكر أنه سمع منه هذه الأبيات، ونقلت من خطه من شعر ابن عمه إسماعيل المذكور:
ظبي اللحاظ وي في اجفانها ... قد قتل الإنسان من إنسانها
مشهورة قتلها مشهورة ... فكيف تردي وهي في اجفانها
أسد الحمى وإن غدت فاتكة ... تفر بعد اليأس من غزلانها

179 - ظ
لو لم تكن رماحها قدودها ... ما كانت الألحاظ من خرصانها
بكيت وجداً بهم حتى بكت ... حمائم الأيك على أغصانها
فإن تك صادقة في نوحها ... مثلي وداعي النوح من أشجانها
لم تلبي الأطواق في أعناقها ... وتخضب الحناء في بنانها
قال لي أبو بكر محمد بن عبد العظيم: إسماعيل بن المبارك أحد أمراء الدولتين العادلية والكاملية، سمع بالإسكندرية الحافظ أبا طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الأصبهاني، وبمصر من والده، وحدث، وسئل عن مولده فقال: في العشرين من رجب سنة تسع وستين وخمسمائة بالقاهرة، وتوفي في شهر رمضان سنة ست وعشرين وستمائة بمدينة حران.
أخبرنا شهاب الدين أبو المحامد إسماعيل بن حامد القوصي قال: وهذا الأمير جمال الدين إسماعيل بن منقذ رحمه الله كان أميراً كاملاً، وكبيراً فاضلاً، وندبه السلطان الملك الكامل رحمه الله رسولاً إلى المغرب، فأبان عن نهضة وكفاية م وحسن سفارة، لما كان جامعاً له من حسن صورة، وسيرة، وعذوبة لفظ، وسداد عبارة، وولاه ولاية مدينة حران، وجمع له بين الولاية بين الولاية والإمارة، وتوفي بها في شهور سنة سبع وعشرين.
قال: ومولده بمصر في شهور سنة تسع وستين وخمسمائة في العشرين من ذي القعدة.
قرأت في تعليق وقع إلي بخط مرهف بن أسامة بن مرشد بن منقذ، ذيل به على تعليق في التاريخ بخط أبيه مرهف بن أسامة 180 - و بن منقذ في ما حدث في سنة سبعين وخمسمائة: ولد إسماعيل بن مبارك بن كامل بن منقذ.
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال: في ذكر من توفي سنة ست وعشرين وستمائة، في كتاب التكملة لوفيات النقلة: وفي شهر رمضان توفي الأمير الأجل أبو الطاهر إسماعيل بن الأمير الأجل سيف الدولة أبي الميمون المبارك، كامل بن مقلد بن عليّ بن نصر بن منقذ الكناني، الشيزري الأصل، المصري المولد، والدار، المنعوت بالجمال، بحران ودفن بظاهرها.
سمع بالإسكندرية من الحافظ أبي طاهر بن أحمد بن محمد الأصبهاني، وبمصر من والده سيف الدولة أبي الميمون المبارك.
وحدث، وتولى حران وغير ذلك، سمعت منه وسألته عن مولده فقال: في العشرين من رجب سنة تسع وستين وخَمسمائة بالقاهرة، وكانَ له شعر أدب، كثَير تلاوة القرآن الكريم، وترسَّلَ عَنْ السّلطان الملك الكاملِ إلى الفرج خَذَلَهم الله تعالى، وهم إذ ذاك بثغرٍ دُمياط المحروسْ، فبلغنا أَنَه كان ختم بها في كل يوم ختمة.
ذكر من أسم أبيه محمد ممن أسمه إسماعيل إسماعيل بن محمد بن أيوب بن شاذي:

أبو الفداء، الملك الصالح عماد الدين بن الملك العادل، دفع إليه أبوه الملك العادل، أبو بكر بن أيوب مدينة بصرى وعملها، فأقام بها بعد موت أبيه إلى أن ولى أخوه الملك الأشرف موسى دمشق في سنة ست وعشرين وستمائة، فانضم إليه، فاستنابه بها، ومرض الملك الأشرف، فأوصى له بدمشق وبعلبك، ثم توهم منه أنه يؤثر موته، فأراد أن يرجع عما عهد به له، فلم يتيسر له ذلك، فلما مات الملك الأشرف استولى عماد الدين المذكور على ما كان بيده من البلاد، فنزل إليه أخوه الملك الكامل من الديار المصرية طالباً أخذ دمشق، فسير إليه نجدة من حلب، فحضره الملك الكامل إلى أن استولى على دمشق، وأبقى عليه بعلبك وبصرى، ومات الملك الكامل بدمشق، وبها ابن أخيه الملك الجواد يونس، فتراسل الملك الجواد والملك الصالح أيوب بن الملك الكامل، وكان ملك الديار الجزرية، وأتفقا على أن يسلم الملك الصالح إليه الرقة، وسنجار، وعانة ويسلم إليه الملك الجواد دمشق، وتمت المقايضة بينهما، وتسلم الملك الصالح أيوب دمشق، وجعل فيها ولده عمر الملقب بالملك المغيث، وصعد طالبا للديار المصرية فنزل نابلس، وهي يد أبن عمه عمر الملك الناصر داود 180 - ظ بن عيسى ابن أبي بكر بن أيوب، فحالف إسماعيل ابن أخيه، ووعده بالصعود إليه إلى نابلس، وموافقته على قصد الديار المصرية، فاتفق إسماعيل والملك المجاهد شيركوه صاحب حمص على مكاتبة جماعة من أهل دمشق، وعلى أن يكون للملك المجاهد نصيب فيها، والبلد لإسماعيل، وواعد أهل دمشق في يوم معين، وسار إسماعيل من بعلبك وشيركوه من حمص، وهجماها، واستعصت القلعة أياماً قلائل، وبها عمر بن أيوب، وعجز من بها عن حفظها فسلموها إليه على أن يطلق الملك المغيث عمر، فلما تسلم القلعة غدر بعمر المذكور وقبض عليه، وعندما انتهى الخبر إلى الملك الناصر داود سير عسكراً إلى الملك الصالح أيوب وقبض عليه وسجنه عنده في قلعة الكرك، ودام إسماعيل بدمشق، وعسف رعيتها وظلمهم، وأعانه على ذلك وزيره أمين الدولة الذي كان سامرياً وأسلم، وقاضيها المعروف بالرفيع الجيلي، إلى أن أخرج الملك الناصر داود الصالح أيوب من السجن، ووافقه على أخذ الديار المصرية من يد الملك العادل ابن الملك الكامل أخيه، وتوجها جميعاً إلى مصر، وكاتبا جماعة من الخدم ومن كان بها من الأشرفية، وخرج العادل إلى بلبيس في عسكر كثيف، وكنت إذ ذاك عنده رسولاً بالقاهرة، فقبض العسكر على العادل وتسلم الصالح أيوب الديار المصرية، وابنه عمر في حبس عمه الصالح إسماعيل، وهو لا يفرج عنه، فاتفق أن مات عمر في حبسه بقلعة دمشق، وخاف إسماعيل فاتفق مع الفرنج. وسير 181 - و الملك المنصور إبراهيم بن شيركوه صاحب حمص مقدماً على عسكره إلى غزة ومعه الفرنج، وبها عسكر مصر، فالتقى الجيشان، فانهزم الملك المنصور والفرنج، وتقدم العسكر المصري بعد ذلك إلى بيسان، وتحالف الملك الصالح أيوب، والسلطان الملك الناصر يوسف بن الملك العزيز صاحب حلب، ونزل العسكر المصري ومقدمه الوزير معين الدين ابن الشيخ ابن حموية محاصراً دمشق، ووصلت إليه نجدة حلب، وكنت أنا الرسول إلى مصر في المحالفة، ففتح العسكر المصري دمشق، وسلمها الصالح إسماعيل إلى ابن الشيخ ومضى إلى بعلبك، وأنكر أيوب على عسكره ترك بعلبك، فخرج عنها الصالح، والتجى إلى الخوارزمية، ونزلوا على طرف البحيرة من بلد حمص فخرج عسكر حلب والملك المنصور إبراهيم صاحب حمص، وكسروا الخوارزمية، وقتل مقدمهم بركة خان، وانفلت جموعهم وفتحت بعلبك، وهرب الملك الصالح إسماعيل وقدم إلى حلب مستجيرا ًبالسلطان الملك الناصر ابن الملك العزيز، وملقيا نفسه إليه فأنزله بدار جمال الدولة، وجعل عليه توكيلاً طلبا لرضا الملك الصالح أيوب وسيرني رسولاً

إلى مصر أشفع إلى أيوب في اسماعيل، فلم يجب إلى ذلك، وفسد ما بين السلطان الملك الناصر وبينه بسبب ذلك، ومات الملك المنصور إبراهيم صاحب حمص بدمشق، وتسلم نواب أيوب بصرى، وعزم أيوب على تجهيز عسكر إلى الشرق، فمنعه الملك الناصر، وأزال التوكيل عن الصالح اسماعيل وسيرني إليه 181 - ظ واستحلفته يوم الاثنين ثامن عشر ذي القعدة، وخلع عليه، وأقطعه إقطاعا حسناً، وقدمه على عسكره، والأمير شمس الدين لؤلؤ الأميني يتولى تدبير العسكر، وتوجه العسكر إلى حمص ففتحها من يد الملك الأشرف موسى بن إبراهيم وكان قد مال إلى جانب الصالح أيوب، فنزل أيوب إلى دمشق، وسير العسكر إلى حمص وحصرها، فخرج السلطان الملك الناصر والعسكر معه والصالح اسماعيل وورد نجم الدين البادرائي رسول الخليفة، ورحل العسكر عن حمص، وخرج الفرنج إلى دمياط واستولوا عليها، وتوفي الصالح أيوب، ووصل ولده المعظم تورانشاه، وأسر ملك الفرنج، وقتله عسكره وتوجه السلطان الملك الناصر يوسف وافتتح دمشق، وصعد إلى الديار المصرية، والصالح إسماعيل في صحبته وتنفل وعاد، وأسر الصالح إسماعيل، ودخل بن إلى القاهرة، وسجن في قلعة الجبل، ثم خرج وخنق، وذلك في سنة ثمان وأربعين وستمائة.
وكان حسن السيرة في أول مملكته، ومؤثراً للعدل إلى أن ابتلي بقرناء السوء، فحسنوا له الظلم، وحببوه إليه، فأفرط فيه وكان سبباً لزوال ملكه مع أنه كان حسن العقيدة، محسناً ظنه في أهل الدين، يشتغل بتلاوة القرآن في كثير من أوقاته والله يتجاوزه عنه.
إسماعيل بن محمد بن سنان بن سرج: أبو الحسن الشيرزي، القاضي، حدث بشيزر عن محمد بن حماد بن المبارك المصيصي، وأبي عتبة أحمد بن الفرج الحمصي. 182 - و.
روى عنه أبو القاسم الطبراني، والحسين بن أحمد الثقفي، وأبو بكر أحمد بن محمد بن عليّ بن الحكم، وأبو العباس محمد بن موسى بن السمسار، والحافظ أبو الحسين محمد بن المظفر.
حدثنا أبو محمد عبد العزيز بن هلالة الأندلسي قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد الأصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية قال: أخبرنا أبو بكر ابن ريذة الضبي قال: أخبرنا الإمام أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدثنا إسماعيل بن محمد بن سنان الشيزري، وبشيزر، قال: حدثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج الحمصي قال: بقية بن الوليد قال: حدثنا الأوزاعي، وسعيد ابن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن مكحول عن زياد بن جارية عن حبيب ابن سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم نفل من البراة الربع، ومن الرجعة الثلث. قال الطبراني: لم يروه غن الأوزاعي إلا بقية.
إسماعيل بن محمد بن عبيد الله بن قيراط: أبو عليّ العذري الدمشقي، سمع بمعرة النعمان مالك بن يحيى التنوخي وبالمصيصة أحمد بن لقيط المصيصي، وروى عنهما وعن هشام بن عمار وعبد الله ابن أحمد بن بشير بن ذكوان، وحرملة بن يحيى، ويزيد بن محمد الرهاوي، وسليمان بن عبد الرحمن، وأبي الأخيل خالد بن عمرو الحمصي، وأحمد بن صالح وإبراهيم بن العلاء، ومحمد بن إسماعيل بن أبي شيبة، وهرون بن سعيد الأيلي وعبد الوهاب بن الضحاك، ومحمد بن مصفى الحمصي، وكثير بن عبيد 182 - ظ الحذاء الحمصي، وعبد الله بن عبد الجبار الخبايري، وعبد الرحمن بن إبراهيم وصفوان بن صالح، وسليمان بن سلمة الخبايري، والحسن بن شاكر، وأبي عامر موسى بن عامر، وعمران بن خالد بن أبي جميل، وإبراهيم بن المنذر الحزامي.
روى عنه آباء القاسم: سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، والمظفر بن حاجب ابن أزكين الفرغاني، وعلي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب، وأبوا بكر: محمد بن إبراهيم بن سهل بن حية، ومحمد بن الحسين بن عمر بن حفص بن مزاريب القرشي، وأبو عوانة الاسفرائيني، وخيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي، وأبو الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء، وهرون بن محمد بن هرون، ومحمد بن هرون بن شعيب، والفقيه أبو أحمد عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن الناصح المفسر، وعبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله، وأبو عمر بن فضالة، وإبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان، وعبد الرحمن بن جيش الفرغاني، وسنذكر في ترجمة مالك بن يحيى الحديث الذي سمعه منه بمعرة النعمان إن شاء الله.

حدثنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسين الأندلسي قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد الأصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا إسماعيل بن قيراط الدمشقي قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن ابن ابنة شرحبيل قال: حدثني الوليد ابن مسلم عن سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حلق القفا إلا للحجامة. 183 - و. وقال الطبراني: لم يروه عن قتادة إلا سعيد، تفرد به الوليد بن مسلم.
أخبرنا زين الأمناء أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا أبو العشائر محمد بن الخليل قال: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن محمد السلمي قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن عبد الله الدوري قال: حدثنا أبو عمر محمد بن موسى بن فضالة قال: حدثنا إسماعيل بن محمد بن قيراط أبو عليّ العذري قال: حدثنا أحمد بن صالح المصري قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرنا ابن لهيعة، وسعيد بن أبي أيوب، والليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد النوم جمع يديه فنفث فيهما بقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ثم يمسح بهما رأسه وجسده. قال عقيل: ورأيت ابن شهاب يصنع ذلك.
أنبأنا زين الأمناء أبو البركات بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي أبو القاسم عليّ بن الحسن الحافظ قال: إسماعيل بن محمد بن عبيد الله بن قيراط، أبو عليّ العذري حدث عن سليمان عن عبد الرحمن، وأحمد بن صالح، وهرون ابن سعيد الأيلي، وحرملة بن يحيى، وهشام بن عمار، وإبراهيم بن العلاء، وعبد الوهاب بن الضحاك، وعبد الله بن عبد الجبار الخبايري، ومحمد بن مصفى، وصفوان بن صالح، وعمران بن خالد بن أبي جميل، وسليمان بن سلمة الخبايري وأبي عامر موسى بن عامر، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، والحسن بن شاكر وكثير ابن عبيد الحذاء، ومحمد بن إسماعيل بن أبي شيبة، وأبي الأخيل خالد بن عمر الحمصي، ويزيد بن محمد الرهاوي، وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان.
روى عنه أبو الحسن بن جوصاء، وخيثمة بن سليمان وأبو القاسم بن أبي العقب وهرون بن محمد بن هرون، وأبو عمر بن فضالة، ومحمد بن هرون بن شعيب، وإبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان، وسليمان الطبراني، وأبو بكر محمد بن الحسين بن عمر بن صالح بن سنان، وسليمان الطبراني، وأبو بكر محمد بن الحسين بن عمر بن حفص بن مزاريب القرشي، وأبو بكر محمد بن إبراهيم ابن سهل بن حية، وعبد الله بن محمد بن عبد الله بن الناصح الفقيه، وعبد الرحمن ابن جيش الفرغاني، وعبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله، وأبو عوانة الاسفرائيني.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أنبأنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد العزيز التميمي قال: أخبرنا مكي 183 - ظ ابن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: سنة سبع وتسعين ومائتين، فيها مات إسماعيل بن محمد بن قيراط العذري.
إسماعيل بن محمد بن عليّ بن حميد بن مكنسة القرشي: أبو طاهر الإسكندراني الشاعر، ويعرف بالقائد شاعر مجيد مشهور، وفاضل بليغ مذكور، روى عنه شيئاً من شعره عليّ بن منجب بن سليمان المعروف بابن الصيرفي، وعطايا بن الحسن القرشي، ودخل حلب وسمع بها أنشاد أبي الحسن عليّ بن مقلد بن منقذ.
قرأت في رسالة أبي الصلت أمية بن عبد العزيز في صفه مصر ومن بها من الفضلاء قال: ومن شعرائها المشهورين أبو الطاهر اسماعيل بن محمد المعروف بابن مكنسة، وهو شاعر كثير التصرف، قليل التكلف، مفتن في نوعي جد القريض وهزله، وضارب بسهم دقيقه وجزله وكان في ريعان شبيبته وعنفوان حداثته يتعشق غلاما من أبناء العسكرية المصريين يدعى عز الدولة بن فائق، وهو الآن بمصر من رجال دولتها المعدودين، وأكابرها المقدمين، ولم يزل مقيماعلى عشقه له وغرامه به إلى أن محا محاسنه الشعر، وغير معالمه الدهر، ولم يزل عز الدولة هذا محسنا إليه مشتملاً عليه إلى أن فرق الموت بينهما.

وكان في أيام أمير الجيوش بدر الجمالي منقطعاً إلى عامل من النصارى يعرف بأبي مليح بن مماتي، وأكثر أشعاره فيه، فلما انتقل الأمر إلى الأفضل تعرض لامتداحه واستماحه، فلم يقبل 184 - و ولم يقبل عليه، وكان سبب حرمانه ما سبق من مدائحه لأبي مليح ومراثيه، ولا سيما قوله:
طويت سماء المكرما ... ت و كورت شمس المديح
وتناثرت شهب العلا ... لما ثويت أبا مليح
من أبيات منها:
ماذا أرجي في حياتي ... بعد موت أبي المليح
كفر النصارى بعدما ... غدروا به دين المسيح
قرأت بخط صديقنا عمر بن الربيب أبي المعالي أسعد بن عمار الموصلي في مجموع ذكر أنه نقل هذا الخبر من مجموع بالديار المصرية: لما توفي ابن مماتي عامل ديوان النظر الخاص يومئذ فرثاه ابن مكنسة، شاعر الدولة المصرية، والوزارة الأفضلية بقصيدة من جملتها:
طويت سماء المكرمات ... وكورت شمس المديح
يا نفس مذا تصنعين ... وقد فقدت أبا مليح
وكان متواتر الصلة إليه، فاتصل ذكر هذه الأبيات بالأفضل أمير الجيوش، وزير الآمر، فعظم عليه، و قال: يقول كذا وكذا، وكرر القول مرارا، وقال: اذا كان قولك هذا في نصراني خنزير فما الذي أبقيت لنا؟تقول: " طويت سماء المكرمات " وما بقي بعده كريم، ثم أمر بابعاده من مصر وقطع جاريه وجرايته ورسمه، وقال: ان سمعت بخبره ضربت رقبته، فلما طال الأمر عليه، وحرم رزقه وعجز عن قيام أوده، عدى في مركب حتى أرسى تحت الروضة، فلما رآه الأفضل انتهره وقال: ما سمعت أني متى رأيتك في الدنيا ضربت عنقك؟ أحضروا السياف، فقال: وحق نعمتك ما أنا في الدنيا، ولا أنا إلا في الآخرة في النعيم المقيم، وهذه روضة الجنة، ثم أنشده قصيدة من جملتها:
أين محل النجوم من هممك ... وأين فيض السحاب من كرمك
وبالمعالي التي شرفت بها ... حتى كأن النجوم من خدمك
احتكمت فيه كل نائبه ... حكم المداد الذي على قلمك
فعفا عنه، وأجرى عليه راتبه، وأجري على الانشاد بالحضرة الأفضلية، وقيل انه أنشده القصيدة التي فيها:
لا تغررنك وجنة محمرة ... رقت ففي الياقوت طبع الجلمد
وقيل انه كتب إليه:
هل أنت منقذ شلوى من يدي زمن ... أضحى يقد قميصي قد منتهس
دعوتك الدعوة الأولى وبي رمق ... وهذه دعوتي والدهر مفترسي
فأحضره وعفا عنه، وسأله عن قيام أوده في هذه المدة، فأخبره أنه باع حتى الثوب الذي عليه، إلى أن سبب الله له باجتماعه بإنسان فأعلمه بعلته، فاشتراه، فاستعملها الشيخ الأجل منه، فقال له الأفضل: ما سألته عن حاله في أيام عسرنه، تسأله عن شيء أغناه الله به عنا ! واستكتمه، وقال له: أمسك، ثم قال: أنشدنا ممارفقت وزينب لفظه ولفقت، فقال ارتجالا:
و لما رأيتك فوق السرير ... ولاح لي الستر والمستند
فقال: ما أتيت بشيء، فما انقطع، وقال:
رأيت سليمان في ملكه ... يخاطبني وأنا الهد هد
قلت: والبيتان اللذان على قافية السين هما لبعض الشعراء المتقدمين، وليسا له، بل تمثل بهما. 185 - و.
أنبأنا أبو الحسن عليّ بن المفضل بن عليّ المقدسي قال: حكى لي الشيخ الفقيه أبو عليّ المنصور بن أحمد بن محمد بن أحمد الأنصاري قال: حدثني الشيخ الفقيه أبو الحسن عليّ بن محمد بن عيسى بن قيصر الأزدي قال: حضر ابن مكنسة الشاعر وولد ابن منقذ الشاعر بن يدي الأفضل شاهنشاه بن بدر أمير الجيوش، وقد رأيت أنا ابن مكنسة هذا، فقال له الأفضل: يا أبا الطاهر والد هذا يزعم أنك كذاب، فقال: با مولانا ما الذي أطلع من كذبي؟ قال: قولك:
أقول ومجرى النيل بيني وبينكم ... ونار الأسى مسعورة بضلوعي
تراكم علمتم أنني لو بكيتكم ... على النيل لاستغرقته بدموعي
فقال له: أنا أعرف لوالد هذا أشد من هذا، وقد خرجنا من حلب نقصد إلى شيزر 185 - ظ فأنشدني لنفسه:
أحبابنا لو لقيتم في إقامتكم ... من الصبابة مالا قيت في ظعني
لأصبح البحر من أنفاسكم يبساً ... والبرٌ من أدمعي ينشق بالسفن

فالتفت الأفضل إلى ولد ابن منقذ فقال: ما تقول؟ فقال: هما أهل صناعة واحدة، فلا أدخل بينهما.
قلت: وهذان البيتان لأبي الحسن عليّ بن مقلد بن منقذ.
أنشدنا رشيد الدين أبو الحسين يحيى بن عليّ بن عبد الله القرشي من لفظه بالقاهرة قال: أنشدنا الحافظ أبو الحسن عليّ بن المفضل المقدسي، وقد أجاز لنا أبو الحسن في كتابه، قال: أنشدنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن العثماني قال: أنشدنا عطايا بن الحسن القرشي قال: أنشدنا أبو الطاهر اسماعيل بن مكنسة لنفسه:
لئن تأخرت عن مفروض خدمته ... تحشماً فضميري غير متهم
سعى إليه أبتها لي بالدعاء له ... والسعي بالقلب فوق السعي بالقدم
نقلت من خط عليّ بن منجب بن سليمان المعروف بابن الصيرفي قال: أنشدنا ابن مكنسة في الخمر من أبيات:
أيام عودك مطلول بوابلها ... والدهر في غفلةٍ من مسها خبل
تنزو إذا قرعتها كف مازجها ... كأنما نارها بالماء تشتعل
وقوله في وصف كأس 186 - و.
وخضبية بالراح يجلوها ... عليك خضيب راح
ما زال يقدح نارها في ... الكاس بالماء القراح
ونقلت من خطه: وحدثني ابن مكنسة قال: حضرت جنازة ابن الطائي المقرئ فرأيت من أعظام الناس له وهو محمول على نعشه ما لم يكن له منهم في حياته، فقلت بديها:
أرى ولد الطائي أصبح يومه ... تعظمه الأقوام أكثر من أمس
وقد كرموه في الممات تراهم ... يظنون أن الجسم أزكى من النفس
ومما وقع إلي من مستحسن شعر ابن مكنسة، وأنشدته له، قوله، وأختاره أبو الصلت:
رقت معاقد خصره فكأنها ... مشتقة من عهده وتجلدي
وتجعدت أصداغه فكأنها ... مسروقة من خلقه المتجعد
ما باله يجفو وقد زعم الورى ... أن الندى يختص بالوجه الندي
لا تخدعنك وجنة ٌ محمرةٌ ... رقت ففي الياقوت طبع الجلمد
إسماعيل ين محمد بن قبيصة النيسابوري: حدث بطرسوس عن حامد بن محمود النيسابوري روى عنه أبو الفرج أحمد بن القاسم البغدادي.
إسماعيل بن محمد بن مرشد بن سالم بن عبد الجبار بن محمد بن المهذب: أبو الفتح المعري، رجل حسن، خير، من أرباب البيوت بمعرة النعمان، حدثنا بجزء 186 - ظ إبراهيم بن هدبة عن عمه أبي المعافى سالم بن مرشد بن سالم بن المهذب المعري.
أخبرنا أبو الفتح إسماعيل بن محمد بن مرشد بن سالم قراءة عليه بمعرة النعمان قال: أخبرنا عمي سالم بن مرشد بن سالم بن عبد الجبار بن محمد بن المهذب المعري بها قال: حدثنا أبو المجد عبد الواحد بن المهذب بن المفضل بن محمد بن المهذب قال: حدثنا والدي الشيخ أبو الحسن المهذب بن المفضل قال: حدثنا جدي الشيخ أبو صالح محمد بن المهذب بن علي، ح.
وأخبرنا به علياً أبو الحسن محمد بن أحمد بن عليبن أبي بكر القرطبي، وأبو اسحق إبراهيم بن شاكر بن عبد الله لن سليمان المعري التنوخي الدمشقيان قالا: أخبرنا أبو اليسر شاكر بن عبد الله بن سليمان، وأبو المظفر أسامة بن مرشد بن عليّ بن مقلد بن منقذ، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الكافي بن عليّ بن موسى الربعي، وأبو القاسم هبة الله بن صدقة الكولمي قالا: أخبرنا أبو المظفر أسامة، ح.
وأخبرنا أبو العباس أحمد بن المفرج بن عليّ بن مسلمة الدمشقي قال: أخبرنا أبو اليسر قال: أخبرنا جدي القاضي أبو المجد محمد بن عبد الله بن سليمان، ح.
وقال أسامة: حدثنا أبو الحسن عليّ بن سالم السنبسي، قالا: أخبرنا أبو صالح محمد بن المهذب قال: حدثنا جدي أبو الحسن عليّ بن المهذب قال: حدثنا جدي أبو حامد محمد بن همام قال: حدثنا محمد بن سليم القرشي، قال حدثنا إبراهيم بن هدبة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مررت بأقوام قد نزع الشيطان بينهم فأمر بإصلاح، يصلح الله لك دينك، ويكتب أثرك في الصالحين 187 - و.
إسماعيل بن محمد بن يوسف المغربي:

المعروف بالبرهان، سمع شيخنا عمر بن طبرزد وحدث عنه، وسمع معنا بالبيت المقدس على شيخنا حسن بن أحمد الأوقي، وبالمدينة على ساكنها السلام على الحمال عبد المنعم ... الواسطي، وحج معنا في سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وسمع معنا من جماعة من الشيوخ، وقدم علينا حلب مراراً متعددة، وكان لي به اختلاط وصحبة، وعنده دين وافر وحسن صحبة، وكرم أخلاق، وحسن قناعة، ورتب بالبيت المقدس إماماً بالصخرة، إلى أن سلم البيت المقدس إلى الفرنج سنة اثنتين وأربعين وستمائة، فلما استعاد المسلمون البيت المقدس رتب في إمامة الصخرة غيره فلم يثابر على ذلك وأقام بالبيت المقدس مجاوراً لم يخرج منه، واجتمعت بع فيه في سنة اثنتين وأربعين في ذي الحجة، فأنشدني لنفسه بيتين قالهما، وذكر لي أنه كتبهما على حائط كنيسة صهيون بالقدس بعدما خربت.
هي الديار فقف في ربعها الخالي ... لا يوحشنك فهو العاطل الحالي
واستسقه القطر والثم تربةً سحبت ... أذيالها في ثراها ربة الخال
قال: فلقيني نجم الدين بن اسرائيل وقال لي: وجدت بيتيك اللذين كتبتهما وقد زدت عليهما بيتاً ثالثاً وهو:
عفا ولم تعف من قلبي صبابته ... لقاطنيها الأُلى هم أصل بلبالي
أخبرني إسماعيل بن محمد بالبيت المقدس قال: أخبرني فقير صالح كان ببيت المقدس 187 - ظ قال: أخبرني بعض الصالحين ببيت المقدس أنه لما خرب البيت المقدس سمع هاتفاً يهتف بهذين البيتين:
إن لم يكن في الشام نصيري ... ثم خربت واستمر هلوكي
فلقد أصبح الغداة خرابي ... سمة العار في جباه الملوك
توفي إسماعيل بن محمد بالبيت المقدس ليلة الخميس الثالث والعشرين من محرم سنة ست وخمسين وستمائة.
إسماعيل بن محمد الحلبي: روى عن محمد بن يزيد الذرقي أبي عبد الله، نزيل طرسوس، روى عنه...
إسماعيل بن محمد المصيصي: أبو اليسع بن أبي الجعد، حدث بمكة عن يوسف بن سعيد بن مسلم المصيصي وعباس البيروتي.
روى عنه: أحمد بن إبراهيم بن أحمد المكي، وأبو يعقوب يوسف بن أحمد الصيداني.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الأنصاري قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك ابن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن العتيقي قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن أحمد المكي في المسجد الحرام قال: حدثنا أبو اليسع إسماعيل بن محمد المصيصي بمكة قال: حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال: حدثنا داود بن أخت مخلد قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال: حدثنا عليّ بن زيد بن جدعان عن أنس بن مالك قال: مطرت السماء بردا، فقال لي أبو طلحة: ناولني من ذلك البرد فناولته، فجعل يأكل منه وهو صائم في رمضان. قال: فقلت له: ألست صائم؟ قال: بلى إن هذا 188 - و ليس بطعام ولا شراب وإنه برد من السماء يطهر به قلوبنا، قال أنس: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فقال: " خذ عن عمك " .
أخبرنا عبد الله بن الحسين قال: أخبرنا أبو طاهر - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال: حدثنا أبو يعقوب يوسف بن أحمد الصيدناني بمكة قال: حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال: سمعت عليّ بن بكار يقول: سمعت عليّ بن بكار يقول: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول: اتخذ الله صباحاً وذر الناس جانياً.
إسماعيل بن محمود بن زنكي بن آق سنقر:

أبو الفتح الملك الصالح، ننور الدين بن الملك العادل نور الدين بن قسم الدولة الشهيد بن قسيم الدولة التركي، ملك حلب بعد موت أبيه في سنة تع وستين وخمسمائة، وهو إذ ذاك صبي لم يبلغ الحلم، وكان بدمشق مع والده، فختنه في هذه السنة، وسر بختانه، وأخرج صدقات كثيرة وكسوات للأيتام، ختن منهم جماعة وزين البلد، وأظهر سروراً كثيراً، وتوفي بعد ختانة بأيام في يوم الأربعاء حادي عشر شوال، فحلف أهل دمشق لولده الملك الصالح، ووصل كتاب على جناح طائر إلى حلب إلى شاذبخت الخادم والي قلعة حلب بوفاة نور الدين، فأمر في الحال بضرب الكوسات والديات والبوقات، وكتم موته، وأحضر المقدمين والأعيان والفقهاء والأمراء، وقال: هذا كتاب الطائر قد وصل يذكر فيه أن مولانا الملك العادل قد ختن ولده، وولاه العهد بعده، ومشى بين يديه، فسروا بذلك، وحمدو الله سبحانه عليه، ثم قال: لهم: تحلفون لولده الملك الصالح كما أمر بأن حلب له، وأن طاعتكم له وخدمتكم كما كانت لأبيه، فاستخلف الناس على ذلك على اختلاف طبقاتهم ومنازلهم في ذلك اليوم، ولم يترك أحداً منهم يزول من مكانه، ثم قام شاذبخت إلى مجلس آخر 188 - ظ ولبس الحداد، وخرج إليهم وقال: يحسن الله عزاءكم في الملك العادل، فإن الله سبحانه نقله إلى جنات النعيم، فأظهروا الحزن والكآبة والأسف والبكاء، واستقر الملك الصالح.
وتوجه المؤيد ابن العميد، وعثمان زردك، وهمام الدين إلى حلب يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من شوال لاثبات مافي خزائن حلب وختمها بخاتم الملك الصالح رحمه الله.
وكان شمس الدين عليّ بن محمد ابن داية نور الدين بقلعة حلب مع شاذبخت وكان قد حدث نفسه بأمور، واحتلفت كلمة الأمراء، وتجهز الملك الناصر صلاح الدين من مصر للخرةوج إلى الشام وطلب أن يكون هو الذي يتولى أمر الملك الصالح وتدبير ملكه وترتيبه، ووقعت الفتنة بين السنة والشيعة بحلب، ونهب الشيعة دار قطب الدين ابن العجمي، ودار بهاء الدين أبا يعلى بن أمين الدولة، ونزل أجناد القلعة، وأمرهم ابن الداية أن يزحفوا إلى دار أبي الفضل بن الخشاب، فزحفوا إليها ونهبوها، فاختفى ابن الخساب.
واقتضى الحال أن الإتفاق وقع على وصول الملك الصالح منن دمشق إلى حلب فسار فوصل ظاهر حلب في اليوم الثاني من المحرم سنة سبعين وخمسمائة ومعه سابق الدين عثمان بن الداية، فخرج بدر الدين حسن للقائه، فقبض على سابق الدين، وصعد الملك الصالح إلى القلعة، وظهر القاضي أبو الفضل بن الخشاب، وركب في جمع عظيم إلى القلعة، وصعد إليها والحلبيون من أتباعه تحت القلعة، فقتل في القلعة 189 - و وتفرق م كان تحت القلعة منهم وقبض على شمس الدين علي، وبدر الدين حسن ابني الداية، وأودعا السجن مع أخيهم سابق الدين.
ووصل الملك الناصر من مصر إلى دمشق، فدخلها سلخ شهر ربيع الآخر وسار إلى حمص وفتحها في جمادى الأولى، وسار إلى حلب ونازلها يوم الجمعة سلخ جمادى الأولى، فنزل الملك الصالح إلى المدينة وقال لأهلها: أنا ولدكم، وذكرهم بحقوق والده واستعان بهم على دفع الملك الناصر، فبكى الحلبيون ودعوا له، ووعدوه من أنفسهم بكل ما يؤثره وبلغ سيف الدين غازي بن مودود بن زنكي صاحب الموصل ما جرى، فسير أخاه عز الدين مسعوداً إلى لقاء الملك الناصر، فرحل عن حلب في مستهل شهر رجبن وعاد إلى حماه ووصل عز الدين إلى حلب وأخذ من كان بها من العسكر، وخرج إلى لقاء الملك الناصر، وتصاف العسكران عند قرون حماه في تاسع عشر شهر رمضان، فكسر عز الدين، وسار الملك الناصر عقيب الكسرة ونزل على حلب، فصولح على أن أخذ المعرة وكفر طالب، وأخذ بارين.

وكان سيف الدين غازي محاصراً لأخيه عماد الدين زنكي، فصالحه وسار عبر الفرات، وأرسل الملك الصالح، وسعد الدين كمشتكين، وخرج كمشتكين إليه واستقر اجتماع الملك الصالح به، فوصل حلب وخرج الملك الصالح إلى لقائه فالتقاه قريب القلعة واعتنقه وضمه إليه وبكى، ثم أمره بالعود إلى القلعة، فعاد، وسار سيف الدين ونزل بعين المباركة، وعسكر حلب يخرج 189 - ظ إلى خدمته في كل يوم، وصعد سيف الدين إلى القلعة حلب جريدة، ثم رحل إلى تل السلطان ومعه عسكر كثيف، وطلب الملك الناصر عسكر مصر، وسار نحوهم والتقى العسكران في بكرة الخميس العاشر من شوال سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، فانكسر سيف الدين غازي، وعاد إلى حلب فأخذ منها خزانته وسار إلى بلاده، وسار الملك الناصر فتسلم منبج، ونزل على قلعة عزاز ففتحها، وسار إلى حلب فنزل عليها في السادس عشر من ذي القعدة فأقام عليها مدة، وبذل الحلبيون جهدهم في القتال والمحاماة عن الملك الصالح.
وحكى لي والدي أنهم كانوا يقاتلون عسكر الملك الناصر حتى يصلوا المخيم، وأنهم قبضوا على جماعة، فكانوا يشرحون أسافل أقدامهم ليمنعهم ذلك عن المشي، فلا يردهم عن القتال، فلما لم ينل من حلب ما أراد صالحهم، وسار عنها فأخرجوا إليه ابنه نور الدين أخت الملك الصالح، وهي صغيرة، فقال لها: ماتشتهين؟ فقالت: أريد أن تعيد إلينا عزاز فوهبها إياها، وكان التدبير بحلب إلى والدته، والى شاذبخت الخادم، وأمير لالا، وخالد بن القيسراني.
ثم ان الملك الصالح رحمه الله مرض بالقولنج في تاسع شهر رجب من سنة سبع وسبعين، فأخبرني قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم قال: في ثالث وعشرين من رجب اغلق باب القلعة لشدة مرضه، واستدعي الأمراء، وأخذ واحدٌ واحد واستخلفوا لعز الدين مسعود صاحب الموصل.
قال: وفي خامس وعشرين منه توفي رحمه الله، وكان لموته وقع عظيم في قلوب الناس. 190 - و وكان الملك الصالح رحمه الله قد ربي أحسن تربية، وكان ديناً عفيفاً ورعاً، كريماً محبوباً إلى قلوب الرعية لعدله وحسن طريقته ولين جانبه لهم.
قال لي والدي رحمه الله: إن اليوم الذي مات فيه انقلبت المدينة بالبكاء والضجيج، ولم ير إلا باك عليه، مصاب به.
قال لي: ودفن بقلعة حلب، ولم يزل قبره بها إلى أن ملك الملك الناصر حلب وتسلم قلعتها فحول قبره إلى الخانكاه التي أنشأتها والدته تحت القلعة.
قال لي: ولما حول، وظهر من الناس من البكاء والتأسف كيوم مات، قال: ووجد من قبره عند نبشه شبيه برائحة المسك، رحمة الله. وحكى لي ذلك أيضاً غير والدي.
وكان رجمه الله على صغر سنه كثير الاتباع للسنة، والنظر في العواقب، وأخبرني والدي قال: حكى لي العفيف بن سكرة اليهودي الطبيب، وكان يتولى معالجة الملك الصالح في مرضه الذي مات فيه، وكان به قولنج، قال: قلت له يوماً: يا مولانا والله شفاؤك في قدح من خمر، وأنا أحمله إليك سراً ولا تعلم به والدتك، ولا اللالا، ولا شاذ بخت، قال لي: يا حكيم كنت أظنك عاقلاً، نبياً صلى الله عليه وسلم يقولك " إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها، وتقول لي أنت هذا، وما يؤمنني أن أشربه وأموت وألقى اله تعالى، وهو في جوفي، والله لو جاءني جبريل وقال لي: شفاؤك فيه لما شربته " ، وتوفي وله نحو ثمانية عشر سنة.
سمعت شيخنا موفق الدين يعيش بن عليّ بن يعيش قال: أخبرني 190 - ظ الأمير حسام الدين محمود بن الختلو، شحنة حلب، قال: لما عزل محيي الدين بن الشهرزوري عن قضاء حلب وتوجه إلى الموصل جاء الي الفقيه عالي الغزنوي، وكان يدرس بمدرسة الحدادين الي داري، وكانت تحت القلعة، فقال لي: قد توجه محيي الدين ابن الشهرزوري إلى الموصل ويحتاجون قاضياً، فتأخذ لي قضاء حلب، قال: فصعدت إلى الملك الصالح وقلت له: هذا عالي الغزنوي فقيه جيد، والمصلحة أن يوليه المولى قضاء حلب، فالتفت الي وقال: بالله وبحياتي هو سألك في هذا؟ فقلت له: أي والله هو جاء وسألني في ذلك، فقال: والله ما وقع في خاطري أن أولي قضاء حلب أحداً غيره، ولكن حيث سأل هو الولاية والله لا وليته إياه.

قرأت بخط أبي غالب عبد الواحد بن الحصين في تاريخه في هذه السنة - يعني سنة سبع وسبعين وخمسمائة - مات الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين محمود بن زنكي صاحب حلب، وبلغني ان وفاته كانت في شهر رجب عن تسع عشرة سنة، وكانت وفاته بقلعة حلب.
وقرأت بخط عبد الرزاق بن أحمد الأطرابلسي الشاعر، أن وفاة الملك الصالح كانت في العشر الآخر من رجب من سنة سبع وسبعين وخمسمائة.
إسماعيل بن مسعدة التنوخي: ختن أبي توبة، أصله من حلب، وسكن طرسوس، حدث عن...
روى عنه أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني 191 - و.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
إسماعيل بن معمر البصري: حدث بطرسوس عن محمد بن القاسم الحبطي، روى عنه محمد بن عبد الله السلمي.
أنبأنا الفقيه أبو الحسن عليّ بن المفضل بن عبد الله المقدسي قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن العثماني قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عثمان بن عطاء بن أبي بكر بن خداداد النشوي الصوفي - إجازة - قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن عليّ البغدادي قال: أخبرنا القاضي الفقيه أبو المظفر عبد الجليل ابن عبد الجبار المروزي قال أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم بن مند قال: حدثنا محمد بن إبراهيم قال: حدثنا عمر بن محمد قال: حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا سعيد بن عمرو قال: حدثنا محمد بن عبد الله السلمي قال: حدثنا إسماعيل ابن معمر البصري بطرسوس قال: حدثنا محمد بن القاسم الحبطي قال: حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اكتحل بكحل فيه مسك عاشوراء لم ترمد عينه سائر سنته.
إسماعيل بن مفروج بن عبد الملك بن إبراهيم: أبو العرب، ويعرف بابن معيشة الكناني السبتي، من أهل سبتة، بلدة بالمغرب، وهو من الملثمة 193 - و الباديسين، أديب فاضل متكلم، شاعر مجيد، كاتب بليغ، قدم حلب وأقام بها مدة، ومدح بها الملك الظاهر غازي ابن يوسف.
روى عنه: أبو عبد الله بن الدبيثي الواسطي، والفقيه عليّ بن ظافر بن أبي المنصور الاسكندراني، روى لنا عنه شيئاً من شعره الخطيب تاج الدين أبو عبد الرحمن محمد بن هاشم خطيب حلب، وأثنى عليه، وقال لي: كان من نوادر الزمان، وكان على غاية من المفضل والعلم.
قال لي: وخرج هارباً من المغرب وركب البحر، فرماه الهواء إلى اللاذقية، فسأل عن أقرب البلاد إليه، فدل على حلب، فسار إليها ودخلها، ومدح بها الملك الظاهر غازي.
قال لي: وكان في غاية من الكرم والجود، وحضرت يوماً معه وهو في حمام النطاعين بحلب، ورجل يخاصم ناطور الحمام على شاش علم ضاع له في الحمام، وكان على رأسه بقيار مثمن خلعه عليه الملك الظاهر، فالتفت إليه وقال له: اسكت فأنا أقاسمك على البقيار الذي على رأسي، فظن أنه يسخر منه، فقال له: والله ما أقول لك إلا حقاً، واستدعى منه سكيناً وقطع البقيار بينه وبينه.
قرأت في كتاب بدائع البداية تأليف الفقيه أبي الحسن عليّ بن ظافر بن أبي المنصور قال: وأخبرني الفقيه أبو العرب بن معيشة الكناني السبتي قال: أخبرني شيخ من أهل اشبيلية كان قد أدرك دولة آل عباد، وكان عليه آثار كبر السن، ودلائل التعمير ما يشهد له بالصدق، وبنطق بأن قوله الحق، قال: كنت في صباي حسن الصورة بديع الخلقة لا تلمحني عين أحد إلا ملكت قلبه وخلست خلبه، وسلبت لبه، وطلبت كربه، فبينا أنا واقف على باب دارنا إذ بالوزير أبي بكر بن عمار قد مجيد، كاتب بليغ، قدم حلب وأقام بها مدة، ومدح بها الملك الظاهر غازي ابن يوسف.
روى عنه: أبو عبد الله بن الدبيثي الواسطي، والفقيه عليّ بن ظافر بن المنصور الاسكندراني، روى لنا عنه شيئاً من شعره الخطيب تاج الدين أبو عبد الرحمن محمد بن هاشم خطيب حلب، وأثنى عليه، وقال لي: كان من نوادر الزمان، وكان على غاية من الفضل والعلم.
قال لي: وخرج هابراً من المغرب وركب البحر، فرماه الهواء إلى اللاذقية، فسأل عن أقرب البلاد إليه، فدل على حلب، فسار إليها ودخلها، ومدح بها الملك الظاهر غازي.

قال لي: وكان على غاية من الكرم والجود، وحضرت يوماً معه وهو في حمام النطاعين بحلب، ورجل يخاصم ناطور الحمام شاش علم ضاع له في الحمام، وكان على رأسه بقيار مثمن خلعه عليه الملك الظاهر، فالتفت إليه وقال له: اسكت فأنا أقاسمك على البقيار الذي على رأسي، فظن أنه يسخر منه فقال له: والله ما اقول لك إلا حقان واستدعى منه سكيناً وقطع البقيار بينه وبينه.
قرأت في كتاب بدائع البداية تأليف الفقيه أبي الحسن عليّ بن ظافر بن أبي المنصور قال: وأخبرني الفقيه أبو العرب بن بن معيشة الكناني السبتي قال: أخبرني شيخ من أهل اشبيلية كان قد أدرك دولة آل عباد، وكان عليه آثار كبر السن، ودلائل التعبير ما يشهد له بالصدق، وينطق بأنه قوله الحق، قال: كنت في صباي حسن الصورة بديع الخلقة ل تلمحني عين أحد إلا ملكت قلبه وخلست خلبه، وسلبت لبه، وأطلت كربه، فينا أنا واقف على باب دارنا إذا بالوزير أبي بكر بن عمار قد أقبل في موكب زجل على فرس كالصخرة الصماء قدت من قنة الجبل، فحين حاذاني ورآني اشرأب الي ينظرني، وبهت يتأملني، ثم دفع بمحضره كانت بيده في صدري وأنشد:
كف هذا النهد عني ... فبقلبي منه جرح
هو في صدرك نهدٌ ... وهو في صدري رمح
أنشدني الخطيب محمد بن هاشم قال أنشدني إسماعيل بن معيشة أبو العرب المغربي لنفسه بحلب في الملك الظاهر:
جنب السرب وخف من أن تصد ... أيها الآملُ جهداً أن يصد
واجتنب رشقة ظبي إن رناأثبت الأسهم في خلب الكبد 193 ظ
ثُعلى الطرف طائي الحشا ... مازني الفتك صخري الجلد
أهيف لاعبه من شعره ... أرقم ماس على خوطة قد
جادها الحسن يحتفي ردفه ... برذاذ الورد من تغييم ند
فانثنت غصنا ومن أزهاره ... بدر تم حل في برج الفند
منعته عقربا أصداغه من ... حنا لثم ومن تخميش يد
وحسامٍ من لحاظٍ خلته ... صارم الظاهر يوم المطرد
ملكُ قامت له هيبته ... عوض الجيش وتكثير العدد
خطب الحرب فولى عقدها ... مرهف الهند فأمضىوعقد
جعل المهر لها خوض الوغا ... وطلاً تقطف أو كفا تقد
فأتت عذراء تجلى وأتى ... يسحب اللامة ليثا ذا لبد
لبس الدرع فقلنا غصنُ ... غاص في جدول ماءٍ فجمد
أو هلال قد تردى حندسا ... فبدت غرته دون الجسد
وثنى الرمح فقلنا أرقما ... طلبت نصرته كف الأسد
وامتطى من طرفه ذا حسبٍ ... مايع الجلده سباح العضد
سابق الافلاك في سرعتها ... برهانٍ فحوى سبق الأمد
فأتى في حلةٍ من شفقٍٍ ... طفت الشهب عليها كالزند
علق الفرقد في جبهته والثريا في عذار فوق خد 194 و
وأرانا سرجه شمس الضحى ... فحسبنا أنه برج الأسد
كتب إلينا الحافظ أبو عبد الله الدبيثي الواسطي قال: إسماعيل بن مفروج ابن عبد الملك بن إبراهيم الكناني، وأبو العرب الباديسي المغربي، منسوب إلى بلدة بالمغرب تسمى باديس، شاب فاضل كاتب له معرفة حسنة بعلم الكلام والأدب، وله شعر جيد، قدم بغداد، وأقام بها، وتكلم مع جماعة من أهلها في علم الكلام، وجالس العلماء، وناظر، وانحدر منها إلى واسط، ولقيته بها، وسمعت منه قصائد من شعره وأناشيد لغيره، وصار منها إلى البصرة، وتستر، وعاد إلى بغداد ثم توجه إلى بلده فأدركه أجله قبل وصوله إليه، ويقال قتل في طريقه والله أعلم.
كذا قال ابن الدبيثي " منسوب إلى بلدة بالمغرب تسمى باديس " ، وهو وهم فاحش، وباديس اسم رجل ينتسب إليه جماعة من الملثمة، وفيهم ملوك منهم: تميم ابن باديس، وهذا سبتي وباديس التي هي المدينة ليس هذا منها، والله أعلم.

قال لي الخطيب أبو عبد الرحمن بن هاشم: سار أبو العرب بن معيشة إلى بلد الروم، ثم عاد منه، وصعد إلى مصر في سنة خمس وثمانين وخمسمائة، فوجد فيها الحكيم أبا موسى اليهودي، وكان قد أهدر دمه في بلاد المغرب لفساد ظهر منه، فاصطنعه أبو العرب وهربه منها، فنمى خبره إلى ملك المغرب، فطلب أبا العرب، فهرب وحصل في نفس أبي موسى منه شيء، فرشا انساناً بمال جزيل، فترك أبا العرب على الشاطىء النيل وأتاه من خلفه فضربه بخشبة عظيمة، فسقط 194 - ظ في النيل فمات.
قال لي: وقيل: إنما فعل به أبو موسى اليهودي هذا لأن أبا العرب كان عرف من حاله أنه أسلم في بلاد الغرب، وحفظ القرآن، فشهد عليه بذلك، وأراد اقامة البنية عليه، ففعل به ذلك.
إسماعيل بن موسى الفزاري: أبو محمد، وقيل أبو اسحق الكوفي، ابن بنت السدي، والسدي اسمه إسماعيل بن عبد الرحمن، وقيل هو نسيب السدي وليس بابن ابنته.
سمع بالمصيصة عمر بن شاكر البصري، وبدمشق الوليد بن مسلم، وحدث عنهما وعن مالك بن أنس، وشريك بن عبد الله النخعي، وإبراهيم بن سعد الزهري، وعبد السلام بن حرب الملائي، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وعلي بن عابس الكوفي، وعدي بن ثابت، وعباد بن أبي يزيد، وعبد الله البجلي.
روى عنه أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، وأبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي، وأبو عبد الله بن ماجة القزويني، وأبو يعلى الموصلي، وأبو عروبة الحسين بن أبي معشر الحراني، وأبو بكر بن خزيمة، وإسماعيل بن هرون الكوفي، وزكريا بن يحيى الساجي، والحسن بن الطيب، وقاسم بن زكريا المطرز، والحسن بن صالح، والوليد بن أبي ثور الهمداني، ودليل بن عبد الملك الحلبي، وأبو الحسين عليّ بن الحسين بن بشير الدهقان، وأبو لبيد محمد بن ادريس السرخسي، وأبو جعفر محمد بن الحسن الخثعمي، وعلي بن جعفر الرماني وأبو الاصبغ محمد بن عبد الرحمن القرقساني، وأبو محمد عبيد الله بن محمد بن معاوية وزائدة بن قدامة، وإسماعيل بن هرون الكوفي. 195 - و.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن سعيد بن سعد بن محمد الميهني الحلبي عن أبي المحاسن عمر بن عليّ بن الخضر القرشي قال: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن عبد الله بن أبي جرادة، ح.
وأنبأنا المؤيد بن محمد الطوسي عن أبي الحسن بن أبي جرادة قال: أخبرني أستاذي أبو محمد عبد الله بن شافع بن مرزوق العابد بحلب قال: أخبرنا الشيخ الزاهد مشرق بن عبد الله الفقيه، الحنفي الفقيه بحلب قال: حدثنا عبد الصمد بن زهير بن أبي جرادة قال: حدثنا أبو الفوارس نما بن عبد العزيز الصبحي قال: حدثنا الحسن بن الطيب قال: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري السدي قال: حدثنا عمر بن شاكر بالمصيصة قال: حدثني أنس بن مالك قال: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ح.
وأخبرناه عاليا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قراءة عليه بحلب قال: أخبرنا عليّ بن الحسن بن هبة الله قال: أخبرنا أبو طاهر الحنائي قال: أخبرنا الشيخان أبو عليّ أحمد وأبو الحسين محمد ابنا عبد الرحمن بن أبي نصر قالا: أخبرنا القاضي أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجي قال: حدثنا إسماعيل بن هرون الكوفي بالكوفة قال: حدثنا اسماعيل بن موسى الفزاري عن عمر بن شاكر عن أنس ين مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يأتي على الناس زمان الصابر منهم على دينه كالقابض على الجمر " .
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن أبي الحسين الكرابيسي، وأبو عليّ الحسن بن بشير بن 195 - ظ عبد الله النقاش البلخي - قراءة عليهما وأنا أسمع ببلخ - وأبو شجاع عمر بن محمد بن عبد الله البسطامي ببلخ، وأبو الفتح عبد الرشيد بن النعمان ابن عبد الرزاق الولوالجي بسمرقند قالوا: أخبرنا الدهقان أبو القاسم أحمد بن محمد بن محمد البلخي قال: أخبرنا الشريف أبو القاسم عليّ بن أحمد الخزاعي قال: أخبرنا الأديب أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي قال: حدثنا أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي قال: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري قال: أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرطب.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو سعد بن بوش الآزجي قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو عليّ محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا قال: حدثنا عليّ بن محمد بن كاس النخعي قال: حدثنا عليّ بن جعفر بن الرماني قال: حدثنا إسماعيل بن ابنة السدي قال: كنت في مجلس مالك أكتب عنه فسئل عن فريضة فيها اختلاف بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأجاب فيها بجواب زيد بن ثابت فقلت: فما قال فيها عليّ بن أبي طالب، وعبد الملك بن مسعود؟ فأومأ إلى الحجبة، فلما هموا بي حاصرتهم وحاصروني فأعجزتهم وبقيت محبرتي وكتبي بين يدي مالك، فلما أراد أن ينصرف قال: له الحجبة: ما نعمل بكتب الرجل ومحبرته؟ قال: اطلبيوه ولا تهيجوه بسوء حتى تأتوني به، فجاءوا إلي ورفقوا بي حتى جئت معهم فقال 196 - و لي: من اين أنت؟ فقلت من أهل الكوفة، فقال لي: إن أهل الكوفة قوم معهم معرفة بأقدار العلماء، فأين خلفت الأدب؟ قال: قلت: إنما ذاكرتك لأستفيد، فقال: إن علياً وعبد الله لا ينكر فصلهما، وأهل بلدنا على قول زيد، وإذا كنت بين ظهراني قوم فلا تبدأهم بما لا يعرفون فيبدأك منهم ما تكره.
قال: ثم حجبت في سنتي، وقدمت الشام، فدخلت دمشق فجلست في حلقة الوليد بن مسلم، فلم أصبر أن سالته عن مسألة، فأصاب، فقلت له أخطأت يا أبا العباس، فقال: تخطئني في الصواب وتلحن في الاعراب؟! فقلت له: خفضتك كما خفضك ربك، وداخلته بالاحتجاج فمال الناس الي وتركوه، وقالوا: أهل الكوفة أهل الفقه والعلم، فخفت أن يبدأني منه ما بدأني من مالك بن أنس، فاذا رجل له حلم ودين، وزعة عن الإقدام.
أنبأنا أبو الحسن بن المفير قال: أنبأنا أبو الفضل محمد بن فاضل قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو الغنائم بن النرسي، واللفظ له، قالوا: أخبرنا أبو محمد الغندجاني - زاد ابن خيرون: وأبو الحسن الاصبهاني - قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل قال: إسماعيل بن موسى بن بنت السعدي الكوفي الفزاري، أبو اسحق، سمع شريك، توفي سنة خمس وأربعين ومائتين.
قرأت بخط أبي بكر محمد بن عليّ بن ياسر الجياني الحافظ في كتاب بيان ما أخطأ فيه محمد بن إسماعيل البخاري في كتابه المؤلف في تاريخ حملة الآثار 196 - ظعن أبي زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي وبيان ما واقفه أبو حاتم محمد بن ادريس الرازي وخالفه، قال: إسماعيل بن موسى الفزاري بن ابنه السدي، أبو اسحق، قال أبو زرعة: وانما هو أبو محمد.
قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي: وسمعت أبي يقول: ليس هو ابن ابنة السدي أنا سألته فذكر نسبة طويلة.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد - فيما أذن لنا فيه - قال: اخبرنا عمي أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله بن محمد - اجازة - قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: إسماعيل بن موسى الفزاري، أبو محمد، نسيب السدي، روى عن مالك، وشريك، وابن أبي الزناد، سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك، وقالا: يعد في الكوفيين، وسمعت أبي يقول: سألت إسماعيل بن موسى عن قرابته من السدي، فأنكر أن يكون أبا ابنه، واذا قرابته منه بعيدة، وسألت أبي عنه فقال: صدوق.
قلت: تخطئة أبي زرعة محمد بن إسماعيل البخاري في تكنيته: أبا اسحق، وقوله: غنما هو أبو محمد غير مسلم غليه بل يحتم أنه يكنى أبا اسحق ويكنى أبا محمد أيضاً فإن هذا من الأمور الواقعة، فإن الشخص الواحد تكون له كنيتان وثلاثة أكتر من ذلك فلا وجه من ذلك، فلا وجه لذلك.
وقد كناه مسلم بن الحجاج، وأبو عبد الرحمن النسائي: أبا اسحق، وسنذكر ذلك إن شاء الله 197 - و وأما تخطية البخاري في قوله: ابن ابنة السدي، فلم بنفرد بهذا القول فإن عليّ بن جفر الرماني قال في الحكاية التي أسندناها عن المعافى ابن زكريا عن عليّ بن محمد بن كأس عنه: حدثنا إسماعيل بن ابنة السدي، وذكر الحكاية. وتابع البخاري: مسلم بن الحجاج، وأبو عبد الرحمن النسائي، ومحمد بن أسعد كاتب الواقدي على ذلك.

أما مسلم بن الحجاج فأخبرنا زين الأمناء أبو البركات غذنا قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن قال: اخبرنا أبو بكر الشقاني قال: أخبرنا أبو بكر المغربي قال: أخبرنا أبو سعيد بن عبدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو اسحق إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي الكوفي، سمع مالك بن أنس، وشريك بن عبد الله.
وأما النسائي: فاخبرنا أبو الحسن بن المقير اجازة عن ابن ناصر عن القاضي أبي الفضل جعفر بن يحيى بن إبراهيم المكي قال: أخبرنا أبو نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم بن أحمد الوائلي قال: أخبرنا أبو الحسن الخصيب بن عبد الله بن بن محمد بن الخصيب قال: أخبرني عبد الكريم بن أحمد بن شعيب قال: أخبرني أبي أبو عبد الرحمن قال: أبو اسحق إسماعيل بن موسى بن بنت السدي، كوفي ليس به بأس.
وأما محمد بن سيد فأنبأنا أبو فحص عمر بن محمد بن طبرزد قال: اخبرنا أبو غالب بن البناء - إجازة إن لم يكن سماعاً - عن أبي محمد الجوهري قال: اخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين ابن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال في الطبقة التاسعة من أهل الكوفة: إسماعيل 19 - ظ بن موسى بن بنت إسماعيل بن عبد الرحمن السدي ويكنى أبا محمد، روى عن شريك بن عبد الله وغيره.
فبأن أن محمد بن إسماعيل لم ينفرد بهذا القول، وبأن إسماعيل بن موسى كان يعرف بابن بنت السدي، وقول أبي حاتم الرازي لا يشك فيه، وقد كان بين السدي وبين إسماعيل بن موسى نسب،، فيحتمل أن بنت السدي أرضعته فنسب إليها، وأنها ربته لما كان بينهما من القرابة، فعرف بكونه ابنها وليس بابنا حقيقة، وهذا أمر واقع فغن كثيراً من الناس ينسبون إلى غير آبائهم بسبب الرتبة، وقصة أسامة بن زيد معرفة، وإذا كان معروفاً بابن بنت السدي فلا وجه إلى تخطئة البخاري والتصريح بأنه أخطأ ولم يخطىء.
أخبرنا أبو الفرج بن القبيطي في كتابه قال: أخبرنا أبو الحسن بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا حمزة بن وسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قالك إسماعيل بن موسى الفزاري الكوفي ابن بنت السدي، سمعت عبدان الأهوازي يقول: سمعت أبا بكر بن أبي شيبة أن هناد بن السري أنكر علينا ذهابنا إلى إسماعيل هذا، وقال ايش علمتم عند ذا الفاسق الذي بشتم السلف.
قال ابن عدي: وإسماعيل هذا يحدث عن مالك، وشريك وشيوخ الكوفة، وقد أوصل عن مالك حديثين، وقد تفرد عن شريك بأحاديث، وانما أنكروا عليه الغلو في التشيع، وأما في الرواية فقد احتمله الناس ورووا عنه.
أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم 189 - و بن السمرقندي - اجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو عليّ بن المسلمة وأبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن فهد قال: أخبرنا أبو الحسن الحمامي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قال: مات أبو محمد إسماعيل بن موسى الفزاري سنة خمس وأربعين ومائتين، وكان صدوقاً لا يخضب.
أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي محمد التميمي قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان ابن زبر قال: قال الحسن بن علي: فيها - يعني سنة خمس وأربعين ومائتين - مات إسماعيل بن موسى بن بنت السدي.
أخبرنا حسن بن أحمد الأوقي - إذناً - قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة ثلاث وأربعين ومائتين - يعني مات فيها - ثم ثال بعد ذلك: سنة خمس وأربعين ومائتين، وقيل ابن بنت السدي فيها؟
حرف الهاء في آباء من اسمه إسماعيل
إسماعيل بن هبة الله بن سعيد بن هبة الله بن محمد بن هبه الله بن محمد بن باطيش:

أبو محمد بن أبي البركات بن أبي الرضا الموصلي، الفقيه الشافعي، قرأ الفقه في بلده الموصل، وسافر إلى بغداد وتفقه بها مدة في المدرسة النظامية حتى برع في المذهب والخلاف والجدل والأصوليين واشتغل بالأدب والحديث، وسمع من أصحاب أبي القاسم بن الحصين، وأبي بكر بن عبد الباقي وأبي غالب بن البناء، وأبي العز ابن كادش وطبقتهم، وعاد اللى بلده ورتب معيداً في المدرسة البدرية، وقدم حلب في سنة اثنتين وستمائة، وسمع بها شيخنا أبا هاشم الهاشمي، ثم قدم علينا حلب في سنة عشرين وستمائة في ذي 198 - ظ القعدة، وكتبت عنه شيئاً من شعره، وكان قد زودها حينئذ في شغل بكمال الدين بن مهاجر، وكان ورد في صحبته من الموصل إلى الرقة، وقد وردها إلى الملك الأشرف موسى بن الملك العادل، ففارقه من الرقة، وقدم علينا حلب فسمع بها شيخنا قاضي القضاة أبا المحاسن يوسف بن رافع ابن تميم، وأبا محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي، وسئل عن مولده وأنا أسمع فقال: في يوم الأحد السادس عشر من المحرم من سنة خمس وسبعين وخمسمائة بالموصل، ثم إنه توجه إلى بلده فأقام به مدة إلى أن أرسل إليه بلديه الأمير شمس الدين لؤلؤ الأميني، وكان بينهما صحبة في الموصل، وكان يعتقد عليه، وسمعته مراراً يثني على صحبته، فاستدعاه إلى حلب، فخرج إلى الموصل متوجهاً إلى حلب، فخرج العرب على القافلة التي كان فيها فأخذوها فيما بين حران ورأس عين، وأخذوا كتبه ومتاعه، وسلم بنفسه ووصل إلينا إلى حلب في سنة اثنتين وعشرين وستمائة، فأنزله شمس الدين لؤلؤ في داره، ومال إليه بجملته واعتمد عليه في أموره، ودام على ذلك مدة، وفوض إليه قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف ابن رافع بن تميم التدريس بالمدرسة النورية المعروفة بالنفري فأقام بها ولازم الإشغال والاشتغال، واستقل بحلب بالفتوى على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه.
وصنف كتباً عديدة حسنة، منها كتاب في طبقات أصحاب الشافعي، وكتاب 199 - و في مشتبه النسبة، وكتاب شرح فيه الفاظ التنبيه لأبي اسحق الفيروز باذي والاسامي المودعة فيه، وكان رجلاً متديناً كيساً فاضلاً حسن الطريقة، مشتغلاً بما يعنيه، كتبت عنه فوائد.
أنشدنا عماد الدين أبو محمد إسماعيل بن هبة الله بن باطيش لنفسه، وذكر أنه كتبها في كتاب إلى بعض أصدقائه ببغداد يداعبه.
بأي لسانٍ بعد بعدك أنطق ... لأبدي شكاياتٍ جناها التفرق
سهاد يجفن العين مني موكل ... وقلب لتذكار الأحبة يخفق
وشوق إلى الزوراء يزداد كلما ... ترنم قمري وناح مطوق
وما شاقني جسرٌ ولا رقةٌ ولا ... صراة بها الماء الفرات مرقوق
ولا نهر عيسى والحريم ودجلةٌ ... ولا سفنها أمست تخب وتعنق
ولكن لييلات تقضت بسادةٍ ... برؤيتهم شمل الهموم يفرق
ولا غرو أن تذرى الدموع ببعدهم ... ومنهم حليف المكرمات الموفق
سلامٌ عليه كلما ذر شارقٌ ... وإن كان يلهيه الغزال المقرطق
توفي إسماعيل بن باطيش بحلب في العشر الأول من جمادى الآخرة من سنة خمس وخمسين وستمائة، وبلغتني وفاته وأنا بدمشق في هذا الشهر المذكور.
حرف الياء في آباء من اسمه إسماعيل
إسماعيل يحيى الحراني: سمع بأنطاكية أحمد بن أبي يحيى الفقيه، وحدث 199 - ظعنه بمصر، روى عنه أبو أحمد عبد الله بن عدي الخياط، وقد سقنا عنه حديثاص سمع بأنطاكية من أحمد الفقيه، وذكرناه في ترجمة أحمد.
ذكر الكنى في آباء من اسمه إسماعيل
إسماعيل بن أبي البركات بن منصور الموصلي الربعي: إمامة الربوة بدمشق، ذكر لي أنه دخل حلب وسمع أبا الحسن أحمد بن محمد بن الطرطوسي الحلبي، وسمع بالموصل أبا منصور سعيد بن مكارم المؤدب، وهو شيخ حسن كيس فاضل متدين، لقيته بالربوة من ظاهر دمشق في الرحلة الثالثة، وكتبت عنه شيئاً من الحديث والفوائد، ثم اجتمعت به في الرحلة الرابعة حين مررت بدمشق مجتازاً إلى الحج في سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وسألته عن مولده، فقال:إما في سنة ثلاث أو في سنة أربع وخمسين وخمسمائة.
اخبرنا الشيخ الزاهد إسماعيل بن أبي البركات بن منصور الموصلي الربعي

قال: أخبرنا الشيخ أبو منصور سعيد بن مكارم المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن محمد بن صفوان قال: أخبرنا الشيخ أبو البركات سعد بن محمد قال: اخبرنا أبو الفرج محمد بن إدريس قال: قرأت على أبي منصور المظفر بن محمد الطوسي قال: أخبرنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الازدي قال: حدثنا اسحق ابن الحسن قال: حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود قال: حدثنا عمارة بن زادان عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " السباق أربعة، أنا سابق العرب 200 - و وصهيب سابق الروم، وسلمان سابق فارس، وبلال سابق الحبش " .
أنشدني إسماعيل بن أبي البركات بالربوة إملاء من لفظه لبعضهم:
لا تحسبي مزح الرجال طرافة ... إن المزاج هو السباب الأصغر
قد يحقر الملك المطاع ممازحاً ... ويهاب سوقي الرجال الأوقر
توفي غمام الربوة إسماعيل بن أبي البركات في سنة أربع أو خمسين وعشرين وستمائة بدمشق.
إسماعيل بن أبي بكر: كان بدابق حين ولي عمر بن عبد العزيز، وحكى عنه، روى عن عبدة بن أبي لبابة، روى عنه ضمرة بن ربيعة.
أخبرنا أبو جعفر يحيى بن جعفر بن عبد الله بن الدامغاني - إجازة أو سماعاً - قال: أخبرنا أبي أبو منصور جعفر قال: أخبرنا أبو العز بن المختار بن محمد قال: أخبرنا أبو عليّ بن المذهب قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا هرون بن معروف قال: حدثنا ضمرة بن إسماعيل بن أبي بكر قال: كنت بدابق حين مات سليمان وولي عمر بن عبد العزيز رحمه الله، قال: قلت لأهجرن حتى أدنو فأسمع خطبة أمير المؤمنين، قال: فهجرت فلما انتهيت إلى المسجد إذا بالناس منصرفين قد صلى بهم.
أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف البغدادي فيما أذن أن نرويه عنه قال: أخبرنا أبو العز محمد بن محمد بن الخراساني قال: أخبرنا أبو العز بن المختار قال: أخبرنا أبو عليّ المذهب قال: حدثنا أبو بكر القطيعي قال: 200 - ظ حدثنا عبد الله بن أحمد قال:حدثني الحسن بن عبد العزيز قال: كتب إلينا ضمرة عن إسماعيل بن أبي بكر قال: رأيت عمر بن عبد العزيز رحمه الله حين استخلف وعليه قميص ملاحف ورداء ملاحف.
ذكر أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل، وأنبأنا به أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله عن أبي القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله - إجازة - ؛ قال ابن مندة: وأخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا عليّ بن محمود قالا: أخبرنا ابن أبي حاتم قال: إسماعيل بن أبي بكر، روى عن عبدة بن أبي لبابة، روى عنه ضمرة بن ربيعة، يعد في الشاميين، سمعت أبي وأبا زرعة يقولون ذلك، وسمعت أبي يقول: هو مجهول.
إسماعيل بن أبي حكيم القرشي: مولاهم المدني، قيل إنه مولى عثمان بن عفان، وقيل مولى الزبير بن العوام، وكان يصحب عمر بن عبد العزيز، وكان معه بخناصرة، وما زال في صحبته بالشام وبدابق، وسيره في الفداء إلى القسطنطينية، وقيا إنه كان كاتبا له، واستعماله على بعض الأعمال، روى عن عمر بن عبد العزيز، وسعيد بن المسيب، وعروة بن، الزبير والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وعبيدة سفيان الحضرمي، وسعيد بن مرجانة.
روى عنه: مالك بن أنس، ومحمد بن اسحق، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وزهير بن محمد، وأبو الأسود محمد بن عبد الرحمن، وعبد السلام بن حفص، وجويرية بن أسماء، وإسماعيل بن جعفر، وعبد الله بن سعيد أبي هند، والضحاك ابن عثمان، وموسى بن سرجس، والحارث بن محمد الفهري 201 - و.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد البغدادي قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزاز قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله السافعي قال: حدثنا القاضي إسماعيل بن اسحق قال: حدثنا محمد بن أبي بكر قال: حدثنا أبو الأسود حميد بن الأسود قال: حدثنا الضحاك بن عثمان عن إسماعيل بن أبي حكيم عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما تضورت من هذه الليلة إلا سمعت في المسجد صوتاً " فقلت: يا رسول الله تلك الحولاء بنت تويت لاتنام إذا نام الناس، فذكر كلاماً حتى رأيت ذلك في وجهه وقال: " إن الله لا يمل حتى تملوا " .
أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أب وسعيد الراراني قال: أخبرنا أبو عليّ الحسن بن أحمد الحداد - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا عبد الله بن بندار قال: حدثنا سليمان بن داود المنقري قال: حدثنا محمد بن عمر الواقدي قال: حدثنا موسى بن إبراهيم بن الحارث التيمي قال: حدثنا إسماعيل بن أبي حكيم قال: كنا مع عمر بن عبد العزيز بخناصرة في يوم الفطر فأخرج إلينا تمراً فقال: كلوا قبل أن تعيدوا، فقلنا له: عندك في هذا شيء؟ فقال نعم، حدثني إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن أبي سعيد الخدري 201 - ظ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطعم يوم الفطر قيل أن يعيد، ويأمر الناس بذلك. لا يروي هذا للحديث عن عمر بن عبد العزيز إلا بهذا الإسناد، تفرد به الواقدي.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا يوسف بن رباح بن عليّ قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثنا معاوية بن صالح قال: سمعت يحيى بن معين يقول في تسمية تابعي أهل المدينة ومحدثيهم: إسماعيل بن حكيم، وأخوه أسحق بن أبي حكيم لم يعرفه يحيى.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون وأبو الحسين بن الطيوري وأبو الغنائم محمد بن عليّ واللفظ له قالوا: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني - ذاد ابن خيرون: ومحمد بن الحسن الأصبهاني - قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاريق إسماعيل بن أبي حكيم مولى عثمان بن عفان مدني قرشي عن سعيد بن المسيب وعبيدة بن سفيان، روى عنه: مالك، ومحمد بن أسحق. وقال محمد بن مسلمة " إسماعيل بن حكيم " وهو وهم، وقال لنا المكي: حدثنا عبد الله بن سعيد عن إسماعيل بن أبي حكيم مولى الزبير، وسمع عمر بن عبد العزيز.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: حدثنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي قال: أخبرنا سليم بن أيوب الرازي202 - و قال: أخبرنا أبو نصر طاهر بن محمد بن سليمان قال: حدثنا عليّ بن إبراهيم بن أحمد قال: حدثنا يزيد بن محمد بن إياس قال: سمعت محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي يقول: إسماعيل بن أبي حكيم: روى عنه: مالك بن أنس وأهل المدينة، كان كاتب عمر بن عبد العزيز حين كان عمر أمير المدينة.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - إذناً - عن أبي غالب بن البناء عن أبي الحسن محمد بن محمد بن مخلد قال: أخبرنا عليّ بن محمد بن خزفة قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد الزعفراني قال: حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: سمعت يحيى بن معين يقول: إسماعيل بن أبي حكيم، يقول له مولى الزبير، وهو مولىة أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص، تزوجها الزبير، وكان معهم فقيل مولى الزبير.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن - فيما أذن لنا في روايته - قال: أخبرنا عمي أبو القاسم عليّ بن الحسن الحافظ قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد بن أحمد بن البغدادي قال: أخبرنا أبو طاهر بن محمود قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: حدثنا محمد بن جعفر الزراد قال: حدثنا عبيد الله بن سعد قال: حدثنا عمي عن أبيه عن ابن اسحق قال: إسماعيل بن حكيم مولى آل الزبير.

وقال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا عبد الرحمن ابن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله - إجازة - ، ح.
قال: وأخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا عليّ بن محمد الفأفاء قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: إسماعيل بن أبي حكيم، مولى عثمان بن عفان، مدني، روى عن القاسم بن محمد، 202 - ظوعمر بن عبد العزيز، وعبيدة بن سفيان الحضرمي، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن مرجانة.
روى عنه مالك، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومحمد بن اسحق، وعبد الله ابن سعيد بن أبي هند، سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك. قال أبو محمد: روى عنه زهير بن محمد، ذكره ابي عن اسحق بن منصور عن يحيى بن معين قال: إسماعيل بن أبي حكيم، صالح. قال: وسئل أبي عن إسماعيل بن أبي حكيم فقال: يكتب حديثه، كان عاملالعمر بن عبد العزيز.
وقال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو القاسم الواسطي قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن ابراهيم الأشناني قال: سمعت أبا الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس قال: سمعت عثمان بن سعيد الدرامي يقول: سألت يحيى بن معين، قلت: فإسماعيل بن أبي حكيم؟فقال: ثقة.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا سليمان ابن اسحق بن ابراهيم الجلاب قال: حدثناالحارث بن أبي أسامة قال: أخبرنا محمد بن سعد قال في الطبقة الرابعة من أهل المدينة: إسماعيل بن أبي حكيم مولى لبني عدي بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي، من لا يعرف ولاءهم، نسبهم إلى ولاء آل الزبير بن العوام، وكان كاتبا لعمر بن عبد العزيز، وتوفي سنة ثلاثين ومائة، وكان قليل الحديث.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال: 203 - وأخبرنا أبو بكر الشافعي قال: ومن حديث إسماعيل بن أبي حكيم عن القاسم بن محمد قال الواقدي: هو مولى لآل الزبير بن العوام، وكان كاتبا لعمر بن عبد العزيز، وتوفي في سنة ثلاثين ومائة، وكان قليل الحديث.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو القاسم البشري عن أبي طاهر المخلص قال: حدثنا أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن السكري قال: أخبرني عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال: أخبرني أبي محمد بن المغيرة قال: حدثني أبو عبيد القاسم ابن سلام قال: سنة ثلاثين ومائة، فيها مات إسماعيل بن أبي حكيم وهو مولى آل الزبير بن العوام، وكان كاتب عمر بن عبد العزيز.
أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي إذناً عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: حدثنا عليّ بن أحمد المقابري قال: حدثنا موسى بن اسحق الأنصاري قال: حدثنا محمد ابن عبد الله بن نمير قال: مات يزيد بن رومان وإسماعيل بن أبي حكيم سنة ثلاثين ومائة.
أنبأنا عبد الصمد عن أبي محمد بن عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: قال الواقدي: وفيها يعني سنة ثلاثين ومائة مات إسماعيل بن أبي حكيم، وذكر أن أباه أخبره عن الحارث عن محمد بن سعد عن الواقدي بذلك.
أنبأنا أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا عليّ بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني 203 - ظ قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد في الطبقة الرابعة من أهل المدينة: إسماعيل ابن أبي حكيم مولى لآل الزبير بن العوام، وكان كاتبا لعمر بن عبد العزيز، توفي سنة ثلاثين ومائة.
قال عليّ بن الحسن: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحق النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن عمران بن موسى قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وفي سنة ثلاثين مات إسماعيل بن أبي حكيم بالمدينة.

قال عليّ بن الحسن: أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسن بن لؤلؤ قال: أخبرنا محمد بن الحسين ابن شهريار قال: حدثنا أبو حفص الفلاس قال: ومات إسماعيل بن أبي حكيم، ويزيد بن رومان في سنة ثلاثين ومائة.
أنبأنا عليّ الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسين الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الباقي بن قانع قال: سنة ثلاثين ومائة: إسماعيل بن أبي حكيم، مولى آل الزبير بن العوام، نزل المدينة، يعني مات.
إسماعيل بن أبي خراسان: غزا بلاد الروم واجتاز بحلب أو بعملها، روى عنه جعفر بن محمد الفسوي.
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن المبارك بن الأخضر في كتابه إلينا من بغداد قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الملك بن عبد الله بن محمد الكروخي قال: أخبرنا أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري قال: أخبرنا أبو يعقوب قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا يعقوب بن اسحق قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن 204 - و ما هان قال: حدثنا جعفر - هو ابن محمد الفسوي - قال: سمعت إسماعيل بن أبي خراسان يقول: كنا إذا توسطنا أرض الروم أجتمعنا فقلنا: لا إله إلا الله، على الكرابيسي لعنة الله.
إسماعيل بن أبي الخير بن الفضل بن خلف بن عبد الله بن يعقوب: الكفر طابي الأصل، الحموي المولد والمنشأ، أبو الفضل الحكيم، المعروف بالمهذب، كان عارفاً بالطب والمعالجة، ويرجع إلى دين وأدب، وكان عبد الله بن خلف بن عبد الله النحوي المعروف بسطيح - وسنذكر ترجمته فيما يأتي من كتابنا هذا - جده لأمه وعم أبيه.
قدم إلينا إلى حلب مرارا، ثم أقام بالقاهرة يطب الناس، واجتمعت به مرارا متعددة، وكتبت عنه شيئا من أحوال جده، وروى شيئا يسيرا بالقاهرة، وكتبت عنه، وكان كيساً، حسن الأخلاق، توفي يوم السبت ثامن عشر صفر من سنة إحدى وخمسين وستمائة بالقاهرة.
إسماعيل بن أبي الفتح السنجاري: شاعر حسن المحاضرة، أجتمعت به بسنجار، وروى لنا عن المعتمد طاهر بن محمد العتابي شيئا من شعره، وأنشدنا من شعره أيضاً نفسه، وذكر لي أنه دخل حلب صحبة نور الدين بن عماد الدين صاحب قرقيسيان يعد سنة ثلاث عشرة وستمائة، حين كان الملك الأشرف موسى بن أبي بكر بن أيوب بحلب 204 - ظ.
أنشدني مجد الدين إسماعيل بن أبي الفتح السنجاري بها قال: أنشدني طاهر العتابي لنفسه، وكان له رسم في شهر رجب عليّ بني مهاجر بالموصل، فجاء رجب في بعض السنين، فأعرضوا عنه ولم يعطوه شيئاً، فقال فيهم، وأنشدنيه لنفسه:
يا عصبة عن مودتي هرب ... عودوا إلينا فقد مضى رجب
عودوا إلينا فالمال في دعةٍ ... لا فضة بيننا ولا ذهب
أنشدني إسماعيل بن أبي الفتح السنجاري لنفسه:
أماني نفسٍ ليس تقضى عهودها ... وآمال دهرٍ ليس يدنو بعيدها
وديمة أضغانٍ تسح بساحتي ... بوارقها مشبوبة ورعودها
تحوك رياض الضيم لي فأعافها ... وتخلي مراعي الهم لي فأرودها
كأن الليالي أقسمت لا تحلني ... بدارٍ ولم يذعر سوامي سيدها
سئمت المقام في عراص أهيلها ... صدورهم تغلي عليّ حقودها
أناسيهم بغضاءهم لي مغالطاً ... وأسألهم في حاجة لا أريدها
وأصرف طرفي أن يشيم بروقهم ... وأمنع نفسي رفدهم وأذودها
وفي حشرات الأرض والليث ساغبٌ ... مطاعم لو أن الفرير يصيدها
عذيري من دنيا أحاول وصلها ... وقد شفني هجرانها وصدودها
تحملني مكروهها متتابعاً ... كأني مما شاءني أستزيدها
تروح على أهل الصلاح نحوسها ... وتغدو إلى أهل الفساد سعودها
205 - و
فبعداً لأثواب السلامة ملبساً ... إذا فوِّفت للخالعين يرودها
وسحقاً لأرض تنبت الذل تربها ... وتعلو على الأحرار فيها عبيدها
يظل بها الفدم الغبي يسوسها ... ويمسي بها النكس الدني يسودها
ولا حرمة الراجين تقضي حقوقها ... ولا ذمة اللاجئين ترعى عهودها

ألا ليت شعري هل تحل عرى النوى ... وتبيض من أيامها النكد سودها
ويحيى حشاشات المطالب بعدها ... تطاول في طي الأياس همودها
وأعدو العوادي وهي خزر عيونها ... وأخطو الأعادي وهي صعرٌ خدودها
توفي إسماعيل بسنجار في حدود الخمسين والستمائة.
إسماعيل بن أبي مسعود: أحد العلماء المذكورين، قدم نواحي حلب إلى عسكر المأمون وهو طالب الغزاة إلى بلد الروم، أشخصه إليه اسحق بن إبراهيم بن مصعب، سابع سبعة ليمتحنهم بالقول بخلق القرآن.
إسماعيل بن أبي موسى: غزا الصائفة مع سليمان بن هشام بن عبد الملك، واجتاز معه في غزاته بناحية حلب، وأخبر عن تلك الغزاة، وحكى عنه الوليد بن مسلم.
أنبأنا أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن قال: أنبأنا أبو تراب حيدرة بن أحمد، وأبو محمد هبة الله بن أحمد الأنصاريان قالا: أخبرنا أبو محمد الصوفي قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم القرشي قال: حدثنا محمد بن عائذ قال: قال الوليد: وأخبرني 205 - ظ إسماعيل بن أبي موسى أنه كان فيمن غزا مع سليمان بن هشام صائفة من تلك الصوائف، فقصد إلى عمورية، فلما دنوا منها نادى مناديه: أيها الناس أظهروا سلاحكم فإنكم ستفضون غداً على عمورية، قال: فأصبحنا على ظهر قد أظهرنا السلاح فبينا سليمان في موكبه، وخيول الأجناد على راياتهم ميمنة وميسرة، لم يرعنا إلا بخيول عمروية، نحو من عشرة آلاف، فشدوا على من بين يدي سليمان حتى صيروهم إلى سليمان، فوقف سليمان وثارت الأبطال، فشدوا عليهم حتى هزمهم الله، وتبعناهم نقتلهم حتى أدخلناهم مدينة عمورية.
ذكر من لم ينته إلينا اسم أبيه ممن اسمه إسماعيل
إسماعيل الجعفري الكوفي: قدم المصيصة، ولقي بها أبا اسحق الفزاري سنة إحدى وثمانين ومائة، حكى عنه سعيد بن رحمة بن نعيم المصيصي.
أخبرنا أبو عليّ حسم بن أحمد بن يوسف الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن بن محمد ابن عبد الله بن محمد بن أحمد بن يحيى لن الحارث السعدي قال: أخبرنا أبي محمد قال: حدثني أبي عبد الله بن محمد بمناقب أبي حنيفة رضي الله عنه وقال فيه: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت سعيد بن رحمة بن نعيم المصيصي يقول: خرج عبد الله بن المبارك من المصيصة في شعبان سنة إحدى وثمانين فشيعة أبو الشام يبكون، ثم قدم علينا إسماعيل الجعفري الكوفي لأبي اسحق: يا أبا اسحق شهدت عبد الله بن المبارك بهيت وقد خرج عليلاً من السفينة فمات بها ليلة الثلاثاء لصبيحة الأربعاء لثلاث عشرة مضت من رمضان، فبكى أبو اسحق بكاءً شديداً، وجزع، وعزاه الناس.
إسماعيل الديلمي: كان بطرسوس، وحكى مناماً رآه لجعفر المتوكل، رواه عنه سعيد ين عثمان الخياط.
أخبرنا أبو اسحق إبراهيم بن بركات بن إبراهيم بن طاهر، وأبو محمد عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم الشافعي - إجازة من كل واحد منهما - قالا: أخبرنا أبو محمد عبد الرزاق بن نصر بن المسلم بن نصر النجار قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد بن عليّ بن صابر السلمي قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن الحسين بن محمد بن إبراهيم الحنائي قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا عليّ بن عبد القادر الطرسوسي قال: حدثنا أبو عبد الله عليّ بن المثنى قال: حدثنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن سهل النيسابوري قال: حدثنا سعيد بن عثمان الخياط قال: حدثنا إسماعيل الديلمي قال: رأيت جعفر المتوكل على الله بطرسوس في النوم، وهو في نور جالس، فقلت: المتوكل؟ قال: المتوكل، قلت ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي. قلت: بماذا؟ قال: بقليل من السنة أحييتها.
اسميفع بن باكورا: هو ذو الكلاع الحميري، شهد صفين، وسنذكره 206 - ظ في حرف الذال إن شاء الله تعالى.
ذكر من اسمه أسود
الأسود بن حبيب بن حماية بن قيس بن زهير الغطفاني العبسي:

شهد صفين مع عليّ رضي الله عنه، وكان من رؤساء قومه، وأولي الذكر والنباهة، وقد ذكرناه في ترجمة عياش بن شريك، فيما يأتي في كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.
الأسود بن ربيعة: أحد بني ربيعة بن مالك بن حنظلة، صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وقتل مع عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، بصفين، قاله سيف بن عمر فيما حكاه عن ورقاء ابن عبد الرحمن الحنظلي، أورده أبو حفص بن شاهين.
أنبأنا أبو حفص المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور البزاز قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن سيف قال: حدثنا السري بن يحيى قال: حدثنا شعيب بن إبراهيم قال: حدثنا سيف بن عمر عن ورقاء بن عبد الرحمن الحنظلي قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسود بن ربيعة، أحد بني ربيعة بن مالك بن حنظلة فقال: " ما أقدمك " ؟ قال: أتقرب بصحبتك، فترك الأسود، وسمي المتقرب، فصحب النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد مع عليّ صفين.
الأسود بن قيس: ذكر المدائني أنه شهد صفين مع عليّ رضي الله عنه، روى عن جندب بن سفيان البجلي، ونبيح العنزي، وثعلبة، روى عنه عبيدة بن 207 - و حميد، وسفيان، وشعبة.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل بن بشر الاسفرائيني قال: أخبرنا أبو الحين محمد بن مكي قال: أخبرنا جدي أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن زريق قال: حدثنا القاضي الحسين ابن إسماعيل الضبي ببغداد قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سوادة قال: حدثنا عبيدة - يعني ابن حميد - عن الأسود بن قيس عن جندب بن سفيان البجلي، ثم العلقي أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أضحى قال: فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو باللحم وذبائح الأضحى. قال: فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها ذبحت قبل أن يصلي، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى، ومن لم يكن ذبح حتى صلينا فليذبح باسم الله.
أنبأنا عليّ بن المفضل عن الحافظ أبي طاهر السلفي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا عليّ ابن أحمد الأطرابلسي قال: حدثنا أبو مسلم - يعني صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي - قال: حدثني أبي قال: الأسود بن قيس، تابعي ثقة، سمع من جندب ابن عبد الله.
وقال: حدثني أبي قال: الأسود بن قيس، حسن الحديث، ثقة، روى عن جندب بن عبد الله، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في عداد الشيوخ من كبار أصحاب سفيان.
الأسود بن يزيد بن قيس بن عبد الله بن مالك بن علقمة بن سلامان بن كهيل بن بكر: أبو عمرو، وقيل أبو عبد الرحمن النخعي، أحد التابعين، وقيل أنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، روى عن أبي بكر، وعمر، وابن مسعود، وبلال، وعائشة، روى عنه ابنه عبد الرحمن، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وإبراهيم النخعي، وأبو اسحق، وأشعث بن أبي الشعثاء، وكان من فقهاء الكوفة، وأعيانهم، وعبادهم.
روى الأعمش عن عمارة، وسئل عن الأسود قال: كنت إذا نظرت إليه كأنه راهب من الرهبان، وشهد صفين مع عليّ عليه السلام.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا 207 - ظ أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي، وأبو حفص عمر بن عليّ الكرابيسي، وأبو عليّ الحسن بن بشير بن عبد الله النقاش - قراءة عليهم وأنا أسمع ببلخ - وأبو الفتح عبد الرشيد بن النعمان بن عبد الرزاق الولوالجي بسمرقند قالوا: أخبرنا الدهقان أبو القاسم أحمد بن محمد بن محمد البلخي قال: أخبرنا الشريف أبو القاسم عليّ بن أحمد الخزاعي قال: أخبرنا الأديب أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي قال: حدثنا أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي قال: حدثنا محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن أبي اسحق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد يحدث عن الأسود ابن يزيد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما شبع آل محمد من خبز الشعير يومين متتابعين، حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أخبرنا أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول ابن عيسى السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي قال: أخبرنا أبو محمد الحموي قال: أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر بن العباس السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال: حدثنا سعيد بن الربيع قال: حدثنا شعبة عن أبي اسحق قال: سمعت الأسود بن يزيد، ومسروقاً يشهدان على عائشة أنها شهدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن عندها يوماً إلا صلى هاتين الركعتين، قال أبو محمد: يعني 208 - و بعد العصر.
قال الدارمي: أخبرنا يعلى قال: حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: خاضت صفية، فلما كانت ليلة النفر قالت: آي حلقي، آي عقري بلغة لهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألست قد طفت يوم النحر؟ قالت: بلى، قال: فاركبي.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري في كتابه إلينا من مكة قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الأشيري قال: أخبرنا القاضي أبو الوليد بن الدباغ قال أخبرنا أبو الوليد بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر النمري قال: حدثنا خلف بن قاسم قال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد قال: حدثنا أحمد ابن محمد القشيري قال: حدثنا عليّ بن خشرم قال: قلت لوكيع: من سلم من الفتنة؟ قالاما المعروفون من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأربعة: سعد بن مالك، وعبد الرحمن بن عمر، ومحمد بن مسلمة، وأسامة بن زيد، واختلط سائرهم، قال ولم يشهد أمرهم من التابعين إلا أربعة: الربيع بن خثيم، ومسروق ابن الأجدع، والأسود بن يزيد، وأبو عبد الرحمن السلمي.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن البناء، وأبو الحسن بن عمر بن حموية قالا: أخبرنا أبو الفتوح محمد بن محمد بن عليّ الطائي قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن الحسين التوني رحمه الله قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى قال: أخبرنا محبوب بن محمد البردعي قال: حدثنا يحيى بن 208 - ظ محمد ابن صاعد قال: حدثنا الحين بن الحسن قال: حدثنا عبد الله بن المبارك قال: حدثنا محمد بن طلحة، وعبد الرحمن بن مروان، أن الأسود بن يزيد كان يجتهد قيس: لم تعذب هذا الجسد؟ فيقول الأسود: كرامته أريد، إن الأمر جدٌ، فوجدوا.
أخبرنا عتيق السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ، ح.
وحدثنا محمد بن أحمد عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم بن بنين قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري، وأبو عبد الله بن حمد قالا: أخبرنا أبو الحسن بن الفراء - قال ابن حمد: إجازة - قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن عليّ قال: حدثنا يحيى بن معين قال: حدثنا يحيى بن اليمان قال: حدثني حنش بن الحارث قال: رأيت الأسود ابن يزيد قد سالتا عيناه على خديه من ظمأ الهواجر.
أنبأنا نصر بن أبي الفرج قال: أخبرنا عبد الله بن محمد الحافظ قال: أخبرنا القاضي أبو الوليد بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز ابن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: الأسود بن يزيد بن قيس النخعي أدرك النبي صلى الله عليه وسلم مسلما ولم يره.
قال: روى شعبة عن الأعمش عن إبراهيم بن الأسود قال: قضى فينا معاذ ابن جبل باليمن ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي، في رجل ترك ابنته وأخته، فأعطى الابنة النصف وأعطى الأخت النصف.
روى شعبة أيضاً عن أشعث عن أبي الشعثاء عن الأسود بن يزيد 209 - و مثله، ولم يقل: ورسول اله حيٌ.
قال ابن عبد البر: والأسود بن يزيد هذا هو صاحب ابن مسعود أدرك الجاهلية، وهو معدود في كبار التابعين من الكوفيين، روى عن أبي بكر، وعمر، وكان فاضلاً عابداً، سكن الكوفة.
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم في كتبه إلينا من مرو قال: أخبرنا أبو البركات الفراوي، ح.

وأخبرنا القاسم بن عبد الله في كتابه قال: أخبرتنا عمة أبي عائشة بنت أحمد قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن خلف قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن خلف قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار قال: حدثنا أبو إسماعيل السلمي قال: سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول: والأسود بن يزيد سنة خمس وسبعين، يعني مات.
قرأت في تاريخ محمد بن أحمد بن مهدي، في سنة خمس وسبعين قال: وفيها مات أبو عبد الرحمن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ابن أخي علقمة بن قيس، وخال إبراهيم بن يزيد النخعي. قال: والأسود من أكابر أصحاب عبد الله ابن مسعود رحمه الله، ويقال إنه حج واعتمر ثمانين حجة وعمرة.
قرأت في كتاب الجرح والتعديل لأبي محمد بن أبي حاتم قال: الأسود بن يززيد النخعي، أبو عمر، روى عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، روى عنه ابنه عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد، وإبراهيم النخعي، يعد في الكوفيين، سمعت أبي يقول ذلك.
حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن إبراهيم بن سويد النخعي قال: حدثنا أبان بن عمران النخعي عن عبد الرحمن بن الأسود قال: حدثني أبي - وكان ثقة - إنه صلى خلف عمر بن الخطاب.
وقال: حدثنا محمد بن حموية بن الحسن قال: سمعت أبا طالب قال: قلت لأحمد بن حنبل: الأسود - يعني ابن يزيد - ؟ قال: ثقة من أهل الخير.
ذكره أبي عن يحيى بن معين أنه قال: الأسود - يعني ابن يزيد - ثقة.
وأنبأنا به أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن أبي القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا بن عبد الله - إجازة، ح.
قالابن مندة: وأخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا عليّ بن عليّ محمد قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم.
أنبأنا عليّ بن المفضل عن الحافظ أبي طاهر قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا عليّ بن أحمد الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله قال: حدثني أبي قال: والأسود بن يزيد بن قيس النخعي، كوفي، تابعي، جاهلي، وكان رجلاً صالحاً متعبداً، فقيهاً.
وقالت عائشة: ما بالعراق أعجب إلي من الأسود، وكانت عائشة تكرمه، وصام حتى ذهبت إحدى عينيه، فقال له علقمة: ما تعذب هذه النفس؟ فقال: إنما أريد راحتها، وكان يحج كل سنة، فإذا حضرت الصلاة أناخ ولو على حجر، وهو ابن أخي علقمة بن قيس أصغر منه، وهو زف أم علقمة إلى جده، وكان أحد أصحاب عبد الله الذين يقرؤون، ويفتون.
وقال: حدثنا أبو مسلم قال: حدثني أبي أحمد قال: حدثنا قبيصة بن عقبة قال: حدثنا سفيان عن منصور بن إبراهيم قال: كان أصحاب عبد الله الذين يقرؤون ويفتون ستة: علقمة، والأسود، وعبيدة، وأبو ميسرة، والحارث بن قيس، ومسروق بن الأجدع.
أخبرنا أبو عليّ الأوقي - إجازة قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار، قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع أن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي ابن أخي علقمة مات سنة ست وسبعين.
ذكر من اسمه أَسيد وأُسيد
أَسيد بن عبد الرحمن الخثعمي الفلسطيني: ورواه بعضهم بالشك أسيد، وأُسيد، قدم دابق، ولقي بها رجاء بن حيوة، ومكحولاً، وحكى عنهما وعن صالح بن جبير الفلسطيني، والعلاء بن زياد، ومقبل بن عبد اله 209 - ظ الفلسطيني، وفروة بن مجاهد، وابن محيريز، وخالد بن دريك، وأبي واقد صالح بن محمد الليثي، وقيل لم يرو عن ابن محيريز، وإنما روى عن خالد عنه، روى عنه الأوزاعي، والمغيرة بن المغيرة الرملي، وإسماعيل بن عياش، وعبد الله بن حسان، وكان ثقة قليل الحديث.

أخبرنا أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد بحلب قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد ابن المظفر الداوودي قال:أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد حموية قال: أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر قال أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال: حدثنا أبو المغيرة قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثنا أسيد بن عبد الرحمن عن خالد بن دريك عن ابن محيريز قال: قلت لأبي جمعة - رجل من الصحابة - :حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: نعم، أحدثك حديثاً جيداً، تغدينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا أبو عبيدة فقال: يا رسول الله، أحد غير منا، أسلمنا وجاهدنا معك؟ قال: نعم، قوم يكونون بعدكم يؤمنون بي ولم يروني. أنبأنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي بن الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا أبو العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر ثقال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا محمد بن أبي أسامة قال: حدثنا ضمرة قال: حدثني عبد الله بن حسان عن أسيد بن عبد الرحمن قال: رأيت مكحولاً يسلم على رجاء ابن حيوة 210 - و وبدابق راجل ورجاء راكب، ورجاء وهو يقول: يا أبا المقدام عليك السلام، فما يرد عليه.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو محمد القاسم بن عليّ بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم بن مطكود السوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن عمير - قراءة - قال سمعت أبا الحسن محمود بن إبراهيم بن سميع يقول: في الطبقة يقول: في الطبقة الخامسة أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو الغنائم بن النرسي - واللفظ له - قالوا: أخبرنا أبو أحمد الواسطي - زاد ابن خيرون: أبو الحسين الأصبهاني - قالا: أخبرنا أبو بكر بن عبدان قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن سهل قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: أسيد بن عبد الرحمن الفلسطيني عن فروة بن مجاهد، وابن محيريز، روى عنه الأوزاعي.
أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن عبد الكريم بن محمد بن أحمد المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني، ح.
قال ابن البناء: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي عن أبي الحسن الدارقطني في باب أسيد، بفتح الألف: أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي، عن فروة بن مجاهد، وابن محيريز، روى عنه الأوزاعي.
أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد عن أبي غالب عن البناء عن عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري قال: أخبرنا عبد الغني بن سعيد قال: أسيد 210 - ظ بن عبد الرحمن الخثعمي عن فروة عن مجاهد، وابن محيريز.
أخبرنا ابن المقير - فيما أذن لنا أن نرويه - عن الفضل عن سهل عن أبي بكر الخطيب قال: قال أبو الحسن، وأبو محمد - يعني الدارقطني - ، وعبد الغني بن سعيد جميعاً: أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي عن فروة بن مجاهد، وابن محيريز، روى عنه الأوزاعي.
قال الخطيب: وهذا الكلام ذكره البخاري في تاريخه ومنه نقلاه اى كتابيها وهو خطأ وذلك أن أسيداً لا يروي عن ابن محيريز، وإنما يروي عن خالد بن دريك، عنه روى عن الأوزاعي عنه حديثه كذلك غير واحد.

قلت وهذا القول من أبي بكر الخطيب تحكم على البخاري مع كونه إمام أهلا حديث، وأكثرهم تنقيباً على رجاله وكشفاً لأحوالهم، ومواقع الصواب والخطأ منهم، وكذلك على هذين الحافظين: أبي الحسن الدارقطني، وأبي محمد عبد الغني ابن سعيد بن وهما هما في هذا الفن، وإطلاقه الخطأ عليهم في أن أسيداً لا يروي عن ابن محيريز، وإنما يروي عن خالد بن دريك عنه الحديث الذي أوردناه، غير مسلم له، فإن رواية أسيد عن خالد عن ابن محيريز هذا الحديث لا ينفي روايته عن ابن محيريز وغيره، فغن من عادة الرواة إذا رأوا عند غيرهم من الالشيوخ حديثاً قد سمعه ذلك الشيخ من شيخه، ولم يسمعه منه أن يكتبه عنه عن شيخه، ولا ينفي ذلك روايته عن ذلك الشيخ حديثاً غيره، وكذلك الصحابة رضوان الله عليهم رووا عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، وروى بعضهم عن بعض عن النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، لأنه لم يسمع ذلك الحديث 211 - و من النبي صلى الله عليه وسلم، فرواه عن صحابي آخر عنه، وذلك كثير، فكذلك هذا لا يجوز أن يكون أسيداً سمع من ابن محيريز غير هذا الحديث عن خالد بن دريك عنه، اللهم إلا إن أثبت بالنقل أن أسيداص لم يدرك ابن محيريز، فحينئذ يسوغ له تخطئة هؤلاء الأئمة فيما ذكروه، وقد تابع الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في قوله إن أسيداً روى عن ابن محيريز غير الدارقطني وعبد الغني، وهو إمام أهل العم والحديث؛ ورئيسهم المتقن المنصف أبو أحمد أبو الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، فإن زين بن الأمناء الحسن بن محمد بن الحسن أنبأنا قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن قال: أخبرنا أ وبكر محمد بن شجاع قال: أخبرنا أبو صادق محمد بن أحمد الفقيه قال: أخبرنا بن أبي بكر العدل قال: أخبرنا أبو أحمد العسكري قال: فأما أسيد - السين المكسورة والياء ساكنة - فمنم أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي الفلسطيني، روى عنه ابن محيريز، وفروة بن مجاهد روى عنه الأوزاعي، وإسماعيل بن عياش.
وكذلك تابعه أبو حاتم الرازي، وابنه أبو محمد فيما ذكره في كتاب الجرح والتعديل، فإنه قال: أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي الفلسطيني، روى عه ابن محيريز، وفروة بن مجاهد، روى عنه الأوزاعي، وإسماعيل بن عياش، والمغيرة بن المغيرة الرملي، سمعت أبي يقول ذلك. أنبأنا بذلك أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان وغيره عن أبي القاسم عليّ بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم ابن منده قال: أخبرنا حمد بن عبد الله إجازة، ح.
قال ابن منده: وأخبرنا أبو طاهر بن سلمة 211 - ظ قال: أخبرنا عليّ بن محمد قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم. 212 - و، ظ.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيق
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر بن ماكولا، ح.
وأنبأنا أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عمي قال: قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال: وأسيد بن عبد الرحمن الخثعمي، روى عنه فروة بن مجاهد، وخالد بن دريك عن محيريز عن أبي جمعة حديثاً يختلف فيه، وروى عن أبي واقد الليثي صالح بن محمد، وعن العلاء بن زياد روى عنه الأوزاعي، هو قليل الحديث.
قال الحافظ أبو القاسم: قول ابن ماكولا إنه " روى عن أبي واقد الليثي " وهم أخذه عن الخطيب، وإنما قيل في نسبه " ابن محمد " خطأ أخطأ فيه الأوزاعي والله أعلم.
قلت وتخطئه الحاف أبي القاسم: الأوزاعي، والخطيب، تحكم أيضاً، والأوزاعي أقدم زمانا وأعرف بنسب شيخ شيخه وأدرى به.
أنبأنا أبو حفص المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة أن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: وروى - يعني الأوزاعي - عن شيخ يقال له أسيد بن عبد الرحمن، شامي، ثقة.
أنبأنا أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا الحافظ عمي قال: أخبرنا محمد الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيزبن أحمد قال: أخبرنا أبو القاسم تمام بن محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله جعفر بن محمد قال: حدثنا أبو زرعة قال في تسمية نفر متقاربين في 213 - و السن عمروا: أسيد بن عبد الرحمن.

انبأنا أبو البركات قال: أخبرنا الحافظ قال: اخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون نب راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا محمد بن أبي أسامة قال: حدثنا ضمرة قال: توفي أسيد بن عبد الرحمن بالرملة سنة أربع وأربعين ومائة، قال: ورايته يصفر لحيته؛ وقال في موضع آخر: حدثنا ضمرة قال: رأيت أسيد، قال: وتوفي أسيد بن عبد الرحمن - من أهل الرملة سنة أربع وأربعين ومائة.
أسيد بن ثعلبة الأنصاري: صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد معه بدراً، وشهد صفين مع عليّ رضي الله عنه.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري في كتابه إلينا من مكة شرفها الله قال: أخبرنا الحفظ أبو محمد عبد الله الاشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر نب عبد البر النمري قال:أسيد بن ثعلبة الأنصاري، شهد بدراص، وشهد صفين مع عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
أسيد بن مالك أبو عمرة الأنصاري: وقيل أسيد بن عمرو بن محصن بن عمرو الأنصاري، وقيل أسير، وقيل يسير بن عمرو بن محصن، وقيل ثعبة بن عمرو بن محصن، وقيل بشر، وقيل بشير، وقيل عمرو بن محصن، من بني مازن بن النجار، وهو معروف بأبي عمرة الأنصاري، ووقع الإختلاف 213 - ظ في أسمه، شهد مع عليّ رضي الله عنه صفين، وقتل بها.
وذكر الحافظ أبو موسى محمد بن أبي بكر الحازمي قال: أسيد بن عمرو ابن محصن بن عمرو، أبو عمرة الأنصاري رضي الله عنه من بني عمرو بن مبذول ثم من بني النجار، شهد بدراًمن أهل المدينة، اختلف في اسمه، وقيل بشر، وقيل ثعلبة، ذكروه في غير باب الألف، إلا أن من طلبه في كتبهم في باب الألف لم يره، وعسى أن لا يعرف أنه مختلف في اسمه.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: اخبرنا محمد بن أبي زيد قال: أخبرنا محمود الصرفي قال: أخبرنا ابن فاذشاه قال: أخبرنا الطبراني قال: أسير بن مالك، أبو عمرة الأنصاري ويقال يسير بن عمرو بن محصن، ويقال ثعلبة بن عمرو بن محصن، ويقال عمرو بن محصن، من بني مازن بن النجار، ويقال أن أبا عمرة أعطى علياً رضي الله عنه يوم صفين مائة ألف درهم أعانه بها يوم الجمل، وقتل بصفين، وقال الطبراني: حدثنا محمد بن عليّ بن المديني قال: حدثنا إبراهيم الجوهري عن الواقدي قال: وفيها توفي أبو عمرة المازني - سنة سبع وثمانين.
ذكر من اسمه أشجع
أشجع بن عمرو: أبو عمرو، وقيل أبو الوليد السلمي اليماني، وقيل الرفي، ثم البصري الشاعر، شاعر مشهور مذكور، من ولد الشريد بن مطرود، قيل انه ولد باليمامة ونشأ بالبصرة، وقيل هو من أهل الرقة،وقدم البصرة، مدح الرشيد بالرقة، وغزا معه بلاد الروم، ومدح البرامكة واختص بجعفر وخرج معه إلى دمشق حين ندبه الرشيد للإصلاح بين أهلها، وقد اجتاز بحلب مع الرشيد، وجعفر، حكى عن أمير المؤمنين محمد بن عبد الله المهدي، وأبي العتاهية، وبشار بن برد، وسنان بن يرحم، روى عنه عليّ بن عثمان، وسعيد بن سلم الباهلي، وأحمد ابن سيار الجرجاني الشاعر، وأسد بن جديلة السلمي، وأبو دعامة، وكان مجيداً في جميع أصناف الشعر 214 - و.
قرأت بخط المحسن بن عبد الله بن مبهروذ: أشجع بن عمرو السلمي، يكنى أبا الوليد وأخوه أحمد بن عمرو، وهما شاعران مجيدان، مدح الرشيد والبرامكة، ولأشجع في كل صنف من أصناف الشعر قول كثير.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز: قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت قال: أشجع بن عمرو، أبو الوليد، وقيل أبو عمرو السلمي الشاعر، من أهل الرقة، قدم البصرة فتأدب بها، ثم ورد بغداد فنزلها، واتصل بالبرامكة، وغلب من بينهم على جعفر بن يحيى، فحباه، واصطفاه، وابره، وأدناه، وكان أشجع حلواً ظريفاً، سائر الشعر، وله كلام جزل، ومدح رصين، فمدح جعفراً بقصائد كثيرة، ووصله بهرون الرشيد، فمدحه وهو بالرقة بقصيدة تمكنت بها حالة عند الرشيد، وأولها:
قصر عليه تحية وسلام ... نشرت عليه جمالها الأيام
ويقال إنه لما أنشده هذه القصيدة أعطاه هرون مائة ألف درهم.

أنبأنا أبو والبركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن الحسن الحافظ قال: أشجع بن عمرو، أبو الوليد، وقيل أبو عمرو السلمي، شاعر من ولد الشريد بن مطرود، مشهور، ولد باليمامة، ونشأ بالبصرة وتأدب بها، وقال الشعر. ثم قصد الرشيد بالرقة وأمتدحه، ومدح البرامكة، وأختص بجعفر بن يحيى، وخرج معه إلى دمشق حين ندبه الرشيد للاصلاح بين أهلها، حكى 214 - ظ عن المهدي وسنان بن يرحم، روى عنه أسد بن جديلة السلمي، وأحمد بن سيار الجرجاني الشاعر، وسعيد بن سلم الباهي، وعلي بن عثمان، وأبو دعامة.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن رزيق قال: أخبرنا أحمد بن عليّ قال: أخبرني القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم الطبري قال: حدثني عليّ بن محمد بن أبي عمرو البكري - من بكر وائل - قال: حدثني عليّ بن عثمان قال: حدثني أشجع السلمي قال: أدن لنا المهدي والشعراء في الدخول عليه، فدخلنا، فأمره بالجلوس فاتفق أن جلي إلى جنبي بشار، وسكت المهدي، وسكت الناس فسمع بشار حساً، فقال لي: يا أشجع ما هذا؟ فقلت: أحسب سيفعل، قال: فأمره المهدي أن ينشد فأنشد: إلا مالسيدتي مالها ......
قال: فنخنسني بمرفقه فقال: ويحك رأيت أجسر من هذان ينشد مثل هذا الشعر في هذا الموضع؟!
أتته الخلافة منقادة ... إليه تجرد أذيالها
فلم تك تصلح إلا له ... ولم يك يصلح إلا لها
ولو رامها أحد غيره ... لزلزت الأرض زلزالها
ولو لم تطعه بنات النفوس ... لما قبل الله أعمالها
قال: فقال بشار: أنظر ويحك يا أشجع هل طار الخليفة عن فرشه؟ قال: لا والله ما 215 - و انصرف أحد من ذلك المجلس بجائزة غير أبي العتاهية.
قرأت في بعض ما علقته من الفوائد: قال أشجع بن عمرو السلمي: شخصت من البصرة إلى الرقة فوجدت الرشيد غازيا، ونالتني خلة، فخرجت حتى لقيته منصرفاً من الغزو، وكنت قد أتصلت ببعض أهل داره، فصاح صائح ببابه: من كان ها هنا من الشعراء فليحضر يوم الخميس، فحضر سبة وأنا ثامنهم، فأمرنا بالبكور في يوم الجمعة، فبكرنا فأدخلنا، وقدم واحد، واحد منا ننشد على السنان وكنت أحدث القوم سناً، وأرثهم حالا، فلما بلغ إلي حتى كادت الصلاة أن تجب، فقدمت والرشيد جالس على كرسي، وأصحاب الأعمدة بين يديه سماطان، فقال لي: أنشد، فخففت أن أبتدئ من أول قصيدتي بالتشبيب فتجب الصلاة، وبفوتني ما أردت، فتركت التشبيب، وأنشدته من موضع المديح في قصيدتي التي أولها:
تذكر عهد البيض وهو لها ترب ... وأيام تصبي الغانيات ولا تصبو
فابتدأت قولي في المديح:
إلى ملك يستغرق المال جوده ... مكارمه ثرو معروفه سكب
وما زال هرون الرضا ابن محمد ... له من مياه النصر مشربها العذب
متى تبلغ العيس المراسيل بابه ... بنا فهناك الشمل والمنزل والرحب
لقد جمعت فيك الظنون ولم يكن ... بغيرك ظن يستريح له قلب
جمعت ذوي الأهواء حتى كأنهمعلى منهج بعد افتراقهم ركب 215 ظ
بثثت على العداء أبناء دربة ... فلم يقهم منهم حصون ولا درب
وما ترميهم بهم متفرداً ... أينساك حزم الرأي والصارم العضب
جهدت ولم أبلغ علاك بمدحة ... وليس على من كان مجتهداً عتب
فضحك الرشيد، وقال: خفت أن يفوت وقت الصلاة فينقطع المديح عليك، فابتدأت به وتركت التشبيب، وأمرني أن أنشده التشبيب، فأنشدته إياه، فأمر لكل واحد من الشعراء بعشرة آلاف درهم، وأمر لي بضعفها.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله - إذنا - قال: أخبرنا أبو الفرج بن كليب قال: أخبرنا أبو عليّ محمد بن سعيد بن نبهان قال: أخبرنا أبو عليّ بن شاذان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم المقرىء قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن ثعلب قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا أحمد بن سيار الجرجاني، وكان شاعرا، رواية، مداحاً ليزيد بن مزيد قال: دخلت أنا وأبو محمد التيمي، وأشجع بن عمرو، ولبن رزين الخزاعي على الرشيد بالقصر الأبيض بالرقة، وكان قد ضرب أعناق قوم في تلك الساعة، فتخللنا الدم حتى وصلنا غليه، فتقدم التميمي فأنشده أرجوزة يذكر فيها نقفور وورقعه الرشيد بالروم فنثر عليه الدر من جودة شعره، وأنشده أشجع:
قصر عليه تحية وسلام ... ألقت عليه جمالها الأيام
قصر سقوف المزن دون سقوفهفيه لإعلام الهدى أعلام 216 و
يثني على أيامك الإسلام ... والشاهدان: الحل والإحرام
وعلى عدوك يا بن عم محمد ... رصدان: ضوء الصبح والإظلام
فإذا تنبه رعته وإذا هدا ... سلت عليه سيوفك الأحلام القصيدة:
قال: وأنشدته:
زمن بأعلى الرقتين قصير 000000
يقول فيها:
لا تبعد الأيام إذ ورق الصبى ... خضل وإذا غصن الشباب نضير
قال: فأعجب بها، وبعث إليّ الفضل بن الربيع ليلاً فقال: إني أشتهي أن أنشد قصيدتك الجواري فابعث بها الي، فبعثت بها إليه.
قال أبو العباس: وركب الرشيد يوماً في قبة، وسعيد بن سلم عديله، فدعا محمداً الراوية - يعرف بالبيذق لقصره، وكان إنشاده أشد طربا من الغناء - فقال الرشيد: الشعر في ربيعة سائر اليوم، فقال له سعيد بن سلم: يا أمير المؤمنين استنشده قصيدة اشجع التي مدحك بها، فقال: الشعر في ربيعة سائر اليوم، فلم يزل به سعيد حتى استنشده فأنشد، فلما بلغ قوله:
وعلى عدوك يا بن عم محمد ... رصدان: ضوء الصبح والإظلام
فإذا تنبه رعته وإذا هدا ... سلت عليه سيوفك الأحلام
فقال له سعيد: والله لو خرس يا أمير المؤمنين بعد هذين البيتين كان أشعر الناس.
ذكر أبو الفرج عليّ بن الحسين الأصبهاني الكاتب في عتاب الأغاني 216 - ظ قال: أخبرني عليّ بن صالح قال: حدثني أحمد بن أبي فنن قال: حدثني داود بن مهلهل قال: لما خرج جعفر بن يحيى ليصلح أمر الشام، فنزل في مضربه، وأمر باطعام الناس، فقام أشجع فأنشده:
فئتان طاغية وباغية ... جلت أمورهما عن الخطب
قد جاءكم بالخيل شازبة ... ينقلن نحوكم رحا الحرب
لم يبق إلا أن تدور بكم ... قد قام هاديها على القطب
أخبرنا زين الأمناء، أبو البركات الحسن بن محمد كتابة قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن قال: أنبأنا أبو القاسم عليّ بن إبراهيم، وأبو الوحش سبيع بن المسلم عن أبي الحسن رشاء بن نظيف - ونقلته من خط رشاء - قال: حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد الفرضي قال: حدثنا أبو بكر محمد ابن يحيى الصولي قال: من أجمع ما في هذا المعنى وأحسنه ما قاله أشجع السلمي لعثمان بن نهيك، حدثني به يحيى بن البحتري عن أبيه، في خبر لأبيه مع الفتح:
كم تغضبت بالجهالة مني ... بعد ملك الرضا على عثمان
ملك ناعم الخليقة يطري ... ه بكل المديح كل لسان
وإذا جئته يبين لك الاك ... رام منه في أوجه الغلمان
فا متحنت الأنام جهدي حتى ... ردني صاغراً إليه امتحاني
وأراني زماني الغض من جد ... واه أرعى السرور خير زمان
217 - و
فتلقى بالفضل شيء فعلي ... وذنوبي بالعفو والاحسان
قال رشاء: وحدثنا أبو الفتح إبراهيم بن عليّ بن سيبخت البغدادي قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أحمد بن الحارث قال: حدثنا مساور بن لاحق - وكان أحد الكتاب الذاق قال: اعتل يحيى بن خالد، فدخل عليه أشجع السلمي فأنشده:
لقد قرعت شكاة أبي علي ... صفاة معاشر كانوا صحاحا
فإن يدفع لنا الرحمن عنه ... صروف الدهر والأجل المتاحا

فقد أمسى صلاح أبي علي ... لأهل الأرض كلهم صلاحا
إذا ما الموت أخطأه فلسنا ... نبالي الموت حيث عدا وراحا
قال: وحدثنا الصولي قال: حدثني الحسين بن فهم عن أبيه قال: كتب أشجع ابن عمرو السلمي إلى الرشيد في يوم عيد:
لا زلت تنشر أعياداً وتطويها ... تمضي بها لك أيام وتبنيها
مستقبلاً جدة الدنيا وبهجتها ... أيامها لك نظم في لياليها
والعيد والعيد والأيام بينهما ... موصولة لك لا تفنى وتفنيها
ولا تقضت بك الدنيا ولا برحت ... تطوي لك الدهر أيام وتطويها
وقال رشاء: حدثنا أبو الحسن عبد الرحمن بن أحمد بن معاذ قال: حدثني أبو عبد الله محمود بن عليّ القزويني قال: حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن عبد الله لأشجع بن عمرو السلمي: 217 - ظ.
هي الشمس التي تطل ... ع بين الثغر والعقد
كأن الشمس طل ... عت في ثوبها الوردي
بياض الغرة البيضا ... ء تحت الشعر الجعد
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد البغدادي المؤدب - فيما أجازه لنا - قال: أخبرنا أبو السعود أحمد بن عليّ بن محمد بن المجلي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: حدثنا أبو الحسين بن المهتدي قال: أخبرنا الشريف أبو الفضل محمد بن الحسن بن محمد بن الفضل بن المأمون قال: حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري قال: قرأت على أبي لأشجع بن عمرو السلمي يمدح جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي:
أتصبر يا قلب أم تجزع ... فإن الديار غداً بلقع
غداً يتفرق أهل الهوى ... ويكثر باك ومسترجع
وتختلف الدار بالظاعنين ... فنوناً تشت ولا تجمع
وتفنى الطلول ويبقى الهوى ... ويصنع ذو الشوق ما يصنع
فها أنت تبكي وهم جيرة ... فكيف تكون إذا ودعوا
وراحت بهم أو غدت أينق ... تخب على الأين أو توضع
أيطمح بالعيش بعد الفراق ... محب لعمرك ما يطمع
هنالك يقطع من يشتهي ال ... وصال ويوصل من يقطع
لعمري لقد قلت يوم الفراق ... فأسمعت صوتك من يسمع
فما عرجوا حين ناديتهموقد قتلوك وما ودعوا 218 و
فإن تصبح الدار عريانةً ... تهب بها الشمأل الزعزع
فقد كان ساكنها ناعما ... له محضر وله مربع
ومغترب ينقضي ليله ... فنوناً ومقتله تهمع
يؤرقه ما به في الفؤاد ... فما يستقر به مضطجع
إلا إن بالغور لي حاجةً ... تؤرق عيني فما أهجع
إذا الليل ألبسني ثوبه ... تقلب فيه فتىً موجع
يجاذ به بالحجاز الهوى ... إذا أشتملت فوقه الأضلع
ولا يستطيع الفتى سترةً ... إذا جعلت عينه تدمع
لقد زادني طرباً بالعراق ... بوارق غورية تلمع
إذا قلت قد هدأت عارضت ... بأبيض ذي رونق يسطع
ودوية بين أقطارها ... مفاوز أرضين لا تقطع
يضل القطا بين أرجائها ... إذا ما سرى الفتى المصقع
تخطيتها فوق عيرانةٍ ... من الريح في مرها أسرع
إلى جعفر نزعت همتي ... فأي فتىً نحوه تنزع!
إذا وضعت رجلها عنده ... تضمنها البلد الممرع
وما لامرئ دونه مطلب ... ولا لامرىء دونه مقنع
رأيت الملوك تغض الجفونإذا ما بدى الملك الأتلع 218 ظ
يفوت الرجال بحسن القوام ... ويقصر عن شأوه المسرع
إذا رفعت كفه معشراً ... أبى الفضل والعز أن يوضعوا
فما يرفع الناس من حطه ... ولا يضع الناس من يرفع
يريد الملوك مدى جعفر ... وهم يجمعون ولا يجمع
وكيف ينالون غاياته ... وما يصنعون كما يصنع

وليس بأوسعهم في ال ... غنى ولكن معروفه أوسع
هو الملك المرتجى للتي ... تضيق بأمثالها الأذرع
يلوذ الملوك بأركانه ... إذا نابها الحدث المفزع
بديهته مثل تفكيره ... إذا رمته فهو مستجمع
إذا هم بالأمر لم يثنه ... هجوع ولا شادن أفرع
فللجود في كفه مطلب ... وللسر في صدره موضع
شديد العقاب على عفوه ... إذا السيف ضمنه الأخدع
وكم قائل إذ رأى همتي ... وما في فضول الغنى أصنع
غداً في ضلال ندى جعفر ... يجر ثياب الغنى أشجع
كأن أبا الفضل بدر الدجى ... لعشر خلت بعدها أريع
لفرقته أكتأبت بابل ... وأشرق إذ أمه المطلع
فقل لخراسان تغشي الطريقفقد جاءها الحكم المقنع 219 و
ولا يركب الميل منها امرؤ ... فيصرف عن غب ما يصنع
فقد حببت بابن يحيى البلاد ... وكل إلى ملكه أنزع
الأشتر بن حارث: واسمه مالك بن الحارث بن عبد يغوث بن مسلمة بن ربيعة بن الحارث بن جزيمة النخعي، والأشتر لقب غلب على اسمه، شهد صفين مع عليّ رضي الله عنه، وكان شهد فتح حلب، وقنسرين مع أبي عبيدة بن الجراح، ودخل الدرب غازياً إذا ذاك، وقيل أنه أول من دخله، وسنذكر ترجمته إن شاء الله تعالى في حرف الميم فيمن أسمه مالك.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي عن أبي محمد بن عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال: الأشتر بن مالك بن الحارث بن عبد يغوث بن مسلمة بن ربيعة بن الحارث بن جذيمة النخعي، فارس، شاعر، صحب علياً رضي الله عنه، وروى عنه وعن خالد بن الوليد، روى عنه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وأبو حسان الأعرج.
الأشرف بن الأعز بن هاشم بن القاسم: ابن محمد بن سعد الله بن أحمد الأزرق بن محمد بن عبيد الله بن محمد الأدرع ابن الأمير عبيد الله بن عبد الله بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب، أبو هاشم، وقيل أبو الأعز، وقيل أبو العز، الحسني الرملي النسابة، المعروف بتاج العلى، وابن النافلة، وقيل في نسبه: أبو الأعز، الأشرف بن الأعز بن هاشم بن القاسم بن أبي الفضل أحمد بن أبي البركات سعد الله بن أبي طالب الأزرق بن أبي جعفر الأدرع بن الأمير عبيد الله بن 219 - ظ عبد الله بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب. ذكر العماد أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني أنه ذكر له نسبه هكذا.
حدثنا عن أبي القاسم بن فضلان الطرطوسي، وسمع أسامة بن مرشد المنقذي، وكان يدعي أنه سمع مسند الترمذي من الكروخي، وسمعته يقول أنه سمع من أبي محمد الحريري المقامة الكرجية من إنشائه.
روى عنه: أبو عبد الله الحسين بن أبي المكارم أحمد بن الحسين بن بهرام القزويني، والد شيخنا أبي المجد محمد، والعماد أبو عبد الله عبد الله محمد بن محمد الكاتب، وسمعته يعظ في مجالس الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب بحلب، وسمعت شيئاً من شعره من لفظه غير مرة، وكان شيخنا مسنا، فاضلا، فصيحا، عارفاً بالتواريخ وأيام العرب، حسن المذاكرة، جيد الشعر، عالما بالأنساب، قدم حلب في جمادى الآخرة سنة ستمائة، فأكرمه الملك الظاهر، ونفق عليه، وأجرى له معلوما يكفيه، واستكتب ولده الأكبر المعروف بشرف العلى في ديوان الإنشاء، وكان أصله من الكوفة، وانتقل بعض سلفه إلى الرملة.

وكان يذكر أن مولده في شهر ربيع الثاني سنة سبع وتسعين وأربعمائة، وأظنني سمعته يذكر ذلك. وأخبرني ولده شرف العلى هاشم بن الأشرف أن مولد أبيه في هذا التاريخ، وكان كثير من الناس يكذبونه في زعمه ذلك، فإنه كان يدعي أن عمره مائة وثلاثة عشر سنة، وكان غير مأمون على ما ينقله، كثير الكذب فيما يخبر به، وشاهدت نسخته من مسند الترمذي 220 - و وقد بيعت بعد موته، وهي بخط بعض المغاربة وفي آخرها تسميع يتضمن سماعه للكتاب على الكروخي، ذكر كاتبه أنه بخط الكروخي، وهو مزور بغير شك، فإنه ذكر تاريخ التسميع، وتصفحت الأجزاء من النسخة، فرأيت تاريخ كتابة النسخة قد كشط في مواضع عدة وأصلح، وظهر لي في النسخة أنها كتبت بعد تاريخ طبقة السماع - التي شاهدتها، وعزاها أنها بخط الكروخي - بمدة وغطى فضائله التي جمعها بما كان يستعمله من الكذب.
أخبرنا الشيخ أبو المجد محمد بن الحسين بن أحمد القزويني - إذنا، وناولني الجزء بخطه، ونقلت الحديث منه، وسمعت منه بعضه - قال: أخبرنا والدي وسيدي الإمام أبو عبد الله الحسين بن القاضي الإمام زين الدين أبي المكارم أحمد بن الحسين بن بهران القزويني في شوال سنة إحدى وثمانين وخمسمائة قال: حدثني الأمير السيد تاج العلى الأشرف بن الأعز بن هاشم الطالبي النسابة بميافارقين في ربيع الأول سنة سبع وسبعين وخمسمائة قال: حدثنا الإمام الصدوق أبو القاسم بن فضلان الطرسوسي الكناني بمكة حرسها الله سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة قال: أخبرنا نقيب النقباء أبو القاسم عليّ بن طراد الزينبي رحمة الله عليه قال: حدثنا والدي السيد الأجل الكامل طراد بن محمد بن عليّ الزينبي - إملاء من لفظه - قال: أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد بن أحمد بن حسنون النرسي الشيخ الصالح قال: حدثنا محمد بن عمرو البختري الرزاز 220 - ظ إملاء قال: حدثنا يحيى بن جعفر قال: حدثنا هاشم بن القاسم أبو النضر قال: حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " آتي يوم القيامة باب الجنة فأستفتح، فيقول لي الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد فيقول بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك " .
ظفرت بكتاب كتبه مؤيد الدولة أسامة بن مرشد بن عليّ بن منقذ الكناني إلى أخيه أبي المغيث منقذ بن مرشد على يد تاج العلى إلى آمد، دفعه إلي القاضي بهاء الدين أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن الخشاب يتضمن التنبيه على فضل تاج العلى وذكر مناقبه، فنقلت من خط أسامة في أثناء الكتاب: ينهي عبدك أنه اجتمع بالأمير السيد الأجل الأوحد، العالم علاء الدين أبي العز، الأشرف بن الأعز الحسني، أدام الله علوه، فرأى آذي بحر لجميع العلوم، زاخر، مضاف إلى النسب الشريف الفاخر جليسه منه بين روضة وغدير، وأدب بارع، وفضل غزير، قد أحتوى على فنون الأدب، وأحكم معرفة السير والنسب، وما أصف لك يا مولاي فضله غير أنني والله ما رأيت مثله، وما أنت يا مولاي - جعلت فداءك - ممن ينبه على فضيلة، ولا يحث على مكرمته، فاصرف همتك إلى ما تلقاه به من الاكرام والتبجيل لفضل علمه الغزير، وشرفه الأصيل.
نقلت من خط العماد أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني في كتاب السيل والذيل الذي ذيل به على خريدة القصر 221 - و وأجاز لنا ذلك عنه جماعة منهم: أبو الحسن محمد بن أبي جعفر القرطبي قال: الشريف شرف الدين، الأشرف ابن الأعز بن هاشم الحسني الرملي، المعروف بالناقلة، النسابة، المقيم بحصن كيفا، مولده بحمران بين مكة والمدينة، وقد سافر إلى بلاد المغرب والمشرق، والأندلس وصقلية، ومصر وأذربيجان وغيرها، حضر عندي بالخيمة على آمد في خامس المحرم سنة تسع وسبعين وخمسمائة، ورأيته مفوها منطقياً، ورأيته بسيماء الشباب، فسألت عن سنه، فقال: أربيت على الخمسين.
فهذا يدل على أن مولده كان في حدود الثلاثين قبلها، وقد كان العماد يظن أن سنة أصغر ممن ادعاه، وتدرج بعد ذلك إلى أن أدعى أن مولده سنة سبع وتسعين وأربعمائة، وآفة الكذب والنسيان.

حدثني شيخنا عز الدين عليّ بن محمد بن محمد بن الأثير قال: حدثني أخي مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد الشيباني قال: كنت يوماً جالساً بالموصل مع حمزة مضر العلوي وقد مر علينا تاج العلى وهو شاب، وابن مضر شيخ أنقى، فقال: أنظر إلى هذا الفاعل الصانع، والله الذي لا إله إلا الله هو، أعرفه وأنا صبي لم ينبت وجهي، وصورته كما تراه، وها هو على تلك الحالة وأنا أنقى.
وسمعت شيخنا ابن الأثير المذكور يقال لي: وعنده ذو النسبين المعروف بابن دحية، فالتفت أخي إلى تاج العلى فقال له: هذا السيد ذو النسبين ابن دحية والحسين 221 - ظ فقال: أسمعني فإني قليل السمع، فقال له: هو ينتسب إلى دحية، فقال: حاشى هذا السيد أن ينتسب إلى دحية الكلبي ودحية لم يعقب، فإن النسابين كلهم قالوا إن دحية كان له عقب، وأمتد عقبه ما بعد الثلاثمائة، ثم أنقطع فلم يبق منهم أحد على وجه الأرض، فقال له ابن دحية:تكذب ياشيخ السوء، فقال له من غير اكتراث ولا إنزعاج، على تؤدة من القول، من غير غضب: لا تسفه، أنا لا أقول هذا من تلقاء نفسي، وإنما أنقله عن الناس، فان فلانا قد ذكر ذلك، وذكره فلان، وفلان، فاحتد ابن دحية، وسبه، وهو لا يرد عيه، ويكلمه كلام عاقل ثابت من غير اكتراث بقوله، ثم قال له في أثناء كلامه: وأي فخر في الانتماء إلى هذا النسب، فان دحية لم يتميز على الصحابة إلا بالجمال، فهلا انتسب إلى أبي بكر، أو عمر، أو عثمان، أو علي، أو غيرهم من كبار الصحابة، ثم أورد تاج العلي حكاية، فقال ابن دحية: أنا والله أحفظها خيراً منك، فقال: أنا ما أوردت الحكاية وادعيت أن أحدا لا يحفظها، فهل لحنت فيها؟ قال: لا، قال: فهل زدت فيها؟ قال: لا، قال: فهل نقصت منها؟قال: لا،قال: فأي حفظ هو خير من هذا؟! وسمعت شيخنا عز الدين يقول لي، فيما يحكيه عن تاج العلى، لما قدم تاج العلى إلى الموصل لم يوفه أولاد النقيب بنو عبيد الله حقه من الكرامة، وجرى له معهم أمر أوجب أن لبس ثوباً أزرق، وعمامة صغيرة وكحل عينيه، وقص شاربه 222 - و وانتمى إلى مذهب الحنابلة، وجعل يجلس في مجالس الوعظ، ويذكر مناقب بني أمية، ويغض من الطالبين، فشق ذلك على أولاد النقيب، ولم يقدروا على مقابلته، وعظم أمره، وانتمى إليه خلق من أهل السنة، ثم رحل من الموصل، وفي قلوبهم منه شيء عظيم، ثم عاد إليها، ودخل على أخي مجد الدين، وأقام أياماً، وعزم على الرحيل، فقال له أخي إن أتابك صاحب الموصل على شرف الموت، وستحضر عزيته، فاصبر حتى تعظ في عزيته، فقال: مبارك إن شاء الله، فقال له: هل أن أصلح بينك وبين أولاد النقيب، ويرضخوا لك بشيء،فأعجبه ذلك وأجاب إليه، قال:فاجتمع أحي بأولاد النقيب وقال لهم إن تاج العلى قد قدم، فهل لكم في مصالحته؟ فقالوا: نعم، فقال: ولابد أن يصل إليه منكم شيء، فقالوا: أي شيء رسمته فعلناه، قال: فأصلح بينهم، وجلس مجلساً ذكر فيه مناقبهم وفضائلهم، فلما انفصل المجلس أرسل كل منهم إليه بشيء من الثياب، والذهب، وغير ذلك. قال: ومات أتابك صاحب الموصل، فجلس في عزيته وتكلم، وحصل له شيء، وسافر عن الموصل، وحصل في آمد، وجرى بينه وبين ضياء الدين ابن شيخ السلامية وزير صاحبها، وكان مكنياً عنده خماشة، فنال من ضياء الدين، وتسمح في عرضه، فأخذه ضياء الدين وأركبه حماراً وضربه في أسواق آمد مشهوراً، فكان كلما جاء إلى مكان من الأسواق قال لمن حوله: اصبروا بارك الله فيكم، ثم يقول: يا أهل آمد أتدرون لم فعل بي ابن شيخ 222 - ظ السلامية هذا، إنما فعل ذلك لأنني نهيته عن الانتماء إلى نسبة الملعون، فإنه من أولاد الشمر قاتل الحسين عليه السلام، ولعن الله قاتله، العنوا الشمر وأولاده، قال: فضج أهل البلد باللعنة على الشمر وعلى من أولد، ففعل ذلك في كل محلة وسوق يمرون به فيه، قال: فحصل لابن شيخ السلامية من التأذي والشهرة أكثر مما حصل له، ثم حبسه فلم يزل في الحبس حتى سير الملك الظاهر غازي رحمه اله من حلب رسولاً إلى صاحب آمد وشفع فيه، واستخرجه من السجن، وأحضره إلى حلب المحروسة.

أخبرنا القاضي عز الدين أبو عليّ الحسن بن محمد القيلوي قال: لما حبس تاج العلى بآمد كلم الوزير نظام الدين محمد بن الحسين الملك الظاهر في أمره، وأشار عليه أن يرسل رسولاً إلى صاحب آمد بشفاعة من عنده في تاج العلى، فأجابه الملك الظاهر إلى ذلك، وسير الشريف أبا محمد العلوي الحلبي إلى صاحب آمد رسولا، فشفع فيه وأخرجه من السجن.
قال القيلوي: فحكى لي الشريف أبو محمد قال: لما سرت من حلب ووصلت إلى آمد تنكرت ولبست غير زيي، ودخلت آمد وسألت عن السجن الذي فيه تاج العلى، وكان في برج من أبرجة آمد، فدللت عليه، فجئت إليه واجتمعت بهن ثم عدت إلى مكاني الذي نزلت فيه خارج البلد، ولبست ثيابي، وأخذت غلماني، ودخلت آمد، فاستحضرني صاحبها، فأديت إليه رسالة الملك الظاهر وما قاله من الشفاعة فيه، فقال 223 - ز لي صاحب آمد: مالي به علم منذ سجنه ضياء الدين ابن شيخ السلامية، فقلت له: الساعة كنت عنده، وهو محبوس بالمكان الفلاني، وما زلت به حتى أخرجه من السجن وسلمه إلي، فأخذته وجئت به إلى حلب.
حضرت مجلس الملك الظاهر رحمه الله مراراً، وأنشده تاج العلى لنفسه قصائد من شعره يمدحه فيها، وسمعتها من لفظه في تلك المجالس، وكان ينشد عنه في الأحيان ولده زيد لأنه أضر في آخر عمره، فمما سمعته من لفظه ينشد السلطان الملك الظاهر رحمه الله قصيدة رثى بها أخاه الملك الأشرف محمد بن الملك الناصر يوسف ابن أيوب رحمهم الله، وكان قد اقترح عليه هذا الروي، وما أودع القصيدة من ذكر الكوائن، والقصيدة:
داء المنية ما له من آس ... عقد اليقين حباهم بالياس
راجع نهاك فأنت أهدى ... والتفت نظراً إلى الآثار والأرماس
تالله ما الدنيا بدار إقامة ... لمسرف أو ذاكر أو ناس
هي ما رأيت وما سمعت وهل ... ترى إلا معالم أربعٍ أدراس
ومعاهداً كانت حمى فتنكرت ... بعد الأنيس وبهجة الإيناس
شربوا على العلات كأسا فرقت ... جمع الفريق فيا لها من كاس
أو ماهي الدنيا وحاصلها المنى ... والمستفاد مصائد الأنفاس
يا بوس ما صنعت بسادة معشرٍ ... غر الأسرة قادةٍ أشواس
223 - ظ
بسط الآكف على انقباض زمانهم ... وضح المكارم غير ما أجباس
عرضت لهم ختلاً بهيئة مومسٍ ... لبست ملابسها على ألباس
حتى إذا لانت لهم وتلونت ... ورأت تفحُّج غير ذات شماس
وسقت لهم وهي النوار بمريها ... فمروا حواسكها على استيناس
زبنتهم فهووا وكم زبنت ... وما ألوت على مسح ولا إبساس
عطفت على الجعدي عطفه ثائر ... فقرته بالآنياب والأضراس
لم ينجه منها النجاء وما اجتنى ... لفراره من سبق والأفراس
قد كان يفترس الأسود فمزعت ... أشلاءه بالمخلب الفراس
سل بالفوارس من ذؤابة هاشم ... حلب العلى والقصر من بطياس
وسل الليالي عن مدى العرب الأولى ... حطموا الصليب بجانبي بغراس
عقدوا بأمراس الآماني سعيهم ... ومناهم حلت عرى الأمراس
ضربت لك المثل القريب وإنما ... ضرب الآلى الأمثال للأكياس
وأرتك أمس قصور مصر وملكها ... متوالي الأعياد والأعراس
تتلو مواكبه مواكب سادر ... في اللهو بين المقس والمقياس
حتى إذا بلغ المدى وتتابعت ... إحنُ الخلاف على هوى السواس
طلعت عليه بواصبٍ مستأصل ... أصل الجميع وحاصب رجاس
فهوت مراتبه وشتت شمله ... وخلت مجالسه من الجلاس
224 - و
ما شئت من غير وحسبك ما ترى بعد المشيب بغضك المياس
من يعر عن ثوب السباب ومن ... يعش كلأ ومن يحجب عن الأناس
تقصر خطاه فما يجيء بطائل ... أين المناسم من سمو اراس

من جاوز الستين أغلق رهنه ... وأتت عليه هواجس الوسواس
من صاحب الآيام مصَّت عوده ... وحسا حشاشته الرغيب الحاسي
أعسوت بعد هنيدة وإلى متى ... آن انتقالك أبهذا العاسي
ماذا طوت منك الليالي من أخي ... ثقةٍ عديم الروع والايحاس
ريان من ماء المرؤة عازفٍ ... بالطبع عن مستحقب الآدناس
ذي مرة وذكاء مجتمع القوى ... أربى وزاد على ذكاء إياس
يا دهر أين غضارتي ونضارتي ... ومعاشري ومعاشري وأناسي
لا تكذبن هبوب عاصفة الردى ... تأتي على المشكاة والنبراس
يشفي البكاء عليل على قلبك فابكهم ... ما في البكاء عليهم من باس
هي فرقة الأبد التي أخلى بها ... من ألفة الآرام كل كناس
أمحمد إن مت مات محمد خير ... الورى وأبوك خير الناس
ولكافل الأيتام أطول مدةٍ ... تعطيه نافلة الندى والباس
غازي وقل ما شئت في الملك ... الذي هو صبغة جبل الإله الراسي
بالظاهر الملك الغياث زماننا ... خضر يروق نضارة كالآس
224 - ظ
بالطيب المحيي الرجاء لأنه ... من طيب الأعراق والأجناس
عار عن العار الذي وصموا به ... ومن المحامد والمكارم كاس
غرسٌ زكا ونما فنور غصو ... نه وثماره من أكرم الأغراس
يا كافل الأيتام في زمن به ... قلب العقوق على القرابة قاس
أنت المراد لها ورافع طرفها ... عند انتكاس مكايد الأنكاس
بأبيك أرسى الدين في مصر ... على تلك الحوادث ثابت الأساس
أو ما أبوك أغاث دين محمد ... وأعاد مصر إلى بني العباس
واستنقذ البيت المقدس ... رافعاً علم النبوة من يد الأنجاس
وأذل في حطين عز صليبهم ... بالمشرفية والقنا الدعاس
وإليك تلدها يحن وإنما ... تمحو الطريف عواقب الأبلاس
يا منتهى الآمال أنت كلفتني ... فسروت ثوب معرة الإفلاس
ولبست في حلبٍ من العمر الذي ... جددت لي بالبر خير لباس
وغفرت ما جنت النوى وحللت ... عن ظهر المطي معاقد الأحلاس
فلأبقين لك الثناء وإنما ... تتلو الثناء صحائف الأحراس
أنشدني نجيب الدين داود بن أحمد الطيب التاجر، وكتبه لي بخطه قال: أنشدنا تاج العلى الأشرف بن الأعز الرملي لنفسه:
أتعرف رسم الدار من أم سالمبرامة أقوت بعد بيض نواعم 225 و
عهدنا بها الشم الأنوف فبدلت ... عراص رباها بالمها والنعائم
ونحن ندير الكاس صرفاً ونجتني ... جنى ثمرات الوصل من آل فاطم
كأن ليالينا بجرعاء مالكٍ ... وطرف الصبي يقظان أضغاث حالم
ولما رأينا الدار قفراً تبادرت ... دراكاً مدولات الدموع السواجم
على معشرٍ شطت بهم غربة النوى ... نعمنا بهم والشمل عذب المناسم
فواكبدي من لاعج الشوق والهوى ... إلى الرملة الغناء ذات الرواسم
لقد حكم البين المشتت بصرفه ... عليَّ وصرف البين أجور حاكم
وقائلة يابن الأعز اصطبر فقد ... رمتك العدا بالموبقات القواصم
أجدك ما أصبحت إلا أكيلةً ... تروح وتغدو بين لاح ولائم
أنشدني القاضي زين الدين أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قاضي حلب قال: أنشدنا تاج العلى لنفسه، ولا يبعد أنني سمعتها من تاج العلى فيما سمعته من شعره وشذ عن خاطري:
بنو زمانك هذا فاخش نقلهم ... فإنهم كشرار بثه لهب

إن يسعوا الخير يخفوه وإن سمعوا ... شراً أذاعوا وإن لم يسمعوا كذبوا
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب الأصبهاني قال: وأنشدني - يعني الأشرف بن الأعز - لنفسه وصية لولده:
بنيَّ بارك فيك الله من ولدٍ ... نماهُ المخير جدُّ صالحٌ وأبُ
225 - ظ
تعلم العلم وابغ الخير مجتهداً ... فالعلم ينفع مالا ينفع النسب
توفي تاج العلى النسابة بحلب في يوم الأحد سلخ صفر من سنة عشر وستمائة.
ذكر من اسمه أشعث
أشعث بن شعبة أبو أحمد المصيصي البزاز: كوفي الأصل، وسكن المصيصة، وقيل إنه خراساني زل البصرة، ثم خرج إلى المصيصة فسكنها.
وقال ابن الفرضي: إنه بحالف في بعض حديثه.
حدث بالمصيصة، ومصر عن الربيع بن صبيح، وحنش بن الحارث النخعي، وإبراهيم بن أدهم، وأرطأة بن المنذر، ومنصور بن دينار التميمي، وإبراهيم بن محمد الفزاري، وأبي مطيع معاوية بن يحيى، والسري بن يحيى، وعبد الله بن ضرار الملطي، وورقاء...
روى عنه يعقوب بن كعب الحلبي، وإبراهيم بن الحسين الأنطاكي، وأبو صالح الفراء، وسفيان بن محمد بن سفيان المصيصي، ويمان بن سعيد المصيصي، والمسيب بن واضح التلمنسي، وعبيد بن القاسم الرقي، والقاسم بن عبد الرحمن، ومحمد بن عيسى الطباع، والخليل بتن بكير، ومحمد بن سعيد، وعلي بن معبد، وأبو جعفر محمد بن زكريا، وسلمة بن عفان، والحسن بن الربيع، وأحمد بن عمرو بن السرح، وهشام بن الفضل.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعيد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد بن إبراهيم الورداني - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن موسى 226 - و بن مردويه الحافظ قال: حدثنا محمد بن عليّ قال: حدثنا أبو عليّ الحسين بن زيد الهمداني بمكة قال: حدثنا عبيد بن القاسم الرقي قال: حدثنا أشعث بن شعبة بالمصيصة قال: لما قدم هرون الرقة أشرفت أم ولد لهرون من قصر من خشب، فرأت الغبرة قد ارتفعت والمقال قد تقطعت، وانجفل الناس، فقالت: ما هذا؟ قالوا: عالم من خراسان يقال له عبد الله بن المبارك، فقالت: هذا والله الملك، لا ملك هرون الذي لا يحمده الناس إلا بالسوط والخشب.
قرأت بخط أبي محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ في تاريخ أبي سعيد بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي قال في تاريخ الغرباء القادمين على مصر: أشعث بن شعبة، كوفي يكنى أبا أحمد، ويعرف بالمصيصي لسكناه المصيصة، وقال في موضع آخر: يقال إنه من أهل خراسان، نزل البصرة، وخرج إلى الثغر فأقام به قدم إلى مصر سنة إحدى وتسعين ومائة وحدث بها.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان - فيما أذن بنا في روايته عنه - قال: أنبأنا مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل: قال: أشعث بن شعبة المصيصي روى عن أرطأة بن المنذر، وحنش بن الحارث، روى عنه محمد بن عيسى بن الطباع، وأحمد بن عمرو بن السرح، سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك، زاد أبي: وروى عنه المسيب بن واضح، روى هو عنه عن أبي إبراهيم بن أدهم، روى عنه سلمة بن عفان، والحسن بن الربيع، وهشام بنت الفضل صاحب أحمد الدورقي، وزاد أبي: أصله خراساني 226 - ظ سكن الثغر، سئل أبو زرعة عن أشعث بن شعبة الذي روى عن منصور بن دينار، فقال: لينٌ.
أشعث بن عمرو: ويقال ابن عمر، ويقال ابن عثمان، التميمي الحنظلي البصري، قدم دابق وافداً على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه حين استخلف، وحكى عنه، روى عنه عنبس بن بهيس.
أنبأنا زين الأمناء الحسن يبن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو الحسن الفقيه، ح.

وأنبأنا أبو القاسم القاضي عن أبي القاسم القاضي عن أبي الحسن الفقيه قال: أخبرنا أبو القاسم على بن محمد بنابي العلاء - قراءة - ، وأبو الفتح نصر بن إبراهيم الزاهد - لفظاً - قالا: أخبرنا أبو الحسن بن عوف قال: حدثنا محمد بن موسى بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر بن خريم قال: حدثنا حميد بن زنجويه قال: حدثنا يحيى بن يحيى قال: حدثنا عنبس بن بيهس عن رجل من بني تميم يقال له الأشعث ابن عمرو أنه أتى عمر بن عبد العزيز بالشام حين استخلف، قال: فكلمته، قلت: اسقني سقاك الله، قال: أين؟ قلت: بالخرنق، قال: وما الخرنق؟ قلت: غائط بالشحر لا يطأه طريق، قال له: الويل، ما تصنع بغائط لا يطأه طريق؟قلت: أنا رجل صاحب سائمة أريد الفلاة، قال: أثر بالغائط أحد قبلك أثراً؟ قلت: نعم، جفر عبد الله بن عامر بها ركية، قال: كم صوبها؟ قلت خمسون ذراعاً أو خمسون قامة، قال: كم هي ممن البصرة؟ قلت: مسيرة 227 - و ثلاث ليال، فكتب إلى عدي بن أرطأة: أتاني رجل من بني تميم فاستخفرني بالخرنق، وزعم أنها منك مسيرة ثلاث ليال، فإذا أتاك فأحفرة، وأحفر من جاءك من أسود وأبيض واشترط، أظنه قال - الشك من يحيى - : ابن السبيل أول ريان، وأن حريمها طول رشائها.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل ابن خيرون، وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو الغنائم بن النرسي - واللفظ له - قالوا: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني - زاد ابن خيرون، وأبو الحسين الأصبهاني - قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا البخاري قال: أشعث بن عمر التميمي الحبطي البصري، سمع عمر بن عبد العزيز كتب إلى عدي: أن إحفر، وابن السبيل أول ريان، وأن حريمها طول رشائها، قاله لنا قتيبة بن عنبس بن بيهس، وقال لنا موسى بن إسماعيل: حدثنا عنبس سمع أشعث ابن عمرو.
رواه أحمد بن إبراهيم الدورقي عن عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثنا اياس بن بيهس عن أشعث بن عمرو مختصراً وخالفهما في اسم عنبس ووهم في ذلك.
أنبأنا الو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: قرأت بخط عبد الوهاب الميداني في سماعه من أبي سليمان بن زبر عن أبيه: أخبرنا حمدان بن عليّ قال: حدثنا معلى بن أسد قال: حدثنا عنبس بن بيهس قال: زعم الأشعث بن عمرو، رجل من بني تميم، أحد بني حنظلة، سمعته يحدث أنه أتى عمر بن عبد العزيز حين استخلف، فكلمه فذكر نحوها. 227 - ظ.
قال أبو القاسم الحافظ في نسخة: ما شافهني بي أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا عليّ ابن محمد، ح.
قال: وأخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله - إجازة - قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: أشعث بن عثمان التميمي، ويقال أشعث بن عمرو الحبطي، سمع عمر بن عبد العزيز كتب إلى عدي بن أرطأة، روى عنه عنبس بن بيهس سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك، وزاد أبو زرعة. يعدُّ في البصرين، قال: وأخبرنا ابن أبي خيثمة - فيما كتب إليّ - قال: سئل أبي ويحيى بن معين عن أشعث بن عمرو التميمي فقالا: لا نعرفه.
قال أبو القاسم الحافظ: وكذا قالا الحبطي، فالله أعلم. وقال أبو القاسم الحافظ: أشعث بن عمرو، ويقال ابن عمر، ويقال ابن عثمان التميمي الحنظلي البصري، وفد على عمر بن عبد العزيز، وروى عنه قوله، روى عنه عنبس بن بيهس.
أشعث بن قيس بن معدي كرب: ابن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث الأصغر، بن الحارث الأكبر بن معاوية. وقيل معاوية بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية ابن ثور بن مرتع بن ثور، وهو كندي بن عفير. وقيل مرتع بن معاوية بن ثور بن عفير بن عدي بن مرة بن أُدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. أبو محمد الكندي. قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد كندة، وأسلم، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه أحاديث يسيرة.
روى عنه 228 - و عامر الشعبي، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وأبو حازم ومسلم بن هيصم، وعبد الرحمن بن عدي، وقيس بن أبي حازم، وإبراهيم النخعي. وقيل كان اسمه معدي كرب، وكان أبدأ أشعث الرأس، فسمي الأشعث. وأبوه قيس - هو الأشج - بن معدي كرب.

وأم الأشعث كبشة بنت يزيد بن شرحبيل بن يزيد بن امرىء القيس بن عمرو المقصور بن حجر آكل المرار بن عمرو بن معاوية بن الحارث الأكبر بن معاوية ابن ثور. وقيل إن أمه هند بنت الحارث بن عمرو، من بني آكل المرار.
وكان سيداً في كندة في الجاهلية والإسلام، وارتد عن الإسلام بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أسلم في خلافة أبي بكر رضي الله عنه. وزوجه أبو بكر بأخته أم فروة بنت أبي قحافة، وهي أم ابنه محمد بن الأشعث.
وانتجع الأشعث خالد بن الوليد بقنسرين في سبع عشرة، بعد أن غزاها خالد غزوته التي أصاب فيها ما أصاب، فأجازه خالد بعشرة آلاف درهم، وكانت عزل عمر بن الخطاب رضي الله عنه خالداً عن قنسرين.
وقيل أول من قطع الدرب من المسلمين بعد فتح أنطاكية: الأشعث بن قيس، أنفذه أبو عبيدة بن الجراح، فقطع اللكام، وفتح عدة حصون، وعاد إليه.
وشهد فتح العراق مع سعد رضي الله عنه، وشهد اليرموك، وأصيبت عينه يومئذ، وسكن الكوفة، وشهد صفين مع عليّ رضي الله عنه، وجعله على الميمنة، وعلى راية كندة، وشهد معه النهروان.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي - قراءة مني عليه بمنزلة بدمشق 228 - ظ قال أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن إبراهيم بن عيسى الباقلاني قال: حدثنا أبو بكر ابن مالك القطيعي - املاءً - قال: حدثنا أحمد بن محمد بن منصور الحاسب قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح، قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال: قال رسول اله صلى الله عليه وسلم: من حلف عن يمين ليقتطع بها مال امرىء مسلم لقي الله وهو عليه غضبان. وقال الأشعث بن قيس: ففي كان ذلك، كان بيني وبين رجل من اليهود ارض فجحدني، فقدمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: ألك بينة؟ قلت: لا، فقال لليهودي: أتخلف؟ فقلت يا رسول الله إذاً والله يذهب بمالي، فأنزل الله عز وجل: " الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً " .
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن صصرى - قراءة عليه بدمشق - قال: أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي قال: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن محمد بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان ابن القاسم بن أبي قال: أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان قال: حدثنا هلال بن العلاء قال: حدثنا أبي وعبد الله قالا: حدثنا عبد الله عن زيد عن الأعمش عن شقيق بن سلمة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين صبرا ليقتطع بها مال امرىء مسلم لقي الله وهو عليه غضبان، وقد نزل تصديق ذلك في كتاب الله عز وجل. قال: فقرأ هذه الآية: " إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً " 229 - و قال: فمر الأشعث بن قيس فقال: ما حدثكم ابن مسعود؟ قالوا: حدثنا كذا وكذا، قال: صدق والله نزلت هذه الآية فيَّ وفي صاحب لي كان بيني وبينه شيء في أرضي، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فاختصمنا إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهل لك بينة؟ فقلت: لا، فقال لصاحبي: أحلف، فعند ذلك قال هذا.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن عن الزهري قال: قدم الأشعث بن قيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بضعة عشر راكباً من كندة، فدخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم مسجده قد رجلوا جممهم واكتحلوا، عليهم جباب الحبرة قد كفوها بالحرير، وعليهم الديباج ظاهر مخوص بالذهب، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم تسلموا؟ قالوا بلى، قال: فما بال هذا عليكم؟ فألقوه، فلما أرادوا الرجوع إلى بلادهم أجازهم بعشرة أواق، عشرة أواق، وأعطى الأشعث بن قيس اثنتي عشرة، أوقية.

أنبانا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأناطي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن وأبو الفضل بن خيرون قالا: أخبرنا محمد بن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن اسحق قال: أخبرنا أبو حفص الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط 229 - ظ قال: ومن عفير بن عدي بن الحارث ابن مرة بن أدد، ثم من كندة، وهم ولد ثور بن عفير: الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث بن معاوية ابن ثور بن مرتع بن ثور، وهو كندي بن عفير، أمه كبشة بنت يزيد، من ولد الحارث بن عمرو بن معاوية، يكنى أبا محمد، مات في آخر سنة أربعين، يعد قتل عليّ عليه السلام قليلاً.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب عن أبي غالب بن البناء عن أبي أحمد الجوهري قال: أخبرنا عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الرابعة من كندة، وهو كندي، واسمه ثور بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد ابن يشجب بن عريب بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان: الأشعث بن قيس، وهو الأشج، بن معدي بن كرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية ابن ثور بن مرتع بن كندة، وهو ثور بن عفير، وأمه كبشة بنت يزيد بن شرحبيل ابن يزيد بن امرئ القيس بن عمرو المقصور بن حجر بن آكل المرار بن عمرو بن معاوية بن الحارث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة، وإنما سمي كندة لأنه كند أباه النعمة - كفره - وكان اسم الأشعث معدي كرب، وكان أبداً أشعث الرأس، فسمي الأشعثت.
ووفد الأشعث بن قيس على النبي صلى الله عليه وسلم في سبعين رجلاً من كندة، وكل أسم في كندة وفد 230 - و بوفادته إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع الأشعث بن قيس، وقد كتبنا كل من قدرنا عليه منهم - هذا كله في رواية هشام بن محمد السائب الكلبي.
أنبأنا الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عليّ بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أو عمرو مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد ابن يوسف قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمر بن أبان قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: فيمن نزل الكوفة: الأشعث بن قيس الكندي أحد بني الحارث بن معاوية، ويكنى أبا محمد، ابتنى بها داراً، ومات بها، والحسن بن عليّ بن أبي طالب يومئذ بالكوفة حين صالحه، وهو صلى عليه.
وقال عليّ بن الحسن: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عليّ في كتابه، وأخبرني أبو الفضل ناصر عنه قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسين ابن المظفر قال: أخبرنا أبو عليّ أحمد بن عليّ بن الحسن بن شعيب قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن البرقي قال: ومن كندة، واسم كندة ثور بن مرتع بن عفير بن عمرو بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد الهميسع ابن عمرو بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ: الأشعث بن قيس بن عدي كرب ابن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث بن معاوية، ثور بن مرتع، يكنى أوب محمد، وكان أعور أصيبت عينه يوم اليرموك، وتوفي سنة أربعين فبل قتل عليّ بيسير، له أحاديث يسيرة.
كذا قال: قبل قتل علي، والصواب قبل قتل علي، الله أعلم. 230 - ظ أخبرنا أبو البركات إذناً قال: أخبرنا أبو القاسم - قراءة عليه وأنا أسمع - قال قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن البناء عن أبي الحسن محمد بن محمد بن مخلد قال: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمد بن خزفة قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد قال: حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: سمعت أبي يقول: الأشعث بن قيس الكندي أبو محمد.
قال أبو بكر: وهو الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع.

أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج بن عليّ الحصري في كتابه إلينا من مكة قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الأشيري قال: أخبرنا القاضي أبي الوليد بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر النميري قال: الأشعث بن قيس بن معدي كرب ابن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث الأصغر بن الحارث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن ثور بن عفير بن عدي بن مرة بن أدد بن زيد الكندي، وكندة هم ولد ثور بن عفير، يكنى أبا محمد، وأمه كبشة بنت يزيد من ولد الحارث بن عمرو، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشر في وفد كندة، وكان رئيسهم.
قال ابن اسحق عن ابن شهاب قدم الأشعث بن قيس في ستين راكباً من كندة، وذكر خبراً طويلاً فيه ذكر إسلامه وإسلامهم، وقول رسول الله: نحن بنو النصر ابن كنانة، لا نقفو أمنا، ولا ننتفي من أبينا.
كان في الجاهلية رئيساً مطاعاً 231 - و في قومه، وكان في الإسلام وجيهاً في قومه، إلا أنه ممن ارتد عن الإسلام بعد النبي عليه السلام، ثم راجع الإسلام في خلافة أبي بكر الصديق، وأتي به أبو بكر أسيراً.
قال أسلم مولى عمر بن الخطاب: كأني أنظر إلى الأشعث بن قيس وهو في الحديد يكلم أبا بكر، وهو يقول: فعلت وفعلت حتى كان آخر ذلك، سمعت الأشعث يقول: استبقني لحربك، وزوجني أختك، ففعل أبو بكر.
قال أبو عمر رضي الله عنه: أخت أبي بكر الصديق الذي زوجها من الأشعث ابن قيس هي أم فروة بنت أبي قحافة، وهي أم محمد بن الأشعث، فلما أستخلف عمر، خرج الأشعث مع سعد إلى العراق، فشهد القادسية والمدائن وجلولاء ونهاونداً، وأختط بالكوفة داراً في كندة، ونزلها وشهد تحكيم الحكمين، وكان آخر شهود الكتاب. مات سنة اثنتين وأربعين، وقيل سنة أربعين بالكوفة، وصلى عليه الحسن بن علي.
وروي أن الأشعث قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثين راكباً من كندة، فقالوا له: يا رسول الله نحن بنو آكل المرار وأنت ابن آكل المرار، فتبسم رسول الله وقال نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفوا أمنا ولا ننتفي من أبينا. وروى الأشعث أحاديث عن النبي عليه السلام.
روى عنه قيس بن حازم، وأبو وائل الشعبي، وإبراهيم النخعي وعبد الرحمن بن عدي الكندي.
روى سفيان بن عينة عن إسماعيل بن أبي خالد قال: شهدت جنازة فيها جرير والأشعث، فقدم الأشعث جريراً، وقال: إني ارتدت ولم ترتد، وقال الحسن بن عثمان: مات الأشعث الكندي، ويكنى أبا محمد سنة 231 - ظ أربعين بعد مقتل عليّ بأربعين يوماً فيما أخبرني ولده، وقال الهيثم بن عدي: صلى عليه الحسن بن علي.
أخبرنا أبو عليّ حسن بن أحمد بن يوسف - إجازة، غن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن عليّ الآزجي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن بكران بن عمران الرازي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد بن حفص العطار الأسامي والكنى قال: الأشعث بن قيس أبو محمد، حدثنا بذلك العباس بن محمد الدوري قال: حدثنا يعلى - يعني - ابن عبده - قال: حدثنا الأعمش بن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد قال: دخل الأشعث على عبد الله - يعني - ابن مسعود وهو يتغدا يوم عاشوراء، فقال: يا أبا محمد ادن الغداء. 232 - و.
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي قرأت في كتاب " القرع والشجر " لأبي الحسين محمد بن القاسم النسابة التميمي قال: وكان الأشعث بن قيس بن معد يكرب الكندي ربما عصت عليه العرب، ونفته من كندة، وألحقته بسينبخت، وهذا من الباطل الذي لا يقبل، وسينبخت هو ملك كندة وحضرموت، وهو أخو سنداد أبنا مهر بوذ بن جاندان بن خسرو بن أدد من نسل سهراب بن مذغتز بن توسفان بن كنازيك بن نرسي بن شاه ابن ساسان.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن ثور - وهو كنده - بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. وأمه كبشة بنت يزيد من ولد الحارث بن عمرو، وكنية الأشعث أبو محمد قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد كندة، ويعد فيمن نزل الكوفة من الصحابة، وله عن النبي رواية، وقد شهد مع سعد بن بن أبي وقاص قتال الفرس بالعراق. وكان على راية كندة يوم صفين مع عليّ بن أبي طالب، وحضر قتال الخوارج بالنهروان، وورد المدائن، ثم عاد إلى الكوفة، فأقام بها حتى مات في الوقت الذي صالح فيه الحسن 233 - و بن عليّ معاوية بن أبي سفيان.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال: وأما مرتع - بضم الميم وسكون الراء وكسر التاء المعجمة باثنتين من فوقها وتخفيفها - فهو مرتع بن معاوية بن ثور الأكبر - وهو كنده - بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة أدد - وسمى مرتعاً لأنه كان يقال له أرتعى في أرضك، فيقول قد ارتعت مكان كذا وكذا.
وقال ابن الكلبي: إنما سمي عمرو بن معاوية بن ثور مرتعاً، وقيل فيه مرتع، بفتح الراء وتشديد التاء وكسرها.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد الشيرازي قال: أخبرنا عليّ بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد بن محمد قال: أخبرنا شجاع بن عليّ بن شجاع قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: أشعث بن قيس بن معدي كرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن الحارث بن معاوية بن ثور الكندي، يكنى أبا محمد، وكان قد ارتد ثم راجع الإسلام في خلافة أبي بكر وزوجه أخته أم فروة، شهد القادسية ومدائن، وجلولاء، ونهاوند والحكمين على عهد علي، وفيه نزلت: " إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلاً " الآية.
توفي بالكوفة سنة اثنتين وأربعين، وصلى عليه الحسن بن علي.
أنبأنا ابن المقير عن ابن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون وأبو الحسين ابن الطيوري وأبو الغنائم بن النرسي - واللفظ له - زاد بن خيرون: ومحمد بن أحمد الأصبهاني قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل 233 - ظ قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل قال: أشعث بن قيس الكندي سكن الكوفة، وله صحبة.
أنبأنا الحسن بن محمد قال: أخبرنا عليّ بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر السقائي قال: أخبرنا أحمد بن منصور بن خلف، قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول أبو محمد الأشعث بن قيس له صحبة.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم بن بوش الآزجي قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو عليّ الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا النهرواني قال: حدثنا يزداد بن عبد الرحمن قال: حدثنا أبو موسى - يعني - تينة قال: حدثنا القحذمي قال: تزوج قيس بن معدي كرب بنت الحارث عمرو من بني آكل المرار، فولدت له الأشعث بن قيس فقال: أبو هانىء الكندي:
بنات الحارث الملك بن عمرو ... تخيرها فتنكح في ذراها
لها الويلات إذا أنكحتموها ... ألا طعنت بمديتها حشاها
وقد نبئتها ولدت غلاماً ... فلا عاش الغلام ولا هناها
فأجابه أبو قساس الكندي:
ألا أبلغ لديك أبا هني ... ألا تنهي لسانك عن رداها
فقد طلبت هنداً قبل قيس ... لتنكحها فلم تك من هواها
فطافت في المناهل تبتغيهافلاقت منهلاً عذباً شفاها 234 و
شديد الساعدين أخا حروب ... إذا ما سئل منقصة أباها
وما حثت مطيته إليها ... ولا من فوق ذروتها أتاها
قال عيسى: قال القحذمي: وآل الأشعث ينشدون هذا الشعر ولا ينكرونه. قال: والأشراف لا يبالون أن يكون أخوالهم أشرف من أعمامهم.
قال القاضي الجريري قوله في الشعر: ألا تنهي لسانك، رداها0

أنث السان، وذكر أهل العلم بالعربية أن العرب تذكر اللسان وتؤنثه، وقيل إن من أنثه أراد به اللغة والرسالة كقول الشاعر:
إني أتتني لسان لا أسربها ... من علو لا صخب فيها ولا سحر
أخبرنا عبد الرحمن بن عمر بن أبي نصر بن عبد الدائم الغزال في كتابه قال: أخبرنا أحمد بن عليّ بن هبة الله بن المأمون - ونقلته أنا من خطه - قال: أخبرنا أبو عبد الله يحيى بن الحسن بن أحمد بن البناء قال: أنبأنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي قال: أخبرنا أبو الحسين عليّ بن محمد بن دينار الكاتب قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي قال: الأشعت بن قيس بن معدي كرب بن معاوية ابن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين الكندي كان شاعراً وسيداً كريماً، وهو القائل يوم صفين:
ميعادنا اليوم بياض الصبح ... دبو إلى القوم بطعن سمح
حسبي من الاقدام قيد رمح
قال الآمدي: ووهب جارية نفيسة لرجل من جهينة ضافه، ولامه أهله، وقالوا: يا شيخ قد ذهب عقلك فقال:
تملكها وكان لذاك أهلاً ... أشم الأنف أصيد كالفنيق
نماه من جهينة خير نام ... إلى العلياء والحسب العتيق
فظل يلاعبها عروساً ... على لباتها عبق الخلوق
فلا تذهب نفوسكم عليها ... ولا تسمو إلى الخطر الدقيق
أنبأنا أحمد بن الأزهر السباك في كتابه إلينا من بغداد أن القاضي أبا بكر محمد ابن عبد الباقي الأنصاري أخبرهم من كتابه عن أبي محمد الجوهري عن أبي عبيد الله المرزباني قال في معجم الشعراء: الأشعت بن قيس الكندي، مخضرم، نزل الكوفة له شرف في قومه، وله مع عليّ بن أبي طالب أخبار، وهو القائل في يوم صفين، وشهده مع عليّ صلوات الله عليه:
ميعادنا اليم بياض الصبح ... لا يصلح الزاد بغير ملح
لا لا ولا الأمر بغير نصح ... دبوا إلى القوم بطعن سمح
لا صلح للقوم وأين الصلح ... حسبى من الأقدام قاب رمح
وتهدده عليّ عليه السلام لشيء بلغه عنه فغيرته امرأته بذلك فقال:
ولقد دخلت على عليّ مرة ... فخرجت منها أقل عطافاً
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن النقور قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا رضوان ابن أحمد قال: حدثنا يونس بن بكبر عن ابن اسحق قال: وكان من حديث كندة حين أرتدت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بعث إليهم رجلاً من الأنصار يقال 253 - و له زياد بن لبيد، وكان عقبياً، بدرياً، أميراً على حضرموت فكان فيهم حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يطيعونه ويؤدون إليه صدقاتهم لا ينازعونه، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلغهم انتقاض من انتقض من العرب ارتدوا وانتقضوا بزياد بن لبيد.
وكان سبب انتقاضهم به أن زياداً أخذ فيما يأخذ من الصدقة قوصاً لغلام من كندة، وكانت كوماء من خيار إبله، فلما أخذها زياد فعلقها في ابل الصدقة ووسمها، جزع الغلام من ذلك فخرج يصيح إلى حارثة بن سراقة بن معدي كرب فقال: أخذت الفلانية في إبل الصدقة، فأنشد الله والرحم، فإنها أكرم ابلي عليّ بعيراً وأعزه، فخرج معه حارثة حتى أتى زياداً فطلب إليه أن يردها عليه ويأخذ مكانها بعيراً فأبى عليه، وكان رجلاً صلباً مسلماً، وخشي ان يروا ذلك منه ضعفاً وخوراً للحديث الذي كان،فقال: ما كنت لأردها وقد وسمتها في إبل الصدقة، ووقع عليها حق الله عز وجل، فراجعته حارثة فأبى، فلما رأى ذلك حارثة قام إلى القلوص فحل عقالها ثم ضرب وجهها فقال: دونك وقلوصك لصاحبها وهو يرتجز ويقول:
يمنعها شيخ بخديه الشيب ... قد لمع الوجه كتلميع الثوب
اليوم لا أخلط بالعلم الريب ... وليس في منعي حريمي من عيب
وقال حارثة بن سراقة الكندي: 235 - ظ.
أطعنا رسول الله مادام وسطنا ... فيا لعباد الله ما لأبس بكر
أيأخذها قسراً ولا عهد عنده ... يملكه فينا وفيكم عرى الأمر

فمن يك يهدها بلا هدى ... وقد مات مولاها النبي ولا غدر
فنحن بأن نختارها وفصالها ... أحق وأولى بالامارة في الدهر
إذا لم يكن من ربنا أو نبينا ... فذو الوفر أولى بالقضية في الوفر
أيجري على أموال الناس حكمهم ... بغير رضاً إلى التسليم بالقسر
بغير رضا منا ونحن جماعة شهوداً ... كأنا غائبين عن الأمر
فتلك إذا كانت من الله زلفة ... ومن غيره إحدى القواصم للظهر
فأجابه زياد بن لبيد:
سيعلم أقوام أطاعوا نبيهم ... بأن غوي القوم ليس بذي قدر
أذاعت عن القوم الأصاغر لعنةً ... قلوب رجال في الحلوق من الصدر
وذموا لعقباه إذا هي ضرمت ... هواديه الأولى على حين لا عذر
فإن عصا الاسلام قد رضيت ... به جماعته الأولى برأي أبي بكر
فإن كنتم منهم فطوعاً لأمره ... وإلا فأنتم مخافته صغر
فنحن لكم حتى نقيم صعوركم ... بأسيافنا الأولى وبالذبل السمر
أبعد التي بالأمس كنتم غريتم ... لما تبتغون الغي من فرط الصغر
236 - و
وكان لهم في أسود عبرة ... وناهيه عن مثلها آخر الدهر
تلفت فيكم بالنساء ابن غيه ... وبالقوم حتى نالهن بلا مهر
فإن تسلموا فالسلم خير بقية ... وإن تكفروا تستو بلوا غبة الكفر
وتفرق الناس عند ذلك طائفتين: طائفة مع حارثة بن سراقة، قد ارتدوا عن الاسلام، وطائفة مع زياد بن لبيد، فلما رأى ذلك قال لهم: نقضتم العهد وكفرتم، فأحللتم بأنفسكم واغتنمتم أولاها بعد عقباها فقال حارثة: أما عهد بيننا وبين صاحبك هذا الأحدث، فقد نقضناها وإن أبيت إلا الأخرى أصبتنا على رجل فاقض ما أنت قاضياً، فتنحى زياد فيمن اتبعه من كندة وغيرهم قريباً، وكتب إلى المهاجر أن يمده وأخبرة خبر القوم،فخرج المهاجر الهي، وسمع الأشعث بن قيس صارخاً من أعلى حصنهم في شعراء من الليل:
عشيره تملك بالعشيرة ... في حائط يجمعها كالصيره
والمسلمون كالليوث الزبرة ... قبائل أقلها كثيرة
فيها أمير من بني المغيرة
فلما سمع الأشعت الصارخ إلى ماقد رأى من اختلاف أصحابه بادرهم فخرج من تحت ليلته حتى المهاجر وزيادا فسألهما أن يؤمناه على دمه وماله حتى يبلغاه أبا بكر فيرى فيه رأيه، ويفتح لهم باب الحصن ففعلا، ويفتح 236 ظ لهم باب الحصن، فدخل المسلمون على أهل الحصن فاستنزلوهم فضربوا أعناقهم، واستاقوا أموالهم، واستبو نساءهم، وكتبوا إلى أبي بكر بذلك، واستوثقوا من الأشعث حتى بعثو به إلى أبي بكر في الحديد موتوقاً، فقال له أبو بكر: كيف ترى صنيع الله بمن نقض عهده؟ فقال الأشعت: أرى أن قد أخطأ حظه، وتعس جده، فقال له أبو بكر: فما تأمرني فيك؟ قال: ىمرك ام تمن عليّ فتفكني من الحديد وتزوجني أختك أم فروة ابنة أبي قحافة، ففعل أبو بكر، فقال الاشعث حين زوجه أبو بكر:
لعمري وما عمري عليّ بهين ... لقد كنت بالأخوان جد ضنين
أحاذر أن تضرب هناك رؤوسهم ... وما الدهر عندي بأمين
فليت جنوب الناس تحت جنوبهم ... ولم ترم أنثى بعدهم بجنين
وكنت كذات البوّ أنجبت ... وأقبلت عليه بقلب واله وحنين
فأجابه مسلم بن صبيح السكوني:
جزى الأشعث الكندي بالغدر ... ربه جزاء مليم في الأمور ظنين
أخا فجرة لا تستقال وغدة ... لها أخوات مثلها ستكون
فلا تأمنوه بعد غدرته بكم ... على مثلها فالمرء غير أمين
وليس امرؤ باع الحياة بقومه ... أخاثقة أن يرتجى ويكون
هدمت الذي قد كان قيس يشيده ... ويرضى من الأفعال ما هو دون
237 - و
وألبست ثوب المسبة بعدها ... فلا زالت محبوساً بمنزل هون
أرى الأشعث الكندي أصبح ... بعدها بها من دون كل هجين

سيهلك مذموماً ويورث سبه ... يبيت بها في الناس ذات قرون
أخبرنا ابن طبرزد - إذناً عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمرو بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف بن بشر قال: حدثنا الحسين بن فهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني خالد بن القاسم عن زرعة بن عبد الله بن زياد بن لبيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استعمل زياد بن لبيد على حضر موت وقال له: سر مع هؤلاء القوم - يعني وفد كندة - فقد استعملتك عليهم، فسار زياد معهم عاملاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم على حضرموت على صدقاتها: الثمار والخف والماشية والكراع والعشور، وكتب له كتاباً، فكان لا يعدوه إلى غيره ولا يقصر دونه فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم، واستخلف أبو بكر كتب إلى زياد يقره على عمله، ويأمره أن يبايع من قبله ومن أبي وطئه بالسيف ويستعين بمن أقبل على من أدبر، وبعث بكتابه إليه مع أبي هند البياضي، فلما أصبح زياد إذا فنعى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس، وأخذهم بالبيعة لأبي بكر وبالصدقة، فامتنع قوم من أن يعطوا الصدقة وقال الأشعث بن قيس: إذا اجتمع الناس فما أنا إلا كأحدهم، ونكص عن التقدم إلى البيعة، فقال له امرؤ القيس بن عابس الكندي: أنشدك الله 237 - ظ يا أشعث ووفادتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم واسلامك أن تنقضه اليوم، والله ليقومن بهذا الأمر من بعده من يقتل من خالفه، فإياك، وابق على نفسك فانك إن تقدمت تقدم الناس معك، وإن تأخرت افترقوا وأخلفوا، فأبى الأشعث وقال: قد رجعت العرب إلى ما كانت الآباء تعبد، ونحن أقصى العرب داراً من أبي بكر، أيبعث أبو بكر لنا الجيوش؟ فقال امرؤ القيس: أي والله، وأخرى لا يدعك عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجع إلى الكفر، فقال الأشعث: من؟ قال: زياد ابن لبيد، فتضاحك الأشعث، وقال: أما يرضى زياد أن أجيره؟ فقال امرؤ القيس: سترى، ثم قام الأشعث فخرج من المسجد إلى منزله وقد أظهر من الكلام القبيح من غير أن ينطق بالردة، ووقف يتربص، وقال: نقف أموالنا بأيدينا ولا ندفعها، ونكون من آخر الناس؟ قال: وبايع زياد لأبي بكر بعد الظهر إلى أن قامت صلاة العصر، فصلى بالناس العصر ثم انصرف إلى منزله، ثم غدا على الصدقة من الغد كما كان يفعل قبل ذلك، وهو أقوى ما كان نفساً، وأشده لساناً، فمنعه حارثة بن سراقة بن معدي مرب العبدي أن يصدق غلاماً منهم، وقام فحل عقال البكرة التي أخذت في الصدقة وجعل يقول:
يمنعها شيخ بخديه الشيب ... ملمع كما يلمع الثوب
ماض على الريب إذا كان الريب
فنهض زياد بن لبيد وصاح بأصحابه المسلمين، ودعاهم إلى النصرة لله ولكتابه، فانحازت طائفة من المسلمين إلى زياد، وجعل من ارتد ينحاز إلى حارثة، فكان زياد 238 - و يقاتلهم النهار إلى الليل، فقاتلهم أياماً كثيرة، وضوى إلى الأشعت ابن قيس بشر كثير، فتحصن بمن معه، ممن هو على مثل رأيه في النجير، فحاصرهم زياد بن لبيد، وقذف الله الرعب في أفئدتهم وجهدهم الحصار، فقال الأشعث بن قيس: إلى متى نقيم في هذا الحصن، قد غرثنا فيه، وغرث عيالنا، وهذه البعوث تقدم عليكم مالا قبل لنا به، والله للموت بالسيف أحسن من الموت بالجوع، ويؤخذ برقبة الرجل كما يصنع بالذرية، وقالوا: وهل قوة بالقوم. ارتأي فأنت سيدنا قال: أنزل فلآخذ لكم أمانا تأمنون به قبل أن تدخل عليكم هذه الأمداد مالا قبل لنا به ولا يدان.

قال: جعل أهل الحصن يقولون للأشعث افعل، فخذ لنا الأمان فإنه ليس أحد أحرى أن يقدر على ما قبل زياد منك، فأرسل الأشعث إلى زياد: أنزل فأكلمك وأنا آمن؟ قال زياد: نعم، فنزل الأشعث من النجير فخلا بزياد فقال: ابن عم قد كان هذا الأمر ولم يبارك لنا فيه، ولي قرابة ورحم، وإن وكلتني إلى صاحبك قتلني - يعني المهاجر بن أبي أمية - إن أبا بكر يكره قتل مثلي، وقد جاءك كتاب أبي بكر ينهاك عن قتل الملوك من كندة، فأنا أحدهم، وأنا أطلب منك الأمان على أهلي ومالي، فقال زياد بن لبيد: لا أو منك أبداً على دمك وأنت كنت رأس الردة والذي نقض علينا كندة، فقال: أيها الرجل دع عنك ما مضى واستقبل الأمور إذا أقبلت عليك، فتؤمني على دمي وأهلي ومالي حتى قدم على أبي بكر، فيرى في رأيه؟ فقال زياد: وماذا؟ قال: وافتتح لك النجير، فأمنه على أهله 238 - ظ ودمه وماله، وعلى أن يقدم به على أبي بكر، فيرى فيه رأيه ويفتح له النجير.
قال محمد بن عمر: وهذا أثبت عند أصحابنا من غيره، وقد حدثني صدقة ابن عتبة عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه عن جده أبي مغيث قال: كنت فيمن حضر أخل النجير فصالح الأشعث زياداً على أن يؤمن من أهل النجير سبعين رجلاً، ففعل، فنزل سبعون ونزل معهم الأشعث ونزل معهم الأشعث، فكانوا أحداً وسبعين فقال له زياد: أقتلك، لم يكن لك أمان، فقال الأشعث: تؤمنني على أن أقدم على أبي بكر فيرى في رأيه، فآمنه على ذلك، وقيل أن السبعين نزلوا واحداً واحداً، فلما بقي هو قام إليه رجل واحد فقال: أنا معك، قال: إن الشرط سبعون، ولكن كن فيهم وأنا أتخلف فآثره بالحياة، وتخلف هو فيمن أسيراً، فالله أعلم.
قال: وأخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني الزبير بن موسى بن عبد الله بن أبي أمية قيس على أن يبعث به وبأهله وماله إلى أبي بكر فيحكم فيه بما يرى، وفتح له النجير، فأخرجوا المقاتلة وهم كثير، فعمد زياد إلى أشرافهم سبعمائة رجل فضرب أعناقهم على دم واحد، ولام القوم الأشعث، فقالوا لزياد: غدر بنا الأشعث وأخذ الأمان لنفسه وأهله، ولم يأخذه لنا جميعاً، فنزلنا ونحن آمنون، فقتلنا، فقال زياد: ما آمنتكم، قالوا: صدقت، خدعنا الأشعث.
قال: وأخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين قال: بعث 239 - و زياد بن لبيد مع نهيك بن أوس بن حرمة الأشهلي إلى أبي بكر، وبعث معه ثمانين من بني قتيرة، وبعث بالأشعث معهم في وثاق.
قال: وحدثني خالد بن القاسم عن أبيه عن عبد الرحمن بن الحويرث بن نقيد قال: رأيت الأشعث بن قيس يوم قدم به المدينة في حديد، مجموعة يداه إلى عنقه، بعث به زياد بن لبيد والمهاجر بن أمية إلى أبي بكر، وكتبنا إليه: إنا لم نؤمنه إلا على حكمك، وقد بعثنا به في وثاق، وبأهله وماله الذي خف حمله معه فترى في ذلك رأيك.
قال: ونزل نهيك بن أوس بالسبي في دار رملة بنت الحارث، ومعهم الأشعث بن قيس، فجعل يقول: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كفرت بعد إسلامي، ولكن شححت على مالي، فقال أبو بكر: ألست الذي تقول: قد رجعت العرب إلى ما كانت الآباء تعبد، وأبو بكر يبعث إلينا الجيوش، ونحن أقصى العرب داراً، فرد عليك من هو خير منك فقال لك: لا يدعك عامله ترجع إلى الكفر، فقلت: من؟ فقال: زياد بن لبيد، فتضاحكت، فكيف وجدت زياداً أذكرت به أمه؟فقال الأشعث: نعم كل الاذكار، ثم قال الأشعث: أيها الرجل أطلق أساري واستبقني وزوجني أختك أم فروة بنت أبي قحافة، فإني قد تبت مما صنعت، ورجعت إلى ما خرجت منه من منعي الصدقة، فزوجه أبو بكر أم فروة بنت أبي قحافة، فكان بالمدينة مقيماً حتى كانت ولاية عمر بن الخطاب، وندب الناس إلى فتح العراق، فخرج الأشعث 239 - ظ بن قيس مع سعد بن أبي وقاص، فشهد القادسية والمدائن وجلولاء ونهاوند، واختط بالكوفة حين اختط المسلمون وبنى بها داراً في بني كندة، ونزلها إلى أن مات بها، وولد بها إلى اليوم.

قال شيخان ابن طبرزد أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو الحسن بن النقور قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أبو بكر بن سيف قال: أخبرنا شعيب بن إبراهيم قال: حدثنا سيف بن عمر التميمي عن سهل بن يوسف عن أبيه عن أبيه عن كثير بن الصلت قال: ولم رأى أهل النجير المواد لا تنقطع عن المسلمين، وأيقنوا أنهم غير منصرفين عنهم، خشعت أنفسهم وخافوا القتل، وخافوا على أنفسهم، ولو صبروا حتى يجيء المغيرة لكانت في الثالثة الصلح عند الجلاء نجاة، فجعل الأشعث، فخرج إلى عكرمة بأمان، وكان لا يأمن غيره، وذلك أنه كانت تحته من أسماء بنت النعمان ابن الجون، يخطبها وهو يومئذ بالجند ينتظر المهاجر، فأهداها إليه أبوها قبل أن تبادوا، وكان تزوجها على خبيصة، فابتنى بها ثم غزا بها، فأبلفه عكرمو المهاجر وأستأمنه لنفسه ونفر معه تسعة على أ، يؤمنهم وأهليهم على أن يفتحوا لهم الباب، فأجابه إلى ذلك، وقال: أنطلق واستوثق لنفسه، ثم هلم كتابه أختمه.
قال: وحدثنا سيف عن أبي اسحق الشيباني عن سعيد بن أبي بردة عن عامر أنه دخل عليه فستأمنه على أهله وماله وتسعة ممن أحب، وعلى أن يفتح الباب فيدخلون على قومه، فقال له 240 - و المهاجر اكتب ما شئت، وأعجل، فكتب أمانه وأمانهم، وفيهم أخوه وبنو عمه وأهلوهم، ونسي نفسه، عجل ودهش، ثم جاء بالكتاب فختمه ورجع، فسرب الذين في الكتاب، وقال الأجلح والمجالد: لما لم يبقى إلى أن يكتب نفسه وثب عليه جحدم بشفرة، وقال: نفسك أو تكتبني، فكتبه وترك نفسه.قال ابن اسحق: فلما فتح الباب، أقتحمه المسلمون، فلم يدعوا فيه مقاتلاً إلا قتلوه، وضربوا أعناقهم صبراً، وأحصى ألف امرأة ممن في النجير والخندق من بين سليب أو متبع، ووضع على السبي والفيوء الأحراس، وشاركهم كثير.
وقال كثير بن الصلت: لما فتح الباب وفرغ ممن في النجير وأحصى ما أفاء الله عليهم، دعا الأشعث بأولئك النفر، ودعا بكتابه فعرضهم، فأجاز من في الكتاب، فإذا الأشعث ليس فيه، وإذا هو قد نسي نفسه، فقال المهاجر: الحمد الله الذي خطاك نوءك يا أشعث يا عدو الله، فقد كنت اشتهي أن يخزيك الله، فشده وتأوه، وهم بقتله، فقالوا له: أخبره وأبلغه أبا بكر فهو أعلم بالحكم في هذا، وإن كان رجلاً نسي اسمه أن يكتبه وهو ولي المخاطبة أفذاك يبطل ذاك؟ فقال المهاجر: إن أمر، لبين، ولكني أتبع المشورة وأوثرها وأجيره، وبعث به إلى أبي بكر مع السبي، وكان معهم يلعنه المسلمون، وتلعنه سبايا قومه، وسماه سبايا قومه عرف الباز - كلام يماني يسمون به الغادر - وقد كان المغيرة تخير ليلة للذي أراد الله عز وجل، فجاءوا القوم في 240 - ظ دمائهم والسبي على ظهر، وسارت السبايا والأسرى، فقدم القوم على أبي بكر بالفتح والسبايا والأسرى، فدعا بالأشعث وقال، استزلك بنو وليعة، ولم تكن لتستزلهم ولا ليروك لذلك أهلا، وهلكوا وأهلكوك إنا نخشى أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وصل إليك منها طرف، ما تراني صانعاً بك؟ قال: اني لا علم لي برأيك، وأنت أعلى برأيك، قال: فإني أرى قتلك، قال: فإني أنا الذي رواضت القوم في عشرة، فما يحل دمي، قال أفوضوا القوم اليك؟ قال: نعم، قال: ثم أتيتهم بما فوضوه اليك فختموه لك؟ قال: نعم قال: فإنما وجب الصلح بعد ختم الصحيفة على من في الصحيفة، وإنما كنت قبل ذلك مراوضاً.
فلما خشي أن يوقع به قال: أو تحتسب فيّ خيراً فتطلق أساري وتقيلني عثرني وتقبل إسلامي، وتفعل بي مثلما فعلت بأمثالي، وترد عليّ زوجتي - وكان قد خطب أم فروة بنت أبي قحافة إلى أبي قحافة مقدمه على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فزوجه وأخرها إلى أن يقدم الثانية، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفعل الأشعث ما فعل، فخشي أن لا ترد عليه - تجدني خير أهل بلادي لدين الله، فتجافى له عن دمه، وقبل منه، ورد عليه أهله وقال: انطلق فليبلغني عنك، وخلى النفر فذهبوا، وقسم أبو بكر السبي، فباعه في الناس، وترك الخمس، واقتسم الخمس أربعة أخماس.

وقال: حدثنا سيف بن عمر عن موسى بن عقبة عن أبيه، وسعيد بن عبد الله الجمحي 241 - و عن عبد الله بن أبي مليكة، والوليد بن عبد الله عن أبي الطفيل قالوا: تزوج الأشعث مقدمه على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي قحافة أم فروة، وهو ثالث أزواجها تن والأوسط منهم تميم، وأزمع بالهجرة والمقام، فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، وأخبره الذي أراد أيسه من الهجرة إلى المدينة بعد الفتح، فرجع وأراد الانطلاق بأم فروة، فأبى عليه أبو قحافة، وقال: لا تغترب إلا في مغترب إلينا، فرجع وأراد الانطلاق بأم فروة، فأبى عليه أبو قحافة. وقال: لا تغترب إلا في مغترب إلينا، فرجع إلى اليمن، وفعل الذي فعل، فلما أتي به أبو بكر تجافى له عن دمه، ورد عليه أهله بالنكاح الأول كما فعل بغيره.
قلت فبان بما نقله سيف أن الأشعث كان تزوج أم فروة من أبي قحافة، ولم يدخل بها، فلما ارتد بانت منه فأعادها أبو بكر إليه بنكاح جديد، ولهذا قال لأبي بكر: زوجني أختك، فزوجه - يعني - بنكاح جديد، وقوله في رواية سيف: ورد عليه أهله بالنكاح الأول، يريد بالمهر الذي كان أولا.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن الحسن الحافظ قال: أنبأنا أبو سعد المطرز وأبو عليّ الحداد، قالا: أخبرنا أبو نعيم، ح.
قال: وأخبرنا أبو عليّ الحداد وجماعة قالوا: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قالا: أخبرنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلم قال: حدثنا عبد المؤمن بن على قال: حدثنا عبد السلام بن حرب عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: لما قدم بالأشعث بن قيس أسيراً على أبي بكر الصديق، أطلق وثاقه، وزوجه أخته واخترط سيفه، ودخل الإبل 241 - ظ فجعل لا يرى جملا ولا نتاقة إلا عرقبة، وصاح الناس. كفر الأشعث، فلما فرغ طرح سيفه وقال: إني والله ما كفرت، ولكني زوجني هذا الرجل أخته، ولو كنا في بلادنا لكانت وليمة غير هذه، يا أهل المدينة انحروا وكلوا، ويا أصحاب الإبل تعالوا: خذوا شرواها.
أنبأنا أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا عليّ بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو الحسن بن البقشلان قال: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي قال: أخبرنا عيسى بن عليّ قال: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن المقرىء قال: حدثنا سفيان عن إسماعيل بن قيس قال: شهدت الأشعث وجرير بن عبد الله في جنازة وقدمه - يعني الأشعث قدم جريرا - ثم التفت فقال: إني ارتددت، وهذا لم يرتد.
أخبرنا أبو اليمن الكندي إذناً قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني أبو القاسم الأزهري قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن قال: حدثنا أبو محمد بن أحمد الحريري قال: حدثنا أحمد بن الحارث الخزاز قال: أخبرنا أبو الحسن المدائني عن شيوخه الذين روى عنهم خبر النهروان قال: وأمر عليّ بالرحيل - يعني بعد فراغه من قنال الحرورية - وقال لأصحابه: قد أعزكم الله، وأذهب ما كنتم تخافون، فامضوا من وجهكم هذا إلى الشام، فقال الأشعث: يا أمير المؤمنين: نفدت نبالنا، وكلت سيوفنا ونصلت أسنة رماحنا، فلو أتينا مصرنا حتى نستعد ثم نسير إلى عدونا، فركن الناس إلى ذلك، فسار عليّ يريد الكوفة، فأخذ على الناس حتى انتهى إلى النخيلة 142 - و فنزلها. وساق بقية الحديث.
أنبأنا أبو حفص المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان في أسامي من غزا مع عليّ بن أبي طالب يوم صفين: الأشعث بن قيس الكندي.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله النجار عن أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون والمبارك بن عبد الجبار بن الطيوري وأبو الغنائم بن النرسي - واللفظ له - قالوا: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني - زاد ابن خيرون: وأبو الحسين الأصبهاني - قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا عبد الله بن عمر قال: حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن حيان أبي سعيد التميمي قال: حذر الأشعث بن قيس الفتن فقيل له: أخرجت مع علي؟ قال: ومن له إمام مثل عليّ !.

اخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي - فيما أذن لنا فيه - قال: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أبو عبد الله النهاوندي قال: أخبرنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وقال أبو عبيدة: وكان على الميمنة - يعني من أصحاب عليّ يوم صفين - : الأشعث بن قيس الكندي. قال: وحدثنا خليفة قال: حدثنا عليّ بن محمد عن مسلمة بن محارب عن حرب بن خالد ابن يزيد بن معاوية قال: فصل معاوية في تسعين ألفاً، ثم سبق معاوية فنزل الفرات، وجاء عليّ 242 - ظ وأصحابه فمنهم معاوية الماء، فبعث عليّ الأشعث بن قيس في ألفين، وعلى الماء لمعاوية أبو الأعور السلمي في خمسة آلافن فاقتتلوا قتالا شديدا، وغلبا الأشعث على الماء.
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي المعروف بابن البن - بقراءتي عليه غير مرة - قال: أخبرنا أبو القاسم عليّ ابن محمد بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر بن عليّ بن جعفر الميداني قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الغفار بن محمد بن أحمد بن اسحق - قدم علينا - قال: أخبرنا أبو عليّ محمد بن سليمان بن حيدرة قال: حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد قال: سبق أصحاب معاوية إلى الماء بصفين قبل أصحاب علي، وعلى أصحاب معاوية رجلان أحدهما أبو الأعور السلمي، والآخر بسر أبي أرطاة، فلما قدم أصحاب عليّ منعوهم الماء واحتازوه دونهم فأرسل عليّ إلى معاوية أن يطلق الماء لعسكره فلو كان أصحابي سبقوا إليه ما منعوك.
قال: فاستشار عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبي سرح، وكان أخا عثمان لأمه، فقال عمرو: أرى أن تطلق الماء، وقال ابن أبي سرح: لا تطلق الماء، حتى يموتوا عطشاً كما قتلوا أمير المؤمنين عطشاً - يعني بذلك عثمان - ، فمال معاوية إلى قوله، وترك قول عمرو، فلما ضر بأصحاب عليّ ذلك، أصبح على باب حجرة عليّ إثنا عشر ألفا من أصحاب البرانس، وقالوا: يا أمير المؤمنين أنهلك ونحن ننظر إلى الماء؟ قال: فمن له؟ قال الأشعث بن قيس: أنا، قال: فشأنك، قال: فتقدم بهم، قال: 243 - و فجعل يلقي رمحه ويمشي بطوله وهو راجل وهو يقول:
ميعادنا اليوم بياض الصبح ... هل يصلح الأمر بغير نصح
لالا ولا والزاد بغير ملح ... ادنوا إلى القوم بطعن كدح
حسبي من الأقدام قاب رمحي
قال: فحملوا عليهم فأزالوهم عن الماء، وقعدوا عليه، فقال عمرو ولمعاوية: شمت بك، أتراك تضارب على الماء كما ضربوك بالأمس؟ قال معاوية: هي خير من ذلك، وأرسل عليّ إلى الأشعث أن خل بينه وبين الماء.

أنبأنا عمر بن محمد الدارقزي قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - عن أبي القاسم يوسف بن محمد بن المهرواني قال: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن أحمد بن الحمامي المقرئ قال: أخبرنا أبو صالح القاسم بن سالم الأخباري قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثني أبي - املأ عليّ إملاء - قال: حدثنا أبو المغيرة قال: حدثنا صفوان قال: حدثني أبو الصلت سليم الحضرمي، قال: شهدنا صفين، فإنا على صفوفنا وقد حلنا بين أهل العراق وبين الماء، فأتانا فارس على برذون مقنعا بالحديد فقال: السلام عليكم فقلنا: وعليك. قال: فأين معاوية؟ قلنا هو ذا فأقبل حتى وقف، ثم حسر على رأسه فإذا هو أشعث بن قيس الكندي، رجل أصلع ليس في رأسه إلا شعرات، فقال الله الله يا معاوية في أمة محمد صلى الله عليه وسلم هبوا أنكم قتلتم أهل العراق فمن للبعوث والذراري، أم هبوا انا قتلنا أهل الشام فمن للبعوث والذراري 243 - ظ الله الله فإن الله يقول: " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت أحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله " ، فقال معاوية: فما الذي تريد؟ قال: أن تخلوا بيننا وبين الماء، فوالله لتخلن بيننا وبين الماء، أو لنضعن أسيافنا على عواتقنا، ثم نمضي حتى نرد الماء أو نموت دونه فقال معاوية لأبي الأعور عمرو بن سفيان: يا أبا عبد الله خل بين أخواننا وبين الماء، فقال أبو الأعور لمعاوية: كلا والله يا أم عبد الله لا نخلي بينهم وبين الماء، فلم يلبثوا بعد ذلك إلا قليلاً حتى كان الصلح بينهم، ثم انصرف معاوية إلى الشام بأهل الشام. وعلي إلى العراق بأهل العراق.
قال: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن الحسن قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر بن النحاس قال: أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال: أخبرنا أبو رفاعة عبد الله بن محمد ابن عمر بن حبيب العدوي قال: حدثنا إبراهيم بن بشار عن سفيان عن إسماعيل عن قيس قال: دخل الأشعث بن قيس على عليّ في شيء، فتهدده بالموت، فقال عليُّ: بالموت تهددني ما أبالي سقط عليه، هاتوا له جامعة وقيدا. قال: ثم أومأ إلى أصحابه فطلبوا إليه فيه، قال: فتركه. قال سفيان: فحدثني ابن جعفر ابن محمد عن أبيه قال: فسمعوا لصوت رجليه خفيفاً، قال علي: فرقناه ففرق.
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن 244 - و الحسن قال:: قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن ابن البناء عن أبي الحسن محمد بن محمد بن مخلد قال: أخبرنا عليّ بن محمد بن خزفة، ح.
قال: وقرأنا على أبي عبد الله عن أبي الحسن بن الآبنوسي قال: أخبرنا أحمد ابن عبيد بن الفضل بن يبرى قالا: أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا محمد بن يزيد قال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن شيخ قد سماه عن أبي اسحق قال: صليت الفجر في مسجد الأشعث أطلب غريماً لي، فلما صلى الإمام وضع رجل بين يدي حلة ونعلا، فقلت إني لست من أهل هذا المسجد، فقال: إن الأشعث - يعني ابن قيس - قدم البارحة من مكة، وأمر لكل من صلى في المسجد بحلة ونعل.
وقال: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع قال أخبرنا عبد الوهاب بن محمد قال: حدثنا الحسن بن محمد بن يوه قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد قال: حدثنا هارون ابن سفيان قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو اسرائيل الملائي عن أبي اسحق قال: كان لرجل على رجل من آل الأشعث بن قيس حق، فأتاه يتقاضاه، فقال له: صل معي الغداة، قال فذهب فصلى معه فقال الأشعث بن قيس لا يخرج أحد من المسجد، قال فبعث إلى كل رجل بحلة ونعلين قال: فأخذ حلة ونعلين وأخذ حقه.
قال: وحدثنا عبد الله قال: كتب إلي أبو سعيد - يعني الأشبح - حدثني الهذيل بن عمر عن يحيى بن زكريا عن مجالد عن عامر قال: أرسل معاوية بن حديج السكوني 244 - ظ إلى الأشعث بن قيس بخمسمائة فرس معلمة محذقة، فقسمها الأشعث في قومه، وكتب إليه أعهدتني نخاسا، قال أبو سعيد: فحدثت به شيخا من ولد الأشعث فقال: قد كان بعث إليّ بثمنها.

أخبرنا أبو حفص المؤدب - إذناً - عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: حدثنا الفضل بن دكين قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن رجاء الرشيدي قال: سمعت الشيباني يذكر عن قيس ابن محمد بن الأشعث أن الأشعث كان عاملاً على أذربيجان استعمله عثمان، وأنه أتاه رجل من قومه فأعطاه ألفين فشكاه، فلما قدم الأشعث أرسل إليه فقال: إنما استودعك المال، قال: إنما لأعطيته صلة، فحمي الأشعث فحلف، فكفر عن يمينه بخمسة عشر ألفا.
قال شيخنا أبو حفص: أنبأنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسين بن المظفر قال: حدثنا محمد بن محمد الباغندي قال: حدثنا عليّ بن المديني قال: حدثنا عليّ بن المديني قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: حدثني إسماعيل بن أبي خالد عن عامر قال: كان الأشعث بن قيس حلف على يمين فأخذ بها مالا، قال: فصلى الغداة وقد وضع المال في ناحية المسجد فقال: قبحك الله من مال، أما والله ما حلفت إلا على حق، ولكنه رد على صاحبه، وهو ثلاثون ألفا، صدقة مقامي الذي قمته.
أخبرنا ابن طبرزد - إذنا - قال: أنبأنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء قال: أخبرنا إسماعيل بن سعيد بن إسماعيل بن سويد قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثني أبو عليّ الحسن بن عليل قال: حدثنا العمري عن الهيثم بن عدي عن ابن عباس قال: خطب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام على الحسن ابنه، أم عمران بنت سعيد بن قيس الهمداني، فقال: فوقي أمير أوامره - يعني أمها - فقال: قم فوامرها فخرج من عنده فلقيه الأشعث بن قيس بالباب، فأخبره الخبر، فقال: ما تريد إلى الحسن يفخر عليها ولا ينصفها، ويسيء إليها، فيقول: ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابن أمير المؤمنين، ولكن هل لك في ابن عمها فهي له وهو لها؟ قال:: ومن ذاك؟قال: محمد بن الأشعث، قال: قد زوجته، ودخل الأشعث على أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: يا أمير المؤمنين خطبت على الحسن ابنة سعيد؟ قال: نعم، قال: فهل لك في أشرف منها بيتاً، وأكرم منها حسباً، وأتم جمالا، وأكثر مالا؟ قال: ومن هي؟ قال: جعدة بنت الأشعث بن قيس، قال: قد قاولنا رجلاً، قال: ليس إلى ذلك الذي قاولته سبيل، قال: أنه فارقني ليؤامر أمها، فقال: قد زوجها من محمد ابن الأشعث، قال: متى؟ قال: الساعة بالباب. قال: فزوج الحسن 245 - و جعدة، فلما لقي سعيد الأشعث قال: يا أعور خدعتني؟ قال: أنت يا أعور، جئت تستشيرني في ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألست أحمق، ثم جاء الأشعث إلى الحسن فقال: يا أبا محمد ألا تزور أهلك؟ فلما أراد ذلك قال: لا تمشي والله إلا على أردية قومي، فقامت له كندة سماطين، وجعلت له أرديتها بسطاً من بابه إلى باب الأشعث.
أخبرنا ابن طبرزد اذنا عن أبي غالب بن أبناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا ابن سعد قال: أخبرنا كثير بن هشام قال: حدثنا فرات بن سلمان قال: حدثنا ميمون بن مهران، ح.
قال ابن سعد: وأخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا أبو المليح عن ميمون بن مهران قال: أول من مشت معه الرجال وهو راكب: الأشعث بن قيس، وكان المهاجرون إذا رأوا الدهقان راكباً، والرجال يمشون قالوا: قاتله الله جباراً.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد أبي الفضل قال أخبرنا أبو الحسن عليّ بن أحمد بن قبيس قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أحمد بن زبر قال: حدثنا إبراهيم بن مهدي بن عبد الرحمن الايلي قال: حدثنا أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني قال: سمعت الأصمعي يقول: أول من دفن في جوف منزله وصلى عليه الحسن بن علي، وكانت ابنة الأشعث تحته. قال: وأول من مشى بين يديه وخلفه بالأعمدة الأشعث بن قيس.

أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي 245 - ظ قال: أخبرنا أبو محمد الصريفيني قال: أخبرنا أبو القاسم ابن حبابة قال: حدثنا أبو القاسم البغوي قال: حدثنا عليّ بن الجعد قال: أخبرنا شريك عن إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر قال لما توفي الأشعث بن قيس قال الحسن بن علي: لا تعجلوا، فلما فرغ من غسله وضأه بحنوطه وضوءً.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ الخطيب قال: أخبرنا أبو سعد بن حسنويه قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا عمر بن أحمد بن اسحق الأهوازي قال: حدثنا خليقة بن خياط قال: الأشعث بن قيس، يكنى أبا محمد، مات في آخر سنة أربعين بعد عليّ قليلاً.
قال الخطيب: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: حدثنا إبراهيم بن محمد ابن يحيى المزكي النيسابوري قال: حدثنا محمد بن اسحق الثقفي السارج قال: رأيت كتاب أبي حسان الزيادي: الأشعث بن قيس، يكنى أبا محمد، مات بعد قتل ابن أبي طالب بأربعين ليلة فيما أخبر عن ولده وتوفي وهو ابن ثلاث وستين.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي وأبي القاسم بن السمرقندي - قال أبو محمد: حدثنا أبو بكر الخطيب، قال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو بكر بن الطبري - قالا: أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو عبد الله بن جعفر قال: يعقوب قال: سمعت موسى ابن عبد الرحمن بن مسروق الكندي قال: مات الأشعث بن قيس في زمن معاوية وفي آخر إمرة، وكان يكنى أبا محمد، وكانت ابنته تحت الحسن بن 246 - و علي. قال أبو يوسف زعموا أنها هي التي سمته.
هكذا وقع في النسخة: وفي آخر إمرة، وأظنه سقط من الكتاب " الحسن " ، والصحيح: وفي آخر إمرة الحسن، وقد سبق القول بأنه مات في الوقت الذي صالح فيه الحسن بن عليّ معاوية.
قال أبو محمد السلمي: أنبأنا أبو محمد التميمي قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: قال الهيثم بن عدي، وأبو موسى محمد بن المثنى والمدائني: وفي سنة أربعين مات أبو رافع، وحسان بن ثابت، والأشعث بن قيس، وذكر غيرهم.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أبو عبد الله النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وفيها - يعني سنة أربعين - مات الأشعث ابن قيس.
قال الحافظ: أخبرنا أبو الحسن بن البقشلان قال: أخبرنا أبو الحسن بن الآبنوسي قال: أخبرنا عيسى بن عليّ قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: سمعت هارون بن عبد الله يقول: الأشعث بن قيس الكندي، كنيته أبو محمد، توفي بالكوفة حيث صالح الحسن بن عليّ معاوية، وصلى عليه الحسن بن علي. قال عبد الله: بلغني عن بعض ولد الأشعث، أن الأشعث توفي بعد مقتل عليّ عليه السلام بأربعين ليلة ودفن في داره.
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - اجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو القاسم بن البشري قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص - إجازة - 246 - ظ قال: أخبرنا أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن بن السكري قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال: أخبرني أبي قال: حدثني أبو عبيد القاسم بن سلام قال: سنة أربعين فيها مات الأشعث بن قيس الكندي.
وقال أبو القاسم بن السمرقندي: أخبرنا عمر بن عبيد الله بن عمر قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل بن اسحق قال: وبلغني أنه مات الأشعث بن قيس في سنة أربعين بعد مقتل عليّ بن أبي طالب وكنيته أبو محمد وكان الحسن بن عليّ تزوج ابنته.
اشناس التركي:

قائد مذكور مشهور، قدم حلب صحبة المأمون حين قدمها للغزو، ووجهه المأمون إلى حصن سندس غازياً، فأتاه برئيسه، وكان أيضاً على مقدمة المعتصم حين فتح عمورية، واجتاز بحلب، وولاه الواثق الجزيرة والشام جميعه، ومصر والمغرب، فكانت حلب وعملها في ولايته، وتوجه إلى ولايته في شهر رمضان سنة ثمان وعشرين ومائتين، وتوجه الواثق وألبسه وشاحين بالجوهر، ذكر ذلك ابن أبي الأزهر في تاريخه وقال: ونظر في صلات لأشناس فوجد مبلغها أربعين ألف ألف درهم.
وقرأت في الأخبار الطوال تأليف أبي حنيفة أحمد بن داود الدينوي قال: أن أحمد بن أبي داؤد وجد على الأفشين لكلام بلغه عنه فأشار على المعتصم بالله أن يجعل الجيش نصفين نصفاً مع الأفشين ونصفاً مع أشناس، ففعل المعتصم ذلك فوجد الأفشين منه 247 - و وطال حزنه واشتد حقده.
وقرأت في تاريخ ابن أبي الأزهر قال: وذكر الفضل بن مروان أن أشناس كان إذا سكر عربد وكانت امرأته غالبة عليه، وكان يخافها خوفاً شديداً، فإذا بلغها عربدته شدت عليها ثيابها وأخذت قوسها وسهامها، ووقفت بإزائه تشتمه وتهدده فينام، فشق ذلك على المعتصم، فبعثني إليها أنكر عليها فعلها، وأعرفها محل أشناس وجلالته، وأن هذا يغض منه، فقالت: ما أجيبك إلا بحضرته، فلما حضر قالت له: أتكره ما أفعله أم تحبه؟ قال: بل أحبه وأسربه، فقالت: ماعندي لك جواب غير هذا، قال، فرجعت إلى المعتصم، فأخبرته فأمسك عنها.
قال ابن أبي الأزهر: ومات أشناس ثلاثين ومائتين في شهر ربيع الأول.
كتب إلينا أبو روح عبد العزيز بن محمد بن أبي الفضل من هراة أن زاهر بن طاهر الشحامي أخبرهم - إذناً - قال: أنبأنا أبو القاسم عليّ بن أحمد البندار عن أبي حميد عبيد الله بن محمد بن أحمد بن أبي مسلم المقري: قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي - إجازة - قال: سنة اثنتين وخمسين ومائتين مات أشناس، وخلف خمسمائة ألف دينار فأخذها المعتز.
أشهب النخعي: شهد صفين مع عليّ رضي الله عنه، وقال شعراً يومئذٍ ذكره أبو مخنف لوط في كتابه وقال: وحدثني الحارث بن حصير عن عبد الرحمن بن عبيد أبي الكنود أن علياً سار من النخيلة في أكثر من تسعين ألفاً فكثر فيهم الكلام، وجعلوا يسألونه عما لا ينبغي أن يسألوه وظهر الاختلاف 247 - ظ فكانوا لا يرتحلون من منزل إلا نقصوا وكان جل القوم عليّ ما يحب عليّ فقال النجاشي:
أرانا نخالف أمر الامام ... وفي كل منزلة ننقص
وذكر أبياتاً، وقال: فلما سمع عليّ قول النجاشي شق عليه، ولم يكن مع عليّ حي أجمع على ما يريد من النخع، فلما رأت النخع ثقل ما قاله النجاشي على علي، وكانوا جماعة كثيرة غدا الأشهب النخعي عل عليّ والناس مجتمعون فقال: يا أمير المؤمنين إني لا أقول قول صاحبي ولكني أقول:
إذا جعل الناس أهل العراق ... فإن رجال العراق النخع
هم هامة الحي من مدحج ... وحاموا الظعائن عند الفزع
يضرون يوماً كما ينفعون ... ومن ضر في حال ضرٍ نفع
دعانا عليّ فلم نأته غداة ... دعانا لحب الطمع
ولكن أجبنا إلى دعوة بها ... نفع الله أهل البدع
أطعنا فلم نعصه جمةً ... وكان متى يُدع فينا نطع
فكم فئة قد فقا عينها ... وعزٍّ أذل وعات قمع
وخطة حق دعا منهضاً ... إليها وخطة ضيم منع
وغاية حق جرى سابقاً ... إليها فلما أتاها نزع
وأمر يُشاد بنا دونه ... حواه وأنف أشم جدع
فلولا ولا ليت في أمره ... لدين ودنيا وكلا جمع
ذكر من اسمه أصبغ
أصبغ بن الأشعث بن قيس بن معدي كرب الكندي: وقد سبق تمام نسبه في ترجمة أبيه، قيل إنه قدم دابق أميراً على كندة وغسان في جيش مسلمة بن عبد الملك الذي جهزه عبد الملك بن مروان مع ابنه مسلمة إلى القسطنطينية، وتوجه بهم مسلمة من دابق إلى المصيصة، ثم دخل إلى بلاد الروم.
روي ذلك عن عبد الله بن سعيد بن قيس الهمداني.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن قال: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن أحمد السمرقندي وهبة الله بن أحمد الأكفاني قالا: أخبرنا أبو الحسين طاهر بن أحمد القائني - زاد الأكفاني: وأبو بكر الخطيب، ح.
قال أبو القاسم: وحدثنا أبو القاسم وهيب بن سلمان السلمي قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا أبو الحسين طاهر القائني وأبو بكر الخطيب، قالا: أخبرنا أبو الحسن بن رزقويه قال: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق قال: حدثنا أبو عليّ الحسن بن سلام السواق قال: حدثنا الصباح بن بيان البغدادي قال: حدثنا يزيد بن أوس الحمصي عن عامر بن شرحبيل عن عبد الله بن سعيد بن قيس الهمداني - في حديث طويل في جزء أخبرنا بإسناده أبو النجم بدر بن عبد الله، قال: أخبرنا - وأبو الحسن بن سعيد قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو الحسن بن رزقويه فذكره بإسناده ولم يسق الحديث بتمامه. 248 - ظ.
قال: لما قدم الناس من جميع الآفاق، قام - يعني - عبد الملك فيهم خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس إن العدو قد كلب عليكم، وقد طمع فيكم وهنتم عليه لترككم الغزو لهم واستخفافكم بحق الله، وتشغلكم عن الجهاد في سبيل الله، وقد علمتم ما وعد ربكم في الجهاد لعدوه، وقد أردت أن أغزيكم غزاة كريمة شريفة إلى صاحب الروم أليون، والله مهلكهم ومبدد شملهم، ولا قوة إلا بالله العظيم، وقد جمعتكم يا معشر المسلمين وأنتم ذوو البأس والنجدة والشجاعة، وإن من حق الله تعالى أن تقوموا الله سبحانه بحقه ولنبيه صلى الله عليه وسلم بنصرته، وقد أمرت عليكم مسلمة بن عبد الملك، فاسمعوا له وأطيعوا أمره، ترشدوا، وتوفقوا، فإن استشهد فالأمير من بعده محمد بن خالد بن الوليد المخزومي، فإن استشهد فالأمير من بعده محمد بن عبد العزيز، وقد وليت الغنائم رجاء بن حيوة وصيرته أميناً على مسلمة وعليكم، وقد وليت على تميم محمد بن الأحنف، وعلى همدان عبد الله بن قيس، فقلت: يا أمير المؤمنين ول غيري فإني قد آليت أن لا أكون أميراً أبداً، فولى همدان صدقة بن اليمان الهمداني، وعلى ربيعة عبد الرحمن بن صعصعة، وعلى طيء ولخم وجذام عبد الله بن عدي بن حاتم الطائي، وولى على قيس الضحاك بن مزاحم الأسدي، وولى على بني أمية وجماعة قريش محمد بن مروان بن الحكم وولى على كندة وغسان الأصبغ بن الأشعث 249 - و الكندي، وولى على رؤساء أهل الحجاز عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وولى على رؤساء أهل الجزيرة والشام البطال، وولى على رؤساء أهل مصر يزيد بن مرة القبطي، وولى على رؤساء أهل الكوفة الهيثم بن الأسود النخعي، وولى على أهل البصرة سليمان بن أبي موسى الأشعري، وولى على رؤساء أهل اليمن جابر بن قيس المذجحي، وولى على رؤساء أهل الجبال عبد الله بن جرير بن عبد الله البجلي.
ثم أقبل على مسلمة بن عبد الملك فقال: يابني إني قد وليتك على هذا الجيش فسر بهم، وأقدم على عدو الله أليون كلب الروم، وكن للسلمين أباً رحيماً، إرفق بهم وتعاهدهم وإياك أن تكون جباراً عنيداً مختالاً فخوراً، ثم عرض الناس فانتخب منهم ثلاثين ألفاً من أهل البأس والنجدة، واتخذ من الخيل والفرسان ثلاثين ألفاً، وقال: يا بني صير على مقدمتك محمد بن الأحنف بن قيس، وعلى ميمنتك محمد بن مروان، وصير على ميسرتك عبد الرحمن بن صعصعة، وصير على ساقتك محمد بن عبد العزيز، وكن أنت في القلب، وصير على طلائعك البطال، وأمره فليعس في الليل العسكر فإنه أمين ثقة مقدام شجاع.
وذكر بقية وصيته، قال: فخرج مسلمة يوم الجمعة بعد صلاة الظهر وذلك أول يوم من رجب، وخرجنا معه، وخرج عبد الملك معنا يشيعنا حتى بلغ باب دمشق، قم خرج معنا مسلمة وعسكرنا على رأس أربع فراسخ من دمشق وذكر القصة بطولها. 249 - ظ.
اصبغ بن ذؤالة الكلبي:

أبو ذؤالة كان في صحبة مروان بن الحكم بعدما بويع له بالخلافة حين قدم الرصافة متوجهاً إلى الرقة، وكان الأصبغ بتدمر منابذاً لمروان مع أهل تدمر، فسار إليهم الأبرش بن الوليد الكلبي، حتى توجه مروان إليهم، فأجابه منهم جماعة فيهم الأصبغ بن ذؤالة، وابنه حمزة، وهرب الباقون إلى برية كلب، فانصرف الأبرش بمن تابعه إلى مروان وفيهم الأصبغ، فساروا في صحبته إلى الرصافة حين توجه إلى الرقة لتوجيه ابن هبيرة إلى العراق، ولمحاربة الضحاك ابن قيس.
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد قال: أخبرنا عليّ بن الحسن الحافظ قال: أصبغ بن ذؤالة، أبوذؤالة الكلبي، له ذكر في أهل دمشق.
قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن عن عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا عبد الوهاب الميداني قال: أخبرنا أبو سليمان زبر قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا محمد بن جرير قال: حدثني أحمد بن زهير قال: حدثنا عليّ بن محمد عن يزيد بن مصاد الكلابي عن عمرو بن شرحيل قال: أجمع على قتل الوليد - يعني - ابن يزيد قوم من قضاعة واليمانية من أهل دمشق خاصة، فأتى حريث 250 - و وشبيب بن أبي مالك الغساني، ومنصور بن جمهور، ويعقوب بن عبد الرحمن وحبال بن عمرو ابن عم منصور، وحميد بن نصر اللخمي والأصبغ بن ذؤالة وطفيل بن حارثة، والسري بن زياد بن علاقة خالد بن عبد الله فدعوه إلى أمرهم، فلم يجبهم، فسألوه أن يكتم عليهم، قال: لا اسمي أحد منكم، وأراد الوليد الحج فخاف خالد أن يفتكوا به في الطريق فأتاه فقال يا أمير المؤمنين أخر الحج العام، قال: ولم؟ فلم يخبره، فامر بحبسه، وان يستأدي ما عليه من أموال العراق.
أصبغ بن ضرار: شهد صفين مع معاوية بن أبي سفيان، وأسره الأشتر بن الحارث النخعي ثم اطلقه بإذن عليّ رضي الله عنه وكان شاعراً.
قرأت في كتاب الفتوح لأبي محمد بن أعثم في خبر صفين قال: وجاء الليل فحجز بين الفريقين، وكان رجل من أهل الشام يقال له الأصبغ بن ضرار يخرج من الليل من عسكر معاوية فيكون حارساً وطليعة لمعاوية، قال فبدر له عليّ رضوان الله عليه الأشتر، وقال: إن قدرت عليه فخذه ولا تقتله وجئني به، قال: فاحتال عليه الأشتر فأخذه أسيراً من غير أن يقاتله ثم جاء به إلى رحله ليلا فشد وثاقه ينتظر به الصباح قال: وأيقن الرجل بالقتل، وكان مفوها شاعرا فأنشأ يقول:
ألا ليت هذا الليل أطبق سرمدا ... على الناس لا يأتيهم نهار
250 - ظ
يكون كذا حتى القيامة إنني ... أحاذر في الاصباح ضرمة نار
فيا ليل طل لي أن لي فيك راحة ... وفي الصبح قتل أو فكاك أساري
ولو كنت تحت الارض تسعين واديا ... لما رد عني ما أخاف حذاري
فيا نفس مهلا أن للموت غاية ... فصبرا على ما ناب يا بن ضرار
أأخشى ولي في القوم رحم قريبة ... من الامر ما أخشى والاشتر جاري
ولو انه كان الاسير ببلدة ... أطاع بها شمرت ذيل إزاري
ولو كنت جار الأشعث الخير ... فكني وفر من الأمر المخوف فراري
وجار المرادي العظيم وهانىءٍ ... وزحر بن قيس ما كرهت نهاري
ولو انني كنت الأسير لبعضهم ... دعوت عميد القوم عند عثاري
فإلا يغثني في الصباح بنعمة ... يفك بها عني فقبري داري
قال: فلما سمع الأشتر هذه الأبيات كأنها حركته، ثم غدا به الأشتر على عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه، فقال: يا أمير المؤمنين هذا رجل اخذته البارحة أسيراً بلا قتال، والله لو عملت أن قتله الحق لقتلته وقد بات عندي البارحة، وحركني بأبيات قالها، فإن أحببت قتله فأقتله، وإن كنت فيه بالخيار فهبه لي، فقال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: هو لك يا مالك، فإذا أصبت أسيراً فلا تقتله، فإن أسير أهل القبله لا يقتل ولا يقاد قال: فرده الأشتر إلى رحله، فأحسن إليه ورد عليه ما كان 251 - و أخذ منه وأطلقه.
أصبغ بن عمر بن عبد العزيز:

ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي كان بخناصره مع أبيه، وشهد وفاته بد ير سمعان، وقد ذكرنا في ترجمة أخيه إبراهيم بن عمر أنه لما احتضر عمر دعا بنيه وهم بضعة عشر ذكراً، فنظر إليهم فذرفت عيناه، ثم قال: بنفسي الفتية الذين تركتهم عيلاً، لا شيء لهم بل بحمد الله تركتهم بخير، إلىآخر القصة، وكان أصبغ أحدهم.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: أصبغ بن عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي له ذكر وأعقب عقباً 251 - ظ.
بسم الله الرحمن الرحيم
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: أصبغ بن عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي له ذكر وأعقب عقباً 251 - ظ.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيق أصبغ بن نباته: أبو القاسم التميمي المجاشعي الحنظلي الدارمي الكوفي، شهد صفين مع عليّ ابن أبي طالب رضي الله عنه، وروى عنه وعن الحسن بن عليّ رضي الله عنه وأبي أيوب الأنصاري.
روى عنه سعد بن طريف الاسكاف، وعلي بن حزور، وثابت بن أبي صفية الثمالي، ويحيى بن أبي الهيثم الكوفي وفطر، والأجلح.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد قال: اخبرنا أبو القاسم هبة الله بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان قال: حدثنا أبو بكر بن إبراهيم الشافعي قال: حدثنا الحسين بن عمرو الثقفي الكوفي قال: حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا عمرو بن بزيع قال: حدثنا عليّ بن حزور عن الأصبغ بن نباتة عن عليّ في حديث ذكره قال: إن أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب مع الملائكة، لم ينحل أحد ممن مضى من الأمم غيره شيء أكرم الله به محمداً صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو محمد عبد البر بن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمذاني في كتابه إلينا منها قال: أخبرنا أبو المحاسن نصر بن المظفر البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا حمزة السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ قال: أصبغ بن نباتة صاحب عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، يروي عنه أحاديث غير محفوظة.
أخبرنا حسن بن أحمد بن يوسف إذناً قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا ثابت بندار قال: أخبرنا أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا عليّ بن أحمد بن زكريا قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي أحمد إملاء من حفظه قال: أصبغ بن نباتة، كوفي تابعي ثقة.
قال: أبو أحمد بن 252 - و عدي قال: حدثنا محمد بن عليّ المروزي قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: قلت ليحيى بن معين: الأصبغ بن نباتة؟ قال: ليس بشيء.
قال أبو أحمد: حدثنا ابن حماد قال: حدثنا عباس قال: سمعت يحيى يقول: أصبغ بن نباتة ليس بثقة.
وقال حدثنا ابن جماد قال: حدثنا معاوية عن يحيى قال: أصبغ بن نباتة ليس بشيء.
وقال: حدثنا أحمد بن عليّ المظفري قال: حدثنا عبد الله بن أحمد الدورقي قال: سمعت يحيى بن معين يقول: الأصبغ بن نباتة ليس حديثه بشيء.
وقال كتب إلي محمد بن الحسن البصري: حدثنا عمرو بن عليّ قال: ما سمعت يحيى ولا عبد الرحمن حدثا عن الأصبغ بن نباتة بشيء قط.
وقال كتب إليّ محمد بن أيوب حدثنا يحيى بن معين قال: قال: جرير كان المغيرة لا يعبأ بحديث الأصبغ بن نباتة.
أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر الأسكندراني، بمنظرة سيف الإسلام بين مصر والقاهرة، قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى المديني قال: أنبأنا أبو الحسن عليّ بن منير بن الحلال قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن عليّ بن سنان قال: الأصبغ بن نباتة متروك الحديث.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله النجار عنت الفضل بن سهل الحلبي قال: أنبأنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: أخبرنا ابن خميرويه قال: أخبرنا الحسين بن إدريس قال: سمعت 252 - ظ ابن عمار يقول: وأصبغ بن نباتة ضعيف.

أخبرنا أبو الفضل جعفر بن أبي البركات الهمذاني في كتابه قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا عبد الوهاب الميداني قال: حدثنا أبو هاشم السلمي قال: حدثنا القاسم بن عيسى العصار قال: حدثنا أبو اسحق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال: كان أصبغ بن نباتة زائفاً.
ذكر أبو محمد بن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل قال: الأصبغ بن نباتة أبو القاسم الحنظلي التميمي روى عن علي، روى عنه فطر والأجلخ، وسعد بن طريف. سمعت أبي يقول ذلك. قرىء على العباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين: لين الحديث، قلت وعقيصاً؟ قال: ما منهم غير أن أصبغ أشبه.
أخبرنا أبو محمد بن أبي العلاء في كتابه قال: أخبرنا حمزة السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي بن زكريا اللؤلؤي قال: حدثنا محمد بن سنان عن أبي الجارود قال: قلت للأصبغ بن نباتة: ما كان منزلة هذا الرجل فيكم - يعني علياً رضي الله عنه؟ قال: ما أدري ما يقولون إلا أن سيوفنا كانت على عواتقنا فمن أومأ إليه ضربناه.
قال ابن عدي: وأصبغ بن نباتة لم أخرج له هاهنا شيئاً لأن عامة ما يرويه عن عليّ لا يتابعه أحد عليه، وهو بين الضعف، وله عن عليّ أخبار وروايات، وإذا حدث عن الأصبغ ثقة فهو ابأس بروايته، وإنما أتى من الانكار من جهة من روى عنه لأن الراوي عنه يكون ضعيفاً.
أصبغ صاحب أبي مسهر الدمشقي: حكى عن أبي مسهر وكان خرج في صحبته من دمشق إلى الرقة حين امتحنه المأمون، واجتاز في طريقه معه بحلب 253 - و أو ببعض عملها إن لم يكن دخلها. حكى عنه أبو محمد التميمي.
الأصيلح المعلم الكفرطابي: كان معلماً بكفر طاب وله شعر.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد القرطبي عن مؤيد الدولة أبي المظفر أسامة بن مرشد بن عليّ بن منقذ قال: كان الأصيلح معلماً في كفر طاب، وكان يوسف بن المنيرة أبو أستاذي حائكاً ثم تأدب، وصار معلماً فقال فيه الأصيلح:
أي عقل لحائك في الأنام ... لا ولو قيد نحوه بزمام
نصفه نازل مع الجن في البئر ... وباقيه قاعد في قيام
ذكر من اسمه الأعز
الأعز بن فضائل بن العليق: أبو نصر، حدث عن شهدة بنت الآبري، ولاحق بن كاوه، وأبي الحسين بن يوسف.
أخبرني بعض أهل الحديث أنه سأله عن دخوله حلب، فأخبره أنه دخلها.
الأعز بن كرم بن محمد بن عليّ أبو محمد الحربي: التاجر المعروف بابن الاسكاف ويعرف أيضاً بابن كداياه من أهل الحربية سمع الحديث من أبي المعالي عمر بن بنيمان المستعمل وأبي القاسم يحيى بن ثابت ابن بندار البقال، وأبي العز عبد المغيث بن زهير بن زهير الحافظ الحربي وغيرهم.
وأجازت له الكاتبة شهدة بنت الآبري وغيرها وحدث بالكثير، وروى لي عنه صاحبنا أبو حفص عمر بن عليّ بن هجان البصري حديثا، وذكر لي أنه دخل حلب، وسافر في التجارة إلى كثير من البلاد شرقاً وغرباً. قال لي: وكان شيخاً صالحاً مهيباً، سهلاً حسن الوجه مليح الشيبة سخياً كريماً، ذا مروءه، وقف الوقوف وسبل السوابل، وكان كثير الصدقة والمعروف، 253 - ظ كان يطوف بالليل على المساكين والأرامل بنفسه، فيعطيهم سراً ولا يعلمون من هو. قال لي: وكان مولده في سنة خمس وخمسين و خمسمائة.
حدثنا عز الدين أبو حفص عمر بن عليّ بن دهجان البصري بالجانب الغربي من بغداد، وكتبه لي بخطه، قال: أخبرنا الأعز بن كرم - بقراءني عليه وهو يسمع بالحربية - قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن ثابت بن بندار - قراءة عليه في شعبان سنة ثلاث وستين وخمسمائة - قال: أخبرنا أبي أبو المعالي ثابت - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن بكير البزاز، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن سلم الختلي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عليّ بن مسلم الأبار قال: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قال: حدثنا ابن مهدي قال: حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت فإنه لا مكره له ولكن ليعزم المسألة.
أخبرني ابن دهجان البصري أن الأعز بن كرم توفي يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من صفر سنة إحدى وأربعين وستمائة، ودفن في يوم الأربعاء بباب حرب رحمه الله.

الأعسر بن مهارش الكلابي: فارس شاعر أعرابي من بني كلاب، قدم حلب على سيف الدولة أبي الحسن بن حمدان، وحكى له حكاية عشقه الصيقل بنت طراد بن خشرم الأسدي، فاستحسن سيف الدولة خبره وزوجه إياها 254 - و وأحسن إليهما.
قرأت الحكاية في مجموع عتيق مكتوب في أيام سيف الدولة، أو قريب من عصره، وشاهدتها في المجموع على الصورة التي أذكرها بخط بعض الأخباريين في جزء وقفت عليه في وقف الإمام الناصر أبي العباس بالخلاطة في الجانب الغربي ببغداد.
قال: وبلغني أن سيف الدولة - رحمه الله، وفد عليه الأعسر بن مهارش الكلابي في ثلاثين رجلاً من بني كلاب، بعدما صالح سيف الدولة بني كلاب، فدخلوا عليه فخطبوا خطباً حسنة، فأجازهم، وأعطاهم، وكانوا أتوا في رسائل، فأقاموا ينتظرون الجواب لرسائلهم، وكان الأعسر يحضر مجلس الأمير سيف الدولة في كل يوم، فإنه ذات يوم في مجلسه إذ أخذوا في حديث العشق والتتيم، فقال أبو فراس الحارث بن حمدان: أيها الأمير بلغني أن مع الأعسر طرفاً من ذلك فاسأله يخبرك، فقال سيف الدولة: حدثنا حياك الله فإنا نحب حديثك، فقال: أيها الأمير أما إذ سألتني قبل إعلامي لك فإني سأحدثك: إعلم أيها الأمير أطال الله بقاءك، إنا كنا نسكن بسنجار، وخيامنا هناك، وكان على فرسخين من حلتنا حلة بني أسد، وكان لي فيها ودٌّ كان لوالدي وصديق يقال له طراد بن خشرم، وكنت كثيراً أطرقه وأسلم عليه وعلى جماعة أودهم من الحلة، وإني طرقته أيها الأمير في بعض الأوقات فلما قربت من الحلة، وإذا أنا بعطعطة وزعقات، فأجريت فرسي فإذا أنا بأهل 254 - ظ الحلة في حرب عظيم وأمر مهول، فتقدمت إلى أول بيت لقيني فقلت: يا أهل البيت أنعموا صباحاً، فخرجت وليدة سوداء فقالت: وأنت نعم لك الصباح. قلت: ما أوقع الحرب بين هذين الفيلقين؟ فقالت: إعلم أن طراد بن خشرم له ابنة يقال لها صيقل من أحسن النسوان، لم ير أحد مثلها، وأن خفاف بن ندبة كان وداً لوالدها وصديقاً، وكان يطرقه كثيراً ويقيم عنده، فرأته ابنته ورآها فتحاببا وتعاشقا، وزاد ذلك حتى فشا في الحي، فلما كان قريباً وجه يتهدده، ويقول له: والله لئن لم تزوجني لأكسبن الحلة ولأدوسنها ببني قشير، فقال له: ما أنت إلا أهل لذلك، ولكن قد فشا الحديث بين أهل الحي، وأنا أكره القالة القبيحة، فعاوده فسبه وخرج خفاف مغضبا يزأر، ولم نشعر به حتى طرقنا البارحة بسحرة، في بني أبيه من بني قشير وأحلافهم من عجلان وطيء، وقد طحنوا الحلة طحناً، فلما سمعت ذلك تهلزت للحرب، وأردت أري أهل الحلة شجاعتي وفروسيتي وتنكرت، واختلطت ببني أسد، ثم خرجت بين الصفين والقوم زردقاً زردقاً، فضربت ميمنة وميسرة وقلباً وارتجزت وقلت:
من منكم ينشط للنزول ... إلى شجاع بطل بهلول
يفرق الجمع ولا يزول ... يرديكم من فوق ذي الخيول
حتى يغادي جيشكم مفلول
فانتدب لي شاب من بني عجلان يقال له حنظلة بن دارم فخرج وجال بين الصفين وقال:
أنا الشجاع البطل البهلول ... لتعلمن غب ما تقول
سوف أعممك على الفلول ... بصارم ليس يرى مفلول
وتدانى إليّ وتدانيت إليه، وكف العسكران، وأحجموا ينظرون إلينا، فطال بيننا الضرب إلى أن ضربته ضربة على حبل عاتقه حلت كتفه وأرديته عن فرسه وجريته إلى أصحابي، وجلت بين الصفين وأنشأت وأنا أقول:
من شيمتي الكر على القبائل ... والخوض في دم الفتى المقاتل
إني أنا الفارس والحلاحل ... قبيلتي تسمو على القبائل
معروفة بالكر في الجحافل
فبرز لي رجل من طيء يعرف بهمدان بن عكرمة فجال بين الصفين وارتجز وهو يقول:
الحرب تارات أبا مقاتل ... لا تحسبني مثل ذاك الفاشل
لتعلمن أينا حلاحل ... وأينا يفلل الجحافل
ويقتل السادات في القبائل

ودنا مني ودنوت منه، وجرى بيننا أمر عظيم، وبدرني بضربة في قمتي كشطت من رأسي قطعة، وضربته ضربة في هامته قطعتها، وحمل أصحابه عليه فأخذوه واشتملت وجعلت أجول بين الصفين، فتغيظ مني أمير الجيش وهو خفاف بن ندبة، فقال: من هذا الذي قد فلَّل جموعكم وقتل أبطالكم؟ قالوا: ما نعلم غير أنه 255 - ظ بطل، فقال: دونكم فرسي الغضبان، فأتي بفرسه، فركبه وتدرع وخرج وهو غائص في الحديد وبارزني فتجاولنا ومضت بيننا عركات ورأيته ثبتاً جري الجنان، قوي القلب لا رعديد ولا فشل، فلما لم يكن لي معه شيء خاتلته وأخذت من طريق الخديعة وقلت: أخذتك ورب الكعبة، وأريته أني أضرب رجليه فاشتغل بها فضربت يده أطرتها، ونفرت به فرسه فأردته، وحمل أصحابي فأخذوه وهو حي إلا أن يده قد ذهبت ونصف ساعده، فلما علموا أن رئيسهم قد مضى وقع الصراخ والبكاء وانطفأ الحرب، وكف الناس وعملوا المواتيم، وأتيت طراداً فقلت له: ما هذه الحروب؟ فأخذ يحدثني وقال لي: لولا أن الله من علينا برجل لا أعلم من هو، غير أني رأيت دابته حنفاء، وكانت فرسي حنفاء غير أنه لم يكن مثلها في السباق والركض، فقلت له: إن رأيت الفرس حاسراً تعرفه قال: نعم فحدرت لثامي فقال: الله أكبر الأعسر ورب الكعبة مرحباً، وقام فقبل رأسي ورأس بني عمي، وكان صحبني من الحلة خمس من بني عمي كانوا معي في الحرب، وبقي خفاف تلك الليلة إلى الصباح ينزف دمه، ولم تأت الظهيرة حتى قضى نحبه، ووقع في الحي البكاء والنحيب وفرغوا من أمره، وأخذ أهبته ودفن، وكثر البكاء والنحيب في بني قشير، وأقيمت عند طراد ثلاثاً، ثم ودعته في اليوم الرابع وقلت: المضي، قال والله 256 - و لا أقمت عندي إلا عشراً لأكرمك وأقضى بعض واجب حقك، فسأله بنو عمي الانصراف فأذن لهم بعد شدة، فأقمت أنا عنده يومين بعد ذلك، وكنت لا اصبر عن الشراب، إنما هو قوام حياتي، فقلت لطراد: إني أريد الشراب قال: وكرامة، وأنقذ فأتاني من بعض الحانات بشراب، فسمطت طعاماً وشرابا على فرسي وخرجت ومعي عشرة من شباب بني أسد نتنزه ونشرب وأمعنا في السير إلى أن وقعنا على موضع خضر نضر فيه شجر قد عرش، وزهر قد انفرش، وماء جار، وموضع طيب فشربنا على الغدير إلى قرب العصر، ثم فني شرابنا فكررنا راجعين فقال لي بنو عمي: ترغب في السباق إلى الحي؟ قلت: نعم، وطمعوا فيَّ لأنهم رأوا دابتي حنفاء فأطلقنا أعنة خيولنا ومررنا سباقاً إلى الحلة، فسبقتهم أنا بأجمعهم بنحو الميل ووقفت على كثيب أحمر على ظهر الحلة على نشزٍ منها أنتظر أصحابي، فأنا واقف إذ سمعت بكاءً وشجىً وحنيناً وعويلاً، فالتفت فأنا بجارية جالسة على قبر مبيض جديد، وهي تبكي بكاء شجيٍ حرق وتندبه وهي تقول:
يا واحداً لست بناسيه ... نعى إلي العيش ناعيه
والله ما كنت أرى أنني ... أقوم في الباكين أبكيه
والله لو لم يُقتبل فدية ... لكنت بالمهجة أفديه
بيضت منك القبر يا سيدي ... لأنني لست بناسيه
عاذلتي في جزعي أقصري ... قد غلق الرهن بما فيه
256 - ظ فبهت أنظر إليها والى حسن وجهها، ورأيت ما لم أر مثله قط فحاذيتها، وأنشأت أقول:
جرى الدمع من عينيك كالسلك إذ ... وهي من العقد أو كالطل في ورق الورد
فخلت البكاء من رقة الخد أنه ... يؤثر من حرٍ على صفحة الخد
فلو أنت أقصرت البكاء ودعيته ... لناداك بالحسنى وقام من اللحد

فلما علمت بي ردت البرقع على وجهها، فكأن الشمس كانت تحجبها بالغيم، وقالت إعدل عني يا عبد الله فما أنا لك بصاحبة فلا تكن طامعاً، أما تستحي من ربك أن تنظر ما ليس لك بمحرم، ولحقني أصحابي وأنا في النار فقالوا: سبقت والله بالحنفاء أعيذك بالله، فقلت يا قوم دعوني فإني في حالة، قالوا من أيش؟ قلت: رأيت هذه الجارية فوقعت والله في نفسي، وقد شغلتني عن سائر أهلي، فقالوا: تدري هذه من؟ قلت: لا، قالوا هذه ابنة الأمير طراد، وهي التي وقع الحرب من جهتها، وهذا قبر خفاف، قلت: هذه صيقل؟ قالوا: نعم، وكان طراد سيدا في قومه يركب وحده ويرجع في خمسمائة عنان، وسرنا حتى دخلنا الحلة، وأنا كالمريض من جهتها، فأقمت عنده عشرة أيام، فلما كان اليوم الحادي عشر قلت: قد فعلت ما أمرت، وقد أحببت أن تضيف إلى أياديك المخلوفة، وأفاعيلك المألوفة أن تشرفني، قال: بماذا؟ قلت: توصل حبلي بحبلك وتزوجني من الصيقل ابنتك، قال: 257 - و حبذا والله أنت، ولكن ليس نجيب أحداً بعد الماضي، وإنما الحرب جرى من جهتها وفي سبيلها، ولكني أخاطبها ويكون بمحضر منك.
ثم أخذ بيدي أيها الأمير وأتى بي مضربها، فأجلسني براً منه حيث أسمع ما يدور بينهما، ودخل إليها فقال لها: يا بنية، الأعسر ممن تعلمين فضله وكرمه وسؤدده، وقد أتانا خاطباً لك فلا تلجين وأنعمي، فبكت وقالت: والله لئن لم تتركني لأقتلن نفسي فعاودها دفعات وهي تأبى، فخرج وهو يشتمها ويلعنها، وخبرني فجزيته خيراً، وودعته وسرت وأنا قلبي عند الصيقل حتى أتيت أهلي ففرحوا بي وتباشروا، واجتمع أهلي وبنو عمي فقلت لهم:
مضيت من عندكم بقلبي ... وعدت مضنى بغير قلب
وكنت حياً فصرت ميتا ... من حسرة بي تشد كربي
كدت وحق الإله حقاً ... والبيت والقاصدين سغب
أقضي من حرقة ووجد ... ولوعة في الفؤاد نحبي
حسبي يا صقيل بهذا لا ... تكثري في الجفا فحسبي
فبهت أهلي وأصحابي، وقالوا: ما الذي دهاك؟ قلت لا تنطق، وأسرع فأحمل إلى طراد جميع ما يطلبه وأطرح عليه جميع من قدرت عليه حتى يزوجني من ابنته، وحدثته الحديث فاغتنم وبكى، وأنفذ إلى طراد يرغبه وأكثر له وهي تأبى أن تتزوج بأحد.

فأقمت مدة بأسوأ حال، ثم إني اشتقت إليها ذات يوم 257 - ظ وطرقني خيالها ليلاً، فغدوت أريدها فسرت على فرسي حتى أتيت الحلة، فشممت على قدر ميل نتن روائح وجيفة، فلما وصلت إلى الحلة إذا بقتلى كثيرة بعضهم فوق بعض، وأهل الحي زردق زردق، ومحفل محفل في المواتيم والبكاء والنحيب، فتقدمت إلى بيت لقيني فناديت يا أهل البيت أنعموا صباحاً، فخرجت جارية كالمهاة، وقالت وأنت نعم لك الصباح ما تريع؟ قلت: ما طرق الحي، من بني أسد؟ قالت وهي تعصر عينيها من البكاء: طرقهم أسد أخو خفاف بن ندبة فسبى حريمهم وقتلهم وشردهم، وفعل بهم ما ترى قلت: فما فعل طراد وابنته صيقل؟ قالت أسرهما جميعاً أسد وهما عنده، فبكيت لذلك، وأتيت أصدقائي في الحي فعزيتهم وهم يبكون فهمت نفسي أن أصير إلى حي بني أسد لما أصابني من الحب والوجد، وأن أتحيل في تخليصها، فقلت لهم: وعلى كم فرسخ من حي بني قشير؟ قالوا: ثلاثة فراسخ، فودعتهم وكان مغيب الشمس وسرت على العيوق والنسرين أطلب قاع الريح، وكانوا بها نازلين، فلم يمض الثلث من الليل حتى أشرفت على الحي وإذا الخيام والقباب والأحمال كالكواكب، ولم أصل إلى الحي حتى أطفئت المصابيح وهدأ النبيح،وكانت ليلة مقمرة، فنظرت والحي هاد الأخبية مطنبة إلى جوانب الجدرانات، فحملت في واد كثير العوسج والمدر فاختفيت فيه، ثم اني فكرت وحسبت من الأسد، فارتقبت في أعلى شجرة دوم أنتظر راعي غنم، راعي إبل، بعض عجائز 258 - و الحي ممن يخرج يلتقط الحنظل، فاني لكذلك،وإذا بجويرية سمراء قد أقبلت ومعها عباء فبسطتها وأقبل معها شاب فبركا جميعا يتحادثان ويتشاكيان أطيب من قضم السكر،ومن الشهد المصفى، فأقاما على ذلك ساعة من الليل، ثم قال يا بصيرة ارقدي حتى نرقد ساعة، قالت: والله يا محبوب ما إلى ذلك من سبيل لأني مع النسوان الذين قد وكلوا بحفظ الصيقل، فأصغيت حينئذ إليها، فقال لها: والله ما بد لي من ذلك، ثم أكرهها، ورقدا جميعا فمكثا هوياً من الليل، ثم قاما، وعاد الرجل إلى نومه، وقامت الجارية فنزلت فاعترضتها في سنم الوادي، فقلت لها: ممن أنت؟ قالت من هذا الحي، قلت اجلسي أتعرفيني، قالت: لا، قلت: أنا الأعسر وقد رأيتك وما صنعت مع محبوب. فاكتمي عليّ أكتم عليك، قالت:قل يا إنسان فوالله لا تقول شيئا بعد ما رأيتنا إلا ويكون عندي كقول الشاعر:
جعلت فؤادي مقراً لسرارة ... فما أن له طول الزمان ظهور
كذا الميت لا يرجوا الخروج ولا ... اللقاء ولا النشر إلا أن يكون نشور

قلت: جزاك الله خيراً، إعلمي، إن هذه الصيقل حبتي، وقد أتيت الليلة أريد أخنسها فأريد أن تتوصلي إليها وتقولين لها: أن الأعسر بوادي الاراك ومعه دابته الحنفاء، وموعدك الشجرات فاخرجي، قالت: وكرامة ومضت أتيت أنا الوادي فعقلت فرسي وأنفقت بالرجل فقال: ممن أنت؟ فأعلمته 258 - ظ أني قد رأيتهما وقلت: حدثني حديثك، قال: أعلم أن هذه ابنة عمي وأن أسد لعنه الله - أغار علينا، ونحن من بني كنانة فأخذ نسوان جماعة أستبعدهم منهن ابنة عمي، وكنت أجد بها وجداً عظيماً، فلما فقدتها ضاقت عليّ الأرض بما رحبت، ولم أزل أتوصل حتى خدمت أخاه خفافا في غنمه، فكنا نجتمع في كل ليلة، فلما قتل خفاف صرت معه وقد رضيت منها بهذا، ولا أقدر أخنسها لئلا يتبعنا ويأخذ وله عيون ومراصد، فقد قنعت بهذا، وبكى فرحمته، وأنا أحدثه إذ زعق أفزعني فنظرت فإذا أفعى عظيم أسود سالخ قد لدغه، فاضطرب ساعة وخمد فأصابني والله أمر عظيم، ووقفت بصف الطريق أنتظر النصيرة، وإذا بها أقبلت فقالت: سوف أخرج، وهي الله فرحانة بذلك، فعرفت أمر حبيبها المسكين، فبكت بكاء عظيما، وغشي عليها دفعات وأفاقت فتركتني ومضت إلى الحي، ثم ركبت فرسي وقد مضت الكواكب، وبدت كواكب السحر تتحدر، وإذا بصوت الحديد وخشخشته، وإذا بها قد أقبلت في نسوان جماعة فلما وقفت بي، علمت موضعي فقالت: بالله يا أخوات قفن غير صاغرات حتى أقضي حاجة، قلن الله لئن جاء وعلم بإخراجك ليقتلنا، قالت لهن: وأين خرج؟ قلن خرج إلى ابن عم له عليه مال يريد قبضه ولعله يغيب يومه أو يوما وليلة، فقالت لهن: فلست أتأخر، قلن: فامضي فدخلت إلي فقالت: فك قيدي، فتمطيت وأركبتها الحنفاء 259 - و وأنا أسير خلفها عريان إلا سراويل عليّ شاهرا سيفي وأبطت عن النسوان فنذروا بنا فتزاعقوا وتصارخوا، وقام أهل الحي، فركبوا خيولهم، فبين مسرج وملجم ومزعج ومرهج فامتد خلفنا ثلاثمائة عنان بين أيديهم العبيد بالحجارة يرمونا، وأنا أعدو فكلما علمت أنهم قد قاربوني أتقدم إليهم فأقتل واحداً وأثنين وأعطي رجلي الريح، فقطعتهم على ذلك فرسخين، ثم صحت بها خذى عرضا فإنك على غلط، فأخذت عرضا وسرنا وهم خلفنا فصرنا قريباً من الحلة، وإذا صوت حوافر، فلم نشعر إلا وقد طلع أسد في مائتي رجل من قومه شاكين في السلاح، عليهم السكينة والوقار، فلما سمعوا الزعقات أمسكوا أعنتهم وحبسوها، وأحجموا ساعة حتى عرفوا أصحابهم، وفطنت أنا بذلك فصحت بها الحقي بأهلك فأنت قريبة منهم، فأطلقت للفرس عنانه فمر كالريح الهبوب، أو كالماء السكوب حتى دخلت الحلة، واجتمع عليّ الفيلقان وداروا بي كالإكليل، ولما دخلت الصيقل الحي أنذرت أهلها فركبوا على كل صعب وذلول، واستنجدوا ببني تميم أحلافهم، وساروا نحوي فلحقوا بي، فقاتلوا عني حتى خلصوني وفي ضربة مثخنة في كتفي، وأنا أقاتل فساعدني القوم فقتلنا منهم مقتلة عظيمة، وأسرنا أسداً وانهزم الباقون، وأخذته أقوده إلى الحي، فلما أدخل وقعت البشارة وفرحوا فرحاً تاما، فأقام 259 - ظ محبوسا ثلاثة أيام ونفذ بنو قشير يسألوني أن أخلص أسد فقلت: لا أفعل أو يدفعون إلى طرادا ومائة ناقة حمراً بحلالها قالوا: لا ولكن ندفع إليك طراداً، قلت: لا إلا ومائة ناقة، فلما رأوا مني التصعب أنفذوا الي طراداً ومائة ناقة فسرحت أسداً، ووقع الفرح في الحي وتشكر لي سائر أهل الحي وأقمت عشرة أيام وأنفذت إلى طراد أسأله التزويج فكلمها، فأبت فعاودها دفعات فأبت فكتبت إليها بشعر هذا وأومأ إلى أبي الطيب المتنبي.
أرى ذلك القرب صار إزوراراً ... وصار طويل السلام اختصارا
تركتني اليوم في حيرة أموت ... مراراً وأحيى مراراً
أسارقك اللحظ في خفية ... وازجر في الخيل مهري سرارا
فلما قرأت ذلك ووقفت عليه لم تجبني عليه، وأبت وقد رحلت بها وبأبيها إليك أيها الأمير - أطال الله بقاءك، وأدام نعماءك، وكثر في العلو ارتقاءك - وأنا وأبوها نسألك أن تنفذ إليها فتسألها أن تجيب أو تحتم عليها، فاستحسن حديثه سيف الدولة ورحمه وكل من حضر، وأنفذ إلى الصيقل فأمرها بالطاعة والتزويج فقبلت، فزفت في دار سيف الدولة إلى الأعسر، وأقاما في كنف سيف الدولة في رفاهية من العيش حتى أتاهما اليقين.
أعين بن ضبيعة المجاشعي:

شهد صفين مع عليّ رضي الله عنه، وجعله أميراً 260 - و على بني عمرو وحنظلة البصرة، وقيل على رجالة البصرة.
أنبأنا أبو الفتوح بن الحصري قال: أخبرنا أبو محمد الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عمر ابن عبد البر قال: وكان معاوية بعث الحضرمي - يعني عبد الله بن الحضرمي - ليأخذ البصره، وبها زياد خليفة لأبن عباس فتزل عبد الله بن الحضرمي في بني تميم، وتحول زياد إلى الأزد، وكتب إلى علي، فوجه إليه أعين بن المجاشعي فقتل.
قلت: وأظن قتل أعين كان سنة تسع وثلاثين.
الأغر بن أحمد بن عبد المنعم بن سنان: أبو الفضل القاضي الحلبي، شاعر حسن الشعر،وكان بعد الأربعمائة.
وكان أحد قواد ناصر الدولة الحسين بن الحسن بن حمدان، وكان معه بمصر، ويغلب على ظني أنه من بني القاضي الأسود عبد المنعم بن عبد الكريم ابن أحمد بن سنان الخفاجي.
أنشدني أبو السعادات المبارك بن حمدان الموصلي قال: قرأت في مجموع عتيق هذه الأبيات للأغر بن سنان الحلبي وهي:
سهرت وأجفاني صحاح ولم أنم ... ونامت ولم تسهر وأجفانها مرضى
ومن أجل ذاك السقم في جفن عينها ... سهرت فلم أعرف رقاداً ولا غمضا
فيا ليت هذا العرف لم يك بيننا ... فأصبح لا حباً عرفت ولا بغضا
قرأت بط أبي البيان محمد بن عبد الرزاق بن أبي حصين المعري قاضي حمص في أشعار والده أبي غانم عبد الرزاق بن عبد الله أبي حصين في القاضي الأغر أبي الفضل بن سنان الحلبي قال: وكان جرى منه كلام في حقه عند ناصر الدولة - يعني - ابن حمدان أوجب ذلك وكان ينسب إلى الأبنة، وأخبرنا بذلك أبو اليمن الكندي وغيره إجازة عن أبي البيان القاضي عنه:
إذا كان سر في فؤادي كتمته ... وإن أبده يوما فأني كان
قلبتم لنا ظهر المجن ولم نكن ... لنبدأ كم بالغدر آل سنان
فثالثة العشرين من سورة النساء ... فراش لما في النحل بعد ثمان
يريد بثالثة العشرين ما ذكر في الآية أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وسائر من ذلك في الآية ويريد بقوله ما في النحل بعد ثمان ما ذكر في الآية 260 - ظ والخيل والبغال والحمير.
الاغبير مولى هشام بن عبد الملك بن مروان: كان معه برصافة هشام وحكى عن ابن شهاب الزهري، روى عنه رشدين.
أنبأنا زين الأمناء الحسن بن محمد قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن قال: أنبأنا أبوا محمد هبة الله بن الأكفاني وعبد الله بن السمرقندي قالا: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا العلاء بن أبي المغيرة قال: أخبرنا عليّ بقاء الوراق قال: أخبرنا أبو محمد عبد الغني بن سعيد قال: حدثني الحسين بن عبد الله أبو القاسم قال: حدثنا محمد، محمد الباهلي قال: حدثنا محمد بن الوزير قال: حدثنا مروان قال: حدثني رشدين بن سعد قال: حدثني أغيبر مولى هشام ابن عبد الملك قال: سمعت ابن شهاب الزهري يقول ثلاثة ليس من أمه محمد صلى الله عليه وسلم الجعدي والمناني والقدري، قال بعض أصحابنا: هم أصحاب ماني الزنديق كذا قيده عبد العزيز.
قلت: قوله: هم أصحاب ماني، يعني المنانية.
ذكر من أسمه أفلح
أفلح أبو كثير وقيل أبو عبد الرحمن مولى أبي أيوب الأنصاري، وكان يكنى بولديه: كثير وعبد الرحمن، كان مع مولاه بصفين وفي غزاة الروم وكان لا يفارقه، وأدرك زمان عمر بن الخطاب وقيل سمع منه ورأى عثمان بن عفان، وعبد الله بن سلام وروى عن مولاه أبي 262 - و أيوب وحكى عن معاذ بن عفراء، روى عنه محمد بن سيرين، وأبو الوليد عبد الله بن الحارث، وأبو الورد بن أبي بردة، وأبو بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم، وأبو سفيان مولى ابن أبي أحمد، ووافد بن عمرو ابن سعد بن معاذ.

قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو عليّ بن المذهب قال: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال: حدثنا ثابت يعني - ابن زيد قال: حدثنا عاصم عن عبد الله بن الحارث عن أفلح مولى أبي أيوب عن أبي أيوب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عليه، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم أسفل، وأبو أيوب في العلو، فكان يصنع طعام النبي صلى الله عليه وسلم فيبعث إليه، فإذا رد إليه سأل عن موضع أصابع النبي صلى الله عليه وسلم، فيتبع، أثر أصابع النبي صلى الله عليه وسلم، فيأكل من حيث أثر أصابعه، فصنع ذات يوم طعاما فيه ثوم، فأرسل به إليه فسأل عن موضع أصابع النبي الله صلى الله عليه وسلم، فقيل لم يأكل، فصعد إليه فقال: أحرام؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أكرهه، قال: فإني أكره ما تكره، أو قال: ما كرهته. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي، وأبو القاسم بن السمرقندي - إذناً منهما 261 - ظ قال أبو محمد: حدثنا أبو بكر الخطيب، وقال أبو القاسم: أخبرنا محمد بن هبة الله الطبري قالا: أخبرنا محمد بن الحسين قال: حدثنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا عمار بن الحسن عن سلمة بن الفضل عن ابن اسحق قال: ثم سار خالد حتى نزل على عين التمر، وأغار على أهلها فأصاب منهم، ورابط حصناً بها فيه مقاتلة كان كسرى وضعهم فيه، وسبى من عين التمر فكان من تلك السبايا أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري، ثم أحد بني مالك بن النجار.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو الحسين ابن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو بكر بن بيري - إجازة - قال: حدثنا أبو عبد الله الزعفراني قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: أخبرنا مصعب بن عبد الله قال: أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري، يكنى أبا كثير، وهو من سبى عين التمر، وابنة كثير ابن أفلح وأخوه عبد الله بن أفلح، وأخوه محمد بن أفلح، روي عنهم.
قال أبو حفص: أخبرنا محمد بن ناصر - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال أخبرنا أبو الفضل بن خيرون وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو الغنائم بن النرسي - واللفظ له - قالوا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال أخبرنا محمد بن سهل، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل قال: أفلح أبو كثير مولى أبي أيوب الأنصاري يعد في أهل المدينة.
رأى عثمان وعبد الله بن سلام وأبا أيوب. سمع منه محمد بن سيرين وأبو بكر بن عمرو بن حزم وعبد الله بن الحارث أبو الوليد. 262 - و وقال موسى عن جرير سمعت محمداً: أخبرني أفلح مولى أبي أيوب، قال لي معاذ بن عفراء في زمن عمر: بع هذه الحلة، كناه يزيد بن هارون.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا محمد بن عليّ الواسطي قال: أخبرنا محمد بن أحمد البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل الغلابي قال: حدثنا أبي قال: قال أبو زكريا: أفلح مولى أبي أيوب كان يكنى أبا كثير.
وقال أبو البركات الأنماطي: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن قال: أخبرنا يوسف بن رباح بن عليّ قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثنا معاوية بن صالح قال: سمعت يحيى يقول في تسمية تابعي أهل المدينة، أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري.
أنبأنا ابن طبرزد عن أبي غالب بن البناء قال: أنبأنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: أخبرنا محمد بن سعد قال في الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة: أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري، ويكنى أبا كثير، قال محمد بن عمر: وكان أفلح من سبي عين التمر الذي سبا خالد بن الوليد في خلافة أبو بكر الصديق وبعث بهم إلى المدينة، وقد سمعت من يذكر أن أفلح كان يكنى أبا عبد الرحمن، وسمع من عمر، وله دار بالمدينة وقتل يوم الحرة في ذي الحجة سنة ثلاث 262 - ظ وستين في خلافة يزيد بن معاوية، وكان ثقة قليل الحديث.

أنبأنا الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا بن الحسن الكرخي وأحمد بن الحسن بن خيرون قالا: أخبرنا محمد بن الحسن الأصبهاني قال: أخبرنا محمد بن أحمد الأهوازي قال: أخبرنا عمر بن أحمد الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال في الطبقة الثانية من أهل المدينة: أفلح مولى أبي أيوب خالد بن زيد بن كليب، يكنى أبا عبد الرحمن، قتل يوم الحرة سنة ثلاث وستين.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي، فيما أذن لنا في روايته، قال: أخبرنا عليّ بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع قال: أخبرنا أبو بكر عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: أخبرنا محمد بن سعد قال في الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة: أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري، ويكنى أبا عبد الرحمن، وهو من سبي عين التمر، الذين سبى خالد بن الوليد، وله دار بالمدينة وقتل يوم الحرة سنة ثلاث وستين.
أنبأنا الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو الحسن العتيقي قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: أخبرنا عليّ بن أحمد قال: حدثنا صالح بن أحمد قال: حدثني أبي قال: أفلح مولى أبي أيوب مدني تابعي من كبار التابعين.
أنبأنا عبد الرحمن بن عبد الله الأسدي عن مسعود الثقفي قال: أنبأنا أحمد ابن عليّ قال: أخبرنا أبو الحسي بن بشران 263 - و قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق قال: حدثنا محمد بن أحمد بن النضر قال: حدثنا معاوية بن عمرو عن أبي اسحق الفزاري عن أبي عون عن محمد بن سيرين قال: حلف مسلمة ابن مخلد لا يركب معه في البحر أعجمي، فقال له رجل ما أراك إلا قد حرمت خير الجند، قال: من هو؟ قال: أبو أيوب، قال: لا أركب مركباً ليس معي فيه أفلح، قال: ممل كنت أرى يميني بلغت أفلح وذوي أفلح فلقي أبا أيوب فقال: إني كنت حلفت ألا يركب معي في البحر أعجمي، فهذه مراكب الجند فاختر أيها شئت فاحمل فيه أفلح، وأركب أنت معي، فقال: لا حسد عليك ولا على سفينتك، ما كنت لأركب مركباً ليس معي فيه أفلح، فلما رأى ذلك أعتق رقبة، وقال لأفلح: اركب معنا.
كتب إلينا أحمد بن أزهر من بغداد أن أبا بكر محمد بن عبد الباقي أنبأهم عن أبي محمد الجوهري: قال أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسن بن الفهم الفقيه قال: أخبرنا محمد بن سعد، قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين أن أبا أيوب كاتب أفلح على أربعين ألفا، فجعل الناس يهنئونه ويقولون: لهينك العتق أبا كثير، فلما رجع أبو أيوب إلى أهله ندم على مكاتبته، فأرسل إليه فقال: إني احب أن تر إلي، وأن ترجع كما كنت، فقال له ولده وأهله: لم ترجع رقيقاً وقد أعتقك الله؟ فقال أفلح: والله لا يسألني شيئاً إلا أعطيته 263 - ظ إياه فجاءه بمكاتبته فكسرها، ثم مكثت ما شاء الله، ثم أرسل إليه أبو أيوب فقال: أنت حر وما كان لك من مال فهو لك.
أخبرنا أبو حفص الدارقزي فيما أذن أن نرويه عنه عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو الحسن بن الآبنوسي عن أحمد بن عبيد بن بيري قال: حدثنا محمد ابن الحسين قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا عبيد الله بن عمر قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب وهشام عن محمد أن أبا أيوب أعتق أفلح وقال: مالك لك.
قال: وحدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا سلام بن أبي مطيع قال: حدثنا عبد العزيز بن فربر أن محمد بن سيرين حدثه قال: كان لأفلح مولى أبي أيوب برذون فباعه، فقال له أبو أيوب: يا أفلح ما جعل فلاناً أحق بحمالةٍ منك؟ أخبرنا أبو نصر القاضي إذناً قال: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن الحسن قال: أفلح، أبو كثير، ويقال أبو عبد الرحمن مولى أبي أيوب الأنصاري، أدرك زمان عمر، ورأى عثمان وعيد الله بن سلام، وحدث عن مولاه أبي أيوب، روى عنه محمد بن سيرين وأبو بكر بن محمد عمرو بن حزم، وأبو الوليد عبد الله بن الحارث، نسب ابن سيرين، ووافد بن عمرو بن سعد بن معاذ، وأبو الورد بن أبي بردة، وأبو سفيان مولى ابن أبي أحمد، وكان مع مولاه أبي أيوب في مغازيه.

أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو محمد بن هبة الله بن الحسن، وعلي بن أحمد بن حميد قالا: 264 - و أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد بن السماك قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن البراء قال: أخبرنا عليّ بن المديني قال: ومات أفلح مولى أبي أيوب سنة ثلاث وستين قبل يوم الحرة.
قلت وقد ذكرنا فيما نقلناه أنه قتل يوم الحرة وهو أصح.
أخبرنا ابن طبرزد - إذناً - قال: أخبرنا أبو الفضل بن ناصر - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الفضل بن الفضل بن خيرون وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو الغنائم بن النرسي واللفظ له قالوا: أخبرنا أبو أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: قال لي إبراهيم بن موسى عن هشام بن يوسف عن عمر قال: ابن سيرين: قتل كثير بن أفلح وأبوه، وكانا موليين لأبي أيوب الأنصاري يوم الحرة، فلقيته في المنام فقلت: أشهداء أنتم؟ قال: لا.
أنبأنا الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال: أخبرنا أبو محمد ابن طاووس قال: أخبرنا أبو الغنائم بن أبي عثمان قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا الحسين بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا سعيد بن عامر قال: حدثنا هشام بن حسان قال: قال محمد بن سيرين: بينا أنا ذات ليلة نائم إذا رأيت أفلح - أو كثير بن أفلح، شك أبو محمد، يعني سعيداً - وكان يوم الحرة، فعرفت أنه ميت، وإني نائم وإنما هي رؤيا رأيتها، فقلت: ألست قد قتلت؟ قتلت؟ قال: بلى، قلت: فما صنعت؟ قال: خبراً، قلت أشهداء 264 - ظ أنتم؟ قال: لا، إن المسلمين إذا اقتتلوا فقتلوا بينهم قتلى فليسوا بشهداء، قال سعيد: قال هشام: كلمة خفيت علي، فقلت لبعض جلسائه: ماذا قال؟ قال: ولكنا بدناً.
أفلح العتقي الأندلسي: مولى العتيقيين، قدم حلب في سنة سبع وعشرين، أو ثمان وعشرين وثلاثمائة، وسمع بها من أبي بكر محمد بن شهمرد الفارسي وسليمان بن محمد بن إدريس ابن رويط الحلبي، وسمع بقنسرين من أبي البهاء محمد بن عبد الصمد القرشي، وببالس من أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن بكر المعروف بابن حمدون.
ذكره القاضي أبو عبد الله بن محمد بن يوسف الفرضي الأندلسي في كتاب " تاريخ الأندلسيين " فقال: أفلح مولى بن هارون العتقي، رأيت له كتباً من أسمعه بالمشرق سنة سبع وعشرين، وثمان وعشرين وثلاثمائة ببغداد: من المحاملي ومن أبي الحسن عليّ بن الحسن بن العب،وبالرقة: من أبي عليّ محمد ابن سعيد بن عبد الرحمن الحراني، وبحلب: من أبي بكر بن شهمرد الفارسي وابن رويط العدل، وبدمشق من أبي الطيب أحمد بن إبراهيم بن عبد الوهاب - يعرف بابن عبادل - وأبي يحيى زكريا بن يحيى بن موسى القاضي البلخي، وأبي عليّ الحسن بن حبيب بن عبد الملك، وبالرملة: من أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن بكر المعروف بابن حمدون، ولم أقف لأفلح هذا على خبر إلا ما حكيته عن كتبه 265 - و.
افولا ختن طريانوش الملك: مر معه بأنطاكية حتى انتهى إلى بيت المقدس وهو خراب، فأمره الملك طريانوش بعمارة البلدة، وولاه إياها وأمره أن يسلمها يسميها إيلياء، ومكنه من الأموال وكان أفولا حكيماً عالماً بالنجوم، فلما رأى أفولا الآيات والعجائب التي كان تلاميذ الحورايين يعلمونها رغب في النصرانية واعتمد وتنصر، ولم يكن مع ذلك يترك عمل النجوم والسحر الذي كان قديماً يعمل به، فلما رأى ذلك تلاميذ الحواريين نهوه عنه نهياً شديداً، فلم ينته فحرموه وأقصوه فحمله الغضب والآنفة والحمية إلى أن بعث المصاحف التي انتسخها بطليموس جميعها، ثم نزع إلى اليهودية فتهود ونسخ مصاحب بالعبرانية والسريانية من الكلام الرومي من تلقاء نفسه، والحجج الباطنة ما قدر أن يبطل به أمر المسيح ومجيئه وظهوره، فتلك الكتب التي كتبها في أيدي اليهود إلى يومهم هذا، وتفسير الاثنين وسبعين مصحفاً التي فسرت لبطليموس في أيدي اليونانيين إلى هذه الغاية.
ذكر هذا سعيد بن بطريق في تاريخه، ونقلته من خط يحيى بن عليّ بن عبد اللطيف المؤرخ المعري.
ذكر من اسمه اقبال
اقبال بن منصور بن أبي الخير بن بالغ:

أبو العز التاجر، كتب عنه بمنبج 265 - ظ عمر بن محمد العليمي المعروف بابن حوائج كش.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن الحسن الدمشقي النسابة بدمشق قال: أخبرنا أبو الخطاب عمر بن محمد العليمي - إجازة، ونقلته أنا من خط العليمي - قال: أنشدني أبو العز إقبال بن منصور بن أبي بن بالغ بمنبج لمحمد بن نصر ابن بسام .
يا ثقيلاً على القلوب إذا ... عن لها أيقنت بطول البعاد
يا قذى في العيون يا غلةً ... بين التراقي حرارة في الفؤاد
يا طلوع العذول ما بين ألفٍ ... يا غريماً أتى على ميعاد
يا ركوداً في غيم وصيف ... يا رجوة التجار يوم الكساد
خل عنا فإنما أنت فينا ... واو عمرو وكالحديث المعاد
وامض في غير صحبة الله ... ما عشت ملقى من كل فج وواد
يتخطى بك المهامة والبيد ... دليل أعمى كثير الرقاد
خلفك الثائر المصمم بالسيف ... ورجلاك فوق شوك القتاد
اقبال بن عبد الله الحبشي: الخادم الملقب جمال الدولة عتيق ضيفه خاتون بنت الملك العادل أبي بكر بن أيوب، كان أحد خدمها المختصين بها، فسخط عليه الملك الظاهر غازي بن يوسف ابن أيوب وقيده وحبسه في قلعة عزاز، فأخرجه الأتابك طغرل بن عبد الله الظاهري في ولايته 266 - و بعد موت الملك الظاهر، ولم يمكنه من الصعود إلى قلعة حلب فمضى إلى دمشق، واستقل الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر بمملكة حلب، فأعادته سيدته والدة الملك العزيز ضيفه خاتون إلى خدمتها بقلعة حلب، ولما مات ولدها الملك العزيز وصار تدبير مملكة ولده الملك الناصر إلى جدته المذكورة قدمت إقبال المذكورة، وتمكن في الدولة، على الأمراء والرعية، وتولى أمور المملكة، وحكم في حلب حكم الملوك، وكان عنده اقدام وجرأة وظلم وسماحة، وحمق وجهل، فدام أمره كذلك إلى أن توفيت مولاته، فازداد تمكنه واستقل بالتصرف في الملك، وأهان أكابر الأمراء، وانقادوا له إلى أن قدم التتار إلى ظاهر حلب في سنة إحدى وأربعين وستمائة، فمرض لشدة خوفه في صفر من السنة المذكورة وتوفي في الشهر المذكور ودفن في التربة التي أنشأها لنفسه ظاهر مدينة حلب ووقفها مدرسة على أصحاب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه.
ومما بلغ من جنوبه وجهله انه قال يوماً من الأيام، وقد أطغاه ما هو فيه: أنا خير من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان في خدمته فراش أعرفه، فقال له: تكذب يا عبد السوء، ومن أنت؟ فأمر به فضرب ضرباً مبرحاً وهو يشتمه إلى أن تركه، نعود بالله من الخذلان. وذكر لي يوماً أن أباه كان ملك الحبشة، والله أعلم بحاله 266 - ظ.
اقبال بن عبد الله الخادم: مكان خادماً لسالم بن مالك العقيلي، حسن الصورة، له في الفروسية اليد الطولي، ويكتب الخط البديع على طريقة عليّ بن هلال المعروف بابن البواب، وكان ذكياً فطناً كان مولاه سالم بحلب، فأهداه إلى نظام الملك حين توسط له مع ملك شاه بقلعة جعبر، وقد ذكرنا قصته في ترجمته سالم بن مالك في حرف السين من هذا الكتاب.
الأقرع بن فارع الطائي قيل إنه شهد فتح حلب مع أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، وله ذكر في الفتوح.
ذكر من اسمه آق سنقر
آق سنقر بن عبد الله: المعروف بقسيم الدولة، مملوك السلطان أبي الفتح ملك شاه، وقيل أنه لصيق له، وقيل اسم أبيه إل ترغان، من قبيلة ساب يو، نقلت ذلك من خط أبي عبد الله محمد بن عليّ العظيمي، وأنبأنا به أبو اليمين الكندي وغيره عنه.

وتزوج آق سنقر داية السلطان ادريس بن طغان شاه، وحظي عند السلطان ملك شاه، وقدم معه حلب في سنة تسع وسبعين وأربعمائة حين قصد تاج الدولة تتش أخاه، فانهزم عن حلب، وكان قصدها وملكها السلطان ملك شاه في شهر رمضان من سنة تسع وسبعين، وخرج عنها إلى أنطاكية وملكها، وخيم على ساحل البحر أياماً، وعاد إلى حلب، وعيد بها عيد الفطر، ورحل عنها، وقرر ولاية حلب لقسيم الدولة آق سنقر في أول سنة ثمانين وأربعمائة، فأحسن فيها السياسة والسيرة، وأقام الهيبة، وجمع الذعار، وأفنى قطاع الطرق، ومخيفي السبل، وتتبع اللصوص والحرامية في كل موضع، فاستأصل شأفتهم، وكتب إلى الأطراف أن يفعلوا مثل فعله لتأمن الطرق وتسلك السبل، فشكر بذلك الفعل وأمنت الطرق والمسالك 267 - و وسار الناس في كل وجه بعد امتناعهم لخوفهم من القطاع والأشرار، وعمرت حلب في أيامه بسبب ذلك بورود التجار إليها والجلا بين من جميع الجهات، ورغب الناس في المقام بها للعدل الذي أظهره فيهم رحمه الله.
وفي أيامه جدد عمارة منارة حلب بالجامع في سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة واسمه منقوش عليها إلى اليوم ؛ وهو الذي أمر ببناء مشهد قرنبيا ووقف عليه الوقف وأمر بتجديد مشهد الدكة.
أخبرني عز الدين أبو الحسن عليّ بن محمد بن الأثير الجزري قال: كان قسيم الدولة آق سنقر أحسن الأمراء سياسة لرعيته، وحفظاً لهم، وكانت بلاده بين عدل عام، ورخص شاملٍ، وأمنٍ واسعٍ، وكان قد شرط على أهل كل قرية في بلاده متى أخذ عند أحدهم قفل، أو أحد من الناس، غرم أهلها جميع ما يؤخذ من الأموال من قليل أو كثير، فكانت السيارة إذا بلغوا قرية من بلاده ألقوا رحالهم وناموا، وقام أهل القرية يحرسونهم إلى أن يرحلوا، فأمنت الطرق، وتحدث الركبان بحسن سيرته.
سمعت والدي القاضي أبا الحسن - رحمه الله - يقول لي فيما يأثره عن أسلافه: إن قسيم الدولة آق سنقر كان قد نادى في بلد حلب بأن لا يرفع أحد متاعه ولا يحفظه في طريق، لما حصل من الأمن في بلده.
قال: فخرج يوماً يتصيد، فمر على قرية من قرى حلب، فوجد بعض الفلاحين 267 - ظ قد فرغ من عمل الفدان وطرح عن البقر النير ورفعه على دابة ليحمله إلى القرية، فقال له: ألم تسمع مناداة قسيم الدولة بأن لا يرفع أحد متاعاً ولا شيئاً من موضعه؟! فقال له: حفظ الله قسيم الدولة قد أمنا في أيامه، وما نرفع هذه الآلة خوفاً عليها أن تسرق، لكن هنا دابة يقال لها ابن آوى تأتي إلى هذا النير فتأكل الجلد الذي عليه، فنحن نحفظه منها، ونرفعه لذلك.
قال: فعاد قسيم الدولة من الصيد، وأمر الصيادين فتتبعوا بنات آوى في بلد حلب فصادوها حتى أفنوها من بلد حلب.
قلت: وهي إلى الآن لا يوجد في بلد حلب منها شيء إلا في النادر دون غيرها من البلاد.
قرأت في كتاب " عنوان السير " تأليف محمد بن عبد الملك الهمذاني قال: وأقطع السلطان حلب وقلعتها مملوكه آق سنقر، ولقبه قسيم الدولة، وذلك في سنة تسع وسبعين وأربعمائة، فأحسن السيرة، وظهر منه عدل لم يعرف بمثله، واستغلها في كل يوم ألف وخمسمائة دينار، ولم يزل بها حتى قتله تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان في سنة سبع وثمانين وأربعمائة.
قلت وكان تاج الدولة تتش قتله صبراً بين يديه بسبعين، قرية من قرى حلب من نقرة بني أسد على نهر الذهب، وقيل بكارس إلى جنبها وذلك أن تتش كان قد حصل في نفسه شيء من قسيم الدولة، وكان 268 - و قسيم الدولة يستصغر أمر تتش، حتى أنني قرأت بخط أبي الحسن عليّ بن مرشد بن عليّ بن منقذ في تاريخه ؛ سنة أربع وثمانين وأربعمائة وفيها: نزل تاج الدولة إلى السلطان، يعني نزل تتش إلى ملك شاه، فلما رآه ترجل له، وكان في الصيد، خيفة أن يتخيل منه، وحضر هو وقسيم الدولة في حضرته، فقال تاج الدولة تتش: كان من الأمر كذا وكذا، فقال له قسيم الدولة: تكذب؛ فقال له السلطان: تقول لأخي كذا ! قال: نعم، يطلع الله في عينيه ما يريده لك، ويطلع في عيني ما أريده لك.

قلت: وعاد تتش من خدمة أخيه إلى دمشق، فلما توفي السلطان ملكشاه برز تاج الدولة تتش في شهر ربيع الأول من سنة سبع وثمانين، وخرج معه خلق من العرب، ولقيه عسكر أنطاكية بالقرب من حماه مع يغي سغان، وسار تاج الدولة، وقطع العاصي في شهر ربيع الآخر من السنة، ورعى عسكره الزراعات، ونهب المواشي وغيرها، واتصل الخبر بآق سنقر وهو بحلب، وكاتبه السلطان بركيارق وخطب له بحلب، فجمع وحشد، واستنجد بمن جاوره، فوصل إليه كربوقا صاحب الموصل، وبزان صاحب الرها، ويوسف بن آبق صاحب الرحبة في ألفي فارس وخمسمائة فارس، منجدين قسيم الدولة على تتش، وحصل الجميع بحلب، ووصل تاج الدولة تتش إلى الحانوته، ورحل منها إلى الناعورة، وأغارت خيله على المواشي بالنقرة، وأحرقوا بعض زرعها، ورحل من الناعورة قاصداً نحر الوادي 268 - ظ وادي بزاعا، فتهيأ آق سنقر للقائه، والخروج إليه، واستدعى منجماً ليأخذه له الطالع فحضر عنده واختار له وقتاً، وقال: تخرج الساعة، فركب ومعه النجدة التي وصلته، وجماعة كثيرة من بني كلاب مع شبل بن جامع ومبارك بن شبل، وكان أطلقهما من الاعتقال، ومحمد بن زائدة، وجماعة من أحداث حلب، والديلم والخراسانية، في أحسن زي، وأكمل عدة، وقيل إنه قدر عسكره بعشرين ألف فارس، وقيل كان يزيد عن ستة آلاف، وقصد تاج الدولة يوم السبت التاسع من جمادى الأولى من السنة، وقطع آق سنقر سواقي نهر سبعين قاصداً عسكر تتش، فأقاموا على حالهم، وكان أول من برز للحرب آق سنقر، فالتقى الفريقان.
ولم يثق آق سنقر بمن كان معه من العرب، فنقلهم من الميمنة إلى الميسرة في وقت المصاف، ثم نقلهم إلى القلب، فلم يغنوا شيئاً، وحمل عسكر تتش على عسكر آق سنقر، فلم يثبت، وانهزمت العرب وعسكر كربوفا وبزان، وكربوقا وبزان معهم إلى حلب، ووقع فيهم القتل، وثبت قسيم الدولة، فأسر وأكثر أصحابه، وحملا إلى تاج الدولة تتش، فلما مثل بين يديه أمر بضرب عنقه وأعناق بعض خواصه ودخل تتش إلى حلب وملكها على ما نذكره في ترجمته إن شاء الله.
وبلغني أن تاج الدولة تتش قال لقسيم الدولة آق سنقر لما حضر بين يديه: لو ظفرت بي ما كنت صنعت؟ 269 - و قال: كنت أقتلك، فقال له تتش: فأنا أحكم عليك بما كنت تحكم علي، فقتله صبراً.
وقرأت بخط بعض الحلبيين أن السلطان ملك شاه بن العادل وصل: يعني إلى حلب، في شعبان سنة تسع وسبعين، فتسلم البلد والقلعة وسلمها إلى قسيم الدولة آق سنقر، فأقام بحلب ثمان سنين فقتل بكارس من أرض النقرة، نقرة بني أسد في صفر سنة سبع وثمانين وأربعمائة، قتله تاج الدولة بن العادل.
وقرأت بخط أبي غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين الشيباني في تاريخه: في جمادى الأولى، يعني سنة سبع وثمانين، كان المصاف بين تاج الدولة تتش وبين الأميرين آق سنقر وبوزان ومن أمدهما به بركيا روق قريباً من حلب، فلما التقى الصفان استأمن ابن آبق إلى تتش وانهزم الباقون، وأسر آق سنقر، فجيء به إلى تتش، فقال له تتش: لو ظفرت بي ما كنت صانعاً في؟ قال: أقتلك، قال: فإني أحكم عليك بحكمك في،وقتله.
قال: وكان آق سنقر من أحسن الناس سياسة، وآمنهم رعية وسابلة.
وقرأت بخط أبي منصور هبة الله بن سعد الله بن الجبراني الحلبي: الصحيح أن قسيم الدولة قتل يوم السبت عاشر جمادى الآخرة سنة سبع وثمان وأربعمائة.

ونقلت من خط أبي الحسن عليّ بن مرشد بن عليّ بن منقذ في تاريخه سنة سبع وثمانين وأربعمائة، فيها: كانت وقعة قسيم الدولة آق سنقر وتاج الدولة يوم السبت تاسع جمادى الأولى 269 - ظ وذلك أن تاج الدولة لما أراد العبور مختفياً ليمضي إلى خراسان، فبلغ خبره قسيم الدولة، فخرج إليه، فقال لأصحابه الحقوني بحبال لكتاف الأسرى استصغاراً لهم، فقال له سكمان بن أرتق: حركش هم - أي أرانب هم - ؟ ولم يتمهل إلى حين تصله خيله، فمضى واستعجل، فكسره تاج الدولة بأرض نبل، وأسره ورحل من موضع الكسرة إلى حلب فملكها، واستولى على المواضع التي كانت لقسيم الدولة وجلس في قلعة حلب وشرب فيها، وأحضر قسيم الدولة، كما حدثنا رومي بن وهب، قال: حضرته وقد أحضر قسيم الدولة، فدخل وفي رقبته بند قبائه يسحب، فلا والله إن أنكرت من عزة نفسه شيئاً مما كنت أعرفه، فما زال يمشي حتى وقعت عينه على تاج الدولة، فجلس وأدار ظهره إليه، فسحبوه وكلموه. فما رد جواباً ولا تحرك، فقام إليه تاج الدولة فكلمه، فلم يرد له جواباً مرتين أو ثلاثة، فضرب رقبته بيده، وقطع رأسه فطيف به البلاد وحملت جثته فدفنت عند مشهد قرنبيا.
وبقي ليلتين، وسار تاج الدولة إلى خراسان، وبقي قسيم الدولة في قبره، وقد طوف برأسه اقليم الأرض من الشام، من سنة خمس وثمانين إلى سنة ست وعشرين، إلى حين ولى السلطان، والخليفة المسترشد بالله، ولده زنكي بن آق سنقر وهو عماد الدين، ملك الأمراء. بهلوان جيهان، عمر له مدرسة تولى أمرها الشيخ الأجل الفقيه الإمام أبو طالب بن العجمي ووقف عليها ضيعتين 270 - و يساوي مغلهما ألف دينار كل سنة، وعمر بها عمارة معجزة، ونقل رمته إليها رأيتها في سنة سبع وعشرين ولم تكن كملت، وهي تزيد عن الوصف، وجعل قبره قبالة البيت المسجد من الشمال، وأجرى إليها قناة ماء. وغرس وسطها، وجعل القبر مثل قبر أبي حنيفة رضي الله عنه.
هكذا نقلت من خط ابن منقذ وفيه أوهام من جملتها أنه قال: " فكسره تاج الدولة بأرض نبل " وليس كذلك، بل بأرض سبعين أو كارس من نقرة بني أسد. ونبل ليست من هذه الكورة وبينهما مسافة يوم. ومن جملة أوهامه أنه قال: " جلس في قلعة حلب، وضرب رقبة آق سنقر فيها " وليس الأمر كذلك، بل ضرب رقبته عقيب الكسرة بسبعين، أو كارس، ورومي بن وهب حكى له صورة قتله، لا أنه كان بحلب والذي قتله تاج الدولة صبراً بحلب هو بزان صاحب الرها، وكان انهزم في هذه الوقعة إلى حلب. فلما دخلها تاج الدولة أحضره وقتله، وقيل بل أسره وحمله إلى حلب فقتله على ما نذكره في ترجمته إن شاء الله تعالى ؛ وقال " بقي قسيم الدولة في قبره من سنة خمس وثمانين إلى سنة ست وعشرين " ، وهذا طغيان من القلم، فإن قسيم الدولة قتل سنة سبع وثمانين، وقد ذكره كذلك. وقال: " عمر - يعني ولده زنكي له - مدرسة، ووقف عليها ضيعتين. والمدرسة لم يعمرها زنكي بل عمرها سليمان بن عبد الجبار بن أرتق، وابتدأ في عمارتها في سنة سبع عشرة، واسمه وتاريخ عمارتها على جدارها، لكن قسيم الدولة آق سنقر 270 - ظ لما قتل دفن إلى جانب مشهد قرنبيا بالقبة الصغيرة المبنية بالحجارة من غربي المشهد، وكان قسيم الدولة بني مشهد قرنبيا لمنام رآه بعض أهل زمانه، ووقف عليه وقفاً، فدفن إلى جنبه، وعمر على قبره تلك القبة، فلما ملك زنكي حلب آثر أن يبني لأبيه مكاناً ينقله إليه، وكانت المدرسة بالزجاجين لم تتم وكان شرف الدين أبو طالب بن العجمي هو الذي يتولى عمارة هذه المدرسة، فأشار على زنكي أن ينقل أباه إليها فنقله، وأتم عمارة المدرسة، ووقف على من يقرأ على قبره القرية المعروفة بشامر، وهي جارية إلى الآن، وأما كارس التي هي وقف على المدرسة، فأظنها وقف سليمان بن عبد الجبار.
وأخبرني أبو حامد عبد الله بن عبد الرحمن بن العجمي قال: أراد أتابك زنكي أن ينقل أباه إلى موضع يجدده عليه، ويليق به، فقال له أبي: أنا قد عمرت هذه المدرسة بالزجاجين، وسأله أن ينقل إليها ففعل، واتخذ الجانب الشمالي تربة لأبيه، ولمن يموت من ولده وغيرهم.
وحكى لي والدي رحمه الله أن أتابك زنكي لما نقل أباه من قرنبيا، وأدخله إلى مدرسة الزجاجين لم يدخل به من باب من أبواب مدينة حلب، وأنهم رفعوه من بعض الأسوار ودلوه إلى المدينة، لأنهم يتطيرون بدخول الميت إلى البلدة.

قال لي أبي: ووقف زنكي القرية المعروفة بشامر على تربة أبيه آق سنقر رحمه الله.
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن عليّ بن محمد العظيمي، وأنبأنا به عنه المؤيد ابن محمد 271 - و الطوسي وغيره، قال: سنة ثمانين وأربعمائة دولة قسيم الدولة وزيره أبو العز بن صدقة. فيها استقرت الرتبة بحلب للأمير قسيم الدولة آق سنقر من قبل السلطان العادل أبي الفتح، وتوطدت له الأمور بها، وأقام الهيبة العظيمة التي لا يقدر عليها أحد من السلاطين، وأظهر فيها من العدل والإنصاف مع تلك الهيبة ما يطول شرحه. ورخصت الأسعار في أيامه الرخص الزائد عن الحد، وقرب الحلبيين وأحبهم الحب المفرط. وأحبوه أضعاف ذلك، وأقام الحدود. وأحبا أحكام الإسلام وعمر الأطراف، وآمن السبل، وقتل قطاع الطرقات، وطلبهم في كل فج. وشنق منهم خلقاً. وكلما سمع بقاطع طريق في موضع قد قصده، وأخذه وصلبه على أبواب المدينة. وكثرت في أيامه الامطار، وتفجرت العيون والأنهار، وعامل أهل حلب من الجميل بما أحوجهم أن يتوارثوا الرحمة عليه إلى آخر الدهر.
قال: وفيها، يعني سنة إحدى وثمان وأربعمائة، خرج الأمير قسيم الدولة آق سنقر رحمه الله يودع تابوت زوجته داية السلطان أبي الفتح، ماتت بحلب، وقيل أنه جلس وفي يده سكين، فأومأ بها إليها، فوقعت في مقتل وهو غير متعمد لها، فماتت في الحال، فوضعها في تابوت. وحملت إلى الشرق. وخرج لوداعها يوم الاثنين مستهل جمادى الآخرة.
وقال: سنة أربع وثمانين وأربعمائة، فيها تسلم الأمير قسيم الدولة قلعة أفامية من يد ابن ملاعب يوم الخميس ثالث رجب. وشحن بها بعض بني منقذ 271 - ظ.
وقال: سنة ست وثمانين وأربعمائة. فيها فتح الأمير قسيم الدولة آق سنقر ومعه تاج الدولة مدينة نصيبين يوم الاثنين ثامن ربيع الأول، وقيل في صفر. حدثني بهذا والدي الرئيس أبو الحسن عليّ بن محمد العظيمي قال: كنت مع الأمير قسيم الدولة في هذا الفتح.
قال: وفيها شرق قسيم الدولة رحمه الله إلى بغداد إلى عند السلطان بكيارق ابن أبي الفتح. وعاد إلى حلب في شوال سنة ست وثمانين.
قال: سنة سبع وثمانين وأربعمائة، ومكان قسيم الدولة عاد إلى حلب والتقى هو وتاج الدولة، فكسر تاج الدولة قسيم الدولة وقتله على نهر سبعين شرقي حلب سابع جمادى الأولى. وقيل يوم السبت تاسع جمادي الأولى، وأصبح تاج الدولة يوم الأحد على حلب ومعه رأس الأمير قسيم الدولة رحمه الله، فتسلم تاج الدولة مدينة حلب العصر من يوم الأحد عاشر جمادى الأولى وتسلم القلعة يوم الاثنين وقتل مع قسيم الدولة رحمه الله أربعة عشر مقدماً منهم نختكين شحنة بغداد، وقجقر شحنة حلب، وطغان، واسرائيل، وقتل بحلب غلامه طغريل، وله حكاية، معروفة، وعلي بن السليماني، وأخوه، ومحمد البخاري الذي قفز على أنطاكية، وأخواجه أبو القاسم، والطندكيني مع سليمان، والطرنطاس خاص ملك شاه. وانهزم إلى حلب بزان وكربوقا، ويوسف بن آبق. فأما بزان فانه قتل 272 - و.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
آق سنقر عبد الله البرسقي: وقيل اسمه سنقر وكان مملوك الأمير برسق مملوك السلطان، فترقت به الحال إلى أن ولاه السلطان محمود بن محمد الموصل وولاه شحنكية بغداد، وتقدمة عسكرها في أيام المسترشد ثم عزل عن شحنكية بغداد في سنة ثمان عشرة وخمسمائة فوصل إلى الموصل، واستدعاه الحلبيون إلى حلب وقد حصرهم الفرنج وضاق بهم الأمر فوصل إليهم في سنة ثمان عشرة وخمسمائة، ورحل الفرنج عنها وملك حلب وأحسن إلى أهلها، وعدل فيهم، وأزل المكوس والمظالم، ووقع إلي نسخة التوقيع الذي كتبه لأهل حلب بإزالة المكوس والضرائب وتعفية آثار الظلم والجور وكان رحمه الله على ما يحكي حسن الأحوال، كثير الخير، جميل النية، كثير الصلاة والتهجد والعبادة والصوم، وكان لا يستعين في وضوءه بأحد، وقتل رحمه الله شهيداً وهو صائم.

وكان من حديثه في ملك حلب واستيلائه عليها: أن بلك بن بهرام بن أرتق لما قتل بمنبج ملك ابن عمه تمرتاش بن ايلغازي بن أرتق حلب، فباع تمرتاش بغدوين ملك الفرنج وكان أسيرافي يد بلك، فباعه نفسه، وهادنه وأطلقه ومات شمس الدولة بن ايلغازي صاحب ماردين، فتوجه تمرتاش إليها واشتغل بملك ماردين وبلاد أخيه، فلما علم بغدوين بذلك غدر بالهدنة 273 - و واتفق هو ودبيس بن صدقة، وإبراهيم بن الملك رضوان بن تتش على أن نازلوا حلب، واتفقوا على أن تكون البلاد للمسلمين وأن حلب لإبراهيم بن الملك رضوان لأنها كانت لأبيه، وأن تكون الأموال للفرنج، وطال حصار حلب واشرفت على الاستيلاء عليها، وبلغ بهم الضر إلى حالة عظيمة حتى أكلوا الميتات والجيف، ووقع فيهم المرض، فحكى لي والدي أنهم كانوا في وقت الحصار مطرحين من المرض في أزقة البلد، فإذا زحف الفرنج، وضرب بوق الفزع قاموا كأنما نشطوا من عقال وقاتلوا حتى يردوا الفرنج، ثم يعود كل واحد من المرضى إلى فراشه، وما زالوا في هذه الشدة إلى أن أعانهم الله بقسيم الدولة آق سنقر البرسقي، فأخلص النية لله في نصرتهم، ووصل إلى حلب في ذي الحجة من سنة ثمان وخمسمائة، وأغاث أهلها ورحل العدو عنها، وكانت رغبات الملوك فيها إذ ذاك قليلة، لمجاورة الفرنج لها وخراب بلدها وقلة ريعه، واحتياج من يكون مستوليا عليها إلى الخزائن والأموال والنفقة في الجند.
فأخبرني والدي أبو الحسن أحمد وعمي أبو غانم محمد، وحديث أحدهما ربما يزيد على الآخر، قالا: سمعنا جدك - يعنيان - أباهما أبا الفضل هبة الله يقول: لما أشتد الحصار على حلب، وقلت الأقوات بها وضاق الأمر بهم، اتفق رأيهم على أن يسيرو أبي القاضي أبا غانم قاضي حلب والشريف زهرة وابن الجلى إلى حسام الدين 273 - ظ تمرتاش إلى ماردين وكان هو المتولي حلب، وهي في أيدي نوابه وقد تركها ومضى إلى ماردين وأشتغل بملك تلك البلاد عن حلب، قال: فاتفقوا على ذلك وأخرجوا أبو الشريف وابن الجلى ليلاً من البلد، فلما اصبح الصباح صاح الفرنج إلى أهل البلد: أين قاضيكم وأين شريفكم؟ قال: فانقطعت ظهورنا وتشوشت قلوبنا، وأيقنا بأنهم ظفروا بهم، فوصلنا منهم كتاب يخبر أنهم قد وصلوا إلى مكان أمن عليهم بالوصول، فطابت قلوب أهل حلب لذلك.
قال عمي ووالدي: فسمعنا والدنا يقول: سمعت أبي أبا غانم يقول: لما وصلنا إلى ماردين ودخلنا على حسام الدين تمرتاش وذكرنا له ما حل بأهل حلب وما هم فيه من ضيق الحصار والصبر، وعدنا بالنصر وأنه يتوجه إليها ويرحل الفرنج عنها، وانزلنا في مكان بماردين، وجعلنا نطالبه بما وعد وهو يدافعنا من يوم إلى يوم وكان آخر كلامه أن قال: خلوهم إذا أخذوا حلب عدت وأخذتها فقلنا في أنفسنا ما هذا إلا فرصة، وقلنا له: لا تفعل ولا تسلم المسلمين إلى عدو الدين، فقال: وكيف أقدر على لقائهم في هذا الوقت؟ فقال له القاضي أبو غانم: وأيش هم حتى لا تقدر عليهم ونحن أهل البلد إذا وصلت إلينا نكفيك أمرهم.
قال القاضي أبو الفضل: فكتبت كتابا من حلب إلى والدي أبي غانم أخبره فيه بما حل بأهل حلب من الضر وأنه قد آل الأمر بهم إلى أكل القطاط 274 - و والكلاب الميتة، فوقع الكتاب في يد تمرتاش وشق عليه وغضب وقال: انظروا إلى جلد هؤلاء الفعلة الصنعة قد بلغ بهم الأمر إلى هذه الحالة، وهم يكتمون ذلك ويتجلدون ويغرونني ويقولون: إذا وصلت إلينا نكفك أمرهم..
قال القاضي أبو غانم: فأمر تمرتاش بأن يوكل علينا، فوكل بنا من يحفظنا خوفا أن تنفصل عنه إلى غيره، فأعلمنا الحيلة في الهرب إلى الموصل، وأن نمضي إلى البرسقي ونستصرخ به ونستنجده، فتحدثنا مع من يهربنا وكان للمنزل الذي كنا فيه باب يصر صريرا عظيما إذا فتح أو أغلق، فأمرنا بعض أصحابنا أن يطرح في صائر الباب زيتا ويعالجه لنفتحه عند الحاجة ولا يعلم الجماعة الموكلون بنا إذا فتحناه بما نحن فيه، وواعدنا الغلمان إذا جن الليل أن يسرجوا الدواب ويأتونا بها، ونخرج خفية في جوف الليل ونركب ونمضي.

قال: وكان الزمان شتاء، والثلج كثير على الأرض؛ قال القاضي أبو غانم: فلما نام الموكلون بنا جاء الغلمان بأسرهم إلا غلامي ياقوت وأخبر غلمان رفاقي أن قيد الدابة تعسرعليه فتحه وامتنع كسره، فضاقت صدورنا لذلك، وقلت لأصحابي: قوموا أنتم وانتهزوا الفرصة ولا تنتظروني، فقاموا وركبوا والدليل معهم يدلهم على الطريق، ولم يعلم الموكلون بنا بشيء مما نحن فيه، وبقيت وحدي من بينهم مفكراً لا يأخذني نوم حتى كان وقت السحر فجاءني ياقوت غلامي بالدابة، وقال 274 - ظ الساعة انكسر القيد، قال: فقمت وركبت لا أعرف الطريق ومشيت في الثلج أطلب الجهة التي أقصدها، قال: فما طلع الصبح إلا وأنا وأصحابي الذين سبقوني في مكان واحد وقد ساروا من أول الليل وسرت من آخره، وكانوا قد ضلوا عن الطريق،فنزلنا جميعاً وصلينا الصبح وركبنا وحثثنا دوابنا وأعملنا السير حتى وصلنا الموصل، فوجدنا البر سقي مريضاً قد أشفي وهو يسقى أمراق الفراريج المدقوقة، فأعلم بمجيئنا، فأذن لنا، فدخلنا عليه ووجدناه مريضاً مدنفاً، فشكونا إليه وطلبنا منه أن يغث المسلمين، وذكرنا له ما حل بهم من الحصار والضيق وقلة الأقوات، وما آل إليه أمرهم، فقال: كيف لي بالوصول إلى ذلك، وأنا على ما ترون؟ فقلنا له: يجعل المولى في نيته وعزمه أن خلصه الله من هذا المرض أن ينصر المسلمين، فقال: أي والله، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم اني أشهدك على أنني أن عوفيت من مرضي هذا لأنصرنهم، قال: فما استتم ثلاثة أيام حتى فارقته الحمى وأغتدى، ونادى في عسكره للغزاة، وبرز خيمته وخرجت عساكره وعملوا أشغالهم، وتوجه بهم حتى أتى حلب، فلما قاربها، وأشرفت عساكره من المرتب رحل الفرنج، ونزلوا على جبل جوشن وتأخروا عن المدينة، وساق إلى أن قارب المدينة وخرج أهلها إلى لقائه، فقصد نحو الفرنج وأهل البلد مع عسكره، فانهزم الفرنج من يديه، وهو يسير وراءهم على مهل حتى 275 - و أبعدوا عن البلد فأرسل الشاليشية وأمرهم برد العسكر.
قال: فجعل القاضي أبو الفضل بن الخشاب يقول له: يا مولانا، لو ساق المولى خلفهم أخذناهم بأسرهم فإنهم منهزمون، فقال له: يا قاضي كن عائلاً أتعلم أن في بلدكم ما يقوم بكم وبعسكري، لو قدر والعياذ بالله علنا كسرة من العدو؟ فقال لا، فقال: فما يأمنا أن يكسرونا وندخل البلد ويقوا علينا ولا تنفع أنفسنا. والله تعالى قد دفع شرهم فنرجع إلى البلد ونقويه، ونرتب أحواله وبعد ذلك نستعد لهم ويكون ما يقدره الله تعالى أننا نلقاهم ونكسرهم، قال: ودخل البلد ورتب الأحوال وجلب إليه الغلال وأمن الناس وأستقروا.
قال: وكان ذلك في آذار فجعل الناس يأخذون الحنطة والشعير ويبلونها بالماء ويزرعونها الناس في تلك السنة مغلاً صالحاً. هذا معنى ما حدثني به والدي وعمي.
ونقلت من خط عبد المنعم بن الحسن بن اللُّعيبة الحلبي: دخلت سنة تسع عشرة وخمسمائة ووصلت العساكر من الشرق، ومقدمها آق سنقر البرسقي، وكان الأفرنج نزلوا على حلب في شهر رمضان سنة ثمان عشر وخمسمائة وحاصروها وضيقوا على أهلها ومضى القاضي ابن العديم والأشرف، وقوم من مقدم أهلها مستصرخين لأنه ما كان بقي من أخذها شيء، فوصل البرسقي 275 - ظ معهم في محرم سنة تسع عشرة وخمسمائة، ونزل بالس وكانت رسله مذ وصل الرحبة متواترة إلى حمص ودمشق يستدعي مالكها، وسار الأمير صمصام الدين عن حمص في أول ربيع الأول، فلقي الأمير قسيم الدولة البرسقي بتل السلطان بعد انفصاله عن حلب، وانهزام الأفرنج عنها، وكان سرى إليهم من بالس، ووصل إلى حلب وخرج أهل حلب ونهبوا من خيال الأفرنج مقدار المائة خيمة، من على جبن شوشن، وما بقي من هلاكهم شيء، ولكن الله أمسك أيدي الترك عنهم بمشيئته.
قرأت بخط أبي غالب عبد الواحد بن الحصين في تاريخه في حوادث سنة ثمان عشرة وستمائة: وفي ثاني عشري ذي حجتها دخل البرسقي إلى حلب، وفي عهده رحل الفرنج عن حلب.
قلت: وبعد أن أقام البرسقي بحلب ورتب أحوالها وترك ولده بها وعاد إلى الموصل فقتله الإسماعيلية بها على ما نذكره.
قال لي شيخنا أبو الحسن عليّ بن محمد بن عبد الكريم الجزري: كان آق سنقر البرسقي خيراً، عادلا، لين الأخلاق حسن العشرة من أصحابه.

قال لي: أخبرني أبي محمد بن عبد الكريم: حكى بعض الغلمان الذين يخدمون البرسقي، قال: كان يصلي البرسقي كل ليلة صلاة كثيرة وكان يتوضأ هو بنفسه ولا يستعين بأحد، قال: فرايته في بعض ليالي الشتاء بالموصل وقد قام مع فراشه وعليه فرجية وبر صغيرٍ، وبيده 276 - و ابريق نحاسٍ، وقد قصد دجلة ليأخذ ماء يتوضأ به، قال: فلما رأيته قمت إليه لآخذ أبريق من يده فمنعني، وقال: يا مسكين أرجع إلى مكانك فإنه البرد، فاجتهدت به لآخذ الإبريق من يده، فلم يفعل،ولم يزل حتى ردني إلى مكاني ثم توضأ ووقف يصلي؛ قال: وذكر لي من أحواله الحسنة أشياء يطول ذكرها.سمعت شيخنا قاضي القضاة بهاء الدين أبا المحاسن يوسف بن رافع ابن تميم، يقول: كان البرسقي ديناً عادلاً قال: ومما يؤثر عنه قال يوم يوماً لقاضي الوصل، أظنه المرتضى بن الشهرزوري، أريد أن تساوي بن الرفيع والوضيع في مجلس الحكم، وأن لا يختص أولو الهيئات والمراتب بزيادة احترام في مجلس الحكم، فقال له القاضي: وكيف لي بذلك؟ فقال: ما لهذا طريق إلا أن ترتاد خصماً يخاصمني في قضية ويدعوني إلى مجلس الحكم، وأحضر إلي وتلتزم معي ما تلزمه مع خصمين وسوف أرسل إليك خصماً لا تشك في أنه خصم لي، ويدعي عليّ بدعوى، فادعني حينئذ إلى مجلس لأحضر إليك، وجاء إلى زوجته الخاتون ابنة السلطان محمود - فيما أظن - وقال لها وكيلي وكيلا يطالبني بصداقك، فوكلت وكيلاً، ومضى الوكيل إلى مجلس الحكم، وقال: لي خصومة مع قسيم الدولة البرسقي واطلب حضوره إلى مجلس الحكم، فسير القاضي إليه ودعاه فأجاب وحضر مجلس 276 - ظ الحكم، فلم يقم له القاضي، وساوى بينه وبين خصمه في ترك القيام والأحترام، وأدعى عليه الوكيل وأثبت الوكالة، واعتراف البرسقي بالصداقة، فأمره القاضي بدفعه إليه فأخذه، وقام إلى خزانته ودفع إليه الصداق، ثم أنه أمر القاضي أن يتخذ مسماراً على باب داره يختم عليه بشمعه، وعلى المسمار منقوش أجب داعي الله، وأنه من كان خصم حضر، وختم بشمعه على ذلك المسمار ويمضي بالشمعة المختومة إلى خصمه كائناً من كان ولا يجسر أحد على التخلف عن مجلس الحكم.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السفلي: وسنقر البرسقي ولي العراق سنين، وبلغ مبلغاً عظيماً، ثم ولي ديار مضر ودار ملكه الموصل، ثم حلب، وكثيراً من أهل مدن دمشق، وجاهد الأفرنج ثم قتله بعض الملاحدة، لعنهم الله، وكان سيفاً عليهم، قلما يرى في جيشه مثله، رحمه الله ورضي عنه، رأيته بالعراق في حال ولايته وبالشام قبل أن وليها.
وقال لي عز الدين أبو الحسن بن الأثير في سنة عشرين وخمسمائة: وقتل آق سنقر البرسقي بالجامع العتيق بالموصل بعد الصلاة يوم الجمعة، قتله باطنية، وكان رأى تلك الليلة في منامه أن عدة من الكلاب ثاروا به، فقتل بعضها ونال منه الباقون أذى شديداً، فقص رؤياه على أصحابه فاشاروا عليه بترك الخروج من داره عدة أيام، فقال: لا أترك الجمعة لشيء أبداً وكان يشهدها في الجامع مع العامة فحضر الجامع على عادته، فثار به من الباطنية ما يزيد على عشرة أنفس فقتل بيده منهم ثلاثة وقتل رحمه الله.
قرأت بخط أبي الفوارس حمدان بن عبد الرحيم في تاريخه الذي جمعه، ووقع إلي منه أوراق نقلت منها في حوادث سنة عشرين وخمسمائة أن البرسقي سلم حلب وتدبيرها إلى والده الأمير عز الدين مسعود فدخل 277 - و حلب، وأجمل السيرة وتحلى بفعل الخير، وسار أبوه إلى الموصل والجزيرتين، وما هو جار في مملكته حتى دخل شهر ذي القعدة من السنة، فلما كان يوم الجمعة تاسع الشهر قصد الجامع بالموصل ليصلي جماعة، ويسمع الخاطب كما جرت عادته في أكثر الجمع، فدخل الجامع وقصد المنبر فلما قرب منه وثب عليه ثمانية نفر في زي الزهاد فاخترطوا خناجر وقصدوه، وسبقوا الحفظة الذين حوله فضربوه حتى أثخنوه، وجرحوا قوماً من حفظته، وقتل الحفظة منهم قوماً، وقبضوا قوماً، وحمل البرسقي بآخر رمقه إلى بيته، وهرب كل من في الجامع، وبطلت صلاة الجمعة، ومات الرجل من يومه وقتل أصحابه من بقي في أيدهم من الباطنية، ولم يفلت منهم سوى شاب كان من كفر ناصح، ضيعة من عمل عزاز من شمالي حلب.

قال حمدان فيما نقلته من خطه: وحدثني رجل منها: أنه كان له والدة عجوز لما سمعت بفتكة البرسقي، وكانت تعرف أن ولدها منن جملة من ندب لقتله فرحت واكتحلت، وجلست مسرورة كأنه عندها يوم عيد، وبعد أيام وصلها سالماً، فأحزنها ذلك، وقامت جزَّت شعرها وسودت وجهها.
الأكوع بن عباد المزني: قيل إنه شهد فتح حلب مع أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، وله ذكر في الفتوح 277 - ظ.
ذكر من اسمه ألب رسلان
ألب أرسلان بن جغري بك بن سلجوق بن تقاق بن سلجوق: وقيل سلجق، وله ولكل واحد من آبائه اسم آخر بالعربية، اسمه بالعربية محمد بن داود بن ميكائيل بن سليمان، أبو شجاع بن أبي سليمان الملقب بالعادل النوري، وأصلهم من قرية يقال لها النور.
وتُقاق أول من دخل منهم الإسلام، وتقاق بالتركية القوس من الحديد، وقيل في نسب سلجق الأعلى: هو سلجق بن داود بن أيوب بن دقاق بن الياس بن بهرام بن يوسف بن عزيز.
ملك ألب أرسلان خراسان بعد أبيه جغري بك، وفتح العراق من يد ابن عم أبيه قطلمش بن اسرائيل سنة ست وخمسين وأربعمائة، واستقر في السلطنة حين توفي عمه السلطان طغرلبك في الثامن من شهر رمضان سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وكان ولي عهد عمه، لأن عمه لم يكن له نسل، فملك ألب رسلان بعده، وهو أول من ذكر على منابر بغداد بالسلطان.
وقدم حلب محاصراً لها وفيها محمود بن نصر بن صالح بن مرداس سنة ثلاث وستين وأربعمائة، فدام على حصارها إلى أن خرج إليه محمود مع والدته السيدة، فأنعم عليه بحلب، وسار إلى الملك ديوجانس. وقد خرج من القسطنطينية، فالتقاه وأسره، ثم منَّ عليه وأطلقه، وغزا الخزر والأبخاز، وبلغ ما لم يبلغ أحد من الملوك. وكان ملكاً عادلاً مهيباً مطاعاً 278 - و.
حدثني والدي رحمه الله يأثره عن سلفه قال: قدم السلطان، يعني ألب أرسلان، وحاصر حلب، وكان نازلا بميدان قنسرين، ونصب على برج الغنم منجنيقاً وتواتر ضرب المنجنيق عليه، فأخذ عوام حلب شقة أطلس وربطوها على ذلك البرج استهزاءاً به، يعنون البرج قد صدعه رأسه من ضرب المنجنيق، فسأل السلطان عن ذلك، فقالوا: إنهم قد عصبوا البرج، يعنون أن البرج قد صدعه رأسه من ضرب المنجنيق، وقد عصبوه على رأسه ليستريح من الصداع الذي يلحقه من ضرب المنجنيق.
قال: فاستشاط السلطان غضباً وفرق تلك الليلة في عسكره كذا وكذا ألف فردة نشاب من الخلنج غير ما كان من غيرها، وباكر البلد بالزحف حتى أشرف على الأخذ، فخرجت إليه السيدة أم محمود ومعها ابنها محمود، وحملا مفاتيح البلد والقلعة ودخلا تحت طاعته، ووطئا بساطة، والناس في خدمته بالميدان صفان، فدخلت وابنها بين الصفين، وجعلا يقبلان الأرض خدمة له حتى انتهيا إليه، فأكرمهما وقال للسيدة: أنت السيدة؟ فقالت: سيدة قومي، فاستحسن ذلك منها، ورد البلد على ابنها وأكرمه، وعاد إلى المدينة مكرماً مسروراً.
قال: وقصد بتطويل الحصار تعظيم البلدة لكونها مجاورة للروم، فيقع عندهم أن هذا السلطان مع عظم قدره، وكثرة عساكره نزل عليها هذه المدة، ولم ينل منها ما أراد، فلا يطمع فيها العدو 278 - ظ.
وقيل إن السيدة أقامت في البلد، وخرج محمود إليه، وأن دخولها عليه كان بالرُّها. توجهت إليه وهو متوجه إلى حلب، فسألها: أنت السيدة؟ فأجابته بما ذكرناه.
وقرأت بخط أبي الفوارس حمدان بن عبد الرحيم: إن محمود ووالدته خرجا إليه، فعفا لهما عن حلب بعد أحد وثلاثين يوماً من مقامه.
وسمع أن مالك الروم ديوجانس قد خرج من القسطنطينية على طريق الثغور والدورب، فرحل عن حلب بعد خروج محمود إليه بخمسة أيام، وقصده حتى لحقه على منازكرد، فحاربه حتى هزمه، وأسر ملك الروم، وغنم معسكره، وكانت عدة الترك ستمائة ألف رجل.
وقرأت في بعض التواريخ التي لم يسم جامعها أن ألب أرسلان العادل نزل على حلب محاصراً لها في سنة ثلاث وستين وأربعمائة، وبها محمود بن نصر بن صالح، ثم ملكها بالأمان، وخرج إليه محمود بن نصر في يوم الثلاثاء سابع عشر جمادى الآخرة من السنة، فأنعم عليه وآمنه، وولاه حلب من قبله.

ثم رحل عنها في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة قاصداً بلد الروم في طلب ملكهم وقد توجه إلى منازجرد، فلحقه في عساكره وأوقع به، فهزمه، وقيل أن ملك الروم كان في ستمائة ألف. وألب أرسلان في أربعمائة ألف من الأتراك، وحصل ملك الروم أسيراً في أيدي المسلمين، وصار إلى ألب أرسلان، فلم تزل المراسلات بينه وبينه إلى أن تقرر إطلاقه 279 - و على مهادنة منها: أن لا يعرض لبلاد المسلمين، ثم سيره إلى بلاده، فيقال إن أهل مملكته قتلوه لأمور نقموها عليه.
قرأت بخط الحافظ أبي الخطاب عمر بن محمد العليمي، وأنبأنا به أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد النسابة عنه قال: وجدت بخط أبي الحسن يحيى بن عليّ بن محمد بن زريق: ذكر أخبار السلطان الشهيد المعظم ألب أرسلان، أبي شجاع محمد بن داود، برهان أمير المؤمنين، نضر الله وجهه، والسبب في وصوله إلى الشام: كان هذا السلطان رحمه الله ولي الأمر بعد وفاته عمه السلطان الأعظم أبي طالب طغرلبك بن ميكائيل في سنة سبع وخمسين وأربعمائة، وعمر السلطان طغرلبك على ما ذكر قد أناف على ثمانين سنة، ونازع السلطان المذكور في المملكة قتلمش ابن عمه، ولم يثبت لمقاومته، وذكر أنه لقيه في تسعين ألفاً، ومع السلطان يومئذ اثنا عشر ألفا، فكسره، وانهزم قتلمش على وجهه، وسقط عن دابته في هزيمته، فوجد ميتاً، وحمل ودفن بالري. وكانت الدامغان دار مملكته، وقيل أن اللقاء بقرب ضيعة تعرف بده نمك، وكان أخو السلطان قاروت متملك كرمان، وكان بينهما منازعات، وآلت الحال بينهما إلى الصلح والاتفاق.
وفي أيامه أغمدت سيوف الفتنة بخراسان، وبطل ما كان عليه الترك من الفساد والعبث قبل استقرار المملكة، وفتح البلاد، وعظمت هيبته 279 - ظ واستقامت مملكته، وانتشر عدله ودعوته.
وكان سبب ظهوره إلى الشام ما حدثني به الفقيه أبو جعفر محمد بن أحمد ابن البخاري رسول ناصر الدولة بن حمدان، المتغلب على مصر إليه، يستدعي عساكره ليسلم ديار مصر، ويغير الدعوة، وذلك لما كان بينه وبين جماعة من الأمراء بمصر، منهم يلدكوز العجمي وغيره بمصر، وأمير الجيوش بدر الجمالي بالشام، وكانت المراسلة في سنة اثنتين وستين على يد الفقيه المذكور، فحين ورد عليه إلى خراسان، جهز العساكر التي تملأ الفضاء وتضيق بها الدهناء، عدة وعدة، ووصل من بلاده على طريق ديار بكر، ونزل الرها في أول سنة ثلاث وستين، وأقام عليها نيفاً وثلاثين يوماً، وسير الفقيه المذكور رسولا إلى محمود بن نصر بن صالح صاحب حلب يستدعيه إلى وطء بساطة وخدمته أسوة بمن وفد عليه من الملوك، مثل شرف الدولة مسلم بن قريش، وابن مروان، وابن وثاب، وابن مزيد، وأمراء الترك والديلم، فلم يفعل، وخاف منه.
فسار عن الرها إلى الشام قاصداً له، وقطع الفرات في النصف من شهر ربيع الآخر من السنة، وهو اليوم التاسع عشر من كانون الثاني، وكان قد راسله السلطان في سنة اثنتين وستين يأمره باقامة الدعوة العباسية، والمسارعة إلى الخدمة، وأنفذ له خلعاً وتشريف، فامتثل، أمره من إقامة الدعوة للإمام القائم بأمر الله أمير المؤمنين، والسلطان المعظم بعده، ولبس الخطيب السواد، وبطلت الدعوة 280 - و المصرية من الشام في شوال من سنة اثنتيتن وستين.
ولما قطع السلطان المعظم الفرات من نهر الجوز نزل بعض المروج على الفرات، فرآه حسناً، فأعجب به، فقال له الفقيه أبو جعفر: يا مولانا إحمد الله تعالى على ما أنعم به عليك، فقال: وما هذه النعمة؟ فقال: هذا النهر لم يقطعه قط تركي إلا مملوك وأنتم اليوم قد قطعتموه ملوك، قال: فلعهدي به وقد أحضر جماعة من الأمراء والملوك، وأمرني بإعادة الحديث، فأعدته، فحمد الله هو وجماعة من حضر عنده حمداً كثيراً.

ونزل السلطان المعظم نقرة بني أسد إلى أرض قنسرين إلى الفنيدق، والرسل مترددة إلى محمود إلى الخدمة، وهو خائف منه ممتنع عليه، وتمادى الأمر نحو شهرين، وحصن محمود حلب، وجفل الناس من سائر الشام إليها، ودخل الرعب في قلوب الناس لعظم هيبته وبأسه ونجته وما اجتمع إليه من العساكر الجمة والجيوش الكثيفة الضخمة، وكان الأمر بخلاف ما ظن الناس من ذلك الخوف، وأنه رحمه الله لما يئس من خروج محمود إليه عاد منكفئاً من منزل يعرف بالفنيدق، ونزل حلب في آخر جمادى الآخرة من السنة، وكانت الخيام والعساكر من حلب، إلى نقرة بني أسد إلى عزاز، إلى الأثارب، متقاربة بعضها من بعض، وبعض العساكر ببلد لروم وسائر مروج الشام.
وسار بعض 280 - ظ عساكره مع ابن جابر بن سقلاب الموصلي أحد الكتاب إلى طرابلس لتقرير أمرها.
وأقام محاصراً لحلب شهراً واحداً ويومين، ولم يقاتلها غير يوم واحد فحدثني من كان مع محمود صاحب وهو يطف داخل السور لتحريض الناس على القتال في وقت الزحف، انه لم يعبر محلة من محال حلب إلا وأهلها قد أشرفوا على الهجم عليهم، ونقب البرج المعروف ببرج الغنم، وهو أحصن برج بها، وعلق فظفر أهل حلب بمن دخل ذلك النقب، فأخذوا بعضهم ووقع الردم على الباقين، وحمل السلطان في ذلك اليوم، فوقعت يد فرسه في خسف كان هناك، وأصاب في الحال فرسه حجر المنجنيق فركب غيرها وعاد وصرف الناس عن الحرب بعد أن أشرف البلد على الأخذ.
وذكر عن هذا السلطان أنه قال: أخشى أن أفتح هذا الثغر بالسيف فيصير إلى الروم، وراسل السلطان أمراء بني كلاب وأحضرهم من البرية، فوصلوا إليه، وعزم على تقليد بعضهم وتركه في مقابلة محمود، وعوده لأجل ما بلغه من ظهور متملك الروم ووصوله في الخلق العظيم إلى بلاد أرمينية طالباً لبلاد خراسان، فشعر محمود بوصول أمراء العرب، وأنه إن تم ذلك خرج الشام من يده، فراسل السليماني المتردد إليه، كان في المراسلة، يعلمه أنه قد عزم على وطء بساطه وخدمته خوفاً مما أشرف 281 - و عليه، وخرج إلى السلطان على غفلة منه في أول شعبان من السنة، فرأى منه من الاكرام والتشريف والخلع ما زاد على أمنيته، وفي الحال رده إلى حلب، وقال: ارجه إلى والدتك، وكانت والدته المعروفة بالسيدة علوية بنت وثاب قد خرجت إليه برسالة ابنها عند كونه بالرها وتردد خروج محمود دفعة بعد أخرى، وقرر معه السلطان أن يخرج بعساكره ويضيف إليه السليماني، وأن يتوجها إلى بلاد دمشق والأعمال المصرية ليفتحها، ففعل ما أمر به.
وحكى الأمير أبو الحسن عليّ بن منقذ أن خواجا برزك الوزير سأله عند حضوره عند وقت خروج محمود إليه عمن قتل بحلب يوم الحرب، فقال: إنهم نفر يسير، فتعجب من ذلك، وقال: في ذلك اليوم رمي من الخزانة بثمانين ألف نشاب، سوى ما رماه بقية العسكر، ودفع الله عن أهل الشام، ولم يقاتل فيه مدينة ولا حصن ولا سبيت حرمة، ولا اعترض لأحد من المسلمين وذلك من حسن سيرة هذا السلطان، وعظم هيبته بالغفران.
وعاد السلطان منكفئاً إلى بلاده على طريق العراق، معرجاً منه نحو بلاد أرمينية قاصداً لمتملك الروم، وأسرع في سيره بمن خف معه، ووصل فالتقى متملك الروم بالقرب من خلاط وتلك البلاد، فاعتبر من وصل معه من عسكره، فكانت 281 - ظ عدتهم ثلاثة عشر ألفاً، وتصاف العسكران في يوم الجمعة، ووقف السلطان عن قتاله انتظاراً لوقت الصلاة والدعاء على منابر الاسلام، وترقبا للاجابة في نصرة المسلمين، فلما صلى الظهر ناجزهم الحرب فأظفره الله تعالى بعسكر الروم، وأجراه على جميل العادة في الظفر، ومكنه ممن بغى وكفر، ونهب العسكر بأسره، وأسر متملك الروم، وأقامه بين يديه ومعه باز وكلب صيد، ثم أنعم عليه، وخلع وأكرمه، واصطنعه وسيره مع قطعة من عسكره ليعده إلى بلاده ومملكته، فاختلت الأمور عليه، ولم يتم له ما أراد، وذكر أنه كحل ومات بعد مدة.
ولم يجر في الإسلام منذ ظهر مثل هذا الظفر، ولا أسر للروم متملك قبل هذا في الإسلام، وكان السلطان سأل متملك الروم عند حضوره بين يديه ما سبب خروجه وتعريضه نفسه وعسكره لهذا السبب، فذكر أنه لم يرد إلا حلب، إذ كان كلما جرى على الروم كان محمود هو السبب فيه، والباعث عليه لمن قصدها من الترك.

وغنم من هذا العسكر ما يفوت الاحصاء والعد، وتجاوز الأمد والحد، وبيع من غنائمه ما يساوي مائة دينار بدينار واحد، فلله الحمد على ذلك كثيراً.
قلت: ومن ذلك اليوم عرف تل السلطان بتل السلطان لنزول ألب أرسلان على التل 282 - و وكان يعرف المكان أولا بالفيدق، وكان فيه فندق صغير يأوي إليه الناس، شاهدته قبل أن يجدد الأمير سيف الدين على بن سليمان بن جندر هذا الخان الذي هو الآن موجود.
قرأت بخط أبي الحسن بن مرشد بن عليّ بن منقذ في تاريخه: في سنة ثلاث وستين وأربعمائة، في ذكر العادل ألب أرسلان وحصاره حلب قال: حدث الأمير طغتكين صاحب دمشق أبي قال: كنت حامل وراء السلطان حين ضربه حجر المنجنيق، ولو سلم ساعة لأخذها، وكان قد وصل الشام يريد الطلوع إلى مصر ليفتحها، ولو طلع لأخذ البلاد جميعها، وأخذ مصر.
قال: وحدثني مولاي أبي قال: كانت خيامه من شمالي مسجد مرج دابق إلى قناطر قنسرين، أي موضع عبرت فيه ورأيت السرادق والخيام قلت في هذه السلطان.
وقال: قال أبي: وحدثني وزير تاج الدولة أبو النجم قال: شرب السلطان على حلب وسكر، وضل رشده بالسكر، فقال: هاتوا الأمير البدوي، يعني محمود، لأضرب رقبته، فجاء الغلمان إلى خواجا بزرك وقالوا: قد قال السلطان كذا وكذا، فمضى إليه خواجا بزرك، وقال له: يا سلطان العالم يظهر عنك مثل هذا وكان السلطان قد بلغ منه السكر، فضربه بالمغسل الذي في دست الشراب، وقال: أريده، ففتح أثرا في وجهه 282 - ظ فمضى خواجا إلى جانب السرادق إلى خاتون فقال، يادرينا يا خاتون وإلا الساعة يتلف العسكر وينهب بعضه بعضا، كان كذا وكذا، فقامت تمشي إليه. فقال لها: خاتون ما جاء بك؟ فقالت: نم أنت سكران. وتفرقوا، فلما أصبحت قالت له: ما تحتشم تفتح عليك باب غدر! قال: لا إن شاء الله! قالت: البارحة أردت تحضر الأمير البدوي وتضرب رقبته، وأنت قد أعطيته أمانك، هذا وأنت تريد تفتح مصر وما دونها، وفعلت كذا وكذا بخواجا بزرك! قال: والله ما معي علم من هذا جميعه، ولما حضر عنده خواجا قال له: يا حسن ما هذا الأثر في وجهك؟ فقال: يا سلطان العالم هذا أثر، وقعت البارحة وأنا خارج من خيمتي ضربني عمود الخيمة، ولم يعلمه بذلك، فاستحسن الناس منه ذلك، ثم رحل السلطان من حلب يريد مصر، فرحل مرحلة واحدة فجاءه الجبر بأن ملك الروم ذيو خانس قد خرج لما رأى البلاد خالية من العساكر، فرحل على أدراجه يريد ملك الروم.
قرأت بخط أبي غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين: سار السلطان ألب أرسلان يعني في سنة ثلاث وستين وأربعمائة إلى ديار بكر، فخرج إليه نصر بن مروان وخدمه بمائة ألف دينار، وقصد حلب وحاصرها، فخرج إليه محمود بن نصر ليلاً، ومعه والدته، فدخلا على السلطان، فقالت له: هذا ولدي فافعل به ما تحب، ففعل معه الجميل وخلع عليه، وغزا السلطان ألب أرسلان بلاد الروم، وخرج أمر 283 - و الخليفة القائم إلى الخطباء على المنابر بالدعاء له بما صيغته: اللهم أعلي راية الإسلام وناصره، وادحض الشرك بجب غاربه، وقطع أواصره وامداد المجاهدين في سبيلك الذين في طاعتك بنفوسهم سمحوا، وعلى متابعتك بمهجهم فازوا وربحوا، بالعون الذي تطيل به باعهم، وتملأ بالأمن والظفر رباعهم، واجب شاهنشاه الأعظم برهان أمير المؤمنين بالنصر الذي تنشر به أعلامه، وتستبشر بمكانه من اختلاف الظلال أيامه، وأوله من التأييد الضاحكة مباسمة، القائمة أسواقه ومواسمه ماتقوي به في إعزاز دينك يده، ويقضي بأن يشفع يومه في الكفار غده، واجعل جنوده بملائكتك معضودة، وعزائمه على اليمن والتوفيق معقودة، فانه قد هجر في كريم مرضاتك الدعة، وتاجرك من بذل المال والنفس ما انتهج فيه مسالك أوامرك الممثلة المتبعة، فإنك تقول، وقولك الحق: " يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالك وأنفسكم " .

اللهم فكما أجاب نداءك ولباه، واجتنب التثاقل عن السعي في حياطه الشريعة وأباه، ولاقى أعداءك بنفسه وواصل في الانتصار لدينك يومه بأمسه، وأنت أخصصه بالظفر، وأعنه في مقاصده بحسن مجاري القضاء والقدر، وحطه بحرز يدرأ عنه من الأعداء كل كيد، ويشمله من جميل صنعك بأقوى أيد، ويسر له كل 283 - ظ مطلب يرومه ويزاوله حتى تكون نهضته الميمونة عن النصر مسفرة، ومقلة أحزاب الشرك مع اصرارهم على الضلال غير مبصرة، فابتهلوا معاشر المسلمين إلى الله تعالى في الدعاء له بنية صافية، وعزيمة صادقة، وقلوب خاشعة، وعقائد في رياض الاخلاص راتعة، وواصلوا الرغبة إلى الله في اعزاز جانبه، وفل غرب مجانبه، وإعلاء رايته، وإنالته من الظفر أقصى حده وغايته.
وأنفذ السلطان في مقدمته أحد الحجاب، فصادف عند خلاط صليبا تحته متقدم الروسية في عشرة آلاف من الروم، فحاربوهم، وأعطى الله المسلمين النصر عليهم، فأخذ الصليب، وأسر المقدم، وتقارب السلطان، وعظيم الروم من مكان يعرف بالزهرة بين خلاط ومنازكرد في يوم الأربعاء خامس ذي القعدة، وكان السلطان في خمسة عشر ألفاً، وصاحب الروم في مائتين ألوف.
وراسل السلطان ملك الروم في الهدنة، فقال ملك الروم: لا هدنة إلا بالري، فعزم الله على السلطان على الرشد، ولقيه يوم الجمعة وقت الزوال، وهو سابع ذي القعدة، وأعطى الله المسلمين النصر فقتلوا منهم قتلاً ذريعاً، وأسر ملك الروم، وضربه ألب أرسلان، ثلاث مقارع، وقطع عليه ألف ألف وخمسمائة ألف دينار، وأي وقت طلب السلطان عساكر الروم نفذها ملكهم إليه، وأن يسلم كل أسير من المسلمين عنده 284 - و.
ذكر صاحب ملك نامه الذي صنفه الألب أرسلان محمد بن داود أنه استفاد أنسابهم واحسابهم من الأمير اينانج بك، إذ كان أسن القوم وأعرفهم بأنسابهم وأحسابهم، قال: كان الأمير سلجوق بن دقاق من أعيان ترك خرز، وكان دقاق يلقب بتمر بالغ أي شديد القوس.
قال اينانج بك: لما مر زمان على الأمير دقاق، ولد له مولود مبارك سماه سلجوقا، وكان يلقبه بسباشي، يعني مقدم الجيش، وكان لسلجوق أربعة أولاد: ميكائيل، وموسى، وأرسلان بيبغو أكلان، وآخرون توفي في زمن شبابه.
وكان للأمير ميكائيل بن سلجوق ولدان: طغرلبك، وداود جغري بك، فعلى هذا يكون ألب أرسلان محمد بن جغري داود بن ميكائيل بن سلجوق ابن دقاق.
وقرأت في بعض التواريخ أن أباه جغري بك عهد إليه في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة حين مرض باليرقان، وضعف مزاجه، وجهز إليه السلطان مودود جيشاً إلى خراسان، ففوض ولاية عهده إلى ابنه ألب أرسلان، فأقام ألب أرسلان ببلخ مدة حتى انكشفت عنه وعثاء السفر. ولما سمع مودود بذلك جمع الجنود مكانهم، فحمل عليهم السلطان ألب أرسلان حملة ساق التقدير منها اللى جيوش غزنة ذريعاً، وانهزما سريعاً، وأسر ألب أرسلان ألف رجل من القواد، وغنم من الخيل والسلاح ما لا يدخل في الحساب، فلما دخل على أبيه جغري بك سر بذلك وزال 285 - و مرضه، ثم سار بعد ذلك جغري بك وألب أرسلان إلى ترمذ ووالي القلعة بها الكاتب البيهقي، فخرج منها، وتوجه إلى غزنة، وسلمها إلى جغري بك، ففوض جغري بك ولاية بلخ وطخيرستان وترمذ وخش وولوالج إلى ألب أرسلان، وشد أزره بوزارة أبي عليّ بن شاذان، فعمر بلاده بحسن كفايته، ولما قرب موته سأل ألب أرسلان أن يفوض الوزارة بعده إلى نظام الملك.
ثم ورد خانقان الترك ترمذ وخربها ونهبها، فطرده ألب أرسلان عنها، فمضى الخانقان وخيم على جيحون من جانب بخارى، وطلب المصالحة، مصالحة جغري بك، واجتمع به، ثم افترقا، وأثر المرض في جغري بك، وزاد ضعفه، وكان عمره سبعين سنة، فقضى نحبه في صفر سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة في سرخس، وقام مقامه في الملك السلطان ألب أرسلان، وكان ملكشاه حينئذ ابن ست سنين، وعاش طغرلبك السلطان بعد جغري بك ثلاث سنين.

قرأت في كتاب الربيع تأليف غرس النعمة أي الحسن محمد بن هلال بن الحسن بن إبراهيم بن هلال الصابىء، وأخبرنا به أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف ابن عليّ البغدادي وغيره اجازة عن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي قال: أنبأنا أبو عبد الله الحميدي قال: أخبرنا غرس النعمة أبو الحسن قال: حدثني بعض الخرسانية، قال: خرج ألب أرسلان بن داود، الملقب عضد الدولة، وهو صبي إلى الصيد فرأي شيخا ضعيفاً على رأسه شوك قد قطعه وتعب به، وهو ذا يقاسي 285 - ظ من حملة شدة وصعوبة، فقال له: ياشيخ، قال: لبيك، قال: أتحب أن أريحك مما أنت فيه من هذا الكد والتعب والنصب مع الشخوخة وكبر السن؟ فظن الشوكي أنه يعطيه مايكفيه به عن ذاك ويعنيه، فقال: أي والله يا مولاي، فرماه بنشابة قتلته مكانه.
وهذا صدر من ألب أرسلان في حال الصبوة والجهل، وحمله عليه سكر الشباب، أما في حالة اكتهاله واستقراه في الملك، فكان من أعدل الملوك وأحسنهم سيرة وأرغبهم في الجهاد ونصرة الدين.
فرأت في منتخب من كتاب زبدة التواريخ للامير أبي الحسن عليّ بن الشهيد أبي الفوارس ناصر بن الحسيني قال: لما استبد السلطان بالأمر، واستوى على سرير الملك بسط على الرعايا جناح العدل ومد عليهم ظل الرأفة والبذل، وقنع من الرعايا بالخراج الأصلي في نوبتين من كل سنة، وكان يتصدق في كل سنة في شهر رمضان بأربعة آلاف دينار ببلخ، وألف بمرو، وألف بهراة، وألف بنيسابور، ويتصدق بعشرة آلاف في حضرته.
وكتب السعادة إليه سعاية بنظام الملك، وتعرفا بمكاسبه، ووضعوه على طرف مصلاه، فدعا السلطان نظام الملك وقال له: خذ هذا الكتاب فإن صدقوا فيما متبوه أخلاقك، وأصلح أحوالك، وإن كذبوا فاغفر للجارم، وأشغل الساعي بمهم من مهمات الديوان حتى يعرض عن الكذب والبهتان.
قرأت بخط أبي غالب 286 - و بن الحصين: في شهر رمضان - يعني من سنة ست وخمسين وأربعمائة - وصل ركابي من تبريز بكتاب من نظام الملك يخبر أن السلطان ألب أرسلان أو غل يف الغزاة ببلاد الخزر، وبلغ حيث حيث لم يبلغ أحد من الملوك وافتتح بلداً عظيماً يسمى أسد شهر، وقتل نحو ثلاثين ألف رجل، وسبى ما يوفى على خمسين ألف مملوك، وهادن ملك الأبخاز، وعاد من ذلك الثغر، ونزل على مدينة لآني من بلاد الروم ففتحها عنوة وهي مدينة عظيمة تشتمل على سبعمائة ألف دار، وأسر منه خمسمائة ألف إنسان.
قال: وهو أول من ذكر على منابر مدينة السلام بالسلطان عضد الدين ألب أرسلان.
وقرأت بخط أبي غالب أيضاً، سنة خمس وستين وأربعمائة: في أولها غزا السلطان ألب أرسلان جيحون، وكان معه زيادة على مائتي ألف فارس، وعبر عسكره إليهم في نيف وعشرين يوماً من صفر، وكان قد قصد شمس الملوك تكين بن طغماج، وأتاه وأصحابه بمستحفظ قلعة يعرف بيوسف الخوارزمي، وحمل إلى قرب سريره، وهو مع غلامين، فتقدم بأن يضرب له أربعة أوتاد، وتشد أطرافه إليها، فقال: يا مخنث مثلي يقتل هذه القتلة! فاحتد السلطان ألب أرسلان، وأخذ القوس والنشابة، وحرص على قتله، وقال للغلامين: خلياه فخلياه ورماه، فأخطأه، ولم تخطىء له قط نشابة غير هذه، فعدا يوسف إليه وكان السلطان جالساً على سدة، فنهض ونزل ووقع على وجهه، وقد وصله يوسف فبرك عليه وضربه 286 - ظ بسكين كانت معه في خاصرته، ودخل السلطان إلى خيمته وهو مثقل، ولحق بعض الفراشين يوسف فقتله بمروة كانت في يده، وقضى ألب أرسلان نحبه، وجلس للعزاء بع ببغداد ثامن جمادى الآخرة، ومولده سنة أربع وعشرين وأربعمائة، وبلغ من العمر أربعين سنة وشهرين. ودفن السلطان ألب أرسلان عند قبر أبيه بمرو.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: ملك البلاد ألب أرسلان وهو محمد ابن داود، كسر قتلمش بديه نمك في ذي الحجة سنة خمس وخمسين، واستخلص الملك، وغزا الروم في شعبان سنة ثلاث وستين، وكسر الروم، وأسر ملكهم، ونودي عليه في السوق، ثم منّ عليه وخلاه، ورده إلى ملكه، وقتل ببليدة يقال لها نزرم على طرف جيحون، سلخ صفر، أو غرة شهر ربيع الأول سنة خمس وستين وأربعمائة، وحمل إلى مرو، ودفن بجنب أبيه.

أنبأنا عمر بن طبرزد عن أبي القاسم بن السمر قندي عن محمد بن هلال قال: حدثني أبو الحسن البصروي الشاعر قال: رأيت أبا طاهر بن أبي قراط العلوي في النام وأنا أقول له: نا فعل الله تعالى بك، وكنت أعلم فساده اعتقاده، فلم يجبني، فلما كررت عليه القول وهو على حاله في ترك الاجابة قال لي: دع عنتك هذا فقد ضرب الله نيسابور اثنين وسبعين عصا، وانتهبت، فسرته على بعض من يدخل إليّ ممن له بذلك معرفة. فقال: عد يا سيدنا اثنين وسبعين يوماً وانظر ما يتجدد بنيسابور. فكان قتل عضد الدولة ألب أرسلان بن داود سلطانها على جيحون في الجانب الشرقي، وقد عبر لقتال شمس الملك بن بوريخان صاحب سمرقند وبخارى وتلك الأعمال في اليوم الثالث والسبعين من المنام، وكان ذلك عجبا ص، ويقال إن أهل بخارى وسمرقند وما يتاخمها من الأعمال اجتمعوا بسمرقند لما اظلتهم من عساكر ألب أرسلان، وكانت عظيمة، والأكثر يقول: انها قاربت مائتي ألف فارس، وأن لم يكن لسلطانهم ولهم به قوة، وبدأ الاجتياح والنهب في العمال، وبات صلحاء الناس بسمرقند في الجامع مدة اسبوع يصومون ويفطرون على الرماد والملح، ويدعون الله كفايتهم ما قد أظلهم وأمر من قد قصدهم، فلم تنسلخ أيام الاسبوع حتى إليهم خبر قتله، وأن يوسف أحد أصحاب شمس الملك لما أخذ من قلعة هناك أحضر بين يديه، فتهدده وتوعده، ثم ضرب إليه نشابه، وقال لغلامين أتراكا كانا يمسكانه: خلياه ورماه فلم يصبه، وعدا إليه يوسف فبرك عليه وجرحه بسكين في خفة جراحة عاش منها ثلاثة أيام ومات.
ألب أرسلان: ويسمى محمداً أيضاً، بن رضوان بن تتش بن ألب أرسلان بن جغري بك ابن سلجون بن تقاق، أبو شجاع، الملقب تاج الدولة، الأخرس، وألب أرسلان الذي قدمنا ذكره جد أبيه.
ملك حلب حين مات أبوه رضوان وهو صبي، وتولى تدبير أمره خادم أبيض كان خدم أبيه اسمه لؤلؤ 288 - ظ ويعرف باليايا، فلم تتم له سنة حتى قتله غلمانه بالمركز من قلعة حلب، ووافقهم على ذلك لؤلؤ اليايا.
وكان الثغ لا يحسن الكلام فدعي بالأخرس لذلك. وكان مهوراً قليل الغقل، سفاكاً للدم منهمكاص في المعاصي.
سمعت والدي رحمه الله يقول: جمع تاج الدولة الأخرس بن رضوان جماعة من المراء والأجناد وادخلهم إلى موضع بالقلعة شبيه بالسرداب أو المصنع لينظروه، فلما حصلوا كلهم فيه قال لهم: ايش تقولون فيمن يضرب رقابكم هاهنا، فتضرعوا غليه، وأيقنوا بالقتل، وقالوا: يا مولانا نحن مماليك وبحكمك، وخضعوا له حتى أخرجهم، ثم إنهم خافوا على أنفسهم منه فاجمعوا على قتله فقتلوه.
وقال الأمير بدران بن جناح الدولة حسين بن مالك بن سالم: كان جدي ممالك من جملة الأمراء الذين فعل بهم ذلك، فلما نزل من القلعة سار عن حلب إلى قلعة جعبر، وترك المقام بحلب خوفاً على نفسه.
قال: ومضى أكثر الأمراء من حلب من خدمته إلى أن قتل، عمل عليه لؤلؤ الخادم مملوك أبيه مع جماعة من الأمراء، فقتلوه.
قال: ثم إن لؤلؤ خاف فأخذ الأموال من قلعة حلب، وسار طالباً بلاد الشرق، فلما وصل إلى دير حافر قال سنقر الجكرمشي: تتركونه يقتل تاج الدولة، ويأخذ الأموال، ويمضي! فصاح بالتركية - يعني - الأرنب الأرنب، فضربوه بالسهام فقتلوه.
قال: ولما هرب لؤلؤ 287 - ظ أقامت القلعة في يد آمنة خاتون بنت رضوان يومين فلما قتل لؤلؤ، ملكوا سلطان شاه بن رضوان. هكذا قال لي، لؤلؤ، هو الذي نصب سلطان شاه بعد قتل أخيه، وبقي سنة وثمانية أشهر بدير دولته.
وقرأت في كتاب عنوان السير تأليف محمد بن عبد الملك الهمذاني قال: وولي بعده - يعني رضوان - أبو شجاع محمد بن رضوان، وكان لا يحسن أن يتكلم واستولى على حلب وله من العمر تسع عشرة سنة، وقتل خلقاً من أصحاب أبيه. فاغتاله خادم كان خصيصاً به اسمه لؤلؤ في رجب سنة ثمان وخمسمائة، وكان ملكه بحلب سنة واحدة.
قال لي بدارن بن حسين بن مالك: بلغني أن تاج الدولة الأخرس خرج يوماً إلى عين المباركة، ونصب بها خيمة، وأخذ معه أربعين جارية، ووطئهن كلهن في ذلك اليوم.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن الدمشقي قال: ألب أرسلان بن رضوان بن تتش بن ألب أرسلان التركي ولي امرة حلب بعد موت أبيه رضوان في جمادى الآخرة سنة سبع وخمسمائة وهو صبي عمره ست عشرة سنة، وتولى تدبيره أمره خادم لأبيه اسمه لؤلؤ، ورفع عن أهل حلب بعض ما كان جدد عليهم من الكف، وقتل أخويه ملك شاه وميريجا، وقتل جماعة من الباطنية، وكانت دعوتهم قد ظهرت في حلب في أيام أبيه، ثم كاتب 288 - ه طغتكين أمير دمشق، ورغب في استعطافه، فأجابه ظغتكين إلى ذلك، ودعا على منبر دمشق في شهر رمضان من هذه السنة، ثم قدم ألب أرسلان في هذا الشهر دمشق، وتلقاه طغتكين وأهل دمشق في أحسن زي وأنزله في قلعة دمشق، وبالغ في اكرامه، فأقام بها اياماً، ثم عاد إلى حلب في أول شوال، وصحبه طغتكين، فلما وصل حلب لم ير طغتكين ما يحب ففارقه وعاد إلى دمشق.
وساءت سيرة ألب أرسلان بحلب وانهمك في المعاصي واغتصاب الحرم، وخافه لؤلؤ اليابا، فقتله بقلعة حلب في الثامن من شهر ربيع الآخرة من سنة ثمان وخمسمائة ونصب أخا له طفلاً عمره ست سنين، وبقي لؤلؤ بحلب إلى أن قتل في آخر سنة عشر وخمسمائة.
قرأت في مدرج وقع الي بخط العضد مرهف بن أسامة بن منقذ فيه تعاليق من الحوادث في السنين قال: وفيها - يعني سنة ثمان وخمسمائة، قتل الأخرس ابن الملك رضوان في يوم الاثنين خامس شهر ربيع الآخر.
قلت: ومن العجب العجيب الذي فيه عبرة لكل أريب أن رضوان لما ملك حلب قتل أخوين كانا له، فقوبل في عقبة، فلما ولي ألب أرسلان قتل أخويه ابني رضوان.
نقلت من خط أبي عبد الله محمد بن عليّ العظيمي، وأنبأنا به أبو اليمن الكندي عنه قال: سنة سبع وخمسمائة، فيها: مات الملك رضوان بحلب، وجلس موضعه ولده تاج الملوك ألب أرسلان، وصار أتابكه لؤلؤ الخادم، وقتلوا من الخدم والخواص جمعاً حتى استقام أمرهم، وقبض على أخوته وفيها قتل تاج الدولة بن الملك رضوان أخوته ملك شاه وإبراهيم صبيين أحسن الناس صوراً، وقتل خادم أبيه التونتاش المجني، وقتل الفتكين الحاجب وخافه الناس، فألب عليه خادمه أتابكة لؤلؤ من قتله.
ثم قال: سنة ثمان وخمسمائة، فيها: قتل تاج الدولة ألب رسلان بن رضوان صاحب حلب بداره في قلعة حلب أتابكه لؤلؤ، وأجلسو موضعه أخاه الملك سلطان شاه بن رضوان.
كذا قال العظيمي: " ملك شاه وإبراهيم " وهو وهم وانما هو وميريجا، وأما إبراهيم فانه آخر من بقي ممن ولد رضوان، ولم يبق من ذريه رضوان الا عقبة إلى يومنا هذا.
ذكر ممن أسمه الياس
الياس بن محمد بن الياس بن إبراهيم التميمي البالسي: حدث عن أبيه محمد بن الياس بن إبراهيم البالسي روى عنه ابنه أبو الأسد محمد بن الياس الخطيب البالسي.
أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن عليّ البغدادي، فيما أذن لنا 288 - ظ في روايته عنه، قال: أخبرنا عمر بن عليّ بن الخضر القرشي - اجازة ان لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علوان الحلبي قال: أخبرنا الفقيه معدان بن كثير بن الحسن بن المعمر البالسي بحلب قال: حدثنا القاضي الأجل أبو التمام عبد العزيز بن محمد بن الياس قال حدثنا والدي محمد بن الياس قال: حدثنا والدي الياس بن محمد الياس قال:حدثنا والدي محمد بن الياس قال: حدثنا أبو يوسف محمد بن سفيان بن موسى الصفار بالمصيصية قال: حدثنا محمد ابن قدامة قال حدثنا جرير عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يشكر الله من لا يشكر الناس " .
الياس بن عبد الله: أبو الخير، عتيق بن أبي منصور المظفر بن عبد القاهر بن الحسن السهر وردي، قاضي بالموصل سمع بالموصل خطيبها أبا الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي، وروى لنا بالموصل، وذكر لي أنه قدم حلب مع مولاه حين أجتاز بها رسولا، قال لي: وقدمتها مرارا كثيرة في تجارة، وكان شيخنا حسنا صحيح السماع أمينا.

أخبرنا إياس بن عبد الله مولى ابن السهر وردي بالموصل قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي الخطيب بالموصل قال: أخبرنا أبو المظفر ميمون بن محمد بن أحمد في داره المعمورة بترمذ قال: حدثنا إبراهيم بن اسحق المرغياني قال: أخبرنا الشيخ أبو القاسم الحكيم الأشبارياني قال: أخبرنا نسطور الرومي 289 - و بقرية من قرى بارات يقال لها تكركان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لذذ أخاه بما يشتهي كتب الله له الف حسن، ومحا عنه ألف سيئة ورفع له في الجنة ألف درجة، ويطعمه الله من ثلاث جنان: من العدن، والفردوس، والخلد.
إلياس..... الفقيه الملقب بناصح الدين، فقبه كان بسيواس يدرس الفقه على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه، فأرسله صاحب سيواس الملك ياغي يسن بن الدانشمند إلى حلب ليأخذ الفتاوة من أئمتها على الملك فخر الدين بسبب يمين جرت بين ابن الدانشمند وبين فخر الدين، وأدعى أنه قد نقض العهد وخالف اليمن حين نزل يحاصر آمد، والغالب عليها يومئذ الملاحدة، وكانوا يومئذ معاهدين لمن حالف الملك ابن الدانشمند، فدخل بالد الملك فخر الدين ونهبها، ونفذ الفقيه الياس لأخذ خطوط الأئمة بها، وكانا قد تحالفا على أن يكون كلو احد منهما صديق الآخر، وعدو عدوه كائنا من كان، وكان بحلب يومئذ علاء الدين عبد الرحمن الغزنوني، وتاج الدين عبد الغفور الكردي الحنيفان، وشرف الدين عبد الله بن عصرون رحمهم الله أجمعين.
اليون المرعشي: كان من أهل مرعش، وكان قد مضى مع مسلمة بن عبد الملك في ايام أخيه سليمان بن عبد الملك، فكلمه الروم عليهم بالقسطنطينية.
قال البلخي في تاريخه: وجهز سليمان مسلمة حتى بلغ القسطنطينية في مائة ألف وعشرين وألفا، وكان أصطحب البون المرعشي ليدله على الطريق والعورات، وأخذ عهوده ومواثيقه على الوفاء والمناصحة، فعبروا الخليج وحاصروا القسطنطينية فلما برح بهم الحصار عرضوا الفدية على مسلمة بأبى أن يفتحها إلا عنوة، قالوا: فابعث إلينا اليون فإنه رجل منا، ويفهم كلامنا مشافهة، فبعثه إليه فسألوه عن وجه الحيلة فقد ضاق بهم الأمر، فقال: يا أهل قسطنطينية إن ملكتموني عليكم لم أفتتحها لمسلمة، فبايعوا على الملك والأمرة، فخرج اليون وقال لمسلمة، قد أجابوني أنهم يفتحونها، غير أنهم لا يفتحون ما لم تتنح عنهم، قال مسلمة: أغشى والله أن هذا منك غدر، فحلف له أليون أن يدفع إليه كل مافي قسطنطينية من ذهب وفضة وديباج وسبي، ورحل مسلمة وتنحى أمام بعض الرساتيق ودخل اليون، فلبس التاج، وقعد على سرير الملك، 289 - ظ وأمر بنقل الطعام والعلوفات من خارج فملأوا الأهراء وشحنوا المطامير، وبلخ الالخبر مسلمة فعلم أنه كان غدرا فأقبل راجعا فأدرك شيئاً من الطعام وغلقوا الأبواب دونه، وبعث إلى اليون يناشده الوفاء إلى العهد، فأرسل إلى اليون: ملك الروم لا يبايع بالوفاء، ونزل بفنائهم مسلمة ثلاثين شهراً، حتى أكل أهل عسكرة الميتة والعظم، وقتل منهم خلق عظيم ثم رحل وأنصرف.
أمجد بن عبد الملك: أبو المجد الوركاني القاضي قاضي بلاد الروم، ووركان قرية من قرى قاشان، وكان فاضلاً أديباً شاعراً وأعظا متفننا في علوم شتى، ودخل حلب أو عملها في طريقه إلى بلاد الروم، ووقع إلي من شعره قوله:
يؤرقني ذكر عهودي ومشهدي ... متى لاح برق ببرقة ثهمد
وتذري غروبي كلما هبت الصبا ... دموعا كمن فض الجمان المبدد
إذا نشرت أيدي الظلام فروعها ... طويت على جمر الغضا المتوقد
ذكر من اسمه امرؤ القيس
امرؤ القيس بن حجر الملك بن حارث الملك عمرو المقصور الملك بن حجر آكل المرار الملك بن عمرو الملك بن معاوية الملك بن الحارث بن يعرب وقيل معاوية الملك بن ثور الملك بن مرتع وهو عمرو أول ملوك كندة معاوية بن ثور، وهو كندة، وأبو وهب، وقيل أبو عمرو وقيل أبو يزيد، وقيل أبو الحارث وقيل أبو كبشة الكندي، أحد ملوك كندة وابن ملوكهم.
وقال الوزير أبو القاسم بن المغربي في كتاب النسب الذي جمعه ووسمه بالايناس: امرؤ القيس بن حجر حندج.

وقال في كتاب " فائت كتاب المكائرة عن المذاكرة " : وأما امرؤ القيس ابن حجر فاستغني باشتهاره عن ذكر كل شيء من أخباره وأشعاره فأحببت أن أثبت أسمه فهو، صح لي حندج والحندج الرملة العظيمة، والجمل العظيم، والقيس الشدة.
امرؤ القيس من شعراء الجاهلية، وهو أول من فتح 290 - و باب الشعر، وذكر بعض الرواة، أن امرأ القيس كان مليح الوجه، حسن الأخلاق، وغير أنه كان مبغضاً على النساء.
وقرأت بخط أبي عبد الله بن خالويه: كان امرؤ القيس مفركا أي تبغضه النساء.
وقرأت بخط غيره: ويقال أن بعض من كان يلوذ به من النساء فركته، وقالت: أشم منك رائحة كلب، فيقال أنه أرضع من لبن كلبة.
وأمه فاطمة بنت ربيعة أخت كلب ومهلهل أبني ربيعة التغلبيين، وكانت بنو أسد قتلوا أباه أبا حجر، وامرؤ القيس غائب، فانتدب لطلب ثأر أبيه، فلما علم أنه لا طاقة له بذلك سار إلى قيصر ملك الروم، مستنجدا به على الأخذ بثأر أبيه، وأجتاز في طريقه بظاهرة مدينة حلب وبحماة وشيزر، وقد ذكر مواضع من قرى حلب وأعمالها وقصيدته الرائية التي يذكر فيها مسيره إلى بلد الروم، وقصده قيصر أولها:
سما لك شوق بعد ما كان أقصر ... وحلت سليمى قرن ظبي فعرعرا
كنانية بانت وفي الصدر ودها ... مجاورة نعمان والحي يعمرا
بعينك ظعن الحي لما تحملوا ... على جانب الأفلاج من جنب تميرا
قال فيها:
ولما بدت حوران والآل دونها ... نظرت فلم تنظر بعينك منظرا
تقطع أسباب اللبانة والهوىعشية جاوزنا حماة وشيزرا 290 ظ
عشية جاوزنا حماة وشيزر ... أخو الجهد لا يلوي على من تعذرا
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه ... وأيقن أنا لا حقان يقصرا
فقلت له: لا تبك عينيك إنما ... نحاول ملكا أو نموت فنعدرا
قال فيها:
ألا رب يوم صالح قد شهدته ... بتاذف ذات التل من فوق طرطرا
تاذف قرية في وادي بزعا إلى جانب بزاعا من إقليم وادي بطنان، وطرطرا هي باططل الآن تعرف بذلك، وقيل طرطر اسم نهرها.
وقرأت بخط توزون الطبري فيما رواه عن أبي عمر الزاهد قال: وقال أبو عمرو بن الطوسي: وأما طرر فأخبرني الوليد بن عبيد البحتري الشاعر قال: هي قرية عندنا بناحية مبج يقال لها باطرطل باللام.
وقرأت شعر أمرئ القيس عن أبي نصر عن أبي سعيد الأصمعي رواية أبي الهيذام كلاب بن حمزة العقيلي في تفسير هذا البيت: تاذف قرية بالشام لبني كلاب فيها حصن، وطرطر أيضاً قرية هناك وإنما هي باطرطر، ثم قال فيها:
ولا مثل يوم قذران ظلته ... كأني وأصحابي على قرن أعفرا
يقول لم تكن على طمأنينة كأنا كنا على قرن ظبي أعفر، وقذران قرية في وادي بطنان أيضاً من شمالي باب بزاعا معروفة، وقد جاء في بعض الروايات: " ولا مثل يوم في قذار ظلته " وهي قرية أيضاً من قرى حلب من ناحيتها 291 - و القبيلة من أعمال السهول والنهريات والقبلية، وأكثر هذه القرية جارٍ في ملكي، والآن تسمى أقذار، وتسمى هي التي وادي بطنان أقذاران.
ويروي في هذه القصيدة:
لقد أنكرتني بعلبك وأهلها ... ولا بن جريح كان في حمص أنكرا
يذكرها أوطانها تل ماسح ... مساكنها من بر بعيص وميسرا
وقال ابن الكلبي: بربعيص حمص، وتل ماسح بقنسرين.
قرأت في كتاب " أدب الخواص " تأليف الوزير أبي القاسم الحسين بن عليّ المغربي، قال: أول ما سمع حج من شعر أبنه امرئ القيس قوله:
أسقيا حجرا على علاته ... من كميت لونها لون العلق
قال الوزير: إني لأستقبح أن يقول قائل لأبيه " على علاته " ، وأظن ذلك هو الذي غاض حجراً، فلما سمعه أمر الساقي بلطم وجهه وأخراجه ونهاه عن قول الشعر، ثم سمعته يوما وهو يشرب من فضلة أبيه، وهو يقول:
وهر تصيد قلوب الرجال ... وأفلت منها ابن عمرو حجر
بعني هر بنت سلامة بن عبد الله بن عليم بني كليب وابنها الحارث وهو الملقب بالخرساء، قال: وقيل: إن هراً جارية كانت لأبيه، والأول أصح، فوثب إليه أبوه فضربه، وأمر مولى له أن يقتله فلم يقتله وأظهر قتله، ثم ندم على ذلك.

وقال غير الوزير أبي القاسم: إنه لما نهاه أبوه عن قول الشعر ولم ينتهي أمر حجر حاجبه 291 - ظ ربيعة بقتله وأخبر أنه قتله، فتبين ندمه، فقال: لم أقتله وإنما تركته على جبل فأمره بإحضاره، ثم طرده عنه فلم يزل يسير في العرب ومعه فيانه وهجائنه يصيد ويشرب الخمر، فبينما هو في شربه إذ نعي إليه أبوه، وأن بني أسد قتله، وكان ملكهم، قتلوه لعسفه وظلمه، أنتخى له علباء بن الحارث ابن حارثة بن هلال أحد بني كاهل بن أسد، فضربه بعكاز فاصابه نساه فمات، وأنتهبوا أمواله، وكان حجر قتل أباه.
ولما بلغه قتله قال: ضيعني صغيرا وحملني ثقل الثأر كبيرا، اليوم خمر وغدا أمر، وقال أبياتاً، ثم نهض واستنهض بكر بن وائل فأجابوه، فهجم على بني كنانة، فقتل فيهم ظناً منه أنهم بنو أسد، حتى أخبرته عجوز بهم، ثم واقع بني أسد، ولم يدرك منهم ثأره، وبعد ذلك أبت بكر وتغلب أن تتبعه لقتله كنانة ظلماً، وآل أمره حتى دخل الروم واستنجد بملكهم واسمه أسطاس.
قال الوزير أبو القاسم: وقيل أنه لما قتل حجر تنازع امرؤ القيس ابنه، وثعلبة ابن مالك أحد بني عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن كندة في الملك بعده فأجمعا للحرب فأكف امرؤ القيس أصحابه، وبرز إلى ثعلبة وحده، وطعن فيهم، فحملوا عليه فولى هارباً، وهم في طلبه، فخرج عليهم أصحاب امرىء القيس فكسروهم وأسر ثعلبة صبرا وقال:
لا وأبيك ابنة العامري ... لا يدعي القوم أني أفر
قلت: قد ذكر الوزير أنه قال:
وهر تصيد قلوب الرجالوأفلت منها أبن عمرو حجر 292 و
وثب إليه أبوه وضربه، وأمر مولاه بقتله، ثم قال: انه لما قتل حجر تنازع امرؤ القيس وثعلبة، وأنه أسر ثعلبة، وقتله صبرا، وقال:
لا وأبيك ابنة العامري
البيت، والبيتان جميعاً في قصيدة واحدة وفي ذلك من التناقض ما لايخفى.
قال الوزير: بعض الناس يظن أن وفادة امرىء القيس إلى الروم كانت للاستجاشة على بني أسد، وليس كذلك، وإنما سببها أن المنذر بن ماء السماء اللخمي لما عاد إلى الملك أيام أنو شروان أنفذ في طلب بني آكل المرار جيشا من بكر وتغلب، فأسر منهم ستة عشر رجلاً، وقيل اثني عشر، فضرب أعناقهم بالحيرة، في دور بني مرينا، وهي تسمى لذلك تل الأملاك، ولذلك قال عمرو بن كلثوم:
فآبوا بالنهاب وبالسبايا ... وأبنا بالموك مصفدينا
ونجا امرؤ القيس بالهرب ولجأ إلى هانىء بن مسعود بن عامر بن عمرو بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان، فاستجاره فلم يجره، فأتى سعد بن الضباب الإيادي، وكان سيد قومه في وقته فأجاره زمناً فمدحه وهجا هانىء وقيل إن أم سعد كانت تحت حجر فطلقها، وهي حامل فتزوجها الضباب، فولدت عنده سعداً فنسب إليه.
ثم تنقل في الأحياء في طيء، وذكر الوزير كثيراً ممن نزل عليه، ثم قال: إنه نزل على المعلى بن تيم بن ثعلبة بن جدعان بن مقصور واسمه لوذان بن ذهل بن رومان بن جندب بن خارجة بن سعد بن بن فطرة بن طىء، 292 - ظ فلما تغيب المعلى عن بيته اغتنمها المنذر، وقصد بيته وفتشه فأدخل ابنه امرؤ القيس إلى نسائه، فلم يجده عندهم وعاد، فمدحهم امرؤ القيس:
كأني إذ نزلت على المعلى ... نزلت على البواذخ من شمام
فما ملك العراق على المعلى ... بمقتدر ولا الملك الشآمي
أصد نشاص ذي القرنين ... حتى تولى عارض الملك الهمام
أقر حشا امرىء القيس بن حجر ... بنو تيم مصابيح الظلام
فسموا مصابيح الظلام لهذا القول، ثم خرج امرؤ القيس من فوره يريد قيصر.
قلت: وقال امرؤ القيس في الملوك الذين قتلهم المنذر بن ماء السماء من بني آكل المرار بالحيرة.
ألا يا عين بكي لي سنينا ... وبكي لي الملوك الذاهبينا
ملوكاً من بني حجر بن عمرو ... يساقون العشية يقتلونا
فلو في يوم معركة أصيبوا ... ولكن في ديار بني مرينا
بنو مرينا قوم من أهل الحيرة.
فلم يغسل جماجمهم بغسلٍ ... ولكن بالدماء مزملينا
وذكر أبو عمرو عثمان بن بحر الجاحظ في تقدير ما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين امرىء القيس أنه نحو مائتي سنة، أو مائتي سنة، أو مائة وخمسين سنة، وأورده في الحيوان.

وقال الوزير ابن المغربي: والصحيح الذي يوجبه التقريب في التقدير أن بين مولد النبي صلى الله عليه وسلم وبين موت امرىء القيس خمساً وخمسين سنة، وبين مولد النبي صلى الله عليه وسلم وبين هجرته ثلاثاً وخمسين سنة 293 - و.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قراءة عليه وأنا أسمع بحلب، قال: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن طراد الزينبي - قراءة عليه - وأبو القاسم السمرقندي، وابن مسعود المجدي وغيرهما - إجازة إن لم يكن سماعاً منهم أو من أحدهم - قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: سمعت أبا محمد الحسن بن عليّ البصري يقول: حدثنا بكر بن عليّ ابن محمد الصيدلاني قال: حدثنا أبو هفان الشاعر قال: حدثنا الأصمعي عن محمد ابن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امرؤ القيس قائد الشعراء إلى النار.
هكذا وقع وقد سقط بين الأصمعي وابن سيرين ابن عون، والله أعلم.
أخبرنا به على الصواب أبو عليّ المبارك بن أبي الحسن بن الحسين بن المطرز في كتابه قال: أخبرنا أبو الفتح بن البطي قال: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمد الأنباري قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن مخلد قال: حدثنا أبو بكر جنيد بن حكيم الأزدي قال: حدثنا أبو هفان الشاعر قال: حدثنا الأصمعي عن ابن عون عن محمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: امرؤ القيس بن حجر قائد لواء الشعراء يوم القيامة إلى النار.
أخبرنا أبو الفضل بن أبي الحسن بن هبة الله التاجر قال: أخبرنا أبو طالب العدل قال: أخبرنا أبو الفضل بن أحمد العجمي قال: أخبرنا أبو الحسن بن محمد البزاز أبو الحسن الصلحي قال: أخبرنا أبو بكر بن عثمان الواسطي قال: حدثنا أبو الحسن نهشل قال: حدثنا حميد بن الربيع قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا أبو الجهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء وقائدهم إلى النار.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو طاهر السنجي ببلخ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن حمد الدوني قال أخبرنا أبو نصر أحمد بن الحسين الكسار 294 - و قال: أخبرنا أبو بكر أحمد ابن السني قال: أخبرنا أبو يعلى - يعني الموصلي - قال: حدثنا يحيى بن معين قال: حدثنا هشيم عن أبي الجهم الواسطي عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار.
أخبرنا أبو عليّ حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالمسجد الأقصى قال: أخبرنا أبو طاهر بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن الحسين ابن زكريا وأبو سعد محمد بن عبد الكريم بن محمد بن خشيش، ح.
وأخبرنا أبو اسحق إبراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشغري قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن عليّ بن صالح الكاغدي، وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان.
قال أبو الفضل أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن الحسن الطريثيثي.
وقال أبو الفتح: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون.
قالوا: أخبرنا أبو عليّ الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان البزاز قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي الفارسي قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي قال حدثنا حميد بن الربيع قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا أبو الجهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل قال: أخبرنا أبو طاهر الحافظ قال: سمعت إسماعيل بن عبد الجبار الماكي قال: سمعت أبا يعلى 294 - ظ الخليلي يقول: حدثنا جدي والقاسم بن علقمة قالا: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي قال: حدثنا أحمد بن الربيع قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا أبو الجهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امرؤ القيس قائد لواء الشعراء إلى النار.

أخبرنا مرجا بن أبي الحسن الواسطي قال: أخبرنا محمد بن عليّ بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا محمد بن محمد بن مخلد قال: أخبرنا عليّ بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن عثمان بن سمعان الحافظ قال: حدثنا عثمان بن نصر الطائي قال: حدثنا يحيى بن أكثم قال: حدثنا المأمون أمير المؤمنين عن هشيم عن أبي الجهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امرؤ القيس قائد الشعراء بأزمتهم إلى النار.
أخبرنا فراس بن عليّ العسقلاني قال: أخبرنا أبو طاهر الخشوعي قال: أخبرنا أبو محمد الأكفاني قال: أخبرنا أبو القاسم الحنائي قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله ابن محمد بن عبد الله قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن أحمد الخصاص قال: حدثنا حميد قال: حدثنا هشيم عن أبي الهجم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء في النار.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن حمد بن عبد الله الكبريثي قال: أخبرنا أبو مسلم محمد بن عليّ بن محمد بن الحسين بن مهرايزد النحوي قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرىء قال حدثنا أبو عروبة الحسين بن محمد بن مودود الحراني قال: حدثني محمد بن يحيى بن كثير قال: حدثنا الخضر295 - و بن محمد بن شجاع قال: أخبرنا هشام بن أبي الجهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: امرؤ القيس قائد الشعراء في النار لأنه أول من أحكم قوافيها.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن يحيى بن محمد بن بوش الآزجي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن محمد بن كادش العكبري - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو عليّ محمد بن الحسين بن محمد الجازري قراءة قال: أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى النهرواني الجريري - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير القاضي قال: حدثنا سليمان بن سيف قال حدثنا حبان أبو عبد الله جار أبي عاصم قال: حدثنا هشام بن محمد بن السائب قال: حدثني فروة بن سعيد بن عفيف بن معدي كرب عن أبيه عن جده قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقبل وفد من اليمن فقالوا: يا رسول الله لقد أحيانا الله ببيتين من شعر امرئ القيس قال: وكيف ذاك؟ قالوا: أقبلنا نريدك حتى إذا كنا ببعض الطريق أخطأنا الطريق، فمكثنا ثلاثا لا نقدر عليه فتفرقنا إلى أصول طلحٍ وسمرٍ ليموت كل رجل منا في ظل شجرة فبينا نحن بآخر رمق إذا راكب يوضع على بعير معتم، فلما رآه بعضنا قال والراكب يسمع: 295 - ظ.
لما رأت أن الشريعة همها ... وان البياض من فرائصها دامي
تيممت العين التي عند ضارج ... يفيء عليها الظل عرمضها طامي
فقال الراكب: من يقول هذا الشعر - وقد رأى ما بنى من الجهد، قال: قلنا: امرؤ القيس بن حجر، قال ما كذب وإن هذا لضارج، أو ضارج عندكم، فنظرنا فإذا بيننا وبين الماء نحو من خمسين ذراعاً فحبونا إليه على الركب، فإذا هو كما قال امرؤ القيس على العرمض يفئ عليه الظل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك رجل مذكور في الدنيا منسي في الآخرة شريف في الدنيا خامل في الآخرة، بيده لواء الشعراء يقودهم إلى النار.

قال: وأخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا قال: وحدثناه أحمد بن عيسى بن السكين البلدي قال: حدثني أبو داوود سليمان بن سيف الحراني قال: حدثنا حبان بن هلال أبو عبد الله البصري جار أبي عاصم قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن السائب قال: حدثنا فروة بن عفيف - أو قال: عفيف - بن معد يكرب عن أبيه عن جده قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه قوم من الأعراب حفاة عراة، فقالوا: يا رسول الله لقد أنجانا الله ببيتين من شعر امرىء القيس بن حجر فقال: كيف ذلك؟ قالوا: يا رسول الله أقبلنا نريدك حتى إذا كنا ببعض الطريق أضللناه ثلاثا، لا نقدر عليه فبينا نحن كذلك عمد كل رجل منا إلى ظل شجرة أو سمرة ليموت 296 - و تحتها فإذا راكب على بعير له يوضع، فلما رآه بعضنا قال: والراكب يسمع:
لما رأت أن الشريعة همها ... وأن البياض من فرائصها دام
تيممت العين التي عند ضارج ... يفيء عليها الظل عرمضها طام
قال: فقال الراكب: يا عبد الله من يقول هذا الشعر؟ قال: امرؤ القيس بن حجر قال: والله ما كذب وإن عنده الآن لضارجاً عليه العرمض يفيء عليه الظل، قال: فنظرنا فإذا ليس بيننا وبينه إلا قدر عشرين ذراعاً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ذاك رجل مذكور في الدنيا منسي في الآخرة بيده لواء الشعراء يقودهم إلى النار.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني قال: قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عليّ بن هبة الله الشافعي، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عليّ قال: أخبرنا أبو المعالي بن عبد الرحمن بن صابر إجازة - قالا: أخبرنا الشريف أبو القاسم عليّ بن إبراهيم النسيب قال: أخبرنا رشا بن نظيف بن ما شاء الله، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال: أخبرنا محمد بن موسى بن حماد قال: حدثنا محمد بن سهل الأزدي عن هشام بن محمد عن أبيه قال: أقبل قوم من اليمن يريدون النبي صلى الله عليه وسلم فأضلوا الطريق وفقدوا الماء، فمكثو ثلاثاً لا يقدرون على الماء فجعل الرجل منهم يستدري بفيء السمرة أو 296 - ظ الطلح آيساً من الحياة حتى خفت كلامهم من العطش، فبينا هم كذلك أقبل راكب وهو ينشد بيتين لأمرىء القيس:
ولما رأت أن الشريعة همها ... وأن البياض من فرائصها دامي
تيممت العين التي عند ضارج ... يفيء عليها الظل عرمضها طامي
فقال الراكب: من يقول هذا؟ قالوا: امرؤ القيس، فقالوا: فأين ضارج؟ قال: هو ذا خلفكم، فانحرفوا إليه، فإذا ماء غدق، وإذا عليه العرمض والظل يفيء عليه فشربوا منه وحملوا حتى بلغوا الماء، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه وقالوا: أحيانا بيتين من شعر امرىء القيس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذاك رجل مذكور في الدنيا شريف فيها منسي في الآخرة خامل فيها، يجيء يوم القيامة معه لواء الشعراء إلى النار.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن الحسن قال: أنبأنا أبو عليّ محمد بن سعيد بن نبهان، وأبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله البرجي عن أبي عليّ بن شاذان قال: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن يعقوب بن يوسف الأصبهاني برزويه قال: حدثني محمد بن الحسن الأعرج عن البرقي عن بي الكلبي: أن قوما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عن أشعر الناس، فقال أئتوا ابن الفريعة - يعني حسان - فأتوه، فقال: ذو القروح - يعني أمرىء القيس - فرجعوا فأخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: صدق رفيع في الدنيا خامل في الآخرة، شريف 297 - و في الدنيا وضيع في الآخرة، وهو قائد الشعراء إلى النار. أو كما قال.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن المسلم الفقيه قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن منصور المالكي، وأبو عبد الله محمد بن أبي نعيم النسوي الصوفي قالا: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر قال: أخبرنا عمي أبو علي محمد بن القاسم بن معروف قال: فحدثني عليّ بن بكر قال: حدثنا أحمد بن الخليل قال: أخبرنا أبو زيد بن عبيدة قال: حدثني عليّ بن الصباح قال: حدثنا هشام بن محمد عن فروة ابن سعيد بن عفيف بن معدي كرب عن أبه قال: قدم قوم من اليمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد أحيانا الله ببيتين من شعر امرىء القيس بن حجر، قال: وكيف ذاك؟ قالا: قالوا: أقبلنا نريدك فضللنا فبقينا ثلاثاً بغير ماء فاستظللنا بالطلح والسمر، فأقبل راكب متلثم بعمامة وتمثل رجل منا ببيتين:
ولما رأت أن الشريعة همهما ... وإن البياض من فرائصها دامي
تيممت العين التي عند ضارج ... يفيء عليها الظل عرمضها طامي
فقال الراكب: من يقول هذا الشعر؟ قال: امرؤ القيس بن حجر، قال فلا والله ما كذب، هذا ضارج عندكم، فحبونا على الركب إلى ماءكما ذكر عليه العرمض يفيء عليه الطلح فشربنا رينا، وحملنا ما بلغنا الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك رجل مذكور في الدنيا شريف فيها منسي في الآخرة خامل 297 - ظ فيها، يجيء يوم القيامة معه لواء الشعراء إلى النار.
ويقال أن لبيداً قدم المدينة قبل إسلامه، فقال نفر من قريش لرجل منهم: انهض إلى لبيد فاسأله أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أشعر الناس؟ فنهض إليه فسأله، قال: إن شئت أخبرتك من أعلمهم؟ قال: بل أشعرهم قال: يا حسان أعلمه فقال حسان: الذي يقول:
كأن قلوب الطير رطبا ويابساً ... لدى وكرها العناب والحنتف البالي
قال: هذا امرؤ القيس، فمن الثاني؟ قال: يا حسان أعلمه، قال الذي يقول:
كأن قلوب الطير رطباً ويابساً ... لدى وكرهاً العناب والحنتف البالي
قال: هذا امرؤ القيس، فمن الثاني؟ قال: يا حسان أعلمه، قال الذي يقول:
كأن تشوفه بالضحى ... تشوف أزرق ذي مخلب
إذا سل عنه جلال له ... يقال سليب ولم يسلب
قال لبيد: وهذا له أيضاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أدركته لنفعته، ثم قال: معه لواء الشعراء يوم القيامة حتى يتدهدأ بهم في النار، فقال لبيد: ليت هذه المقالة قيلت لي وإني أهدأ في النار، ثم أسلم بعد فحسن إسلامه.
أخبرنا عمر بن طبرزد - إذناً - قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن عليّ بن عبد الوهاب بن السكري البزاز - إجازة - قال: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن عبد العزيز الطاهري - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن محمد بان سلم بن راشد الختلي قال: أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي في كتاب الشعراء الجاهليين في الطبقة الأولى: امرؤ 298 - و القيس بن حجر بن الحارث ابن عمرو بن حجر آكل المرار بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن يعرب بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة.
قال ابن طبرزد: وأنبأنا أبو غالب بن البناء عن أبي الفتح بن المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: قال ابن الكلبي: إنما سمي حجر بن عمرو بن معاوية الأكرمين آكل المرار لأن امرأته هند بنت ظالم بن وهب بن الحارث بن معاوية الأكرمين لما أغار عليه ابن الهيولة السليحي، فأخذها فقال لها: كيف ترين الآن حجراً فقالت: أراه والله خبيث الطلب شديد الكلب، كأنه بعير أكل مراراً، والمرار نبت حار يأكله البعير فيتقلص منه مشفره، وكان حجراً أفوه الأسنان، فشبهته به فسمي آكل المرار بعد ذلك.

أنبأنا أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب بن السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عبيد الله المرزباني - إجازة - قال في معجم الشعراء: امرؤ القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو المقصور بن حجر آكل المرار الكندي، امرؤ القيس أحد ملوك كندة، وابن ملوكهم وسمي عمرو المقصور لاقتصاره على ملك كندة دون غيرهم، وسمي حجر آكل المرار، لأن امرأته قالت: هو شديد الكلب، سريع الطلب، مزبد شدقاه، كأنه جمل آكل مرار، فسمي بذلك، والمرار نبت حار يتقلص منه مشفر البعير، وقد اختلف في نسب آكل المرار، فقال أبو عبيدة: هو آكل المرار بن عمرو بن معاوية بن عمرو بن معاوية بن ثور 298 - ظ وثور هو كندة، وقال عمر بن شبة ومن قال بقوله: هو آكل المرار بن عمرو بن حجر، وهو أول ملوك كندة بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن كندة بن مرتع، بن عفير.
وقال محمد بن سلام: هو آكل المرار بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية ابن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة.
وقال هشام بن محمد الكلبي: كندة اسمه ثور بن عفير بن عدي بن الحارث ابن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب ابن يعرب بن قحطان، وقد خولف ابن شبة وابن سلام وابن الكلبي في هذا النسب، والخلاف فيه مشروح في الكتاب المونق.
قال: وقيل كنية امرئ القيس أبو عمرو، وقيل أبو الحارث، وقيل أبو كبشة ويلقب ذا القروح، ويقال ذو القروح، ونسب إلى ذلك للبسه الحلة المسمومة التي أهداها إليه قيصر فقرحت جسده، وهو الملك الضليل، وسمي بذلك لأن ملك كندة ضل على يده لما تنقل في أحياء العرب طالباً ثأر أبيه، ثم ارتحل إلى قيصر يستنجده، فمات بأرضه وبطل ملكهم، وأمه فاطمة بنت ربيعة أخت كلب ومهلهل ابني ربيعة التغلبيين.
أخبرنا أبو القاسم بن الحرستاني - إذناً - قال أخبرنا أبو الحسن عليّ بن أحمد الغساني - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد، قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن زبر قال: حدثنا الحسن بن عليل الغنزي قال: حدثنا مسعود بن بشر قال: سمعت الأصمعي 299 - و يقول: امرؤ القيس بن حجر، يكنى أبا يزيد، وأبا وهب.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن عليّ الخضر القرشي التاجر - قدم علينا حلب قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو السعادات المبارك نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد القزاز، وشهدة بنت أحمد بن الفرج الآبري، ح.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن عليّ بن يعيش الحلبي النحوي، قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي، قالوا: أخبرنا الحاجب أبو الحسن عليّ بن محمد بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن عليّ الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي قال: حدثنا عليّ بن الأعرابي قال: حدثنا عليّ بن عمروس عن هشام بن السائب الكلبي عن أبيه عن أبي صالح قال: كان يدخل مكة رجال متعممون من جمالهم مخافة أن يفتتن بهم، منهم: عمرو الطهوي، وأعيفر اليربوعي وسبيع الطهوي، وحنظلة بن مرثد من بني قيس بن ثعلبة، وكان يقال له برجد من حسنه، والزبرقان بن بدر، وعمرو ابن حممة الدوسي، وأبو خيثمة بن رافع، وزيد الخيل بن مهلهل الطائي، وقيس بن سلمة، وشراحيل الجعفي، وذو الكلاع الحميري، وامرؤ القيس بن حجر الكندي، وجرير بن عبد الله البجلي.
قرأت في رسالة أبي عليّ الحاتمي في الشعر والشعراء قال: ولا خلاف بين الرواة أن امرأ القيس كان رواية أبي دؤاد، وأنه يزل يقتضب شعره 299 - ظ وينتزع معانيه فمن ذلك قول أبي دؤاد:
إذا ما جرى شأوين وأبتل عطفه ... أناف بجذع مثل جذع السحوق
فقال امرؤ القيس:
إذا ما جرى شأوين وأبتل عطفه ... تقول هرير الريح مرت بأثأب
وقال أبو دؤاد:
وقد أغتذي والطير في وكناتها ... بمنجرد ضافي السبيب عتيق
فقال امرؤ القيس:
وقد أغتدى والطير في وكناتها ... بمنجرد قيد الأوابد هيكل
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري - إجازة - قال: أجازلي أبو عبد الله محمد بن عمران المرزباني.

قلت: ونقلته من نسخة عليها خط المرزباني وسماع عبد السلام البصري فيها قال: حدثنا أبوبكر أحمد بن محمد بن عبد الله الجوهري - إملاء من كتابه - قال: حدثنا أبو عليّ الحسن بن عليل العنزي قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد التوزي قال: قرأت على أبي عبيدة معمر بن المثنى، ح.
قال العنزي: وحدثنا إبراهيم بن شعبان قال: حدثنا أبو الحسن الاثرم قال: قرأت أبي عبيدة قال: اتفقت العرب العكاظيون أن لا يعدوا من الشيء إلا ثلاثة، ثم يكفوا ولا يزيدوا عليها شيئا، فإن لحق بعد ذلك شيء لم يعدوه، فاتفقوا على أن اشعر الشعراء في الجاهلية ثلاثة: امرؤ القيس بن حجر الكندي، ونابغة بني ذبيان، وزهير بن أبي سلمى، ثم أختلفوا، فقال بعضهم: امرؤ القيس أولهم فتح لهم الشعر فاستوقف، وبكى في الدمن وذكرو وصف ما فيها ثم قال: دع ذارغبة عن المنسبة.
وكتب فوقه التشبيه وعلم عليه صلى الله عليه وسلم، فتبعوا أثره، وهو أول من شبه الخيل بالعصا واللقوة والسباع والظباء والطبر، قال: واللقوة العقاب، فشبهوها بهذه الأوصاف، كان ما شبه بالعصا قوله: كميتُ كأنها هراوة منوال.
وما شبه باللقوة وهي العقاب قوله:
كأني بفتخاء الجناحين لقوه ... صيود من العقبان طاطاتٍ شملال
وما شبه بالسباع:
له إيطلا ظبي وساقا نعامة ... وإرخاء سرحان وتقريب تتفل
وقال من فضل النابغة: هو أوضحهم كلاماً وأقلهم سقطاً وحشواً، وأجودهم مقاطع، واحسنهم مطالع، ولشعره ديباجة إن شئت قلت: ليس بشعر مؤلف من ثابته ولينه، إن شئت قلت: صخر لو دريت به الجبال لأزلتها: وقال الذين فضلوا زهير: هو أمدح القوم وأشدهم سر شعر.
قلت هذا قولهم: أسر قتبه أسرا أي شده بالقد.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي القاسم بن السمرقندي عن أبي محمد عبد الوهاب بن عليّ بن عبد الوهاب السكري قال: أخبرنا عليّ بن عبد العزيز الطاهري - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر قال: أخبرنا الفضل بن الحباب قال: حدثنا محمد بن سلام الجمحي قال: أخبرني يونس بن حبيب أن علماء البصرة كانوا يقدمون امرؤ القيس بن حجر، وأن أهل الكوفة كانوا يقدمون الأعشى، وأن أهل الحجاز والبادية يقدمون زهيراً والنابغة.
قال ابن سلام وأخبرني أبان بن عثمان البجلي قال: مر لبيد بالكوفة في بني نهد فأتبعوه رسولا مسؤولا، فسأله من أشعر الناس؟ قال الملك الضليل، فأعادوه إليه، قال: ثم من؟ 300 و قال: الغلام القتيل، وقال غير أبان: أبن العشرين، يعني طرفة، قال: ثم من؟ قال: الشيخ أبو عقيل، يعني نفسه.
قال محمد بن سلام أخبرني شعيب بن صخر عن هارون بن إبراهيم قال: سمعت قائلاً يقول للفرزدق: من أشعر الناس يا أبا فراس؟ قال:ذو القروح، يعني امرؤ القيس، قال: حين يقول ماذا؟ قال: حين يقول:
وفاهم جدهم ببني أبيهم ... وبالأشقين ما كان العقاب
قال ابن سلام: واحتج لامرىء القيس من يقدمه وليس أنه قال مالم يقولوا، ولكنه سبق العرب إلى أشياء ابتدعها استحسنتها العرب واتبعته فيها الشعراء منها: استيقاف صحبه، والبكاء في الديار، ورقة النسيب، وقرب المأخذ وتشبيه النساء بالظباء والبيض، وتشبيه الخيل بالعقبان والعصي، وقيد الأوابد، وأجاد في التشبيه وفصل النسيب وبين المعنى، وكان أحسن طبقته تشبيهاً، وأحسن الإسلاميين تشبيهاً ذو الرمة.
قلت: والى ذلك أشار عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقوله. وذكر امرأ القيس فقال: خسف لهم عين الشعر، وافتقر عن معان عُور أصح بصر.
وقد تكلم أبو سليمان الخطابي على معنى قول عمر رضي الله عنه، بما أخبرنا به المؤيد بن محمد في كتابه عن أبي عبد الله الفراوي قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي قال: قال أبو سليمان الخطابي: 300 - ظ في حديث عمر أنه ذكر امرىء القيس فقال خسف لهم عين الشعر وافتقر عن معان عور أصح بصر، فسره ابن قتيبة في كتابه فقال: خسف من الخسيف وهو البئر تحفر في حجارة فيستخرج منها ماء كثير، وافتقر فتح، وهو من الفقير، والفقير فم القناة، وقوله عن معان عور يريد أن امرأ القيس من اليمن وليست لهم فصاحة.

قال أبو سليمان هذا لا وجه له ولا موضع لاستعماله فيمن لا فصاحة له، إنما أريد بالعور هاهنا غموض المعاني ودقتها، من قولك عورت الركية، إذا دققتها، وركية عوراء، قال الشاعر:
ومنهل أعور احدى العينين ... بصيره الأخرى أصم الأذنين
جعل العين التي تنبع بالماء بصيرة، وجعل المندفنه عوراء فالمعاني العور على هذا هي الباطنة الخفية، كقولك هذا كلام معمى أي غامض غي واضح، أراد عمر أنه قد غاض على معان خفية على الناس، فكشفها لهم، وضرب العور مثلا لغموضها وخفائها وصحة البصر مثلا في ظهورها وبيانها، وذلك كما أجمعت عليه الرواة من سبقه إلى معان كثيرة لم يحتذ فيها على مثال متقدم كابتدائه في القصيدة بالتشبيب والبكاء في الأطلال، والتشبيهات المصيبة والمعاني المقتضبة التي تفرد بها فتبعه الشعراء عليها وامتثلوا 301 - و رسمه فيها.
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا إسماعيل بن أحمد - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسن بن النقور وأبو منصور عبد الباقي بن محمد بن غالب بن العطار قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عيسى قال: حدثنا أبو يعلى زكريا بن يحيى المنقري قال: حدثنا الأصمعي قال: سألت بشار الأعمى: من أشعر الناس؟ فقال: إختلف الناس في ذلك، فأجمع أهل البصرة على امرىء القيس وطرفة بن العبد.
وأنبأنا ابن طبرزد عن أبي العز بن كادش قال: أخبرنا أبو يعلى بن الفراء قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن سعيد بن إسماعيل بن محمد بن سويد قال: حدثنا أبو عليّ الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي قال: حدثنا العنزي قال أخبرنا دماد قال: قال أبو عبيدة: ذهب اليمن بجد الشعر وهزله، فجده امرؤ القيس وهزله أبو نواس.
أنبأنا الحسن بن محمد قال: أخبرنا عليّ بن أبي محمد قال: فرأت بخط أبي الحسن رشاء بن نظيف. وأنبأني أبو القاسم العلوي وأبو الوحش المقرىء عنه قال: أخبرنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أبي مسلم الفرضي قال: حدثنا أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم المقرىء قال: حدثنا إسماعيل بن يونس قال: حدثنا محمد بن الجهم قال: سئل الفراء يحيى بن زياد القيسي عن أشعر العرب فأبى أن يقول، فقيل له: إنك لهذا موضع فقل، فقال: كان زهير بن أبي العرب فأبى أن يقول، فقيل له: إنك لهذاموضع فقل، فقال: كان زهير بن أبي سلمى 301 - ظ واضح الكلام مكتفية بيوته، البيت منها بنفسه كافٍ، وكان جيد المقاطع، وكان النابغة جزل الكلام حسن الابتداء، والمقطع تعرف في شعره قدرته على الشعر لم يخالطه ضعيف الحداثة، وكان امرؤ القيس شاعرهم الذي علم الناس الشعر والمديح والهجاء بسبقه إياهم، وإنه إن كان خارجاً من جيد الشعراء يفوقهم وكان لطرفة شيء ليس بالكثير، وليس كما يذهب إليه بعض الناس لحداثته وكان لو متع بسن حتى كبر معه شعره مكان خليقاً أن يبلغ المبالغ، وكان الأعشى يضع لسانه من الشعر حيث شاء، وكان الحطيئة نفي الشعر، قليل السقط، حسن الكلام مشربه، وكان لبيد وابن مقبل يجريان مجرى واحدا في خشونة الكلام وصعوبته، وليس ذلك بمحمود عند أهل الشعر، وأهل العربية يشتهونه لكثرة غريبه، وليس يجود الشعر عند أهله حتى يكون صاحبه يقدر على تسهيله وايضاحه، فإذا نزلت عن هؤلاء بجرير والفرزدق فهما اللذان فتقا الشعر، وعلما الناس وكادا يكونان خاتمي الشعر، وكان ذو الرمة شيخ الشعر، يشبه فيجيد ويحسن، ولم يكن هجاء ولا مداحاً، وليس الشاعر إلا من هجا فوضع، أو مدح فرفع كالحطيئة والأعشى فإنهما كانا يرفعان ويضعان، ثم قال الفراء: والله الرافع الواضع.

وأنبأنا الحسن 302 - و قال: أخبرنا عليّ قال: أنبأنا أبو عليّ محمد بن سعيد بن نبهان وأبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله البرجي عن أبي بن شاذان قال: أبو جعفر أحمد بن يعقوب بن يوسف الأصبهاني قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني محمد بن الحسن المخزومي قال: قيل لحسان بن ثابت: من أشعر الناس؟ قال: أبو أمامة - يعني النابغة الذبياني، قيل: ثم من قال؟: حسبك بي مناضلاً أو منافحا، قيل: فأين أنت عن امرؤ القيس؟ قال إنما كنت في ذكر الانس.أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن الخضر البغدادي - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو السعادات المبارك نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد وشهدة بنت أحمد ابن الفرج، ح.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن عليّ يعيش قال: أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد. قالوا: أخبرنا الحاجب أبو الحسن عليّ بن محمد بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس أحمد ابن إبراهيم بن عليّ الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن عيسى الزهري قال حدثنا الزبير بن بكار قال: أخبرني سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي قال: حدثني أبي أن امرأة لقيت كثير عزة وكان قليلاً دميماً، فقالت: من انت؟ قال:كثير عزة، قالت: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، قال: مه رحمك الله فاني أنا 302 - ظ الذي أقول:
فإن أك معروق العظام فإنني ... إذا ما وزنت القوم بالقوم وازن
قالت: وكيف تكون بالقوم وازنا، وأنت لا تعرف إلا بعزة! قال: والله لئن قلت ذاك، لقد رفع الله عز وجل بها قدري وزين بها شعري وإنها لكما قلت:
فما روضه بالحزن طاهرة الثرى ... يمج الندى جثجاثها وعرارها
بأطيب من أردان عزة موهنا ... وقد وقدت بالمندل الرطب نارها
من الخفرات البيض لم تلق شقوه ... وبالحسب المكنون صافٍ نجارها
فإن برزت كانت تعينك قره ... وإن غبت عنها لم يعممك عارها
قالت: أرأيت حين تذكر طيبها إذا استجمرت بالمندل الرطب، فلو أن زنجية استجمرت بالمندل الرطب لطاب ريحها، ألا قلت كما قال امرؤ القيس:
خليلي مرابي على أم جندب ... نقضي لبانات الفؤاد المعذب
ألم تر بأني كلما جئت طارقا ... وجدت بهاطيبا وإن لم تطيب
قال: الحق والله خير ما قيل، هو والله أنعت لصاحبته مني.
قلت الذي يقع لي أن كثير عزة اراد الروضه بقوله: " وقد وقدت بالمندل الرطب نارها " وفي الكلام تقديم وتأخيرو قوله وهو انعت لصاحبته 303 - و مني، إن صح الخبر، فقيه أعتراف بتفضيل بيتي امرؤ القيس على شعره والأمر كذلك لعذوبة ألفاظها، وصفها بأنه إذا طرقها وجد بها طيبا، وإن لم تطيب وليس في أبيات كثير مثل ذلك لأنه وصف أرادنها بأن الروضة الموصوفة ليست بأطيب منهما ويحتمل أن أرادنها كانت كانت مطيبة، وكذلك يحتمل صرف قوله: " وقد قدت بالمندل الرطب نارها " إلى غزة كما وقع للمرأة التي لقيته، وإن يكن أراده، وبيتا امرؤ القيس مخلصان من ذلك، فاعترف بفضلها على شعره، لا أنه اعترف بأنه رد الضمير في قوله " نارها " إلى عزة والله أعلم.
أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل السلماني وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر. قال أبو بكر: أخبرنا الحافظ أبو القاسم بن علي، وقال أبو الحسن: أنبأنا عبد الله ابن عبد الرحمن، قالا: أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: وأنشد لامرىء القيس.
فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة ... كفاني ولم أطلب قليلُ من المال
ولكنما أسعى لمجد مؤثل ... وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة ان لم يكن سماعا - قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عليّ بن عبد الوهاب - إجازة - قال: أخبرنا عليّ بن عبد العزيز - قراءة - قال أخبرنا أحمد بن جعفر بن محمد قال: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن سلام قال: واستحسن الناس من 303 - ظ من تشبيه أمرؤ القيس:

كأن قلوب الطير رطبا ويابسا ... لدى وكرها العناب والحشف البالي
وقوله:
نظرت إليها والنجوم كأنها ... قناديل رهبان تشب لقفال
وقوله يصف فرسا:
عظيم طويل مطمئن كأنه ... باسفل ذي ماوان سرحه مرقب
له أيطلا ظبي وساقا نعامة ... وصهوة عير قائم فوق مرحب
له جؤجؤ رحب كأن لجامه ... يعالى به في رأس جذع مشذب
وعينان كالماوتين ومحجر ... إلى سند مثل الرتاج المضبب
إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه ... يقول هزيز الريح: مرت بأثأب
كأن نماء الهاديات بنحره ... عصارة حناء بشيب مخضب
قرأت في نسخة عتيقة من شعر امرؤ القيس عن أبي نصر عن أبي سعيد الأصمعي قال الفرزدق: أصابنا مطر بالبصرة جود، فلما أصبحت ركبت بغلتي وخرجت نحو المربد، فإذا أنا بآثار دواب قد خرجن إلى ناحية البادية، فظننت أن قوما قد خرجوا يتنزهون وهو خلقاء أن تكون معهم سفرة وشراب، فاتبعت آثارهم حتى أنتهيت إلى بغال عليهم رحائل موقوفة على غدير من ماء، فأسرعت المشي إلى الغدير فأشرفت فإذا فيه نسوة مستنقعات في الماء حلوقهن 304 - و فقلت: لم أر كاليوم قط،ولا يوم دارة جلجل، ثم أنصرفت فنادينني: يا صاحب البغلة ارجع نسألك عن شيء فانصرفت اليهن. فقعدن في الماء، ثم قلن: بالله ألا حدثتنا يوم دارة جلجل. قال: فأخبرهن بما كان.
قال عبد الله بن والان رجل من بني تميم، كان راوية للفرزدق، قلت للفرزدق: حدثنا أيضاً به، قال: حدثني جدي وأنا يومئذ غلام حافظ لما أسمع أن امرئ القيس، كان عاشقا لأبنةعم له يقال لها عنيزة وأنه طلبها زمانا فلم يصل إليها، وكان يطلب الغرة من أهله ليزورها، فلم يتفق له حتى كان يوم الغدير، وهو يوم دارة جلجل، وذلك أن الحي احتملوا فتقدم الرجال، وخلفوا النساء والعبيد والعتقاء فلما رأى امرؤ القيس ذلك تخلف بعد قومه غلوة فكان في غيب من الارض حتى مر به النساء فإذا فتيات ومعهن عنيزة فلما وازين الغدير قلن: لو نزلنا وأغتسلنا في هذا الغدير ليذهب عنا بعض الكلال فقالت أحداهن: افعلن فنزلن ونحين العبيد عنهن، ثم تجردن ودخلن الغدير فأتاهن امرؤ القيس مخاتلا وهن غوافل فأخذ ثيايهن وهن بالغدير، وقعد وقال: والله لاأعطي جارية منكن ثوبها ولو ظلت في الغدير إلى الليل حتى تخرج متجردة وتكون هي التي تأخذ ثوبها، فأبين ذلك عليه حتى تعالى النهار وخشين أن يقصرن دون المنزل الذي يردنه فخرجت احداهن فوضع لها ثوبها ناحية فمشت304 - ظ إليه فأخذته فلبسته، ثم تتابعن على ذلك حتى بقيت عليزة وحدها فناشدته الله أن يضع لها ثوبها فقال لها: والله لاتمسينه دون أن تخرجي عريانة كما خرجن فنظر إليها مقبلة ومدبرة، فوضع لها ثوبها فلبسته فأقبل النسوة عليه فقلن له حبستنا وعذبتنا وجوعتنا قال: فإن نحرت لكن ناقتي تأكلن منها؟ قلن: نعم فاخترط سيفه فعفرها ثم كشطها وجمع حطبها، وأجج نارا عظيمة فجعل يقطع لهن من كبدها وسنامها وأطابيها فيرمينه على الجمر ويأكلنه، ويشربن من فضلة كانت معه ويغنيهن وينبذ إلى العبيد من الكباب حتى شبعن وطربن، فلما أردن الرحيل قالت إحداهن: أنا أحمل طنفسته.وقالت الأخرى: أنا أحمل حشيته وأنساعه، فتقسمن رحله، وبقيت عنيزة لم تحمل شيئاً، فقال لها امرؤ القيس: يا بنت الكرام ليس لك بد من أن تحمليني معك فإني لا أطيق المشي، ولم أتعوده فحملته على غارب بعيرها، فكان يجتنح إليها، ويدخل رأسه في خدرها إذا شاء أن يقبلها، فإذا امتنعت عليه مال حدجها فتقول: يا امرأ القيس قد عقرت بعيري فسر بنا، فسار كذلك حتى إذا كان قريباً من الحي نزل فأقام حتى إذا جنه الليل أتى أهله. وقال امرؤ القيس في ذلك - وكلب يزعمون أن خمسة أبيات من أولها لامرىء القيس بن حمام الكلبي ولا يزيدون على الخمسة شيئاً: 305 - و.
قفا نبك من ذكرى حيبيب ومنزل ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها ... لما نسجتها من جنوب وشمأل
وقوفا بها صحبي عليّ مطيهم ... يقولون لا تهلك أسى وتجمل
وإن شفائي عبرة مهراقة ... وهل عند رسم دارس من معول

كدأ بك من أم الحويرث قبلها ... وجارتها أم الرباب بمأسل
إذا قامتا تضوع المسك منهما ... نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل
ففاضت دموع العين مني صبابة ... على النحر حتى بل دمعي محملي
ألا رب يوم لك منهن صالح ... ولا سيما يوم بدارة جلجل
ويوم عقرت للعذارى مطيتي ... فيا عجبا من رحلها المتحمل
فظل العذراى يرتمين بلحمها ... وشحم كهداب الدمقس المفتل
ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة ... فقالت: لك الويلات انك مرجلي
تقول وقد مال الغبيظ بنا معا ... عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل
فقلت لها: سيري وأرخي زمامه ... ولا تبعديني من جناك المعلل
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع ... فألهيتها عن ذي تمائم محول
إذا ما بكى من خلفها انصرفت له ... بشق وتحتي شقها لم يحول
ويوما على ظهر الكثيب تعذرت ... علي وآلت حلفة لم تحلل
أفاطم مهلا بعض هذا التدللوإن كنت قد أزمعت هجري فاجملي 305 ظ
فإن تلك قد ساءتك مني خليقة ... فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
أغرك مني أن حبك قاتلي ... وأنك مهما تأمري القلب يفعل
وما ذرفت عيناك الا لتضربي ... بسهميك في اعشار قلب مقتل
وذكر تمام القصيدة.
نقلت من خط أبي الحسن يحيى بن عليّ بن عبد اللطيف، وكان عالما بالتاريخ قال: لما أفترق أهل اليمن وملك كل قوم رئيسهم من قبائل اليمن، وصارت كندة إلى أرض معد فجاورتهم ثم ملكوا رجال منهم كان أول ملوكهم يقال له مرتع بن معاوية بن ثور فملك عشرين سنة، ثم ملك ابنه ثور بن مرتع، فلم يقم إلا يسيرا حتى مات، فملك بعده معاوية بن ثور، ثم ملك الحارث بن معاوية اربعين سنة، ثم ملك وهب بن الحارث عشرين سنة، ثم ملك معاوية بن الحارث أحد وأربعين سنة ملك عمرو بن معاوية اثنتين وعشرين سنة، ثم ملك حجر بن عمرو آكل المرار ثلاثة وعشرين سنة، وهو الذي حالف بين كندة وربيعة بالربائث، وهو موضع، ثم ملك عمرو بن حجر اربعين سنة، وغزا الشام ومعه ربيعة فلقيه الحارث بن شمر فقتله، فملك بعده، المحارب بن عمرو وأمه أبنة عوف الشيباني، ونزل الحيرة ففرق ملكه على ولده وهم: حجر: وشرحبيل وسلمة والعلفاء، فملك حجر بني أسد وكنانة، وملك شرحبيل على غنم وطيءو الرباب، وملك سلمة والعلفاء على قيس عيلان، فقتل الحارث وقام ولده بما كان في أيديهم وصبروا على قتال المنذر حتى كافؤوهم، فلما رأى المنذر ذلك 306 - و نفسهم فغلبهم على أرض العرب، وأوقع الشرور بينهم فاختلفوا وتنكرت بنو أسد لحجر بن الحارث وساءت سيرته فيهم، وكانت عنده أخت كلب بن ربيعة ومهلهل بن ربيعة، فلما خاف على نفسه حملها فاجتمعت بنو أسد على قتله وقتلوه، وكان القائم بأمر بني أسد علباء بن الحارث التغلبي، وكان امرؤ القيس غائبا، فلمابلغه مقتل أبيه جمع جمعاً قصد به أسد، ونزل بالقرب منهم في الليل فذعر القطا فطار عن مجاثمه، فمر ببني أسد فقالت بنت علباء: ما رأيت كالليلة قطا أكثر، فقال علباء: ولو ترك القطا لغفا، وناما، فأرسلها مثلاً، وعرف أن جيشاً قد قرب منه فارتحل، وأصبح امرؤ القيس أوقع بكنانة، فأصاب فيهم وجعل يقول يا ثارات حجر، فقالوا: والله ما نحن بثاراك، نحن من كنانة، فقال:
يا لهف نفسي على قوم هم ... كانوا الشفاء فلم يصابوا
وقاهم جدهم ببني أبيهم ... وبالاشقين ما كان العذاب
وفلتهن علباء حريصاً ... ولو أدركته صفر الوطاب

ومضى امرؤ القيس إلى اليمن، لما لم يكن له قوة على بني أسد ومن معهم من قبائل قيس فأقام زمانا يشرب مع ندامى الشرب، إلى أن سمع من يعيره بقتل أبيه فخرج إلى قومه فأمدوه بخمسمائة مدجج، فخرج بهم فأوقع بقبائل معه، وقتل الأشعر بن عمرو، وشرب في قحف رأسه خمرا، وتفرق من كان معه إلى اليمن، 306 - ظ وطلبت قبائل معد امرىء القيس، فلما علم أنه لا قوة له على طلب المنذر واجتماع القبائل من معد، ولم يتمكن يرجع، فصار إلى سعد بن الضباب الايادي، وكان عاملاً لكسرى في بعض العراق فاستتر عنده حيناً حتى مات سعد، فخرج امرؤ القيس إلى طيىء وجديلة ونبهان فتنقل بينهم مدة وصار إلى تيماء إلى السموأل ليجيره، فقال أنا لا أجير على الملوك، فأودعه ادراعا، وسار عنه إلى ملك الروم فمدحه واستنصره فأمده بتسعمائة من البطارقة، فصار الطماح الأسدي إلى قيصر فقال له: إن امرىء القيس يشتمك في شعره وزعم أنك علج أغلف، فوجه قيصر إلى امرىء القيس بحلة مسمومة، فلبسها فتقطع جلده ومات بأنقرة من أرض الروم.
وقد قيل في انفاذ قيصر الحلة المسمومة لامرىء القيس قول آخر وهو: أن امرىء القيس هوته ابنة قيصر، وراسلته، وصار بينه وبينها أمر بلغ قيصر فأوجب أن فعل به ذلك.
وقيل بأن الطماح بن قيس بن طريف الأسدي، وشى به إلى ملك الروم بسبب ابنته، وكان حجر والد امرىء القيس، قتل أباه، فقال له ملك الروم: أئتنا بأمارة فأتاه بقارورة من طيب الملك، فبعث بها الطماح إلى قيصر، وأخبره بالحديث فعرفه وعلم صحته، وأنفذ إليه الحلة المسمومة.
ذكر ذلك الوزير أبو القاسم الحسين بن عليّ المغربي - في أدب الخواص - قال ابن المغربي: وقيل ان امرىء القيس لما وصل عند الملك مستغيثاً به على من قتل أباه من العرب زوجة الملك بابنته، وأعطاه الرجال وخرج من عند الملك 307 - و فتخلفه الطماح قبيحاً، وأوعز عليه قلب الملك، وقلب ابنته، فأعطاه خلعة مسمومة، وقال: الحق امرأ القيس، وادفع إليه هذه الخلعة، وقل له: إن الملك أكرمك بهذه الخلعة من جسده، ففعل وأعطاه الحلة فلمسها وعلم أنها مسمومة فقال:
وقد طمح الطماح بي من بلاده ... فلبسني من دائه ما تلبسا
وبدلت قرحاً دامياً بعد نعمة ... فيا لك من نعمى يبدلن أبؤسا
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عليّ عن أبي المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا الشريف أبو القاسم عليّ بن إبراهيم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين الشافعي - إجازة - قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عليّ بن سعود البوصيري، وأبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الأرتاحي. قال: البوصيري: أخبرنا. وقال الارتاحي: أنبأنا أبو الحسن عليّ بن الحسين بن عمر الفراء الموصلي، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز ابن الحسن بن إسماعيل الضراب قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل بن محمد الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي، قال: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا الزيادي قال: لما احتضر امرؤ القيس بأنقرة نظر إلى قبر، فسأل عنه فقالوا: قبر امرأة عربية: فقال: 307 - ظ.
أجارتنا أن المزار قريب ... واني مقيم ما أقام عسيب
أجارتنا انا غريبان ها هنا ... وكل غريب للغريب نسيب
قال: وعسيب حبل كان في القبر في سنده.
قلت: عسيب جبل عظيم عال بقيصرية من الروم، وأنقرة هي أنكورية، والبلدان متباعدان بينهما مسيرة، وشاهدت أنا عسيب وقيل لي أن في أعلاه قبرين أحدهما قيل قبر امرىء القيس، والصحيح أن امرأ القيس مات بأنقرة، ولما أحس بالموت قال:
كم طعنة مثعنجره
وجفنة مبعثرة
مدفونة بأنقرة
وانما ذكر عسيب، لأنه جبل عظيم ببلاد الروم، اراد: اني مقيم بها ما أقام عسيب والله أعلم.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل - إجازة - قال: أخبرنا جدي أبو محمد قال: حدثنا أبو عليّ الاهوازي قال: حدثنا أبو الحسن مكي ابن محمد بن الغمر التميمي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن هارون البرذعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن وديع القاضي بطبرية قال: حدثنا ابراهيم ابن محمد الاهوازي قال: حدثنا الفضل بن جعفر قال: حدثني محمد بن بكر بن زكريا عن شيخ من بني هاشم، يكنى أبا جعفر، قال: وجد على قبر امرىء القيس مكتوباً:
أجارتنا ان الخطوب تنوب ... واني مقيم ما أقام عسيب 308 و
اجارتنا انا غريبان ها هما ... وكل غريب للغريب نسيب
؟؟امرؤ القيس بن الحمام بن مالك بن عبيدة بن ذهل الكلبي: السكوني الشاعر، شاعر جاهلي صحب امرىء القيس بن حجر لما مر بأحياء كلب قاصداً قيصر، واجتاز معه بالأماكن التي مر بها امرؤ القيس من أعمال حلب، وقد ذكرنا في ترجمة امرىء القيس أن كلباً يزعمون أن خمسة أبيات من أول قصيدة ابن حجر التي أولها: " قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل " لامرىء القيس بن حمام الكلبي، ولا يزيدون على الخمسة شيئاً.
وقال أبو جعفر الجرجاني: وامرؤ القيس بن الحمام السكوني ذكر الأصمعي أنهم كانوا في الجاهلية يسمونه الذائد لقوله:
أذود القوافي عني ذياداً ... وعلام غوى جرادا
فأعزل مرجانها جانباً ... وآخذ من درها المستجادا
قال: وهو جاهلي قديم، وقد ذكر بعض الناس نسبة فقال: هو امرؤ القيس ابن الحمام بن مالك بن عبيدة بن ذهل بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن رفيدة بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران ابن الحاف بن قضاعة.
وقرأت في كتاب أدب الخواص تأليف أبي القاسم بن المغربي ان امرأ القيس ابن حمام الكلبي تبع امرىء القيس بن حجر حين قصد ملك الروم حين خرج من عند المعلى يريد قيصر، ومر بكلب فتبعه منهم 308ظ امرؤ القيس بن حمام الشاعر، وكان من المعمرين، وعاش مائتي سنة فيما قالوا.
وقرأت في كتاب أدب الخواص تأليف أبي القاسم بن المغربي ان امرأ القيس قال: وحكى ابن الكلبي وأبو عبيدة ان أمرأ القيس بن حمام الكلبي كان يصحب امرأ القيس بن حجر، وأنه أول من وصف الديار، وبكى الآثار وإياه أراد امرؤ القيس بقوله:
يات صاحبي النواعج ساعة ... نبكي الديار كما بكى ابن حمام
وقال وابن حمام القائل:
لأن هند بجنبي نفنف دار ... لم تمح جدتها ريح وأمطار
أما تريني بجنب البيت مضطجعا ... لا يطبيني لدى الحين أبكار
فرب نهب تصم الحي رجته ... أفأته وأن بعض القوم عوار
قال: وهي أبيات في شعر كلب، قال ابن الكلبي: إذا سئل علماء كلب عما وصف به ابن حمام الديار أنشدوا أبياتا من " قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل " وذكروا أن امرأ القيس اتتحلها وخمل ابن حمام.
امرؤ القيس بن السمط بن امرئ القيس بن عمرو بن معاوية بن الحارث: وهو الولادة، سمي بذلك لكثرة ولده، ابن معاوية بن ثور بن مرتع الكندي وفيه يقول امرؤ القيس بن حجر:
ألا هل أتاها والحوادث جمة ... بأن امرئ القيس بن تملك بيقرا 309 و
وذلك أنه كان قد صحبه حين خرج من عند المعلى يريد قيصر، فلم يزل معه، إلى أن فارقه بأرض الروم، فلذلك قال: بيقر، أي سافر، وقيل أراد أتى أرض العراق، وتملك والدة السمط، وقال آخرون من أهل النسب ثقات: الذي عناه امرؤ القيس بن المنذر بن امرئ القيس بن السمط والله أعلم. ذكر هذا كله أبو القاسم المغربي في " كتاب أدب الخواص " فقد أجتاز امرؤ القيس بالنواحي التي ذكرناها في ترجمة امرئ القيس بن حجر.
وذكر ابن الكلبي نحوا من ذلك، وقال: تملك بنت عمرو بن زبيد بن مذحج رهط عمرو بن معدي كرب.
امرؤ القيس بن المنذر بن امرئ القيس بن السمط: قيل هو الذي كان في صحبة امرئ القيس بن حجر، وخرج معه من عند المعلى إلى قيصر، وفارقه بأرض الروم.
وقيل بل هو الذي قدمنا ذكره كما ذكر الوزير أبو القاسم، وأيهما كان فقد اجتاز مع امرئ القيس بن حجر بالأماكن التي ذكرناها.
امير اميران بن زنكي بن آق سنقر:

الملقب نصرة الدين أخي الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بن آق سنقر وأسمه محمد دخل حلب، وملك المدينة دون القلعة، وكان أخوه نور الدين مريضا بالقلعة، وأرجف بموته، ومال عليه جماعة من الشيعة وأعادوا الأذان إلى ما كان الحلبيون عليه قديما، بزيادة حي عليّ خير العمل، فلما عوفي نور الدين خرج من حلب، وسنذكر قصته في المحمدين إن شاء الله تعالى، توفي سنة ستين وخمسمائة. 309 ظ.
أميرك بن أبي المعروف ناصر بن علي: أبوّ المحاسن، ويقال أبو اليمن الجربوقاني الإسفراييني الفارسي وجربوقان من خطة أسفرايين.
قدم حلب وسمع بها من خطيبها أبي طاهر هاشم بن أحمد بن عبد الواحد الحلبي سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، وسمع بتبريز أبا منصور محمد بن أسعد ابن محمد حفدة العطاري، وأبي عبد الله محمد بن عبد العزيز بن محمد الشحاذي، وبمصر أبا بكر محمد بن محمد بن يبقى الخزرجي.وحدث بالقاهرة عن بعض شيوخه وعن الرشنائي بن بندار بن الرشنائي بن الزنجاني.سمع منه عبد العزيز بن عيسى اللخمي وولده عيسى، وأبو الميمون عبد الوهاب بن عتيق بن ورادن في سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
أنبأنا أبو الميمون عبد الوهاب بن عتيق بن وردان قال: أخبرنا أبو المحاسن أميرك بن أبي المعروف بن ناصر الجربوقاني قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن أسعد بن حفدة العطاري قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن الحسن الطبسي، وأبو الفتح عبد الرزاق ابن حسان المنيعي، والقاضي أبو بكر محمد بن الحسين، وشيخي أبو محمد الحسين بن مسعود، قالوا: أخبرنا أبو عليّ حسان ابن سعيد المنيعي قال: أخبرنا الأستاذ أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش قال: أخبرناأبو بكر محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا أبو الحسن احمدبن يوسف السلمي قال: أخبرنا عبد الرزاق بن همام قال: أخبرنا معمر بن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أقيموا الصف في الصلاة فإن أقامة الصف من حسن الصلاة.
ذكر من اسمه أمية
أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية القرشي: أبو عثمان الأموي حدث عن أبيه وعكرمة مولى ابن عباس، وغزا الصائفة ووفد على عمربن عبد العزيز وحكى عنه. روى عنه محمد بن مروان بن أبان بن عثمان ومحمد بن اسحق، ويحيى بن سليم الطائفي، واجتاز بحلب أو ببعض عملها في غزاته، وكانت من دابق.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن الفضل الفراوي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأحمد بن الحسن قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: حدثنا محمد بن اسحق الصغاني قال: حدثنا صدقة أبو عمرو المقعد - هو ابن سابق - قال: قرأت على محمد بن اسحق: حدثني أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أبيه قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث مروان بن الحكم - وهو أمير المدينة - قال: خلق الله عز وجل الملائكة لعبادته أصنافاً وإن منهم لملائكة قياماً صافين من يوم خلقهم إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة تجلى لهم تبارك وتعالى، ونظروا إلى وجهه الكريم قالوا: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك.

أنبأنا زين الأمناء الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال أخبرنا أبو الفتح ناصر بن عبد الرحمن النجار قال: حدثنا نصر بن إبراهيم قال: أخبرنا أبو عبد الله بن الوليد قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد فيما كتب إليَّ قال: أخبرني جدي عبد الله بن محمد عليّ اللخمي الباجي 310 - و قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يونس قال: أخبرنا بقي بن مخلد قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: حدثنا منصور بن بشير قال: حدثنا شعيب أبو يحيى وهو ابن صفوان عن محمد بن مروان بن أبان عن أمية بن عبد الله بن عمرو ابن عثمان بن عفان قال: قدمت الصائفة غازيا فدخلت على عمر بن عبد العزيز فرحب بي، وقال: أين يا أبا عثمان؟ قلت: غازياً إن شاء الله، قال: صنعت الذي يشبهك، وما كان عليه أو لوك، وخيار سلفك، إن هاهنا شيئاً قد أمرنا به لمثل من كان في وجهك، قال: فقبلت ذلك، وكان خمسين ديناراً، فلما رجعت مررت عليه فقال مثل مقالته الأولى، فقلت: يا أمير المؤمنين ما يقع مني هذا موقعاً، قال ما يزيد على هذا أحد، ولو وجدت سبيلاً إلى أن أعطيك غيره من بيت مال المسلمين لفعلت، فقلت: إن لي لولداً، قال: هذا حق، نكتب إلى عاملك من كان منهم يطيق معاملة المسلمين في مغازيهم فرض له في عيال المسلمين، قلت فإن عليّ ديناً فاقضه عني، قال: هذا حق نكتب لك إلى عاملك فيبيع مالك فيقضي دنيك، فما فضل عليك قضاه من بيت مال المسلمين، فقلت له: والله ما جئتك لتفلسني وتبيع مالي، قال والله ما هو غيره.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو الفضل بن ناصر - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو الحسين بن الطيوري،وأبو الغنائم بن النرسي، واللفظ له قالوا: أخبرنا أبو أحمد الواسطي - زاد ابن خيرون وأبو الحسين الأصبهاني - قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: أمية بن عبد الله 310 - ظ ابن عمرو عن عكرمة، قال، قال لي أحمد بن عاصم: حدثنا عبد الله بن هارون قال: حدثني أبي قال: حدثني ابن اسحق قال: حدثني أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أبيه عن عبد الله بن عمروقال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث مروان - وهو أمير المدينة - قال: خلق الله الملائكة لعبادته.
وقال لي حسين بن حريث: حدثنا يحيى بن سليم، سمع أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، سمع عمرو بن عبد العزيز قوله حديث آخر، وهو أخو محمد بن عبد الله القرشي الأموي، حجازي.
قال ابن طبرزد أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أحمد بن عليّ بن أبي عثمان قال: أخبرنا الحسن بن الحسن ابن عليّ بن المنذر قال: أخبرنا أبو عليّ بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن عباد بن موسى العكلي قال: حدثنا يحيى بن سليم عن أمية ابن عبد الله بن عمرو بن عثمان قال: كنا عمر بن عبد العزيز، فقال رجل لرجل: تحت إبطك، فقال عمر: وما على أحدكم أن يتكلم بأجمل ما يقدر عليه، قالوا وما ذاك؟ قال: لو قال: تحت يدك كان أجمل.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا سليمان ابن اسحق بن إبراهيم بن الخليل الجلاب قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة، قال: حدثنا محمد بن سعيد قال في الطبقة الرابعة من أهل المدينة: أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، وأمه أم عبد العزيز بنت عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية وقد 311 - و روي عنه، وأمية بن عبد الله هو الذي لقيته طيء يوم المنتهب فهزموه.
أنبأنا أبو حفص المؤدب قال: أخبرنا أبو غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو جعفر من المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال في تسمية ولد عبد الله بن عمرو بن عثمان: أمية وعبد العزيز، وأم عبد الله وخليدة، وعثيمة بني عبد الله لأم عبد العزيز بنت عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية.

وأمية الذي كان غزا طيئاً يوم المنتهب فهزمته أيام مروان بن محمد، وكان عبد الواحد بن سليمان استعمله على أسد وطيء فجاءه سبعون رجلاً من فزاره، فسألوه أن يخرج بهم معه ليغيروا على طيءلثار لهم، فخرج بهم وتجمع إليه ناس من أهل المعادن طلباً للغنائم، فلقيه معدان بن راس الطائي بالمنتهب في جماعة من طيء فهزموه، وفي ذلك يقول معدان بن راس يعتذر إلى عبد الواحد بن سليمان، والىأهل المدينة، ويذكر عرضهم على أمية أن يرد فزارة ويأتي فيمن أحب، فيأخذ صدقة أموالهم، فقال معدان بن راس:
ألا هل أتى أهل المدينة عرضنا ... خصالاً من المعروف نعرف حالها
على عاملينا والسيوف مصانة ... بأغمادها مازايلتها نصالها
أتينا إلى بزاخ سمعاً وطاعة ... نؤدي زكاة حين حان عقالها
ومن قبل ما جئنا وجاءت وفودنا ... إلى فيد حتى ما تعذر حالها
فقالوا أغز بالناس تعطيك طيء ... إذا وطئتها الخيل واجتيح مالها 311 ظ
ودون الذي منوا أمية عيبة ... من الضرب لا يجلى بخيلٍ طلالها
دعوا بنزار فاغتزينا لطيء ... أسود الغضا أقدامها ونزالها
دعوا بنزاز فاغتزينا لطيء ... هنالك زلت من نزاز نعالها
وقد انقرض ولد امية.
أنبأنا الحسن بن محمد قال أخبرنا عمي أبو القاسم قال: في نسخة ما أخبرنا به أبو عبد الله الخلال شفاهاً قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا محمد ابن عبد الله - إجازة. قال: وأخبرنا أبن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا عليّ بن محمد قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: سئل أبي عنه - يعني عن أمية بن عبد الله - فقال: ما بحديثه بأس.
قلت وذكره أبو محمد في كتاب الجرح والتعديل بما أخبرنا به أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان - فيما أجازه لي - قال: كتب إلينا أبو الفرج مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن اسحق ابن مندة - أجازة لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، روى عن عكرمة، وأبيه، وعمر بن عبد العزيز، روى عنه اسحق، ويحيى بن سليم الطائفي، سمعت أبي يقول ذلك، وسئل عنه فقال: ما بحديثه بأس.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن الحسن بن هبة الله قال: أمية بن عبد الله بن عمرو ابن عثمان بن عفان بن أبي العاص بن امية، أبو عثمان القرشي الأموي. روى عن أبيه، وعكرمة مولى ابن عباس، وعمر بن عبد العزيز، ووفد عليه. روى عنه محمد ابن اسحق، ويحيى بن سليم الطائفي، ومحمد بن مروان بن أبان بن عثمان.
أخبرنا الفقيه أبو منصور عبد الرحمن بن الحسن فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا عليّ بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن 312 - و.
102 - /حرف الحاء
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
الحجاج بن هشام
كان مع مسلمة بن عبد الملك غازيا ببلاد الروم، وحكى حكاية جرت لبعض أسراء الروم مستمحلة: وقع إلي ببغداد كتاب صنفه أحمد بن محمد بن اسحاق الزيات صاحب كتاب البلدان ويشتمل على نوادر وغرائب وطرق وعجائب، فنقلت منه، وقال الحجاج بن هشام: كنا مع مسلمة بن عبد الملك ببلاد الروم، فقفل منها، فنزل منزلا، ثم دعا بالأسارى فجعل يضرب رقابهم، فقدم إليه شيخ منهم فأمر بضرب عنقه.

فقال له الشيخ: وما أربك إلى قتلي، أنا شيخ كبير فإن تركتني فديت نفسي بأسيرين من المسلمين في يدي، قال: لو وثقت بك لتركتك، قال: فاتركني فإني لا أغدر، قال ما تطيب بذلك نفسي إلا أن تأتيني بضمين، قال ومن يضمني في عسكرك، فدعني أجل فيه فانظر، فأرسل معه رجلا يحفظه فجعل يدور ويتصفح وجوه الناس، حتى مر بفتى يحس فرسا له، فقال: هذا يضمنني، من غير أن يكلمه أو يعرفه، فأقبل الرسول على الفتى فقال: أتضمنه؟ قال: نعم، قال: أتعرفه؟ قال: لا. قال: فكيف تضمنه؟ قال رأيته يتصفح وجوه الناس فلم يرج عند أحد منهم فرجا غيري، فما كنت لأخيبه، فضمنه إياه أطلقه، فما لبث أن جاء بأسيرين من المسلمين، فدفعهما إلى مسلمة، ثم قال لمسلمة ائذن للفتى يخرج معي حتى أكافئه، قال: قد أذنت له، فأقبل الرومي على الفتى فقال: أنت والله يا فتى ابني، قال: وكيف وأنا رجل من العرب من بني كلاب وأنت من الروم؟ قال: والله ما هو إلا أن رأيتك فتحركت في رحم، علمت أنها بينها وبينك فمن أمك؟ قال رومية قال: هي والله ابنتي سبيت صبية، ثم مضى به إلى قريته، فنظر الفتى إلى ابنة الرومي، وهي خالته فكأنما رأى أمه، ثم أخرج إليه حليا وثيابا مقطعة كانت لأمه، قد صانوها وحفظوها فدفعوها إلى الفتى، ثم زوده وأرسلوا إلى أمه بالسلام، وقالوا له: أخبرها بسلامة أمها وأختها فأقبل الفتى حتى صار إلى أهله، وأخرج لهم بعض الحلي، فنظرت إليه فارتاعت وأرسلت عينها بالبكاء، وقالت: ظهرتم على قريتنا وانهبتموها؟ قال: لا تراعي وقص عليها القصة وأخبرها بسلامتهم.
الحجاج بن يوسف الثقفي الظالم المشهور:
ابن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف، وهو قسي بن منبه بن بكر بن هوزان بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر الثقفي، أبو محمد دخل الثغور الشامية وولي بها، وقرأت في بعض مطالعاتي أنه كان بنى موضعا للسلاح بالمصيصة وجعل فيه السلاح ذخيرة للمسلمين، وكان يليها حينئذ. وكان في صحبه عبد الملك بن مروان، حين توجه لقتال مصعب بن الزبير، ونزل معه بطنان حبيب من أرض قنسرين.
رأى عبد الله بن عباس وحدث عن: أنس بن مالك، وسمرة بن جندب، وأبي بردة بن أبي موسى، وعبد الملك بن مروان.
روى عنه: أنس بن مالك، وثابت البناني، ومالك بن دينار، وحميد الطويل وسعد بن أبي عروبة وقتيبة بن مسلم وجراد بن مجالد.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو العلاء صاعد بن أبي الفضل بن أبي عثمان الشعيبتي الماليني بهراة قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أبي بكر بن أحمد السقطي قال: حدثنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن محمد بن الجارود الجارودي الحافظ املاء بهراة قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البغدادي بجر جرايا قال: حدثنا جعفر بن أحمد الدهقان قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال: حدثنا سيار عن جعفر عن مالك بن دينار قال: دخلت يوما على الحجاج فقال لي: يا أبا يحيى ألا أحدثك بحديث حسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: بلى، فقال: حدثني أبو بردة عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له إلى الله حاجة فليدع بها دبر كل صلاة مفروضة.
أنبأنا أبو نصر قال: أخبرنا أبو القاسم قال: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا الحسن بن علي اللباد قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرنا أبي قال: أخبرني أبو الميمون أحمد بن محمد بن بشر القرشي قال: أخبرني أبي قال: حدثنا أبو الحكم قال: حدثني محمد بن إدريس الشافعي قال: سمعت من يذكر أن المغيرة بن شعبة نظر إلى امرأته وهي تتخلل من أول النهار فقال: والله لئن كانت باكرت إلى الغداء إنها لرغيبة، وإن كان شيء بقي في فيها من البارحة إنها لقذرة فطلقها، فقالت: والله ما كان شيء مما ذكرت، ولكني باكرت ما تباكره الحرة من السواك فبقيت شظية في فيَّ، فيَ قال: فقال المغيرة بن شعبة ليوسف أبي الحجاج بن يوسف: تزوجها فإنها لخليقة أن تأتي بالرجل يسود، فتزوجها، قال الشافعي: فأخبرت أن أبا الحجاج لما بني بها واقعها فنام، فقيل له في النوم: ما أسرع ما ألحقت بالمبير.

أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن نصر قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن الزينبي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: حجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي أبو محمد.
وقال يزيد بن عبد ربه: حدثنا أصحابنا عن أبي منصور عن عمر بن قيس أن الحجاج بن يوسف سأله عن مولده فقال سنة الجماعة سنة أربعين، فقال الحجاج وهو مولدي.
أنبأنا القاضي أبو القاسم بن محمد الأنصاري عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة بن عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان محمد بن عبد الله بن زبر قال: سنة أربعين فيها ولد الحجاج بن يوسف.
أخبرنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم وأبو الوحش سبيع بن المسلم عن أبي الحسن رشاء بن نظيف قال: أخبرنا ابو شعيب عبد الرحمن بن محمد وأبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا الحسن بن رشيق قال: أخبرنا أبو بشر الدولابي قال: حدثنا محمد بن حميد قال: حدثنا علي بن مجاهد قال: حدثني عبد الله بن محمد بن مرة قال: سمعت زياد بن عبد الرحمن الكاتب يقول: ولد الحجاج بن يوسف سنة تسع وثلاثين.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا علي بن الحسن قال أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: أخبرنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وفيها يعني سنة إحدى وأربعين ولد الحجاج بن يوسف.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر عن جعفر بن يحيى قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرنا أبو موسى بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أبو محمد حجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي ليس بثقة ولا مأمون.
أنبأنا أحمد بن عبد الله الأسدي عن أبي القاسم بن أبي محمد قال في نسخه ما شافهني به أبو محمد الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد، ح.
قال ابن مندة: وأخبرنا حمد بن عبد الله إجازة قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: حجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي أبو محمد، روى عن أنس، روى مالك بن دينار وثابت وجراد بن مجاهد سمعت أبي يقول ذلك.
أنبأنا أحمد بن أزهر بن السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أنبأنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عبيد الله المرزباني في معجم الشعراء، قال الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن قيس، وهو ثقيف بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر له شعير قليل.
أخبرنا أبو نصر القاضي في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: الحجاجى بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف واسمه قسي بن منبه بن بكر بن هوازن أبو محمد الثقفي، سمع ابن عباس وروى عن أنس بن مالك وثابت البناني وحميد الطويل ومالك بن دينار وجراد بن مجالد وقتيبة بن مسلم وسعيد بن أبي عروبة، وكانت له بدمشق آدر منها دار الزاوية التي تقرب قصر ابن أبي الحديد، ولاه عبد الملك الحجاز فقتل ابن الزبير، ثم عزله عنها وولاه العراق وقدم وافدا على عبد الملك.

أخبرنا ابو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين بالقاهرة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء في كتابه عن أبي إسحاق الحبال وخديجة المرابطة. قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار. وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار. قالا: حدثنا محمود بن محمد الأديب قال: حدثنا النفيلي قال: حدثنا أبو مسهر عن أبي سعيد بن عبد العزيز قال: قال عمر بن عبد العزيز: كانت في الحجاج خلتان وددت أنهما لم تكونا فيه: حبه للقرآن وأهله، وقوله عند موته: اللهم إنهم يزعمون أنك لا تغفر لي فاغفر لي.
أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي عن أبي الحسن بن قبيس قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر قال: أخبرنا أبو محمد بن زبر قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور قال: حدثنا الأصمعي قال: حدثني أبي قال: قال ابن عون: كنت إذا سمعت الحجاج يقرأ، عرفت أنه طال ما درس القرآن.
أنبأنا ابن نسيم قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر بن المزرقي قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن القاسم الآدمي قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان قال: حدثنا هارون بن سليمان ويحيى بن حكيم قالا: حدثنا عبد الرحمن بن بكر السهمي قال: حدثنا عمرو بن منخل السدوسي قال: قال مطهر بن خالد الربعي عن أبي محمد الحماني قال: عملناه - يعني تجزئة القرآن - في أربعة اشهر وكان الحجاج يقرأه في كل ليلة.
أخبرنا ابو علي حسن بن أحمد بن يوسف الصوفي بالمسجد الأقصى قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد الرحبي بفسطاط مصر قال: أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أحمد الفارسي قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق قال: حدثنا أبو العلاء محمد بن أحمد الوكيعي قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي قال اخبرنا قبيصة عن سفيان عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال: عجبا لإخواننا من أهل العراق يسمون الحجاج مؤمنا.
وقال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن إبراهيم أنه كان إذا ذكر الحجاج قال: ألا لعنة الله على الظالمين.
وقال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأجلح عن الشعبي قال: أشهد أنه مؤمن بالطاغوت كافر بالله - يعني الحجاج.
وقال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن إبراهيم قال: كفى بمن يشك في أمر الحجاج لحاه الله.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي - قراءة عليه وأنا اسمع بدمشق - قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي المقريء قال: حدثنا أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو الطيب محمد بن أحمد بن خلف بن خاقان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد، ح.
قال أبو منصور: وحدثنا القاضي أبو محمد عبد الله بن علي بن أيوب قال: أخبرنا ابو بكر بن الجراح الخزار قال أخبرنا أبو بكر بن دريد - واللفظ للقاضي - قال: أخبرنا الحسن - يعني - ابن الخضر قال: أخبرنا عائشة قال: أتي الوليد بن عبد الملك برجل من الخواج فقال له: ما تقول في أبي بكر؟ قال: خيرا، قال: فعمر؟ قال: خيراً، قال فعثمان؟ قال: خيراً، قال فما تقول في أمير المؤمنين عبد الملك؟ قال: الآن جاءت المسألة: ما أقول في رجل الحجاج خطيئة من خطاياه.
أخبرنا أبو بكر عيسى بن أبي الفضل السماني - قراءة عليه وأنا اسمع - قال: أخبرنا علي بن الحسن بن أبي الحسين، ح.

وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي عن أبي المعالي بن عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال أخبرنا الحسن رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي، قال: أخبرنا محمد بن يونس قالا: أخبرنا أبو أحمد عن القاسم بن حبيب عن العيزار بن جرول قال: خرجت مع زاذان إلى الجبّان يوم العيد فصلى وستور الحجاج ترفعها الرياح، فقال: هذا والله المفلس، فقلت له: تقول مثل هذا وله مثل هذا؟ فقال: هذا المفلس من دينه.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين بالقاهرة، قال أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي بن مسعود البوصيري وأبو عبد لله محمد بن حمد بن حامد الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الموصلي. قال الأرتاحي: إجازة، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الضراب، ح.
وأخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل بن سلامة قال أخبرنا علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا بن أبي الدنيا وإبراهيم الحربي عن سليمان بن أبي شيخ قال: حدثنا صالح بن سليمان قال: قال عمر بن عبد العزيز: لو تخابثت الأمم وجئنا بالحجاج لغلبناهم وما كان يصلح لدينا ولا لآخرة، لقد ولي العراق، وهو أوفر ما يكون للعمارة، فأخسّ به حتى صيّره إلى أربعين ألف ألف دينار، ولقد أدي إليَّ في عامي هذا ثمانون ألف ألف، وإن بقيت إلى قابل رجوت أن يؤدي إليّ ما ودي إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مائة ألف ألف وعشرة ألف ألف.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن البناء - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الغنائم بن الدجاجي قال: أخبرنا إسماعيل بن سعيد بن سويد قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا أحمد بن أبي خيثمة قال: حدثنا محمد زياد بن الأعرابي قال: قال الهيثم بن عدي: مات الحجاج بن يوسف وفي سجنه ثمانون ألف محبوس، منهم ثلاثون ألف امرأة، فوجد في قصَّة رجل بال في الرحبة، وخري في المسجد، فقال أعرابي:
إذا نحن جاوزنا مدينة واسط ... خرينا وصلينا بغير حساب
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال أخبرنا أبو الحسين بن النقور، وأبو منصور عبد الباقي بن محمد قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبيد الله السكري قال زكريا بن يحيى المنقري: قال: حدثنا الأصمعي قال: حدثنا أبو عاصم عن عباد بن كثير عن قحذم قال: أطلق سليمان بن عبد الملك في غداة: إحدى وثمانين ألف أسير، وأمرهم أن يمشوا ويلحقوا بأهلهم، وعرضت السجون بعد الحجاج فوجدوا فيها ثلاثة وثلاثين ألفاً، لم يجب على أحد منهم قطع ولا صلب، وكان فيمن حبس أعرابي أخذ يبول في أصل ربض مدينة واسط، فكان فيمن أطلق فأنشأ يقول:
إذا نحن جاوزنا مدينة واسط ... خرينا وصلينا بغير حساب
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا ابو الفقتح الكروجي قال أخبرنا أبو عامر الأزدي وأبو نصر الترياقي وأبو بكر الغورجي قالوا أخبرنا أبو محمد الجراحي قال أخبرنا أبو العباس المحسوبي قال: أخبرنا أبو عيسى الترمذي قال: حدثنا أبو داوود سليمان بن سلم البلخي قال: أخبرنا النضر بن شميل عن هشام بن حسان قال: أحصوا ما قتل الحجاج صبراً فبلغ مائة ألف وعشرين ألفاً.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني بدمشق - قراءة عليه وأنا أسمع - قال أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال أخبرنا رشاء نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا يوسف بن عبد الله قال حدثنا أبو زيد قال حدثنا أبو زيد قال حدثنا حلبس قال: قيل لأعرابي - وأراد الحجاج قتله: إشهد على نفسك بالجنون، قال:
لا أكذب علي ربي وقد ... عافاني وأقول قد أبلاني

قال: وحدثنا أحمد قال: حدثنا إسماعيل بن يونس قال: حدثنا الرياشي عن الأصمعي عن مبشر بن بشر أن رجلا هرب من الحجاج فمر بساباط فيه كلب بين حبين يقطر عليه ماؤهما فقال: يا ليتني كنت مثل هذا الكلب، فما لبث أن مرَّ بالكلب في عنقه حبل، فسأل عنه، فقالوا: جاء كتاب الحجاج يأمر بقتل الكلاب.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو قاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل بن إسحاق قال: حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال: كانوا يرمون بالمنجنيق من أبي قبيس وهم يرتجزون ويقولون:
خطارة مثل الفنيق المزبد ... أرمي بها عراز هذا المسجد
قال: فجاءت صاعقة فأحرقتهم، فامتنع الناس من الرمي، فخطبهم الحجاج فقال ألم تعلموا أن بني إسرائيل كانوا إذا قربوا قربانا فجاءت نار فأكلتها، علموا أنه قد تقبل منهم، إِن لم تأكلها، قالوا: لم تقبل؟! قال: فلم يزل يخدعهم حتى عادوا فرموا.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل قال أخبرنا علي بن الحسن،ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر قال: أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن السُّلمي قالا: أخبرنا أبو القاسم بن إبراهيم قال: أخبرنا أبو القاسم بن إبراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف: قال أخبرنا الحسن بن إسماعيل الغساني قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال حدثنا زيد بن إسماعيل قال: حدثنا برد قال: أخبرنا يمان بن المغيرة عن عطاء بن أبي رباح قال: كنت مع ابن الزبير في البيت، فكان الحجاج إذا رمى ابن الزبير بحجر وقع الحجر على البيت، فسمعت للبيت أنينا كأنين الإنسان: أوه.
أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري - قراءة عليه بدمشق - قال: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل بن بشر بن أحمد الأسفرايني قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان بن عبد الله المصري قال: أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن اسحاق بن يزيد الحلبي قال: حدثنا أبو معاوية عثمان بن خالد بن عمرو السلفي قال: حدثنا أبي قال حدثنا عكرمة بن يزيد الألهاني قال: حدثني الأبيض بن الأغر بن الصباح التميمي عن سفيان الثوري عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال: كنت عند أسماء بنت أبي بكر، إذ دخل عليها الحجاج. قال: فقالت له: إنك قاتل عبد الله بن الزبير؟ قال: فقال: نعم، قالت: أما أنك قد قتلت صواما قواماً، إني سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول: يخرج من ثقيف ثلاثة كذاب ومبير وذيال فأما الكذاب فقد مضى وهو مختار، وأما المبير فهو أنت، فقال: أبير المنافقين، فقالت بل تبر المؤمنين، وأما الذيال فلم نره وسوف يرى.
قال أبو الحسن الحلبي: غريب من حديث سفيان عن سهيل وهو غريب من حديث الأبيض بن الأغر عن سفيان الثوري، تفرد به عكرمة بن يزيد.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف البغدادي قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداوودي قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حمويه قال: حدثنا إبراهيم بن خريم قال: حدثنا عبد بن حميد قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا العوام بن حوشب قال: حدثنا من سمع أسماء - يعني بنت أبي بكر الصديق تقول للحجاج حين دخل عليها يعزيها بابنها ابن الزبير، فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يخرج من ثقيف رجلان مبير وكذاب " ، فأما الكذاب فابن أبي عبيد تعني المختار، وأما المبير فأنت.

أخبرنا أبو القاسم بن سليمان المصري قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء في كتابه عن أبي اسحاق الحبال، وخديجة المرابطة. قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد بن عمر الطرسوسي قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار. وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني جدي علي قالا: حدثنا محمود بن محمد، قال: حدثنا الحنفي - يعني - أحمد بن الأسود قال: حدثني ابن عائشة عن أبيه عن ابن أبي شميلة قال: كان الديماس في زمن الحجاج حائطا لا سقف عليه، وكان الأحراس يجلسون على الحائط، فإذا تنحى المسجنون إلى الظل رماهم الأحراس بالحجارة حتى يرجعوا إلى الشمس وكان يطعمهم خبز الشعير قد خلط فيه الرماد والملح بالزيت، فلا يلبث الرجل أن يتغير، فجاءت امرأة تسأل عن ابنها فنودي به فخرج إليها فلما رأته قالت: ليس هذا ابني، ابني أشقر أحمر وهذا زنجي، فقال: بلى يا أمه أنا أبنك وأختي فلانة وأخي فلان، ومنزلنا بموضع كذا وكذا، فلما علمت أنه ابنها شهقت فوقعت ميتة، فأعلم الحجاج بذلك فأمر باطلاق من في الديماس فما منهم أحد حل قيده إلا في منزله مخافة أن يبدو له.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا علي بن إبراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا أبو محمد المصري قال: حدثنا أحمد بن مروان الدينوري قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا الهيثم بن جميل عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة قال: كان حطيط صواما قواما يختم في كل يوم وليلة ختمة، ويخرج من البصرة ماشيا حافيا إلى مكة في كل سنة، فوجه الحجاج في طلبه فأخذ، فأتي به الحجاج فقال له: إيها، قال: قل فإني قد عاهدت الله لئن سئلت لاصدقهن، ولئن ابتليت لأصبرن، ولئن عةفيت لأشكرن، ولأحمدن الله على ذلك، قال: ما تقول في؟ قال: أنت عدو الله تقتل على الظنة، قال: فما قولك في أمير المؤمنين؟ قال: أنت شررة من شرره، وهو أعظم جرما، قال: خذوا ففظعوا عليه العذاب، ففعلوا فلم يقل حسا ولا بسا، فأتوه فأخبروه فأمر بالقصب فشقق، ثم شد عليه وصب وعليه الخل والملح وجعل يستل قصبة قصبة، فلم يقل حسا ولا بسا، فأتوه فأخبروه، فقال: أخرجوه إلى السوق فاضربوا عنقه، قال جعفر: فأنا رايته حين أخرج، فأتاه صاحب له فقال: لك حاجة؟ قال شربة من ماء، فأتاه بماء فشرب ثم ضربت عنقه، وكان ابن ثماني عشرة سنة.
انبأنا الكندي، أنبأنا أبو عبد الله بن البناء عن أبي الحسين بن الآبنوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبيد عن محمد بن مخلد قال: أخبرنا علي بن محمد بن خزفة، قالا: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا عبد الوهاب بن نجدة قال: حدثنا عتاب بن بشير عن سالم الأفطس قال: أتي الحجاج بسعيد بن جبير وقد وضع رجله في الركاب، فقال: لا أستوي على دابتي حتى تبوأ معقعدك من النار، فأمر به فضربت عنقه، قال: فيما برح حتى خولط قال: قيودنا قيودنا. فأمر برجليه فقطعتا ثم انتزعت القيود منه. قال عتاب: وقال علي بن بذيمة: ختم الدنيا بقتل سعيد بن جبير، وافتتح الآخرة بقتل ماهان. وأخبرني غير علي: أن الحجاج كان يفزع بسعيد.
قال: وحدثنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا ابن ظفر قال: حدثنا جعفر بن سليمان عن بسطام بن مسلم بن قتادة قال: قيل لسعيد بن جبير: خرجت على الحجاج؟ قال: أي والله، ما خرجت عليه حتى كفر.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بدمشق قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر القرطبي عن عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن المقريء، ح.

وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين بالقاهرة قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله الأرتاحي قالا: أخبرنا علي بن الحسين. قال الأرتاحي: إجازة، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الضراب، قالا: أخبرنا أبو محمد بن إسماعيل قال: أخبرنا أبو بكر الدينوري قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا أبو الخطاب قال: حدثنا أبو داوود عن عمارة بن زاذان قال: حدثنا أبو الصهباء قال: قال الحجاج بن يوسف لسعيد بن جبير: اختر أي قتلة شئت؟ فقال له سعيد بن جبير: بل أنت فاختر لنفسك فإن القصاص أمامك.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله بحلب قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا القاضي قال: حدثنا بن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة.
وذكره أبو حاتم عن العتبي أيضاً قال: كانت امرأة من الخوارج من الأزد يقال لها فراشة، وكانت ذات نية في رأي الخوارج تجهز أصحاب البصائر منهم، وكان الحجاج يطلبها طلبا شديدا فأعجزته فلم يظفر بها، وكان يدعو الله أن يمكنه من فراشه، أو بعض من جهزته فمكث ما شاء الله ثم جيء برجل، فقيل هذا ممن جهزته فراشه، فخر ساجداً ثم رفع رأسه فقال له: يا عدو الله، قال: أنت أولى بها يا حجاج، قال: أين فراشة؟ قال مرت تطير منذ ثلاث، قال: أين تطير؟ قال: ما بين السماء والأرض قال: أعن تلك سألتك عليك لعنة الله، قال: عن تلك أخبرتك عليك غضب الله، قال سألتك عن المرأة التي جهزتك وأصحابك، قال: وما تصنع بها؟ قال: دلنا عليها، قال: تصنع بها ماذا؟ قال: أضرب عنقها، قال: ويلك يا حجاج ما أجهلك، تريد أن أدلك وأنت عدو الله على من هو ولي الله قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين! قال: فما رأيك في أمير المؤمنين عبد الملك؟ قال: ذاك الفاسق لعنة الله ولعنة اللاعنين. قال: فما رأيك في أمير المؤمنين عبد الملك؟ قال: على ذاك الفاسق لعنة الله ولعنة اللاعنين. قال: ولم لا أم لك؟ قال: إنه أخطأ خطية طبقت ما بين السماء والأرض، قال: وما هي؟ قال: استعماله إياك على رقاب المسلمين، فقال الحجاج: ما رأيكم فيه؟ قالوا: نرى أن نقتله قتلة لم تقتل مثلها أحدا، قال: ويلك يا حجاج جلساء أخيك كانوا أحسن مجالسة من جلسائك، قال: وأي أخوتي تريد؟ قال فرعون حين شاور موسى، فقالوا: أرجئه وأخاه، وأشار عليك هؤلاء بقتلي. قال فهل حفظت القرآن؟ قال وهل خشيت فراره فاحفظه! قال: هل جمعت القرآن؟ قال: ما كان متفرقا فأجمعه قال: أقرأته ظاهراً؟ قال معاذ الله بل قرأته وأنا إليه. قال: فكيف تراك تلقى الله إن قتلتك؟ قال: ألقاه بعملي وتلقاه بدمي. قال: إذا أعجلك إلى النار، قال لو علمت أن ذاك إليك أحسنت عبادتك، واتقيت عذابك، ولم أبغ خلافك ومناقضتك قال: إني قاتلك؟ قال: إذا أخاصمك لأن الحكم يومئذ إلى غيرك، قال: نقمعك عن الكلام السيء، يا حرسي اضرب عنقه وأومأ إلى السياف ألاّ تقتله، فجعل يأتيه ما بين يديه ومن خلفه، ويروعه بالسيف، فلما طال ذلك عليه رشح جبينه قال: جزعت من الموت يا عدو الله. قال: لا يا فاسق ولكن أبطأت علي بمالي فيه راحة. قال: يا حرسي أعظم جرحه. فلما أحس بالسيف قال: لا إله إلا الله، والله لقد أتمها ورأسه في الأرض.
أخبرنا ابو بكر السلماني قال: أخبرنا علي بن أبي محمد، ح.
وحدثنا محمد بن أحمد القرطبي قال: أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: حدثنا أحمد بن رموان. قال: وحدثنا محمد بن موسى قال: حدثنا محمد بن الحارث عن المدائني قال: أتي الحجاج برجل من الخوارج وهو في خضراء واسط فلما مثل بين يديه ونظر إلى بنيانه قال: أتبنون بكل ريع آية تعبثون. وتتخذون مصابع لعلكم تخلدون. وإذا بطشتم جبارين. قال بعض جلسائه: اقتلوه قتله الله، فقال الخارجي: جلساء أخيك كانوا خيرا من جلسائك! قال الحجاج: أي أخوتي تعني؟ قال فرعون موسى حين قالوا موسى: أرجئه وأخاه وقالوا هؤلاء لك: اقتله، فأمر بقتله فقتل.

أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور وأبو منصور عبد الباقي بن محمد بن غالب قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري، قال: حدثنا زكريا بن يحيى المنقري: قال: أخبرني الأصمعي قال: حدثنا علي بن سلم الباهلي قال: أتي الحجاج بن يوسف بامرأة من الخوارج فجعل يلكمها ولا تكلمه معرضة عنه، فقال بعض الشرط: الأمير يكلمك وأنت معرضة؟ فقالت إني لاستحي أن أنظر إلى من لا ينظر الله إليه، فأمر بها فقتلت.
أخبرنا ابو بكر بن أبي الفضل قال: أخبرنا علي بن أبي محمد، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا أبو الحسن المقرىء قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا أبو زيد قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثني جليس لهشام بن أبي عبد الله قال: قال عمر بن عبد العزيز لعنبسه بن سعيد قال: أخبرني ببعض ما رأيت من عجائب الحجاج فقال له: يا أمير المؤمنين كنا جلوسا عنده ذات ليلة، قال: فأتي برجل فقال: ما أخرجك هذه الساعة وقد قلت لا أجد فيها أحدا إلا فعلت به وفعلت؟ قال: أما والله لا أكذب الأمير، أغمي على أمي منذ ثلاث فكنت عندها، فأفاقت الساعة فقالت: يا بني مذكم أنت عندي؟ فقلت لها: منذ ثلاث، قالت: أعزم عليك إلا رجعت إلى أهلك فإنهم مغمومين بتخلفك عنهم فكن عندهم الليلة وتعود إلي غدا، فخرجت فأخذني الطائف، فقال: ننهاكم وتعصونا اضربوا عنقه. ثم أتي برجل آخر فقال: ما أخرجك الساعة؟ فقال: والله لا أكذبك لزمني غريم لي على بابه فلما كانت الساعة أغلق بابه دوني وتركني على بابه، فجاءني طائفك فأخذني فقال: اضربوا عنقه فضربت عنقه، ثم أتي بآخر فقال: ما أخرجك هذه الساعة، قال كنت مع شربة أشرب، فلما سكرت خرجت فأخذني الطائف فذهب عني السكر فزعا، فقال يا عنبسة ما أراه إلا صادقا خليا سبيله. فقال عمر بن عبد العزيز لعنبسة: فما قلت له شيئا؟ فقال: لا. فقال عمر لآذنه: لا تأذنن لعنبسة علينا إلا أن تكون له حاجة.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم بن بوش قال: أخبرنا ابو العز بن كادش قال: أخبرنا محمد الحسين الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا القاضي قال: حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال: حدثني أبي قال: حدثنا أحمد بن عبيد قال: حدثنا هشام بن محمد السائب الكلبي عن عوانة بن الحكم الكلبي قال: دخل أنس بن مالك على الحجاج بن يوسف، فلما وقف بين يديه سلم عليه، فقال: إيه، إيه يا أنس، يوم لك مع علي ويوم لك مع ابن الزبير ويوم لك مع ابن الأشعث، والله لأستأصلنك كما تساصل الشأفة، ولأدمغنك كما تدمغ الصمغة، قال أنس: إياي يعني الأمير أصلحه الله؟ قال: إياك سك الله سمعك، قال أنس: إنا لله وإنا إليه راجعون، والله لولا الصبية الصغار ما باليت أي قتله قتلت، ولا أي ميتة مت، ثم خرج من عند الحجاج فكتب إلى عبد الملك بن مروان يخبره بذلك، فلما قرأ عبد الملك كتاب أنس استشاط غضبا وصفق عجبا وتعاظمه ذلك من الحجاج، وكان كتاب أنس بن مالك إلى عبد الملك بن مروان: بسم الله الرحمن الرحيم إلى عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين من أنس بن مالك أما بعد: فإن الحجاج قال لي هجرا وأسمعني نكرا، ولم أكن لذلك أهلا فخذ لي على يديه، فإني أمت بخدمتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتي إياه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فبعث عبد الملك إلى إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر وكان مصادقا للحجاج فقال له: دونك كتابي هذين فخذهما واركب البريد إلى العراق، فبدأ بأنس بن مالك، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وادفع كتابه إليه وأبلغه مني السلام، وقل له يا أبا حمزة قد كتبت إلى الحجاج الملعون كتابا إذا قرأه كان أطوع لك من أمتك، وكان كتاب عبد الملك إلى أنس بن مالك: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد:

فقد قرأت كتباك وفهمت ما ذكرت من شكاتك للحجاج وما سلطته عليك ولا أمرته بالإساءة إليك، فإن عاد لمثلها فاكتب إلي بذلك، أنزل به عقوبتي وتحسن لك معونتي والسلام.
فلما قرأ أنس كتابه وأخبر برسالته قال: جزى الله أمير المؤمنين عني خيرا وعافاه وكافاه عني بالجنة، فهذا كان ظني به والرجاء منه.
فقال إسماعيل بن عبيد الله لأنس: يا أبا حمزة إن الحجاج عامل أمير المؤمنين وليس بك عنه غناً ولا بأهل بيتك ولو جعل لك في جامعة ثم دقع إليك لقدر أن يضر وينفع فقاربه وداره. فقال أنس: أفعل إن شاء الله، ثم خرج إسماعيل من عنده فدخل على الحجاج، فلما رآه الحجاج قال: مرحباً برجل أحبه وكنت أحب لقاءه، فقال إسماعيل: أنا والله قد كنت أحب لقائك في غير ما أتيتك به. قال: وما أتيتني به؟ قال: فارقت أمير المؤمنين وهو أشد الناس عليك غضباً ومنك بعداً، قال: فاستوى الحجاج جالساً مرعوباً، فرمى إليه إسماعيل بالطومار، فجعل الحجاج ينظر فيه مرة ويعرق وينظر إلى إسماعيل أخرى فلما نقضه قال: قم بنا إلى أبي حمزة نعتذر إليه ونتوصاه، فقال له إسماعيل: لا تعجل، قال: كيف لا أعجل وقد أتيتني بآبدة. وكان في الطومار إلى الحجاج بن يوسف.
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى الحجاج بن يوسف أما بعد: فإنك عبد طمت به الأمور فسموت فيها، وعدوت طورك وجاوزت قدرك، وركبت داهية أداً، وأردت أن تبورني، فإن سوغتكها مضيت قدماً، وإن لم أسوغكها رجعت القهقري، فلعنك الله عبداً أخفش العينين، منقوض الجاعرتين، أنسيت مكاسب آبائك بالطائف، وحفرهم الآبار، ونقلهم الصخور على ظهورهم في المناهل، يابن المستفرمة بعجم الزبيب، والله لاغمزنك غمز الليث الثعلب، والصقر الأرنب، وثبت على الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، فلم تقبل له إحسانه ولم تجاوز له إساءته جراءة منك على الرب عز وعلا، واستخفافاً منك بالعهد والله لو أن اليهود والنصارى، رأت رجلاً خدم عزيز بن عزرة وعيسى بن مريم لعظمته وشرفته وأكرمته، فكيف وهذا أنس بن مالك، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم خدمه ثمان سنين، يطلعه على سره ويشاوره في أمره، ثم هو مع هذا بقية من بقاية أصحابه، فإذا قرأت كتابي هذا، فكن أطوع له من خفه ونعله، والا أتاك مني سهم مثكل بحتف قاضٍ، " ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون " .
قال القاضي: قول الحجاج سكّ الله سمعك، يقال استكت الأذنان واصطكت الركبتان، وقوله للحجاج يا بن المستفرمة بعجم الزبيب: كانت المرأة تستعمل عجم الزبيب لتضييق قبلها في ما ذكر بعض أهل العلم، وهو حبّه والنوى كله، يقال له عجم، واحدته عجمه، قال الأعشى:
قيل صارت من صلابتها مثل النوى، وقال أبو عبيدة: عجم عجماً أي لبك، لأنه نوى الفم، فهو أصلب لأنه ليس بنوى حلّ ولا نبيذ، فهو أصلب وأملس، وإنما أراد صلابتها وضمرها، ولقيط أراد ملقوط، مثل جريح ومجروح، ويروى كلقيط العجم أي ملقوط ملقى.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن ابي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، قال أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا محمد بن العباس قال: اخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن فهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي ذئب عن اسحاق بن يزيد قال: رأيت أنس بن مالك مختوما في عنقه، ختمة الحجاج أراد يذله بذلك، قال محمد بن عمر: وقد فعل ذلك بغير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يريد أن يذلهم بذلك، وقد مضت العزة لهم بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال: أخبرنا أبو الحسن النسائي قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: أخبرنا يوسف بن موسى قال: حدثنا جرير عن سماك بن موسى الضبي قال: أمر الحجاج أن توجأ عنق أنس بن مالك وقال: أتدرون من هذا، هذا خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتدرون لم فعلت هذا؟ قالوا: الأمير أعلم، قال: سيء البلاء في الفتنة الأولى غاش الصدر في الفتنة الآخرة.

أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان المصري قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي بن سعود وأبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الموصلي - قال أبو عبد الله في إجازة - قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل، ح.
وحدثنا أبو بكر بن أبي الفضل قال: أخبرنا علي بن الحسن قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني قال: أخبرنا أبو الحسن المقرىء قال: أخبرنا أبو محمد الغساني قال: أخبرنا أبو بكر الدينوري قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا الأصمعي قال: قال عبد الملك بن مروان للحجاج: إنه ليس من أحد إلا وهو يعرف عيب نفسه فعب نفسك، فقال: أعفني يا أمير المؤمنين، فأبى، فقال: أنا لجوج حقود حسود، فقال عبد الملك: ما في الشيطان شر مما ذكرت.
أخبرنا عمر بن طبرزد إذنا قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية بن صالح عن شريح بن عبيد عن من حدثه قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب، فأخبره أن أهل العراق قد حصبوا أميرهم، فخرج غضبانا، فصلى لنا صلاة فسها فيها حتى جعل الناس يقولون: سبحان الله سبحان الله، فلما سلم، أقبل على الناس فقال: من هاهنا من أهل الشام؟ فقام رجل، ثم قام آخر، ثم قمت أنا ثالثا أو رابعا، فقال: يا أهل الشام استعدوا لأهل العراق فإن الشيطان قد باض فيهم وفرخ، اللهم إنهم قد لبسوا علي فالبس عليهم وعجل عليهم بالغلام الثقفي يحكم فيهم بحكم الجاهلية، لا يقبل من محسنهم ولا يتجاوز عن مسيئهم.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي قال: اخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوي قال: حدثنا سعيد بن مسعود قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا العوام بن حوشب، قال حدثني حبيب بن أبي ثابت قال: قال علي لرجل: لا مت حتى تدرك فتى ثقيف، قيل له: يا أمير المؤمنين ما فتى ثقيف؟ قال ليقالن له يوم القيامة: اكفنا زاوية من زوايا جهنم، رجل يملك عشرين أو بضع وعشرين سنة، لا يدع لله تعالى معصية إلا ارتكبها حتى لو لم يبق إلا معصية واحدة فكان بينه وبينها باب مغلق لكسره حتى يرتكبها يقتل بمن أطاعه من عصاه.
قال: وأخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر العنبري قال: أخبرنا جدي يحيى بن منصور القاضي قال: حدثنا محمد بن النضر الجارودي قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال: حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن أيوب عن مالك بن أوس بن الحدثان عن علي أنه قال: الشاب الذيال أمير المصرين يلبس فروتها ويأكل خضرتها ويقتل أشراف أهلها يشتد منه الفرق ويكثر منه الأرق فيسلطه الله على شيعته.
قال وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصنعاني بمكة، قال حدثنا اسحاق بن إبراهيم بن عباد قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا جعفر بن سليمان بن مالك بن دينار عن الحسن قال: قال علي لأهل الكوفة: اللهم كما ائتمنتهم فخانوني ونصحت لهم فغشوني فسلط عليهم فتى ثقيف الذيال الميال يأكل خضرتها ويلبس فروتها ويحكم فيها بحكم الجاهلية قال يقول الحسن: وما خلق الحجاج يومئذ.
وقال أبو القاسم علي بن الحسن: أخبرنا أبو علي الحداد وجماعة قالوا: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا القاسم بن زكريا قال: حدثنا إسماعيل بن موسى السهمي قال: حدثنا علي بن مسهر عن الأجلح عن الشعبي عن أم حكيم بنت عمرو بن سنان الجدلية قالت: استأذن الأشعث بن قيس على علي عليه السلام، فرده فأدمى أنفه فخرج علي فقال: ما لك وله يا أشعث أم والله لو بعبد ثقيف تمرست، أقشعرت شعيرات استك، قيل له: يا أمير المؤمنين ومن عبد ثقيف؟ قال: غلام يليهم لا يبقى أهل بيت من العرب يعني: إلاّ البسهم ذلا قيل كم يملك؟ قال عشرين أن بلغ.

أخبرنا ابو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا الحسين بن أحمد الحلبي قال: حدثنا محمد بن زكريا قال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة قال: حدثني أبي قال: أراد الحجاج الخروج من البصرة إلى مكة فخطب الناس فقال: يا أهل البصرة إني أريد الخروج إلى مكة، وقد استخلفت عليكم محمداً ابني، أوصيته فيكم بخلاف ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسام في الأنصار، فإنه أوصى في الأنصار أن يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم، ألا وإني قد أوصيته فيكم ألا يقبل من محسنكم ولا بتجاوز عن مسيئكم، ألا وإنكم قائلون بعدي كلمة، ليس يمنعكم من إظهارها إلا الخوف، ألا وإنكم قائلون: لا أحسن الله له الصحابة، وإني معجل لكم الجواب: لا أحسن الله عليكم الخلافة.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن العدل قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن علي قال: حدثنا الأصمعي قال: قيل للحسن إنك كنت تقول: الآخر شر، وهذا عمر بن عبد العزيز بعد الحجاج؟! فقال الحسن: لا بد للناس من متنفسات.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الطيوري قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن أحمد قال: أخبرنا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن القشيري قال: حدثنا ميمون بن مهران قال: بعث الحجاج إلى الحسن وقد هم به فأدخل عليه فقام بين يديه، قال: يا حجاج: كم بينكم وبين آدم من أب؟ قال: كثير، قال فأين هم؟ قال: ماتوا، قال: فنكس الحجاج رأسه وخرج الحسن.
أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم العلوي، ح.
وحدثنا محمد بن أحمد بن علي بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سيده قال: أخبرنا أبو القاسم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أبو سعيد الأزدي - يعني الحسن بن الحسين السكري قال: حدثنا الرياشي قال: حدثنا عباس الأزرق عن السري بن يحيى قال: مر الحجاج في يوم جمعة فسمع استغاثة، فقال: ما هذا؟ فقيل له: أهل السجون يقولون: قتلنا الحر، قال: قولوا لهم اخسئوا فيها ولا تكلمون قال: فما عاش بعد ذلك إلا أقل من جمعة حتى مات.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله المكي عن مسعود بن محمد الثقفي عن أبي بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: أخبرنا ابن خميرويه قال: أخبرنا الحسين بن إدريس قال: حدثنا ابن عمار قال: حدثنا زيد بن أبي الزرقاء عن عمار بن زاذان قال: حدثني أبو الصهباء قال: بينما أنا عند سعيد بن جبير، قال له رجل: ما تقول فيما يقوله الحسن؟ قال: وما يقول؟ قال: إن الحجاج كان أخذ الرجل قال: أكفرت حيث خرجت علي؟ قال: فإن قال نعم، خلا سبيله، وإن قال: لا، ضرب عنقه، قال: رحم الله الحسن لا تقيه في الإسلام، ثم إنه أبتلي وأخذ من العام المقبل في ذلك الشهر في ذلك اليوم، فركبت في سبعة أو تسعة حتى قدمنا واسطا، فأتي بسعيد بن جبير، فخرج الحجاج فقال: يا بن جبير أكفرت حين خرجت علي؟ قال: ما كفرت منذ أسلمت، قال: فاختر بأي قتلة تشتهي أن أقتلك، قال: اختر أنت لنفسك فإن القصاص أمامك، قال: فقتله فما قتل أحدا بعده.

أخبرنا أبو صادق الحسن بن يحيى بن صباح بدمشق قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن رفاعة بن غدير قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الخلعي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد البزاز - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن بهزاد بن مهران قراءة عليه يوم الإثنين سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي قال: حدثنا عبد الله بن الضحاك الهرادي قال: حدثنا الهيثم بن عدي قال: أتي الحجاج بن يوسف برجل من الخوارج، فأدخل عليه والحجاج يتغذى، فجعل الخارجي ينظر إلى حيطانه وما قد تجسد فجعل يقول: اللهم اهدم، اللهم اهدم، اللهم اهدم، فقال الحجاج، هيه كأنك لا تدري ما يراد بك؟ فقال الخارجي: هيه نزع الله ما ضغيك، وما عليك لو دعوتني إلى طعامك؟ أما أن فيك ثلاث خلال مما نعت الله به عادا، فقال: أتبنون بكل ربع آية تعبثون. وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون. وإذا بطشتم جبارين! فامتلا الحجاج غيظا عليه فأمره بقتله، فأخرجوه الحرس إلى الرحبة ليقتلوه، فقال لهم: دعوني أتمثل بثلاثة أبيات فقالوا: تمثل بما شئت، فأنشأ يقول:
ما رغبة النفس في الحياة وإن ... عاشت طويلا فالموت لاحقها
أو أيقنت أنها لا تعود كما ... كان براها بالأمس خالقها
ألاّ تمت غبطة تمت هرما ... للموت كأس والمرء ذائقها
ثم مد عنقه فضربت فانصرف قاتلوه إلى الحجاج فأخبروه بقوله، فقال: لله دره ما كان أصرمه في حياته وعند وفاته.
أخبرنا عتيق السلماني ومحمد بن أحمد بن علي، قراءة من لفظه - قال عتيق: أخبرنا علي بن الحسن، وقال محمد: أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن - قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: وأنشد ابن قتيبة لرجل في الحجاج بن يوسف:
كأن فؤادي بين أظفار طائر ... من الخوف في جو السماء محلق
حذار أمرى قد كنت أعلم أنه متى ... ما يعد من نفسه الشر يصدق
وقد حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا إبراهيم بن حبيب قال: حدثنا محمد بن سلام عن القحذمي عن عمه عن سلم بن قتيبة قال: عددت أربعة وثمانين لقمة من خبز الماء، في كل لقمة رغيف وملء كفه سمك طري، يعني على الحجاج.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا يحيى بن اسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا ابن أبي أسعد قال: حدثنا علي بن الحسن قال: أخبرني إبراهيم بن محمد عن الهيثم بن الربيع قال: قال الحجاج: إني لأرى الناس قد قلوا على موائدي فما بالهم؟ فقال رجل من عرض الناس: أصلح الله الأمير إنك أكثرت خير البيوت فقل غشيان الناس لطعامك فقال: الحمد لله وبارك الله عليك من أنت؟ قال: أنا الصلت بن قران العبدي، فأحسن إليه.
أخبرنا ابو عبد الله محمد بن محمود بن عبد الله لن الملثم بالقاهرة قال: أخبرنا ابو القاسم هبة الله بن علي بن سعود البوصيري وأبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الأرتاحي - قال: البوصيري: أخبرنا، وقال الأرتاحي: أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الموصلي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الضراب، ح.
وأخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل بن سلامة قال: اخبرنا علي بن الحسن الشافعي، ح.

وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر عن أبي المعالي بن سيده قالا: أخبرنا علي بن إبراهيم الحسيني قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: أخبرنا ابو بكر أحمد بن مروان الدينوري قال: حدثنا عبد الرحمن بن مرزوق أبو عوف البزوري قال: حدثنا عبد الوهاب عن سعيد بن أبي عروبة قال: حج الحجاج فنزل بعض المياه بين مكة والمدينة ودعا بالغداء فقال لحاجبه، أبصر من يتغذى معي وأساله عن بعض الأمر، فنظر نحو الجبل فإذا هو بأعرابي بين شملتين من شعر نائم، فضربه برجله وقال: ائت الأمير فأتاه فقال له الحجاج: اغسل يدك وتغدا معي فقال إنه دعاني من هو خير منك فأجبته، قال ومن هو؟ قال الله تبارك وتعالى دعاني إلى الصوم فصمت قال: في هذا الحر الشديد! قال: نعم صمت ليوم هو أشد حراً من هذا اليوم، قال: فأفطر وتصوم غدا، قال: إن ضمنت لي البقاء إلى غد، قال: ليس ذاك إلي، وقال رشاء بن نظيف: ذلك إلي؟ قال: فكيف تسألني عاجلا بآجل لا تقدر عليه، قال: إنه طعام طيب، قال: لم تطيبه أنت لوا الطباخ ولكن طيبته العافية.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا القاضي المعافى بن زكريا قال: وحدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي قال: حدثنا محمد بن عيسى الأنصاري عن عبيد الله بن محمد التيمي قال: أتى الحجاج رجل متهم برأي الخوارج فقال له الحجاج أخارجي أنت؟ قال: لا والذي أنت بين يديه غدا أذل مني بين يديك اليوم ما أنا بخارجي، فقال له الحجاج: إني يومئذ لذليل وأطلقه.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي بنابلس قال: أخبرتنا تجني الوهبانية قالت: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا عمر بن بكير قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الطائي قال: أخبرنا أبو بردة بن عبد الله بن أبي بردة قال: كان يقال ان ربعي بن خراش لم يكذب كذبة قط، قال فأقبل ابناه من خراسان فدنا خلافي العريف إلى الحجاج فقال: أيها الأمير: إن الناس يزعمون أن ربعي بن خراش لم يكذب كذبة قط، وقد قدم ابناه من خراسان وهما عاصيان، فقال الحجاج علي به فلما جاءه قال: أيها الشيخ قال: ما تشاء، قال: ما فعل ابناك؟ قال: المستعان بالله خلفتهما في البيت، قال: لا جرم لا أسؤك فيهما هما لك.
أخبرنا أبو محمد بن هلاله قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد الأصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزجانية قال: أخبرنا أبو بكر بن ريذه قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب قال: حدثنا محمد بن سلام الجمحي قال: حدثني عبد القاهر بن السري قال: اختفى رجل عند أبي السوار العدوي زمن الحجاج بن يوسف، فقيل للحجاج: إنه عند أبي السوار العدوي، فبعث إليه الحجاج فأحضره، فقال له: الرجل الذي عندك، فقال ليس عندي، فقال: وإلا ابن أبي السوار طالق؟ يعني امرأة أبي السوار فقال: ما خرجت من عندها وأنا أنوي طلاقها، فقال وإلا أنت بريء من الإسلام؟ فقال: فإلى أين أذهب؟ فخلى سبيله.
أخبرنا أبو هشام عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي - قراءة عليه وأنا اسمع - قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد العزيز العجلي - إجازة - قال: أخبرنا الحسين بن علي الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد بن المقتدر بالله الهاشمي ببغداد قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن منصور اليشكري - لفظاً - قال: حدثنا أبن الأنباري قال: حدثني أبي عن أبي محمد عن أبي سعيد عن محمد بن عبد الله عن محمد بن عمر قال: أمر الحجاج بإحضار رجل من السجن، فلما حضر أمر بضرب عنقه، فقال: أيها الأمير أخرني إلى غد، قال: ويحك وأي فرج لك في تأخير يوم، ثم أمر برده إلى السجن فسمعه الحجاج يقول، وهو يذهب إلى السجن:
عسى فرج يأتي به الله أنه ... له كل يوم في خليقته أمر
قال الحجاج: والله ما أخذه إلا من القرآن(كل يوم هو في شأن) وأمر بإطلاقه.

أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي البوصيري وأبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد - قال البوصيري: أخبرنا.،وقال ابن أحمد أنبأنا - أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الموصلي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب، ح.
وأخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني قال: أخبرنا علي بن الحسن بن هبة الله، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أبي جعفر عن أبي المعالي عبد الله بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم بن أبي الجن قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الغساني قال: أخبرنا أبو بكر الدينوري قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا أبو زيد عن الأصمعي قال: أتى يزيد بن أبي مسلم رجل برقعة وسأله أن يرفعها إلى الحجاج فنظر فيها يزيد فقال: ليس هذه من الحوائج التي ترفع إلى الأمير، فقال له الرجل: فإني أسألك أن ترفعها فلعلها توافق قدراً فيقضيها وهو كاره، فأدخلها وأخبره بمقالة الرجل فنظر الحجاج في الرقعة فقال: يا يزيد قل له: قد وافقت قدراً وقد قضيناها ونحن كارهون.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الأدمي الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش العكبري قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا القاضي المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا محمد بن زكريا بن دينار الغلابي قال: حدثنا عبد الله بن الضحاك قال: حدثنا الهيثم بن عدي عن عوانة قال: أُتي الحجاج بأسارى من أصحاب قطري من الخوارج فقتلهم إلا واحداً كانت له عنده يد، وكان قريباً لقطري، فأحسن إليه وخلا سبيله، فصار إلى قطري فقال له قطري: عاود قتال عدو الله، فقال: هيهات غل يداً مطلقها، واسترق رقبة معتقها، ثم قال:
أأقاتل الحجاج عن سلطانه ... بيد تقر بأنها مولاته
إني إذاً لأخو الدناؤة والذي ... طمت على إحسانه جهلاته
ماذا أقول إذا وقفت إزاءه ... في الصف واحتجت له فعلاته
أأقول جار عليّ لا إني إذا ... لأحق من جارت عليه ولاته
وتحدث الأقوام أن صنائعاً ... غرست لدي فحنظلت نخلاته
هذا وما ظني بجبن إنني ... فيكم لمطرق مشهد وعلاته
قرأت في تاريخ سعيد بن كثير بن عُفير: ثم كانت سنة إحدى وسبعين، وفيها: سار عبد الملك إلى العراق يريد مصعباً، فبلغ ذلك مصعباً فتوجه إليه فالتقوا بمسكن قال: وفي غزاته هذه استخرج الحجاج بن يوسف، وكان سبب ذلك أنه كان إذا نزل المنزل لم تنزل الساقة إلى وقت رحلته، فقال لكعب بن حامد العبسي وهو على شرطته: ابغني رجلا يكفني الساقة وينزلهم بنزولي ويرحلهم برحيلي، فقال: إن في الشرط لرجل من ثقيف، كثيف الوجه، له جراءة وإقدام يقال له الحجاج بن يوسف، فولاه الساقة، وكان ينزل بنزول عبد الملك ويرحل برحلته فأعجب به عبد الملك.
قال أبو عثمان أخبرنا يحيى بن فليح أن عبد الملك لما توجه إلى مسكن انتشر عليه من حاله، ولم يستطعه من ولاة الساقة، فذكر ذاك لروح بن زنباع فقال: والله لقد رأيت غلاما أخلق به، فلو وليته، فدعا به فولاه الساقة، فلما رحل الناس تخلف ثقل روح بن زنباع وأمرهم بالرحيل فتلكؤوا فأمر بعقر دوابهم، فلما بلغ ذلك روحاً أتى عبد الملك ثم قال: ما أصبنا من صاحبك، ثم أخبره بما صنع وضبط الساقة فلم يكن يتخلف أحد.
قال: ومنهم من قال: كان هذا في سنة اثنتين وسبعين، قال: وفيها دخل عبد الملك الكوفة فوجه منها الحجاج بن يوسف إلى ابن الزبير بعد هزيمة مصعب، وقال: ثم كانت سنة اثنتين وسبعين فكان فيها محاصرة الحجاج بن الزبير وقطع المواد عنه وأقام الحج للناس الحجاج ولم يطف بالبيت، منعه ابن الزبير من ذلك.

أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله الأسدي عن الحافظ أبي القاسم بن أبي محمد قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد قالت: أخبرنا أبو طاهر بن محمود الثقفي قال: أخبرنا أبو بكر المقري قال: أخبرنا أبو الطيب الزراد قال: حدثنا عبيد الله بن سعد قال: قال أبي قال: ودخل عبد الملك الكوفة وبعث منها الحجاج بن يوسف إلى عبد الله بن الزبير، ورجع عبد الملك إلى دمشق فحج الحجاج على الموسم سنة اثنتين وسبعين، فلم يطف بالبيت وحاصر ابن الزبير قريب من سبعة أشهر، وقطع عنه المواد، وحج بالناس الحجاج سنة ثلاث وسبعين وهو بمكة يومئذ وأمير المدينة يومئذ طارق، ثم جمعت له مكة والمدينة ثم حج بالناس الحجاج سنة أربع وسبعين.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي قال: أخبرنا أبو هبد الله أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران الأشناني قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: سنة ثلاث وسبعين أقام الحج الحجاج بن يوسف، وقال: سنة أربع وسبعين أقام للناس الحج الحجاج بن يوسف.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن نصر قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الله بالكوفة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن زيد بن علي قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عقبة قال: حدثنا هارون بن حاتم قال: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: ثم بايع الناس عبد الملك بن مروان فحج بالناس الحجاج سنة ثلاث وسبعين، وابن الزبير محصور، وحج بالناس الحجاج سنة ثنتين وسنة ثلاث أربع وسبعين، ثم حج بالناس عبد الملك بن مروان سنة خمس وسبعين.
وقال أبو القاسم بن السمرقندي أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: حدثني سلمة قال: حدثنا أحمد قال: حدثنا إسحاق بن عيسى عن أبي معشر قال: وكان الحجاج بن يوسف حج وابن الزبير محصور سنة اثنتين وسبعين.
قال ابن بكير قال الليث: وحج عامئذ بالناس الحجاج بن يوسف فقاتل هو وابن الزبير وأقام للناس الحج، وفي سنة ثلاث وسبعين حج بالناس الحجاج بن يوسف.
قال يعقوب: ويقال حج بالناس سنة أربع وسبعين الحجاج بن يوسف.
قال يعقوب: وفي سنة تسعين فتح على الحجاج بخارا، وفي سنة إحدى وتسعين فتح على الحجاج بن يوسف بلخ. وفي سنة اثنتين وتسعين فتح للحجاج خفان وفي سنة أربع وتسعين فتح للحجاج بن يوسف السند وبيل. وفي سنة خمس وتسعين فتح على الحجاج بن يوسف الصغد.
قرأت في تاريخ أبي محمد عبد الله بن أحمد الفرغاني ما ذكره في حوادث سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة قال: ورد على خزرون الأخشيدي كتاب ممن يكاتبه أنه وجد في هذا الشهر في جامع المصيصة أذج تحت الجامع مبني طبقين وفيه صناديق كثيرة فيها خمسة آلاف درع، يغطي الفارس، كل درع ببرنس معمول منه وبه، وخمسة آلاف جوشن وخمسة آلاف خوذة وخمسة آلاف ساعد حديد وخفاف حديد بساقات وخمسة آلاف رمح بأسنتها، ونفط ودهن بلسان وقسي كثيرة للرجل ونشاب وخوابي فيها كبود قد طبخت وجففت وطيبت للقوت في الحصار يقتات بها، وأنه وجد طابق حديد بحلقه فقلعت فوجد الأزج، ووجد إلى الأزج مكتوب من عهد عبد الملك بن مروان، وبعضه الحجاج بن يوسف وبعض هارون الرشيد.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا القاضي قال: حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال: حدثني أبي قال: أخبرني أحمد بن عبيد عن أبي عبيد عن أبي عبد الله محمد بن زياد الأعرابي قال: بلغني أنه كان من بني حنيفة يقال له جَحْدَر بن مالك، فتاكا شجاعا قد أغار على أهل حجر وناحيتها، فبلغ ذلك الحجاج بن يوسف، فكتب إلى عامله باليمامة يوبخه بتلاعب جحدر به، ويأمره بالاجتهاد في طلبه والتجرد في أمره، فلما وصل الكتاب إليه، أرسل إلى فتية من بني يربوع من بني حنظلة، فجعل لهم جعلا عظيماً إن هم قتلوا جحدراً، أو أتوا به أسيراً، فانطلق الفتية حتى إذا كانوا قريبا منه أرسلوا إليه أنهم يريدون الانقطاع إليه والتحزر به، فاطمأن إليهم، ووثق بهم، فلما أصابوا منه غرة، شدوه كتافا وقدموا به على العامل، فوجه به معهم إلى الحجاج، وكتب يثني عليهم خيراً، فلما دخل على الحجاج قال له: من أنت؟ قال: أنا جحدر بن مالك، قال: ما حملك على ما كان منك، قال: جرأة الجنان وجفاء السلطان، وكلب الزمان، فقال له الحجاج: وما الذي بلغ منك فيجترىء جنانك ويجفوك سلطانك ويكلب زمانك، قال: لو بلاني الأمير أكرمه الله، لوجدني من صالحي الأعوان وبهم الفرسان، ولوجدني من أنصح رعيته، وذلك أني ما لقيت فارسا قط إلا كنت عليه في نفسي مقتدرا. قال له الحجاج: إنا قاذفون بك في حائر فيه أسد عاقر ضار، فإن هو قتلك كفانا مؤونتك وإن أنت قتلته خلينا سبيلك، قال: أصلح الله الأمير أعظمت المنة وأعطيت المنية وقربت المحنة، فقال الحجاج: فإنا لسنا بتاركيك لتقاتله إلا وأنت مكبل بالحديد، فأمر به الحجاج فغلت يمينه إلى عنقه، وأرسل به إلى السجن، فقال جحدر لبعض من يخرج إلى اليمامة: تحمل عني شعرا وأنشأ يقول:
ألا قد هاجني فازددت شوقا ... بكاء حمامتين تجاوبان
تجاوبتا بلحن أعجمي على ... غصنين من غرب وبان
فقلت لصاحبي وكنت أحزو ... ببعض الطير ماذا تحزوان
فقالا الدار جامعة قريب ... فقلت: بل أنتما متمنيان
فكان البان إن بانت سليمى ... وفي الغرب اغتراب غير دان
أليس الليل يجمع أم عمرو ... وإيانا فذلك بنا تدان
بلى وترى الهلال كما تراه ... ويعلوها النهار إذا علاني
إذا جاورتما نخلات حجر ... وأودية اليمامة فانعياني
وقولا جحدر أمسى رهينا ... يحاذر وقع مصقول يماني
قال: وكتب الحجاج إلى عامله بكسكر أن يوجه إليه بأسد ضار عات، يجر على عجل، فلما ورد كتابه على العامل امتثل أمره، فلما ورد الأسد على الحجاج أمر به فجعل في حائر، وأجيع ثلاثة أيام، فأرسل إلى جحدر فأتي به من السجن ويده اليمنى مغلولة إلى عنقه، وأعطي سيفا والحجاج وجلساؤه في منظرة لهم، فلما نظر جحدر إلى الأسد أنشأ يقول:
ليث وليث في مجال ضنك ... كلاهما ذو أنف ومحك
وشدة في نفسه وفتك ... أن يكشف الله قناع الشك
فهو أحق منزل يترك
فلما نظر إليه الأسد، زأر زأرة شديدة، وتمطى واقبل نحوه، فلما صار منه على قدر رمح، وثب وثبة شديدة فتلقاه جحدر بالسيف فضربه ضربة، حتى خالط لباب السيف لهواته، فخر الأسد كأنه خيمة قد صرعتها الريح، وسقط جحدر على ظهره من شدة وثبة الأسد، وموضع الكبول، فكبر الحجاج والناس جميعا وأنشأ جحدر يقول:
يا جُمل إنك لو رأيت كريهتي ... في يوم هول مسدف وعجاج
وتقدمي لليث أرسف موثقا ... كيما أثاوره على الإحراج
شثن براثنه كأن نيوبه ... زرق المعاول أو شباه زجاج
يسمو بناظرتين تحسب فيهما ... لهبا أحدهما شعاع سراج
وكأنما خيطت عليه عباءة ... بُرقاء أو خرق من الديباج
لعلمت أني ذو حفاظ ماجد ... من نسل أقوام ذوي أبراج
ثم التفت إلى الحجاج فقال:
ولئن قصدت بي المنية عامدا ... إني لخيرك بعد ذاك لراج

علم النساء بأنني لا أنثني إذ ... لا يثقن بغيرة الأزواج
وعلمت أني إن كرهت نزاله ... أني من الحجاج لست بناج
فقال له الحجاج: إن شئت أسنينا عطيتك، وإن شئت خلينا سبيلك، قال: لا بل أختار مجاورة الحجاج أكرمه الله، ففرض له ولأهل بيته وأحسن جائزته.
قال القاضي: مسدف مظلم من السدفة، والرسف مشي المقيد، والبراثن مخالب الأسد، والشبا والشباة الأسنة. قال أبو بكر: البرقاء التي فيها سواد وبياض.
أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل وأبو الحسن بن أبي جعفر قراءة علينا من لفظه، قال أبو بكر: أخبرنا علي بن أبي محمد بن الحسين، وقال أبو الحسن أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن إجازة قالا: أخبرنا علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن المقرىء قال: أخبرنا أبو محمد العسالي قال: حدثنا أبو بكر الدينوري قال: وحدثنا إبراهيم بن نصر قال: حدثنا عبيد الله بن محمد قال: حدثنا حفص بن النضر السلمي قال: خطب الحجاج الناس يوماً فقال: أيها الناس الصبر عن محارم الله أيسر من الصبر على عذاب الله، فقام إليه رجل فقال: يا حجاج ويحك ما أصفق وجهك وأقل حياءك تفعل ما تفعل، ثم تقول مثل هذا؟ فأمر به فأخذ فلما نزل من على المنبر دعا به: لقد اجترأت علي، فقال له: يا حجاج أنت تجترئ على الله فلا تنكره على نفسك واجترئ أنا عليك فتنكره علي، فخلا سبيله.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بوش قال: أخبرنا أبو العز العكبري قال: أخبرنا أبو علي الجازري، قال: أخبرنا أبو الفرج الجريري، قال: حدثنا الحسين بن المرزبان النحوي، قال: حدثني علي بن محمد - يعني - المدائني عن أبي المضرجي قال: أمر الحجاج محمد بن المنتشر بن أخي مسروق بن الأجدع أن يعذب ازاذمرد بن الهربد فقال له ازاذمرد: يا محمد إن لك شرفا قديما وإن مثلي لا يعطي على الذل شيئا فاستأدني وارفق بي فاستأداه في جمعة ثلاثمائة ألف، فغضب الحجاج وأمر معدا صاحب العذاب أن يعذبه، فدق يده ورجليه فلم يعطهم شيئا.
قال محمد: فإني لأسير بعد ثلاثة أيام إذا أنا بازاذمرد معترضا علي بغل قد دقت يداه ورجلاه، فقال لي: يا محمد، فكرهت أن آتيه فيبلغ الحجاج، وتذممت من تركه إذ دعاني فدنوت منه فقلت: حاجتك؟ فقال: قد وليت مني مثل هذا فأحسنت إلي ولي عند فلان مائة ألف درهم فانطلق فخذها: قلت: لا والله لا آخذ منها درهما وأنت على هذه الحال، قال فإني أحدثك حديثا سمعت من أهل دينك يقولون: إذا أراد الله تعالى بالعباد خيرا أمطرهم في أوانه، واستعمل عليهم خيارهم وجعل المال عند سمحائهم، وإذا أراد بهم شرا أمطروا في غير ابانه، واستعمل عليهم شرارهم، وجعل المال في أشحائهم، ومضى، فأتيت منزلي فما وضعت ثيابي حتى جاءني رسول الحجاج فأتيته وقد اخترط سيفه فهو في حجره، فقال: ادن فدنوت قليلا، ثم قال: ادن، فقلت ليس بي دنو وفي حجر الأمير ما أرى أضحكه الله تعالى لي وأغمر السيف، فقال: ما قال لك الخبيث؟ فقلت: والله ما غششتك منذ استنصحتني ولا كذبتك منذ صدقتني ولا خنتك منذ ائتمنتني، فأخبرته بما قال فلما أردت ذكر الرجل الذي عنده المال، صرف وجهه وقال: لا تسمه، وقال: لقد سمع عدو الله الأحاديث.

وقال: أخبرنا المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا محمد بن دريد قال: حدثنا أحمد بن عيسى عن العباس بن هشام عن أبيه عن عوانة قال: خطب الحجاج الناس بالكوفة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أهل العراق تزعمون أنا من بقية ثمود، وتزعمون أني ساحر وتزعمون أن الله عز وجل علمني اسماً من أسمائه أقهركم وأنتم أولياؤه بزعمكم وأنا عدوه، فبيني وبينكم كتاب الله تعالى، قال عز وجل: " فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه " ، فنحن بقية الصالحين إن كنا من ثمود، وقال عز وجل: " إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى " والله أعدل في خلقه من أن يعلم عدوا من أعدائه اسما من أسمائه يهزم أولياءه. ثم حمى وكثر كلامه فتحامل على رمانة المنبر فحطمها فجعل الناس يتلاحظون بينهم وهو ينظر إليهم، فقال: يا أعداء الله ما هذا الترامز أنا حديا الظبي السانح والغراب الأبقع، والكوكب ذي الذنب، ثم أمر بذلك العود فأصلح قبل أن ينزل من المنبر. قال المعافى: قول الحجاج: أنا حديا الظبي فإنه أراد: إنا لثقتنا بالغلبة والاستعلاء نتحدى ارتفاع الظبي سانحا وهو أحمد ما يكون في سرعته ومضائه، والغراب الأبقع في تحدره وذكائه ومكره وخبثه ودهائه، وذا الذنب من الكواكب فيما ينذر من غرائب مكروه بلائه، والله ذو البأس الشديد، بالمرصاد ولحزبه وأوليائه.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل ومحمد بن أحمد القرطبي من لفظه. قال عتيق: أخبرنا علي بن الحسن، وقال محمد: أنبأنا عبد الله بن سيدة، قالا: أخبرنا أبو القاسم النسيب، قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، قال: حدثنا هاشم بن الوليد، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن الكلبي قال: سمعت الحجاج يقول: يزعم أهل العراق أني بقية ثمود، ونعم والله البقية ثمود ما كان مع صالح إلا المؤمنون.
اخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي، قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا إسماعيل بن أحمد بن عمر الحافظ بقراءتي عليه، قال: أخبرنا عبد الله بن الحسن بن محمد الخلال - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمران الجندي، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن بنان قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو منصور الصاغالي قال: حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال: حدثني أبو عبد الله الفراوي عن مالك بن دينار قال: ما رأيت أحدا أبين من الحجاج إن كان ليرقى المنبر فيذكر إحسانه إلى أهل العراق، وإساءتهم إليه، وتعديهم عليه حتى أقول في نفسي: إني لأحسبه صادقاً وإني لأظنهم ظالمين.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي، قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم، قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلال، قال: أخبرنا أبو طاهر بن محمود، قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرىء، قال: أخبرنا أبو عبيد الله أحمد بن عمرو الواسطي، قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعيد، قال: حدثني مسعود بن عمرو، قال حدثني أبو عمرو النحوي، قال: حدثنا أبو زيد الأنصاري عن أبي عمرو بن العلاء، قال: ما رأيت أحد أفصح من الحسن ومن الحجاج، فقلت: فأيهما كان أفصح: قال: الحسن.
أنبأنا أبو نصر قال: أخبرنا أبو القاسم: قال: قرأت على أبي غالب بن البناء عن أبي الفتح بن المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: ذكر سليمان بن أبي شيخ عن صالح بن سليمان قال: قال عتبة بن عمرو: ما رأيت عقول الناس إلا قريباً بعضها من بعض إلا الحجاج وإياس بن معاوية، فإن عقولهما كانت ترجح على عقول الناس.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي، قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي، قال: أخبرتنا فاطمة بنت أبي حكيم المؤدب قالت: أخبرنا علي بن الحسن بن أبي الفضل الأديب قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن خالد قال: أخبرنا علي بن العباس الجوهري قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني علي بن صالح قال: وخطب الحجاج أهل العراق بعد دير الجماجم فقال:

يا أهل العراق إن الشيطان قد استبطنكم فخالط اللحم والدم والأسماع والأطراف والأعضاء والشغاف، ثم أفضى إلى الأمخاخ والأسماخ، ثم ارتفع فعشعش، ثم باض وفرخ فحشاكم شقاقا ونفاقا، وأشعركم خلافا، اتخذتموه دليلا تتبعونه وقائدا تطيعونه، ومؤامرا تستشيرونه، فكيف تنفعكم تجربة، أو تعظكم موعظة، أو يحجزكم إسلام، أو يردكم تبيان، ألستم أصحابي بالأهواز حيث رمتم الكفر وسعيتم بالغدر واستجمعتم للمكر، وظننتم أن الله يخذل دينه وخلافته وأنا أرميكم بطرفي وأنتم تسللون لواذا وتنهزمون سراعا، ثم يوم الزاوية وما يوم الزاوية بها كان فشلكم وتسارعكم، وبراءة الله منكم ونكوص وليكم عليكم، إذ وليتم كالإبل الشوارد إلى أعطانها، النوافر إلى أوطانها، لا يسأل المرء عن أخيه ولا يلوي الشيخ على بنية، حتى عضكم السلاح وتقصف فيكم الرماح، ثم يوم الجماجم بها كانت المعارك والملاحم.
ضرب يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله
يا أهل العراق الكفرات بعد الفجرات، والغدرات بعد الخترات، والغزوات بعد النزوات، إن بعثتكم إلى ثغوركم غللتم وخرتم وخنتم وجبنتم، وإن أمنتم أرجفتم واخترصتم وطعنتم، ونافقتم، لا تذكرون حسنة ولا تشكرون نعمة، هل استخفكم ناكث أو استغواكم غاو أو اسستنفركم عاص أو استنفزكم ظالم أو استعضدكم خالع إلا اتبعتموه وآويتموه ونصرتموه، يا أهل العراق هل شغب، شاغب أو نعب ناعب، أو زفر زافر إلا كنتم أشياعه وأنصاره، ألم تنهكم المواعظ ألم تزجركم الوقائع؟!.
ثم التفت إلى أهل الشام فقال: أنا كالظليم الرامح عن فراخه ينفي عنها القذر، ويباعد عنها الحجر، ويقيها من المطر، ويحميها من الضباب، ويحرسها من الذئاب، يا أهل الشام أنتم الجنة والرداء، وأنتم العدة والحذاء.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله، قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش، قال: أخبرنا أبو علي الجازري، قال: أخبرنا المعافى بن زكريا، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكلبي، قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي قال: حدثنا محمد بن عبيد الله بن عباس بن عطاء - يعني - ابن مصعب عن عاصم قال: خطب الحجاج أهل العراق بعد دير الجماجم: فقال: يا أهل العراق إن الشيطان قد استنبطكم فخالط اللحم والدم والعصب والمسامع والأطراف ثم أفضى إلى الأسماخ والأمخاخ، ثم ارتفع فعشعش ثم باض وفرخ، ثم دب ودرج فحشاكم نفاقا وشقاقا وأشعركم خلافا، اتخذتموه دليلا تتبعونه، وقائدا تطيعونه، ومؤامرا تشاورونه، فكيف تنفعكم تجربة أو ينفعكم بيان، ألستم أصحابي بالأهواز حيث رمتم المكر، وأجمعتم على الكفر، وظننتم أن الله جل وعز يخذل دينه وخلافته، وأنا أرميكم بطرفي وأنتم تتسللون لواذا، وتنهزمون سراعا، يوم الزاوية بما كان من فشلكم وتنازعكم وتخاذلكم، وبراءة الله منكم، ونكوص وليكم إذ وليتم كالإبل الشاردة عن أوطانها، النوازع، لا يسأل المرء عن أخيه ولا يلوي الشيخ على بنيه، حين عضكم السلاح ونخستكم الرماح، يوم دير الجماجم، وما يلوم دير الجماجم، بها كانت المعارك والملاحم:
بضرب يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله
يا أهل العراق الكفرات بعد الفجرات، والعذرات بعد الخترات، والنزوة بعد النزوات إن بعثناكم إلى ثغوركم غللتم وجبنتم، وأن أمنتم أرجفتم، وإن خفتم نافقتم، لا يتذكرون نعمة ولا يشكرون معروف، هل استخفكم ناكث، أو استغواكم غاو، أو استفزكم عاص أو استنصركم ظالم أو استعضدكم خالع إلا لبيتم دعوته وأجبتم صيحته، ونفرتم إليه خفاقا وثقالا وفرسانا ورجالا، يا أهل العراق هل شغب شاغب، أو نعب ناعب، أو زفر زافر ألا كنتم اتباعه وأنصاره، ألم تنفعكم المواعظ، ألم تزجركم الوقائع، ألم يشدد الله عليكم وطأته، ويذقكم حر سيفه، وأليم بأسه ومثلاته.
ثم التفت إلى أهل الشام فقال: يا أهل الشام إنما أنا لكم كالظليم الرامح عن فراخه، ينفي عنها القذر، ويباعد عنها الحجر، ويكنها من المطر، ويحميها من الضباب ويحرسها من الذئاب، يا أهل الشام أنتم الجنة والرداء، وأنتم الملاءة والحذاء، أنتم الأولياء والأنصار، والشعار دون الدثار بكم يذب عن البيعة والحوزة وبكم ترمى كتائب الأعداء، ويهزم من عاند وتولى.

أخبرنا أبو الوحش عبد الرحمن بن أبي منصور الدمشقي أذنا ولقيته بدمشق قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي وحدثني أبو اسحاق إبراهيم بن طاهر الخشوعي عنه، قال: أخبرنا مشرف بن علي بن التمار، إجازة: قال: أخبرنا أبو خازم محمد بن الحسن بن محمد بن خلف بن الخضر قال: قرأت على محمد بن أحمد بن القاسم الضبي قال: حدثنا أحمد بن كامل - قراءة عليه - قيل له: حدثكم أبو العباس محمد بن يزيد المبرد - قال ابن كامل: وأنا أشك في سماعه - قال: حدثني التوزي في إسناد ذكره وآخره عبد الملك بن عمير الليثي قال: بينا نحن بالمسجد الجامع بالكوفة وأهل الكوفة يومئذ ذووا حال حسنة، يخرج الرجل منهم في العشرة والعشرين من مواليه، أتانا آت فقال: هذا الحجاج قد قدم أميرا على العراق: فإذا به قد دخل المسجد متعمما بعمامة قد غطا بها اكثر وجهه متقلدا سيفا متنكبا قوسا يؤم المنبر، فقام الناس نحوه حتى صعد المنبر، فمكث ساعة لا يتكلم، فقال الناس بعضهم لبعض قبح الله بني أمية، حيث تستعمل مثل هذا على العراق، فقال عمير بن ضابي البرجمي: ألا أحصبه لكم؟ قالوا: أمهل حتى ننظر، فلما رأى عيون الناس إليه، حسر اللثام عن فيه، ونهض فقال:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني
والله يا أهل الكوفة إني لأرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها كأني أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحا.
هذا أوان الشد فاشتدى زيم ... قد لفها الليل بسواق حطم
ليس براعي إبل ولا غنم ... ولا بجرار على ظهر وضم
قد لفها الليل بعصلبي ... أروع خراج من الدوي
مهاجر ليس بأعرابي
قد شمرت عن ساقها فشدوا ... وجدت الحرب بكم فجدوا
والقوس فيها وتر عرد ... مثل ذراع البكر أو أشد
إني والله يا أهل العراق ما يقعقع لي بشنان ولا يغمز جانبي كغمز التين، ولقد فررت عن ذكاء وفتشت عن تجربة، وإن أمير المؤمنين نثر كنانته فعجم عيدانها فوجدني أمرها عودا وأصلبها مكسرا، فرماكم بي لأنكم طال ما أوضعتم في الفتنة، واضطجعتم في مراقد الضلال، والله لأحزمنكم حزم السلمة، ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل، فإنكم لكأهل قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف وإني والله ما أقول إلاّ وفيت، ولا أهم إلا أمضيت ولا أحلق إلا فريت، وإن أمير المؤمنين أمرني بإعطائكم وأن أوجهكم لمحاربة عدوكم مع المهلب بن أبي صفرة، وإني أقسم بالله لا أجد رجلا تخلف بعد أخذ عطائه بثلاثة أيام إلا ضربت عنقه، يا غلام اقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم: من عبد الله عبد الملك أمير المؤمنين إلى من بالكوفة من المسلمين سلام عليكم.
فلم يقل أحد شيئا، فقال الحجاج: اكفف يا غلام، ثم أقبل على الناس فقال: أسلم عليكم أمير المؤمنين فلم تردوا عليه شيئا؟ هذا أدب ابن نهيه، أما والله لأؤدبنكم غير هذا الأدب، أو لتستقيمن، اقرأ يا غلام كتاب أمير المؤمنين، فقرأ فلما بلغ إلى قوله: سلام عليكم، لم يبق في المسجد أحد إلا قال: وعلى أمير المؤمنين السلام، ثم نزل فوضع للناس أعطياتهم، فجعلوا يأخذون حتى أتاه شيخ يرعش كبرا فقال: أيها الأمير إني من الضعف على ما ترى، ولي ابن هو أقوى على الأسفار مني، أفتقبله مني بديلا؟ فقال له الحجاج: تفعل أيها الشيخ، فلما ولى قال له قائل: أتدري من هذا أيها الأمير؟ قال: لا، قال هذا عمير بن ضابىء البرجمي الذي يقول أبوه:
هممت ولم أفعل وكدت وليتني ... تركت على عثمان تبكي حلائله
ودخل هذا الشيخ على عثمان مقتولا، فوطئ بطنه فكسر ضلعين من أضلاعه فقال: ردوه، فلما رد قال له الحجاج: أيها الشيخ هلا بعثت إلى أمير المؤمنين عثمان بديلا يوم الدار، إن قتلك أيها الشيخ صلاح للمسلمين، يا حرسي اضربا عنقه، فجعل الرجل يضيق عليه بعض أمره فيرتحل، ويأمر وليه أن يلحقه بزاده، وفي ذلك يقول ابن عبد الله بن الزبير الأسدي.
تجهز فإما أن تزور ابن ضابىء عميرا وإما أن تزور المهلبا
هما خطتا خسف نجاؤك منهما ... ركوبك حوليا من الثلج أشهبا

فأضحى ولو كانت خراسان دونه ... رآه مكان الشوق أو هو أقربا
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم بن أبي الجن قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان، قال: حدثنا أبو سعيد الأزدي يعني الحسن بن الحسين السكري قال: سمعت الزيادي أبو اسحاق يقول: سمعت الأصمعي يقول: أرجف الناس بموت الحجاج فخطب فقال: إن طائفة من أهل العراق والشقاق والنفاق نزع الشيطان بينهم، فقالوا: مات الحجاج، ومات الحجاج، فمه؟ وهل يرجو الحجاج الخير إلاَّ بعد الموت، والله ما يسرني إلاَّ أن أموت وإن لي الدنيا وما فيها، وما رأيت الله رضي التخليد إلا لأهون خلقه عليه إبليس حيث قال إنك لمن المنظرين فأنظره إلى يوم الدين، ولقد دعا الله العبد الصالح فقال: " هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي " فأعطاه ذلك إلاَّ البقاء، فما عسى أن يكون أيها الرجل وكلكم ذلك الرجل كأني والله بكل حي منكم ميتا، وبكل رطب يابسا ثم نقل في ثياب أكفانه إلى ثلاثة أذرع طولا في ذراع عرضا، فأكلت الأرض لحمه ومصت صديده وانصرف الحبيب من ولده يقسم الحبيب من ماله، إن الذين يعقلون يعقلون ما أقول. ثم نزل.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين بالقاهرة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء في كتابه عن أبي اسحاق الحبال، وخديجة المرابطة - قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد بن عمر قال: أخبرنا أبو الحسن بن الحسين بن بندار، وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني جدي أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار - قال: حدثنا محمود بن محمد الأديب، قال: حدثنا أبو القاسم علي بن الحسن بن بيان قال: حدثنا شبابة بن سوار قال: حدثنا أبو بكر الهذلي قال: مرض الحجاج، فقال الناس: مات. فأفاق فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أهل العراق والشقاق والنفاق والمراق، قلتم مات الحجاج فمه؟ فوالله ما سرني أني ممن لا يموت، والله ما رضي الله البقاء إلاَّ لأهون خلقه إبليس، ولقد سأل الله العبد الصالح سليمان فقال: " رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي " ، فأعطاه الله ذلك كله، ثم صار إلى الموت. أيها الرجل وكلكم ذلك الرجل، كأني بك وقد انطلق بك على سريرك إلى ثلاث أذرع من الأرض في ذراعين، ثم سن عليك التراب سنا، فأكلت الديدان لحمك، ومصت دمك، ورجع الحبيبان أحدهما يقسم للآخر: حبيبك من ولدك يقسم حبيبك من مالك، ثم يمرون بحبوة قبرك بعد ثالثة فإنهم لم يعرفوك، أما أن الذين يعلمون، يعلمون ما أقول.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت أبي حكيم الخبري قالت: أخبرنا علي بن الحسن الشاعر، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن خالد الكاتب، قال: أخبرنا أبو محمد بن المغيرة قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي قال: حدثنا الزبير بن بكار، قال: حدثني علي بن صالح عن عامر بن صالح قال: مرض الحجاج مرضا شديدا، فارجف أهل العراق بموته، فخرج مندملا من مرضه حتى أوفى على ذروة المنبر فقال: ألا إن أهل العراق أهل الشقاق والنفاق نفخ الشيطان في مناخرهم، فقالوا: مات الحجاج ومات الحجاج، وإن مت فمه؟ والله ما أحب إلا بعد الموت، وما رأيت الله علا ذكره وتقدست أسماؤه رضي التخليد لأحد من خلقه إلا لأخسهم وأهونهم عليه إبليس، ولقد سأل العبد الصالح ربه فقال: " هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي " ففعل، ثم اضمحل فكأن لم يكن، يا أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، والله لكأني بي فيكم قد صار كل حي منا ميتاً، وكل رطب يابساً، ونقل امرؤ في ثياب طهره إلى أربع أدرع طولا في ذراعين عرضا، وأكلت الأرض شعره وبشره، ومصت صديده ودمه، ورجع الحبيبتان أهله وولده، يقتسمان حبيبه من ماله، ألا أن الذين يعلمون ما أقول حقاً، ثم نزل.

أخبرنا عبد الغني بن سليمان بن بنين قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد قال: أخبرنا ابو الحسن بن الفراء - إجازة - قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الضراب، ح.
وأخبرنا عتيق السلماني وأبو الحسن بن أحمد - من لفظه، قال عتيق: أخبرنا علي بن أبي محمد، وقال أبو الحسن: أنبأنا عبد الله بن صابر - قالا: أخبرنا أبو القاسم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قالا: أخبرنا الحسن بن إسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا يوسف بن عبد الله الحلواني قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا الحسن الحفري قال: سمعت مالك بن دينار يقول: سمعت الحجاج على هذه الأعواد وهو يقول: امرؤ وزن عمله، امرؤ حاسب نفسه، امرؤ فكر فيما يقرأه في صحيفته ويراه في ميزانه، وكان عند قلبه زاجرا، وعند همه آمراً، امرؤ أخذ بعنان عمله كما يأخذ بخطام جمله، فإن قاده إلى طاعة الله تبعه، وإن قاده إلى معصية الله كفّه.
أخبرنا أبو القاسم بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء في كتابه عن أبي اسحاق الحبال وخديجة المرابطة - قال الحبال: أخبرنا عبد الجبار بن أحمد قال: أخبرنا الحسن بن الحسين بن بندار، وقالت خديجة: أخبرنا يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني جدي علي بن الحسين بن بندار - قالا: حدثنا محمود بن محمد الأديب قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أخت هاني قال: أخبرني الحسن بن عرفة بن زياد بن السكن عن الشعبي قال: سمعت الحجاج على المنبر يقول: أما بعد فإن الله كتب على الدنيا الفناء، وعلى الآخرة البقاء، فلا فناء لما كتب عليه البقاء، ولا بقاء لما كتب عليه الفناء، فلا يغرنكم شاهد الدنيا عن غائب الآخرة، واقهروا طول الأمل بقصر الأجل.
وقال: حدثنا محمود بن الأديب قال حدثنا الحنفي، يعني أحمد بن الأسود قال حدثنا رفيع بن سلمة العبدي عن أبي عبيدة قال: خطب الحجاج فقال: والله ما يسرني ما مضى لي من الدنيا بعمامتي هذه ولما بقي منها أشبه بما مضى من الماء بالماء.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم الإربلي بحلب قال: أخبرتنا شهدة بنت أحمد الفرج قالت: أخبرنا طراد بن محمد الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران، قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، قال: حدثني محمد بن عمر بن علي الثقفي، قال: حدثني عبيد بن حسين بن ذكوان المعلم عن سلام بن مسكين، قال: خطب الحجاج، - أو قال: خطبنا - فقال: أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، زموا أنفسكم، واخطموها بأزمتها إلى طاعة الله، وكفوها بخطمها عن معصية الله.
وقال حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني أبو محمد التيمي قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا شهاب بن خراش قال: حدثنا سيار أبو الحكم قال: سمعت الحجاج بن يوسف على المنبر يقول: يا أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، رجل خطم نفسه وزمها فقادها بخطامها إلى طاعة الله وعنجها بزمامها عن معاصي الله.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا ثابت بن بندار بن إبراهيم، قال: أخبرنا أبو تغلب عبد الوهاب بن علي بن الحسن الملحمي، قال: حدثنا المعافى بن زكريا الجريري - إملاءٍ - قال: حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال: أخبرنا بن يحيى قال: حدثنا عمر بن شبة عن أشياخه قال: لما ولى عبد الملك بن مروان الحجاج بن يوسف العراق، اتصل به سرفه في القتل، وأنه أعطى أصحابه الأموال، فكتب إليه عبد الملك.
أنا بعد: فقد بلغني سرفك في الدماء، وتبذيرك الأموال، وهذا لا أحتمله لأحد من الناس، وقد حكمت فيك في القتل في العمد بالقود، وفي الخطأ بالدية، وأن ترد الأموال إلى مواضعها، فإنما المال مال الله عز وجل، ونحن خزانه، وسيان منع حق وإعطاء باطل فلا يؤمننك إلا بالطاعة ولا يخيفك إلا المعصية، وكتب في أسفل الكتاب:
إذا أنت لم تترك أموراً كرهتها ... وتطلب رضاي في الذي أنت طالبه
وتخشى الذي يخشاه مثلك هارباً ... إلى الله منه ضيَّع الدر جالبه
فإن تر مني غفلة قرشية فيا ... ربما قد غص بالماء شاربه

وإن تر مني وثبة أموية فهذا ... وهذا كله أنا صاحبه
فلا تعد ما يأتيك مني فإن تعد ... تقم فاعلمن يوماً عليك نوادبه
فلما ورد الكتاب على الحجاج وقراه، كتب جوابه.
أما بعد: فقد جاءني كتاب أمير المؤمنين يذكر فيه سرفي في الدماء، وتبذيري الأموال، فوالله ما بالغت في عقوبة أهل المعصية، ولا قضيت حق أهل الطاعة، فإن يكن قتلي للعصاة سرفاً وإعطائي أهل الطاعة تبذيراً، فليمض لي أمير المؤمنين ما سلف، وليحدد لي أمير المؤمنين فيما يحدث حداً أنتهي إليه ولا أتجاوزه، وكتب في أسفل الكتاب:
إذا أنا لم أطلب رضاك وأتقي ... أذاك فيومي لا توارت كواكبه
إذا قارف الحجاج فيك خطيئة ... فقامت عليه في الصباح نوادبه
أسالم من سالمت من ذي هوادة ... ومن لم تسالمه فإني محاربه
إذا أنا لم أدن الشفيق لنصحه ... وأقصي الذي تسري إلي عقاربه
فمن يتقي يومي ويرجو إذاً غدي ... على ما أرى والدهر جماً عجائبه
أنبأنا أحمد بن أزهر بن السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري عن أبي محمد الجوهري عن أبي عبيد الله المرزباني قال في معجم الشعراء: كتب إليه - يعني الحجاج - عبد الملك بن مروان بأبيات ينكر عليه فيها إسرافه في الدماء والأموال، فأجابه الحجاج:
إذا أنا لم أطلب رضاك وأتقي ... أذاك فيومي لا توارى كواكبه
وما لامرىء يعصي الخليفة جنة ... تقيه من الأمر الذي هو راهبه
أسالم من سالمت من ذي قرابة ... وإن لم تسالمه فإني محاربه
إذا قارف الحجاج فيك خطيئة ... فقامت عليه في الصباح نوادبه
إذا أنا لم أدن الشفيق لنصحه ... وأقص الذي تسري إليك عقاربه
وأعطي المواسي في البلاء عطية ... ترد الذي ضاقت عليه مذاهبه
فمن يتقي يومي ويرعى مودتي ... ويخشى غدي والدهر جم عجائبه
والأمر إليك اليوم ما قلت قلته ... وما لم تقله لم أقل ما يقاربه
فقف بي على حد الرضا لا أجوزه ... يد الدهر حتى يرجع الدر حالبه
وإلا فذرني والأمور فإنني ... رفيق شفيق أحكمته تجاربه
قال المرزباني: وله أيضا جواب لعبد الملك أوله:
لعمري لقد جاء الرسول بكتبكم ... قراطيس تملأ ثم تطوى فتطبع
كتاب أتاني فيه لين وغلظة ... وذكِّرت والذكرى لذي اللب تنفع
قال وهي أبيات.
وأخبرنا بها أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن بوش قال أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا القاضي قال: حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم قال: أخبرنا أبو عبيدة قال: لما قتل الحجاج بن الأشعث وصفت له العراق قدَّم قيساً، واتسع في إنفاق الأموال، فكتب إليه عبد الملك.
أما بعد: فقد بلغ أمير المؤمنين أنك تنفق في اليوم ما لا ينفقه أمير المؤمنين في أسبوع، وتنفق في أسبوع ما لا ينفقه أمير المؤمنين في الشهر:
عليك بتقوى الله في الأمر كله ... وكن لوعيد الله تخشى وتضرع
ووفر خراج المسلمين وفيئهم ... وكن لهم حصنا تجير وتمنع
فكتب إليه الحجاج:
لعمري لقد جاء الرسول بكتبكم ... قراطيس تملى ثم تطوى فتطبع
كتاب أتاني فيه لين وغلظة ... وذكِّرت والذكرى لذي اللب تنفع
وكانت أمور تعتريني كثيرة ... فأرضخ أو أعتل حيناً فأمنع
إذا كنت سوطاً من عذاب عليهم ... ولم يك عندي في المنافع مطمع
أيرضى بذاك الناس أم يسخطونه ... أم أحمد فيهم أم ألام فأقذع
وكانت بلاد جئتها حيث جئتها ... بها كل نيران العداوة تلمع
فقاسيت منها ما علمت ولم أزل ... أضارع حتى كدت بالموت أضرع
فكم أرجفوا من رجفة قد سمعتها ... ولو كان غيري طار مما يروَّع

وكنت إذا هموا بإحدى هناتهم ... حسرت لهم رأسي ولا أتقنع
فلو لم تزد عني صناديد منهم ... تقسَّم أعضائي ذئاب وأضبع
فكتب إليه عبد الملك: اعمل برأيك.
أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل السلماني قال: اخبرنا أبو القاسم الدمشقي، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم العلوي قال أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن عيسى المؤدب قال: حدثنا ابن عائشة عن أبيه قال: خطب الحجاج يوما ثم أنشد قول سويد بن أبي كاهل:
كيف ترجون سقاطي بعدما ... جلل الرأس بياض وصلع
ربَّ من أنضحت غيظاً صدره ... لو تمنى لي موتاً لم يطع
ويراني كالشجا في صدره ... عسراً مخرجه لا ينتزع
جرذ يخطر ما لم يرني فإذا ... أسمعه صوتي انقمع
لم يضرني غير أن يحسدني ... فهو يزقو مثل ما يزقو الضرع
ويحييني إذا لاقيته ... وإذا يخلو له لحمي رتع
قد كفاني الله ما في نفسه ... وإذا ما يكف شيئاً لم يضع
أخبرنا أبو الحجاج بن خليل الآدمي قال: أخبرنا أبو الحسن مسعود بن أبي منصور محمد بن الحسن الجمال قال: أخبرنا أبو منصور محمود بن إسماعيل الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسين بن فادشاه قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدثنا أحمد بن يحيى ثعلب قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني عبد الله بن إبراهيم الجمحي قال: حدثني سعيد بن سلم، قال: كان الحجاج بن يوسف ينشد قول مالك بن أسماء بن خارجة:
يا منزل الغيث بعدما قنطوا ... ويا ولي النعماء والمنن
يكون ما شئت أن يكون وما ... قدَّرت أن لا يكون لم يكن
يا جارة الحي كنت لي سكناً ... وليس بعض الجيران بالسكن
أذكر من جارتي ومجلسها ... طرائفاً من كلامها الحسن
ومن حديثٍ يزيدني مقةً ... ما لحديث الموموق من ثمن
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء في كتابه عن أبي اسحاق الحبال وخديجة المرابطة - قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد.
قال: أخبرنا أبو بكر بن الحسين بن بندار، وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني جدي علي بن الحسين - قالا: حدثنا محمود بن محمد الأديب قال: حدثنا عبيد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن سلام قال: حدثنا أبو كثير عبد القاهر بن السري قال: كتب الحجاج إلى قتيبة بن مسلم.
أما بعد: فإني نظرت في سنيك فوجدتها مثل سني وكتب:
وإن امرأ قد سار خمسين حجة ... إلى منهل من ورده لقريب
إذا ما مضى القرن الذي كنت فيهم ... وخلفت في قرنٍ فأنت غريب
وما الدنيا إلا كما قال الشاعر:
أراها وإن كانت تحب فإنها ... سحابة صيف عن قليل تقشَّع
أخبرنا عتيق السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد، ح.
وحدثنا محمد بن أحمد قال: أنبأنا عبد بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا علي ابن إبراهيم قال: أخبرنا أبو الحسن العدل قال: أخبرنا أبو محمد بن إسماعيل قال: أخبرنا أبو بكر الدينوري قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا هارون بن معروف قال: حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال: ربما دخل الحجاج على دابته حتى يقف على حلقة الحسن، فيسمع إلى كلامه، فإذا أراد أن ينصرف يقول: يا حسن لا تمل الناس، قال: فيقول الحسن: أصلح الله الأمير، إنه لم يبق إلا من لا حاجة له.
وقال: أخبرنا أبو بكر الدينوري قال: حدثنا إبراهيم الحربي قال: حدثنا أبو سلمة قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: حدثنا علي بن زيد قال: قيل لسعيد بن المسيب: ما بال الحجاج لا يهيجك كما يهيج الناس؟ قال: لأنه دخل المسجد مع أبيه فصلى فأساء صلاته فحصبته، فقال الحجاج: لا أزال أحسن صلاتي ما حصبني سعيد.

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي بدمشق، وأبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: اخبرنا أبو اسحاق البرمكي قال: أخبرنا أبو محمد بن ماسي قال حدثنا أبو مسلم الكجي، قال حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري - قال ابن عون: حدثنيه - قال: دخلت أنا ومسلم البطين على أبي وائل فقلنا لجارية له يقال لها بريرة: قولي لأبي وائل يحدثنا ما سمع من عبد الله بن مسعود، فقالت: يا أبا وائل حدث القوم ما سمعت من ابن مسعود، قال: سمعت ابن مسعود يقول: أيها الناس إنكم مجموعون في صعيد واحد يسعكم الداعي وينفذكم البصر ألا وإن الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من وعظ بغيره، فقلنا لها: قولي له بما تشهد على الحجاج؟ قالت: يا أبا وائل بما تشهد على الحجاج، تشهد أنه في النار؟ فقال: سبحان الله أحكم على الله عز وجل.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل، ومحمد بن أحمد - قراءة من لفظه. قال عتيق: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن، وقال محمد: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن محرز قال: حدثنا عبد العزيز بن منيب عن عبد الله بن عثمان بن عطاء الخراساني قال: حدثني شهاب بن خراش قال: حدثني عمي يزيد بن حوشب قال: بعث إلي المنصور أبو جعفر فقال: حدثني بوصية الحجاج بن يوسف، فقلت: أعفني يا أمير المؤمنين، قال حدثني بها، فقلت: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به الحجاج بن يوسف: أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله وأنه لا يعرف إلا طاعة الوليد بن عبد الملك عليها يحيى، وعليها يموت، وعليها يبعث وأوصى بتسعمائة درع حديد: ستمائة منها لمنافقي أهل العراق يغزون بها، وثلاثمائة للترك.
قال: فرفع أبو جعفر رأسه إلى العباس الطوسي، وكان قائما على رأسه، فقال: هذه والله الشيعة لا شيعتكم.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين المصري قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء - في كتابه عن أبي اسحاق الحبال، وخديجة المرابطة، قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار، وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار. قال حدثني جدي أبو الحسن بن الحسين بن بندار - قالا: حدثنا محمود بن محمد الأديب، قال: حدثنا علي بن عمر النفيلي قال: حدثنا أبو مسهر قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال: قال عمر بن عبد العزيز: ما حسدت أحدا على شيء قط إلا الحجاج، حسدته على اثنتين: حبه للقرآن وإعطائه، وقوله عند موته اللهم إن الناس يزعمون أنك لا تغفر لي، فاغفر لي.
وقالا: حدثنا محمود الأديب قال: حدثنا حنش بن موسى قال: أخبرنا المادئني عن جويرية أن الحجاج قال عند الموت: اللهم أغفر لي، فإن هؤلاء يزعمون أنك لا تغفر لي. فبلغت الحسن كلمته قال: أو قالها؟ قالوا: نعم قال: عسى.
وقالا: حدثنا محمود قال: حدثنا عبيد الله بن محمد قال: حدثنا علي بن الجعد قال: أخبرنا الماجشون عن الزهري قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: ما آسي إلا على كلمة بلغني أن الحجاج قالها عند موته: اللهم اغفر لي فإن الناس يزعمون أنك لا تغفر لي.
وقالا: حدثنا محمود قال: حدثنا عبد الله بن الهيثم قال: أخبرنا الوليد بن هشام قال: لما احتضر الحجاج بن يوسف جعل يقول: لئن كنت على ضلالة بئس حين المنزع، ولئن كنت على هدى لبئس حين المجزع.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني عن أبي الحسن علي بن المسلم الفقيه قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو علي بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: حدثنا محمد بن جعفر بن ملاس قال: حدثنا ربيعة بن الحاريث الحمصي قال: حدثنا سليمان بن سلمة قال حدثنا محمد بن حمير قال: حدثنا عبد الملك قال: حدثنا الأحوص بن حكيم العبسي عن أبيه عن جده قال: حضرت نزيع الحجاج بن يوسف، فلما حضره الموت جعل يقول: ما لي ولك يا سعيد بن جبير.

أخبرنا أبو المظفر يوسف بن عبد الله سبط الجوزي بحلب قال: أخبرنا جدي أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد قال: أخبرنا إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن الفضل بن نظيف قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المقري قال: حدثنا حرملة بن عمران قال: حدثنا ابن ذكوان أن الحجاج بعث إلى سعيد بن جبير فأصابه الرسول بمكة، فلما سار به الرسول ثلاثة أيام رآه يصوم نهاره، ويقوم ليله، فقال له الرسول: والله إني لأعلم أني أذهب بك إلى من يقتلك، فاذهب أي الطريق شئت، فقال له سعيد: إنه سيبلغ الحجاج أنك أخذتني، وإن خليت عني خفت أن يقتلك. قال: اذهب بي إليه، فذهب به، فلما دخل قال له الحجاج: ما أسمك؟ قال سعيد بن جبير، فقال شقي بن كسير، فقال: أمي سمتني، قال شقيت، قال: الغيب يعلمه غيرك قال: الحجاج أما والله لأبدلنك من دنياك نارا تلظى، قال: لو علمت أن ذلك إليك ما اتخذت إلهاً غيرك. فسأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى أن قال: ما تقول في؟ قال: أنت بنفسك أعلم، قال: بثَّ فيّ علمك قال: إذا أسؤوك ولا أسرك، قال: بثّ قال: نعم ظهر منك جور في حد الله وجرأة على معاصيه بقتلك أولياء الله عز وجل، قال: والله لأقطعنك قطعا، قال: إذا تفسد علي دنياي وأفسد عليك آخرتك والقصاص أمامك، قال: الويل لك، قال: الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار، قال: اذهبوا به فاضربوا عنقه قال سعيد: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد عبده ورسوله، فلما ذهبوا به ليقتل تبسم، فقال الحجاج: مم ضحكت؟ قال: من جرأتك على الله عز وجل قال: أضجعوه للذبح، فاضجع، فقال: وجعت وجهي للذي فطر السموات والأرض. فقال: أقلبوا ظهره إلى القبلة، فقرأ سعيد: منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى، فذبح فبلغ ذلك الحسن فقال: اللهم يا قاصم الجبابرة اقصم الحجاج فما بقي إلا ثلاثة، وقع في جوفه الدود ومات.
وقال ابن المسلم أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن بندار الشيرازي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن لال الهمذاني قال: حدثنا أوس بن أحمد قال: حدثنا محمد بن اسحاق السراج قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا احمد بن عبد الله التميمي قال: لما مات الحجاج بن يوسف لم يعلم بموته حتى أشرفت جارية فبكت فقالت: ألا إن مطعم الطعام ومفلق الهام، وسيد أهل الشام قد مات، ثم أنشأت تقول:
اليوم يرحمنا من كان يغبطنا ... واليوم يأمننا من كان يخشانا
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثني محمود بن خالد وغيره قالا: حدثنا يزيد بن عبد ربه قال: حدثنا عمير بن المغلس قال: حدثني أيوب بن منصور قال: سمعت عمرو بن قيس يقول: قال لي الحجاج: متى كان مولدك يا أبا ثور؟ قلت: عام الجماعة سنة أربعين، قال وهي مولدي، قال فتوفي الحجاج سنة خمس وتسعين، وتوفي عمرو بن قيس سنة أربعين، كذلك أخبرني محمود الصواب أبو منصور.
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد قال: أخبرنا أبو طاهر بن محمود قال: أخبرنا أبو بكر بن المقري قال: حدثنا أبو الطيب محمد بن جعفر قال: أخبرنا عبيد الله بن سعد الزهري قال: قال أبي: ثم توفي الحجاج لأربع وعشرين من رمضان - يعني - سنة خمس وتسعين.
قال: وحدثنا عبيد الله بن سعد قال: حدثنا هارون بن معروف قال: حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال: ولي الحجاج العراق وهو ابن ثلاثة وثلاثين: ومات وهو ابن ثلاثة وخمسين سنة.
أنبأنا القاضي أبو القاسم بن محمد بن أبي الفضل عن أبي محمد عبد الكريم ابن حمزة السلمي عن عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا مكي بن محمد قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: حدثنا الهروي قال: قرأت على الرشيدي أن موسى بن هارون البردي حدثهم قال: سمعت ابن عيينة يقول: مات الحجاج سنة خمس وتسعين في شوال وهو يومئذ ابن أربع وخمسين.
قال: وأخبرنا أبي أبو محمد قال: حدثنا إسماعيل هو ابن اسحاق قال: قال ابن المديني: مات الحجاج سنة خمس وتسعين.

أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إذنا إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل بن اسحاق قال: حدثني أبو عبد الله قال: حدثني - يعني - ابن سعيد قال: مات الحجاج بن يوسف سنة خمس وتسعين.
وقال: حدثنا حنبل قال: وحدثنا هارون بن معروف قال: حدثنا ضمرة قال: قال ابن شودب: ولي الحجاج العراق وهو ابن ثلاث وثلاثين، ومات وهو ابن ثلاث وخمسين.
قال: وحدثنا أبو نعيم قال: والحجاج بن يوسف في سنة خمس وتسعين، مات في رمضان ليلة سبع وعشرين، وولي سنة خمس وسبعين.
قال: وقال أبو نعيم: قدم الحجاج الكوفة وهو ابن ثلاث وثلاثين، وولينا عشرين سنة، ومات وهو ابن ثلاث وخمسين.
وقال ابن السميرقندي: أخبرنا أبو الحسين بن النقور، وأبو منصور بن العطار قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن قال: حدثنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا الأصمعي قال: توفي الحجاج وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، وولي العراق عشرين سنة.
قال: وحدثنا الأصمعي قال: حدثنا سهل بن أبي الصلت قال: مات الحجاج في رمضان سنة خمس وتسعين.
وقال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو الفضل عمر بن عبيد الله قال: أخبرنا عبد الواحد بن محمد بن عمر قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن اسحاق قال: حدثنا إسماعيل بن اسحاق قال: سمعت علي بن المديني يقول: مات الحجاج سنة خمس وتسعين، وفيها مات إبراهيم، وفيها قتل سعيد بن جبير.
وقال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو بكر بن اللالكاى قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: قال ابن بكير: هلك الحجاج في سنة خمس وتسعين، وهلك الوليد سنة ست وتسعين.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي - فيما أذن لنا أن نرويه - قال: أخبرنا علي بن الحسن بن أبي الحسين قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة العصفري قال: وفيها - يعني سنة خمس وتسعين - مات الحجاج في شهر رمضان وهو ابن ثلاث وخمسين.
أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن محمد قال: حدثنا أحمد بن الحسين قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن إسماعيل قال: قال يحيى بن سعيد: مات الحجاج سنة خمس وتسعين.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات لأنماطي - إذناً إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: ولي الحجاج العراق سنة سبعين فأقام بالكوفة خمس سنين وأقام بواسط عشرين سنة ومات في سنة خمس وتسعين.
أنبأنا الكندي عن أبي عبد الله بن البناء عن أبي تمام عن أبي عمر الخزار قال: أخبرنا محمد بن القاسم قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال أخبرنا سليمان بن أبي شيخ قال: وقال أبو سفيان الحميري: ولي الحجاج العراق عشرين سنة، قدمها سنة خمس وسبعين، ومات سنة خمس وتسعين في شهر رمضان ليلة سبع وعشري، ولي في خلافة عبد الملك بن مروان إحدى عشرة سنة، وتسع سنين في خلاقة الوليد، وكان الحجاج ولي الحجاز ثلاث سنين، وله ثلاثون سنة، ثم ولي العراق فمات وله ثلاث وخمسون سنة ودفن بواسط.
قرأت في تاريخ سعيد بن كثير بن عفير: ثم كانت سنة أربع وسبعين ففيها قدم الحجاج إلى الكوفة، ومنهم من قال قدمها في رجب سنة خمس وسبعين، وقال ثم كانت خمس وتسعين، وفيها مات الحجاج بن يوسف بواسط، وكان يكنى أبا محمد، مات لأربع بقين من شهر رمضان، ومنهم من قال لثلاث خلون من شهر رمضان، وقد بلغ من السن ثلاث وخمسين سنة.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة قال: أخبرنا علي بن أبي محمد بن هبة الله، ح.

وحدثنا أبو الحسن بن أحمد، عن عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا علي بن إبراهيم الحسيني قال: أخبرنا أبو الحسن المقري قال: حدثنا إبراهيم الحربي قال: حدثنا هارون بن معروف قال: حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال: لما مات الحجاج قال الحسن البصري: اللهم قد أمته فأمت عنا سننه، ثم قال: إن الله عز وجل قال لموسى عليه السلام: ذكر بني إسرائيل أيام الله، وقد كانت عليكم أيام كأيام القوم.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم أكن سماعاً - قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: حدثنا علي بن زيد قال: كنت عند الحسن فجاءه رجل فقال: مات الحجاج فسجد الحسن.
وقال أبو القاسم بن السمرقندي: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: وحدثنا يعقوب قال: حدثني ابن نمير، قال: حدثنا ابن إدريس عن إسماعيل بن حماد عن أبيه قال: بشرت إبراهيم بموت الحجاج فبكى، وقال ما كنت أرى أحداً يبكي من الفرح.
أنبأنا المؤيد بن محمد الطوسي عن أبي عبد الله الفراوي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو طاهر الفقيه قال: أخبرنا أبو بكر القطان قال: حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن ابن طاووس قال: دخل رجل على أبي فقال: مات الحجاج بن يوسف يا أبا عبد الرحمن، قال: فقال له أبي أربعوا على أنفسكم، حبس رجل عليه لسانه، وعلم ما يقول، فقال له الرجل: يا أبا عبد الرحمن برح الخفاء هذه نساء وافد بن سلمة قد نشرن أشعارهن وخرقهن ثيابهن ينحن عليه، قال: أفعلوا؟ قال: نعم قال: فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين.
أخبرنا المؤتمن أبو القاسم بن قميرة التاجر البغدادي - قراءة عليه بمنزلي بحلب - قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج البغدادية قالت: أخبرنا النقيب أبو الفوارس طراد بن محمد الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسن بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا القرشي قال: حدثني عبد الرحمن بن أخي الأصمعي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبو عمرو بن العلاء قال: هربت من الحجاج وكنت باليمن على سطح يوماً فسمعت قائلاً يقول:
ربما تكره النفوس من الأمر ... له فرجة كحلّ العقال
قال: فخرجت فإذا رجل يقول: مات الحجاج، فما أدري بأيهما كنت أشد فرحاً بفرجةٍ أو بموت الحجاج، قال عمي: والفرجة من الفرج والفرجة فرجة الحائط.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن الكناني وقال: أخبرنا سهيل بن بشر الأسفراييني قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين النيسابوري، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد الذهلي قال: حدثنا أبو شعيب الحراني قال: حدثنا عفان قال: حدثنا سليم بن أخضر عن ابن عون قال: لما بلغ الحسن موت الحجاج قال: اللهم إن أمتَّه فأذهب عنا سنته. قال ابن عون: فقال لي محمد حين مات الحجاج: إن لقيت خالداً الربعي فاسأله هل يعود علينا مثل الحجاج. قال ابن عون: فلقيت خالداً الربعي فسألته، فقلت: هل تجده يعود علينا مثل الحجاج؟ قال: لا ولكنها تلون خاص.
أخبرنا أبو حفص المؤدب إذناً قال: أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن المجلي - إجازةً إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسن بن محمد الخلال قال: حدثنا أبو حفص عمر بن إبراهيم الكتاني احلاءً قال: حدثنا أبو علي الحسين بن صفوان البرذعي قال: حدثنا أبو عبد الله الأبزاري قال: حدثنا داود بن رشيد قال: سمعت أبا يوسف القاضي يقول: كنت عند الرشيد، فدخل عليه رجل فقال: رأيت يا أمير المؤمنين الحجاج البارحة في النوم، قال: في أي زي رأيته بعد الحول فقلت: يا أبا محمد ما صنع الله بك؟ فقال: يا ماصّ بظر أمه أما يا ماصّ بظر أمه، قال هرون: صدقت والله أنت رأيت الحجاج حقاً، ما كان أبو محمد ليدع صرامته حياً وميتاً.

أنبأنا عمر طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إذناً إن لم يكن سمعته أبو طالب بن أبي عقيل قال: أخبرنا أبو الحسن الخلعي قال: أخبرنا أبو محمد بن النحاس قال: أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال: حدثنا عبد الله العتكي قال: حدثنا علي بن الحسين الدرهمي قال: حدثنا الأصمعي عن أبيه قال: رأيت الحجاج في المنام فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: قتلني بكل قتلة قتلت بها إنساناً، ثم رأيته بعد الحول فقلت: يا أبا محمد ما صنع الله بك؟ فقال: يا ماصّ بظر أمه أما سألت عن هذا عام أول.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إذناً إن لم أكن سمعته منه - قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله بن عمر قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل بن اسحاق قال: حدثنا هارون بن معروف قال: حدثنا ضمرة قال: حدثنا ابن شوذب عن أشعث الحداني قال: رأيت الحجاج في المنام فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: قتلني بكل قتلة قتلت بها إنساناً، ثم رايته في المنام فقلت: يا أبا محمد ما صنع الله بك؟ فقال: يا ماصّ بظر أمه أما سألت عن هذا عام أول.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إذناً إن لم أكن سمعته منه - قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله بن عمر قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل بن اسحاق قال: حدثنا هارون بن معروف قال: حدثنا ضمرة قال: حدثنا ابن شوذب عن أشعث الحداني قال: رأيت الحجاج في منامي بحال سيئة، قلت: يا أبا محمد ما صنع بك ربك؟ قال: ما قتلت أحداً قتلة إلاّ قتلني بها، قلت: ثم مه؟ قال: ثم أمر بي إلى النار، قلت: ثم مه؟ قال: ثم أرجو ما يرجو أهل لا إله إلاّ الله، قال: فكان ابن سيرين يقول: إني لأرجو له، قال: فبلغ ذلك الحسن، قال: فقال الحسن: أما والله ليخلفن الله عز وجل رجاءه فيه، يعني ابني سيرين.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أنبأنا أبو القاسم عبد المنعم بن علي بن أحمد. وحدثنا أبو الحسن علي بن مهدي عنه قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو نصر بن الجبان قال: حدثنا الفضل بن جعفر المؤذن قال حدثنا محمد بن العباس بن الدرفس قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان الداراني يقول: كان الحسن البصري لا يجلس مجلساً إلاّ ذكر الحجاج فدعا عليه، قال: فرآه في منامه، قال: فقال: أنت الحجاج؟ قال: أنا الحجاج، قال: ما فعل الله بك؟ قال: قتلت بكل قتلة قتلة، ثم عزلت مع الموحدين، قال: فأمسك الحسن بعد ذلك عن شتمه.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: حدثني أبي قال: أخبرني أبو بكر محمد بن علي دعامة القومسي قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب الخوارزمي قال: حدثني الحسن بن عبد الرحمن الفزاري قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: حدثنا أبو معشر قال: مات رجل عندنا بالمدينة، فلما وضع على مغتسله ليغسل استوى قاعداً، ثم أهوى بيده على عينيه فقال: بصر عيني بصر عيني إلى عبد الملك بن مروان وإلى الحجاج بن يوسف يسحبان أمعاءهما في النار، ثم عاد مضجعاً كما كان.
أنبأنا أبو نصر قال: أخبرنا علي قال: أخبرنا أبو القاسم الشحامي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال أخبرنا أبو محمد بن عبد الله بن يوسف قال حدثنا أبو بكر أحمد بن سعيد بن فرصح قال حدثنا موسى بن الحسن قال: حدثنا سفيان بن زياد المخزومي قال: حدثنا إبراهيم بن عيينة أخو سفيان بن عيينة عن سماك بن حرب قال: قيل لي في النوم إياك والغيبة إياك والنميمة، إياك وأكل أموال اليتامى، إياك، والصلاة خلف الحجاج، فإني أقسمت أن أقصمه كما قصم عبادي.
قال: وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس - هو الأصم - قال: حدثنا العباس بن محمد الدوري قال: حدثنا سفيان بن زياد المخزومي فذكره، غير أنه قال: إياك والكذب، إياك والنميمة، إياك وأكل لحوم الناس، إياك والصلاة خلف الحجاج، فإني أقسمت لأقصمنه كما كان يقصم عبادي.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
الحجاج بن يوسف بن عبيد بن أبي زياد الرصافي

أبو محمد بن أبي منيع، وقيل أبو منيع كنية جده عبيد الله بن أبي زياد. من أهل رصافة هشام بن عبد الملك، وهو مولى لآل هشام، وقيل مولى آل أبي سفيان، وقيل كان جده عبيد الله بن أبي زياد كاتباً لبعض بني مروان، وقيل إنه جده لأمه، والصحيح أنه جده لأبيه كما ذكرناه، وسنذكر ترجمته في موضعها إن شاء الله تعالى. سكن الحجاج حلب إلى أن مات بها، وحدث بها عن جده عبيد الله.
روى عنه أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي، وأبو أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة، وعبد الصمد بن إبراهيم بن أبي سكينة الحلبيان، وهلال بن العلاء، ومحمد بن علي بن ميمون وإسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقيون، والحسين بن الحسن المروزي، وأيوب بن محمد الوزان، وعمر بن بكير الناقد وأبو عبد الله محمد بن أسد الحسني الأسفرايئني وأبو جعفر محمد بن مهدي بن رستم الأصبهاني ومحمد بن إبراهيم بن الفضل الحراني وأبو بكر أحمد بن هاشم الأنطاكي المعروف بالأشلّ وأبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن الأشعث البجلي الكزبرائي، ومحمد بن جبلة.
أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن يوسف الأوقي الصوفي بالبيت المقدس قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين بن زكرياء الطريثيثي، وأبو سعد محمد بن عبد الكريم بن محمد بن خشيش، ح.
وأخبرنا أبو اسحاق إبراهيم بن عثمان بن يوسف الزركشي بحلب، قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان وأبو المظفر أحمد بن محمد علي الكاغدي قال: أبو الفتح: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن هرون. وقال أبو المظفر: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي - قالا: أخبرنا أبو علي الحسين بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان البزاز قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي الفارسي في رجب سنة أربع وأربعين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي قال: حدثنا الحجاج بن أبي منيع بن عبيد الله بن أبي زياد بحلب، قال: حدثنا جدي عن الزهري قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم العالية بنت ظبيان بن عمرو، من بني بكر بن كلاب فدخل بها فطلقها.
فقال حجاج: حدثنا جدي قال: حدثنا محمد بن مسلم أن عروة بن الزبير أخبره أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: فدّل الضحاك بن سفيان من بني أبي بكر بن كلاب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: وبيني وبينهما الحجاب: يا رسول الله هل لك في أخت أم شبيب، وأم شبيب امرأة الضحاك.
أخبرنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن الدمشقي بها قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن عمي قال: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي، ح.
قال الحافظ أبو القاسم: وأخبرنا أبو المظفر القشيري قال أخبرنا أبي الأستاذ أبو القاسم قالا: أخبرنا أبو عوانة الحافظ: قال: حدثني أحمد بن هاشم الأنطاكي، أبو بكر الأشل قال: حدثنا الحجاج بن أبي منيع - وهو الحجاج بن يوسف، ويكنى يوسف بأبي منيع سنة عشرين ومائتين قال: حدثني جدي عبيد الله بن أبي زياد، قال: هذا كتاب ما ذكرنا محمد بن مسلم الزهري مما سألناه عنه من أول مخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر صدرا من الحديث، وقال: فكان أول مشهد شهده الرسول صلى الله عليه وسلم يوم بدر، ورئيس المشركين يومئذ عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، فذكر حديثا طويلا ذكر فيه غزواته صلى الله عليه وسلم.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن سليمان بن حذلم قال: أخبرنا أبو أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبي قال: حدثنا الحجاج بن أبي منيع يوسف بن عبيد فذكر حديثا.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن نصر في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل: قال أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: حجاج بن أبي منيع الشامي سمع جده عبيد الله بن أبي زياد عن الزهري.

أخبرنا محمد بن عمر بن أبي بكر المقدسي نزيل سروج - في كتابه إلينا منها قال: أخبرنا أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الحربي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الأبهري قال: أخبرنا أبو عروبة الحراني قال: في الطبقة الخامسة من أهل الجزيرة: الحجاج بن يوسف بن أبي منيع الرصافي، سمعت هلالا يقول: أبو منيع عبيد بن أبي زياد، وهو مولى لآل هشام بن عبد الملك، قال وكنية الحجاج أبو محمد، وكان لزم حلب في آخر عمره.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بدار الوزارة بالقاهرة قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر بن محمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن أحمد قال: أخبرنا أبو علي محمد بن سعيد الحراني، في تاريخ الرقة، قال: الحجاج بن يوسف بن أبي منيع الرصافي في أبي منيع اسمه عبيد الله بن زياد، يكنى أبا محمد مولى لآل هشام بن عبد الملك.
أخبرنا أو نصر بن الشيرازي - اذنا - قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني إجازة، ح.
وأنبأنا عمر بن محمد بن هشام عن أبي العلاء الهمذاني الحافظ قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد الصفار قال أخبرنا أبو أحمد بن علي بن منجوية قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الحاكم قال: أبو محمد الحجاج بن يوسف بن أبي منيع بن عبيد الله بن زياد الشامي، سكن الرصافة بالجزيرة، سمع جده عبيد الله بن أبي زياد الشامي، روى عنه أبو عبد الله محمد بن أسد الحبشي، وأبو عثمان بن محمد بن بكر الناقد البغدادي، كناه لنا أبو عروبة السلمي، سمع هلالا - يعني - ابن العلاء يقوله.
وقال الحاكم أبو أحمد في ترجمة أبي منيع: أبو منيع عبيد الله بن أبي زياد الشامي، مولى لآل هشام بن عبد الملك، ويقال اسمه يوسف بن عبيد الله بن أبي زياد مولى لآل أبي سفيان، يعرف بالرصافي، سكن رصافة الرقة، روى عنه حجاج بن أبي منيع الرصافي، وقال: قال: قال حسين بن حسن المروزي: الحجاج بن أبي منيع الرصافي، رصافة الرقة، واسم أبي منيع يوسف بن عبيد الله بن أبي زياد مولى لآل أبي سفيان. قال حسن: حدثني رجل منهم بهذا الكلام.
قلت: هكذا نسبه الحاكم: الحجاج بن يوسف بن أبي منيع بن عبيد الله بن أبي زياد، وهو وهم والصحيح: الحجاج ين يوسف بن عبيد الله، أبو منيع هو يوسف أو عبيد الله على ما ذكره في ترجمة أبي منيع، وقوله: سكن الرصافة بالجزيرة، وهم أيضا، فإن الرصافة من أعمال قنسرين من الشام، وليست من الجزيرة، وجده عبيد الله منها، لكنه رأى أبا عروبة ذكره من أهل الجزيرة فظن الرصافة من الجزيرة، وقوله أيضا: رصافة الرقة عرفها بالرقة لقربها منها، لا أنها من أعمالها، وهي شامية، وبعمل حلب قرية أخرى تعرف بالرصافة، بالقرب من قنسرين، وببغداد الرصافة، فعرفها برصافة الرقة لتميز عنهما، والله أعلم.
اخبرنا أبو الوحش بن أبي منصور بن نسيم في كتابه قال: أخبرنا ألحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي، في تاريخ دمشق، قال: الحجاج بن يوسف بن أبي منيع عبيد الله بن أبي زياد، أبو محمد الرصافي، سمع جده عبيد الله بن أبي زياد، أبا منيع الرصافي، روى عنه عمرو بن محمد بن بكير الناقد، وأبو عبد الله محمد بن أسد الحبشي الأسفرائيني، وأبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي وأبو جعفر أحمد بن مهدي بن رستم الأصبهاني.
قلت: أورد الحافظ أبو القاسم ذكره في تاريخ دمشق كما ذكرناه عنه، ولم يذكر في ترجمته دليلا على أنه دخل دمشق، ولا أنه سكنها، ولا أنه اجتاز بها، وليس من شرطه كل من كان بالشام، وكونه من موالي آل هشام لا يدل على شيء من ذلك، والمعروف بالولاء لآل هشام هو جده عبيد الله بن أبي زياد، وهو رصافي أيضاً.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبد الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد بن أبي الحسين قال: أنبأنا أبو نصر محمد بن الحسن بن البناء، وأبو عبد الله محمد بن عبد الباقي بن الدوري، قال: أخبرنا أو محمد الجوهري قال: أخبرنا محمد بن العباس بن حيوية، قال: حدثنا الحسين بن محمد - يعني - ابن عبد الله بن عبادة الواسطي قال: سمعت هلال بن العلاء يقول: كان حجاج بن أبي منيع من أعلم الناس بالأرض وما أنبتت، وأعلم الناس بالبعير من سنامة إلى خفه، وكان مع بني هشام في الكُتَّاب، وهو شيخ ثقة.
ذكر أبو حاتم بن حبان البستي في كتاب تاريخ الثقات، في الطبقة الرابعة، قال: حجاج بن يوسف بن أبي منيع الرصافي، من أهل الشام كنيته أبو محمد، سكن حلب، يروى عن جده عبيد الله بن أبي زياد عن الزهري، روى عنه الحسين بن الحسن المروزي، وأيوب بن محمد الوزان، مات بحلب سنة إحدى وعشرين ومائتين.
الحجاج القضاعي الشاعر
كان من جملة الشعراء الوافدين على عمر بن عبد العزيز حين ولي الخلافة، وفد عليه بدابق وبخناصرة مع جرير والفرزدق وكثير وغيرهما.
ذكر من اسمه حجر
حجر بن عدي
الأدبر بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن ثور، وهو كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، أبو عبد الرحمن الكندي، وقيل في نسبه: حجر بن عدي بن الأدبر بن عدي بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن كندي بن عفير، وقيل هو حجر بن عدي بن معاوية بن جبلة بن الأدبر، وكان يقال له: حجر الخير، وسمي أبوه الأدبر لأنه طعن موليا في دبره فسمي الأدبر، وقيل ضرب بالسيف على إليته، وقيل أن الدبر جده جبلة، وقيل الأدبر عدي جد أبيه، وقال بعضهم: حجر هو الأدبر، وكان من أهل الكوفة، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وحدث عن علي بن أبي طالب، عمار بن ياسر، وشراحيل وقيل شرحيل بن مرة، روى عنه أبو ليلى الكندي المدني فولاه، وعبد الرحمن بن عابس، وأبو البختري الطائي، وشهد صفين مع عليَّ عليه السلام أميرا على كندة وقضاعة وحضرموت ومهرة.
وكان أحد الشهود على كتاب التحكيم وقال ابن سعد في كتاب الطبقات: كان ثقة معروفا.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن منده قال: أخبرنا محمد بن عبد الله العماني قال: حدثنا أبو حصين الوداعي: قال: حدثنا عبادة بن زياد الأسدي قال: حدثنا قيس بن الربيع عن أبي اسحاق السبيعي عن أبي البختري عن حجر بن عدي قال: سمعت شراحيل بن مرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أبشر يا علي حياتك وموتك معي.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبيد الدقاق المعروف بالعسكري قال: حدثنا محمد بن يحيى بن سليمان المروزي قال: حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي اسحاق عن أبي ليلى الكندي عن حجر بن عدي قال: حدثنا علي أن الطهور نصف الإيمان.
قال ابن مندة: وأخبرنا خيثمة بن سليمان قال: حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة قال: حدثنا محول بن إبراهيم عن عمر بن شمر عن أبي طوق عن جابر الجعفي وذكر عن محمد بن بشر قال: قام حجر بن عدي يخطب على شاطىء الفرات حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أشهد أني سمعت شراحيل بن مرة يزعم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أبشر يا علي حياتك وموتك معي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن قال: أخبرنا يوسف بن رباح بن علي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا أبو بشر الدولابي قال: حدثنا معاوية بن صالح قال: سمعت يحيى بن معين يقول: في أهل الكوفة حجر بن الأدبر الكندي سمع من علي.

أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء وأبي بكر محمد نب عبد الباقي الأنصاري، عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال في الطبقة الرابعة من الصحابة: حجر الخير بن عدي الأدبر، - وإنما طعن موليا فسمي الأدبر - بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث بن معاوية بن الحراث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن كندي جاهلي إسلامي وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد القادسية وهو الذي افتتح مرج عذرا، وشهد الجمل وصفين مع علي بن أبي طالب، وكان في ألفين وخمسمائة من العطاء وقتله معاوية بن أبي سفيان وأصحابه بمرج عذراء، وابناه عبيد الله وعبد الرحمن قتلهما مصعب بن الزبير صبرا، وكان يتشيعان، وكان حجر ثقة معروفا، ولم يرو عن غير علي شيئا.
قلت: قد روى حجر عن شراحيل بن مرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث الذي قدمناه ذكره في فضل علي عليه السلام، وروى عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قوله.
أنبأنا أبو الوحش بن أبي منصور قال: أخبرنا علي بن الحسن بن أبي الحسين قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة حجر بن الأدبر الكندي، والأدبر بن عدي بن عدي بن جبلة، قتله معاوية.
قال علي بن الحسن كذا فيه، وعدي الثاني مزيد. قال: والذي يغلب على ظني أنه والأدبر هو عدي، وعدي بن جبلة ليقع موافقا لما رواه ابن الفهم عن محمد بن سعد وقد تصحف على الناسخ والله أعلم.
وقد نسبه ابن الكلبي في كتاب جمهرة النسب فقال: حجر بن عدي بن الأدبر بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشججب بن يعرب بن قحطان.
قال ابن الكلبي: وكان طعن في دبره فسمي حجر الأدبر لذلك، جاهلي إسلامي وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو وأخوه هانيء، وكان في ألفين وخمسمائة من العطاء، وشهد القادسية، وشهد الجمل وصفين مع علي بن أبي طالب عليه السلام، قتله معاوية وأصحابه بمرج عذراء، وكان الذي تولى قتله أبو الأعور السلمي.
كتب إلينا أبو عبد الله بن عمر بن نصر أن عبد الحق بن عبد الخالق أخبرنا قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله البخاري قال: حجر بن عدي الكندي قتل في عهد عائشة قاله عمرو بن عاصم: عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن مروان، وسمع علياً وعماراً بصفين قولهما، يعد في الكوفيين، روى عنه أبو ليلى الكندي وعبد الرحمن بن عابس وهو ابن الأدبر، والأدبر عدي.
أنبأنا أبو حفص الدارقزي عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي عن أبي الحسن الدارقطني، ح.
قال ابن البناء: وأنبأنا أبو الفتح بن المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: حجر بن الأدبر الكندي، وقيل الأدبر هو عدي، روى عن علي بن أبي طالب، روى عنه أبو ليلى الكندي، قيل إنه يكنى أبا عبد الرحمن قتل سنة إحدى وخمسين.
أنبأنا أبو نصر هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو صادق محمد بن أحمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن أبي بكر الأصفهاني قال: أخبرنا أبو أحمد العسكري قال: فأما حجر - بالحاء المضمومة والجيم الساكنة، ويجوز ضمها في اللغة - فمنهم حجر بن عدي بن الأدبار جاهلي إسلامي يذكر بعضهم أنه وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، هو وأخوه، وأكثر أصحاب الحديث لا يصححون له رواية، شهد القادسية وافتتح مرج عذراء، وشهد الجمل وصفين مع علي، ثم قتله معاوية بعد ذلك وكان مع علي بصفين: حجر الخير، وحجر الشر فأما حجر الخير فهذا، وأما حجر الشر فهو حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال: وأما أدبر، عوض الزاوي دال مهملة، فهو حجر بن عدي بن الأدب الكندي، واسم الأدب جبلة، وقيل: إن الأدب هو عدي، وقال المرزبان: قد روي أن حجر بن عدي وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع أخيه هانئ بن عدي، وقد روى حجر عن علي بن أبي طالب، روى عنه أبو ليلى الكندي.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماط قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا محمد بن علي الوسطى قال: أخبرنا محمد بن أحمد البابسيري قال: أخبرنا الفحوص بن المفضل بن غسان قال: حدثنا أبي قال: وحجر بن عدي هو الأدب، والأدب عدي بن جبلة.
أنبانا عن أبي القاسم بن عبد الملك قال: أخبرني أبو محمد بن عتاب، وأبو عمران بن أبي تليد إجازة قالا: أخبرنا أبو عمر النمر قال: أخبرنا أبو القاسم بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن، قال: وحجر الخير بن عدي بن الأدب بن جبلة بن عدي بن ربيع بن معاوية الأكرم، وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم، ويقال إنما سمي جده الأدب: لأنه طعن مولياً، فسمي الأدبر، وشهد حجر القادسية، وافتتح مرج عذراء، وشهد صفين، والجمل مع علي، لم أجد له عن رسول الله رواية إلا أن كلامه مروي من وجوه كثيرة.
أخبرنا أبو الفتح نصر بن أبي الفرج الحصر في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عبد البر النمري قال: حجر بن عدي بن الأدبر الكندي، يكنى أبا عبد الرحمن،، كوفي، وهو حجر بن عدي بن معاوية بن جبلة بن الأدبر، وإنما سمي الأدبر لأنه ضرب بالسيف على إليته فسمي بهذا الأدبر، كان حجر من فضلاء الصحابة، وصغر سنه عن كبارهم، وكان علي كندي يوم صفين، وعلى الميسرة يوم النهروان، ولما ولىّ معاوية، زياداً العراق وما وراءها وأظهر من الغلظة وسوء السيرة ما أظهر، خلعه حجر، ولم يخلع معاوية، وتابعه جماعة من أصحاب علي وشيعته، وحصبه يوماً في تأخير الصلاة هو وأصحابه، فكتب فيه زياد إلى معاوية فأمره أن يبعث به إليه مع وائل بن حجر الحضرمي في اثني عشر رجلاً كلهم في الحديد، فقتل معاوية منهم ستة، واستحيى ستة، وكان حجر ممن قتل فبلغ ما صنع بهم زياد إلى عائشة أم المؤمنين، فبعثت إلى معاوية عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: لله الله في حجر وأصحابه، فوجده عبد الرحمن قد قتل هو وخمسة من أصحابه، فقال لمعاوية: أين عزب عنك حلم أبي سفيان في حجر وأصحابه، ألا حبستهم في السجون وعرضتهم للطاعون؟ قال: حين غاب عني مثلك من قومي، قال: والله لا تعدّ لك العرب حلماً بعدها أبداً ولا رأياً، قتلت قوماً بعث بهم إليك أسارى من المسلمين، قال: فما أصنع كتب إلي فيهم زياد يشد أمرهم، ويذكر أنهم سيفتقون علي فتقاً لا يرقع، ثم قدم معاوية المدنية، فدخل على عائشة، فكان أول ما بدأته به قتل حجر، في كلام جرى بينهما ثم قال: فدعيني وحجراً حتى نلتقي عند ربنا، والموضع الذي قتل فيه حجر بن عدي ومن قتل معه من أصحابه يعرف بمرج عذراء.
قال أبو عمر بن عبد البر حدثنا خلف يعني ابن قاسم قال: حدثنا عبد الله بن عمر قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا ابن المبارك قال: أخبرنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين أنه كان إذا سئل عن الركعتين عند القتل قال: صلاهما حبيب وحجر وهما فاضلان.
قال أحمد: وحدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا يوسف بن يعقوب الواسطي، وأثنى عليه خيراً، قال: حدثنا عثمان بن الهيثم قال: حدثنا مبارك بن فضالة قال: سمعت الحسن يقول وقد ذكر معاوية وقتله حجراً وأصحابه ويل لمن قتل حجراً وأصحاب حجر قال أحمد: قلت ليحيى بن سليمان: أبلغك أن حجراً كان مستجاب الدعوة قال: نعم وكان من أفاضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

أنبأنا أبو الوحش عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: حجر بن عدي الأدبر بن جبلة بن عدي ابن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن ثور، وهو كنده بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ، وسمي أبوه الأدبر لأنه طعن مولياً فسمي الأدبر، أبو عبد الرحمن الكندي من أهل الكوفة، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع علياً، وعمار بن ياسر وشراحبيل بن مرة، ويقال شر حبيل.
روى عنه أبو ليلى الكندي مولاه، وعبد الرحمن بن عابس، وأبو البختري الطائي وغزا الشام في الجيش الذين افتتحوا عذراء، وشهد صفين مع علي أميراً، وقتل بعذراء من قرى دمشق ومسجده قبره بها معروف.
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد البلخي قال: أخبرنا عبد الواحد بن علي العلاف قال: أخبرنا علي بن أحمد الحمامي قال: أخبرنا القاسم بن سالم بن عبد الله قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: حدثنا أبو معشر قال: كان حجر بن عدي رجلاً من كندي وكان عابداً، قال: ولم يحدث قط إلا توضأ، ولم يهريق ماء إلا توضأ، وما توضأ إلا صلى.
قال القاسم: وحدثنا عبد الله قال: حدثني أبو همام الوليد بن شجاع السكوني قال: حدثني إبراهيم بن أعين عن السري بن يحيى عن عبد الكريم بن رشيد أن حجر بن عدي بن الأدبر كان يلمس فراش أمه بيده فيتهم غلظ يده، فينقلب على ظهره فإذا أمن أن يكون عليه شيء أضجعها.
أنبأنا عمر بن محمد بن معمر قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: في تسمية أمراء يوم صفين من أصحاب علي حجر بن عدي هو أدبر الكندي.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي إذناً قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أبو عبد الله النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا التستري قال: حدثنا خليفة العصفري قال في تسمية الأمراء من أصحاب علي يوم صفين: قال أبو عبيدة: وعلي كنده حجر بن عدي الكندي(51 - ظ).
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد الأمين عن أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طالب الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن مننجاب قال: حدثنا إبراهيم بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا عمر بن سعد بإسناده الأول يعني فيما اقتص من خبر صفين قال: وبيتهم الشتاء حتى إذا كان ذو الحجة جعل علي يأمر الرجل الشريف من أصحابه فيخرج معه الجماعة فيقاتل ويخرج إليه رجل من أصحاب معاوية في جماعة فيقاتل ثم ينصرفان، فكان علي مرة يخرج الأشتر في خيله، ومرة حجر بن عدي الكندي، ومرة شبث بن ربعي، وذكر غير هؤلاء.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله البلخى قال: أخبرنا عبد الواحد بن علي قال: أخبرنا علي بن أحمد قال: اخبرنا القاسم بن سالم قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا يعقوب بن اسحاق بحبان قال: حدثنا أبو ظفر عن جعفر بن سليمان الضبعي قال: حدثنني صاحب لنا عن يونس بن عبيد قال: كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة: إني قد احتجت إلى مال فأمدني بمال، فجهز المغيرة إليه عيراً تحمل المال، فلما فصلت العير، بلغ حجراً وأصحابه فجاء حتى أخذ بالقطار، فحبس العير، قال: لا والله حتى توفي كل ذي حق حقه، فبلغ المغيرة ذلك أنه قد رد العير معه، فقال شباب ثقيف: ائذن لنا أصلحك الله فيه فنأتيك برأسه الساعة، قال: لا والله ما كنت لأركب هذا من حجر(52 - و) وأبدا، فبلغ معاوية فاستعمل زياداً وعزل المغيرة.

وقال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا أبي قال: إسماعيل بن إبراهيم عن هشام بن حسان عن محمد قال: أطال زياد الخطبة، فقال له حجر: الصلاة، فمضى زياد في خطبته فضرب حجر بيده إلى الحصا وقال الصلاة وضرب الناس بأيديهم إلى الحصا، فنزل زياد وصلى، وكتب فيه زياد إلى معاوية، فكتب معاوية أن سرح به إلي، فسرح به إليه، فلما قدم عليه قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، قال: أو أمير المؤمنين أنا؟ قال: نعم لا أقيلك ولا استقيلك، قال: فأمر بقتله، فلما انطلق به قال لهم: دعوني فلأصلي ركعتين، قالوا:نعم. قال: فصلى ركعتين ثم قال لهم: لولا أن تروا أن بي غير الذي بي لأحببت أن يكونا أطول مما كانتا، ثم قال: لا تطلقوا عني حديداً ولا تغسلوا عني دماً، وادفنوني في ثيابي، فإني لاقٍ معاوية بالجادة، وإني مخاصم، قال هشام: فكان محمد إذا سُئل عن الشهيد يغسل، ذكر حديث حجر.
أخبرنا أبو اسحاق إبراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشغري ثم البغدادي بحلب، قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الخطيب قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري قال: حدثنا أبو الفضل أحمد بن ملاعب قال: حدثنا جندل بن والق قال: حدثنا عبيد الله عمرو الرقي عن معمر هن هشام بن سيرين قال: أتى (52 - ظ) حجر بن عدي حيث دعا به معاوية فقال: إني لأرى هذا قاتلي، فإن هو قتلني فلا تطلقوا عني حديدا، وادفنوني في ثيابي ودمي فإني ملاقٍ معاوية على الجادة.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير البغدادي - فيما أذن لي في روايته عنه - قال: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الخشاب الأديب قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد بن الفراء: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي ابن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب الطيبي قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل قال: أخبرنا يحيى بن سليمان الجعفي قال: حدثنا أبو بكر بن عياش وابن الأجلح حدثني ببعضه وأحمد بن بشير وغيرهم من أشياخنا، ومن إسماعيل بعضه، وبعضه يزيد على بعض: أن معاوية بعث زياد بن أبي سفيان على الكوفة والبصرة، فقدم زياد الكوفة، فبعث إلى حجر بن الأدبر الكندي وكانا جليسين متواخيين وكانا يريان رأي علي، وعلى حبه، ومن شيعته فقال له زياد: قد علمت الذي كنت أنا وأنت عليه من الرأي، وإني رأيت علياً ومعاوية اقترعا فقرعه معاوية، فسلمنا لأمره، فهلم فأبلغ بك واشرفك في قومك وأقضي لك حوائجك، وأقضي دينك. وأخرج لك رزق أهلك، فاخرج معي إلى البصرة، فقال حجر: لا والله إني لمريض، فقال زياد: صدقت إنك لمريض القلب، والهوى، والرأي، وأخاف أن أخلفك فتوغل على الناس وتوغرهم.

ثم سار زياد إلى البصرة وخلفه، واستعمل عمرو بن حريث المخزومي على الكوفة (53 - و) وأنزله القصر، وأوصى عمراً به فقال: كن عيناً على حجر فانظر من جلساؤه في المسجد ومن غاشيته في أهله، وأعلمني ما يكون من أمرهم، ثم سار زياد إلى البصرة فقدمها، فكتب عمرو بن حريث من الكوفة إلى زياد وهو بالبصرة: أخبرك إن حجراً قد عظمت حلقته في المسجد وكثرت غاشيته في أهله، فإن كانت لك في الكوفة حاجة فأقبل، فما هو إلا أن قرأ كتابه قال زياد لأصحابه: تجهزوا، فتجهزوا، ثم خرج فنزل الجلحاء فإذا راكب من بني أسد يركض على فرس رسول لعمرو بن حريث فقال: أين الأمير، أين الأمير، فقالوا: هو ذا، فأتاه فقال له زياد: ما وراءك، قال: أخبرك أن حجرا قد أعلن أمره وقد أظهر السلاح، واجتمع إليه في المسجد وخلع أمير المؤمنين، فقال: لا ولكنك خلعت أنت، قال: فما فعل أميري؟ - يعني عمرو بن حريث - قال: في الدار، فقال لأصحابه سيروا حتى نزل بقرية الجزماء فإذا راكب على فرس فقال أين الأمير فقالوا: هذا الأمير فما وراءك قال: ظهر حجر وأعلن أمره واجتمع إليه قال فما فعل أميري قال هو في الدار قال سيروا فساروا حتى نزلوا قرية الرمان فإذا راكب يركض فقال مثل ما قال صاحباه، وقد كان حجر حين علم أن زيادا قد أقبل يريد الكوفة قال لأصحابه: إن هذا الطاغية قد اقبل فضعوا سلاحكم (53 - ظ) وقوموا، فإن هو أعطانا الذي نحب، وإلا أعلمناكم فرأيتم رأيكم، فقدم زياد الكوفة فجاءه وجوه أهلها وأشرافهم فجلسوا غليه وسلموا عليه، وأقبل محمد بن الأشعث إليه فدخل فقال: السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته، فقال: من هذا؟ قال: محمد بن الأشعث، فقال: لا مرحبا ولا أهلا ما فعل الرجل والله لتأتيني به أو لأسلكن من السيف في بطنك شبرا، فقال: أصلح الله الأمير قد علم الناس عداوته لي، والذي بيني وبينه، والله لا يأمنني على شيء من أمره، فقال زياد، والله لتأتيني به أو لأسلكن من السيف في بطنك شبرا، قال: فخرج محمد كئيبا محزونا فلقي جرير عبد الله فقال جرير: مالك؟ فقال: قد علمت الذي بيني وبين حجر ومجانبته لي، وقد غضب الأمير عليّ منه ووعدني القتل إن لم آته به، قال: فما تريد؟ قال: أريد أن يرضى عني ويعفيني من أمره، فأقبل جرير حتى حتى دخل على زياد فرحب به زياد، فقال له جرير: أصلحك الله كلفت محمدا أن يأتيك بحجر، وقد عرفت عداوة حجر له ومجانبته إياه، فإنا نحب أن ترضى عنه، وأنا آتيك بحجر، قال: وتفعل؟ قال: نعم قال: فإنا قد رضينا عنه فأتنا به، فانطلق جرير حتى أتى حجرا، فدخل عليه في بيته وهو في اثني عشر رجلا من أصحابه، فكلمه جرير وقال له: أجب أميرك، فقال حجر: والله لا أفعل إلا أن يعطيني موثقا وإيمانا لا يهجنا حتى يبعث بنا إلى (54 - و) معاوية فنكلمه ويرى فينا رأيه فإني قد عرفت أنه لن يدعنا، فرجع جرير إلى زياد فقال له: أجئت به؟ قال: نعم أصلحك الله، وقد سأل شيئا، قال: ما هو؟ قال: كذا وكذا، قال: فذلك له، فأعطاه الأمان على ذلك، فأقبل حجر مع جرير حتى دخل على زياد فلما رآه زياد قال: مرحبا بك أبا عبد الرحمن فوالله إنك كما علمت حرب في السلم، سلم في الحرب، وقد ركبت صدوراً قد أهلك الله من ركب أعجازها، ما كنت قلت لك إنك ستوغر الناس وتفعل وتوغر عليّ، تجهز أنت وأصحابك، فتجهزوا، وكتب معهم زياد كتابا إلى معاوية شديدا يخبره بأمرهم وأن تركهم فساد للناس، فساروا حتى نزلوا بمرج عذراء فحبسوا فيها، وكان فيما كتب زياد الى معاوية: إن لهم الأمان حتى يكلموك وتكلمهم فسار إليهم معاوية حتى أتاهم بمرج عذراء ومعه الناس، فكلمهم وكلموه، ثم انصرف عنهم فاستشار وجوه أهل الشام فيهم، فأشاروا عليه بقتل القوم كلهم إلا يزيد بن أسد البجلي وهو جد خالد بن عبد الله القسري فإنه قال: يا أمير المؤمنين أنتم الأئمة ونحن المؤتمون، وأنتم العمد ونحن المُعْمَدون، فإن تعف نقل قد أحسنت وأجملت، وإن تقتل فرأيك أثبت، فبعث إليهم معاوية رجلاً أعور فأمره فقال: انطلق إليهم فاقتل شيوخهم واترك شبانهم، فأقبل الرسول فلما رأوه قال رجل من القوم: هذا 54 - ظ رجل مقبل قد بعث إليكم، إحدى عينيه ميتة والأخرى حية وهو خليق أن يميت نصفكم، فأتاهم فأخذ شيوخهم فضرب أعناقهم وهم ستة حجر أحدهم، واستحيى ستة، فما هو إلا أن قتلهم ندم معاوية وسقط في يده

ودخل عليه عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال: يا أمير المؤمنين ماذا صنعت لا تعدّ لك العرب حلماً ولا رأياً، قتلت قوماً بعث بهم أسرى في يدك؟؟! قال: فما أصنع كتب إليَّ زياد يشدد أمرهم وذكر أنهم سيفتقون علي فتقاً ليس له أول ولا آخر، فكان فساد هؤلاء في صلاح أمة محمد، خير من فساد أمة محمد في صلاح هؤلاء، وغبت أنت عني وأصحابك، فقال له: ألا فرقتهم في كور الشام، وأطعمتهم من الكعك والزيت حتى تكفيكهم طواعين الشام! عليه عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال: يا أمير المؤمنين ماذا صنعت لا تعدّ لك العرب حلماً ولا رأياً، قتلت قوماً بعث بهم أسرى في يدك؟؟! قال: فما أصنع كتب إليَّ زياد يشدد أمرهم وذكر أنهم سيفتقون علي فتقاً ليس له أول ولا آخر، فكان فساد هؤلاء في صلاح أمة محمد، خير من فساد أمة محمد في صلاح هؤلاء، وغبت أنت عني وأصحابك، فقال له: ألا فرقتهم في كور الشام، وأطعمتهم من الكعك والزيت حتى تكفيكهم طواعين الشام! وقال حدثنا يحيى - يعني - الجعفي قال: حدثنا ابن داوود قال حدثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد الحضرمي وعبد الله بن هبيرة عن عبد الله بن رزين الغافقي عن علي أنه قال: يقتل منكم يا أهل الكوفة سبعة مثلهم مثل أصحاب الإخدود، قال فبعث معاوية إلى بضعة عشر رجلاً من أهل الكوفة فاختار منهم سبعة فقتلهم منهم حجر بن الأدبر.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله - إذنا - قال أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو البلخي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن محمد بن فهد العلاف قال أخبرنا علي بن أحمد بن عمر الحمامي قال: أخبرنا القاسم بن سالم قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن 55 - و حنبل قال: حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: حدثنا الحجاج بن محمد قال: حدثنا أبو معشر قال: فاعترف به معاوية وأمره على العراقين، يعني زياداً: قال: فلما قدم الكوفة دعا حجر بن الأدبر فقال: يا أبا عبد الرحمن كيف تعلم حبي لعلي قال: شديداً، قال: فإن ذاك قد انسلخ أجمع. فصار بغضا فلا تكلمني بشيء أكرهه، فإني أحذرك، فكان إذا جاء إبان العطاء قال حجر لزياد: أخرج العطاء فقد جاء أبانه، فكان يخرجه، وكان لا ينكر حجر شيئاً من زياد إلا رده عليه، فخرج زياد إلى البصرة واستعمل على الكوفة عمرو بن حريث فصنع عمرو شيئاً كرهه حجر، فناداه وهو على المنبر، فرد عليه ما صنعه وحصبه هو وأصحابه قال: فأبرد عمرو مكانه بريداً إلى زياد وكتب إليه بما صنع حجر، فلما قدم البريد على زياد، ندم عمرو بن حريث وخشي أن يكون من سطواته ما يكره، وخرج زياد من البصرة إلى الكوفة فتلقاه عمرو بن حريث في بعض الطريق فقال: إنه لم يك شيء تكرهه وجعل يسكنه، فقال زياد: كلا والذي نفسي بيده حتى آتي الكوفة فأنظر ماذا أصنع، فلما قدم الكوفة سأل عمراً عن البينة، وسأل أهل الكوفة، فشهد شريح في رجال معه على أنه حصب عمراً ورد عليه، فاجتمع حجر وثلاثة آلاف من أهل الكوفة فلبسوا السلاح وجلسوا في المسجد، فخطب زياد الناس وقال: يا أهل الكوفة ليقم كل رجل منكم إلى سفيهه فليأخذه، فجعل 55 - ظ الرجل يأتي ابن أخيه وابن عمه وغريبه فيقول: قم يا فلان، قم يا فلان حتى بقي حجر في ثلاثين رجلاً فدعاه زياد فقال: أبا عبد الرحمن قد نهيتك أن تكلمني، وإن لك عهداً ألا تراب بشيء حتى تأتي أمير المؤمنين وتكلمه فرضي بذلك حجر، وخرج إلى معاوية ومعه عشرون رجلاً من أصحابه، ومعه رسل زياد حتى نزلوا مرج العذراء فقال حجر: ما اسم هذا المكان؟ قالوا: هذا مرج العذراء قال: أما والله إني لأول خلق الله كبر فيه.

قال وحدثنا عبد الله قال: أخبرت عن جعفر بن سليمان عن هشام قال: قال ابن سيرين: لم يكن لزياد هم لما قدم الكوفة إلا حجراً وأصحابه، فتكلم يوماً زياد وهو على المنبر فقال: إن من حق أمير المؤمنين، من حق أمير المؤمنين مراراً، فقال: كذبت ليس كذلك، فسكت زياد ونظر إليه ثم عاد في كلامه فقال: إن من حق أمير المؤمنين، إن من حق أمير المؤمنين مراراً، قال حجر: كذبت ليس كذلك، فسكت زياد ونظر إليه، ثم عاد في كلامه فقال: إن من حق أمير المؤمنين، إن من حق أمير المؤمنين مراراً نحواً من كلامه، فأخذ حجر كفا من حصا فحصبه، وقال: كذبت عليك لعنة الله، قال: فانحدر زياد من المنبر فصلى ثم دخل الدار وانصرف حجر، فبعث إليه زياد الخيل والرجال: أجب، قال حجر: إني والله ما أنا بالذي يخاف ولا آتيه أخاف على نفسي. قال هشام: قال ابن سيرين: لو مال لمال أهل الكوفة معه، ولكن كان رجلاً ورعا فأبى زياد أن يقلع عنه الخيل والرجال حتى اصطلحا أن يقيده بسلسلة ويرسله في ثلاثين من أصحابه إلى 56 - و معاوية، فلما خرج اتبعه زياد بردا بالكتب، بالركض إلى معاوية: إن كان لك في سلطانه حاجة، أو في الكوفة حاجة فاكفني حجراً، وجعل يرفع الكتب إلى معاوية حتى ألهفه عليه، فقدم فدخل عليه فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، قال معاوية: أو أمير المؤمنين أنا؟ قال: نعم ثلاثاً، فأمر بحجر وبخمسة عشر رجلاً من أصحابه، قد كتب زياد فيهم وسماهم، واخرج حجراً وأصحابه الخمسة عشر وقد أمر بضرب أعناقهم، فقال حجر للذي أمر بقتله: دعني فلأصلي ركعتين قال: صلّه، قال: فصلى ركعتين خفيفتين، فلما سلم أقبل على الناس فقال: لولا أن تقولوا جزع من القتل لأحببت أن تكون ركعتان أنفس مما كانتا وايم الله لئن لم تكن صلاتي فيما مضى تنفعني ماهان بنافعتي شيئاً، ثم أخذ برده فتحرم به، ثم قال لمن يليه من قومه ومن يتحرم به: لا تحلوا قيودي ولا تغسلوا عني الدم، فإني اجتمع أنا ومعاوية غداً على المحجة.
قال: وحدثنا عبد الله قال: حدثني أبو محمد بن أبي الحسن الجوهري قال: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وهب بن جرير قال: حدثنا أبي قال حدثنا محمد بن الزبير الحنظلي عن فيل مولى زياد قال: لما قدم زياد الكوفة أميراً، أكرم حجر بن الأدبر، وأدناه، فلما أراد الإنحدار إلى البصرة دعاه فقال: يا حجر إنك قد رأيت ما صنعت بك وإني أريد البصرة، فأحب أن تشخص معي، فإني أكره أن تخلف بعدي فعسى أن 56 - ظ أبلغ عنك شيئاً فيقع في نفسي، فإذا كنت معي لم يقع في نفسي من ذلك شيء، فقد علمت رأيك في علي بن أبي طالب، وقد كان رأيي فيه قبلك على مثل رأيك فلما رأيت الله صرف ذلك الأمر عنه إلى معاوية، لم أتهم الله، ورضيت به، وقد رأيت إلى ما صار أمر علي وأصحابه وإني أحذرك أن تركب أعجاز أمور، هلك من ركب صدورها، فقال له حجر: إني مريض ولا أستطيع الشخوص معك، قال: صدقت والله إنك لمريض، مريض الدين، مريض القلب، مريض العقل، وايم الله لئن بلغني عنك شيء أكرهه لأحرصن على قتلك فانظر لنفسك أودع.

فخرج زياد فلحق بالبصرة. واجتمع إلى حجر قراء أهل الكوفة، فجعل عامل زياد لا ينفد له أمر، ولا يريد شيئاً إلا منعوه إياه، فكتب إلى زياد: إني والله ما أنا في شيء وقد منعني حجر وأصحابه كل شيء فأنت أعلم، فركب زياد بعماله حتى اقتحم الكوفة، فلما قدمها تغيب حجر، فجعل يطلبه فلا يقدر عليه، فبينا هو جالس يوماً وأصحاب الكراسي حوله، فيهم الأشعث بن قيس، إذا أتى الأشعث ابنه محمد، فناجاه واخبره أن حجراً قد لجأ إلى منزله، فقال له زياد: ما قال لك ابنك؟ قال لا شيء، قال: والله لتخبرني ما قال لك حتى أعلم أنك قد صدقت أو لا تبرح مجلسك حتى أقتلك، فلما عرف الأشعث أخبره، فقال لرجل من أهل الكوفة من أشرافهم: قم فاتني به، قال: اعفني أصلحك الله من ذلك إبعث غيري. قال: لعنة الله عليك خبيثاً مخبثاً 57 - و والله لتأتيني به ولأقتلنك، فخرج الرجل حتى دخل عليه، فأخذه وأخبر حجر الخبر، فقال له: ابعث إلى جرير بن عبد الله فليكلمه فيك فإني أخاف أن يعجل عليك، فدخل جرير على زياد فكلمه فقال: هو آمن من أن أقتله ولكن أخرجه فابعث به إلى معاوية، فجاء به على ذلك، فأخرجه من الكوفة ورهطا معه وكتب إلى معاوية: أن اغنِ عني حجراً، إن كان لك فيما قبلي حاجة، فبعث معاوية فتلقي بالعذراء: فقتل هو وأصحابه، وملك زياد العراق خمس سنين ثم مات سنة ثلاث وخمسين.
قلت: هكذا جاء في هذه الرواية فيهم الأشعث بن قيس وهو وهم فاحش، فإن هذه القصة كانت في سنة إحدى وخمسين أو في سنة خمسين، والأشعث مات في سنة أربعين قبل هذه الواقعة بإحدى عشرة سنة، وقد ذكرنا فيما نقلناه من ابن ديزيل أن الذي طلب منه معاوية إحضار حجر إليه هو محمد بن الأشعث.
والعجب أن الحافظ أبا القاسم ذكر هذه القصة بهذا الإسناد ولم ينبه على هذا الوهم.

أنبأنا أبو حفص المؤدب عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: وذكر بعض أهل العلم أنه يعني حجراً، وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع أخيه هانىء بن عدي، وكان من أصحاب علي، فلما قدم زياد بن أبي سفيان والياً على الكوفة، دعا حجر بن عدي فقال: تعلم أني أعرفك وقد كنت أنا وإياك على ما قد علمت، يعني من حب 57 - ظ علي بن أبي طالب وإنه قد جاء غير ذلك وإني أنشدك الله أن تقطر لي من دمك قطرة فاستفرغه كله، إملك عليك لسانك، وليسعك منزلك، وهذا سريري فهو مجلسك، وحوائجك مقضية لدي، فاكفني نفسك فإني أعرف عجلتك، فأنشدك الله يا أبا عبد الرحمن في نفسك، وإياك وهذه السفلة، وهؤلاء السفهاء أن يستزلوك عن رأيك، فإنك لو هنت علي أو استخففت بحقك لم أخصك بهذا من نفسي، فقال حجر قد فهمت، ثم انصرف إلى منزله، فأتاه أخوانه من الشيعة: فقالوا: ما قال لك الأمير؟ قال: كذا وكذا، قالوا: ما نصح لك، فأقام وفيه بعض الأعراض، وكانت الشيعة يختلفون إليه ويقولون: إنك شيخنا وأحق الناس بإنكار هذا الأمر، وكان إذا جاء إلى المسجد مشوا معه، فأرسل إليه عمرو بن حريث، وهو يومئذ خليفة زياد على الكوفة، وزياد بالبصرة: أبا عبد الرحمن ما هذه الجماعة، وقد أعطيت الأمير من نفسك ما قد علمت، فقال للرسول: تنكرون ما أنتم فيه إليك وراءك أوسع، فكتب عمرو ابن حريق بذلك إلى زياد، وكتب إليه: إن كانت لك حاجة بالكوفة فالعجل، فأخذ زياد السير حتى قدم الكوفة فأرسل إلى عدي بن حاتم، وجرير بن عبد الله البجلي، وخالد بن عرفطة العُذري حليف بني زهرة، وإلى عدة من أشراف أهل الكوفة، فأرسلهم إلى حجر بن عدي ليعذر إليه وينهاه عن هذه الجماعة وإن 58 - و يكف لسانه عن ما يتكلم به، فأتوه فلم يجبهم إلى شيء، ولم يكلم أحداً منهم وجعل يقول: يا غلام اعلف البكر قال: وبكر في ناحية الدار، فقال له عدي بن حاتم: أمجنون أنت أعلمك بما أكلمك به، وأنت تقول يا غلام اعلف البكر فقال عدي لأصحابه:ما كنت أظن هذا البائس بلغ به الضعف كل ما أرى، فنهض القوم عنه وأتوا زياداً فأخبروه ببعض، وخزنوا بعضاً، وحسنوا أمره، وسألوا زياداً الرفق به، فقال: لست إذا لأبي سفيان، وأرسل إليه الشرط والبخارية فقاتلهم بمن معه ثم انفضوا عنه، وأتى به زياد وأصحابه، فقال له: ويلك مالك؟ قال: إني على بيعتي لمعاوية لا أقليها ولا أستقيلها، فجمع زياد سبعين من وجوه أهل الكوفة فقال: اكتبوا شهادتكم على حجر وأصحابه، ففعلوا، ثم وفدهم على معاوية، وبعث بحجر وأصحابه إليه، وبلغ عائشة الخبر، فبعثت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي إلى معاوية يسأله أن يخلي سبيلهم، فقال عبد الرحمن بن عثمان الثقفي:جذاذها جذاذها، لا يغن بعد العام أثراً، فقال معاوية: لا أحب أن أراهم، ولكن اعرضوا علي كتاب زياد، فقرىء عليه الكتاب وجاء الشهود فشهدوا، فقال معاوية ابن أبي سفيان: أخرجوهم إلى عذراء فاقتلوهم هنالك، قال: فحملوا إليها، فقال حجر: ما هذه القرية؟ قالوا: عذراء قال: الحمد لله، أما والله إني لأول مسلم نبح كلابها في 58 - ظ سبيل الله، ثم أتي بي اليوم إليها مصفوداً، ودفع كل رجل منهم إلى رجل من الشام ليقتله قال: ودفع حجر إلى رجل من حمير فقدمه ليقتله، فقال: يا هؤلاء دعوني أصلي ركعتين، فتركوه فتوضأ وصلى ركعتين فطول فيهما، فقيل له: طولت أجزعت، فانصرف فقال: ما توضأت قط إلاَّ صليت وما صليت صلاة قط أخف من هذه، ولئن جزعت لقد رأيت سيفاً مشهوراً وكفنا منشوراً وقبراً محفوراً، وكانت عشائرهم جاؤوهم بالأكفان وحفروا لهم القبور، ويقال بل معاوية الذي حفر لهم القبور وبعث إليهم بالأكفان. وقال حجر: اللهم أنا نستعديك على أمتنا، فإن أهل العراق شهدوا علينا، وإن أهل الشام قتلونا. قال:فقيل لحجر: مد عنقك، فقال: إن ذاك لدم ما كنت لأعين عليه، فقدم فضربت عنقه، وكان معاوية قد بعث رجلاً من بني سلامان بن سعد يقال له هدبة بن فياض - قال الصوري: وفي نسخة قبّاص مضبوط مجوَّد - فقتلهم وكان أعور، فنظر إليه رجل منهم من خثعم، فقال: إن صدقت الطير قتل نصفنا ونجا نصفنا، قال: فلما قتل سبعة أردف معاوية برسول بعافيتهم جميعاً فقتل سبعة ونجا ستة، أو قتل ستة ونجا

سبعة، قال: وكانوا ثلاثة عشر رجلاً، وقدم عبد الرحمن بن الحارث بن هشام على معاوية برسالة عائشة، وقد قتلوا، فقال يا أمير المؤمنين أين عزب عنك حلم أبي سفيان 59 - و فقال: غيبة مثلك عني من قومي، وقد كانت هند ابنة زيد بن مجرية - قال الصوري: وفي نسخة مخربة - الأنصارية وكانت شيعية قالت حين سيُر حجر إلى معاوية:، قال: وكانوا ثلاثة عشر رجلاً، وقدم عبد الرحمن بن الحارث بن هشام على معاوية برسالة عائشة، وقد قتلوا، فقال يا أمير المؤمنين أين عزب عنك حلم أبي سفيان 59 - و فقال: غيبة مثلك عني من قومي، وقد كانت هند ابنة زيد بن مجرية - قال الصوري: وفي نسخة مخربة - الأنصارية وكانت شيعية قالت حين سيُر حجر إلى معاوية:
ترفع أيها القمر المنير ... ترفع هل ترى حجراً يسير
يسير إلى معاوية بن حرب ... ليقتله كما زعم الخبير
تجبرت الجبابر بعد حجر ... وطاب لنا الخورنق والسدير
وأصبحت البلاد له محولا ... كأن لم يحبها يوم مطير
ألا يا حجر حجر بني عدي ... تلقتك السلامة والسرور
أخاف عليك ما أردى عديا ... وشيخاً في دمشق له زئير
فإن تهلك فكل عتيد قوم ... إلى هلك من الدنيا يصير
وتروى هذه الأبيات لهند أخت حجر بن عدي، ويروى فيها بيت قبل البيت الأخير، وبعد السادس:
يرى قتل الخيار عليه حقاً ... له من شر أمتَّه وزير
ويروى فيها بيت آخر هو:
ألا يا ليت حجراً مات موتاً ... ولم ينحر كما نحر البعير
وفي بعض الرويات: أخاف عليك ما أردى عليا وهو أشبه.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: 59 - ظ أخبرنا عبد الواحد بن محمد قال: أخبرنا علي بن أحمد قال: أخبرنا القاسم بن سالم قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا نوح بن حبيب القومسي قال: سمعت أبا بكر بن عياش، وذكر عنده حجر، فقال: لما انطلق بحجر إلى معاوية قالت أخته: ؟ألا يا أيها القمر المنير تبصر هل ترى حجراً يسير
يسير إلى معاوية بن حرب ... فيقتله كما زعم الأمير
ألا يا حجر حجر بني عدي ... تلقتك السلامة والسرور
قال نوح: قال أبو بكر بن عياش: قاتلها الله ما كان أشعرها.
وقال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني عمران بن بكار بن راشد البراد المؤذن الحمصي قال: حدثنا هاشم بن عمرو أبو عبد الله شقران قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن شرحيل بن مسلم الخولاني قال: لما أتى معاوية بن أبي سفيان بحجر بن عدي الأدبر وأصحابه، استشار الناس في قتلهم، فمنهم المشير، ومنهم الساكت، ثم دخل منزله، فلما صلى الظهر قام في الناس، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أين عمرو بن الأسود؟ فقام عمرو بن الأسود، فحمد الله وأثنى عليه وقال: ألا أنا بحصن من الله حصين لم نمله، ولم نؤمر بتركه، فذكر الحديث.
قال ابن عياش: فقلت لشرحيل بن مسلم: كيف صنع بهم؟ قال: قتل بعضاً، وخلى سبيل بعض، فقلت لشرجيل بن مسلم: ما كان شأنهم؟ قال: وجدوا كتاباً لهم إلى أبي بلال، وأن محمداً وأصحابه قاتلوا على التنزيل فقاتلوا أنتم 60 - و على التأويل.

أخبرنا عبد الرحمن بن أبي منصور في كتابه قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون قال: أخبرنا محمد بن علي بن الحسن أبو عبد الله الحسيني المعروف بابن عبد الرحمن قال: حدثنا أبو القاسم علي بن محمد بن الفضل الدهقان قال: حدثنا محمد بن علي بن السمين قال: حدثنا محمد بن زيد الرطاب قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: أخبرني المسعودي قال: حدثنا معاوية بن هشام عن عطاء بن مسلم عن عمرو بن قيس قال: والله لحدثينه بعض أصحابنا أن حجر بن عدي كان عند زياد وهو يومئذ على الكوفة، إذ جاءه قوم قد قتل منهم رجل فجاء أولياء القتيل وأولياء المقتول فقالوا: هذا قتل صاحبنا، فقال أولياء القاتل: صدقوا ولكن هذا نبطي وصاحبنا عربي، ولا يقتل عربي بنبطي، فقال زياد: صدقتم ولكن أعطوهم الدية، فقالوا: لا حاجة لنا في الدية، إنما كنا نرى أن الناس فيه سواء، فقام حجر بن عدي فقال: تعطيل كتاب الله، وخلاف سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وأنا حي لتقتلنه أو لأضربن بسيفي حتى أموت والإسلام عزيز، قال: فوالله ما برح حتى وضع السكين على حلقه، وكان يقال: أول ذل دخل على الكوفة قتل حجر بن عدي قال: اسم المسعودي هذا يوسف بن كليب.
أنبأنا أبو نصر قال: أخبرنا أبو القاسم قال: اخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: أخبرنا أبو القاسم بن العلاف قال: أخبرنا أبو الحسن الحمامي قال: أخبرنا أبو صالح الأخباري قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثنا أحمد بن 60 - ظ إبراهيم قال: حدثنا حجاج قال: حدثنا أبو معشر قال: فركب إليهم معاوية حتى أتاهم بمرج العذراء، فلما أتاهم سلم عليهم وسألهم: من أنت من أنت؟ حتى انتهى إلى حجر فقال: من أنت؟ قال: حجر بن عدي، قال: كم مربك من السنين؟ قال: كذا وكذا، قال: كيف أنت والنساء اليوم؟ فأخبره، قال: كيف أنت والطعام اليوم؟ فأخبره، ثم انصرف وأرسل إليهم رجلاً أعور معه عشرون كفناً، فلما رآه حجر تفاءل وقال: يقتل نصفكم ويترك نصفكم: قال فجعل الرسول يعرض عليهم التوبة والبراءة من علي، فأبى عشرة وتبرأ عشرة، فقتل الذين أبوا وترك الذين تبرؤوا وحفر لهم قبوراً، فجعل يقتلهم ويدفنهم، فلما انتهى إلى حجر، جعل حجر يرعد، فقال له الذي أراد قتله: مالك ترعد؟ قال: قبر محفور وكفن منشور، وسيف مشهور، قال: تبرأ من علي؟ قال:لا أتبرأ منه، فضرب عنقه ودفنه، فلما كان بعد ذلك دخل عليه عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال: أقتلت حجر ابن الأدبر؟ قال: أقتل حجر بن الأدبر أحب إليَّ من أن أقتل معه مائة ألف قال: أفلا سجنته فتكفيكه طواعين الشام؟ قال: غاب عني مثلك من قومي يشير على مثل هذه المشورة، فلما حج معاوية دخل على عائشة فقالت له: يا معاوية قتلت حجر بن أدبر؟ قال: أقتل حجراً أحب إلي من أقتل معه مائة ألف.

قال: وحدثنا عبد الله قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو المغيرة الخولاني عبد القدوس بن الحجاج عن ابن عياش - يعني - إسماعيل قال: حدثني شرحبيل بن مسلم قال: حدثني أبو (61 - و) شرحبيل شيخ ثقة من ثقات أهل الشام قال: لما بعث بحجر بن عدي الأدبر وأصحابه من العراق إلى معاوية بن أبي سفيان استشار الناس في قتلهم فمنهم المشير ومنهم الساكت، فدخل معاوية إلى منزله، فلما صلى الظهر قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم جلس على المنبر، فقام المنادي فنادى: أين عمرو بن الأسود العنسي؟ فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أنا بحصن من الله حصين لم نؤمر بتركه، قولك يا أمير المؤمنين في أهل العراق ألا وأنت الراعي ونحن الرعية، ألا وأنت أعلمنا بدائهم وأقدرنا على دوائهم وإنما علينا أن نقول: سمعنا واطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير قال معاوية: أما عمرو بن الأسود فقد تبرأ إلينا من دمائهم ورمى بها من عيني معاوية، ثم قام المنادي فنادى: أين أبو مسلم الخولاني؟ فقام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد ولا والله ما أبغضناك منذ أحببناك ولا عصيناك منذ أطعناك ولا فارقناك منذ جامعناك، ولا نكثنا بيعتك منذ بايعناك، سيوفنا على عواتقنا، إن أمرتنا أطعناك وإن دعوتنا أجبناك، وإن سبقتنا أدركناك، وإن سبقناك نظرناك، ثم جلس، ثم قام المنادي فقال أين عبد الله بن محمد الشرعبي؟ فقام فحمد الله، ثم قال: وقولك يا أمير المؤمنين في هذه العصابة من أهل العراق إن تعاقبهم فقد أصبت، وإن تعفو فقد أحسنت، ثم جلس، ثم قام المنادي فنادى: أين عبد الله بن أسد القسري؟ فقام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (61 - ظ) يا أمير المؤمنين رعيتك وولايتك وأهل طاعتك إن تعاقبهم، فقد جنوا على أنفسهم العقوبة، وإن تعفو فإن العفو أقرب للتقوى يا أمير المؤمنين لا تطع فينا من كان غشوماً لنفسه ظلوماً بالليل نؤوما عن عمل الآخرة سؤوما، يا أمير المؤمنين إن الدنيا قد انخسفت أوتادها ومالت بها عمادها، وأحبها أصحابها واقترب منها ميعادها، ثم جلس فقلت لشرحبيل: فكيف صنع؟ قال: قتل بعضاً واستحيى بعضاً، وكان فيمن قتل حجر بن عدي بن الأدبر.
قال: فلما قدم لتضرب عنقه قال: لا تطلقوا عني حديدا وادفنوني، وما أصاب الثرى من دمى فإني ألتقي أنا ومعاوية غدا بالجادة، قال أبي: قال أبو المغيرة، قال: فكان ابن عباس لا يكاد يحدث بهذا الحديث إلاّ بكى بكاء شديدا وقال: حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي قال حدثني اسملعيل بن ابراهيم قال: حدثنا ابن عون عن نافع قال: كان ابن عمر في السوق فنعي له حجر فأطلق حبوته وقام وغلبه النحيب.
وقال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا أبو معمر قال: حدثنا ابن عليه عن ابن عون عن نافع أو عن من حدثه، قال: لما بلغ ابن عمر قتل حجر وهو في السوق حل حبوته ثم انتحب.
قال: وحدثنا عبد الله قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا حجاج قال: قال محمد بن طلحة: وحدثنا أبو عبيد الأزدي أن الحسن بن علي أتاه ناس من أهل الكوفة من الشيعة، فشكوا إليه ما صنع زياد بحجر وأصحابه وجعلوا يبكون عنده وقالوا: نسأل الله (62 - و) أن يجعل قتله بأيدينا، فقال: مه إن في القتل كفارات، ولكن نسأل الله أن يميته على فراشه - كذا قال: أبو عبيد وهو أبو عبيدة.
قال: حدثنا عبد الله قال: أخبرت عن محمد بن حميد قال: حدثنا جرير عن سفيان الثوري قال: قال معاوية: ما قتلت أحداً إلاّ وأنا أعرف فيم قتلته وما أردت به، ما خلا حجر بن عدي فإني لا أعرف فيما قتلته.
قال: وحدثنا عبد الله قال: حدثنا يوسف بن موسى القطان قال: سمعت جريراً الرازي يقول: قال معاوية: ما قتلت أحداً إلا وأنا أعلم فيم قتلته إلاّ حجر بن عدي.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل عن أبي القاسم بن عبد الملك قال: أخبرني ابن عتاب وابن أبي تليد إجازة قالا: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: أخبرنا خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي بن السكن قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن بسطام قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن زياد ابن علاقة قال: رأيت بن الأدبر حمله زياد إلى معاوية على بعير، ورجلاه من جانب (62 - ظ).
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد إذناً قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل ابن أحمد بن عمر بن السممرقندي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا محمد ابن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: حدثني حرملة قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني ابن لهيعة عن أبي الأسود قال: دخل معاوية على عائشة فقالت: ما حملك على قتل أهل عذراء، حجر وأصحابه؟ فقال: يا أم المؤمنين إني رأيت قتلهم صلاحاً للأمة، وأن بقاءهم فساد للأمة، فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيقتل بعذراء ناس يغضب الله لهم وأهل السماء.
وقال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا عمرو بن عاصم قال: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن مروان بن الحكم قال: دخلت مع معاوية على أم المؤمنين عائشة، فقالت: يا معاوية قتلت حجراً وأصحابه وفعلت الذي فعلت، أما خشيت أن أخبأ لك رجلاً فيقتلك؟ فقال: لا إني في بيت أمان، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الإيمان قيدّ الفتك لا يفتك مؤمن " ، يا أم المؤمنين، كيف أنا فيما سوى ذلك من حاجاتك وأمورك؟ قالت: صالح. قال: فدعيني وحجراً حتى نلتقي عند ربنا عز وجل.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: (65 - و) أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسين، وأبو الفضل بن خيرون، قالا: أخبرنا محمد بن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد قال: أخبرنا عمر بن أحمد بن اسحاق قال: حدثنا خليفة بن خياط: في التابعين من أهل الكوفة قال: حجر بن عدي قتل سنة إحدى وخمسين يكنى أبا عبد الرحمن.
قال أبو البركات الأنماطي: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل قال: حدثنا أبي قال: وفي سنة إحدى وخمسين قتل حجر بن عدي وأصحابه.
أنبأنا حسن بن أحمد الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك ابن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة إحدى وخمسين، حجر بن عدي، أبو عبد الرحمن، قتل.
أنبأنا أبو محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: سنة إحدى وخمسين، فيها قتل حجر بن عدي بن الأدبر، سمي بذلك لأنه ضرب بالسيف على إليته.
وقال: أخبرنا الحافظ بن أبو القاسم قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد قالت: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود قال: أخبرنا أبو بكر بن المقري قال: حدثنا محمد بن جعفر المنبجي قال: حدثنا عبيد الله بن سعد الزهري قال: قرأت بخط عمي يعقوي بن إبراهيم: مات زياد بن أبي سفيان سنة ثلاث وخمسين وفيها قتل حجر بن الأدبر الكندي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن عن أبي الحسين محمد بن (65 - ظ) كامل بن ديسم قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن المسلمة أبو جعفر - فيما كتب إلي - قال: أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى - إجازة - قال: أخبرنا أحمد بن القاسم ابن نصر النيسابوري قال: حدثنا أبو أيوب سليمان بن أبي شيخ قال: حدثنا محمد ابن الحكم قال: حدثنا أبو مخنف لوط بن يحيى قال: قال عبد الله بن خليفة الطائي يرثي حجر بن عدي من قصيدة طويلة:
أقول ولا والله أنسى فعالهم ... سجيس الليالي أو أموت فأقبرا
على أهل عذرا السلام مضاعف ... من الله يسقيها السحاب الكهورا
ولاقى بها حجر من الله رحمة ... فقد كان أرضى الله حجر وأعذرا
ولا زال تهطال ملث وديمة ... على قبر حجر أو ينادى فيحشرا
فيا حجر من للخيل تدمى نحورها ... أو الملك العادي إذا ما تغشمرا
ومن صادع بالحق بعدك ناطق ... بتقوى ومن إن قيل بالجور غبرا
فنعم أخو الإسلام كنت وإنني ... لأطمع أن تعطى الخلود وتجبرا

وقد كنت تعطي السيف في الحرب حقه ... وتعرف معروفا وتنكر منكرا
قال: وقال قيس بن فهدان الكندي يرثيه:
يا حجر يا ذا الخير والحجر ... يا ذا الفعال ونابه الذكر
كنت المدافع عن ظلامتنا ... عند الطلوع ومانع الثغر
أما قفلت فأنت خيرهمفي العسر ذي العيصاء واليسر(66و)
يا عين بكي خير ذي يمن ... وزعيمها في العرف والنكر
فلأبكين عليه مكتئباً ... فلنعم ذو القربى وذو الصهر
يا حجر من للمعتفين إذا ... لزم الشتاء وقلّ من يقري
من لليتامى والأرامل إن ... حقب الربيع وضن بالوفر
أم من لنا في الحرب إن بعثت ... مستبسلا يفري كما يفري
فسعدت ملتمس التقى وسقى ... جدثاً أجنك مسبل القطر
كانت حياتك إذ حييت لنا ... عزاً وموتك قاصم الظهر
وترثينا في كل نازلة ... نزلت بساحتنا ولا تبري
يا طول مكتأبي لقتلهم حجراً ... وطول حرارة الصدر
قد كنت أصعق جهرة أسفاً ... وأموت من جزع على حجر
فلقد جدلت وقد قتلت ... ومن لم تستعبه حوادث الدهر
فلذاك قلبي مشعر كمداً ... ولذاك دمعي ليس بالنزر
ولذاك نسوتنا حواسر ... يستبكين بالإشراق والظهر
ولذاك رهطي كلهم أسف ... جم التأوه دمعه يجري
حجر بن عنبس الكوفي:
أبو العنبس وقيل أبو السكن، أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به ولم يره، ويقال له كدّام الدم، لأنه شرب الدم في الجاهلية، روى عن: علي رضي الله عنه، ووائل بن حجر. روى عنه: موسى (66 - ظ) بن قيس الحضرمي والمغيرة بن أبي الحر الكندي، وسلمة بن كهيل. وشهد مع علي عليه السلام صفين والنهروان، وقيل إنه قتل بصفين وقبره بالرقة.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد الكراني، قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي، قال: أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا موسى بن قيس الحضرمي قال: سمعت حجر ابن عنبس، وكان قد أكل الدم في الجاهلية، وشهد مع علي رضي الله عنه صفين، فقال: خطيب أبو بكر وعمر فاطمة رضي الله عنها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هي لك يا علي.
أنبأنا أبو الفتوح بن أبي الفرج الحصري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر: قال حجر بن عنبس الكوفي، أبو العنبس، وقيل يكنى أبا السكن، أدرك الجاهلية، وشرب فيها الدم، ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه آمن به في حياته، روايته عن علي بن أبي طالب ووائل بن حجر، وهو معدود في كبار التابعين.
ذكر البخاري قال: أخبرنا أبو نعيم عن موسى بن قيس الحضرمي قال: سمعت حجراً وكان شرب الدم في الجاهلية، قال أبو عمر شعبه: كنى حجراً هذا أبا العنبس في حديث وائل بن حجر عن النبي عليه السلام (67 - و) في التابعين وغير شعبة يقول: حجر أبو السكن.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبدان قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: حجر بن عنبس أبو السكن الكوفي، كناه محمد عن هارون بن المغيرة عن عنبسة عن سلمة بن كهيل.
وقال شعبه: أبو العنبس سمع علياً، ووائل.

قال أبو نعيم عن موسى بن قيس، قال: سمعت حجر وكان شرب الدم في الجاهلية، قال: المُكاء الصفير، وقال شعبة، عن سلمة: عن حجر أبي العنبس عن علقمة بن وائل عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال آمين خفض بها صوته، قال أبو عبد الله: وخولف فيه في ثلاثة أشياء: قيل حجر أبو السكن الكوفي، كناه محمد عن هارون بن المغيرة عن عنبسة عن سلمة بن كهيل، وقال شعبة: أبو العنبس سمع علياً ووائل، قال أبو نعيم: عن موسى قال: سمعت حجر وقال: هو ابن عنبس، وزاد فيه علقمة، وليس فيه وقال: خفض وإنما هو جهر بها.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المكتب كتابة قال: أخبرنا أبو منصور محمد ابن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: حجر بن عنبس، أبو العنبس، ويقال أبو السكن الحضرمي، أدرك الجاهلية، غير أنه لم يلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عن علي بن أبي طالب، ووائل بن حجر (67 - ظ) حدث عن سلمة بن كهيل، وموسى بن قيس والمغيرة بن أبي الحر، وكان ممن سكن الكوفة، وصحب علياً، وسار معه إلى النهروان لقتال الخوارج، وورد المدائن في صحبته، وكان ثقة.
؟؟حجر بن قحطان الوداعي:
يروى له شعر، وشهد صفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ذكر نصر ابن مزاحم في أخبار صفين قال: ولما عبأ معاوية حماة الخيل لهمدان، فردت خيله أسف فخرج بسيفه فحملت عليه همدان ففاتها ركضاً، وانكسر أهل الشام، ورجعت همدان إلى مكانها وقال حجر بن قحطان الوداعي:
ألا يا بن قيس قرت العين إذ رأت ... فوارس همدان بن زيد بن مالك
على عارفات للقاء عوابسٍ ... طوال الهوادي مشرفات الحوارك
موقرة بالطعن في ثغراتها ... يزلن ويلحقن القنا بالسنابك
عباها علي لابن هند وخيله ... فلو لم يفتها كان أول هالك
وكانت له في يومه عند ظنه ... وفي كل يوم كاسف الشمس حالك
وكانت بحمد الله في كل كربة ... حصوناً وعزاً للرجال الصعالك
فقل لأمير المؤمنين أن ادعنا ... إذا شئت إنا عرضة للمهالك
ونحن حطمنا السمر من حي حمير ... وكندة والحي الخفاف السكاسك
وعك ولخم شائلين سياطهمحذار العوالي كالإماء العوارك(68و)
وقد روى ابن أعثم في كتاب الفتوح هذا الشعر لزياد بن كعب الهمداني والله أعلم.
؟؟حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة بن حجر بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين:
ابن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن ثور، وهو كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أُدد بن يشجب بن عريب بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان الكندي، ويعرف بحجر الشر، وعرف بذلك ليفصلوا بينه وبين حجر بن عدين وكان حجر بن عدي يعرف بحجر الخير، وكلاهما من كندة، وكان شريراً أيضاً فعرف بذلك للفصل بينهما، وكان جد حجر بن عدي جبلة بن عدي بن ربيعة، وجد جد حجر بن يزيد حجر بن عدي بن ربيعة، فكانا أخوين، ووفد حجر بن يزيد هذا على النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم، وعاد إلى اليمن، ثم نزل بعد ذلك الكوفة، وشهد صفين مع علي رضي الله عنه، وجعله على كندة، وهو أحد من شهد من أصحاب علي رضي الله عنه بينه وبين معاوية على كتاب تحكيم الحكمين، وشهد أيضاً الجمل مع علي وجعله على خيل كندة.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري، قالا: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: حدثنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال في تسمية أمراء يوم الجمل من أصحاب علي، قال: وجعل على خيل كندة حجر بن يزيد.
أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر (68 - ظ) اللفتواني قال: أخبرنا أبو صادق محمد بن أحمد الفقيه قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن أبي بكر العدل قال: أخبرنا أبو أحمد العسكري قال: وكان مع علي بصفين حجر الخير وحجر الشر، فأما حجر الشر فهو حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة، وكان شريفاً ولاه معاوية بعد ذلك أرمينية، وأرادوا أن يفصلوا بينه وبين حجر بن عدي، فقالوا لهذا حجر الشر.

أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة بن حجر بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب ابن عريب بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان الكندي، المعروف بحجر الشر، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم وعاد إلى اليمن، ثم نزل الكوفة، وشهد الحكمين بدومة، له ذكر.
أنبأنا عمر بن طبرزد عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي، وأبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال في الطبقة الرابعة: حجر الشر بن يزيد بن سلمة بن مرة بن حجر بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين كان شريفاً، وقد وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم، وإنما سمي حجر الشر، لأن حجر بن الأدبر (69 - و) كان يسمى حجر الخير، فأرادوا أن يفصلوا بينهما، وكان أيضاً شريراً، وكان أحد شهود يوم الحكمين مع علي، وولاه معاوية بن أبي سفيان بعد ذلك أرمينية.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: بلغني أن حجر بن يزيد بقي إلى حين أخذ زياد حجر بن الأدبر وأنفذه إلى معاوية، وكان ذلك في سنة إحدى وخمسين.
حجوة بن مدرك الغساني:
الكوفي ثم المنبجي، أصله من الكوفة ونزل منبج، ثم انتقل إلى دمشق فسكنها وله أشعار، روى عن: هشام بن عروة، وسفيان الثوري، وسليمان الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وفضيل بن غزوان، ويونس بن أبي إسحق، وعبد الملك بن أبي سليمان، وموسى بن عبيدة الربذي، وسعيد بن عبد الرحمن أخي أبي حرّة، روى عنه: هشام بن عمار، وسعيد بن إسماعيل بن مساحق، وعثمان بن عبد الرحمن الطرائفي الحراني، وعيسى بن موسى عنجار، وأبو الجماهر محمد بن عثمان الدمشقي، والحكم بن موسى.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن الدمشقي بها، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني، قال: أخبرنا سهل بن بشر، قال " : أخبرنا محمد بن الحسين بن الطّفال، قال حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الله الذهلي، قال: حدثنا موسى بن سهل، قال حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا (69 - ظ) حجوة بن مدرك عن عبد الله بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجار أحق بشفعة جاره ينتظر به وإن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم بن السوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: أخبرنا عبد الوهاب الكلابي قال: أخبرنا أحمد بن عمير بن جوصاء - قراءةً - قال: سمعت أبا الحسن ابن سُميع يقول في الطبقة السادسة: حجوة بن مدرك الغساني.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي، عن عبد الكريم بن حمزة السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا، قال: وأما حجوة: فحجوة بن مدرك، روى عن هشام بن عروة حديث قبض العلم، روى عنه:عيسى بن موسى التيمي.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله - إجازة - ح.
قال: وأخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: حجوة بن مدرك، كوفي سكن دمشق، سألت أبي عنه فقال: محله الصدق.
ذكر أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الكتاني الأصبهاني قال: قلت لأبي حاتم الرازي: ما تقول في حجوة بن مدرك يروى (70 - و) عنه الحكم بن موسى؟ فقال: الغساني صدوق.

أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد - فيما أذن لنا في روايته، سمعته بدمشق - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي، قال: حجوة بن مدرك الغساني، أصله من الكوفة سكن دمشق وكان يكون بمنبج، وله أشعار في فتنة أبي الهيذام، روى عن: إسماعيل بن أبي خالد، ويونس بن إسحق، وفضيل ابن غزوان، وموسى بن عبيدة، وسفيان الثوري، وهشام بن عروة والأعمش، وسعيد بن عبد الرحمن أخي أبي حُرّة، وعبد الملك بن أبي سليمان.
روى عنه: هشام بن عمار، وعثمان بن عبد الرحمن الطرائفي، وأبو الجماهير محمد بن عثمان، وعيسى بن موسى عُنجار، والحكم بن موسى، وسعيد بن إسماعيل بن مساحق.
قال الحافظ أبو القاسم: قرأت في كتاب أبي الحسين الرازي فيما ذكره عن شيوخه قال: وكان مما قيل في تلك العصبية من الأشعار ما أفادنيه بعض أهل دمشق، عن أبيه، عن جده وأهل بيته من المرثيين قال: قال حجر بن مدرك الغساني يرثي أسعد الغساني:
ألا هبلت أم الفتى أسعد الندى ... لقد ثكلت ليثاً شديد الشكائم
أغرّ نمته عصبة يمنية ... طوال الرماح ماضيات الصوارم
أتت بفتى رخو الحمائل صارم ... إذا حام بأن الموت فوق الجماجم
سأبكي فتى غسان أسعد ما دعتعلى فنن الأشجار ورق الحمائم(70ظ)
وأبكيه إما عشت بالبيض والقنا ... وفتيان صدق كالليوث الضراغم
يخوضون نحو الموت خوضاً ... كأنهم مصاعب تحت الداميات المناسم
بأسيافهم زار الحتوف ابن كامل ... ومن بعده مثواه زر بن حاتم
وقال حجوة:
قتلنا أُناساً فاستقلنا بقتلهم ... هنات أضعناها لنا أول الأمر
فلا تخدعي يا قيس عيلان واصبري ... رويدك إنّا سوف نعقب بالصبر
ستأتيكم مثل الأسود مغيرةً ... على كل طيّار يزيد على الزجر
فإن يك فتياني نبوا عن قتالهم ... بجانب حرلانٍ وخاموا عن النصر
حدير السلمي:
ويقال الأسلمي، أبو قرّة وقيل أبو فوزة، وقيل إن له صحبة، روى عن أبي الدرداء، ولقي كعب الأحبار، وسمع منه، روى عنه يونس بن ميسرة بن حلبس والعلاء بن الحارث وبشير مولى معاوية.
وشهد صفين مع علي رضي الله عنه، وذهبت عينه يومئذ، وشهد غزوة الصائفة في زمن عثمان.
نقلت من كتاب صفين تأليف أبي جعفر محمد بن خالد الهاشمي، يعرف بابن أمه، قال: حدثني الوليد بن مسلم، قال حدثنا سعيد بن عبد العزيز، قال: لقي أبو قرُة حدير السلمي كعب في فج معلولا فقال: حدثني حديثاً ينفعني الله به، قال: كيف أنتم إذا قاتلكم أهل الردة؟ قال: قلت أمن المسلمين أم من المشركين قال: بل من المسلمين، قال: قلت أمن العرب أم من العجم؟ قال: لا بل من العرب، قال: قلت ولا يكون ذلك أبداً؟ قال: بلى، ثم قال: كيف بكم إذا قاتلتم أهل العاقول؟ قال: قلت أمن المسلمين أم من المشركين؟ قال: لا بل من المسلمين، قلت: أمن العرب أم من (71 - و) العجم؟ قال: من العرب، قلت: لا يكون ذلك أبداً، قال: بلى ثم عسى ألا ينفك حتى تعور فيها عينك ويهدم فيها فوك، فلما كان بصفين أصيبت عينه وهدم فوه حضر ورمي بجلمودة فذهب فوه.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني - بقراءتي عليه - قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم القرشي قال: حدثنا محمد بن عائذ قال: أخبرني الوليد عن صخر ابن جندلة أنه حدثة عن يونس بن ميسره بن حلبس عن أبي فوزة حدير السلمي قال: خرج بعث الصائفة، فاكتتب فيه كعب، فلما نفر البعث خرج كعب وهو مريض، قال: لأن أموت بحرستا أحب إلي من أن أموت بدمشق، ولأن أموت بدومة أحب إلي من أن أموت بحرستا هكذا قدماً في سبيل الله.
قال: فمضى فلما كان بفج معلولاً قلت: أخبرني، قال: شغلتني نفسي، قلت: أخبرني، قال: سيقتل رجل يضيء دمه لأهل السماء، ومضينا حتى إذا كنا بحمص توفي بها فدفناه هنالك بين زيتونات بأرض حمص، ومضى البعث فلم يقفل حتى قتل عثمان.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر قال: أخبرنا هبة الله بن إبراهيم بن عمر قال: حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا أبو بشر محمد بن أحمد قال: ذكر عبد الرحمن بن إبراهيم قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثني صخر بن جندلة أنه سمع يونس بن (71 - ظ) ميسرة بن حلبس يحدث عن أبي فروة حدير السُّلمي قال: حضرت بعث الصائفة، في آخر خلافة عثمان بن عفان، وقد كان كعب أوقع اسمه في البعث، فأمر بإخراجه، وهو مريض فقيل له: إنك مريض، فقال: أخرجوني في البعث فوالله لأن أموت بحرستا أحب إليّ من أموت بدمشق ولأن أموت بدومة أحب إليّ من أن أموت بحرستا هكذا قدماً في سبيل الله، قال أبو فروة: فأخرجناه فمات حين انتهينا إلى حمص.
أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن صفوان البصري قال: حدثنا إبراهيم بن دحيم قال: حدثنا هشام عن صدقة بن خالد عن عثمان بن أبي العاتكة قال: حدثني أخ لي يقال له زياد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال: " اللهم بارك لنا في شهرنا هذا الداخل " ، فذكرت الحديث وقال: توالى على هذا الدعاء ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سمعوه منه والسابع صاحب الفرس الخزبور والرمح الثقيل حدير أبو فروة السلمي.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد - فيما أجازه لنا - قال: أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر بن اللالكائي قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني أبي قال: أخبرنا (72 - و) موسى بن داود عن ابن لهيعة عن بكر بن سوادة قال: دخل حدير الأسلمي على أبي الدرداء يعوده، وعليه جبة من صوف، وقد عرق فيها وهو نائم على حصير، فقال: يا أبا الدرداء ما يمنعك أن تلبس من الثياب التي يكسوك معاوية، وتتخذ فراشاً؟ قال: إن لنا داراً لها نعمل وإليها نظعن، والمخف فيها خير من المثقل.
أنبأنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي الحسن علي بن المسلم الفقيه قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر قال: أخبرنا أبو بكر الخرائطي قال: حدثنا العباس بن عبد الله الترقفي قال: حدثنا أبو يزيد عن الفضيل قال: كان أبو هريرة إذا أخذ عطاءه صرّ صرراً، فبعث بصرة إلى حدير وقال للرسول: أنظر ما يقول، فلما أتاه قال: اللهم إنك تذكر حديراً فاجعل حديراً لا ينساك، فسأل أبو هريرة الرسول، فأخبره، فقال: وضع الشكر عند من صنعه.
كتب إلينا أبو روح عبد المعز بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: حدثنا أبو الحسن الكارزي قال: أخبرنا علي ابن عبد العزيز عن أبي عبيد قال: سمعت ابن علية يحدث عن الجريري قال: حدثت أن أبا الدرداء ترك الغزو عاماً فأعطى رجلاً صرة فيها دراهم، فقال: انطلق فإذا رأيت رجلا يسير بين القوم حجزة في هيئته بذاذة فادفعها إليه، قال: ففعل فرفع (72 - ظ) رأسه إلى السماء فقال: اللهم لم تنس حديرا فاجعل حديرا لا ينساك قال: فرجع إلى أبي الدرداء فأخبره، فقال: ولي نعمة ربها.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن الفقيه - إجازة - عن أبي محمد عبد الرحمن بن أبي الحسين الداراني قال: أخبرنا أبو الفرج الأسفرائيني قال: أخبرنا أبو بكر الخليل بن هبة الله بن الخليل قال: أخبرنا عبد الوهاب الكلابي قال: حدثنا أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلاّب قال: حدثنا هشام بن خالد قال: حدثنا أبو مسهر قال: حدثنا يحيى بن حمزة عن العلاء بن الحارث أن أبا فوزة سار ميلا فلم يذكر الله، فرجع ثم قال: اللهم إنك لم تنس أبا فوزة فاجعل أبا فوزة لا ينساك.

أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد ابن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو تمام بن محمد قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو زرعة قال: في الطبقة التي تلي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي العليا أبو فوزة حدير السلمي.
أنبأنا أبو عبد الله بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: حدير السلمي، وقال يحيى بن حسان: حدثنا يحيى بن حمزة قال: حدثنا العلاء بن الحارث سمع أبو فوزة حدير مولى بني سليم قوله: حدثني عبد الله، قال: حدثنا دحيم قال: حدثنا الوليد قال: حدثني صخر بن جندلة سمع يونس بن ميسرة (73 - و) عن أبي فوزة حدير السلمي حضر آخر خلافة عثمان، وقال كعب: أخرجوني في البعث وهو مريض، فأخرجناه فمات حين انتهى إلى حمص.
أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور قال: أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو فوزة حدير مولى بني سليم روى عنه العلاء بن الحارث.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي عن أبي الفضل بن الحكاك قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الكريم بن عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أبو فوزة حدير السلمي.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد - فيما أذن لنا في روايته عنه - عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال: أما الأول أبو فروة بتقديم الراء فجماعة، وأما الثاني بتقديم الواو فهو أبو فورة حدير السلمي يروى عنه يونس بن ميسرة ذكره أبو بشر الدولابي في الأسماء والكنى كذا قاله بالراء.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي قال: حدير أبو فوزة ويقال ابو فروة الأسلمي ويقال السلمي مولاهم، يقال إن له صحبة، سكن حمص. روى عن أبي الدرداء وكعب الأحبار، روى عنه العلاء بن الحارث وبشير مولى (73 - ظ) معاوية ويونس بن ميسرة بن حلبس، وخرج مع كعب مع دمشق إلى حمص.
ذكر من اسمه حذيفة
حذيفة بن الحسن المصيصي:
حدث عن أبي أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم الطرسوسي ومحمد بن إبراهيم الدمشقي، روى عنه الحافظ أبو أحمد عبد الله بن عدي.
أخبرنا أبو حفص عمر بن طبرزد - إجازة - قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل ابن أحمد بن عمر السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو القاسم ابن مسعدة الإسماعيلي قال: أخبرنا حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد ابن عدي قال: حدثنا حذيفة بن الحسن قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الدمشقي قال: حدثنا يونس بن عطاء عن معروف مولى واثلة قال: سمعت واثلة يقول: رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمامة سوداء.
حذيفة بن قتادة المرعشي
من أهل مرعش كان أحد العباد المذكورين، صحب سفيان الثوري وروى عنه. روى عنه يوسف بن أسباط وابن أبي الدرداء ونبهان بن المغلس، والفيض بن اسحق، ومحمد بن أبي الورد، واشتغل بالعبادة عن الرواية.
أخبرنا عمي أبو غانم بن هبة الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن محمد بن حموية، ح.
وأنبأتنا زينب بنت الشعري، قالا: أخبرنا أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه الشاذياجي، ح.
وأنبأنا أبو النجيب إسماعيل بن عثمان القاري قال: أخبرنا أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم قالا: أخبرنا أبو القاسم (74 - و) عبد الكريم بن هوزان القشيري قال: سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن رحمه الله يقول: سمعت أبا العباس البغدادي يقول: سمعت جعفر بن محمد يقول: سمعت الجنيد يقول: سمعت السري يقول: كان أهل الورع في أوقاتهم أربعة: حذيفة المرعشي ويوسف بن أسباط، وإبراهيم بن أدهم، وسليمان الخواص، فنظروا في الورع فلما ضاقت عليهم الأمور فزعوا إلى التقلل.

أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا ألو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود الملثم بالقاهرة قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله بن حمد الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن بن الفراء، قال: ابن حمد - إجازة - قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الضراب قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل بن محمد الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا عمير بن مرداس قال: حدثنا خلف بن تميم قال: سمعت يوسف بن أسباط يقول: حج حذيفة بن قتادة المرعشي من مرعش بعشرة دراهم، قال: وسمعته يقول: ما حال في نفسي شيء منذ أربعين سنة إلا تركته.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي الصوفي بالبيت المقدس قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني الحافظ عن أبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد (74 - ظ) بن محمد بن يوسف قال: حدثنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا الحسن بن محبوب قال: حدثنا الفيض بن اسحاق قال: ذُكر عند حذيفة المرعشي الوحدة وما يكره منها، قال: إنما يكره ذلك للجاهل، فأما عالم، يعرف ما يأتي، أي فلا.
وقال: حدثنا الفيض قال: قال حذيفة: ما أعلم شيئاً من أعمال البر أفضل من لزومك بيتك، ولو كانت لك حيلة لهذه الفرائض كان ينبغي لك تحتال لها.
أخبرنا أبو هاشم بن عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا ذو النون بن أبي الفرج الصوفي - بقراءتي عليه مرة بعد أخرى - قال: أخبرنا أحمد بن علي بن الحسين المقرىء قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر الحمامي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجرهي قال: حدثنا جعفر بن محمد الصندلي قال: سمعت أبا الحسن محمد بن محمد بن أبي الورد يقول: كتب حذيفة المرعشي إلى يوسف بن أسباط: بلغني أنك بعت دينك بحبتين، وقفت على صاحب لبن فقلت: بكم هذا؟ فقال: هو لك بسدس، فقلت: لا بثمن، فقال هو لك، وكان يعرفك، اكشف عن رأسك قناع الغافلين، وانتبه من رقدة الموتى، واعلم أن من قرأ القرآن، ثم آثر الدنيا، لم آمن من أن يكون بآيات الله من المستهزئين.
بلغني أن حذيفة المرعشي توفي سنة سبع ومائتين (75 - و).
حذيفة بن اليمان:
ابن حسيل بن جابر بن أسيد بن عمرو بن مازن، وقيل حذيفة بن اليمان بن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة بن الحارث بن مازن، وقيل: حذيفة بن حسيل واليمان لقب حسيل، وقيل حسل بن جابر بن أسيد بن عمرو بن مازن، وقيل: اليمان ابن جابر بن عمرو بن ربيعة، وقيل: جروة هو اليمان الذي ينسب إليه حذيفة، وقيل ابن جابر بن ربيعة بن عمرو بن جروة بن الحارث بن مازن بن قطيعة بن عبس، وقيل الحارث بن قطيعة بن عبس وقيل الحارث بن مازن بن ربيعة بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان، أبو عبد الله العبسي القطعي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال بعضهم: هو حذيفة بن الحسيل بن اليمان. وقال بعضهم حذيفة بن حسيل بن جابر بن اليمان بن جابر.
شهد مع النبي صلى الله عيه وسلم أحداً وما بعدها، وقتل أبوه يومئذ، قتله بعض المسلمين وهو يظنه مشكا، وأمه الرباب من بني عبد الأشهل، وكان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى عنه صلى الله عليه وسلم، روى عنه عمار ابن ياسر، وجندب البجلي، وأبو أمامة الباهلي، وأبو الطفيل، وابنه أبو عبيدة بن حذيفة، وأبو حذيفة سلمة بن صهيبة، وربعي بن خراش، وأبو إدريس الخولاني، وطارق بن شهاب، ويزيد بن شريك التميمي، وزيد بن وهب، ومسلم بن نذير، وعلقمة وعبد الله بن الصامت، والوليد بن المغيرة، وهمام بن الحارث، وأبو البختري وأبو واكل شقيق بن سلمه، وصلة بن زفر العبسي، وطلحة بن يزيد، وعمرو بن حنظله، وخالد بن الربيع العبسي الكوفي، وأبو مجلز، وعبد الله بن عكيم، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وثعلبة بن زهدم الحنظلي، وحبة بن جوين العرني (75 - ظ) وعمرو بن ضرار، وزر بن حبيش، وأبو عبيدة المغيرة.

وسيره عمر بن الخطاب رضي الله عنه رسولا إلى ملك الروم إلى قسطنطينية، فاجتمع بها بجبلة بن الأيهم، وغزا بلاد الروم في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه في جيش أميره الوليد بن عقبة بن أبي معيط فاجتاز بحلب أو بعملها فيهما.
أخبرنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن عيلان قال: حدثنا أبو بكر الشافعي قال: حدثنا اسحاق الحربي قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة قال: كان رسول الله صلى الله عيه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالمسواك.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل القاضي - قراءة مني عليه بدمشق - قال: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل بن بشر قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن زريق قال: حدثنا القاضي الحسين بن إسماعيل الضبي ببغداد أبو عبد الله قال: حدثنا علي - يعني - ابن شعيب قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم الزهري قال: حدثنا أبي عن صالح - يعني - ابن كيسان عن الزهري قال: قال أبو إدريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني: سمعت حذيفة بن اليمان يقول: والله إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة، وما ذاك رسول صلى الله عليه وسلم حدثني من ذلك شيئا أسره إلي إن لم يكن حدث به غيري، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث مجلسا أنا فيه عن الفتن بعد الفتن: منهن ثلاث. أو قال ثلاث لا يذرن منهن كرياح الصيف منها صغار، ومنها كبار. قال حذيفة: فذهب ذلك الرهط كلهم غيري.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا(76 - و) أبو عبد الله الحسين بن علي بن أحمد المقرىء قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن النقور قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن عبد الله أخي ميمي قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن عبد الله بن أخي ميمي قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن محمد بن أحمد - املاء سنة ثمان عشرة وثلاثمائة - قال: حدثنا محمد بن يزيد أخو كرخويه قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا ابن جابر قال: حدثني بشر بن عبد الله الحضرمي قال: حدثني أبو إدريس أنه سمع حذيفة بن اليمان قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية فجاءنا هذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قال فهل بعد هذا الشر من خير؟ قال نعم وهدنة على دخن، قلت وما دخنه؟ قال: قوم تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم دعاة على باب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله فإن أدركني ذلك، قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو الفتح أحمد ابن الحسن الشاشي قال: أنبأنا أبو المعالي محمد بن محمد بن زيد الحسيني قال: أخبرنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله العدل قال: اخبرنا حمزة بن محمد قال: حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال: حدثنا عبد الكبير بن المعافى بن عمران قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي البختري عن حذيفة قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (76 - ظ) يتعلمون الخير وكنت أتعلم الشر قيل: لم؟ قال: إنه من اعتزل الشر وقع في الخير.
أخبرنا أحمد بن محمد بن سيدهم الأنصاري، قراءة عليه في منزله بدمشق، قال: أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس قال: حدثنا يونس بن حبيب قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا شعبة عن أبي اسحاق عن الوليد بن المغيرة عن حذيفة قال: قلت يا رسول الله إني ذرب اللسان، وعامة ذلك على أهلي، قال: فأين أنت من الاستغفار إني لأستغفر ربي في اليوم مائة مرة.

أخبرنا أبو الحسن المبارك بن أبي بكر بن مزيد الخواص، وأبو عبد الله محمد بن نصر بن أبي الفرج الحصري - قراءة عليهما وأنا أسمع ببغداد - قالا: أخبرنا أبو محمد بن نصر بن أبي الفرج الحصري قراءة عليهما وأنا أسمع ببغداد قالا: أخبرنا أبو محمد عبد الغني بن الحسن بن أحمد - قال الحصري: وأنا حاضر - قال: أخبرنا سعيد ابن أبي الرجاء الصيرفي قال: أخبرنا أبو العباس بن النعمان قال: أخبرنا أبو بكر بن المقري قال: حدثنا اسحاق بن أحمد بن نافع الخزاعي قال: حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني قال: حدثنا سفيان عن اسرائيل بن يونس عن أبي اسحاق عن مسلم ابن نذير عن حذيفة قال: شكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذربا في لساني فقال: أين أنت من الاستغفار، فإني لاستغفر الله في اليوم والليلة مائة مرة.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا أبو طالب عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن العجمي قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن العلوي قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي المرهبي قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا عمرو بن بزيع قال: حدثنا الحارث بن حجاج عن أبي معمر التيمي عن ساعدة بن سعد بن حذيفة بن اليمان أن حذيفة كان يقول: ما من يوم أقر لعيني، ولا أحب لنفسي من يوم آتي أهلي فلا أجد عندهم طعاما، ثم يقولون ما نقدر على قليل ولا كثير. وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله (77 - و) أشد حمية للمؤمن من الدنيا من المريض أهله من الطعام والشراب، والله اشد تعاهدا للمؤمن بالبلاء من الوالد لولده بالخير.
أخبرنا المبارك بن أبي بكر بن مزيد الخواص، وأبو عبد الله محمد عبد الغني بن الحسن بن أحمد - قال الحصري: وأنا حاضر - قال: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، أخبرنا أبو العباس بن النعمان، قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرىء قال: حدثنا اسحاق بن أحمد بن نافع الخزاعي قال: حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني قال: حدثنا سفيان عن أبي فروة الجهني قال: سمعت عبد الله بن عكيم قال: كنا عند حذيفة بالمدائن، فاستسقى دهقانا فأتاه بإناء فيه فضة فحذفه به حذيفة، وكان رجلا فيه حدة، فكرهوا أن يكلموه، ثم التفت إلى القوم فقال: اعتذر إليكم من هذا إني قد كنت تقدمت إليه ألا يسقيني في هذا، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال: لا تشربوا في آنية الفضة والذهب ولا تلبسوا الديباج والحرير، فإنه لهم في الدنيا ولكم في الآخرة.
وقال: حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن عبد الرحمن عن حذيفة مثله.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا عمر بن عبد الله قال: أخبرنا أبو الحسن بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل بن اسحاق قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا حماد بن (77 - ظ) سلمة قال: حدثنا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن حذيفة قال: خيرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الهجرة والنصرة فاخترت النصرة. قال وكان يكنى أبا عبد الله، وسلمان الفارسي يكنى أبا عبد الله.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو نصر بن رضوان وأبو غالب ابن البناء، وعبد الله بن محمد بن نجا، ح.

وأخبرنا به عمر بن طبرزد إجازة عن أبي غالب بن البناء، قالوا: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا العباس بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن إسماعيل - يعني - الأحمسي قال: حدثنا عمرو العنقزي قال: حدثنا إسرائيل عن ميسرة بن حبيب عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش عن حذيفة قال: قالت لي أمي: متى عهدك بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ فذكر الحديث، وقال في آخره سآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لي ولك فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب فصلى ما بينهما ما بين المغرب والعشاء ثم انصرف فاتبعه، قال: فبينا هو يمشي إذ عرض له عارض فناجاه ثم مضى وابتعته فقال: من هذا؟ قلت: حذيفة، قال: ما جاء بك يا حذيفة؟ فأخبرته بالذي قالت لي أمي فقال: غفر الله لك يا حذيفة ولأمك، أما رأيت العارض الذي عرض لي؟ قلت: بلى بأبي أنت وأمي، قال: فإنه ملك الملائكة لم يهبط إلى الأرض قبل ليلته هذه، استأذن ربه في أن يسلم علي (78 - و) فيسرني - أو قال: فأخبرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: حدثنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرنا أبو علي أحمد بن محمد ابن فضالة الحمصي قراءة عليه قال: حدثنا بحر بن نصر بن سابق الخولاني قال: حدثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني قال: حدثنا فطر بن خليفة عن كثير أبي إسماعيل عن عبد الله بن مليل قال: سمعت عليا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لم يكن بني قبلي إلا أعطي سبعة نجباء وزراء ورفقاء وإني أعطيت أربعة عشر: حمزة، وجعفر، وأبو بكر، وعمر، وعلي، والحسن والحسين، سبعة من قريش، وابن مسعود، وسلمان، وعمار، وحذيفة، وأبو ذر، والمقداد، وبلال.
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا يوسف بن الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس قال: حدثنا يونس بن حبيب قال: حدثنا أبو داود سليمان بن داود الطيالسي قال: حدثنا شريك قال: حدثنا عثمان بن عمير قال: حدثنا زاذان عن حذيفة قال: قلنا: يا رسول الله لو استخلفت؟ فقال: لو استخلفت فعصيتم نزل العذاب، ولكن ما أقرأكم ابن مسعود فاقرؤوه، وما حدثكم حذيفة فاقبلوا، أو قال فاسمعوا.
أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن (78 - ظ) الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي المعروف بابن البن - قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق - قال: أخبرنا جدي الحسين بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العلاء المصيصي قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر، وأبو نصر بن الجندي قالا: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب قال: حدثنا أبو عبد الملك قال: حدثنا ابن عائذ قال: أخبرني محمد بن شعيب بن عثمان بن عطاء عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس في حديث ذكره قال: فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث رجلا فيخرج من الخندق فيعلم ما يريدون، فأتى رجلا وقد قبضه القر قال: إئت مطلع القوم فاعتل فتركه، ثم أتى آخر فاعتل فتركه، وحذيفة يسمع ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساكت مما به من البلاء والضر، حتى أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يدري من هو، فقال: من هذا؟ قال: أنا حذيفة. قال: إياك أريد، سمعت حديثي الليلة ومساءلتي الرجال لأبعثهم ليخبروا لنا خبر القوم فيأتون، قال: أي والذي أرسلك بالحق إني أسمع، قال: فما منعك أن تقوم؟ قال: القر، قد علم الله الذي بي من البلاء، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم ذكر القر، ضحك حتى استغرب ضحكا وقال: قم حفظك الله من فوقك ومن تحتك، وعن يمينك وعن شمالك حتى ترجع إليَّ، فقام حذيفة مسروراً بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى القوم لا يحس شيئا مما كان يجد، حتى خالط عسكرهم وجالسهم، ثم أقبل فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخير.

قال وأخبرني الوليد (79 - و) بن مسلم قال: أخبرني عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه زيد بن أسلم أنه أخبره قال: قال رجل لحذيفة: أشكو إلى الله صحبتكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنكم أدركتموه ولم ندركه، ورأيتموه ولم نره، قال حذيفة: ونحن نشكو إلى الله إيمانكم به ولم تروه، والله ما تدري لو أدركته كيف كنت تكون؟ لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الخندق ليلة باردة ماطرة، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم أدخله الله الجنة، قال: فو الله ما قام منا أحد، قال: هل من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم جعله الله رفيق إبراهيم يوم القيامة؟ فما قام منا أحد، فقال أبو بكر: يا رسول الله إبعث حذيفة، قال: حذيفة، فقلت: دونك فوالله ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حذيفة حتى قلت: يا رسول الله بأبي وأمي أنت، والله ما بي أن أقتل، ولكني أخشى أن أوسر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تؤسر، فقلت: يا رسول الله مرني بما شئت فقال: اذهب حتى تدخل في القوم فتأتي قريشاً فتقول: يا معشر قريش إنما يريد الناس أن يقولوا غداً: أين قادة الناس، أين رؤوس الناس، تقدموا، فتقدموا فتصلوا بالقتال، فيكون القتل بكم، ثم إئت كنانة فقل: يا معشر كنانة إنما يريد الناس غداً أن يقولوا: أين (79 - ظ) كنانة أين رماة الحدق، تقدموا، فتقدموا فتصلوا بالقتال، فيكون القتل بكم، ثم إئت قيساً فقل: يا معشر قيس إنما يريد الناس غدا أن يقولوا: أين قيس أين أحلاس الخيل، أين فرسان الناس، تقدموا، فتقدموا فتصلوا بالقتال، ويكون القتل بكم، ثم قال لي: ولا تحدث في سلاحك شيئا.
قال: حذيفة: فذهبت فكنت بين ظهراني القوم أصطلي معهم على نيرانهم، وأذكر لهم القول الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين قريش، أين كنانة أين قيس، حتى إذا كان وجه السحر قام أبو سفيان يدعوا باللات والعزى ويشرك، ثم قال: نظر رجل من جليسه، قال: ومعي رجل يصطلي، قال: فوثبت عليه مخافة أن يأخذني فقلت: من أنت؟ قال: أنا فلان، قلت: أولى، فلما رأى أبو سفيان الصبح، قال أبو سفيان: نادوا: أين قريش، أين رؤوس الناس، أين قادة الناس، تقدموا، قالوا: هذه المقالة التي أتينا بها البارحة، ثم قال: أين كنانة، أين رماة الحدق تقدموا، فقالوا: هذه المقالة التي أتينا بها البارحة، ثم قال: أين قيس، أين فرسان الناس، أين أحلاس الخيل، تقدموا، فقالوا: هذه المقالة التي أتينا بها البارحة، قال: فخافوا فتخاذلوا، وبعث الله عليهم الريح فما تركت لهم بناء إلاّ هدمته، ولا إناء إلا أكفته، وتنادوا بالرحيل.
قال حذيفة: حتى رأيت أبا سفيان وثب على جمل له معقول، فجعل يستحثه للقيام، ولا يستطيع القيام لعقاله. قال حذيفة: فوالله لولا ما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا تحدث في سلاحك (80 - و) شيئا، لرميته من قريب. قال: وسار القوم، وجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فضحك حتى رأيت أنيابه.
أنبأنا عبد الصمد بن محمد القاضي عن أبي المظفر بن القشيري قال: أخبرنا أبو الفضل جعفر بن الحسين بن محمد المقري الماوردي، وأبو سعيد عبد الرحمن ابن منصور بن رامش قالا: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف بن أحمد بن بامويه قال: أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن الأعرابي قال: حدثنا عباس بن محمد الدوري قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا زهير بن معاوية عن جابر عن سعد بن عبيدة عن صلة بن زفر عن حذيفة بن اليمان قال: صليت ليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان فقام يغتسل وسترته، ففضلت منه فضلة في الإناء فقال: إن شئت فارقه وإن شئت فصب عليه، قال: قلت: يا رسول الله هذه الفضلة أحب إلي مما أصب عليه، فاغتسلت بن وسترني، قال: قلت: لا تسترني قال: بلى لأسترنك كما سترتني.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن الاخوه وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد بن الحسن قالا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي - قالت عين الشمس: إجازة - قال: أخبرنا أبو الفتح منصور بن الحسين بن علي الكاتب، وأبو طاهر أحمد بن محمود القفي - قالا: أخبرنا أبو بكر بن المقرىء قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم أبو علي قال: حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال: حدثنا الحسين بن عبد الأول قال: حدثنا أبو خالد قال: حدثنا أبو سعد البقال عن إبراهيم (80 - ظ) التيمي عن أبيه عن حذيفة قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية وحدي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: اخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا ابن بشران قال: أخبرنا الحسين بن صفوان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال حدثنا محمد بن سعد قال: حذيفة بن اليمان بن حسل، ويقال حسيل بن جابر العبسي، حليف بن عبد الأشهل، وابن أختهم الرباب بنت كعب بن عدي بن كعب ابن عبد الأشهل، يكنى أبا عبد الله، شهد أحدا، وقتل أبوه يومئذ، وجاءه نعي عثمان بن عفان وهو بالمدائن، ومات بها سنة ست وثلاثين، اجتمع على ذلك محمد ابن عمر - يعني - الواقدي، والهيثم بن عدي.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد بن أبي الحسين قال أخبرنا أبو طالب بن يوسف وأبو نصر بن البناء قالا: أخبرنا أبو محمد الجوهري عن أبي عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قا: أخبرنا أبو الحسين ابن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال في الطبقة الثانية: حذيفة بن اليمان وهو ابن حسل بن جابر بن ربيعة بن عمرو بن جروة، وهو اليمان ابن الحارث بن قطيعة ابن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر، وجروة هو اليمان من ولده حذيفة، وإنما قيل اليمان لأن جروة أصاب دما في قومه فهرب إلى المدينة فحالف بني عبد الأشهل فسماه قومه اليمان لأنه حالف اليمانية، وأم حذيفة الرباب بنت كعب بن عبد الأشهل (81 - و).
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو الفضل بن ناصر - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا محمد ابن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسين بن المظفر قال: أخبرنا أبو علي المدائني قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن البرقي قال: ومن حلفاء بني عبد الأشهل من العرب، من غير أهل بدر، حذيفة بن اليمان، حليف بني الأشهل، وأمه الرباب من بني عبد الأشهل، وهو حذيفة بن اليمان بن حسيل بن جابر بن أسيد بن عمرو ابن مازن بن ربيعة بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان، لم يشهد بدرا، وشهد أحدا مع أبيه، وقتل أبوه يوم أحد، قتله المسلمون ولا يعرفونه، فتصدق حذيفة بديته على المسلمين، حدثنا بذلك كله ابن هشام عن زياد عن ابن اسحاق وتوفي حذيفة بن اليمان سنة ست وثلاثين في أولها، له رواية كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن طاهر قال: أخبرنا مسعود ابن ناصر قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين الكلاباذي قال: حذيفة بن اليمان، واليمان يقال له: حسيل بن جابر، وقال عمرو بن علي: حذيفة بن الحسل بن اليمان، وقال الواقدي: حذيفة بن اليمان بن حسيل بن جابر العبسي حليف بني عبد الأشهل وابن أختهم، أبو عبد الله العبسي الكوفي، سمع النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه قيس بن أبي حازم، وأبو وائل وزيد بن (81 - ظ) وهب وأبو إدريس الخولاني، وربعي بن خراش في الوضوء وغير موضع، قال البخاري مات بعد عثمان بن عفان بأربعين يوماً، قال أبو نصر الكلاباذي الحافظ: وذلك أول سنة ست وثلاثين، وقال الذهلي: قال يحيى بن بكير: مات سنة ست وثلاثين، وقال الواقدي مثل يحيى، وقال ابن قتيبة مثل يحيى، وقال عمرو بن علي - يعني: توفي بالمدائن بعد عثمان بأربعين ليلة، وقال أبو بكر بن أبي شيبة: مات حين قتل عثمان.

وقال أبو البركات الأنماطي: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل بن غسان قال: حدثنا أبي قال: حذيفة أبو عبد الله، وقال في موضع آخر: حذيفة بن حسيل بن جابر وهو حذيفة بن اليمان وأبوه حسيل ابن جابر، كان ممن خلف بالمدينة يوم أحد، وهو شيخ كبير، فلما نشبت الحرب خرج فقتل بأحد.
وقال أبو البركات الأنماطي: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، وأبو الفضل ابن خيرون قالا: أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن اسحاق قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن اسحاق قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: ومن بني عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان حذيفة ابن اليمان لقب، اسمه حسيل بن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة بن الحارث بن مازن بن قطيعة بن عبس، أمه امرأة من الأنصار من الأوس، يكنى أبا عبد الله، مات بالكوفة في أول سنة ست وثلاثين نسبه لي (82 - و) رجل من ولده.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا مكرم بن احمد القاضي قال: حدثنا محمد بن الحسن صاحب النرسي قال: سمعت علي بن المديني يقول: حذيفة بن اليمان، هو حذيفة بن حسل، وحسل كان يقال له اليمان وهو رجل من عبس حليف الأنصار.
أخبرنا أبو حفص المؤدب - إذناً - قال أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إذناً إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الفضل بن البقال قال: أخبرنا أبو الحسن ابن الحمامي قال: أخبرنا إبراهيم بن أحمد القرميسيني قال: أخبرنا إبراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوح بن حبيب يقول: حذيفة بن اليمان بن جابر.
كتب إلينا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري من مكة حرسها الله قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر النمري قال: حذيفة بن اليمان، يكنى أبا عبد الله، واسم اليمان حسيل بن جابر، واليمان لقب، وهو حذيفة بن حسل، ويقال حسيل، بن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة بن الحارث ابن مازن بن قطيعة بن عبس العبسي القطيعي من بني عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان حليف لبني عبد الأشهل من الأنصار، وأمه امرأة من الأنصار من الأوس من بني عبد الأشهل، اسمها الرباب بنت كعب بن عدي بن عبد (82 - ظ) الأشهل، اسمها الرباب بنت كعب بن عدي بن عبد الأشهل، وإنما قيل لأبيه حسيل: اليمان، لأنه من ولد اليمان جروة بن الحارث بن قطيعة بن عبس، وكان جروة بن الحارث أيضاً يقال له اليمان لأنه أصاب في قومه دماً فهرب إلى المدينة، فحالف بني عبد الأشهل فسماه قومه اليمان، لأنه حالف اليمانية.
شهد حذيفة وأبوه حسيل وأخوه صفوان أحداً، وقتل أباه يومئذ بعض المسلمين، وهو يحسبه من المشركين، كان حذيفة من كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي بعثه رسول الله يوم الخندق ينظر إلى قريش فجاءه بخبر رحيلهم، وكان عمر بن الخطاب يسأله عن المنافقين، وهو معروف في الصحابة بصاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عمر ينظر إليه عند موت من مات منهم فإن لم يشهد جنازته حذيفة، لم يشهدها عمر، وكان حذيفة يقول: خيرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الهجرة والنصرة، فاخترت النصرة، وهو حليف الأنصار لبني عبد الأشهل، وشهد حذيفة نهاوند، فلما قتل النعمان بن مقرن أخذ الراية، وكان فتح همذان والري والدينور على يد حذيفة، وكانت فتوحه كلها سنة اثنتين وعشرين.
مات حذيفة سنة ست وثلاثين، بعد قتل عثمان، في أول خلافة علي. وقيل توفي سنة خمس وثلاثين، والأول أصح. وكان موته بعد أن أتى عثمان إلى الكوفة، ولم يدرك الجمل، وقتل صفوان وسعيد ابنا حذيفة بصفين، وكانا قد بايعا علياً بوصية أبيهما بذلك (83 - و) إياهما، سُئل حذيفة: أي الفتن أشد؟ قال: أن يعرض عليك الخير والشر فلا تدري أيهما تركب وقال حذيفة: لا تقوم الساعة حتى يسود كل قبيلة منافقوها.

قال: الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد الأشيري - ونقلته من خطه: زياد مازن ها هنا في نسب حذيفة خطأ، والله أعلم فإن مازناً إنما هو ابن الحارث ابن قطيعة. قال أبو عبيد: وفهم يعني بني عبس بنو رواحة بن ربيعة بن مازن بن الحارث بن قطيعة فمازن على هذا هو أخو جروة بن الحارث الذي يقال له اليخان والله أعلم.
وقال ابن السكن في نسبه: حذيفة بن حسيل بن جابر بن أسيد بن عمرو بن مازن بن ربيعة بن قطيعة بن عبس، وهذا الاختلاف كله يحصل منه أنه من عبس فقط. والله أعلم بصواب ذلك من خطائه. وقيل في حسيل بن جابر بن ربيعة بن عمرو بن اليمان كذا جاء في النسب لأبي عبيد بتقديم ربيعة على عمرو. قال: واليمان اسمه جُروة - كذا ذكره بضم الجيم - بن الحارث بن قطيعة بن عبس. هذه آخر حاشية الأشيري عل ترجمة حذيفة.
قال أبو عمر بن عبد البر في ترجمة أبيه: حُسيل بن جابر العبسي القطعي ويقال حَسِيل، وهو المعروف باليمان، والد حذيفة بن اليمان، وإنما قيل له اليمان لأنه نسب إلى جده اليمان بن الحارث بن قطيعة بن عبس بن بغيض، واسم اليمان جروة بن الحارث بن قطيعة بن عبس وإنما قيل لجروة اليمان لأنه أصاب في قومه دماً فهرب إلى المدينة فحالف بني عبد الأشهل، فسماه قومه اليمان لمحالفته اليمانية، شهد هو وابناه حذيفة وصفوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (83 - ظ) أحداً، فأصاب حسيلاً المسلمون في المعركة فقتلوه يظنونه من المشركين ولا يدرون وحذيفة يصيح أبي أبي ولم يسمع فتصدق ابنه حذيفة بديته على من أصابه وقيل أن الذي قتل حسيلاً عتبة بن مسعود.
أنبأنا أبو الحسن بن المفضل عن أبي القاسم بن عبد الملك قال: أخبرني أبو محمد ابن عتاب، وأبو عمران بن أبي تليد - إجازة - قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا ابو القاسم بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: في كتاب الحروف ومعرفة الصحابة: وحذيفة بن اليمان أبو عبد الله العبسي، يقال هو حسيل بن جابر، يعني اليمان، هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، هو من عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار ابن معد، شهد حذيفة مع أبيه حسيل وأخيه صفوان مشاهده بعد بدر، ومات في خمس وثلاثين بالمدائن، وهو خطأ لأن عثمان قتل في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، لا خلاف بين أهل السيرة في ذلك، هو معدود في الكوفيين، وهو حليف بني عبد الأشهل، قال: خيرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الهجرة والنصرة، فاخترت النصرة، وكان ممن هاجر هو وأبوه رحمهما الله، وهو معدود في الأنصار، واختلف في وقت وفاته والصحيح أنه مات أول سنة ست وثلاثين، وروى عنه عمار بن ياسر، وكان عمار يسأله عن المنافقين لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعلمه بهم، وروى عنه أيضاً من الصحابة جندب البجلي وأبو أمامة وأبو الطفيل وغيرهم.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن ابن محمد القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: حذيفة ابن اليمان العبسي، حليف بني عبد الأشهل، واليمان لقب، واسمه حسل، ويقال حُسيل بن جابر بن اسيد بن عمرو بن مازن، وقيل اليمان بن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة بن الحارث بن مازن بن ربيعة بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان. يكنى أبا حذيفة أبا عبد الله. وأمه من بني عبد الأشهل تسمى الرباب لم يشهد حذيفة بدراً وشهد أحداً، وقتل أبوه يومئذ مع رسول الله صلى الله عيله وسلم، وحذر ما بعد أحد من الوقائع، وكان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقربه منه وثقته به، وعلو منزلته عنده، وولاه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب المدائن، فأقام بها إلى حين وفاته.

أخبرنا القاضي ابو نصر محمد بن هبة الله بن محمد - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي قال: حذيفة بن اليمان، وهو حذيفة بن حسيل، ويقال حسل بن جابر بن أسيد بن عمرو ابن مالك ويقال اليمان بن جابر بن ربيعة بن جروة بن الحارث بن مازن بن ربيعة ابن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث. أبو عبد الله العبسي، حليف بني عبد الأشهل، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحب سره من المهاجرين. (85 - و) روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه ابنه أبو عبيدة بن حذيفة، وزيد بن وهب وأبو حذيفة سلمة بن صهيبة، وأبو الطفيل وربعي بن خراش، وطارق بن شهاب، وهمام بن الحارث وأبو إدريس الخولاني، وصلة بن زفر العبسي، وعمرو بن ضرار، وطلحة بن زيد، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وعمر بن حنطلة، وزر بن حبيش، وعبد الله بن الصامت، وأبو عبيد المغيرة ومسلم بن نذير ويزيد بن شريك التيمي، وشهد اليرموك وكان البريد إلى عمر بالفتح.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي - إذناً إن لم يكن سماعاً - قال أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري، وثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر - زاد ابن الطيوري: وابن عمه أبو نصر محمد بن الحسن - قالا: أخبرنا الوليد بن بكر قال: أخبرنا علي بن أحمد بن زكريا قال: أخبرنا صالح بن أحمد العجلي، قال: حدثني أحمد قال: حذيفة بن اليمان أبو عبد الله العبسي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أميراً على المدائن استعمله عمه عمر ومات بعد قتل عثمان بأربعين يوماً سكن الكوفة وكان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: قال عمي أبو بكر: حذيفة بن اليمان أبو عبد الله.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد (85 - ظ) قال: حدثنا أبو بكر يحيى بن إبراهيم السلماسي قال: أخبرنا نعمة الله بن محمد المربذي قال حدثنا أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن أحمد بن سليمان قال: أخبرنا سفيان بن محمد بن سفيان قال: حدثني عمي الحسن ابن سفيان قال: حدثنا محمد بن علي ابن عم رواد بن الجراح عن محمد بن اسحاق قال: سمعت أبا عمر الضرير يقول: حذيفة بن اليمان أبو عبد الله.
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن نصر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: حذيفة بن اليمان العبسي أبو عبد الله، هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مات بعد عثمان بأربعين يوماً قاله عبيد الله بن موسى عن سعد بن أوس عن بلال عن حذيفة، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أبو اليقظان على الفطرة ثلاثاً، ولن يدعها حتى يموت أو ينسيه القوم وقال أبو أحمد الزبيري عن سعد بن أوس عن بلال: بلغني عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصح.
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو عبد الله حذيفة بن اليمان العبسي له صحبة.
وقال أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد قال: أخبرنا (86 - و) نصر بن إبراهيم قال: أخبرنا سليم بن أيوب قال: أخبرنا علي بن إبراهيم قال: حدثنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس قال: سمعت محمد بن أحمد المقدمي يقول: حذيفة بن اليمان يكنى أبا عبد الله.

وقال أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: حذيفة بن اليمان وهو ابن حُسيل بن جابر العبسي، أبو عبد الله، حليف بني عبد الأشهل، صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، توفي قبل عثمان بأربعين يوماً، هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم أيام بدر، وكان نزل نصيبين، وتزوج بها، شهد أحداً وقتل أبوه يومئذ، قتله المسلمون ولم يشعروا به، روى عنه عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وغيرهما من الصحابة.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر عن أبي الفضل التميمي قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني أبو موسى بن أبي عبد الرحمن النسائي قال: أخبرني أبي قال: أبو عبد الله حذيفة بن اليمان يقال له حُسيل.
انبأنا زيد بن الحسن عن أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك قال: أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار البقال قال: أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البابسيري قال: أخبرنا أبو أمية الأحوص بن المفضل بن غسان الغلابي قال: حدثنا أبي عبد الرحمن قال حدثنا عثمان (86 - ظ) بن عمر قال: أخبرنا يونس بن يزيد عن الزهري عن عروة أن حذيفة بن اليمان أحد بني عبس، وكان حليفا في الأنصار، وقتل أبوه مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد أخطأ به المسلمون، فجعل حذيفة يقول لهم: أبي أبي، فلم يفهموا حتى قتلوه، فقال حذيفة: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، فزادت حذيفة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا، وأمر به فأوري أو قال: فأودي.
أنبأنا عبد الصمد بن محمد النصاري عن أبي المظفر بن القشيري قال: أخبرنا أبي أبو القاسم قال: أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن قال: أخبرنا أبو عوانة يعقوب بن اسحاق قال: أخبرنا أبو داود الحراني قال: حدثنا جعفر بن عون قال: حدثنا الوليد بن جميع قال حدثني أبو الطفيل عن حذيفة قال: ما منعنا أن نشهد بدرا إلاّ أنا أقبلنا أنا وأبي - يعني اليمان - نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر، فعارضنا كفار قريش، فأخذونا فقالوا: إنكم تريدون محمدا، قال: قلنا ما نريده، قال: فأعطونا عهد الله وميثاقه لتنصرفن إلى المدينة، قال: فلما أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرناه بذلك، قال: فأستعين الله عليهم وتفي لهم بعهدهم ارجعا إلى المدينة، قال: فذلك الذي منعنا.
أنبأنا أبو ايمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس قال: حدثنا يونس بن حبيب قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا شعبة عن المغيرة عن إبراهيم - سمع علقمة - قال: قدمت الشام قلت: اللهم (87 - و) وفق لي جليسا صالحاً، قال: فجلست إلى رجل فإذا هو الدرداء فقال لي: ممن أنت؟ فقلت من أهل الكوفة، فقال: أليس فيكم صاحب الوساد والسواك، يعني ابن مسعود ثم قال: أليس فيكم صاحب السر الذي لم يكن يعلمه غيره، يعني حذيفة، وذكر الحديث.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن البناء - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبيد بن الفضل - إجازة - قال: أخبرنا محمد بن الحسين الزعفراني قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا عبيد الله بن محمد العيشي قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا عبد الملك بن جريح قال: حدثني رجل عن زاذان أبي عمر قال: كنا عند علي يوماً، فقلنا له: حدثنا أصحابك، فقال: عن أي أصحابي؟ قلنا: حذيفة بن اليمان قال: علم أسماء المنافقين، وسأل عن المعضلات حين غفل عنها، فإن تسألوه تجدوه بها عالماً.==

6.   مجلد 6. بغية الطلب في تاريخ حلب
المؤلف : ابن العديم


أخبرنا أبوالوحش بن نسيم - إذناً - قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو طالب بن يوسف وأبو نصر بن البناء قالا: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا ابو عمر بن حيوية - إجازة - قال: أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن سليمان بن سحيم عن نافع بن جبير بن مُطعم قال: لم يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسماء المنافقين الذين بخسوا به ليلة العقبة بتبوك غير حذيفة، وهم اثنا عشر رجلا ليس فيهم قرشي، وكلهم من الأنصار (78 - ظ)و من حلفائهم.
أنبأنا علي بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشكوال في كتابه قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد - إجازة - قال: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا خلف عن القاسم قال: أخبرنا أبو علي بن عثمان قال: أخبرنا جعفر بن محمد البزاز قال: حدثنا الحسن بن مكرم قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا مجالد عن عامر عن صلة بن زفر قال: قلنا لحذيفة: كيف عرفت المنافقين، ولم يعرفهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: أبو بكر ولا عمر؟ قال: إني كنت أسير خلف النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فنام على راحلته، فسمعت ناساً منهم يقولون: لوطرحناه عن راحلته، فاندقت عنقه، واسترحنا منه، فسرت بينهم وبينه، وجعلت أقرأ وأرفع صوتي فانتيه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: من هذا؟ فقلت: حذيفة، فقال: من هؤلاء خلفك؟ قلت: فلان وفلان وفلان حتى عددتهم، قال: وسمعت ما قالوا؟ قلت: نعم ولذلك سرت بينك وبينهم قال: فإن هؤلاء فلان فلان فلان منافقين فلا تخبرن أحداً.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن أبي الفضل عن أبي القاسم زاهر بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو نصر عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الحسين بن موسى قال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إسماعيل بن يحيى بن زكريا بن حرب قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن الحسن بن الشرقي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن هاشم بن حيان العبدي الطوسي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا ابن أبي خالد قال: سمعت زيد بن وهب الجهني يحدث عن حذيفة قال: مرّ بي عمر بن الخطاب وأنا جالس في المسجد، فقال لي: يا حذيفة إن فلاناً قد مات فاشهده، قال: ثم مضى حتى كاد أن يخرج من المسجد التفت فرآني وأنا جالس، فعرف فرجع إليّ فقال: يا حذيفة أنشدك الله أمن القوم أنا؟ قال: قلت: اللهم لا ولن أبرىء أحداً بعدك، قال: فرأيت عيني عمر جاءتا.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني قال: أخبرنا سهل بن بشر الأسفرائيني قال: أخبرنا علي بن منير قال: أخبرنا محمد بن أحمد الذهلي قال: حدثنا محمد بن عبدوس قال: حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا الفضل بن موسى قال: حدثنا يزيد بن عقبة الأزدي عن ابن بريدة عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل حذيفة بن اليمان على بعض الصدقة، فلما قدم، قال: يا حذيفة هل رزىء من الصدقة شيء؟ قال: لا يا رسول الله أنفقنا بقدر إلا أن ابنة لي أخذت حذيا من الصدقة (88 - و) قال: كيف بك يا حذيفة إذا ألقي في النار وقيل لك إئتنا بها؟ قال: فبكى حذيفة ثم بعث إليها فجيء بها فألقاها في الصدقة.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاو قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين قال: كان عمر بن الخطاب إذا بعث أميراً كتب إليهم: إني قد بعثت إليكم فلاناً وأمرته بكذا وكذا، فاسمعو له وأطيعوا، فلما بعث حذيفة إلى المدائن كتب إليهم: إني قد بعثت إليكم فلاناً فأطيعوه، فقالوا: هذا رجل له شأن، فركبوا ليلقوه فلقوه على بغلٍ تحته إكاف، وهو معترض عليه رجلاه من جانب واحد، فلم يعرفوه فأجازوه فلقيهم الناس، فقالوا: أين الأمير؟ قالوا: هذا الذي لقيتم، قال: فركضوا في أثره فأدركوه، وفي يده رغيف، وفي الأخرى عرق، وهو يأكل، فسلموا عليه، فنظر إلى عظيم منهم، فناوله العرق والرغيف، قال: فلما غفل ألقاه، أو قال: أعطاه خادمه.

أخبرنا أبو نصر القاضي - إذناً - قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب قال: أخبرنا محمد بن الحسن النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن الحسين النهاوندي قال: حدثنا عبد الله بن محمد القاضي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا عبد الله (88 - ظ) بن يزيد المقرىء عن حيوة عن أبي صخر عن زيد بن أسلم عن أبيه: أن عمر بن الخطاب قال لأصحابه: تمنوا، فقال أحدهم: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت دراهم، فأنفقه في سبيل الله عز وجل، فقال عمر: تمنوا فقال أحدهم: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت ذهباً فأنفقه في سبيل الله، فقال تمنوا، فقال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت جواهر ونحوه فأنفقه في سبيل الله، فقال عمر: تمنوا، فقالوا: ما نتمنى بعد هذا؟ فقال عمر: لكني أتمنى أن يكون ملء هذا البيت رجالاً مثل أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل، وحذيفة بن اليمان فأستعملهم في طاعة الله.
قال: ثم بعث بمال إلى أبي عبيدة وقال: انظر ما يصنع فلما أتاه قسمه. قال: ثم بعث المال إلى حذيفة، قال: انظر ما يصنع فلما أتاه قسمه، قال عمر، قد قلت لكم أو كما قال.
وقال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن علي السيرافي قال: اخبرنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة قال: قال أبو عبيدة: ومضى حذيفة ابن اليمان - يعني سنة اثنتين وعشرين - بعد نهاوند إلى مدينة نهاوند، فصالحه دينار على ثمانمائة ألف درهم في كل سنة، وغزا حذيفة مدينة الدينور فافتتحها عنوة، وقد كانت فتحت لسعد ثم انتقضت، ثم غزا حذيفة ما سبذان فافتتحها عنوة، وقد كانت فتحت لسعد (89 - و) فانتفضت.
قال خليفة: وقد قيل في ماه غير هذا، يقال أبو موسى فتح ماه دينار، ويقال السائب بن الأقرع، وقال أبو عبيدة: ثم غزا حذيفة همذان فافتتحها عنوة، ولم تكن فتحت قبل ذلك، ثم غزا الري فافتتحها عنوة، ولم تكن فتحت قبل ذلك وإليها انتهت فتوح حذيفة. قال أبو عبيدة: فتوح حذيفة هذه كلها في سنة اثنتين وعشرين، ويقال: همذان افتتحها المغيرة بن شعبة سنة أربع وعشرين، ويقال جريرابن عبد الله افتتحها بأمر المغيرة.
قرأت في تاريخ سعيد بن كثير بن عُفَيْر قال: ثم كانت إحدى وعشرين فيها وقعة نهاوند، قالوا: وكانت أهل فارس والروم وأصبهان، وهمذان وقوس الماهين قال ابن عفير: الماهين ماه زند وماه فلق، قالوا: إن صاحب العرب الذي جاؤهم بكتابهم، وشرع لهم دينهم، قد مات، وملكوا عليهم بعده هذا الذي أسرع في هلككم ونقلكم عن بلادكم، ولا نظنه منتهياً حتى ينتزع جميع ما في أيديكم، فتعاهدوا وتعاقدوا أن يسيروا إلى المسلمين حتى ينفوهم إلى بلاده، فبلغ ذلك عمار بن ياسر، فكتب فيه إلى عمر فجمع عمر المسلمين واستشارهم، فكثرت الأقاويل فعزم على أن يكتب إلى أهل البصرة فتفرقوا ثلاث فرق: فرقة تقيم في الذرازي حرساً لهم، وفرقة تقيم في أهل عهدهم لئلا ينتقضوا، وفرقة تسير إلى إخوانهم بالكوفة مدداً لهم، واستعمل على الناس النعمان بن مقرن (89 - ظ) المرى، فإن أصيب، فحذيفة بن اليمان، فإن أصيب فجرير بن عبد الله، فإن أصيب فالمغيرة بن شعبة، فإن أصيب فالأشعث بن قيس، واستعمل السائب بن الأقرع على المقاسم، فخرج حذيفة، فعسكر بأهل الكوفة حتى قدم عليه النعمان، وكان بكسكر عاملاً عليها، وقدم أبو موسى على من خرج من أهل البصرة، وخرج جرير بن عبد الله عاملاً على حلوان، فالتقى الناس بنهاوند فاستشهد النعمان، وولي أمر الناس بعده حذيفة فهزم الله المشركين، وغنم المسلمون غنيمة عظيمة.

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي الحلبي - قراءة عليه بها - قال: أخبرنا الشريف أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي المكي ببغداد قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن بن محمد المكي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن أحمد المكي قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن إبراهيم بن عبد الله الديبلي قال: حدثنا أبو صالح محمد بن أبي الأزهر قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: كنا في جيش بالروم ومعنا حذيفة وعلينا الوليد، فشرب الوليد الخمر، فأردنا أن نحده، فقال حذيفة: أتحدون أميركم وقد دنوتم من عدوكم فيطمعوا فيكم، فبلغه، فقال: لأشربن وإن كانت محرمة، ولأشربن على رغم أنف من رغم.
أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الأوقي بالبيت المقدس وأبو عبد الله محمد بن داود الدربندي بحبرى بمسجد الخليل علي السلام (90 - و) وأبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الحموي قالوا: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد ابن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو الخطاب نصر بن أحمد بن البطر قال: أخبرنا عبد الله بن عبيد الله بن يحيى البيع قال: أخبرنا الحسين بن إسماعيل المحاملي قال: حدثنا ابن أبي مذعور قال: حدثنا هشيم عن مجالد عن الشعبي عن صلة بن زفر عن حذيفة قال: تعودوا الصبر فيوشك أن ينزل بكم البلاء، مع أنه لا يصيبكم أشد مما أصابنا، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر الشافعي قال: حدثنا أحمد بن سعيد الجمال قال: حدثنا قبيصة بن عقبة قال: حدثنا سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل قال: قيل لحذيفة: ما ميت الأحياء؟ قال الذي لا ينكر المنكر بيده ولا بلسانه ولا بقلبه.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني بدمشق قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن علي - من لفظه بدمشق - قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أبو بكر بن أي خيثمة قال: حدثني أبي عن وكيع عن محمد بن قيس عن عمرو بن مرة قال: قال حذيفة بن اليمان: خياركم (90 - ظ) الذين يأخذون من دنياهم لآخرتهم ومن آخرتهم لدنياهم.
قال أحمد بن مروان: وحدثنا أبو بكر أخو خطاب قال: حدثنا خالد بن خداش قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول بلغني عن حذيفة بن اليمان أنه قال لرجل: أيسرك أن تغلب شر الناس؟ قال: إنك إن تغلبه تكن شراً منه.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن الأخوة، وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد قالا: أخبرنا أبو الفرج بن أبي الرجاء - قالت: إجازة - قال: أخبرنا أبو طاهر بن محمود وأبو الفتح بن الحسين قالا: أخبرنا أبو بكر بن المقرىء قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن بكار قال: حدثنا أحمد - يعني - ابن يونس قال: حدثنا الأحوص - يعني - ابن جواب قال: حدثنا قيس عن حبيب بن أبي ثابت عن خالد بن سعد قال: لما ثقل حذيفة بالمدائن ركب إليه عقبة بن عمرو، وأبو مسعود من الكوفة، فقال له: أوصني فقال له: أوصيك إن الضلال كل الضلال إنكار ما كنت تعرف، وعران ما كنت تنكر وإياك والتلون في أمر الله عز وجل فإن أمر الله واحد.
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا إسماعيل بن أحمد - اذنا إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا عمر بن شبيب السلمي قال: حدثنا ليث بن أبي سليم قال: لما نزل بحذيفة الموت جزع جزعاً شديداً، وبكى بكاء شديداً، فقيل: ما يبكيك؟ قال: ما ابكي أسفاً على الدنيا بل الموت أحب إلي، ولكن لا أدري على ما أقدم على رضا أم على سخط.

قال: ابن أبي الدنيا: وحدثنا داود بن رشد قال: حدثنا عباد بن العوام قال: حدثنا أبو مالك الأشجعي عن ربعي بن خراش أنه حدثهم أن أخته - وهي إمرأة حذيفة - قالت: لما كان ليلة توفي حذيفة جعل يسألنا أي الليل هو فنخبره، حتى كان السحر، قالت: فقال: أجلسوني فأجلسناه، قال: وجهوني فوجهناه، قال: اللهم إني أعوذ بك من صباح النار ومن مسائها.
قال ابن أبي الدنيا: حدثنا الربيع بن ثعلب قال: حدثنا فرج بن فضالة عن أسد ابن وداعة قال: لما مرض حذيفة مرضه الذي مات فيه قيل له: ما تشتهي؟ قال: أشتهي الجنة، قالوا: فما تشتكي؟ قال الذنوب (91 - و) قالوا: أفلا ندعو لك الطبيب؟ قال: الطبيب أمرضني، لقد عشت فيكم على خلال ثلاث: للفقر فيكم أحب إلي من الغنى، والضعة فيكم أحب إلي من الشرف، وإن من حمدني منكم ولا مني في الحق سواء، ثم قال: أصبحنا أصبحنا؟ قالوا: نعم، قال اللهم إني أعوذ بك من صباح النار حبيب جاء على فاقة ولا أفلح من ندم.
قال: وحدثني محمد بن إبان البلخي قال: حدثنا يحيى بن سليم الطائفي عن إسماعيل بن كثير عن زياد مولى ابن عياش، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: دخلت على حذيفة في مرضه الذي مات فيه، فقال: اللهم إنك تعلم لولا أني أرى هذا اليوم أول يوم من أيام الآخرة، وآخر يوم من أيام الدنيا، لم أتكلم بما أتكلم به، اللهم إ،ك تعلم، إني كنت أختار الفقر على الغنى، وأختار الذلة على العز، وأختار الموت على الحياة، حبيب جاء على فاقة لا أفلح من ندم ثم تاب.
أخبرنا أبو المظفر يوسف بن زغلي سبط الجوزي قال: أخبرنا جدي أبو الفرج ابن الجوزي قال: أخبرنا محمد بن أبي القاسم قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا ابن عبد الله الأصبهاني قال: حدثنا عبد الرحمن بن العباس قال: حدثنا إبراهيم بن اسحاق الحربي قال: حدثنا محمد بن زيد الآدمي قال: حدثنا يحيى بن سليم عن إسماعيل بن كثير عن زياد مولى ابن عياش قال: حدثني من دخل على حذيفة في مرضه الذي مات فيه فقال: لولا أني أرى أن هذا اليوم آخر يوم من أيام الدنيا، وأول يوم من الآخرة لم أتكلم بهذا الكلام، اللهم إنك تعلم أني كنت أحب الفقر على الغنى وأحب الذلة على العز، أحب الموت على الحياة، حبيب جاء على فاقة، لا أفلح من ندم.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين - قراءة عليه بالقاهرة - قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الارتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن الحسين الفراء في كتابه، عن أبي اسحاق الحبال، وخديجة المرابطة. فقال الحبال: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد الطرسوسي قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار قال: حدثني جدي أبو الحسن علي بن الحسين - قالا: حدثنا محمود بن محمد الأديب قال: حدثنا محمود قال: أخبرنا حبش بن موسى قال: أخبرنا المدائني عن عامر بن حفص عن جويرية بن أسماء (91 - ظ) ويونس عن الحسن قال: قال حذيفة وهو في الموت: حبيب جاء على فاقة، لا أفلح من ندم، الحمد لله الذي سبق بي الفتن، أليس بعدي ما أعلم! أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو الحسن اللبناني قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا داود بن المحبر عن سعيد بن راشد، عن صالح بن حسان أن حذيفة لما نزل به الموت قال: هذه آخر ساعة من الدنيا، اللهم إنك تعلم أني أحبك، فبارك لي في لقائك، ثم مات.

أخبرنا أبو الفضائل عبد الرزاق بن عبد الوهاب بن علي بن علي بن سكينة، وأبو إسحاق إبراهيم بن عثمان بن يوسف بن أيوب الكاشغري البغداديان - قدما علينا حلب - قالا: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان قال: أخبرنا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري قال: حدثنا الحسن بن سلام السواق قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا سعد بن أوس عن بلال قال: لما حضر حذيفة الموت، وإنما عاش بعد قتل عثمان رضي الله عنه أربعين ليلة، فقيل له: يا أبا عبد الله إن هذا الرجل قد قتل قما ترى؟ قال: أما إذا أبيتم إلا ما أتيتم، فأجلسوني، فاسنده إلى صدره رجل، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أبو اليقظان على الفطرة ثلاثاً، لن يدعها حتى (92 - و) يموت أو ينسيه الهرم.
أنبأنا زيد بن الحسن البغدادي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو الحسن العتيقي قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال حدثنا علي بن أحمد بن زكريا قال: أخبرنا صالح بن أحمد قال: حدثني أبي أحمد قال: حذيفة بن اليمان، عبسي، مات بالمدائن قبل الجمل، وهو حليف بني عبد الأشهل.
قال أبو البركات الأنماطي: أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران فقال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: أخبرنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: قال عمي أبو بكر: مات حذيفة حين جاء قتل عثمان.
أنبأنا أبو حفص المؤدب عن أبي القاسم إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن هبة الله بن الطبري قال: أخبرنا ابن الفضل قال: أخبرنا ابن درستويه قال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا سعد بن أوس عن بلال ابن يحيى قال: عاش حذيفة بعد قتل عثمان أربعين ليلة.
أخبرنا محمد بن هبة الله القاضي - إجازة - قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب قال: أخبرنا محمد بن الحسن قال: حدثنا أحمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري عن عبيد الله بن موسى، عن سعد بن أوس عن بلال بن يحيى عن حذيفة أنه مات بعد عثمان بأربعين يوماً.
وقال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن الحسين (92 - ظ) بن شهريار قال: حدثنا أبو حفص الفلاس قال: ومات حذيفة بن اليمان، ويكنى أبا عبد الله، بالمدائن سنة خمس وثلاثين، بعد قتل عثمان بأربعين ليلة، وحذيفة بن اليمان، هو حذيفة بن حسل، وقال بعض أهل العلم عسل والصواب حسل.
أنبأنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: اخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا علي بن محمد الحربي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عثمان الصفار قال: أخبرنا علي بن محمد الحربي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عثمان الصفار قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الباقي بن قانع قال: سنة خمس وثلاثين: حذيفة بن اليمان، أبو عبد الله العبسي، حليف الأنصار، بالمدائن بعد عثمان بأربعين ليلة، ويقال قبله.
قلت: وقتل عثمان كان لليلتين بقيتا من ذي الحجة. وقتل لاثنتي عشرة ليلة بقيت منه من سنة خمس وثلاثين، وإذا كانت وفاة حذيفة بعده بأربعين يوماً، فتكون وفاته في محرم سنة ست وثلاثين.
وقرأت في تاريخ سعيد بن كثير بن عفير: ثم كانت سنة ست وثلاثين، فكان فيها موت حذيفة بن اليمان العبسي في أولها بعدما بلغه مقتل عثمان، وكان يكنى أبا عبد الله.
أنبأنا أبو اليمن زيد من الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا علي بن أحمد الرزاز قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: حدثنا بشر بن موسى قال: حدثنا عمرو بن علي، ح.

قال: وأخبرنا الأزهري قال: حدثنا محمد بن العباس قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد الكندي قال: حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى قالا: ومات حذيفة بن اليمان ويكنى بأبي عبد الله بالمدائن سنة ست وثلاثين، قبل مقتل عثمان بأربعين ليلة، قال الخطيب لفظهما سواء، وقولهما قبل قتل عثمان خطأ، لأن عثمان قتل في آخر سنة خمس وثلاثين.
أخبرنا أبو الوحش بن نسيم في كتابه قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا محمد بن علي السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا (93 - و) خليفة بن خياط قال: وفيها مات حذيفة بن اليمان، في أول سنة ست وثلاثين.
قال علي بن الحسن: أنبأ أبو سعد المطرز، وأبو علي الحداد قالا: أخبرنا أبو نعيم قال:حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا أبو الزنباع قال: حدثنا يحيى بن بكير قال: توفي حذيفة سنة ست وثلاثين..قال: وحدثنا محمد بن علي بن حبيش قال: حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: مات حذيفة سنة ست وثلاثين.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن أبي محمد التميمي قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: سنة ست وثلاثين فيها: مات أبو عبد الله حذيفة بن اليمان بن عثمان بأربعين ليلة. وقال الواقدي: مات حذيفة بن اليمان بن حسيل بن جابر العبسي، ويكنى أبا عبد الله بالمدائن سنة ست وثلاثين، وذكر ابن زبر أن أباه أخبره عن إبراهيم بن عبد الله البغدادي عن محمد بن سعد عن الواقدي.
أخبرنا أبو اليمن الكندي - إجازة - قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا محمد بن علي الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد البابسيري قال: أخبرنا أبو أمية الأحوص بن الفضل قال: حدثنا أبي قال: وفي سنة ست وثلاثين: حذيفة بن اليمان، يعني، مات.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا علي بن أحمد (93 - ظ) ابن محمد قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص - إجازة - قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن قال: أخبرني عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال: أخبرني أبي قال: حدثني أبو عبيد قال: سنة ست وثلاثين توفي فيها حذيفة بن اليمان بالمدائن، وقد ذكرنا فيما تقدم من ذكر نسبه عن خليفة بن خياط أنه مات بالكوفة، ولم يتابعه على ذلك أحد، والله أعلم.
أخبرنا أبو الوحش بن نسيم في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد بن طاوس قال: أخبرنا أبو الغنائم بن أبي عثمان قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا الحسين بن عمرو بن محمد قال: حدثنا زكريا بن عدي قال: سمعت حفص بن غياث يقول: رأيت أبا حنيفة في المنام فقلت له: أي الآراء وجدت أفضل وأحسن؟ قال: نعم الرأي رأي عبد الله، ووجدت حذيفة بن اليمان شحيحاً على دينه.
حذيفة المصيصي:
غير منسوب، حدث مرسلاً عن عمر رضي الله عنه. روى عنه محمد بن يوسف.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن نصر بن باز، في كتابه، قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن أحمد أبن عبد القادر بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد (94 - و) عبد الوهاب بن محمد بن موسى قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عيدان بن محمد بن الفرج قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن سهل بن كردي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: حذيفة المصيصي، قال عمر: مرسل، سمع منه محمد بن يوسف.
الحراق بن الحصين بن عمران بن ماثل بن جبلة بن ثوبل بن عدي بن جناب الكلبي.
شهد صفين مع معاوية وكانت راية كلب معه يومئذ بعد محرز بن حريث، وقتل محرز، فأخذها الحراق وقتل.

أخبرنا عبد الوهاب بن علي بن سكينة - في كتابه - قال: أخبرتنا فاطمة بنت أبي حكيم قالت: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الكاتب قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: حدثنا أحمد بن سعيد قال: حدثنا الزبير بن أبي بكر قال: حدثني علي بن المغيرة قال: حدثني أبو المنذر قال: قال عوانة: كانت راية كلب يوم صفين مع ثويل بن بشر، فقتل، فأخذ الراية يزيد بن قيس بن يزيد ابن سبرة بن قيس بن كعب بن عليم، فقتل فأخذها مالك بن يزيد بن مالك بن كعب ابن عليم، فقتل، فأخذها محرز بن حريث بن عدي بن زهير بن عدي بن جناب، فارتث فأخذها الحراق بن الحصين بن عمران بن ماثل بن جبلة بن ثويل بن عدي ابن جناب، فارتث، ثم كان الفتح، وكانوا هؤلاء مع معاوية.
ذكر من اسمه حرب
حرب بن بيان
وقيل بنان بن رفيع بن عودة بن واصل (94 - ظ) بن رياش الأسدي. أبو ذكوان القيسراني، حدث بحلب عن حاجب بن سليمان المنبجي. وروى عن زهير ابن عباد، ومؤمل بن إهاب، وأحمد بن عمرو، وروى عنه أبو بكر محمد بن الحسين السبيعي الحافظ الحلبي، وأبو يعقوب المنجنيقي، ومحمد بن سهل العطار، وأبو هريرة بن أبي العصام.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة، وأبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علون الأسدي وولده أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن ومحمد بن أحمد بن محمد الطرسوسي الحلبيون بها قالوا: أخبرنا أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول الحلبي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة الحلبي قال: حدثني أبو الفتح عبد الله بن إسماعيل بن الجلي الحلبي قال: أخبرنا الشيخ أبو عبد الله بن أبي نمير العابد الأسدي الحلبي قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن الحسين السبيعي الحلبي قال: حدثنا أبو ذكوان حرب بيان بن رفيع بن عودة ابن واصل بن رياش الأسدي القيسراني بحلب، قال: حدثنا حاجب بن سليان قال: حدثنا أنس بن عياض عن يزيد بن عياض عن ألأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول عظم يتكلم من ابن آدم من بعد أن يختم على فيه عظم فخذه من جانبه الأيسر.
كذا وقع في أصل السماع حرب بن بيان والمشهور حرب بن بنان - بالنون: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان - قراءة عليه - قال: أخبرنا الحافظ (95 - و) قال: وحرب بن بنان حدث عنه أبو هريرة بن أبي العصام وأبو يعقوب المنجنيقي ذكر ذلك في كتاب المختلف والمؤتلف.
وأنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي عن أبي نصر بن ماكولا قال: وحرب بن بنان، أبو ذكوان مصري، حدث عن زهير بن عباد، ومؤمل بن إهاب. روى عنه أبو يعقوب المنجنيقي، وأبو هريرة ابن أبي العصام.
حرب بن سعيد بن حمدان بن حمدون:
أبو الهيجاء التغلبي، وتمام نسبه قد سبق في ترجمة أخيه أبي فراس الحارث ابن سعيد، قدم حلب في عسكر ابن عمه الأمير ناصر الدولة أبي محمد الحسن ابن عبد الله بن حمدان، أمير الموصل حين وفد على أخيه الأمير سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله، وكان أميراً شجاعاً جوادا ممدحا.
قرأت في (كتاب المأثور في ملح الخدور) تأليف الوزير أبي القاسم الحسين بن علي بن الحسين بن المغربي، بعد أن ذكر الحسين بن سعيد بن حمدان قال: وأخوه أبو الهيجاء حرب بن سعيد، كان بالعراق وتلك الديار وكان جليلا ممدحا، وفيه يقول سري بن أحمد بن السري الكندي (95 - ظ).
ولو لم أكن جار الأمير لكان لي ... أديم بظفر النائبات ممزق
بجود أبي الهيجا ألبست نعمة ... مجددة تضفو علي وتشرق
وفيها يقول:
إذا ما اعتنقنا خلت أن قلوبنا ... تناجى بأفعال النوى وهي تخفق
قال ابن المغربي وله فيه:
أنت سعد الكفاة يا بن سعيد ... وكفاهم بأن ترى أول سعدا
أنا حر إذا انتسبت ولكن ... جعلتني لك الصنائع عبدا
حرب بن عدي:
شهد فتح قسرين مع أبي عبيدة بن الجراح، وسيره مقدما على ثلاثة آلاف فارس أمد بها يزيد بن أبي سفيان إلى قيسارية، من أهل قنسرين والحاضر ذكر ذلك محمد بن عمر الواقدي.
حرب بن قيس بن حرب الشيزري:
من أهل شيزر. حدث عن أحمد بن عبد الله، روى عنه أبو النضر كعب بن جعفر البلخي.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله الأنصاري قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني - أذنا إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد العتيقي قال: أخبرنا أبو النضر كعب بن عمرو بن جعفر بن محمد البلخي قال: حدثنا حرب ابن قيس بن حرب الشيرزي في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة - إملاء - قال: حدثنا أحمد بن عبد الله قال: حدثنا يزيد (96 - و) ابن عبيد قال: أخبرنا سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن عائشة رضي الله عنها أنها رأت على يدي إمرأة أثر المغزل فقالت لها: أبشري بمالك عند الله عز وجل، لو رأيتم بعض ما أعد الله لكم معاشر النساء لما أقررتم ليلا ولا نهارا، ما من إمرأة غزلت لزوجها ولنفسها ولصبيانها إلا أعطاها الله عز وجل بكل طاقة نورا حتى ملأت مغزلها، فإذا ملأت مغزلها أعطاها الله عز وجل بيتا في الجنة أوسع من المشرق إلى المغرب ولها بكل ثوب مائة ألف وعشرين ألف مدينة وذكر تمام الحديث.
حرب بن محمد بن حرب بن عامر:
أبو الفوارس السلمي الحراني، قدم دمشق وحدث بها واجتاز في طريقه إليها بحلب أو ببعض عملها، وروى عن أبي القاسم الخضر بن أحمد الحراني. روى عنه أبو الحسن الخصيب بن عبد الله بن محمد بن الخصيب المصري القاضي.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله - اذنا - قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو محمد بن صابر قال: أخبرنا سهل بن بشر - قراءة عليه - عن أبي نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوائلي السجستاني قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم الخضر بن أحمد الحراني من بني قندهور قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا أبو أسامة عن ألأعمش قال: حدثنا سعيد بن جبير عن أبي عبد الرحمن السلمي (96 - ظ) قال: قال عبد الله بن قيس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أحد اصبر على أذى يسمعه من الله عز وجل، يجعلون له ندا، ويجعلون له ولدا، وهو مع ذلك يرزقهم ويعطيهم.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: حرب بن محمد بن حرب بن عامر أبو الفوارس السلمي الحراني، حدث بدمشق عن أبي القاسم الخضر بن أحمد الحراني. روى عنه أبو الحسن الخصيب بن عبد الله بن محمد بن الخصيب القاضي المصري.
حرب بن محمد بن علي بن حيان بن مازن بن الغضوبة الطائي الخطامي:
وخطام فخذ من طيء، وجد جده مازن صاحب النبي صلى الله عليه وسلم وحرب هو والد علي بن حرب، وأحمد بن حرب استقدمه عبد الله المأمون من الموصل إلى دمشق لتعديل أرض الشام ومساحتها، واجتاز في طريقه بحلب أو ببعض عملها.
حدث عن المعافى بن عمران ومحمد بن الحسن والمعافى بن عمران وعفيف ابن سالم وهشيم بن بشير وسمع مالك بن أنس والفضيل بن عياض وسفيان بن عيينة وأبا الأحوص ومسلم بن خالد وشريكا وغيرهم.
روى عنه ابنه علي بن حرب وأبو منصور جعفر بن أحمد بن الجراح النصيبي أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد - اذنا إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس - إجازة إن لم أكن سمعته منه - قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا محمد بن جعفر الخرائطي قال: حدثنا علي بن حرب قال: حدثني أبي قال: حدثنا المعافى بن عمران عن المفضل بن صدقة عن سماك بن (97 - و) حرب بن النعمان بن بشير قال: كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: سمع الله لمن حمده لم يحن أحد منا ظهره حتى نرى النبي صلى الله عليه وسلم قد سجد.

أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم. وحدثني أبو البركات بن أبي طاهر عنه قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال: كتب إلي أبو الفرج محمد بن إدريس الموصلي يذكر أن المظفر بن محمد الطوسي حدثهم قال: حدثنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدي قال: أبو محمد حرب بن محمد بن علي بن حيان بن مازن، الوافد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان رجلاً نبيلاً ذاهمة، رحل في طلب العلم فكتب عن مالك بن أنس ونظرائه من أهل المدينة، وعن الفضيل بن عياض ومسلم ابن خالد وسفيان بن عيينة ونظرائهم من المكيين، وعن شريك وأبي الأحوص وهشيم والمعافى بن عمران وغيرهم. روى عنه ابنه علي بن حرب ومات سنة ست وعشرين ومائتين.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني عن أبي محمد بن حمزة السلمي عن أبي زكريا البخاري قال: حدثنا عبد الغني بن سعيد قال - باب حرب بالباء: حرب بن محمد الموصلي، والد علي وأحمد ومعاوية.
أخبرنا عبد الرحمن بن أبي منصور الدمشقي في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: حرب بن محمد بن علي بن حيان بن مازن بن الغضوية الطائي الموصلي، والد علي بن حرب. حدث عن عفيف بن سالم الموصلي، ومحمد ابن الحسن والمعافى بن عمران وهشيم بن (97 - ظ) بشير. روى عنه ابنه علي بن حرب، وأبو منصور جعفر بن أحمد بن الجراح الحمصي واستقدمه المأمون إلى دمشق لأجل المساحة.
قال الحافظ: قرأت بخط ابي الحسين الرازي، حدثني أبو علي بكر بن عبد الله بن حبيب الأهوازي قال: قال علي بن حرب الموصلي: وفي سنة أربع عشرة ومائتين، قدم عبد الله المأمون دمشق، ففرق المعدلين، يعني المساح، في أجناد الشام في تعديلها، يعني، مساحتها، ووجه في ذلك إلى رؤساء أهل الجزيرة ةالموصل والرقة فقدم عليه جماعة منهم: حرب بن عبد الله الطائي، وسفيان بن عبد الملك الخولاني، فاستعفوه من التعديل فأعفاهم وصرفهم، واجتلب لتعديل الشام المساح من العراق والأهواز والري، وأقام بدمشق تلك الشتوة على التعديل.
ذكر من اسمه حرملة
حرملة بن حكيم بن عفير
وقيل عمير، بن طارق بن قيس بن مرة بن همام، وقيل همام بن مرة، بن ذهل بن شيبان المري الشيباني، ويعرف بحرملة بن عسلة، وأمه عسلة بنت عامر بن شراكة، ويقال شراك قاتل الجوع الغساني، شاعر جاهلي كان مع الحارث بن جبلة الغساني يقنسرين.
قرأت بخط علي بن الحسن بن عبد الله الغندجاني فيما أخذه عن (98 - و) أبي محمد الغندجاني ألأسود، المعروف بالأعرابي، وقرأه عليه، وشاهدت خط أبي محمد ألأعرابي له بقراءته عليه، قال: أبو محمد الأسود: إن المنذر بن ماء السماء، وهو ذو القرنين دعا ذات يوم الناس فقال: من يهجو الحارث بن جبلة الغساني؟ فقالوا له: حرملة بن عسلة المري فقال: من يهجو الحارث بن جبلة الغساني؟ فقالوا له: حرملة بن عسلة المري فقال: يا حرملة أهجه ولك مائة من الإبل، فقال: أبيت اللعن إنهم أخوالي، وإنه لا ينبغي لي أن أهجوهم فتوعده، فقال حرملة بن حكيم بن عفير بن طارق بن قيس بن مرة بن همام، وأمه عسلة بنت عامر بن شراكة قاتل الجوع الغساني:
ألم ترأني أني بلغت المشيبا ... وفي دار وقومي عفاً كسوبا
وأن الإله تنصفته بأن ... لا أعق وأن لا أحوبا
وأن لا أكافر ذا نعمة ... وأن لا أخيبه مستثيبا
وغسان قوم هم والدي ... فهل ينسينهم أن أغيبا
فآثر بها بعض من يعتريك ... فإن لها من معد كليبا
وإن لخالك مندوحة ... وأن عليه يغيب رقيبا
أم المنذز كانت نمرية وكلهم من ربيعة.
فانبرى شهاب بن العيف أخو بني سليمة عن عبد القيس فقال:
اللهم إن الحارث بن جبلة ... زنا أباه ظالماً فقتله
وركب الشادخة المحجلة ... وكان في جارته لا عهد له
وأي فعل سيءٍ لافعله

فأخذهما الحارث بن جبلة جميعاً فقال: يا حرملة اختر ما شئت من ملكي، فسأله جاريتين ضرابتين له، فأعطاهما إياه، فانطلق بهما، فنزل في النمر، فقعد يشرب هو ورجل من النمر يقال له كعب، فلما أخذ الشراب في النمري قال: يا حرملة من هذه المرأة الحمراء، مرها لتسقيني فغضب حرملة، ثم أعادها فضربه حرملة بالسيف، وقال حرملة في ذلك:
يا كعب إنك لو قصرت ... على حسن الندام وقلة الغرم
وسماع داجنة تعللنا ... حتى نؤوب تمايل العجم
ألفيت فينا ما تحاول ... من صافي الشراب ولذة الطعم
وصحوت والنمري تحسبه ... عم السماك وخالة النجم
هلهل بكعب بعدما وقعت ... فوق الجبين بساعدٍ فعم
انتظر أي: انتظرته أن يعود، يتهكم به
جسد به نضخ الدماء كما ... قنأت أنامل من قاطف الكرم
والخمر ليست من أخيك ... ولكن قد تخون بآمن الحلم
وتزين الرأي السفيه إذاجعلت رياح شمولها ترمي 99و)
وأنا أمرؤ من صلب مرة ... أن أكلمكم لا ترقيو كلمي
في أسرة لي أن لقيتهم ... حامي الحقيقة دافعي الظلم
وأخذ ابن العيف فقال له: اختر مني ثلاث خلال: أما أن أطرحك على أسدين ضاربين في بئر، وأما أن ألقيك من طار سور دمشق، وأما أن يقوم الدلامص - سياف كان له - فيضربك بعصاه هذه ضربة؟ فاختار ضربة الدلامص، فضربه - زعموا - على رأسه فانكسرت فخذه، فاحتمله راهب فداواه حتى برأ، وهو يخمع منها، وكان هذا والحارث بن جبلة يقنسرين.
حرملة بن زيد الجهني
شهد صفين مع علي رضي الله عنه وكان على راية جهينة، فيما ذكره أبو البختري وهب، في خبر صفين له ذكر (104 - و)
حرملة بن المنذر بن معدي كرب بن حنظلة بن النعمان بن حية بن شعبة:
وقيل ابن سعد بن الغوث بن الحارث، وقيل ابن الحويرث بن ربيعة بن مالك ابن صقر بن هني بن عمرو بن الغوث بن الحارث بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وقيل اسمه المنذر بن حرملة أبو زبيد الطائي، شاهر مشهور من المخضرمين، أدرك الجاهلية والإسلام وكان يفد على عثمان رضي الله عنه، ويستنشده شعره وكان نصرانياً في الرقة، ووفد على الحارث بن جبلة الغساني، وكان الحارث بن جبلة ينزل الجابية من نواحي دمشق ويقدم قنسرين أحياناً، فإما أن يكون وفد إليه إلى قنسرين، أو اجتاز بها، أو ببعض عملها في وفادته إليه من الرقة (99 - ظ).
أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد الدارقزي قال: اخبرنا أبو القاسم إسماعيل ابن أحمد بن عمر السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا عبد الوهاب ابن علي بن عبد الوهاب - إجازة - قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز قال: قرىء على أبي بكر أحمد بن جعفر بن مسلم قال: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب، قال: حدثنا محمد بن سلام الجمحي قال: أبو زبيد الطائي واسمه حرملة بن المنذر ابن معدي كرب بن حنظلة بن النعمان بن حية بن شعبة.
قال محمد بن سلام: وحدثني أبو الغراف قال: كان أبو زبيد الطائي من وزراء - وصوابه زوار الملوك - ولملوك العجم خاصة، وكان عالماً بسيرهم، وكان عثمان بن عفان يقربه من ذلك ويدني مجلسه وكان نصرانياً، فحضر ذات يوم عثمان وعنده المهاجرون والأنصار، فتذاكروا مآثر العرب وأشعارها فالتفت عثمان إلى أبي زبيد فقال: يا أخا بيع المسيح أسمعنا بعض قولك فقد أنبئت أنك تجيد فأنشده قصيدته التي يقول فيها:
من مبلغ قومك النائين إذ شحطوا ... أن الفؤاد إليهم شيق ولع

وصف فيها الأسد، فقال عثمان: تالله تفتأ تذكر الأسد ما حييت، والله إني لأحسبك جبانا هدانا قال: كلا يا أمير المؤمنين ولكني رأيت منه منظرا، وشهدت منه مشهدا لا يبرح ذكره يتجدد في قلبي (100 - و) ومعذور أنا بذلك يا أمير المؤمنين غير ملوم، فقال له عثمان: وأنى كان ذلك؟ قال: خرجت في ضيافة أشراف من أفناء قبائل العرب ذوي هيئة وشارة حسنة ترمى بنا المهارى بأكسئها القيروانيات على فتو البغال، تسوقها العبدان، ونحن نريد الحارث بن أبي شمر الغساني ملك الشام فاخروط - وفي نسخة فاخرورط - بنا السير في حماره القيظ حتى إذا عصبت الأفواه وذبلت الشفاه، وشالت المياه، وأذكت الجوزاء المعزي وذاب الصيهد - وصوابه الصيخد - وصر الجندب، وضاف العصفور الضب في جحره، أو قال في وجاره، وقال قائلنا: ايها الركب غوروا بنا في ضوج هذا الوادي، وإذا واد قد بد يمينا - وفي نسخة قد بدا لنا - كثير الدغل دائم العلل، شجراؤه مغنة وأطياره مرنة، فحططنا رحالنا بأصول دوحات كنهبلات فأصبنا من فضالات المزاود وأتبعناها الماء البارد، فإنا لنصف حر يومنا ذلك ومما طلته إذ صر أقصى الخيل أذنيه، وفحص الأرض بيديه، فو الله ما لبث أن جال، ثم حمحم فبال، ثم فعل فعله الذي يليه واحد فواحد، فتضعضعت الخيل، وتكعكعت الإبل وتقهقرت البغال فبين نافر - وصوابه ناد - بشكاله وناهض بعقاله، فعلمت أن قد أتينا، وأنه السبع ففزع كل امرىء منا إلى سيفه فاستله من جربانه، ثم وقفنا زردقا، فأقبل يتطالع (100 - ظ) من بغيه كأنه محنوب، أو في هجار مسحوب لصدره نحيط ولبلاعيمه غطيط، ولطرفه وميض، ولا رساغة نقيض. كأنما - يخبط هشيما، أو يطأ صريما، وإذا هامة كالمجن وخد كالمسن، وعينان شجراوان كأنهما سراجان يقدان وقصرة ربلة ولهزمة رهلة، وكتد مغبط، وزور مفرط، وساعد مجدول، وعضد مفتول، وكف ششنة البراثن إلى مخالب كالمحاجن فضرب بيديه فأرهج، وكشر فأفرج عن أنياب كالمعاول مصقولة غير مغلولة، وفم أشدق كالغار الأحوق، ثم تمطى فأشرع بيديه، وحفز وركيه برجليه حتى صار ظله مثليه، ثم أقعى فاقشعر، ثم مثل فاكفهر، ثم جهم فازبأر، فلا والذي بيته في السماء ما اتقينا بأول من أخ لنا من فزارة، كان ضخم الجزارة فوقصه ثم نفضه نفضة فقضقض متنيه، وجعل يلغ في دمه، فذمرت أصحابي فبعد لأي ما استقدموا فهجهجنا به، فكر مقشعرا بزبرته كأن به شيهما حوليا، فاختلج رجلاً أعجز ذا حوايا فنفضه نفضة تزايلت مفاصله، ثم نهم فقرقر، ثم زفر فبربر ثم زأر فجرجر، ثم لحظ فو الله لخلته البرق يتطاير من تحت جفونه من عن شماله ويمينه، فأرعشت الأيدي واصطكت الأرجل، وأطت الأضلاع، وارتجت الأسماع وجمحت العيون، ولحقت البطون - وفي نسخة: ولحقت الظهور بالبطون 0 وانخزلت المتون وساءت (101 - و) الظنون.
فقال عثمان: اسكت قطع الله لسانك فقد رعت قلوب المؤمنين.
وقال يصف الأسد:
فباتوا يدلجون وبات يسري ... بصير بالدجى هاد هموسيس
إلى أن عرسوا وأغب عنهم ... قريبا ما يحس له حسيس
خلا أن العتاق من المطايا ... حسن به فهن إليه شوس
فلما أن رآهم قد تدانوا ... أتاهم وسط أرجلهم يميس
فثار الزاجرون فزاد منهم ... تقرابا وواجهه ضبيس
بنصل السيف ليس له مجن ... فصد ولم يصادفه حبيس
فيضرب بالشمال إلى حشاه ... وقد نادى فأخلفه الأنيس
يشمر كالمحالق في قنوب ... تقيه قضه الأرض الدحيس
فخر السيف واختلفت يداه ... وكان ينفسه وقيت نفوس
فطار القوم شتى والمطايا ... وغودر في مكرهم الرسيس
وجال كأنه فرس صنيع ... يجر جلاله ذيل شموس
كأن بنحره وبساعديه ... عبيرا بات تعنؤه عروس
فذلك أن تلاقوه تفادوا ... ويحدث بينكم أمر شكيس

أنبأنا عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن مسعود الثقفي قال أنبأنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل قال أخبرنا إسماعيل (101 - ظ) بن سعيد العدل قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا الحسن بن غليل العنزي قال حدثنا دماد عن الأصمعي عن هزان الأقرع عن خالد ابن الحريث الطائي قال: كان أبو زبيد جاهليا إسلاميا، واقام في الإسلام على النصرانية، وعاش مائة وخمسين سنة، فكان يحمل في كل يوم أحد إلى البيعة مع النصارى فيظل يومه يشرب فبينا هو في بعض تلك الآحاد يشرب وحوله النصارى وفي يده الكأس إذ رفع بصره إلى السماء فنظر نظرا شديدا طويلاً، ثم رمى بالكأس من يده وقال:
إذا جعل المرء الذي كان حازما ... تحل به حل الحوار وترحل
فليس له في العيش خير يريده ... وتكفينه ميتا أعف وأحمل
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم وأبو الوحش سبيع بن المسلم عن أبي الحسن رشاء بن نظيف قال: أخبرنا القاضي أبو الحسن عبيد الله بن القاسم المراغي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن بشر البغدادي بصور قال: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب قال: سمعت أبا محمد التوربي قال: قلت لابن منادر أيهما أشعر قصيدة زياد ألأعجم: إن السماحة والمروة ضمنا....
أو قصيدة أبي زبيد:
إن طول الحياة غير سعود ... وضلالا تأميل نيل الخلود
فقال: قصيدة أبي زبيد قال: فقلت: لأنك اقتفيتها.
أنبأنا أبو الوحش (102 - و) بن أبي منصور بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم بن عساكر الدمشقي قال: حرملة بن المنذر بن معدي كرب بن حنظلة ابن النعمان بن حية بن شعبة، ويقال ابن سعد بن الغوث بن الحارث ويقال ابن الحويرث بن ربيعة بن مالك بن صقر بن هني بن عمرو بن الغوث بن الحارث بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن يشجب بن يعرب بن قحطان ويقال حية بن شعبة، ويقال شعبة بدل سعد بن الغوث، ويقال اسمه المنذر بن حرملة، أبو زبيد الطائي، شاعر مشهور مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام، ولم يسلم، وكان نصرانياً، وفد على الحارث بن أبي شمر الغساني وكان ينزل بنواحي دمشق.
وقال الحافظ أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد بن الفراء، وأبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن قالوا: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: وفيه - يعني الوليد بن عقبة بن أبي معيط - يقول أبو زبيد الطائي، وكان منقطعاً إلى الوليد، وكان الوليد يكنى بوهب، فقال أبو زبيد:
من يرى العيس لابن أروى ... على ظهر المرورى حداتهن عجال
مصعدات والبيت بيت أبي ... وهب خلاء تحن فيه الشمال
يعرف الجاهل المضلل أن ... الدهر فيه النكراء والزلزال
بعدما تعلمين يا أم وهبكان فيهم عيش لنا وجمال(102ظ)
ووجوه تودنا مشرقات ... ونوال إذا يراد النوال
فلعمرو الاله لو كان للسيف ... نصال أو للسان مقال
ما تناسيك الصفاء ولا ... الود ولا حال دونك الأشغال
ولحميت لحمك المتعصي ضلة ... من ضلالهم ما اعتالوا
أصبح الميت قد تبدل بالحي ... وجوها كأنها الأقتال
غير ما طالبين ذحلا ولكن ... مال دهر على أناس فمالوا
قولهم تشرب الحرام وقد ... كان شراب سوى الحرام حلال
وأبى طالب العداوة إلا ... طغيانا وقول مالا يقال
من يخنك الصفاء أو يتبدل ... أو يزل مثل ما تزول الظلال
فاعلمن أنني أخوك أخو ... الود حياتي حتى تزول الجبال
قال الزبير: أنشدينها محمد بن فضالة هكذا، وكان أبي وعمي مصعب بن عبد الله ينشدان البيت الأول على غير ما ينشده عليه محمد بن فضالة، كانا يقولان:
من يرى العير لابن أروى ... على ظهر المنقى حداتهن عجال

أخبرنا أبو الحسن علي بن المقير - اذنا - قال: أنبأنا أبو المعالي الفضل بن سهل عن أبي بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن علي بن اسحاق الكاتب - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن بشر بن سعيد الحرقي قال: حدثنا أبو روق أحمد بن محمد بن يكر الهزاني قال حدثنا أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني قال سمعت (103 - و) مشيختنا قالوا: وعاش أبو زبيد الطائي، وهو المنذر بن حرملة من بني حية خمسين ومائة سنة، وكان نصرانيا بالرقة، فيما زعم ابن الكلبي عن أبي محمد المرهبي، وكان يجعل له في كل أحد طعام كثير، ويهيأ له شراب كثير، ويذهب أصحابه فيتفرقون في البيعة ويحملنه النساء فيضعنه في المجلس، فجعل له الطعام في أحد من تلك الآحاد، وقدمت أباريقه وحملنه النساء، فجاءه الموت فقال:
إذا جعل المرء الذي كان حازما ... يحل به حل الحوار ويحمل
فليس له في العيش خير يريده ... وتكفينه ميتا أعف وأجمل
أتاني رسول الموت يا مرحبا به ... لآتيه وسوف والله أفعل
ثم مات فجاءه أصحابه فوجدوه ميتا.
أخبرنا ابو البركات بن محمد - اذنا - قال: أخبرنا عمي أبو القاسم - إجازة أو سماعا - قال: أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة الضبي، وأبو بكر محمد بن أحمد بن يوسف بن شمة الأصبهانيان قالا: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا أحمد بن يحيى ثعلب النحوي قال: حدثنا محمد بن سلام الجمحي قال: كان أبو زبيد الطائي خلا للوليد بن عقبة، فغاب غيبة عن الكوفة فقدم الوليد وقد هلك فأتى قبره فسلم عليه وأنشد يقول:
يا هاجري إذ جئت زائرهما كان من عاداتك الهجر (103و)
يا صاحب القبر السلام على ... من حال دون لقائه القبر
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
ذكر من اسمه حريث
حريث بن بحدل:
ابن أنيف بن دلجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة الكلبي أخو ميسون بنت بحدل، زوج معاوية، وخالد ابنه يزيد بن معاوية، غزا القسطنطينية مع ابن أخته يزيد، واجتاز في طريقه بحلب أو ببعض عملها.
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: حريث بن بحدل بن أنيف، وساق نسبه كما ذكرناه وقال الكلبي: خال يزيد بن معاوية، أحد وجوه كلب، وهو ممن عمل في البيعة ليزيد، وكان غزا معه القسطنطينية سنة خمسين فيما ذكر الواقدي في كتاب الصوائف، له ذكر.
حريث بن جابر الحنفي:
وقيل الخثعمي، شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وكان أميرا على لهازم البصرة وله رجز وشعر قاله يوم صفين، وهو قاتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب، وقيل: إنه قتل ذا الكلاع الحميري، وقيل بل قتله الأشتر النخعي.
أنبأنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد عن أبي محمد عبد الله بن الخشاب قال أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني (105 - و) قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو اسحاق بن ننجاب قال: حدثنا إبراهيم بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا محمد بن عبيد الله، أن عبيد الله بن عمر بن الخطاب شد يومئذ وهو يرتجز ويقول:
أنا عبيد الله ينميني عمر ........
وقد ذكرناه في ترجمة عبيد الله، فيما يأتي من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى قال فحمل عليه حريث وهو حريث بن جابر الخثعمي وهو يقول:
قد شاهدت في نصرها ربيعة ... في العصبة السامعة المطيعة
في الحق والحق لها شريعة ... حتى تذوق كأسها الفظيعة
ثم طعن عبيد الله بن عمر، فصرعه فقتله، فقال في ذلك الصلتان العبدي وذكر أبياتا فيها:
حباك أخو الهيجا حريث بن جابر ... بجياشة تحكى الهزبر المزبدا

وذكر أبو البختري وهب بن وهب في خبر صفين قال فيما حكاه عن جعفر ابن محمد عن أبيه قال: فلما رأى ذلك عبد الله بن بديل، انصرف يريد موقفه فاستقبله عبيد الله بن عمر فشد عليه، وقتل أصحاب عبد الله بن بديل عبيد الله بن عمر، ويقال الذي قتله، أو أسرع في قتله كرب بن وائل العكلي، وقال بعضهم ما قتله إلا حريث بن جابر الحنفي، وذلك حين شد عليهم عبيد الله في الشدة الأولى وهو يرتجز فلما قال:
قد أبطأت عن نصر عثمان مضروالربعيون فلا اسقوا المطر 105ظ)
سمعها حريث بن جابر فقال:
قد سارعت في نصرها ربيعة ... في الحق والحق لها شريعة
أنت وليس تترك الوقيعة ... ربيعة السامعة المطيعة
قال وقال حريث بن جابر في التداعي إلى الحكومة:
لعمرو أبيك والأبناء تنمي ... وقد يشقي من الخبر الخبير
لقد نادى معاوية بن حرب ... لا مر لا تضيق له الصدور
دعانا للتي كنا إليها ... دعوناه وذاك لها سرور
فحكمنا القرآن بغير شك ... وكان الله عدلا لا يجور
ولا تعجل معاوية بن حرب ... فإن سرور ما تهوى غرور
فإنك والخلافة يا بن حرب ... لكا لحادي وليس له بعير
حريث بن شهريار:
ابن دادار بن به كرد بن بهمومي بن بس شاه بن يزدفنه بن مهردال، مولى معاوية بن أبي سفيان، هكذا قرأت نسبة في (كتاب القرع والشجر في النسب) تأليف أبي محمد النسابة.
قال أبو محمد: وهو من بني ساسان بن أزدشير الملك الجامع.
شهد حريث صفين مع مولاه معاوية بن أبي سفيان، وكان بطلا شجاعاً، وكان معاوية يعتمد عليه في أموره في حربه، وقتله علي رضي الله عنه بصفين.
وذكر أبو محمد النسابة في كتاب القرع والشجر، قال: وقيل بأنه بارز علي ابن أبي طالب عليه السلام يوم صفين، فثقف رأسه بالرمح، وقال: لولا أن الحظ فيك لغيري لقتلتك.
أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال: أخبرنا علي بن الحسن بن هبة الله قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن اسحاق بن ننجاب الطيبي قال: حدثنا أبو اسحاق إبراهيم بن الحسين بن علي الكسائي، قال: حدثنا أبو سعيد يحيى بن سليمان الجعفي قال: حدثنا نصر - يعني - ابن مزاحم قال: حدثنا محمد بن عبيد الله عن شيخ له قال: كان فارس معاوية الذي (106 - و) يعده للمبارزة مولى له يقال له حريث، وكان يلبس سلاح معاوية متشبها به، فإذا قاتل قال الناس: ذاك معاوية، وإن معاوية قال له: يا حريث اتق عليا، ثم ضع رمحك حيث شئت، فقال له عمرو بن العاص: إنك والله يا حريث لو كنت قرشياً لاحب معاوية أن تقتل عليا، ولكن كره أن يكون لك حظها، فإن رأيت منه فرصة فاقتحم عليه.
فلما خرج الناس إلى القتال وتصافوا، خرج علي أمام أصحابه.
قال يحيى: فحدثني عمرو بن عبد الملك بن سلع الهمداني قال: حدثني أبي قال خرج حريث مولى معاوية يوم صفين فدعا عليا إلى المبارزة، فقال: هلم يا أبا الحسن إلى المبارزة، فخرج إليه علي وهو يقول:
أنا علي وابن عبد المطلب ... أنا وبيت الله أولى بالكتب
أهل اللواء والمقام والحجب ... نحن نصرناه على جل العرب
ثم حمل عليه علي فطعنه فدق ظهره.
قال: وحدثنا نصر قال حدثنا محمد بن عبيد الله أن معاوية جزع على حريث جزعا شديدا وعاتب عمراً فيما أشار عليه من لقاء علي فأنشأ يقول:
حريث ألم تعلم وعلمك ضائر ... بأن عليا للفوارس قاهر
وأن عليا لم يبارزه فارس ... من الناس إلا قصدته الأظافر
أمرتك أمراً حازماً فعصيتني ... فجدك إذ لم تقبل النصح عاثر

أنبأنا أبو العلا أحمد بن شاكر بن سليمان عن أبي محمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين (106 - ظ) بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب قال: حدثنا ابن ديزيل قال: حدثنا يحيى قال: حدثني نصر قال: حدثنا عمرو بن شمر عن جابر عن تميم ابن جذيم قال: خرج حريث مولى معاوية يومئذ، وكان شديداً ذا بأس فقال: أهاهنا علي، هل لك يا علي في المبارزة، أقدم إذا شئت أبا حسن، فأقبل علي نحوه وهو يقول:
أنا علي وابن عبد المطلب.........
فذكر نحوه، يعني، نحو ما ذكرناه أولا.
وقد ذكر أبو البختري فيما نقله عن جعفر بن محمد عن أبيه في خبر صفين زيادة بيتين في شعر معاوية وهما بعد الأبيات الثلاثة التي ذكرناها:
أدلاك عمرو والحوادث جمة ... غروراً فما جرت عليك الجرائر
وطن حريث أن عمراً نصيحه ... وقد يهلك الإنسان من لا يحاذر
قلت وفي ذلك يقول سعيد بن قيس الهمداني في أبيات:
أيرجو أن ينال حريث شراً ... أيا حسن وذا مالا يكون
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: حريث مولى معاوية بن أبي سفيان كان فارساً بطلاً، وكان معاوية يعتمد عليه في حربه، وشهد معه صفين، وقتل يومئذ.
حريز بن عثمان بن جبر بن أحمد:
وقيل أحمر بن أسعد، أبو عثمان، وقيل أبو عون، الرحبي الشامي من رحبة الشام، وسكن حمص، واجتاز فيما بينهما (107 - و) بنواحي حلب.
ووفد على عمر بن عبد العزيز، وأظنه بخناصرة، حدث عن: عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الرحمن بن ميسرة، وراشد بن سعد المقرأي، وعبد الواحد بن عبد الله النصري، وسليم بن عامر، وحبيب بن عبيد، وعبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي، وخالد بن معدان، وحبان بن زيد الشرعبي، وعبد الرحمن بن جبير بن نفير، وسلمان بن شمير، وعبد الله بن غابر الالهاني، والقاسم بن محمد الثقفي، وسعيد بن مرشد، وشرحبيل بن شفعة الرحبي، وشبيب ابن أبي روح، وعمران بن محمد، ويزيد بن صبيح، وعمر بن عبد العزيز.
روى عنه: بشر بن إسماعيل الحلبي، وبقية بن الوليد، وإسماعيل بن عياش، ويحيى بن سعيد القطان الحمصيون، ومعاوية بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن الرحبي، وعيسى بن يونس، ومحمد بن حمير، ويزيد بن هارون، والوليد بن مسلم، ومحمد بن مصعب القرقساني، وعصام بن خالد، ويحيى الوحاظي، ومعاذ ابن معاذ، وسفيان بن حبيب واسحق بن سليمان الرازي، وعثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، وشبابة بن سوار، والحسن بن موسى الأشيب، وعلي بن عياش وأبو النضر الحارث بن النعمان، وأبو المغيرة الخولاني، ومسلمة بن علي الخشني وعلي بن الجعد، وأبو اليمان، وجنادة بن مروان، والوليد بن هشام، وآدم بن أبي إياس، وأبو الزرقاء عبد الملك بن محمد الصنعاني، والحكم بن نافع، وعمر ابن علي.
أخبرنا أبو هاشم الهاشمي قال: أخبرنا أبو طاهر السنجي (107 - ظ) قال: أخبرنا أبو محمد الدروبي قال: أخبرنا أبو نصر الكسار قال: أخبرنا أبو بكر بن البستي قال: أخبرنا محمد بن هارون الحضرمي قال: حدثنا علي بن مسلم قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا حريز بن عثمان قال: حدثنا سليمان بن عامر عن أبي أمامة قال: جاء شاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي في الزنا قال: فأقبل القوم عليه فزجروه، فقال: مه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتحبه لأمك؟ قال لا والله جعلني الله فداك، قال: كذلك الناس لا يحبونه لامهاتهم، أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداك، قال: كذلك الناس لا يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك. قال: لا، وذكر الحديث بطوله وذكر الخالة والعمة.

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي - قراءة عليه بدمشق - قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري قال: أخبرنا أبو طالب محمد ابن علي بن فتح العشاري قال: حدثنا أبو الحسين بن سمعون قال: أخبرنا أبو محمد بن نصير قال: حدثنا أحمد بن محمد الطوسي قال: حدثني هارون بن عمر الدمشقي قال: حدثنا مبشر بن إسماعيل قال: حدثني حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عوف قال: لا تعادين رجلا حتى تعرف الذي بينه وبين الله عز وجل، فإن كان محسناً فيما بينه وبين الله، لم يسلمه الله لعدواتك، وإن كان مسيئاً فيما بينه وبين الله، كفاك عمله.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم الداراني قال: أخبرنا سهل بن بشر الاسفراييني قال: أخبرنا علي بن منير قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عبد الله الذهلي قال: حدثنا محمد بن عبدوس قال: حدثنا داود بن رشيد قال: حدثنا أبو الزرقاء عن حريز بن عثمان قال: صليت خلف عمر بن عبد العزيز فسلم تسليمة أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: حدثنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: حريز بن عثمان الحمصي الرحبي عن راشد بن سعد. سمع منه الحكم بن نافع، وقال: يزيد بن عبد ربه: مات حريز سنة ثلاث وستين ومائة ومولده سنة ثمانين.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد من كتابه قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك البغدادي قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا علي بن أبي علي قال: أخبرنا محمد بن المظفر، ح.
قال: وأخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن عمر اليمني بمصر، قالا: حدثنا بكر بن أحمد بن حفص الشعراني قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن عيسى البغدادي بحمص، قال: وأبو عثمان حريز بن عثمان بن جبر ابن أحمد بن أسعد الرحبي المشرقي، لم يكن له كتاب، إنما كان يحفظ مولده سنة ثمانين، ومات سنة ثلاث وستين، لا يختلف فيه، ثبت في الحديث.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا محمد بن طاهر قال: أخبرنا مسعود بن ناصر قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن محمد الكلاباذي قال: حريز بن عثمان، أبو عثمان الرحبي الحمصي، حدث عن عبد الله بن بسر، وعبد الواحد النصري روى عنه علي بن عياش، عصام بن خالد في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر بني إسرائيل. ولد سنة ثمانين، ومات سنة ثلاث وستين ومائة، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة، قال: وقال أبو عيسى: مات سنة ثلاث وستين.
أخبرنا أبو نصر القاضي - من كتابه قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، وأبو الوحش سبيع بن المسلم عن أبي الحسن رشاء بن نظيف قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، وعبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا الحسن بن رشيق قال: أخبرنا محمد بن حماد الدولابي قال: حدثني محمد بن عوف قال: سمعت يزيد بن عبد ربه يقول: مولد حريز بن عثمان سنة ثمانين.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني، وأبو الفضل بن خيرون قالا: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد الأهوازي قال:أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: في الطبقة الرابعة من أهل الشام - حريز بن عثمان رحبي حمصي.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل الآدمي قال: أخبرنا أبو محمد القاسم ابن علي بن الحسن قال أخبرنا أبو القاسم بن السوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله ابن أبي الحديد قال أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: أخبرنا عبد الوهاب الكلابي قال: أخبرنا أحمد بن عمير بن جوصاء قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول: الطبقة الخامسة حريز بن عثمان الرحبي حمصي.

أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر المغربي قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو عثمان حريز بن عثمان عن راشد بن سعد، روى عنه أبو اليمان، وأبو المغيرة وعلي بن عياش.
أنبأنا أبو حفص بن محمد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو الحسين ابن الآبنوسي عن أبي الحسن الدارقطني، ح.
قال: وأنبأنا أبو الفتح المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني، قال: حريز بن عثمان الحمصي، روى عن عبد الله بن بسر، يرمى بالانحراف عن علي ابن أبي طالب وعنه في ذلك اختلاف، هو: حريز بن عثمان بن جبر بن أحمد الرحبي المشرقي، أبو عثمان، توفى سنة ثلاث وستين ومائة فيما أخبرني الحسن ابن أحمد المادرائي عن بكر بن أحمد عن أحمد بن محمد بن عيسى البغدادي في تاريخ الحمصيين.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حريز بن عثمان بن جبر بن أحمر بن أسعد أبو عثمان، وقيل أنه عون، الرحبي الحمصي، سمع عبد الله بن بسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراشد بن سعد، وعبد الرحمن بن ميسرة، وعبد الواحد بن عبد الله النصري، وعبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي، وحبان بن زيد الشرعبي. روى عنه إسماعيل بن عياش، وبقية بن الوليد، وعيسى بن يونس، وإسحق بن سليمان الرازي، ومعاذ بن معاذ العنبري. وعثمان بن كثير بن دينار، ويزيد بن هارون، وشبابة بن سوار وأبو النصر الحارث بن النعمان البزاز، وعلي بن الجعد، والحسن بن موسى الأشيب، وآدم بن أبي إياس، وأبو اليمان، وعلي بن عياش، وكان قد قدم بغداد، فسمع بها منه العراقيون. قال شبانة: لقيت حريز بن عثمان ببغداد.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي - إجازة إن لم يكن سماعاً - عن أبي زكريا البخاري قال: أخبرنا عبد الغني بن سعيد قال: في باب حريز بالحاء: حريز بن عثمان الشامي قال أبو محمد السلمي أنبأنا أبو نصر علي بن هبة الله بن جعفر بن ماكولا قال: وأما حريز، أوله حاء معجمة وراء مكسورة وآخره زاي، وذكر جماعة، وقال: وحريز بن عثمان بن جبر بن أحمد الرحبي المشرقي، أبو عثمان، روى عن عبد الله بن بسر وغيره، كان يرمى بالإنحراف عن علي رضي الله عنه في ذلك اختلاف وقال في باب جبر في الآباء: وحريز بن عثمان بن جبر بن أسعد المشرقي مشهور.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: حريز بن عثمان بن جبر بن أحمد بن أسعد أبو عثمان، ويقال أبو عون الرحبي الحمصي، حدث عن: عبد الله بن بسر، وراشد بن سعد المقرأي وعبد الرحمن بن ميسرة، وعبد الواحد بن عبد الله النصري، وعبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي، وحبان بن زيد الشرعبي، وخالد بن معدان، وحبيب بن عبيد الرحبي، وسلمان بن شمير، والقاسم بن محمد الثقفي، وسليم بن عامر، وعبد الله بن غابر الألهاني وشرحبيل بن شفعة الرحبي، ويزيد بن صليح، وعمران بن محمد، وشبيب بن أبي روح، وسعيد بن مزيد، وعبد الرحمن بن جبير بن نفير.
روى عنه: عيسى بن يونس وإسماعيل بن عياش، وبقية ومعاذ بن معاذ، وإسحق بن سليمان الرازي، ويزيد بن هارون، وعثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، وشبابة بن سوار، وأبو النضر الحارث بن النعمان، والحسن بن موسى الأشيب، وعلي بن الجعد، وآدم بن أبي إياس، وأبو اليمان، وعلي بن عياش، وأبو الزرقاء عبد الملك بن محمد الصنعاني، والوليد بن هشام المخرمي، وجنادة بن موسى، ومسلمة بن علي الخشني، ومحمد بن حمير، وأبو المغيرة الخولاني، ويحيى بن سعيد العطار الحمصي والوليد بن مسلم ووفد علي عمر بن عبد العزيز.
كتب إلينا الشيخ الفقيه أبو الحسن علي بن المفضل بن علي المقدسي أن الشريف القاضي أبا محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد العثماني أخبرهم قال: أخبرني الفقيه أبو عبد الله محمد بن محمد بن علي الباهلي، إجازة.

وقرأت على ولده أبي محمد عبد الله بن محمد قالا: حدثنا الفقيه الحافظ أبو علي الحسين بن محمد بن محمد بن أحمد الغساني في كتاب تقييد المهمل وتمييز المشكل من الأسماء والكنى والأنساب لمن ذكر في الكتابين الصحيحين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم قال في باب الرحبي والأرحبي: فالرحبي بفتح الحاء المهملة، بعده باء منقوطة بواحدة، منسوب إلى بني رحبة، بفتح الراء والحاء بطن من حمير وهو رحبه بن زرعة أخو سدد، بسين مهملة على وزن جمل، بن زرعة بن سبأ الأصغر، منهم: أبو أسماء الرحبي الشامي، فذكر جماعة، وذكر فيهم حريز بن عثمان الرحبي أبو عثمان الحمصي عن عبد الله ابن بسر قال: وقد تقدم ذكره في حرف الحاء، وإنما قدم ذكره في حرف الجيم في باب جَرير، وجُريرْ، وحريز فقال: حَريز، بحاء مهملة وزاي معجمة في آخر الاسم، هو حريز بن عثمان الرحبي أبو عثمان الحمصي، ورحبة بفتح الحاء المهملة والباء المنقوطة بواحدة في حمير، يروى عن عبد الله بن بسر، بسين مهملة، وعبد الواحد النصري بالنون، روى له البخاري ومسلم.
قلت: كذا قال الحافظ أبو علي الغساني، إنه منسوب إلى بطن من حمير، وهو رحبه في الموضعين، وهذا وهم منه، وإنما هو منسوب إلى رحبة الشام، وهي رحبة مالك بن طوق، وكان من أهلها، ثم سكن حمص، وروى عن غير واحد من أهلها، ويقال فيه الرحبي بالفتح، والرحبي بالإسكان لأن حرف الحلق إذا توسط الكلمة فتح وأسكن.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد المكتب قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا حمزة بن محمد بن طاهر، ومحمد بن عبد الواحد الأكبر، قال حمزة: حدثنا، وقال أحمد: أخبرنا، الوليد بن بكر الأندلسي قال: حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي قال حدثنا: أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله (111 - و) العجلي قال: حدثني أبي قال: حريز بن عثمان الرحبي شامي ثقة، وكان يحمل علي عليَّ.
أنبأنا أبو محمد عبد البر بن الحسن بن أحمد الهمذاني قال: اخبرنا أبو المحاسن نصر بن المظفر البرمكي قال: اخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا عبد الملك بن محمد قال: حدثنا بن محمد قال: سمعت أبا مسلم المستملي يقول: حريز بن عثمان، يكنى أبا عثمان ينتقص عليا، وينال منه، وكان حافظاً لحديثه، وسمعت معاذا يحدث عنه ويزيد بن هارون، وعمرو بن علي وشيوخنا.
وقال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا ابن أبي عصمة قال: حدثنا أحمد بن أبي يحيى قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: حديث حريز نحو من ثلاثمائة، وهو صحيح الحديث إلاّ أنه يحمل على علي رضي الله عنه.
قال: وأخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: وحريز بن عثمان من الإثبات في الشاميين، يحدث عنه الثقات من أهل الشام، مثل الوليد بن مسلم، ومحمد بن مصعب، وإسماعيل بن عياش، ومبشر بن إسماعيل، وبقية، وعصام بن خالد، ويحيى الوحاظي وحدث عنه من ثقات أهل العراق: يحيى القطان، وناهيك به، ومعاذ بن معاذ، ويزيد بن هارون، وسفيان بن حبيب، وغيرهم. وحريز يحدث عن أهل الشام عن الثقات منهم، وقد وثقه يحيى القطان، ومعاذ بن معاذ، وأحمد ابن حنبل، ويحيى بن معين ودحيم، وإنما وضع منه ببغضه لعلي، وقال يحيى ابن صالح الوحاظي: أملى علي حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة (111 - ظ) عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً في بغض علي حديث منكر منكر جداً لا يروى مسلم ولا يصلح أن يذكر في الكتاب، قال الوحاظي: فلما حدثني بذلك قمت عنه وتركت الكتاب عنه.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد قال: قال أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي أحمد قال: اخبرنا أبو بكر عبد الله بن علي بن حموية ابن ابرك الهمذاني قال: أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي قال: حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن يونس بن نعيم البغدادي بها قال: حدثني أبو علي الحسين بن أحمد بن علي المالكي قال: حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك قال: حدثنا إسماعيل بن عياش قال: سمعت حريز بن عثمان قال: هذا الذي يرويه الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " حق، ولكن أخطأ السامع، قلت: فما هو؟ فقال: إنما هو أنت مني بمكان قارون من موسى، قلت: عمن ترويه؟ قال سمعت الوليد بن عبد الملك يقوله وهو على المنبر.

قال الخطيب: عبد الوهاب بن الضحاك كان معروفاً بالكذب في الرواية، فلا يصح الاحتجاج بقوله.
أخبرنا أبو نصر بن هبة الله إذناً قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: كتب إليّ أبو سعد محمد بن محمد بن محمد، وأبو علي الحسن بن أحمد، وأبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله البرجي، ثم اخبرني أبو المعالي عبد الله بن أحمد ابن محمد الحلواني بمرو قال: أخبرنا أبو علي الحداد (112 - و) قالوا: اخبرنا ابو نعيم الحافظ قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن اسحاق - يعني السراج قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي قال: حدثنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا إسماعيل بن عياش قال: عادلت حريز بن عثمان من مصر إلى مكة، فجعل يسب علياً ويلعنه، كذا وقع في نسخة السماع، وأظنه من حمص والله أعلم.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن - فيا أذن لنا في روايته عنه - قال أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق قال: حدثنا سهل بن أبي سهل قال: حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: وحريز بن عثمان، كان يتنقص عليا، ينال منه، وكان حافظاً لحديثه.
قال أبو حفص: سمعت يحيى يحدث عن ثور عنه.
وقال أبو حفص في موضع آخر: حريز بن عثمان ثبت شديد التحامل على عليّ.
قال الخطيب: وأخبرنا البرقاني قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي قال: حدثنا الحسين بن إدريس قال: حدثنا ابن عمار قال: حريز بن عثمان يتهمونه أنه كان يتنقص علياً، ويروون عنه ويحتجون بحديثه وما يتركونه.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: حدثنا يوسف بن أحمد الصيدلاني قال: حدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال: حدثنا محمد بن أيوب بن يحيى بن الضريس قال: حدثنا يحيى بن المغيرة قال: ذكر حريز، أن حريزاً كان يشتم علياً على المنابر.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم (112 - ظ) قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن الموحد قال: أخبرنا أبو المظفر هناد بن إبراهيم ابن محمد النسفي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ قال: حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن محمود المعدل قال: حدثنا محمد ابن المنذر بن سعيد الهروي قال: حدثنا عبد الله بن حماد الآملي قال: سمعت يحيى ابن صالح الوحاظي، وقيل: لم لم تكتب عن حريز بن عثمان؟ قال: كيف أكتب عن رجل صليت معه الفجر سبع سنين، فكان لا يخرج من المسجد حتى يلعن علياً سبعين لعنة كل يوم.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: اخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: حدثنا يوسف بن أحمد الصيدلاني قال: حدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال: حدثنا عمران بن أبان قال: سمعت حريز بن عثمان يقول لا أحبه قتل آبائي - يعني علياً.
قال: وحدثنا العقيلي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا الحسن بن علي قال: قلت ليزيد بن هارون: هل سمعت من حريز بن عثمان شيئاً تنكره عليه من هذا الباب؟ قال: إني سألته أن لا يذكر لي شيئاً من هذا، مخافة أن اسمع منه شيئاً يضيق عليَّ الرواية عنه قال: فأشد شيء سمعته يقول: لنا أمير ولكم أمير - يعني لنا معاوية، ولكم علي، فقلت ليزيد: فقد آثرنا على نفسه؟ قال: نعم.
أخبرنا أبو محمد عبد البر بن الحافظ أبي العلاء في كتابه (113 - و) قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا الحسن بن علي ابن عاصم قال: حدثنا الحسن بن علي بن راشد قال: جلسنا نتذاكر الحديث، فقال بعض أصحابنا: رأيت يزيد بن هارون في النوم فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وشفعني وعاتبني، فقلت: غفر لك وشفعك ففيما عاتبك؟ قال: كتبت عن حريز بن عثمان، فقلت: ما أعلم إلاّ خيراً، قال: إنه كان يبغض أبا الحسن علي بن أبي طالب.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الخطيب قال: أخبرنا أبو الفرج الحسين بن عبد الله بن أحمد ابن أبي علاّنه المقرىء قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال: حدثنا أبو محمد السكري قال: حدثنا يحيى بن اسحاق بن إبراهيم بن سافري قال: كنت عند احمد بن حنبل وعنده رجلان - وأحسبه قال: شيخان - قال: فقال أحدهما: يا أبا عبد الله رأيت يزيد بن هارون في المنام، فقلت له: يا أبا خالد ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وشفعني وعاتبني، قال: قلت غفر لك وشفعك قد عرفت، ففيم عاتبك؟ قال: قال لي: يا يزيد أتحدث عن حريز بن عثمان؟ قال: قلت: يا رب ما علمت إلاّ خيرا؟! قال: يا يزيد إنه كان يبغض أبا الحسن علي بن أبي طالب، قال: وقال الآخر: وأنا رأيت يزيد بن هارون في المنام، فقلت له: هل أتاك منكر (113 - ظ) ونكير؟ قال: أي والله وسألاني: وما دينك، ومن نبيك؟ قال: فقلت: ألمثلي يقال هذا، وأنا كنت أعلم الناس بهذا في دار الدنيا؟ فقالا لي: صدقت فنم نومة العروس لا بؤس عليك.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل ابن بشر قال: حدثنا ابو بكر الخطيب قال: أخبرني محمد بن المظفر بن علي الدينوري المقرىء قال: حدثنا إبراهيم بن محمد المزكي ببغداد قال: سمعت أحمد بن محمد الحيري المزكي قال: حدثني عبد الله بن الحارث الصنعاني قال: سمعت حوثرة ابن محمد المنقري البصري يقول: رأيت يزيد بن هارون الواسطي في المنام بعد موته بأربع ليال فقلت: ما فعل الله بك قال: تقبل مني الحسنات، وتجاوز عني السيئات ووهب لي التبعات قلت: وما فعل بعد ذلك؟ قال: وهل يكون من الكريم إلاّ الكرم، غفر لي ذنوبي وأدخلني الجنة، قلت: بما نلت الذي نلت؟ قال: بمجالس الذكر، وقولي الحق، وصدقي في الحديث، وطول قيامي في الصلاة، وصبري على الفقر، قلت: منكر ونكير حق؟ قال: أي والله الذي لا إله إلا الله إلاّ هو لقد أقعداني وسألاني. فقالا لي: من ربك، وما دينك، ومن نبيك، فجعلت انفض لحيتي البيضاء من التراب فقلت: مثلي يسأل أنا يزيد بن هارون، الواسطي وكنت في دار الدنيا ستين سنة أعلم الناس قال أحدهما صدق هو يزيد بن هارون نم نومة العروس (114 - و) فلا روعة عليك بعد اليوم، قال أحدهما: أكتبت عن حريز بن عثمان؟ قلت: نعم وكان ثقة في الحديث، قال: ثقة ولكنه كان يبغض علياً أبغضه الله.
أخبرنا أبو الوحش بن نسيم في كتابه قال أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أبي بكر بن عبد الله السنجي المؤذن قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد المديني المؤذن بنيسابور قال: حدثنا أبو زكريا يحيى ابن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي - إملاء - قال: أخبرني أبو بكر محمد بن سليمان الزاهد أن محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع حدثهم قال أخبرنا أبو القاسم بن بشار البغدادي قال: حدثنا أحمد الوراق قال: سمعت عبيد الله القواريري قال: رأيت يزيد بن هارون بعد ما مات في النوم فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي ورحمني، وعاتبني في روايتي عن حريز بن عثمان.
وقد روي أن هذا المنام رآه يزيد بن هارون نفسه وهو في الحياة، أخبرنا بذلك أبو اليمن زيد بن الحسن - إجازة - قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الهيتي قال: حدثنا الحسين بن عبد الله بن روح الجواليقي قال: حدثني هارون بن رضي مولى محمد ابن عبد الرحمن بن اسحاق القاضي قال: حدثنا أحمد بن سنان قال: سمعت يزيد ابن هارون يقول: رأيت رب العزة تبارك وتعالى فقال لي: يا يزيد تكتب من حريز ابن عثمان؟ فقلت يا رب ما علمت منه إلاّ خيراً فقال لي: يا يزيد لا تكتب منه شيئاً (114 - ظ) فإنه يسب علياً.
وقال الخطيب: أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا محمد بن عبد الله قال: سمعت بعض أصحابنا يذكر عن يزيد بن هرون، قال: قال حريز بن عثمان: لا أحب من قتل لي جدين.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي - إجازة أن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل بن غسان قال: حدثني أبي قال: ويقال في حريز بن عثمان مع ثبته أنه كان سفيانياً، وقال في موضع آخر: حريز ابن عثمان ثبت.
وقد روي أنه رجع عن مذهبه وروي أنه كان ينكر هذا المذهب.
أخبرنا الحسين بن عمر بن نصر في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عمران عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله البخاري قال: وقال أبو اليمان: كان حريز يتناول من رجل يعني علياً، ثم ترك.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر عن جعفر بن يحيى التميمي قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أحمد قال أخبرني أبي عبد الرحمن - يعني - النسائي قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا أبو اليمان، قال: كان حريز يتناول من رجل ثم ترك (115 - و).
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي أبو بكر الخطيب قال: ولم يكن لحريز كتاب وكان يحفظ حديثه، وكان ثقة ثبتاً، ويحكى عنه من سوء المذهب، وفساد الاعتقاد ما لم يثبت عليه.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر عن جعفر بن يحيى التميمي قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أحمد قال أخبرني أبي أبو عبد الرحمن - يعني - النسائي قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد قال: أخبرني أبي أحمد قال: حدثنا أبو اليمان، قال: كان حريز يتناول من رجل ثم ترك (115 - و).
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي أبو بكر الخطيب قال: ولم يكن لحريز كتاب وكان يحفظ حديثه، وكان ثقة ثبتاً، ويحكى عنه من سوء المذهب، فساد الاعتقاد ما لم يثبت عليه.
قال الخطيب أخبرنا ابن الفضل القطان قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: وبلغني عن علي بن عياش قال: حدثني حريز بن عثمان وسمعته يقول - يعني لرجل - ويحك تزعم أني أشتم علي بن أبي طالب، والله ما شتمت علياً قط.
أنبأنا عبد البر بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا الإسماعيلي قال: أخبرنا السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا ابن أبي عصمة قال: حدثنا أحمد بن أبي يحيى قال: حدثني سلمة بن شبيب قال: سمعت علي بن عياش يقول: سمعت حريز بن عثمان يقول لرجل: ويحك تزعم أني أشتم علي بن أبي طالب والله ما شتمت علياً قط.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن محمد قال: أخبرني السكري قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا جعفر بن محمد الأزهر قال: حدثنا ابن الغلابي قال: حدثنا يحيى بن معين قال: سمعت علي ابن عياش قال: سمعت حريز بن عثمان يقول لرجل: ويحك أما خفت الله، حكيت عني أني أسب علياً والله ما أسبه ولا سببته قط.
وقال: أخبرنا الخطيب قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا يوسف ابن أحمد قال: حدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال: حدثنا (115 - ظ) محمد بن إسماعيل: قال حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال: حدثنا شبابه قال: سمعت حريز بن عثمان قال له رجل: يا أبا عمرو بلغني أنك لا ترحم على علي؟ قال: فقال له: أسكت ما أنت وهذا، ثم التفت إليّ فقال: رحمه الله مائة مرة.
أخبرنا محمد بن هبة الله بن محمد - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا علي بن الحسن هبة الله الحافظ قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: حدثنا تمام بن محمد قال: حدثني أبي أبو الحسين قال: أخبرني أبو عبد الرحمن مكحول بن عبد الله بن عبد السلام البيروتي قال: حدثنا جعفر بن أبان قال: سمعت علي بن عياش: وسأله رجل من أهل خراسان عن حريز هل كان يتناول علياً فقال علي بن عياش: أنا سمعته يقول: أن أقواماً يزعمون أني أتناول علياً، معاذ الله أن أفعل ذلك حسيبهم الله.

قال الحافظ: قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر عن أبي بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو بكر محمد بن جعفر - فيما قرأته عليه - قال: قرئ على أبي بكر محمد بن أسحق - يعني - ابن خزيمة، وأنا أسمع، قيل له: لست تحتج بحريز بن عثمان لسوء مذهبه قد احتج بحديث حريز البخاري، وأبو داود، والترمذي، وغيرهم من الأئمة.
أخبرنا عمر بن محمد الدار قزي - أذناً - قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا يوسف بن رباح بن علي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس قال: حدثنا أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرنا أبو عبيد الله معاوية بن صالح قال: (116 - و) حريز بن عثمان الرحبي قال يحيى بن معين: ثقة، وقال لي أحمد - يعني - ابن حنبل: هو من المعدودين مع عبد الرحمن بن يزيد وأصحابه، قال أبو عبد الله: أدرك المهدي وقدم عليه.
قال الخطيب: أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي قال: حدثنا محمد بن أحمد اللؤلؤي قال: حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال: حدثنا أحمد بن عبدة الضبي قال: أخبرنا معاذ بن معاذ قال: أخبرني أبو عثمان الشامي - ولا أخالني رأيت شامياً أفضل منه - يعني حريز بن عثمان.
قال الخطيب: أخبرنا أبو الفضل القطان قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثني أبو بشر بكر بن خلف قال: حدثنا معاذ بن معاذ قال: حدثنا حريز بن عثمان الرحبي الشامي، قال معاذ: ولا أعلمني رأيت شامياً أفضل منه.
أنبأنا عبد البر بن الحسن قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد ابن عدي قال: حدثنا الجنيدي قال: حدثنا البخاري قال: حريز بن عثمان أبو عثمان الحمصي الرحبي، قال معاذ بن معاذ: حدثنا حريز بن عثمان أبو عثمان، ولا أعلم أني رأيت أحداً من أهل الشام أفضله عليه.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر عن أبي الفضل التميمي قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: سمعت يحيى يقول: وحريز بن عثمان لا بأس به، وقال النسائي: أبو عثمان حريز بن عثمان شامي حمصي لا بأس به في الحديث.
أنبأنا عبد البرقال، أخبرنا أبو المحاسن قال: أخبرنا أبو القاسم قال: أخبرنا أبو القاسم قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: قلت ليحيى بن معين: فحريز بن عثمان؟ قال: ثقة.
وقال ابن عدي: سمعت محمد بن نوح الجنديسابوري ببغداد، وبمصر يقول: سمعت أبا داود سليمان بن الأشعث يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: حريز بن عثمان ثقة.
قال بن عدي: حدثنا يوسف بن الحجاج قال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال: قلت لعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم: من الثبت بحمص؟ قال صفوان: وبحير وحريز وثور وأرطاة.
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا ابن خيرون قال: أخبرنا الخطيب قال: أخبرني محمد بن أبي علي الأصبهاني قال: حدثنا أبو علي الحسين بن محمد الشافعي بالأهواز قال: حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قال: سمعت - يعني أبا داود - يقول: سألت أحمد بن حنبل بن حريز، فقال: ثقة، ثقة.
قال الخطيب: وأخبرنا البرقاني قل: أخبرنا أحمد بن محمد بن حسنوية قال: حدثنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال: حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال: سمعت أحمد قال: ليس بالشام أثبت من حريز إلا أن يكون بحير، قيل لأحمد: فصفوان؟ قل: حريز ثقة، قال أبو داود: سمعت أحمد - وذكر له حريز وأبو بكر بن أبي مريم وصفوان - قال: ليس فيهم مثل حريز ليس أثبت منه، ولم يكن يرى القدر، وقال: سمعت أحمد مرة أخرى يقول: حريز ثقة ثقة.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال: قلت لعبد الرحمن بن إبراهيم: منم الثبت بحمص؟ قال: صفوان، وبحير، وحريز، وثور، وأرطاة، قلت: فابن أبي مريم؟ قال: دونهم.

قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك قال: حدثنا أبو الحسن السقاء قال: حدثنا أبو العباس الأصم قال: سمعت العباس بن محمد يقول سمعت يحيى يقول: حريز بن عثمان الرحبي ثقة.
قال الحافظ: قرأت على أبي الفتح نصر الله بن محمد الفقيه، عن أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار قل: اخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا محمد بن القسم الكوكبي قال: حدثنا إبراهيم بن الجنيد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وأبو بكر بن أبي مريم وحريز بن عثمان الرحبي هؤلاء ثقات.
أخبرنا أبو اليمن الكندي - إذناً - قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا الخطيب أبو بكر قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: سمعت موسى بن إبراهيم ابن النضر العطار يقول: حدثنا محمد بن عمثان بن أبي شيبة قال: وسئل علي بن المديني عن حريز بن عثمان فقال: لم يزل من أدركناه من أصحابنا يوثقونه.
وقال الخطيب: أخبرني عبد الله بن يحيى السكري قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم قال حدثنا جعفر بن محمد بن الأزهر قل: حدثنا ابن الغلابي قال: حدثنا علي بن عياش الحمصي قال: جمعنا حديث حريز بن عثمان في دفتر، قال: نحواً من مائتي حديث، فأتيناه به فجعل يتعجب من كثرته ويقول: هذا كله عني، مرتين.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قل: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: اخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: سمعت يحيى بن صالح الوحاظ يقول: مات شعيب بن أبي حمزة، وحرز بن عثمان، وأبو مهدي سنة ثلاث وستين ومائة.
أنبنا أبو حفص عمر بن محمد المكتب قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا الخطيب أبو بكر قال: أخبرنا ابن الفضل قال: اخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثني عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي قال: حدثني سليمان البهراني قال: سمعت يحيى ن صالح قال: مات شعيب، وحريز، وأبو مهدي سنة ثلاث وستين ومائة.
قال الخطيب: أخبرنا عبد الله بن عمر الواعظ، قال: حدثني أبي قال: حدثنا عمثان بن جعفر الكوفي قال: حدثنا أحمد بن سعد قال: حدثنا محمد بن مصطفى قل: مات حريز بن عثمان سنة اثنتين وستين.
قال الخطيب: وأخبرنا عبد الله قال: حدثني أبي قال: حدثنا اسحاق بن موسى قال: حدثنا محمد بن عوف قال: سمعت يزيد بن عبد ربه يقول: مات حريز سنة ثلاث وستين.
وقال الخطيب: أخبرنا علي بن أبي علي قال: أخبرنا محمد بن المظفر، قال وأخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال: اخبرنا محمد بن الحسين بن عمر اليمني قالا: حدثنا بكر بن أحمد بن حفص الشعراني قال: حدثنا احمد بن محمد بن عيسى البغدادي قال: وأبو عثمان حريز بن عثمان بن جبير بن أحمر بن أسعد الرحبي المشرقي، ومولده سنة ثمانين، ومات سنة ثلاث وستين.
وقال الخطيب: اخبرنا ابن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: سمعت سليمان بن سلمة الحمصي الخبائري قال: مات حريز سنة ثمان وستين ومائة.
قال الخطيب: وهذا عندي خطأ، وما قبله أصح والله أعلم.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: سمعت سليمان بن سلمة الحمصي الخبائري قال: مات حريز بن عثمان سنة ثمان وستين ومائة، وفيها مات سعيد بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو علي الأوقي - فيما أجازه لي - قال: أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن العربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قابع قل: سنة اثنتين وستين ومائة: حريز بن عثمان وله مذهب ردئ، ويقال سنة ثلاث - يعني - مات.
؟حريش السكوني:
شاعر شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقال يومئذ شعرا يخاطب به معاوية؟

أنبأنا أبو الحسن علي بن محمود بن أحمد الصابوني عن أبو محمد عبد الله ابن أحمد بن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني نصر بن مزاحم عن عمرو بن شمر، وعمر بن سعد في إسنادهما قال: وفرح أهل الشام بقتل هاشم بن عتة بن أبي وقاص، وعمار بن ياسر فقال: رجل من السكون، ويقال له حريش، وكان مع علي عليه السلام:
معاوي ا أفلت لا بجرعة من ... الموت رعباً تحسب الشمس كوكبا
تخ وقد أدمت بالسوط بطنه ... دؤوماً على فاس اللجام مشذبا
فلا تكفرنه واعلمن أنها مثلها ... إلى جنبها عالى بك الجري أو كبا
فإن تفخروا بابني بديل وهاشم ... فنحن قتلنا ذا الكلاع وحوشبا
فإنهم ممن قتلتم على الهدى ... أصيبوا فكفوا القول نسفي التحوبا
صبرنا لكم والأمر قد جدَّ جده ... وقد كان يوماً يترك الطفل أشيبا
صبرنا لكم تحت العجاج نفوسنا ... وكان خلال الصبر جذعا وموعبا
فلم نلق فيها خاشعين أذلة ... ولم يك فيها حبلنا متذبذبا
كسرنا القنا حتى إذا ذهب القنا ... ضربنا فغالبنا الصفيح المجربا
فلم ترفي الجمعين صارف وجهه ... ولا صارفاً من خشية الموت منكبا
ولم تر إلاّ قحف راس وهامة ... وساقاً طنوناً أو ذراعاً مخضبا
كأنا وأهل الشام أسد مشيحة ... بخفان لا يبقين ناباً ومخلبا
إذا الخيل حالت بينها قصد القنا ... نثرت عجاجاً ساقطاً متنقبا
؟؟
ذكر من اسمه الحر
؟الحر بن سهم بن طريف الربعي التميمي:
من ربيعة تميم، شهد صفين مع علي رضي الله، وقال رجزاً بين يدي علي.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمود الصابوني - كتابة - قال: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن الفراء قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن اسحاق بن ننجاب الطيبي قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمرو بن شمر الجعفي عن جابر، ح.
قال ابن ديزيل: وحدثنا عمر بن سعد الأسدي قال: حدثني رجل من الأنصار عن الحارث بن كعب الوالبي عن أبي الكنود، وأحدهما يزيد على الآخر: أن علياً لما أراد الشخوص إلى الشام عسكر بالنخيلة، وذكر خطبة خطبها، وأنه نزل فدعا بدابته فأٌتي بها فركبها، ثم مضى ومضى أمامه الحر بن سهم بن طريف الربعي وهو يقول:
يا فرسي سيري وأمي الشاما ... وقطعي الأحزان والأعلاما
ونابذي من خالف إلا ماما ... إني لأرجو إن لقيت العاما
جَمع بني أمية الطغامى ... أن نقتل العاصي والهُماما
وأن نزيل من رجالٍ هاما
الحر بن الصباح النخعي:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وروى شيئاً من خبرها روى عنه عمر بن سعد الأسدي.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد الأمين - كتابة عن أبي محمد عبد الله ابن أحمد بن الخشاب - قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني نصر قال: عمر بن سعد عن الحرّ بن الصباح النخعي أن الأشتر كان يقاتل على فرس له، في يده صفيحة يمانية إذا طأطأها خلت فيها ماءً منصبا وإذا رفعها كاد يغشى البصر شعاعها فجعل يضرب بسيفه وهو يقول:
الغمرات ثم تنجلينا ... ويكشفهن

فبصر به الحارث بن جمهان الجعفي، فلم يعرفه حتى دنا منه، فقال الأشتر: جزاك الله عن أمير المؤمنين وجماعة المسلمين خيراً، فقال له الأشتر:ابن جمهان؟ قال: نعم، مثلك يتخلف عن مثل موقفي هذا؟ فقال: ما علمت بمكانك إلاّ الساعة لا أفارقكم حتى أموت.
الحر بن يوسف بن يحيى بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس:
كان مع هشام بن عبد الملك بالرُصافة في سنة ست ومائة، فولاه مصر، ثم وفد عليه سنة ثمان، وقيل سنة تسع فعزله عن مصر، وقيل إنه ولي الموصل.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن محمد بن ناصر قال: أجاز لنا إبراهيم بن سعيد الحبال قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن النحاس - إجازة - قال أخبرنا أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب التجيبي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز أبو الرقراق قال حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال: حدثني ابن لهيعة عن موسى بن أيوب أن الحر بن يوسف أمير مصر سأل عبد الرحمن بن عتبة عن أمةٍ اشتراها رجلان فوطئاها في طهر واحد فحملت، فقال: سل ابن خدام - يعني - عبد الله بن يزيد - وهو قاضي المصر، فسأله فقال: كتبت إلى عمر بن عبد العزيز في مثل ذلك فكتب إليَّ عمر قال: يرثهما الولد ويرثانه، وعاقبهما.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو جعفر ابن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: فمن ولد يوسف بن يحيى - يعني - ابن الحكم بن أبي العاص الحر بن يوسف بن يحيى والي الموصل.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله - كتابة - قال: أخبرنا علي بن الحسن ابن أبي الحسين قال: أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي قال: أخبرنا سهل بن بشر قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عيسى السعدي قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن جعفر النُخالي قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى الحضرمي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال: أخبرنا الليث ابن سعد قال: وفيها - يعني - سنة ست ومائة أمرّ الحر بن يوسف على أهل مصر، ونُزع محمد بن عبد الملك. قال: ووفد الحر بن يوسف إلى أمير المؤمنين - يعني - سنة ثمان ومائة فنزع عن مصر، وذكر أبو عمر بن يوسف الكندي أن ولاية الحر كانت على مصر ثلاث سنين سواء.
أنبأنا أبو طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمر قندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا أبو عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: قال ابن بكير: قال الليث: وفي سنة ست ومائة أمٌر الحر بن يوسف على أهل مصر، ونُزع محمد بن عبد الملك، وفيها - يعني - سنة ثمان ومائة وفد الحرّ بن يوسف إلى هشام أمير المؤمنين فنُزع من مصر.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله قال: الحر بن يوسف بن يحيى بن الحكم بن أبي العاص بن أمية أمره هشام بن عبد الملك على مصر سنة ست ومائة، فلم يزل عليها إلى أن وفد عليه سنة ثمان ومائة، فعزله عنها، ويقال وفد عليه في شوال سنة سبع ومائة.
الحر العبسي:
له ذكر ذكر البلاذري في كتاب البلدان قال: وحدثني أبو صالح الفراء عن رجل من أهل دمشق يقال له عبد الله بن الوليد، عن هشام بن الغاز عن عبادة بن نسي - فيما يحسبه - أبو صالح قال: لما غزا معاوية غزوة عمورية في سنة خمس وعشرين وجد الحصون فيما بين أنطاكية وطرسوسن خالية، فوقف عندهما جماعة من أهل الشام والجزيرة وقنسرين، ثم انصرف من غزاته، ثم أغزى بعد ذلك بسنة أو سنتين الحر العبسي الصائفة ففعل مثل ذلك وكانت الولاة تفعله.
حزن بن عبد عمرو:
غزا الروم مع يزيد بن معاوية حين غزا الطوانة، وحكى حكاية وقعت في تلك الغزوة روى عنه محمد بن إسحق

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي، وأبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - إذناً من كل واحد منهما - قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن زكريا بن حيوية قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن جعفر بن محمد بن المنادي قال: حدثني أبو موسى هارون بن علي بن الحكم المزوق قال: حدثنا حماد بن المؤمل أبو جعفر الضرير، قال: حدثنا مسلم بن عيسى قال: حدثنا محمد بن سلمة قال: حدثنا محمد بن اسحاق عن حزن بن عبد عمرو قال: اكتتبت في غزوة طوانة، فخرجنا حتى دخلنا أرض الروم، فخرجت أنا وأصحاب لي نتعلف فانتهينا إلى قرية، فقال لي بعض أصحابي: من يأخذ برؤوس دوابنا فيطول لها في هذا المرج حتى ترعى، وننطلق نحن إلى القرية فنتعلف؟ فقلت: أنا، فأخذت برؤوس دواب أصحابي فطولت لها في المرج وخليّت، وانطلق أصحابي فبينما أنا كذلك إذ سمعت تسليماً: السلام عليكم ورحمة الله، فالتفت فإذا رجل عليه ثياب بياض ليست بالغليظة ولا الرقيقة فقلت وعليكم السلام ورحمة الله، فقال لي: أمن أمة محمد أنت؟ قلت: نعم، قال: إني أراكم تلقون من أمرائكم هؤلاء شدة، قلت: أجل قال: فاصبروا فإن هذه الأمة أمة مرحومة، كتب الله عليها خمس صلوات، وخمس فتن أولاً أسميها لك؟ قلت: بلى قال: أمسك، إحداها موت نبيكم صلى الله عليه وسلم، واسمها في كتاب الله بغتة، ثم قتل عثمان واسمها في كتاب الله الصماء، ثم فتنة ابن الزبير واسمها في كتاب الله العمياء، ثم فتنة ابن الأشعث واسمها في كتاب الله البتراء، ثم تولى وهو يقول: بقيت الصيلم، بقيت الصيلم، بقيت الصيلم قالها ثلاث مرات، ثم انطلق فلم أر له أثراً.
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسين بن هلالة - إذناً - قال أخبرتنا الحرة عفيفة بنت أحمد قالت: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: أخبرنا عبد الرحمن بن حاتم المرادي قال: حدثنا نعيم بن حماد قال: حدثنا محمد بن سلمة الحراني قال: حدثنا محمد بن اسحاق عن حزن بن عبد عمرو قال: دخلنا أرض الروم في غزوة الطوانة، فنزلنا مرجاً فأخذت أنا برؤوس دواب أصحابنا، فطولت لها، وانطلق أصحابي يتعلفون فبينا أنا كذلك إذ سمعت: السلام عليكم ورحمة الله، والتفت فإذا أنا برجل عليه ثياب بياض، فقلت: السلام عليك ورحمة الله، فقال: من أمة أحمد قال: قلت: نعم قال: فاصبروا فإن هذه الأمة أمة مرحومة، كتب الله عليها خمس فتن، وخمس صلوات قال: قلت: سمهن لي، قال أمسك: إحداهن موت نبيهم واسمها في كتاب الله بغته، ثم قتل عثمان واسمها في كتاب الله الصماء، ثم فتنة ابن الزبير واسمها في كتاب الله العمياء، ثم فتنه ابن الأشعث واسمها في كتاب الله البتراء، ثم تولى وهو يقول: وبقيت الصيلم، وبقيت الصيلم، فذهب فلم أدر كيف ذهب.
حسام بن غزي بن يونس المحلي:
أبو المناقب الشافعي، المصري، الفقيه، رجل فاضل أديب، فقيه كيس، دمث الأخلاق كثير المروءة، مطبوع النادرة خفيف الروح، جيد الشعر، حسن المحاضرة، وكان له وجاهة بدمشق، وسيرّة الملك العادل أبو بكر محمد بن أيوب رسولاً إلى حلب إلى الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب، واجتمعت به بها في مجلس شيخنا قاضي القضاة أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم بمدرسته بحلب، ولم يتفق لي سماع شيء منه، ثم اجتمعت به بدمشق في جامعها سنة ثلاث وعشرين وستمائة عند توجهي إلى الحج، وأنشدني عدة مقاطع من شعره، وسألته عن مولدة فقال لي: في حدود الستين وخمسمائة، وبلغني أنه ولد بقوص وربي بالمحلة، وسمع الحديث من الشيخ أبي الفتح محمود بن الصابوني، ومن أبي عبد الله محمد بن يوسف بن علي الغزنوي، ومن شيخنا أبي القاسم عبد الصمد ابن محمد بن الحرستاني، وأبي البركات داود بن أحمد بن ملاعب، وحدّث عن: أبي القاسم البوصيري بشيء من حديثه.
أنشدني عماد الدين حسام بن غزي المحلي لنفسه:
قيل لي من هويته عبث الشعر ... بخدّيه قلت: ما ذاك عاره
جمرة الخلد أحرقت عنبر ... الخال فمن ذلك الدخان عذاره
وأنشدني لنفسه مما كتبه إلى الملك العادل أبي بكر بن أيوب:

قيل للمليك العادل المرتجى ... مقال صدقٍ ليس بالزور
مملوكك العبد المحليّ قد ... شارف أن يقرأ على الدٌّور
وكلما جمّع في يوسف ... أنفقه في سورة النور
في قوله شارف أن يقرأ على الدور تورية بالقراءة على أبي عمر الدوري صاحب أبي عمرو ابن العلاء المقرىء.
وأنشدني أبو المناقب حسام بن غزي المحلي لنفسه مدحاً في جمال الدين يحيى بن يوسف بن شيخ السلامة:
وقائلة من بعد يحيى بن برمك ... ملاذ لملهوف وكنزلمعتف
فقلت لها: إن مات يحيى فعندنا ... الوزير جماال الدين يحيى بن يوسف
أنشدني عماد الدين حسام بن غُزي لنفسه:
أنا شاكر لمعاشري ... إذ ساء في أخلاقه
لو كان يُحسن عشرتي ... لهلكت عند فراقه
وأنشدني لنفسه:
شوقي إليكم دون أشواقكم ... لُنكتةٍ لابد ما تشرح
لأنني عن قلبكم غائب ... وأنتم في القلب لن تبرحوا
سمعت الشيخ شرف الدين الحسين بن إبراهيم بن الحسين الإربلي قال: سمعت العماد المحلي يقول: الناس يستحقرون الفلس، والفلس ينتفع به الإنسان يوماً، وينتفع به شهراً، وينتفع به سنة، وينتفع به طول العمر، أما منفعته اليوم فيشتري به حمصاً يأكله، فيكفيه لقوت يومه، وأنا أكتفي به، وأما منفعته شهراً فيشتري به باقة كبريت ينتفع بها جميع الشهر، وأما منفعته سنة فيشتري به إبرة يخيط بها سنة، وأما منفعته لجميع العمر فيشتري به مسماراً يضربه في الحائط وينتفع به طول عمره.
وكان ممولاً رحمه الله ويحكى عنه حكايات في البخُل كان يتنادر بها، وكان يقرض من ماله من يحتاج إلى القرض من غير فائدة، ويصبر بماله على المعسر وينظره.
وبلغني أن العماد حسام بن غزّى المحلي توفي بدمشق في شهر ربيع الآخر من سنة تسع وعشرين وستمائة في ليلة الأربعاء عاشر الشهر المذكور، ودفن بمقابر الصوفية خارج باب النصر.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي:
ذكر من اسمه حسان
حسان بن الحباب بن الوليد القشيري:
أبو الندى الشطي، شاعر متوسط الشعر، أعرابي وتندر له أبيات فائقة، من شعراء الأمير شبل الدولة أبي كامل نصر بن صالح بن مرداس وممن وفد عليه إلى حلب وإجازه. روى عنه أبو عبد الله أحمد بن محمد الخياط الشاعر الدمشقي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي عن أبي عبد الله محمد بن نصر بن صغير القيسراني قال: أنشدني أبو محمد هبة الله بن الأكفاني سنة سبع عشرة وخمسمائة من خطه قال: أنشدني أبو عبد الله أحمد بن محمد بن الخياط قال: أنشدني الأمير حسان بن الحباب الكناني، وكان يعرف بشاعر آل صالح يخاطب نصر بن محمود:
مالي إلى أبي علي حاجة ... دون الأنام ولا له عندي يد
إلاّ يد غمرت فكنت كواحد ... ممن يعان على الزمان ويسعد
قال القيسراني:وأنشدني ابن الأكفاني قال: أنشدني ابن الخياط قال: أنشدني ابن الحباب لنفسه:
والله لولا قيود في قوائمنا ... من الجميل وفي الأعناق أغلال
لكان لي في بلاد الله مضطرب ... وفي الملوك لبانات وأشغال
لي حرمة الضيف والجار القديم ... ومن أتاكم وكهول الحي أطفال
أتيتكم وجلابيب الصبى قشب ... فكيف أرحل عنها وهي أسمال
قال القيسراني: والبيت الآخر أجود من بيت البحتري:
وشرخ شباب قد نضوت جديده ... إليكم كما ينضو الذي سمل البُرد
قال: وكان ابن الحباب شاعر بدوي متأدب الطبع، له أشعار مشهورة في بني صالح.
قلت: قول ابن الخياط: يخاطب نصر بن محمود، أظنه والله أعلم خطأ، وإنما هو نصر بن صالح، وما أظن ابن الحباب بقي إلى أيام نصر بن محمود، والذي يدل على ذلك قوله: " مالي إلى ابن أبي علي حاجة " ، وابن أبي علي هو نصر بن صالح، وأبو علي كنية صالح بن مرداس، وكنية محمود بن نصر أبو سلامة.

قرأت بخط أبي النجم بن بديع في جزء وقع إليّ من كتابه الذي جمعه في الشعراء ذكر فيه جماعة من شعراء حلب، وذكر فيه حسان الشطي، شاعر بني صالح، توفي بحلب وقد جاز ثمانين سنة، وقال فيه: متوسط الشعر، وندر له أبيات، وأورد له هذه الأبيات الأربعة التي ذكرناها: " بالله لولا قيود في قوائمنا " إلى آخرها.
وقفت في مدائح نصر بن صالح التي جمعها أحمد بن خلف الممتع المعري على قصائد من شعره فيه؛ بخط الممتع، منها قوله:
قلب تصدع من وجد وبلبال ... وعبرة ذات تسكاب وتهطال
كأن دمعي وقد فاضت بوادره ... ماء الغمام جرى من روس أجبال
صد الحبيب الذي ما كنت أحسبه ... يصد فازداد تسهيدي وتعوالي
لئن نأى وسلا عني وأرقني ... فلست عنه وإن سليت بالسالي
يا ليلة جمعتنا تحت حندسها ... وكشفت سترها من بعد إسدال
عودي علينا فقد عادت شقا ... وتنا وإن جسمي من تذكارها بال
قال فيها:
قتالة لا تزال الدهر جانية ... لا تأتلي من هواني بعد إجلالي
خمصانة الكشح معطار منعمة ... كأنها ظبية بالأمعز الخال
تسلبي الحليم بألحاظ مفتنة ... مغنوجة كحلت من غير إكحال
تمشي إذا برزت من بيت جارتها ... مشي البخاتي في وعث وأوحال
تصغي إذا عُذلت فينا فتهجرنا ... ذات الدلال ولا أصغي لعذال
يا من شغفت بها حتى ذللت لها ... كأنني مجرم يدعى إلى وال
جودي علينا فقد جاد المليك لنا ... بمفضل عمنا منه بأفضال
ومما نقلته من خط الممتع من مدائح نصر بن صالح قول حسان بن الحباب أيضاً من قصيدة:
شمس بألحاظ عينها ظُبا البتر ... مشهورة وكلت عيني بالسهر
فتنة فتنت قلبي إذا احتكمت ... في مهجتي فتناهت شدة الضرر
وورد الدمع في خدي تورد مافي ... صحن وجنتها الزاهي مع الخفر
ما قلب القلب في ناروأحرقه ... إلاَّ تقلب ما يبدو من الأزر
لهفي على دعص رمل حاز مئزرها ... من تحت غصن البانة النضر
استودع الله قلبي يوم ودعها ... فقد نأى إذ نأت والروح، الأثر
لم أنسهاوالنوى حلت بساحتها ... وقد بدت بين أتراب لها غرر
بدت لنا بجبين كالهلال سنا ... من تحت أسود حلكوك من الشعر
ترنو بعيني لياح لاح قانصة ... فظل يرمقه من شدة الذعر
لما تراءات رأيت الشمس طالعة ... وقت الضحى ورأيت البدر في السحر
حسان بن كمشتكين التركي:
صاحب منبج وأعمالها، كان أميراً مذكوراً شجاعاً، له صدقة ومعروف، وابتنى بمنبج مدرسة وقفها على أصحاب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، ووقف عليها أوقافاً حسنة، وكان قد بلغ بلك بن بهرام بن أرتق عنه كلام أوجب تغيره عليه، فسير ابن عمه تمرتاش بن ايلغاري بن أرتق بقطعة من عسكره، وأمره بالمرور بمنبج والتقدم إلى حسان بالمسير معهم إلى تل باشر، فإذا خرج قبضوه فتوجه تمرتاش إليه في صفر من سنة ثمان عشر وخمسمائة، وفعل ما أمره به، وقبض على حسان، ودخلوا منبج، وعصى عليه الحصن فلم يسلم إليه، وسيره إلى خرتبرت، وحبسه في جب، ودام على حصر منبج، ووصل بلك بنفسه، فضربه سهم من الحصن فقتله، وأخرج حسان من الجب وعاد إلى منبج، ودام في ولايتها إلى أن توفي سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وقد ذكرنا قصة حسان مع بلك مستقصاه في ترجمة بلك من هذا الكتاب.

قرأت بخط مرهف بن أسامة بن منقذ في مدرج علق فيه شيئاً من التاريخ، قال: فيها قبض بلك على حسان البعلبكي، ونزل على قلعة منبج، وكان فيها عيسى أخو حسان، وعذب حسان أنواع العذاب ليسلم إليه منبج، فلم يفعل أخوه عيسى وأنفذ إلى جوسلين وأطعمه بتسليم منبج إليه، فجمع جمعاً كثيراً، وجاء فنصر الله بلكا عليه، فكسره، وعاد إلى حصار منبج فأصابه سهم في ترقوته فمات، وكان قد جعل سجن حسان في قلعة بالو، فلما قتل بلك نزل ابن عمه داود بن سكمان على بالو فأخذها وأفرج عن حسان، وقيل إن ذلك كان في ربيع الأول.
حسان بن مالك بن بحدل:
ابن أنيف بن دلجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلاب ابن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن زيد بن مرة بن عمرو بن مالك بن حمير، أبو سليمان الكلبي كان له وجاهة، ومنزلة عند بني أمية، وكان مقدم بني كلب ورئيسهم، وعمته ميسون بنت بحدل زوج معاوية وهي أم يزيد بن معاوية، وشهد مع معاوية صفين، وكان على قضاعة دمشق يومئذ وهو الذي قام بأمر البيعة لمروان بن الحكم، وكان يسلم عليه بالإمرة قبل ذلك وذكر أبو بكر أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري قال: حدثني عباس بن هشام الكلبي عن أبيه عن جده قال: سلم على حسان بن مالك بن بحدل أربعين ليلة بالخلافة ثم سلمها إلى مروان وقال:
فألا يكن منا الخليفة نفسه ... فما نالها إلاَّ ونحن شهود
وقال بعض الكلبيين:
نزلنا لكم عن منبر الملك بعدما ... ظللتم وما أن تستطيعون منبرا
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: حسان بن مالك بن بحدل بن أنيف بن دلجة بن قناقة بن عدي بن زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة، أبو سليمان الكلبي زعيم بني كلب ومقدمهم، شهد صفين مع معاوية وكان مع قضاعة دمشق يومئذ، وكان له مقدار ومنزلة عند بني أمية، وهو الذي قام بأمر البيعة لمروان بن الحكم وقد كان يسلم عليه بالإمرة قبل ذلك أربعين ليلة، وكان له شعر وداره بدمشق، وهي قصر البحادلة التي تعرف اليوم بقصر ابن أبي الحديد وأقطعه إياها معاوية.
قال الحافظ: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن علي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: مات يزيد - يعني - ابن معاوية وعلى الأردن حسان بن مالك بن بحدل وضم إليه فلسطين، فولى حسان بن مالك، روح بن زنباع فلسطين.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم ابن بشران قال: أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حسان بن مالك بن بحدل الحلبي، أبو سليمان.
أنبأنا عبد الرحمن بن نجم الحنبلي قال أخبرتنا شهدة بنت ابن الآبري قالت: أخبرنا طراد بن محمد أبو الفوارس الزينبي قال: أخبرنا أحمد بن علي بن الحسين بن البادا قال: أخبرنا حامد بن محمد بن عبد الله الرفاء قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثني نعيم بن حماد عن ضمرة بن ربيعة عن رجاء بن أبي سلمة قال: خاصم حسان بن مالك عجم أهل دمشق إلى عمر ابن عبد العزيز في كنيسة كان فلان، وسمى رجلاً من الأمراء أقطعه إياها، فقال عمر: إن كانت من الخمس العشرة كنيسة التي في عهدهم فلا سبيل إليها.
حسان بن ماهوية الأنطاكي:
كان من صحابة هشام بن عبد الملك، وذكر أحمد بن يحيى البلاذري فيما حدثه به محمد بن سهم الأنطاكي عن مشايخ الثغر قال:وكان الذي بنى حصن المثقب هشام بن عبد الملك على يد حسان بن ماهويه الأنطاكي، ووجد في خندقه حين حفر عظم ساق مفرط الطول، فبعث به إلى هشام.
حسان بن محمد:
شهد صفين مع معاوية، وجعله أميراً على قيس دمشق فيما حكاه أبو عبيدة.

أنبأنا بذلك القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة قال: قال أبو عبيدة: وكان على قيس دمشق حسان بن محمد.
قال أبو القاسم الحافظ كذا قال خليفة، وحكى جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي، وزيد بن الحسن بن علي، ورجل آخر أنه حسان بن بحدل الكلبي وهو الصواب وهو حسان بن مالك بن بحدل الكلبي، يعني المقدم ذكره.
قلت: الذي ذكره جابر بن يزيد عن محمد بن علي، وزيد بن الحسن، ومحمد ابن المطلب أن حسان بن بحدل، كان على قضاعة دمشق، وذكروا أن الذي كان على قيس دمشق همام بن قبيصة، وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى، وقد ذكر الحافظ أبو القاسم في ترجمة حسان بن مالك بن بحدل، ما حكيناه عنه، أنه كان على قضاعة دمشق، وجعل في هذه الترجمة أن الصواب أنه كان على قيس دمشق، وهذا وهم وقد ذكر أبو البختري وهب بن وهب بن كثير فيما رواه عن جعفر بن محمد عن أبيه وابن أخيه الزهري عن عمه، ومحمد بن اسحاق عن يزيد بن رومان، وابن سمعان عن الزهري، ومحمد بن إبراهيم بن الحارث، وسعيد بن عبد العزيز الدمشقي عن مكحول وغيره، وغير هؤلاء قال: وبعضهم يزيد على بعض، قالوا: وجعل - يعني - معاوية على مضر دمشق، وهي الجند الثاني الضحاك بن قيس القرشي وعلى قضاعتها حسان بن مالك القضاعي.
قلت: وهو ابن بحدل.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: حسان بن محمد ممن مع معاوية صفين، وجعله على بعض العسكر. (128 - و).
حسان بن مخدوج الذهلي:
كان سيد ربيعه، وشهد صفين مع علي رضي الله عنه، وكان على ذهل الكوفة وقيل على الذهليين مع رئاسة الحيين - يعني - حي كندة وربيعه، وقيل إنّ علياً عليه السلام عزل الأشعث بن قيس واستعمل عليها حسان بن مخدوج الذهلي، وكان فاضلاً ناسكاً.
قرأت في كتاب صفين وقد سقط اسم مؤلفه، وأظنه عن المدائني قال: لما أراد عليّ المسير إلى صفين بلغه عن الأشعث تثاقل عن المسير من غير أن يصرح، وكانت له رئاسة ربيعه مه كندة، فلما بلغ ذلك علياً بعث إليه فقال: يا أشعث أني أترك عتابك استبقاء لما بيني وبينك، ولست أريد أن أمشي بك القهقري، أنه قد بدا لي فيك رأي وستعلمه، فانصرف الأشعث ودعا عليّ حسان بن مخدوج الذهلي، وهو يومئذ سيد ربيعه نسكاً وفضلاً، فجمع له راية كندة وربيعه، وجعل رئاسة الأشعث له، فتكلم في ذلك رجال من أهل اليمن، فتكلم جابر بن حريث الحنفي فقال: يا هؤلاء لا تجزعوا فإنه أن كان صاحبكم ملكاً في الجاهلية، وسيداً في الإسلام، فإن صاحبنا أهل لهذه الرئاسة، قال: وغضب الأشعث بن قيس. قال: وقال حسان للأشعث يا أبا محمد أنا عندما يسرك، لك راية كندة، ولي راية ربيعه، فقال الأشعث: معاذ الله أن فرق بينهما ما كان لي فهو لك، وما كان لك فهو لي فقال شقيق (128 - ظ) بن عبد الله المرادي، وقال بعضهم: ابن ثور الكندي:
قد أكمل الله للحيين نعمته ... إذ قام بالأمر حسان بن مخدوج
من كان يطمع فينا أن يفرقنا ... بعد الولاء وود غير ممزوج
فالنجم أقرب منه في تناوله ... مما أراه فلا يولع بتهييج
ليست ربيعه أولى بالتي حدثت ... من حي كندة حي غير محجوج
بأبي لنا الله أن نرضى نقيصتكم ... حتى تفتّح بأجوج بمأجوج
قال: فسكن القوم، وقال مالك بن هبيرة من أصحاب معاوية وبعث إلى الأشعث شعراً فيه:
من أصبح اليوم مثلوجاً بأسرته ... فالله يعلم أني غير مثلوج
زالت عن الأشعث الكندي رأيته ... وقلد الأمر حسان بن مخدوج
فترك الأشعث أجابته.

قال: وأن حسان بن مخدوج حيث بلغه قول مالك بن هبيرة مشى برايته إلى الأشعث، فركزها على داره، ومشى مع حسان وجوه قومه، فقال الأشعث: أترى هذه الرئاسة عظمت على عليّ، والله لهي أخف علي من زف النعام، ومعاذ الله أن تغيرني عن حالي، فعرض عليه عليّ أن يعيدها عليه، فقال الأشعث: يا أمير المؤمنين إن يكن أولها شراً فليس آخرها بعار، قال علي: لست بالذي يتركك حتى تلي، فقال الأشعث: ذلك إليك، قال: ثم إن علياً كتب الكتائب، قال: (129 - و) وجعل على ذهل الكوفة حسان بن مخدوج الذهلي، فولاها حسان أخاه الحسن بن مخدوج.
حسان بن المفرج بن دغفل بن الجراح:
ابن شبيب بن مسعود بن أسعد بن مزر بن سالم بن سعد بن سميع بن حوط ابن معبد بن عيسى بن أفلت بن سلسلة بن عمرو بن سلسلة بن غنم بن ثور بن معن الطائي، أمير كبير من آل الجراح، وكان قد لقب من جهة مصر بعدة الدولة ورضيعها، وقدم إلى حلب محالفاً صالح بن مرداس الكلابي واتفقا على محاربة العساكر المصرية في أيام الظاهر ومقدمها أمير الجيوش الدزبري وحسان هو الذي هرب إليه أبو القاسم الحسين بن علي بن المغربي حين قتل الحاكم أباه وعمه وأخوته، وحصل عند حسان واستجار فأجاره، وقدم الحاكم يارختكين وقلده الشام وأمر الناس بالترجل له منهم علي ومحمود ابنا المفرج، فشق عليهما ذلك وأبياً الصبر على هذه المذلة، وكتبا بذلك إلى أبيهما وأخيهما حسان، فلما نوسط يارختكين الجفار أشار أبو القاسم بن المغربي على حسان بلقائه، وانتهاز الفرصة فيه، فسار حسان إلى أبيه، وأجمع رأيهما على لقائه، فخرج يارختكين من غزة، وكان حسان قد عرف خبره وبث الخيل من كل جانب، ووقعت الوقعة بين الفريقين وكانت الغلبة فيها لحسان والعرب، فأسر يارختكين وحرمه وأولاده واستولي على أمواله، وحصل أكثر ذلك في يد حسان، وعاد وأبوه إلى الرمل وهجموها واستولوا عليها وبالغوا في الفتك والهتك بأهلها، وكتب الحاكم إلى المفرج يعاتبه وطالبه بانتزاع يارختكين من يد حسان، وحمله إليه إلى مصر، ووعده على ذلك بخمسين ألف دينار، فاجتمع أبو القاسم ابن المغربي بحسان وقال: أن والدك سيركب إليك ويثقل عليك في أمر يارختكين وما يبرح إلاّ به، ومتى أفرجتم عنه عاد إلى الحاكم فرده إليكم في العساكر الكثيرة، فلما سمع حسان ذلك منه وكانت في رأسه نشوة، أحضر يارختكين في قيوده وأمر بضرب عنقه وأنفذ رأسه إلى أبيه المفرج، فشق عليه ثم أشار ابن المغربي على المفرج وحسان بمراسلة أبي الفتوح الحسن بن جعفر العلوي أميري مكة ومبايعته، وسار رسولاً عنهما وبايع وتلقب بالراشد، وخرج من مكة حتى اجتمع بحسان وأبيه، ودخل الرملة ونلقاه حسان وأبوه وآل الجراح، وقبلوا الأرض بين يديه.
وكتب الحاكم إلى حسان وأبيه وبذل (129 - ز) لهما بذولاً كثيرة واستمال آل الجراح، فمالوا إلى الحاكم، وقوي أمره وضعف أمر أبي الفتوح، فاجتمع بالمفرج وقال: قد خفت من غدر حسان، فأبلغني مأمني وسيرني إلى وطني فأعطاه ذمامه، وسيره إلى مكة.
ثم أن المفرج مات بعد ذلك، واستقل حسان ابنه بالإمارة على طيء وتجددت بينه وبين الظاهر بن الحاكم الوحشة، وتحالف هو وصالح بن مراد الكلابي صاحب حلب على الانفراد بالشام جميعه وقدم حسان على صالح بن مرداس ومعه سنان ابن عليان إلى حلب، واتفقوا على قصد العساكر المصرية ومقدمها أمير الجيوش أنوشتكين الدزبري والتقوا بالأقحوانة، فكسرت العرب، وقتل صالح، وانهزم حسان على ما نذكره في ترجمة صالح أن شاء الله تعالى.
قرأت في مجموع لبعض الأدباء من المعربين، أو غيرهم من الشاميين، لعبد المحسن الصوري يمدح زهير وحسان ووصلهما وهما في خيمة نازلان في أطراف بلد حلب:
ما سمعت الخيمة تسع البحر ... وقد حل هذه بحران
عقدت من يدي الأميرين في عز ... زهير وفي علاً حسان
فلماذا فخر السماء عليها وهي ... فيها النجوم والقمران
وطلب جائزة القصيدة، فمطل بها، فمضى وقال:
زففت إلى حسان من حسن منطقي ... عروساً غداً بطن الكتاب لها خدراً
فقبلتها عشراً وهام بحبهافلما طلبت المهر طلقتها عشراً (130و)
حسان بن نمير أبو الندى الكلبي الدمشقي:

المعروف بالعرقلة، شاعر حسن الشعر، كتب عنه شيئاً من شعره أبو الخطاب عمر بن محمد العليمي، وأنشدنا عنه الشريف أبو المحاسن الفضل بن عقيل بن عثمان العباسي الدمشقي وقدم حلب وقال عند مسيره إليها، ونقلتها من ديوان شعره:
ذو المقام إذا ما ساءك الطلب ... وسر فعزمك فيه الحزم والأرب
لا تقعدن بأرض قد عرفت بها ... فليس تقطع في أغمادها القصب
ألم تكن لك أرض الله واسعة ... أن أقفزت جلق ما أقفزت حلب
ولما كان بحلب عبر على قوم يرتمون بالحجارة، فضربه حجر طائح في عينه فقلعها، وعاد إلى دمشق مخلاً فقال:
جفاني صديقي حين أصبحت معدماً ... وأخرني دهر وكنت مقدماً
وسافرت جهلاً فانعورت وأن أعد ... إلى سفرة أخرى قدمت على العم
وكم من طبيب قال تبرى أجبته ... كذبت ولو كنت المسيح ابن مريم
استغفر الله من قول مثل هذا الكلام لما فيه من التنقيص بالمسيح عليه السلام سمعت شيخنا الصاحب قاضي القضاة أبا المحاسن يوسف بن رافع بن تميم يقول: كان العرقلة صاحب نادرة، وكان طيباً، وكان السلطان الملك الناصر (130 - ظ) يضحك منه، ومدحه قديماً قبل أن يلي مصر وبشره في القصيدة بأخذه مصر، فوعده أن صارت إليه أن يعطيه ألف دينار، فلما ولي مصر جاءه العرقلة وامتدحه بقصيدته الرائية التي يقول فيها مقتضياً ما وعده به: يا ألف مولاي أين الألف دينار؟،.
فأمر له السلطان الملك الناصر بألف دينار فقال: ما آخذها إلاّ تحت النسر بدمشق وإلاّ فايش يوصلني بألف دينار إلى دمشق وأخاطر بها مع الفرنج في الطريق فضحك منه السلطان وأطلقها له بدمشق.
أنشدنا الشريف أبو المحاسن الفضل بن عقيل بن عثمان بن عبد القاهر بن سليمان العباسي الدمشقي بها قال: أنشدني العرقلة حسان بن نمير الكلبي لنفسه:
يقولون: لم أرخصت شعرك في الورى؟ ... فقلت: لهم إذ مات أهل المكارم
أجاز على الشعر الشعير وانه ... كثير إذا خلصته من بهائم
أنشدنا قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم قال: أنشدنا السلطان الملك الناصر يوسف بن أيوب هذين البيتين للعرقلة.
أنشدنا الشريف أبو المحاسن العباسي قال: أنشدنا العرقلة لنفسه:
يا صاح قد صاح الحمام وغردا ... من في المدام وشربها قد فندا
أو ما ترى شجر الخريف كأنما ... أوراقها ذهباً وكن زير جداً
والكأس تعطينا لجينا كلماغنيت من طرب فتأخذ كسجدا (131و)
أنشدنا الفضل بن عقيل العباسي قال: أنشدنا العرقلة لنفسه:
ميلوا على الدار من ذات اللمى ميلوا ... كملاء ما جال في أجفانها ميل
هذا بكائي عليها وهي حاضرة ... لا فرسخ بينا يوماً ولا ميل
جارت على يد الساقي ومقلته ... كذاك جار على هابيل وقابيل
أن يحسدوني عليها لا ألومهم ... لكنني بزمام العقل معقول
أنشدنا أبو المحاسن الهاشمي قال: أنشدنا العرقلة لنفسه، وكتب بها إلى المؤيد بن السديد إلى بغداد يطلب منه نصفية:
عرجا بالنجيب نجل السديد ... تلقيا منه بحر علم وجود
ثم قولاً له ببغداد يا من ظل ... كهفا لقاصد وقصيد
حاجتي شقة تشق على ... كل بغيض من الورى وحسود
فاجعلنها طويلة مثل قرني ... ولساني لا مثل قدي وجيدي
واجعلنها صفيقة مثل وجهي ... جل من صاغ جلده من حديد
كي ترى في الشام شيخاً خليعاً ... في قميص من العراق جديد
قال شيخنا الشريف أبو المحاسن أظن العرقلة مات بعد السبعين يعني والخمسمائة
حسان السلماني البدوي:
من أهل سلمية وكان يدخل البادية مع العرب وقدم حماة ومدح ملكها الملك المظفر محمود بن محمد بن عمر بن شاهانشاه، وكان في عصرنا، ولم اجتمع به، وأنشدت من شعره قوله:
قسماً بأطراف الرماح الشرع ... والعاديات بكل ربع بلقع
وثنية ملئت بكل مهند ... يرتاح منه كل ليث أروع

لا هاجمن الليل بين خيامكم ... بفؤاد مرتاع لهول المطلع
مثلي يهاب إذا بزورة ... ظلم الحوادث في الظلام الأدرع
يا ربة البيت الذي إطنابهأبدا على غير القنا لم ترفع (132و)
وعقيلة الحي الأولى غاراتهم ... سترت سناً شمس النهار ببرقع
هل تعلمين لمن قتلت إعادة ... نحو الحياة فماله من مطمع
بلغني أن حسان السلماني توفي ما بين العشرين والستمائة.
ذكر من اسمه الحسن
حرف الألف في آباء الحسنين
ذكر من اسم أبيه إبراهيم ممن اسمه الحسن الحسن بن إبراهيم بن الحسن التنوخي: أبو محمد الحلبي، شاعر حسن الشعر بحلب إنشاد أبي الفتح الحسن ابن عبد الله بن أبي حصينة، روى عنه أبو الفضل عبد الرحيم بن أحمد بن أحمد بن الأخوة، والحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي الأصبهاني.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أنشدنا أبو الفضل عبد الرحيم بن أحمد بن محمد ابن الأخوة المخلطي بأصبهان، من لفظه، وكتب لي بخطه، قال: أنشدنا أبو محمد الحسن بن إبراهيم الحلبي لنفسه.
شرفت نفس كريم هي للذل تنافي
وتصون النفس عن تطلاب ما فوق الكفاف
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الحموي بحلب، وأبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوى بالقاهرة، قالا: أنبأنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أنشدنا أبو محمد (132 - ظ) الحسن ابن إبراهيم بن الحسن التنوخي الحلبي، ببغداد في مجلس أبي زكريا التبريزي اللغوي قال: أنشدني الأمير أبو الفتح بن أبي حصينة بحلب لنفسه من قصيدة:
كأن الفتى يرقى من العمر سلما ... إلى أن يجوز الأربعين ويخط
قال الحافظ أبو طاهر: أبو محمد هذا له شعر جيد ومما أنشدني لنفسه:
ارى الناس والدنيا كلابا وجيفة ... وفي نهشها بعض يهر على بعض
جرى حبها بين المفاصل منهم ... وقد طبعت بالصد منهم على البغض
إذا رفعت قدر امرىء ومحله ... تغرَّ به حتى تعود إلى الخفض
وإن طال عمر المرء في الدهر برهة ... فلا بد أن تأتي المنية بالعرض
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أنشدنا عبد الكريم بن محمد الإمام قال أنشدنا ابو الفضل بن أبي العباس الوكيل قال: أنشدنا أبو محمد التنوخي لنفسه:
يا من كساني سقاما وجسمه منه عار
رضيت لو كنت ترضى فيه بذلي وعاري
قرأت بخط بعض الأدباء على ظهر كتاب: للشيخ السيد الأخ أبي محمد حسن ابن إبراهيم التنوخي الحلبي أدام الله حراسته:
كأن الذي نلت من أجلكم ... ومذ كان لي زاجر قد كفاني
لقد كنت آمل في قربكم ... وحبيّك ترفعني في زماني
فقاسيت ضد الذي رمته ... وهل خبر المرء مثل العيان
لحى الله من ترتضي نفسه ... بعيش ولو ساعة في هوان
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي بحلب قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: الحسن بن إبراهيم التنوخي أبو محمد كان شاعراً مجوداً من أهل الأدب والفضل من أهل الشام ورد بغداد وكتب عنه أبو الفضل بن أبي عباس بن الأخوة.
الحسن بن إبراهيم بن سعيد بن يحيى بن محمد بن الخشاب أبو محمد الحلبي القاضي الرئيس الفاضل، أحد الصدور الذين تعقد عليهم الخناصر، وتفخر بذكر محاسنهم الدفاتر، كان لي صديقاً صادقاً، ورفيقاً موافقاً، وكان رحمه الله حسن الصورة، تام الخلقة، دمث الأخلاق، جميل الصحبة، صحيح المودة، حسن المحاضرة حلو المجاورة، كثير المحفوظ عند المذاكرة، وجيهاً عند الملك الظاهر غازي خصيصاً به.

روى لنا القاضي محي الدين بن أبي المعالي محمد بن علي القرشي، قاضي دمشق، وعن أبيه القاضي أبي طاهر، وأبي زكرى يحيى بن سعد بن ثابت بن المراوي، وعلي بن الحكم الحلبي، وجماعة من شعراء عصره، وسمع الحديث من شيوخنا: قاضي القضاة (132 - ظ) أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، وأبي هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي، وأبي حفص عمر بن طبرزد البغدادي، وغيرهم، صحبته حضرا وسفرا، وعلقت عنه فوائد وأناشيد، وكان شيعي المذهب لا يقدح في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته عن مولده فقال: في ثامن عشر شهر رمضان من سنة ثمان وستين وخمسمائة بحلب، وجمع تاريخاً ابتداه من سنة خمسمائة إلى أن توفي.
أخبرنا القاضي أبو محمد الحسن بن أبي طاهر بن سعيد قال أخبرنا القاضي أبو المعالي محمد بن علي (134 - و).
توفي أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن الخشاب رحمة الله ليلة السبت الثامن عشر من جمادي الآخرة في سنة ثمان وأربعين وستمائة بحلب، ودفن ليلاً في التربة المعروفة بسلفه داخل مدينة حلب بمحلة الجرن الأصفر، ودفن على والده أبي طاهر، وصليت عليه، وكان قد طلبني قبل وفاته بثلاثة أيام، وقال لي: أنا راحل إلى الآخرة، ووالله لا أكتمك شيئا وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، ولا أقدم أحداً من الصحابة على عليَّ عليه السلام. وما تنقصت أحداً من الصحابة في باطني ولا في ظاهري ولا بخطي وإنني أعتقد أنهم سادة أئمة قدوة، ذكر لي هذا أو قريباً من معناه رحمه ال الحسن بن ابراهيم.
أبو محمد، روى بحلب عن علي بن أحمد الجرجاني، روى عنه محمد بن علي الهمذاني. أخبرنا أبو طالب أحمد بن حديد، في كتابه إلينا من الإسكندرية، قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو طاهر خالد بن عبد الواحد بن أحمد الخالدي، بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الملك بن سياوش الكازروني قال: اخبرنا محمد بن علي الهمذاني قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن إبراهيم بحلب قال: حدثنا علي بن أحمد الجرجاني قال: حدثنا بندار قال: سمعت أبا عاصم النبيل يقول: دعاء أصحاب الحديث للمحدث بمنزلة تكبير الحارس.
ذكر من اسم أبيه أحمد ممن اسمه الحسن الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن إبراهيم بن فيل الأسدي أيو طاهر البالسي أمام مسجد أنطاكية، أصل آبائه من الكوفة وسكنوا بالس، وانتقل أبوه منها، ونزل انطاكية وسكنها ابنه أبو طاهر، أمام جامعها، وكان يتنقل قبل ذلك في بلاد الشام، وسمع بها الحديث، وبحلب حدث عن: أبيه أحمد بن إبراهيم، وعن حاجب بن سليمان المنبجي، وعامر بن سيار الحلبي النحلي، وأحمد بن بكر، وعمرو بن هشام البالسيين، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وسهل ابن صالح الأنطاكي وعمر بن يزيد السياري، وأبي أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي، وأحمد بن أبي رجاء ومحمد بن سليمان لوين، ويوسف بن سعيد ابن مسلم وعلي بن بكار المصيصين، ومحمد بن مصفى، ومالك بن سليمان الألهاني وكثير بن عبيد الحمصيين، وسعيد بن عمرو السكوني، ويحيى بن عثمان بن سعيد وأبي كريب محمد بن العلاء الهمداني، ووهب بن بيان المصري، ومحمد بن عمرو البصري واسحق بن موسى الأنصاري، وعبد الله بن الحسين البزاز، وهارون بن موسى الفروي، وسفيان بن وكيع بن الجراح، ومحمد بن إبراهيم الصوري، وهاشم بن الوليد البيروتي، ومسلم بن عمرو الأسلمي، وأبي حميد بن عبد الله بن محمد وعمر بن زياد الباهلي وعبد الجبار بن العلاء ومؤمل بن يهاب المكيين وصالح بن زياد المقرىء وعقبة بن مكرم العمي ومحمد بن عمرو بن العباس الباهلي، وأبي معاذ عامر بن إسماعيل البغدادي، وهارون بن داود، ونوح (135 - ظ) بن حبيب القومسي، واسحق بن موسى بن عبد الله الأنصاري، وأحمد بن سعيد الكندي، ومسلم بن عمرو الحذاء، وعيسى بن عبد الله العسقلاني، وسعيد بن نصير، وأبي محمد عبد الواحد بن عبد الملك بن صالح، وأحمد بن المبارك البغداديين.

روى عنه: آباء بكر: محمد بن الحسين السبيعي الحلبي، ومحمد بن إبراهيم ابن علي المقرىء، وأحمد بن محمد بن اسحاق السُني الحفاظ، وأبو علي: الحسن ابن حجاج الطبراني، نزيل أنطاكية، والحسن بن جعفر الأنطاكي، وأبو حفص عمر ابن علي العتكي الأنطاكي، وأبو عمر أحمد بن محمد بن الجلي الطرسوسي وأبو الحسن علي بن الحسين بن عبيد الله بن بندار قاضي أذنه، وأبو حاتم محمد بن حبان البستي، وأبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، وأبو أحمد عبد الله بن عدي الحفاظ، وحميد بن سنيح، والحسين بن أيوب بن عبد العزيز الهاشمي.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة، وأبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي، وابنه القاضي أبو عبد الله محمد ابن عبد الرحمن، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الطرسوسي، قالوا: أخبرنا أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول الحلبي، قال: أخبرنا علي بن عبد الله ابن أبي جرادة الحلبي، قال: حدثني أبو الفتح عبد الله بن إسماعيل بن الجلي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي نمير العابد الحلبي، قال: أخبرنا محمد بن الحسين ابن صالح السبيعي بحلب، قال: حدثنا أبو طاهر الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن إبراهيم بن فيل الأنطاكي (136 - و) البالسي أمام مسجد جامع أنطاكية قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثني عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب قال: سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: لقد جمع لي رسول الله يوم أحد أبويه.
وأخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن الأخوة، وصاحبته عين الشمس بنت آبي سعيد قالا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي - قالت: إجازة، قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي، وأبو الفتح منصور بن الحسين - قالا: أخبرنا أبو بكر المقرىء قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن فيل البالسي، أبو الطاهر الأنطاكي بها، قال: حدثنا نوح بن حبيب، فذكر بإسناده نحوه.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: اخبرنا أبو طاهر محمد ابن محمد بن عبد الله السنجي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن حمد بن الحسن الدوني قال: أخبرنا القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين الكسار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن اسحاق السني الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن قال: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى والحسن بن محمد الدراع، ح.
قال الحافظ أبو بكر: وأخبرنا أبو الطاهر محمد بن أحمد بن إبراهيم بن فيل قال: حدثنا بن يزيد السياري قالوا: حدثنا عثام بن علي العامري قال: حدثنا الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم (136 - ظ) وسلم يعدد التسبيح، زاد عمر بن يزيد بأصابعه.
قلت: كذا وقع في اصل سماع شيخنا أبو الطاهر محمد، وهو خطأ صحف الحسن بمحمد.
أخبرنا أبو الغنائم محمد بن أبي طالب بن شهريار الأصبهاني، في كتابه إلينا منها، قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت أبي الفضل البغدادي قال: أخبرنا أبو طاهر الثقفي قال أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم ابن فيل - وكان يقال أنه من الأبدال - قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا خالد ابن عمرو قال: حدثنا سفيان عن عمرو عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: الحرب خدعة.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد البغدادي - قراءة عليه وأنا اسمع بحلب - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن طراد بن محمد الزينبي الوزير - قراءة عليه - وأبو القاسم بن السمرقندي وأبو السعود بن المجلى وغيرهما - إجازة أن لم يكن سماعاً، منهم أو من أحدهم - قالوا: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: وسألته - يعني الدار قطني - عن أبي الطاهر الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل البالسي بأنطاكية فقال ثقة.

أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن الإمام أبي سعيد بن محمد بن منصور السمعاني - في كتابه إلينا من مرو عن أبيه أبي سعد - قال: أبو طاهر الحسن بن أحمد بن فيل الأنطاكي أصله من الكوفة، وكان يتنقل في بلاد الشام، سكن بالس (137 - و) مدة، وأنطاكية مدة حتى سكن قرقيسياء وروى عنه أبو حاتم بن حسبان وسليمان بن أحمد الطبراني، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر بن المقرىء، وتوفي بعد سنة عشر وثلاثمائة.
كذا قال أبو سعد حتى سكن قرقيسياء، وفي ذلك نظر، فإنه توفي بأنطاكية ولا اعلم أنه سكن بالس، فإن الناقل من بالس أبوه أبو الحسن أحمد بن إبراهيم، وإنما نسب أبو طاهر إلى بالس لأن أصله منها.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله الشاهد قال: أخبرنا أبو يعلى بن كروس قال: أخبرنا أبو الفتح المقدسي قال: أخبرنا أبو المعمر الأملوكي، قال حدثنا أبو حفص العتكي قال: حدثنا أبو الطاهر الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل، وهو ابن أخي أبي علي الحسين بن إبراهيم بن فيل، وكان إمام جامعنا بأنطاكية سنة ثلاثمائة، وتوفي بها سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، قال: حدثنا محمد بن سليمان لوين قال: حدثنا الفرج بن فضالة، عن عبد الله بن عامر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من الشعر حكمة.
الحسن بن أحمد بن إبراهيم البحري الفقيه، أبو محمد الحلبي، وقيل فيه الحسين والصحيح الحسن. سمع بحلب محمد بن معاذ بن المستهل الحلبي المعروف بدرّان، وحدث بها عنه، وعن أبي محمد حفص بن أحمد، ومحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الأسدي الحلبي المعروف بالأسير، روى عنه أبو النمر أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس الأديب، والوليد بن أحمد بن محمد الزوزني، وأبو الفتح محمد بن الحسن بن روح. (137 - ظ).
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر قال: كتب إليَّ أبو محمد الحن بن أحمد بن السمرقندي قال: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن أحمد الوادعي قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن الوليد بن أحمد الزوزني قال: اخبرنا أبي قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن إبراهيم البحري، بحلب، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن، المعروف بالأسير، قال: حدثني جدي عبد الرحمن بن عبيد الله قال: حدثني عبيد الله بن عمرو قال: حدثنا عبد الكريم عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال: أخذ المشركون عماراً، ولم يتركوه حتى سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر آلهتهم بخير، فلما جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما وراءك يا عمار؟ قال: بشرٍ يا رسول الله، ما تركت حتى نلت منك، وذكرت آلهتهم بخير، قال: فكيف وجدت قلبك؟ قال مطمئن بالإيمان، قال: فإن عاودوا فعد.
وأخبرنا أبو القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد في كتابه إلينا من الإسكندرية قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد قال: أخبرنا الصوري قال: أخبرني أبو النمر أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس بن محمد بن قابوس بن خلف الأديب قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد بن إبراهيم البحري الفقيه الحلبي، قال حدثنا محمد بن معاذ بن المستهل بن أبي جامع دزّان قال: حدثنا عمرو بن مرزوق قال حدثنا المسعودي عن الحسن بن سعد بن عبد الرحمن بن عبد الله (138 - و) قال: قال عبد الله: إني لأحسب الرجل ينسى العلم بالخطيئة يعملها.
الحسن بن أحمد بن إبراهيم أبو علي الحلبي، حدث عن عبد الصمد بن ... بحلب، روى عنه شيخ الإسلام أبو الحسن علي بن أحمد بن الهكاري، فقال: حدثنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم الحلبي بحلب قال حدثنا عبد الصمد بن ... وذكر حديثاً في فضائل الأعمال.
الحسن بن أحمد بن بكير سمع بحلب أبا بكر محمد بن الحسين السبيعي الحلبي، روى عنه أبو سعد عبد الرحمن بن الحسن بن عليك الجوهري.

أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم السمعاني، في كتابه، قال أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله السنجي المؤذن - قراءة عليه بمرو - قال: أخبرنا أبو عبد الله إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الرحمن بن الحسن بن عليك الجوهري قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن بكير قال: حدثني محمد بن الحسين المعدل بحلب، قال: أخبرنا المنذر بن محمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا حصين بن مخارق عن مالك بن مغول عن عبد الله بن عمير عن أنس ابن مالك قال: قيل: يا رسول الله لو سعرت لنا؟ قال: إن الله هو المسعر والقابض والباسط، وإني لأرجو أن ألقى الله ولا يطالبني أحد بمظلمة.
الحسن بن أحمد بن حبيب أبو علي الكرماني، نزيل طرسوس، سمع أبا بكر بن أبي شيبة، وأبا الربيع الزهراني وأبا كريب محمد بن العلاء الهمداني (138 - ظ) ومحمد بن نمير وأبا كامل الجحدري ومحمد بن عبيد بن حساب وهدبة بن خالد وأبا سعيد الأشج ومحمد بن خالد العبدي، ومحمد بن عمرو بن مسعدة البيروتي ومسدد بن مسرهد وشيبان بن... والمقدمي.
روى عنه أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، وأبو عبد الرحمن النسائي، وقال: لا بأس به ويحيى بن طالب اللكاف، وأحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن الجلي الطرسوسي، وأبو الفضل العباس بن أحمد بن الأزهر الخواتيمي، قاضي طرسوس.
أخبرنا أبو محمد بن عبد العزيز بن الحسين بن هلالة الأندلسي - قراءة علينا من لفظه - قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد الأصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية، قالت: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذه قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن حبيب الكرماني بطرسوس قال: حدثنا أبو الربيع الزهراني قال: حدثنا عمار بن محمد عن سفيان الثوري عن أبي الجحاف داود بن أبي عوف عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري في قول عز وجل " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " نزلت في خمسة: في رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم.
لم يروه عن سفيان بن محمد بن أخت سفيان تفرد به أبو ربيع.
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد بن عبد الكريم بن محمد السمعاني (139 - و) في كتابه إلينا من مرو - قال: أخبرنا والدي الإمام أبو سعد السمعاني - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال في كتاب الأنساب: الكرواني بفتح الكاف والواو بينهما الراء الساكنة ثم الألف والنون، هذه النسبة إلى كروان، وظني أنها قرية من قرى طرسوس، والمشهور بهذه النسبة الحسن بن أحمد بن حبيب الكرواني حدث بطرسوس عن أبي الربيع سليمان بن داود الزهراني روى عنه أبو القاسم سليمان بن احمد بن أيوب الطبراني.
كذا قال ابو سعد في كتاب الأنساب، وضبطه هكذا، وهذا وهم فاحش، وإنما هو الكرماني من أهل كرمان ونزل طرسوس فوقع التصحيف والغلط في كتاب أبي سعد فظن أنه الكرواني، وظن أن كروان قرية من قرى طرسوس لمقام أبي علي بها وتحديثه فيها، والله أعلم.
أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا ناصر بن محمد قال: أخبرنا جعفر بن عبد الواحد الثقفي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا عبد الرزاق ابن أحمد الخطيب قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن حيان قال: وفي هذه السنة مات الكرماني بطرسوس، يعني، سنة إحدى وتسعين ومائتين.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن أحمد البندنيجي - كتابة - قال: أخبرنا منوجهر ابن محمد بن تركا نشاه قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أنبأنا أبو عمر بن حيويه (139 - ظ) الخزاز قال: قرىء على أبي الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي قال: سياق حال مقبوضي سنة إحدى وتسعين ومائتين قال: وجاءنا الخبر من طرسوس بموت أبي علي الكرماني في رجب، سمع الناس منه مسند مسدد، وغير ذلك، ثقة صالح، مذكور بالخير.
الحسين بن أحمد بن الحسن وقيل ابن الحسين أبو علي الوراق الخواص المصيصي، سمع بطرسوس أبا عبد الله محمد بن عمر الغلفي، وروى عنه سليمان بن محمد الخزاعي روى عنه تمام ابن محمد الرازي.

أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد - إذناً - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني - ونقلته من خطه - قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أحمد بن صصرى، قال: أخبرنا تمام بن محمد الرازي قال: حدثنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الخواص المصيصي - في مسجد باب الجابية - قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عمر الغلفي بجامع طرسوس - قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله الهاشمي الرقي - بالرملة - قال: دخلت في بلاد الهند إلى بعض قراها فرأيت شجر ورد أسود، يتفتح عن وردة كبيرة طيبة الرائحة، سوداء عليها مكتوب كما يدور بخط أبيض لا إله إلا الله محمد رسول الله، أبو بكر الصديق عمر الفاروق، فشككت في ذلك وقلت أنه عمل معمول فعمدت (140 - و) إلى جنبذة لم تفتح، ففتحتها، فكان فيها وردة سوداء، فيها مكتوب بخط أبيض كما رأيت في سائر الورد، وفي البلد منه شيء كثير عظيم، وأهل تلك القرية يعبدون الحجارة لا يعرفون الله عز وجل.
الحسن بن أحمد بن الحسن بن عبد الله بن الحسن بن الحسين التميمي: أبو طاهر بن أبي العباس بن أبي طاهر بن واصل، أصله من معرة النعمان وانتقل سلفه منها عندها هجم الفرنج المعرة إلى دمشق وأمه من بني أبي الوقار، ويعرف بابن أبي الوقار لذلك، مولده بدمشق وسألته عنه فقال لي تخميناً في سنة سبع وسبعين، أو ثمان وسبعين وخمسمائة.
شيخ حسن صالح مستور، عليه سيماء الخير، سمع بدمشق أبا سعد عبد الواحد بن علي بن حموية الجويني، وأبا طاهر الخشوعي، والعماد أبا عبد الله محمد ابن محمد بن حامد الأصبهاني الكاتب، وأبا تراب الكرخي البغدادي، وذكر أنه سمع أبا المظفر أسامة بن مرشد بن منقذ.
وحدث بدمشق والقاهرة، وذكر لي أنه دخل حلب مرتين، وأنه دخل بلاد المغرب وأقام بتونس مدة خمس عشر سنة سمعت منه شيئاً يسيراً بدمشق.
أخبرنا أبو طاهر الحسن بن أحمد بن الحسن التميمي - قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق - قال: أخبرنا أبو سعد عبد الواحد بن علي بن محمد بن حمويه الجويني - شيخ الشيوخ، قراءة عليه بدمشق وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو بكر (140 - ظ) وجيه بن طاهر بن محمد الشحامي قال: أخبرنا القاضي الإمام أبو نصر محمد بن علي بن عبيد الله بن أحمد بن ودعان قال حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الصيرفي البغدادي قال: حدثنا الحسين بن عصمة الأهوازي، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن بشار الأنباري قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل المنقري قال: حدثنا حماد بن سلمة بن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته الجدعاء، فقال: أيها الناس:ان الموت على غيرنا كتب، وكأن الحق فيها على غيرنا وجب، وكأن الذين نشيع من الأموات سفر عما قريب إلينا راجعون، نبوئهم أجداثهم ونأكل تراثهم كأنا مخلدون بعدهم، نسينا كل واعظة، وأمنا كل جائحة، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس طوبى لمن أنفق مالا أكتسبه من غير معصية، وجالس أهل الفقه والحكمة، وخالط أهل الذل والمسكنه، طوبى لمن ذل في نفسه وحسنت خليقته وطابت سريرته وعزل عن الناس شره، طوبى لمن أنفق الفضل من ماله، ووسعته السنة ولم تستهوه البدعة.
الحسن بن أحمد بن صالح بن إسماعيل بن عمر بن جماد بن حمزة السبيعي أبو محمد الكوفي، ثم الحلبي الحافظ، رحل وسمع الكثير، وأصله من الكوفة وانتقل أهله إلى حلب، وأقاموا بها، ومنهم جماعة من أهل الحديث (141 - و) مثل أبي بكر محمد بن الحسين بن صالح، وابيه الحسينن وإلى بعضهم ينسب درب السبيعي بحلب.

وأبو محمد هذا كان حافظاً متقناً، حدث عن أبي عثمان سعيد بن عثمان الوراق وعلي بن أحمد الجرجاني، وعبد الله بن اسحاق بن أبي مسلم الصفري، ومحمد بن الفضل بن العباس نزيل حلب، وعلي بن عبد الحميد الغضايري، وأبي بكر أحمد بن هارون البرديجي، ومحمد بن حبان البصري، وأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، وعبد الله بن محمد بن ناجيه أبي عبد الله، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي وعمر بن أيوب السقطي، وعبد الله بن ثابت بن يعقوب، ومحمد بن محمد بن نصر الكاغدي، ويموت بن المزرع العبدي، وأبي معشر الدرامي، وقاسم بن زكريا المطرز، والحسن بن محمد بن عنبر الوشاء، وأبي الحسن علي بن إسماعيل الشعيري وجعفر بن محمد بن موسى الحافظ، وأبي بكر الباغندي، وجماعة سواهم من الحلبيين وغيرهم.
روى عنه: الحافظ أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، وأبو عبد الله محمد ابن عبد الله وأبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظان الاصبهانيان وأبو بكر البرقاني، وعبد الله بن محمد بن محمد بن عبد الحميد القطان، وابو طالب محمد بن الحسين ابن أحمد بن عبد الله بن بكير التاجر.
وكان مولده قبل الثلاثمائة.
أخبرنا الشيخ الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي الأنصاري قال: أخبرنا أبو سعد المهراني قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد المنصوري قال: حدثنا أبو الحسن الدارقطني،.
قال شيخنا عبد الرحمن: وأخبرنا السيد بن هبة الله الحسني، كتابة، قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد المنصوري، قال: حدثنا أبو الحسن.
قال عبد الرحمن: وأنبأنا مسعود الحسن الثقفي عن أبي الحسين بن المهتدي عن أبي الحسن الدارقطني.
وأخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو الفتح ناصر بن محمد بن أبي الفتح القطان الأصبهاني بها، قال: حدثنا أبو الفتح اسماعيل بن الفضل بن أحمد بن الأخشيد السراج - قراءة عليه وانا أسمع - قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم قال: أخبرنا ابو الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني الحافظ قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن صالح الحلبي قال: حدثنا سعيد بن عثمان الوراق: قال: حدثنا أبو التقي هشام بن عبد الملك قال: حدثنا بقية عن إسماعيل عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا زكاة في مال امرئ حتى يحول عليه الحول.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن عمر، في كتابيهما، قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: اخبرنا زاهر بن طاهر أن أبوي عثمان الصابوني والبحيري، وأبوي بكر البيهقي والحيري كتبوا إليه قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم الحافظ، قال: حدثني أبو محمد الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي الحافظ قال: حدثنا جعفر بن محمد بن موسى النيسابوري، بحلب قال: حدثنا عبد الله بن هاشم بن حبان الطوسي، بانتخاب صالح جزة، قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن مالك قال: حدثني الزهري عن عطاء بن يسار أن معاوية باع سقاية من فضة بأقل أو أكثر من وزنها، فقال ابو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا إلا وزناً بوزن. قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ ذاكرني علي بن عمر الحافظ بهذا الحديث، فتحيرت فيه وقلت: يا سبحان الله الرواة كلهم ثقات، والسبيعي إمام فسألت ابا الحسن أن يحتال لي حتى اسمعه، فسأل أبا محمد ولم يجبه، فسمعته من أبي الحسن إلى أن قرب خروجنا، فقصدناه معاً فأجابني إليه، وحدثني به لفظاً، ثم بعد ذلك كله وجدت الحديث في الموطأ مرسلاً.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي - إذناً - : أخبرنا ابو منصور القزاز قال: اخبرنا أبو بكر الخطيب قال: قال لنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي: رأيت اابا الحسن الدارقطني جالساً بين يدي أبي محمد بن السبيعي كجلوس الصبي بين يدي المعلم هيبة له.

أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد السمعاني - في كتابه إلي من مرو - والقاسم بن عبد الله بن عمر الصفار - في كتابه إلي من نيسابور - قال أبو المظفر: اخبرنا أبو البركات عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي، وقال القاسم أخبرتنا عمة والدي عائشة بنت أحمد بن منصور الصفار قالا: أخبرنا أبو بكر احمد بن علي بن خلف الشيرازي الأديب قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ الحاكم بالكوفة عن حديث إسماعيل بن رجاء عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس فقال: لهذا الحديث قصة تدل على عوار من لا يصدق في المذاكرة. قرأ علينا عبد الله بن محمد بن ناجية مسند فاطمة بنت قيس سنة ثلاثمائة، فدخلت على أبي بكر الباغندي، عند منصرفي من مجلس ابن ناجية، فسألني من اين جئته، فقلت: من مجلس ابن ناجية، وقال: أيش قرأ عليكم اليوم؟ فقلت: أحاديث الشعبي عن فاطمة بنت قيس فقال: مر لكم عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي عن الشعبي،فنظرت في الجزء، فلم أجد شيئاً، فقال: اكتب: ذكر أبو بكر بن أبي شيبة، فقلت عن من؟ فمنعته من التدليس، وطالبته بالسماع، فقال: حدثني محمد بن عبيدة الحافظ قال: حدثني محمد بن المعلى الأثرم قال: حدثني أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن بشر العبدي عن مالك بن مغول عن إسماعيل بن رجاء عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم قصة الطلاق والسكنى والنفقة ثم أنصرفت إلى حلب، وكان عندنا بحلب بغدادي يحفظ يعرف بابن سهل، فذكرت له هذا الحديث، فخرج إلى الكوفة فذاكر أبا العباس بن سعيد، فقال أبو العباس: ليس عند إسماعيل بن رجاء عن الشعبي قال ثم وجد أبو العباس إسماعيل بن رجاء عن الشعبي، فقال: قد وجدت عن إسماعيل بن رجاء عن الشعبي حرفين، قال السبيعي: قد كتب ابن عقدة هذا الحديث عن ابن سهل عني عن الباغندي، قال السبيعي: فاجتمعت مع فلان وسمى شيخاً من أكابر حفاظ (143 - و) الحديث سنة ست عشرة وثلاثمائة فذاكرته به في جملة أبواب ذكرناها، فلم يعرفه، ثم اجتمعنا بالرملة، فذاكرته به، فلم يعرفه، ثم اجتمعنا بعد ذلك بدمشق فاستعادنى إسناده تعجبا، ولم يعرفه، ثم اجتمعنا ببغداد بعد ذلك بسنين، وذكر هذا الباب، فقال لي حدثنا أبو القاسم علي بن إسماعيل الصفار قال: حدثنا أبو بكر الأثرم قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة - ولم يعلم أن هذا الأثرم غير ذاك - قال: السبيعي فذكرت قصتي لفلان المقيد وأتى عليه سنون فحدث بالحديث عن الباغندي، وحكى أنه دخل الكوفة، وأن أبا العباس ين سعيد سأله عنه فذكر القصة كما وقع لي، أضافها إلى نفسه، ثم قال السبيعي: المذاكرة تكشف عن مثل هذا، فقال لي السبيعي: تذكر هذا الباب؟ فقلت: عن قرة بن خالد عن سيار عن الشعبي، فقال: حُدثنا عن يحيى ابن حكيم عن خالد بن الحارث عن قرة. ثم قال: تحفظ عن سعد الكاتب عن الشعبي؟ قلت: لا، فقال: حُدثنا عن نصر بن علي بن عبد الله بن داود الخريبي قال: حدثنا سعد الكاتب عن الشعبي، قلت: ابن ناجية حدثكم؟ قال: لا أدري، فقال أبو الحسن الدارقطني: نعم ابن ناجية حدثهم به، والسبيعي ساكت، قلت له: عبد الله ابن حبيب بن أبي ثابت عن أبيه عن الشعبي؟ فقال: لا أعرفه، ثم قال لي: تعرفه عن عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: أوحي إلي محمد صلى الله عليه وسلم في يحيى بن زكريا؟ فقلت: حدثناه الشافعي عن المسمعي عن أبي نعيم؟ فقال: المسمعي، لا يذكر عن حميد (143 - ظ) ابن ربيع الخزاز قال: حدثنا أبو نعيم، قلت: وقد تكلم في حميد بن الربيع، فقال حدثني محمد بن إبراهيم بن جابر الفقيه قال: حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: سالت أبي عن حميد بن الربيع فقال: دعوا المسكين وعن ماذا يسأل عن أمره؟ ثم قال لي السبيعي: تحفظ عن خالد الحذاء عن رجل عن الشعبي فقط؟ قلت: لا. قال: حُدثنا عن محمد بن يحيى القطعي قال: حدثنا عبد الأعلى عن أبي خالد فقال له أبو الحسن ما كتبته في الدنيا إلا عنك عن ابن ناجية. قال الحاكم: أبو عبد الله هذا مجلس كبير مكتوب عندي، ولي معه على هذا النحو مجالس.

أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت بخط أبي محمد عبد الغني بن سعيد، ثم أنبأنيه أبو طاهر بن الحنائي، وأخبرنيه أبو التمام كامل بن أحمد بن أبي جميل عنه، قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن عيسى السعدي - في كتابه - قال: أخبرنا عبد الغني ابن سعيد قال: سمعت أبا الحسن علي بن عمر رحمه الله يقول: سمعت أبا محمد الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي يقول: كنت بمصر في مجلس حمزة بن محمد الكناني، وفي المجلس جماعة من أصحاب الحديث - وجرت المذاكرة فذكرت لحمزة بن محمد هذا الحديث يعني حديث عبد الصمد بن عبد الوارث عن شعبة عن زائدة عن أبي حصين عن أبي صالح عن عائشة قال: صلى النبي صلى الله عليه (144 - و) وسلم في ثوب بعضه عليّ، فأنكره غاية النكير، ولحقني من ذلك أمر عظيم، وكان في المجلس رجل قد كتب عن أبي العباس بن عقدة جمعه، حديث أبي حصين، فقال: أنا آتيكم بحديث أبي حصين لابن عقدة، فمضى واتى به، فنظروا فيه فلم يجدوه، وإذا هم ينظرونه في حديث أبي صالح عن أبي هريرة، فأخذت الكتاب فأخرجته من ترجمة أبي صالح عن عائشة، قد حدث به ابن عقدة عن علي ابن حسين بن حبان، فسرى عني. قال عبد الغني: وكان هذا الحديث عند حمزة عن أبي يعلى عن أبي خثيمة عن عبد الصمد عن زائدة نفسه ليس فيه شعبة، قلت أنا: وابن حبان رواه عن أحمد بن إبراهيم الدورقي عن عبد الصمد عن شعبة عن زائدة.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني - ونقلته أنا من أصل سماع شيخنا منه - قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك بن الحسن الخلال الأديب في داره بقراءتي عليه - قال: سمعت أبا علي الحسن بن أحمد بن الحسن الدقاق يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن فتوح بن عبد الله الحافظ، بواسط، يقول: سمعت أبا زكريا عبد الرحيم بن أحمد البخاري، وأبا الحسن علي بن بقاء بن محمد الوراق قالا: سمعنا الشيخ أبا محمد عبد الغني بن سعيد بن علي ابن سعيد بن بشير يقول: سمعت أبا الحسن علي بن عمر الحافظ يقول: سمعت أبا محمد الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي يقول: قدم علينا حلب الوزير أبو الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن الفرات، فتلقاه أهل البلد وكنت منهم، فقيل له: أني من أصحاب الحديث، فقال لي: تعرف إسناداً اجتمع فيه أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كل واحد منهم يروي عن صاحبه؟ فقلت: نعم وذكرت له حديث السائب بن يزيد عن حويطب بن عبد العزى عن عبد الله بن السعدي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم في العمالة، فقال لي: صدقت وعرف لي ذلك، وصارت لي به منزلة عنده.
وقد روي أن هذه الواقعة حكاها أبو محمد السبيعي أنها جرت له مع الوزير جعفر بن الفضل أنبأنا بذلك أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور ابن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حدثت عن أبي الحسن الدارقطني قال: سمعت أبا محمد الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي يقول: قدم علينا الوزير جعفر بن الفضل أبو الفضل إلى حلب فتلقاه الناس، فكنت فيمن تلقاه فعرف أني من أصحاب الحديث، فقال: تعرف إسناداً فيه أربعة من الصحابة كل واحد منهم عن صاحبه؟ فقلت: نعم وذكرت له حديث السائب بن يزيد عن حويطب بن عبد العزى عن عبد الله بن السعدي عن عمر بن الخطاب في العمالة قال: فعرف لي ذلك وصار لي عنده منزلة (145 - و).
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي:
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: الحسن بن أحمد بن صالح، أبو محمد السبيعي، سمع محمد بن حبان المصري، وعبد الله بن ناجية، وأحمد بن هارون البرديجي ومحمد بن جرير الطبري، والحسن بن محمد بن عنبر الوشاء، ويموت ابن المزرع العبدي، وعمر بن أيوب السقطي، وقاسم بن زكريا المطرز، وأبا معشر الدارمي، وعمر بن محمد بن نصر الكاغدي، وجماعة من الغرباء بحلب.

روى عنه الدارقطني، وحدثنا عنه أبو بكر البرقاني، وأبو نعيم الأصبهاني وأبو طالب محمد بن الحسين بن بكير وغيرهم. وكان ثقة حافظاً مكثراً، وكان عسراً في الرواية، ولما كان بآخره عزم على التحديث والإملاء في مجلس عام، فتهيأ لذلك ولم يبق إلا يعني يوم المجلس، فمات.
أخبرنا أبو الوحش بن نسيم في كتابه قال أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: الحسن بن أحمد بن صالح أبو محمد السبيعي الكوفي الحافظ، حدث عن محمد بن حبان البصري، وعبد الله بن محمد بن ناجية، وأبي بكر البرديجي، وأبي جعفر الطبري، والحسن بن محمد بن عنبر الوشاء ويموت بن المزرع، وعمر ابن أيوب السقطي، وقاسم المطرز، وأبي معشر الدارمي، وعمر بن محمد بن نصر الكاغدي، وأبي عثمان سعيد بن عثمان الوراق وجعفر بن محمد النيسابوري ومحمد بن الفضل العباس نزيل حلب وعلي بن عبد الحميد الغضائري وعبد الله بن ثابت بن يعقوب.
روى عنه أبو الحسن الدارقطني، وأبو عبد الله الحافظ، وأبو نعيم الأصبهاني، وأبو طالب محمد بن الحسين بن أحمد بن بكير وقدم دمشق وذاكر بها.
أنبأنا زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي، قال: قال محمد بن أبي الفوارس: توفي أبو محمد السبيعي يوم الاثنين السابع عشر من ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة وكان ثقة قد كتب كتاباً كثيراً، وكان يحفظ حفظاً حسناً، ويذاكر، وكان عسراً في الحديث، وكان له أخلاق غير مرضية.
الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن سليمان بن أبان الفسوي: أبو علي الفارسي النحوي اللغوي، أخذ عن أبي اسحاق الزجاج، وأبي بكر ابن دريد، وأبي الحسن علي بن سليمان الأخفش، وروى عن علي بن الحسين بن معدان، وأبي بكر بن مجاهد.
قرأ عليه عضد الدولة فناخسرو بن بويه الأدب وحظي عنده. وروى عنه وكانت مكانته عنده جليلة، وصنف له الإيضاح العضدي والتكملة، وقرأ عليه علي بن عيسى بن الفرج بن صالح الربعي، وأبو الفتح عثمان بن جني، وأبو طالب أحمد بن بكر العبدي وروى عنه القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي وأبو الحسن محمد بن عبد الواحد، وعلي بن محمد بن الحسن المالكي وأبو محمد الجوهري وأبو القاسم الأزهري، وأبو عبد الله الحسين بن محمد بن جعفر الخالع، وأحمد بن فارس الأديب المنبجي، وأبو الحسن الزعفراني.
قدم حلب على سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، وأقام بها عنده مدة، واجتمع بأبي عبد الله الحسين بن خالويه، وأبي سعيد السيرافي بحضرته، وجرت بينهما وبينه بحوث ومناظرات ومسائل، وكان يسمى ابن خالويه الجاهل، وذكر ذلك في غير موضع من كتاب التذكرة.
وأملى بحلب المسائل الحلبية، وهي المسائل التي وقعت له بحلب، وتكلم عليها، وكان بحلب في سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، فإنني وقفت على سماع أحمد ابن فارس الأديب منه في جمادى الأولى من هذه السنة بحلب، وقيل: إنه ورد حلب رسولاً إلى سيف الدولة، وكان حسن الكلام ماهراً في علم العربية حسن الغوص على المعاني الدقيقة، وله من الكتب المؤلفة كتاب رد فيه على أبي اسحاق الزجاج في كتاب معاني القرآن، مسائل لقبه كتاب الإغفال، وله كتاب الحجة، تكلم فيه على مذاهب القراء السبعة الذين ثبتت قراءتهم في كتاب أبي بكر بن مجاهد، ووجوهها في العربية، واحتج لكل واحد منهم، وله كتاب الإيضاح والتكملة، الملقب بالعضدي عمله للملك عضد الدولة فناخسرو، وكتاب يعرف بالعوامل وكتاب المقصور والممدود وكتاب التذكرة، وهو كتاب عزيز كبير الفائدة: تكلم فيه على معاني آيات من القرآن، وأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومعاني أبيات من أشعار العرب، ومسائل من النحو والتصريف، أبدع فيه وهو كثير الفائدة، وكتاب الإيضاح الشعري، وله كتاب المسائل الحلبية التي ذكرناها والمسائل القصريات والمسائل البغداديات، والمسائل البصريات، والمسائل العسكرية، والمسائل الشيرازية، وكتاب نقض الهاذور. وذكر أبو حيان التوحيدي أنه كان يشرب ويتخالع ويفارق هدى أهل العلم.

أخبرنا أبو الفضل المرجى بن أبي الحسن بن هبة الله الواسطي التاجر قال: أخبرنا القاضي أبو طالب محمد بن علي بن محمد بن الكناني الواسطي قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن طاهر قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار النحوي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: حدثنا علي بن الحسين بن معدان قال: حدثنا اسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن قتادة عن زرارة بن أوفى أن اسعد بن هشام بن عامر كان جاراً له، فأخبره أنه طلق امرأته، ثم ارتحل إلى المدينة ليبيع عقاراً له ومالاً فيجعله في الكراع والسلاح، ثم يجاهد الروم حتى يموت، فلقيه رهط من قومه فنهوه عن ذلك، وأخبروه أن رهطاً من قومه أرادوا ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: أليس لكم في أسوة، فراجع امرأته. فلما أن قدم علينا أخبرنا أنه أتى ابن عباس فسأله عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا أدلك ألا أنبئك بأعلم أهل الأرض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: من؟ قال: عائشة، فذهبت إليها ومررت بحكيم بن أفلح فاستلحقته إليها، فقال: ما أنا بقاربها إني نهيتها أ، تقول بين الشيعتين شيئاً، فأبت إلا مضياً، فأقسمت عليه، فقام معي فأتيناها فسلمنا عليها، ودخلنا، فعرفت حكيماً، فقالت من هذا معك؟ قال: سعد بن هشام، فقالت: من هشام؟ قال: ابن عامر، فقالت: نعم المرء كان عامراً قتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فقلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: أما تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فإن خلقه كان القرآن، فهممت أن أقوم فبدا لي فسألتها، فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: أما تقرأ هذه السورة " المزمل " ؟ قلت: نعم، قالت: فإن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه حولاً حتى انتفخت أقدامهم، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهراً، ثم أنزل الله تعالى التخفيف في آخر هذه السورة، فصار قيام الليل تطوعاً بعد إذ كانت فريضة، فهممت أن أقوم فبدا لي فسألتها، فقلت: أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: كنا نعد له سواكه وطهوره، فيبعثه الله عز وجل لما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك وهو يتوضأ، ثم يصلي تسع ركعات لا يقعد فيهن إلا في الثامنة، فيحمد الله ويذكره ويدعو، ثم ينهض ولا يسلم، ويصلي التاسعة فيجلس فيحمد الله ويذكره ويدعو، ثم يسلم تسليماً يسمعنا ثم يصلي ركعتين وهو جالس بعدما يسلم فتلك إحدى عشر ركعة، أي بني، فلما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ اللحم أوتر بسبع، ثم صلى ركعتين، وهو جالس بعدما يسلم فتلك تسع أي بني، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها، وكان إذا غلبه عن قيام الليل شيء: نوم أو وجع صلى من النهار اثني عشر ركعة، ولا أعلم نبي الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن في ليلة، ولا قام ليلة حتى أصبح، ولا صام شهراً كاملاً غير شهر رمضان، قال: فرجعت من عندها فأتيت علي ابن عباس فأنبأته بحديثها، فقال صدقت، أما أني لو كنت أدخل عليها لشافهتها به مشافهة، فقال حكيم بن أفلح: أما إني لو كنت أعلم أنك لا تدخل عليها ما أنبأتك بحديثها.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: قال لي التنوخي: ولد أبو علي الحسن ابن أحمد بن عبد الغفار النحوي الفارسي بفسا، و قدم بغداد فاستوطنها وسمعنا منه في رجب من سنة خمس وسبعين وثلاثمائة: وعلت منزلته في النحو حتى قال قوم من تلامذته: هو فوق المبرد، وأعلم منه، وصنف كتبا عجيبة حسنة لم يسبق إلى مثلها، واشتهر ذكره في الآفاق، وبرع له غلمان حذاق مثل: عثمان بن جني، وعلي بن عيسى الشيرازي وغيرهما، وخدم الملوك، ونفق عليهم، وتقدم عند عضد الدولة، فسمعت أبي يقول: سمعت عضد الدولة يقول: أنا غلام أبي علي النحوي الفسوي في النحو، وغلام أبي الحسين الرازي الصوفي في النجوم.

أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوي بالقاهرة، قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: سمعت القاضي أبا منصور العمراني بآمد يقول: سمعت أبا الحسن علي بن فضال النحوي يقول: كان عضد الدولة يقرأ الأدب على أبي علي الفارسي ويبالغ في إكرامه، ويحضره معه المائدة، فلما كبر وأضر كان يحضره أيضاً على العادة المستمرة، وكان من رسمه أنه إذا فرغ من الأكل يلتفت والفراش قائم فيقلب الماء على يده، فاتفق يوماً أن كان الفراش مشغولاً، فلما التفت الشيخ ليغسل يده اختلسه عضد الدولة، وجاء مجيء الفراش فأخذ الإبريق وقلب على يده الماء، فجاء الفراش، فأومأ إليه أن أمسك إلى أن فرغ، وأعطاه المنديل فمسح يده، ورجع إلى مكانه فقال الفراش: يا سيدنا تعلم من قلب على يدك الماء؟ فقال: أنت فقال: إنما كان مولانا عضد الدولة فقام الشيخ أبو علي قائماً وقال: لو لم أجد من حلاوة العلم إلا هذا لكان فضلاً كبيراً، ثم رفع يديه نحو السماء وقال: أكرمك الله الذي أكرمتني لأجله أكرمك الله الذي أكرمتني لأجله، وجعل يكرره.
قرأت بخط أبي منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الجواليقي رحمه الله في تعليق له نقله من خط ابن برهان، وأنبأنا به شيخنا أبو اليمن الكندي عنه - قال فيما نقله من خط ابن برهان - قال أبو الفتح: بعد أن دعا لأبي علي كان إذا قعد على سريره الذي كان يقعد عليه أوقات درسه لا يرى العالم إلا دونه، وما كان يفكر في أحد حتى أنه كان إذا جرى حديث عضد الدولة قال صاحب السطح فعل كذا، وصاحب السطح قال كذا، وذلك أن الملك بشيراز كان يقعد في أكثر أوقاته على سطح له كان فيه مجلسه، فكان أبو علي يجري على ذلك ويقول صاحب السطح ثم قال أبو الفتح: ما كان مع ذلك إلا بحيث يضع نفسه فإنه كان فوق كل من نظر في هذا العلم ولو عاش أبو العباس وأبو بكر وطبقتهما لأخذوا عنه بلا أنفة ولو أدركه الخليل وسيبويه لكانا يقران له ويتجملان به، وقرأت عليه بالشام كتاب تصريف المازني وكنت قليل المعرفة إذ ذاك باللغة، فسألته عن شيء من تفسير اللغة فيه فنظر إلي مغضباً وعبس وجهه، قال أبو الفتح: وكذا طريقه النحويين.
قال: وذاكرت بكتاب العين يوماً شيخنا أبا علي فأعرض عنه، ولم يرضه لما فيه من القول المرذول والتصريف الفاسد، فقلت له كالمحتج عليه: فإن في تصنيفه راحة لطالب الحرف لأنه منساق متوجه وليس فيه التعسف الذي في كتاب الجمهرة، فقال: أرأيت لو أن رجلاً صنف لغة بالتركية تصنيفاً حسناً، هل كنا نقبلها منه ونستعملها، أو كلاما هذا نحوه قد بعد عهدي به.
وحدثنا قال: حدثني أبو بكر قال: ما رأينا كتاب العين بسر من رأى مع بعض أصحاب حنين، وكان أبو علي يقول: لما هممت بقراءة رسالة هذا الكتاب على محمد ابن الحسن، قال لي: يا أبا علي لا تقرأ هذا الموضع علي فأنت أعلم به مني.
محمد بن الحسن هو ابن دريد.
ومما نقله من خط ابن برهان قال ابن جني: وحدثني أبو علي أنه وقع حريق بمدينة السلام، فهذب له جميع علم البصريين، قال وكنت كتبت ذلك كله بخطي وقرأته على أصحابنا، فلم أجد من الصندوق الذي احترق شيئاً البتة إلا نصف كتاب الطلاق، فسألته عن سلوته وعزائه عن ذلك، فنظر إلي معجباً، ثم قال: بقيت شهرين لا أكلم أحداً حزناً وهماً، وانحدرت إلى البصرة لغلبة الفكر علي وأقمت مدة ذاهلاً متحيراً.
ومما نقله من خط ابن برهان، وذكر ابن برهان أنه نقله من خط أبي الحسن الزعفراني، مما حكاه عن أبي علي قال أبو علي: من كثرة احتشامي وتقبضي.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي:
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: الحسن بن أحمد بن صالح، أبو محمد السبيعي، سمع محمد بن حبان المصري، وعبد الله بن ناجية، وأحمد بن هرون البرديجي ومحمد بن جرير الطبري، والحسن بن محمد بن عنبر الوشاء، ويموت ابن المزرع العبدي، وعمر بن أيوب السقطي، وقاسم بن زكريا المطرز، وأبا معشر الدارمي، وعمر بن محمد بن نصر الكاغدي، وجماعة من الغرباء بحلب.

روى عنه الدارقطني، وحدثنا عنه أبو بكر البرقاني، وأبو نعيم الأصبهاني وأبو طالب محمد بن الحسين بن بكير وغيرهم. وكان ثقة حافظاً مكثراً، وكان عسراً في الرواية، ولما كان بآخره عزم على التحديث والإملاء في مجلس عام، فتهيأ لذلك ولم يبق إلا يعني يوم المجلس، فمات.
أخبرنا أبو الوحش بن نسيم في كتابه قال أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: الحسن بن أحمد بن صالح أبو محمد السبيعي الكوفي الحافظ، حدث عن محمد بن حبان البصري، وعبد الله بن محمد بن ناجية، وأبي بكر البرديجي، وأبي جعفر الطبري، والحسن بن محمد بن عنبر الوشاء ويموت بن المزرع، وعمر ابن أيوب السقطي، وقاسم المطرز، وأبي معشر الدارمي، وعمر بن محمد بن نصر الكاغدي، وأبي عثمان سعيد بن عثمان الوراق وجعفر بن محمد النيسابوري ومحمد بن الفضل العباس نزيل حلب وعلي بن عبد الحميد الغضائري وعبد الله بن ثابت بن يعقوب.
روى عنه أبو الحسن الدارقطني، وأبو عبد الله الحافظ، وأبو نعيم الأصبهاني، وأبو طالب محمد بن الحسين بن أحمد بن بكير وقدم دمشق وذاكر بها.
أنبأنا زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي، قال: قال محمد بن أبي الفوارس: توفي أبو محمد السبيعي يوم الاثنين السابع عشر من ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة وكان ثقة قد كتب كتاباً كثيراً، وكان يحفظ حفظاً حسناً، ويذاكر، وكان عسراً في الحديث، وكان له أخلاق غير مرضية.
الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن سليمان بن أبان الفسوي: أبو علي الفارسي النحوي اللغوي، أخذ عن أبي إسحق الزجاج، وأبي بكر ابن دريد، وأبي الحسن علي بن سليمان الأخفش، وروى عن علي بن الحسين بن معدان، وأبي بكر بن مجاهد.
قرأ عليه عضد الدولة فناخسرو بن بويه الأدب وحظي عنده. وروى عنه وكانت مكانته عنده جليلة، وصنف له الإيضاح العضدي والتكملة، وقرأ عليه علي بن عيسى بن الفرج بن صالح الربعي، وأبو الفتح عثمان بن جني، وأبو طالب وأبو الحسن محمد بن عبد الواحد، وعلي بن محمد بن الحسن المالكي وأبو محمد الجوهري وأبو القاسم الأزهري، وأبو عبد الله الحسين بن محمد بن جعفر الخالع، وأحمد بن فارس الأديب المنبجي، وأبو الحسن الزعفراني.
قدم حلب على سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، وأقام بها عنده مدة، واجتمع بأبي عبد الله الحسين بن خالويه، وأبي سعيد السيرافي بحضرته، وجرت بينهما وبينه بحوث ومناظرات ومسائل، وكان يسمى ابن خالويه الجاهل، وذكر ذلك في غير موضع من كتاب التذكرة.
وأملى بحلب المسائل الحلبية، وهي المسائل التي وقعت له بحلب، وتكلم عليها، وكان بحلب في سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، فإنني وقفت على سماع أحمد ابن فارس الأديب منه في جمادى الأولى من هذه السنة بحلب، وقيل: إنه ورد حلب رسولاً إلى سيف الدولة، وكان حسن الكلام ماهراً في علم العربية حسن الغوص على المعاني الدقيقة، وله من الكتب المؤلفة كتاب رد فيه على أبي إسحق الزجاج في كتاب معاني القرآن، مسائل لقبه كتاب الإغفال، وله كتاب الحجة، تكلم فيه على مذاهب القراء السبعة الذين ثبتت قراءتهم في كتاب أبي بكر بن مجاهد، ووجوهها في العربية، واحتج لكل واحد منهم، وله كتاب الإيضاح والتكملة، الملقب بالعضدي عمله للملك عضد الدولة فناخسرو، وكتاب يعرف بالعوامل وكتاب المقصور والممدود وكتاب التذكرة، وهو كتاب عزيز كبير الفائدة: تكلم فيه على معاني آيات من القرآن، وأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومعاني أبيات من أشعار العرب، ومسائل من النحو والتصريف، أبدع فيه وهو كثير الفائدة، وكتاب الإيضاح الشعري، وله كتاب المسائل الحلبية التي ذكرناها والمسائل القصريات والمسائل البغداديات، والمسائل البصريات، والمسائل العسكرية، والمسائل الشيرازية، وكتاب نقض الهاذور. وذكر أبو حيان التوحيدي أنه كان يشرب ويتخالع ويفارق هدى أهل العلم.

أخبرنا أبو الفضل المرجى بن أبي الحسن بن هبة الله الواسطي التاجر قال: أخبرنا القاضي أبو طالب محمد بن علي بن محمد بن الكناني الواسطي قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن طاهر قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار النحوي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: حدثنا علي بن الحسين بن معدان قال: حدثنا إسحق بن إبراهيم قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن قتادة عن زرارة بن أوفى أن اسعد بن هشام بن عامر كان جاراً له، فأخبره أنه طلق امرأته، ثم ارتحل إلى المدينة ليبيع عقاراً له ومالاً فيجعله في الكراع والسلاح، ثم يجاهد الروم حتى يموت، فلقيه رهط من قومه فنهوه عن ذلك، وأخبروه أن رهطاً من قومه أرادوا ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: أليس لكم في أسوة، فراجع امرأته. فلما أن قدم علينا أخبرنا أنه أتى ابن عباس فسأله عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا أدلك ألا أنبئك بأعلم أهل الأرض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: من؟ قال: عائشة، فذهبت إليها ومررت بحكيم بن أفلح فاستلحقته إليها، فقال: ما أنا بقاربها إني نهيتها أن تقول بين الشيعتين شيئاً، فأبت إلا مضياً، فأقسمت عليه، فقام معي فأتيناها فسلمنا عليها، ودخلنا، فعرفت حكيماً، فقالت من هذا معك؟ قال: سعد بن هشام، فقالت: من هشام؟ قال: ابن عامر، فقالت: نعم المرء كان عامراً قتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فقلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: أما تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فإن خلقه كان القرآن، فهممت أن أقوم فبدا لي فسألتها، فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: أما تقرأ هذه السورة " المزمل " ؟ قلت: نعم، قالت: فإن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه حولاً حتى انتفخت أقدامهم، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهراً، ثم أنزل الله تعالى التخفيف في آخر هذه السورة، فصار قيام الليل تطوعاً بعد إذ كانت فريضة، فهممت أن أقوم فبدا لي فسألتها، فقلت: أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: كنا نعد له سواكه وطهوره، فيبعثه الله عز وجل لما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك وهو يتوضأ، ثم يصلي تسع ركعات لا يقعد فيهن إلا في الثامنة، فيحمد الله ويذكره ويدعو، ثم ينهض ولا يسلم، ويصلي التاسعة فيجلس فيحمد الله ويذكره ويدعو، ثم يسلم تسليماً يسمعنا ثم يصلي ركعتين وهو جالس بعدما يسلم فتلك إحدى عشر ركعة، أي بني، فلما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ اللحم أوتر بسبع، ثم صلى ركعتين، وهو جالس بعدما يسلم فتلك تسع أي بني، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها، وكان إذا غلبه عن قيام الليل شيء: نوم أو وجع صلى من النهار اثني عشر ركعة، ولا أعلم نبي الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن في ليلة، ولا قام ليلة حتى أصبح، ولا صام شهراً كاملاً غير شهر رمضان، قال: فرجعت من عندها فأتيت علي ابن عباس فأنبأته بحديثها، فقال صدقت، أما أني لو كنت أدخل عليها لشافهتها به مشافهة، فقال حكيم بن أفلح: أما إني لو كنت أعلم أنك لا تدخل عليها ما أنبأتك بحديثها.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: قال لي التنوخي: ولد أبو علي الحسن ابن أحمد بن عبد الغفار النحوي الفارسي بفسا، و قدم بغداد فاستوطنها وسمعنا منه في رجب من سنة خمس وسبعين وثلاثمائة: وعلت منزلته في النحو حتى قال قوم من تلامذته: هو فوق المبرد، وأعلم منه، وصنف كتبا عجيبة حسنة لم يسبق إلى مثلها، واشتهر ذكره في الآفاق، وبرع له غلمان حذاق مثل: عثمان بن جني، وعلي بن عيسى الشيرازي وغيرهما، وخدم الملوك، ونفق عليهم، وتقدم عند عضد الدولة، فسمعت أبي يقول: سمعت عضد الدولة يقول: أنا غلام أبي علي النحوي الفسوي في النحو، وغلام أبي الحسين الرازي الصوفي في النجوم.

أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوي بالقاهرة، قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: سمعت القاضي أبا منصور العمراني بآمد يقول: سمعت أبا الحسن علي بن فضال النحوي يقول: كان عضد الدولة يقرأ الأدب على أبي علي الفارسي ويبالغ في إكرامه، ويحضره معه المائدة، فلما كبر وأضر كان يحضره أيضاً على العادة المستمرة، وكان من رسمه أنه إذا فرغ من الأكل يلتفت والفراش قائم فيقلب الماء على يده، فاتفق يوماً أن كان الفراش مشغولاً، فلما التفت الشيخ لغسل يده اختلسه عضد الدولة، وجاء مجيء الفراش فأخذ الإبريق وقلب على يده الماء، فجاء الفراش، فأومأ إليه أن أمسك إلى أن فرغ، وأعطاه المنديل فمسح يده، ورجع إلى مكانه فقال الفراش: يا سيدنا تعلم من قلب على يدك الماء؟ فقال: أنت فقال: إنما كان مولانا عضد الدولة فقام الشيخ أبو علي قائماً وقال: لو لم أجد من حلاوة العلم إلا هذا لكان فضلاً كبيراً، ثم رفع يديه نحو السماء وقال: أكرمك الله الذي أكرمتني لأجله أكرمك الله الذي أكرمتني لأجله، وجعل يكرره.
قرأت بخط أبي منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الجواليقي رحمه الله في تعليق له نقله من خط ابن برهان، وأنبأنا به شيخنا أبو اليمن الكندي عنه - قال فيما نقله من خط ابن برهان - قال أبو الفتح: بعد أن دعا لأبي علي كان إذا قعد على سريره الذي كان يقعد عليه أوقات درسه لا يرى العالم إلا دونه، وما كان يفكر في أحد حتى أنه كان إذا جرى حديث عضد الدولة قال صاحب السطح فعل كذا، وصاحب السطح قال كذا، وذلك أن الملك بشيراز كان يقعد في أكثر أوقته على سطح له كان فيه مجلس، فكان أبو علي يجري على ذلك ويقول صاحب السطح ثم قال أبو الفتح: ما كان مع ذلك لا بحيث يضع نفسه فإنه كان فوق كل من نظر في هذا العلم ولو عاش أبو العباس وأبو بكر وطبقتهما لأخذوا عنه بلا أنفة ولو أدركه الخليل وسيبويه لكانا يقربان له ويتجملان به، وقرأت عليه بالشام كتاب تصريف المازني وكنت قليل المعرفة إذ ذاك باللغة، فسألته عن شيء من تفسير اللغة فيه فنظر إلي مغضباً وعبس وجهه، قال أبو الفتح: وكذا طريقه النحويين.
قال: وذاكرت بكتاب العين يوماً شيخنا أبا علي فأعرض عنه، ولم يرضه لما فيه من القول المرذول والتصريف الفاسد، فقلت له كالمحتج عليه: فإن في تصنيفه راحة لطالب الحرف لأنه منساق متوجه وليس فيه التعسف الذي في كتاب الجمهرة، فقال: أرأيت لو أن رجلاً صنف لغة بالتركية تصنيفاً حسناً، هل كنا نقبلها منه ونستعملها، أو كلاما هذا نحوه قد بعد عهدي به.
وحدثنا قال: حدثني أبو بكر قال: ما رأينا كتاب العين بسر من رأى مع بعض أصحاب حنين، وكان أبو علي يقول: لما هممت بقراءة رسالة هذا الكتاب على محمد ابن الحسن، قال لي: يا أبا علي لا تقرأ هذا الموضع علي فأنت أعلم به مني.
محمد بن الحسن هو ابن دريد.
ومما نقله من خط ابن برهان قال ابن جني: وحدثني أبو عيل أنه وقع حريق بمدينة السلام، فهذب له جميع علم البصريين، قال وكنت كتبت ذلك كله بخطي وقرأته على أصحابنا، فلم أجد من الصندوق الذي احترق شيئاً البتة إلا نصف كتاب الطلاق، فسألته عن سلوته وعزائه عن ذلك، فنظر إلي معجباً، ثم قال: بقيت شهرين لا أكلم أحداً حزناً وهماً، وانحدرت إلى البصرة لغلبة الفكر علي وأقمت مدة ذاهلاً متحيراً.

ومما نقله من خط ابن برهان، وذكر ابن برهان أنه نقله من خط أبي الحسن الزعفراني، مما حكاه عن أبي علي قال أبو علي: من كثرة احتشامي وتقبضي ما كنت أسمع السماعات الكثيرة، فلا أقول سمعوا لي وإلا لو كنت ممن لا يحتشم لقد كان من السماع بيد الناس غير قليل، وكان أبو علي إذا عبر عن لفظ ما، فلم يفهمه القارئة عليه وأعاد ذلك المعنى عينه بلفظ غيره ففهمه، يقول: هذا إذا رأى ابنه في قميص أحمر عرفه، وإذا رآه في قميص كحلي لم يعرفه، وكان رحمه الله خشن الملمس، حزن المتنفس، يريد من مبتدئي أصحابه أن يفهموا الفظة من العلم بالكشف من القول، وكان ربما توقف بعضهم عن فهم ما يقوله، فينبو عنه، ويقول له: يا هذا أليس قد مضى في ذلك اليوم لنا شيء يشبه هذا، والله ما نعلم إلى شيء يومي ولا كم بعد ذلك اليوم من يوم مجلسهما، ولعله أن يكون منذ ذلك اليوم إلى وقتهما من الأصول والفروع ما لا يحيط بعلمه إلا الله خالقهما.
ومما نقله من خط ابن برهان قال أبو الفتح: وكان أبو علي رحمه الله كثيراً ما يروم إبراز الشيء إلى لفظه وهو نصب عينه، ونجي فكره وساتر بينه وبين كل مرأي غيره، إلا أنه مع ذلك معازله متأبٍ عليه غير مسمح ولا منقاد معه، فإن لم يكن إلا آخذ عنه سهل المذهب سرحه، طيع الطبع سجحه قد جاوده إلى الأمد، وقاوده إلى الخبار والجدد، وفاتشه الأنقاب، وصحبه في كل أوب وباب، أجبلاً فلم ينبطا، وكان حري أن يحتذا ويختلطا، ثم كيف لنا بعد ساعة من ساعاته، ونفثة من رقياته، وعفا الله عنه فما أقل العوض في هذا السواد منه.
قرأت بخط سعيد بن المبارك بن الدهان النحوي، ذكر أبو الفتح في النوادر، أن كتب أبي علي الفارسي احترقت بالبصرة في ربيع الأول سنة خمس وثلاثمائة بدار أبي الريان الأهوازي الكاتب، وكان قد أسكنه إياها، وملم يكن بالدار تلك الساعة، فلما علم جاء إلى الدار فوقع من غلامه المفتاح وكان الخشب ساجا فلم ينكسر، فصعدوا إلى السطوح وكان للدرجة باب بمغلق فلم ينفتح وقويت النار فحالت بينه وبين الكتب، وكان في الدار أثاث كثير لصاحبها، فغشي على الشيخ، وحمل على الظهر إلى دار أخرى لأبي الريان، فبقي يوماً وليلة لا ينطق، وثلاثة أيام لا يأكل ولا يشرب إلا العسير بالكراهية، وبقي واجماً سنة لا يقرئ ولا يقرأ، وكان أبو الريان يخدمه ويسليه بكل ما يقدر عليه، وكانت الكتب أربعمائة مجلد، فأعطاه ثلاثمائة دينار مغربية وأربعين حزمة كاغد، وكان يستحثه ويقول له: الناس يقولون عنك صحفي لأنك عجزت عن العلم بعد مضي الكتب، وكان قد سلم له المجلد الأول من كتاب سيبويه لأنه كان معه، وكان لأبي الريان نسخة بخط السيرافي فوهبها له وعاد إلى القراءة.
قرأت في تاريخ أبي غالب همام بن المهذب المعري قال وحدثني الشيخ أبو العلاء رحمه الله أن أبا علي كان صديقاً لجده القاضي أبي الحسن سليمان ابن محمد، وكان صادقه بأنطاكية، ثم أن أبا علي مضى إلى العراق وصار له جاه عظيم من الملك فناخسرو، وأن بعض الناس وقعت له حاجة في العراق احتاج فيها إلى كتاب من القاضي أبي الحسن سليمان إلى أبي علي الفارسي، فلما وقف على الكتاب قال: إني نسيت الشام وأهله.
قال: وكان أهل بغداد يقولون في زمانه لو عاش سيبويه لاحتاج إليه.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال أخبرنا أبو بكر الطيب قال: الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن سليمان أبو علي الفارسي النحوي سمع علي بن الحسين بن معدان صاحب إسحق بن راهوية، وكان عنده عنه جزء واحد حدثنا عنه الأزهري، والجوهري، وأبو الحسن محمد بن عبد الواحد وعلي بن محمد بن الحسن المالكي، والقاضي أبو القاسم التنوخي ومن مصنفاته كتاب الإيضاح في النحو وكتاب المقصور والممدود وكتاب الحجة في القرآن.

قرأت بخط أبي طاهر السلفي وأنبأنا به أبو القاسم بن الطفيل وابن رواحة وغيرهما قال: أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي النحوي روى عن أبي اسحق الزجاج، وأبي بكر السراج، وأبي بكر بن مجاهد المقرئ، وأبي الحسن الأخفش ونظرائهم، وروى عن علي بن الحسين ابن عم إسحق بن راهويه فوائد، روى عنه عبد السلام البصري ببغداد وعثمان بن جني بالموصل، وابنه العلاء بن عثمان بصور، وأبو الحسن محمد بن عبد الواحد بمصر وأبو نصر الكسائي بأصبهان وقد روى عنه علي بن عيسى الربعي، وأبو محمد المدائني، وعبد الله بن خسرو وهلال بن إبراهيم الصابئ وأبو محمد الجوهري، ومن تواليفه كتاب الحجة وكتاب الإيضاح وغيرهما.
قرأت بخط بهاء الشرق أبي علي الحسن بن جعفر بن المتوكل الهاشمي، وأنبانا به أبو الحسن بن المقير عنه قال: حدثني أبو الحسن علي بن أبي زيد الفصيحي قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الخطيب، قال: قيل أنه دخل أبو علي الفارسي إلى عضد الدولة وقد عزم على التوجه إلى الأهواز، فقال: خار الله للملك في عزيمته وبلغه الأمل في طلبته أنشدنا شيخ لنا:
ودعته حين لا تودعه ... نفس ولكنها تسير معه
ثم تولى وفي الفؤاد له ... ضيق محل وفي الدموع معه
فقال له: أحسن الله جزاء الشيخ وأطال بقاءه وأنشدنا بعض أشياخنا:
قالوا له قد سار أحبابه ... وبدلوه البعد بالقرب
تالله ما سارت نوى ظاعن ... سار من العين إلى القلب
فقال أبو علي: أبت مكارم مولانا أن تخلي خادمها من فائدة.
قلت وذكر أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن العباس بن عبد الحميد الحراني في كتاب روضة الأدباء أن أبا علي دعا لعضد الدولة وقال: أيأذن مولانا في نقل هذين البيتين؟ فأذن له، فاستملاهما منه وكتبهما عنه.
وذكر أبو عبد الله أيضاً أن عضد الدولة عرض عليه أن يكون في صحبته، فقال: أنا من رجال الدعاء لا اللقاء فخار الله للملك في نهضته، وبارك له في عزيمته وجعل الفتح تجاءه والملائكة أنصاره، فقال له عضد الدولة: بارك الله فيك فإني أثق بطاعتك وأتيقن صفاء طويتك.
قرأت في تاريخ سيره إلي بعض الهاشميين بحلب، جمع أبي غالب همام بن الفضل بن الهذب المعري، قال: وفيها يعني سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة توفي أبو علي الحسن بن عبد الغفار الفارسي النحوي ببغداد.
وقرأت بخط القاضي أبي المحاسن المفصل بن محمد بن مسعر النحوي المعري في كتابه الذي جمعه في أخبار النحويين قال: توفي - يعني - أبا علي سنة سبع وثلاثمائة.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: قال محمد بن أبي الفوارس: في سنة سبع وسبعين وثلاثمائة توفي أبو علي الفسوي النحوي، ولم أسمع منه شيئاً، وكان متهماً بالاعتزال.
وقال الخطيب: حدثني أحمد بن علي بن التوزي قال: توفي أبو علي الفارسي النحوي في يوم الأحد السابع عشر من شهر ربيع الأول سنة سبع وسبعين وثلاثمائة.
قرأت في ديوان شعر الشريف الرضي محمد بن الحسين العلوي قال: يرثي أبا علي الحسن بن أحمد الفارسي سنة سبع وسبعين وثلاثمائة.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي قال: ذكر وفاة بعض الشيوخ الذين أدركتهم، وكتبت عنهم، وسمعت منهم، سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، وفيها توفي أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفسوي الفارسي النحوي.
الحسن بن أحمد بن علي بن مهران القهستاني: أبو القاسم الأديب، سمع بالمصيصة محمد بن عمر بن يحيى المقرئ، روى عنه الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، ووفد على سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، وكان يغشى مجلسه، وكان أديباً فاضلاً، شاعراً.

أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر القرشي وعبد الرحمن بن عمر الغزال في كتابيهما قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر طاهر أن أبوي عثمان الصابوني والبحيري وأبوي بكر البيهقي والحيري كتبوا إليه: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثني أبو القاسم يعني الدهستاني قال: حدثنا محمد ابن عمر بن يحيى المقرئ بالمصيصة قال: حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال: حدثنا حجاج بن محمد قال أخبرنا شعبة عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " .
قال الحاكم سمعت أبا القاسم الزاهد يقول: رأيت في المنام منشداً هذا البيت:
أتفرح بالأيام تمضي وتنقضي ... وعمرك فيها لا محالة تذهب
قال: فلما استيقظت أضفت إليه بيتاً آخر:
عجبت لمختار الغنى وهو فقره ... وعامر دار وهو في الدار يخرب
قال الحاكم: وسمعت أبا القاسم يقول: كنا نختلف إلى مجلس سيف الدولة بالشام، فكاد أن يقع في نفسي ما ليس من مذهبي فقلت:
الدهر ساومني عمري فقلت له ... لا بعت عمري بالدنيا وما فيها
ثم اشتراه تفاريقاً بلا ثمن ... تبت يدا صفقه قد خاب شاريها
ذلت صعاب المعاني لي فأدركها ... فهمي ونفسي أعيتني معانهيا
قال وأنشدني لنفسه في المحبرة:
له قلب زنديق ووجهه موحد ... وآذان مرجئ وحلقوم مجبر
وقسوة معشوق وذلة عاشق ... وظاهر كافور وباطن عنبر
نبنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال أخبرني أبي أبو سعدة - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: في كتاب الأنساب: وأبو القاسم الحسن بن أحمد بن علي بن مهران القهستاني الأديب، كان أديباً فاضلاً شاعراً بارعاً، دخل بلاد الشام، وسمع بها بالمصيصة محمد بن عمر بن يحيى المقرئ سمع منه الحاكم أبو عبد الله الحافظ وذكره في التاريخ فقال أبو القاسم الأديب الفقيه الزاهد.
وأنبأنا أبو بكر بن عمر وعبد الرحمن بن عمر قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا أبو القاسم الشحامي عن أبوي بكر البيهقي والحيري، وأبوي عثمان الصابوني والبحيري قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: الحسن بن أحمد بن علي بن مهران القهستاني الأديب الفقيه الزاهد، سمع الحديث بالعراقي، والحجاز ومصر والشام، وكانت رحلته في التصوف وكان الأمير أبو علي بن ناصر الدولة جالسه وتلمذ له، وتخرج به، ورد نيسابور غير مرة فلم يحدث، ثم سألته فحدث بنيسابور سنة إحدى واثنتين وتسعين وثلاثمائة، وتوفي بقاين في ذي الحجة سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة.
الحسن بن أحمد بن علي بن المعلم: أبو علي الحلبي، فقيه من فقهاء الشيعة، أديب شاعر متكلم، قرأ الفقه على أبي الصلاح الحلبي، واشتغل بعلم الأصول والأدب وعلم العرب، وصنف للشيعة كتابين أحدهما يعرف بالتاجي والآخر يعرف بمعالم الدين وله كتاب في الأصول شرح فيه الملخص، ولازم المسجد الجامع بحلب، وقرأ عليه الحلبيون الفقه والأدب، وكان له شعر جيد فصيح ورسائل حسنة، وكتب في صباه لسبكتكين مملوك أمير الجيوش الدزبري، وكان ولاه مولاه قلعة حلب حين ملكها - أعني سبكتكين - وكان مولد أبي علي الحلبي بمعرة النعمان في حدود الأربعمائة قبلها، وانتقل مع أبيه إلى حلب، قرأ عليه الأدب جحد أبي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة، والوزير أبو نصر بن النحاس، وقرأ عليه الفقه والأصول أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد الخفاجي الحلبي، وإياه عني عنى أبو محمد بقوله في القصيدة، التي كتبها من القسطنطينية يعتب فيها أهله وأصدقاءه:
وأقر السلام على الفقيه وقل له ... وهو العتاد لدفع كل ملمة
حاشاك أن تصف الوداد وأهله ... ويكون حبك كله بالقوة
ما كان ضرك لو بعثت تحية ... وكتبت خمسة أسطر في رقعة
أبمثل هذا يخصب البستان ... أو يزداد حسن الدار في السهلية

السهلية محلة من محال حلب، كانت دار أبي علي بها، والبستان هو بستان الميدان خارج باب قنسرين، وكان قد مدح أبو علي بن المعلم سديد الدولة بن الرعباني بقصيدة حسنة أولها:
دعاني فتلك الدار دار بعيدها ... أراجع أشواقي لها وأعيدها
فكان ثواب أبي علي من سديد الدولة أن ينجز توقيعاً من صاحب حلب معز الدولة ثمال بن صالح صاحب حلب ببستان الميدان هذا المذكور، وأبيات الخفاجي أنشدنا إياها الخطيب أبو عبد الرحمن محمد بن هاشم بن أحمد بن هاشم قال: أنشدني أبي هاشم قال: أنشدني أبي أحمد قال: أنشدني أبو محمد الخفاجي إن لم أكن سمعتها منه.
وقرأت بخط أبي البيان نبأ بن محفوظ الأديب الدمشقي، وذكر أنه نقله من نسخة نقلت من خط عبد الودود بن عيسى النحوي من شعر أبي محمد الخفاجي، وعليها بخط عبد الودود النحوي عند ذكر أبيات أبي محمد عند قوله: وأقر السلام على الفقيه إلى آخر الأبيات الأربعة. هذا هو الشيخ الفاضل أبو علي المعروف بابن المعلم ولم يكن فقيهاً فقط، لكن كان ذا فضائل، من جملتها شعر وكتابة وهو ممن يتجمل به الشيعة.
قرأت بخط أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أحمد بن أبي جرادة في أول جزء يتضمن قصائد وأقطاعاً من شعر أبي علي بن المعلم: ولد بمعرة النعمان وانتقل أبوه إلى حلب وهو معه، ولزم المسجد الجامع، وقرأ علم الأصول ومذهب أهل البيت عليهم السلام، والأدب وعلم العرب، فمال إليه الناس، وأحبوه لواضح طريقته، وتنقلت به الحال وكتب لسبكتكين في عنفوان شبابه، ثم انتقل إلى اللزوم للجامع.
قرأت بخط أسامة بن مرشد بن علي بن منقذ في كتابه الذي علقه للرشيد بن الرشيد، وأنبأنا به أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر عنه، قال: ومن شعراء الشام الفقيه أبو علي الحسن بن أحمد المعلم، ولد بمعرة النعمان، وانتقل أبوه إلى حلب وهو معه، ولزم الجامع وقرأ علم الأصول، ومذهب أهل البيت عليهم السلام، والأدب وعلم العرب، وتنقلت به الحال ثم لزم الجامع.
قرأت بخط أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة الحلبي في شعر جد جدي أبي الفضل هبة الله بن أحمد بن أبي جرادة الذي رضي الله عنه رواه عنه أبياتاً كتبها إلى الفقيه أبي علي بن المعلم في غرض له، وأخبرنا بها المؤيد بن محمد بن علي بن الحسن الطوسي كتابة، قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة قال: أنشدنا القاضي أبو الفضل هبة الله بن أبي جرادة، وكتبها إلى أبي علي بن المعلم يستنهضه في ولده أبي غانم محمد، وكان يعلمه الأدب:
أبا علي هو الدهر الخؤون وما ... يحظى بجدواه إلا الجاهل الغمر
ولست أنكر إن عريت من نشب ... وقد أطافت بك الآداب والفقر
كالطود لا يرتقي يوماً أعاليه ... سيل وإن كان محفوفاً به الزهر
إغناك فضلك عن مالٍ تجمعه ... لقد تنوق في تعويضك القدر
من كل قافية فالنجم سائرة ... ما عاق إدلاجها أين ولا ضجر
نتاج فكر حلا مما يقسمه ... كأن ألفاظها من حسنها درر
تطوف الأرض من سهل إلى جبل ... حتى لقد مل من تطوافها السفر
أو خطبة لضروب العلم جامعة ... وللفصاحة في تأليفها أثر
جعلتها حجة للدين قاهرةً ... لمعشر أظهروا ضد الذي ستروا
غلو النفاق ولولا الخوف كان لهم ... إلى التظاهر إسراع ومبتدر
تحيي القلوب بذكر بها إذا تليت ... كالأرض أحيت بها العراصة الهمر
أغنى كلامك عن عبد الحميد كما ... أغنى عن النجم يستضوي به القمر
تقوم كتبك في إصلاح منحرف ... ما لا تقوم به الخطية السمر
كم موقف لك في القرآن قد شهدت ... به المحاريب والآيات والسور
ومن يد لك لم تقصد بها عوضاً ... ولا تخللها من ولا كدر
أسديتها طلباً للأجر في نفرٍ ... فبعضهم شكروا وبعضهم كفروا
حقاً فما أنت إلا روضة أنف ... وما لسانك إلا الصارم الذكر
ومن يجاريك يكبو دون مطلبه ... أنى يساوى الحضيض الأنجم الزهر

أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان وغيره عن أبي المظفر أسامة ابن مرشد بن علي بن منقذ في ما اختاره من عر أبي علي بن المعلم وكتبه للرشيد بن الزبير، ووقع إلي أيضاً في جزء من شعر أبي علي بن المعلم بخط أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أبي جرادة:
خذ من زمانك واغتنم إمكانه ... ودع التعلل والأماني جانبا
واصبر لأحكام الزمان فإنها ... نوب تجيء نوائبا ومواهبا
؟ماذا أفدت بما جمعت وما الذي ... أغناك صنعك أن بكيت الذاهبا
فتعمد الحسنى ومال على التقى ... وسم النجاة وكن مجداً طالبا
ما مر مر وما تبقى فرصة ... وهي الليالي تستجد مذاهبا
قد أنذرتك الحادثات وبصرت ... وأرتك فيك من الزمان عجائبا
حالاً تحول وعيشة مربوبة ... ونوى تشط وشعر فود شائبا
فعلام تختال الليالي ضلةً ... وتعد أحكام الوجود نوائبا؟
فتغنم الأيام غير مراجع أسفاً ... ولا مبق لديك مآربا
قالا: وكان له صديقان توفيا في يوم واحد فقال فيهما:
تقاسما العيش رغداً والردى رنقاً ... وما علمت المنايا قبل تقتسم
وحافظا الود حتى في حمامهما ... وقل ما في المنايا تحفظ الذمم
نقلت من خط الرئيس حمدان بن عبد الرحيم الأثاربي لأبي علي بن المعلم:
ومن عجبٍ أني عليك محسد ... وأني على دعوى هواك ملام
ولم تسلني الأيام عنك بمرها ... ولا كف من وجد عليك ملام
غرام على عهد الصبى وإلى النهى ... وشوق على شيب العذار غلام
؟حلوم توقاها الهوى وبقية من الصبر عفاها جوىً وغرام
ويستام رشدي فيك لو كنت واجداً ... سبيلا إلى ما في هواك أسام
وقرأت بخط حمدان بن عبد الرحيم في تعليق له لأبي علي الحسن بن أحمد بن المعلم الحلبي:
استأثر الحسنى بعزم صادق ... وإذا قدرت فعلت فعل الجاهل
لا العلم رادعي الغداة ولا التقى ... أبداً قرين الإثم حلف الباطل
أتبصر الأمر الجلي وأنثني عنه ... بصورة جاهلٍ أو غافل
وألوم إن بخل الصحاب وإنني ... من بينهم نفس الضنين الباخل
يا للرجال وللطباع تحكمت ... فتملكت قود اللبيب العاقل
فدع التعلل واقتبلها عزمة ... فالسيف يقطع عند قصد الحامل
وتعمد الصنع الجميع مواصلا ... عمل العليم به وعلم العامل
لا عذر إن أنصفت نفسك جاهداً ... وطلبت واضحة الطريق السابل
وقرأت بخطه لأبي علي أيضاً:
أما غرامي فهو حيث ترينه من ... سقم جسمي واختلاف عوائدي
أصبو لعارضة النسيم وأنثني ... ظمآن أشرق بالزلال البارد
وعجبت من ليلي وزعمي طوله ... عجب الخلي من المعنى الواجد
ما طال ليلي فيك لكن خالفت ... حال المسهد فيه حال الراقد
وقع إلي بخط بعض الحلبيين كراسة من شعر أبي علي بن المعلم، فاخترت منها قوله، وكتب به إلى الشيخ أبي محمد عبد الله بن سنان الخفاجي يعاتبه:
يا صاحبي وما عرفت مصاحباً ... إلا قضية دهره تتقلب
أما نظرت نظرت صوب غمامةٍ ... وإذا انتجعت حياً فبرق خلب
كالروضة الغناء عاقرها الندى ... وإذا ظلت به فقفر سبسب
لا للجيل ولا لدفع ملمةٍ ... يوماً ولا لسماع شكوى تقرب
لا تذكرن لي الصديق فإنه ... قول يقال ومذهب مستغرب
عزت مطالبه فأعوز نيله ... إلا منى من ضلةٍ تتطلب
وإذا جهلت الناس لم أك ... جاهلا نفسي ولا من حالها استعصب
عجماء عن فهم الجميل وإنها ... عجماء تعرب في القبيح وتغرب
ومريضة الآراء طوع ضلالها ... لا ترعوي جهلا ولا تستعتب

واخٍ على حكم الصفاء اتخذته ... للأمر عرف لليالي يعزب
ضاقت عن الحسنى عوارف طوله ... وثناه طوع هواه قلب قلب
تبع الليالي شيمة وخليقةً ... وعلى مذاهبها يجيء ويذهب
متمرض طوع الحفيظة عاتب ... ما بت من هفواته أتعتب
أضحي أسير هواه وهو طليقه ... وأجد وهو بوده متطرب
وإذا هززت هززت من لا يرعوي ... وإذا عتبت عتبت من لا يعتب
أحنو عليه بعزة مأثورة ... عندي وعاطفةٍ ترق وتعذب
فإذا جفا واصلته وإذا هفا ... أوجدته ني المسيء المذنب
؟هذي لعمرك يا أخي سجية ... فينا ودين للزمان ومذهب
فاعدل إذا جار الزمان وكن ... على حكم البصيرة عاذراً من تصحب
وسم الصديق مسام نفسك واقتصد ... فالأمر مر وأيسر والمنية أقرب
ما أجهل الأقوام جودا في السرى ... طلباً لمن لا يستبان فيطلب
أقل توفيق الفتى مع طوله ... لا مورد عذب ولا مستعذب
فإذا عجبت من الزمان وأهله ... فانظر بأمرك فالقضية أعجب
تدعو إلى الحسنى وأنت مجانب ... أبدا لها ولأهلها تنجنب
فاعذر أخاك وكن بما هذبته ... ورجوت صالحه به يتهذب
سيان ما أصبحتما تريانه ... شرقت وهو على هواه مغرب
ومن شعره أيضاً:
خليلي هل ماء العذيب كعهده ... برود وهل ظلال الأراك عليل
وكيف أغالي الرمل منذ تقابلت ... تمر عليه شمأل وقبول
فقد طال عهدي بالديار وأهلها ... فعهدي وليلى والسقام طويل
قفا تعلما صوب الغمام فإنني ... أميل مع الأشواق حيث تميل
ولا تنكرا أن الديار تنكرت ... فللشوق فيها والنزاع دليل
رسول تبقاها البلى لصبابةٍ ... تراجع فيها أو يبل غليل
مواثل قد عرى الزمان عراصها ... فما يختفي سقم بها ونحول
فيا ساكني رض الحمى إن جوه ... رطيب وإن الريح فبه بليل
فما لعيون تجتليه مريضة ... وما لفؤاد بطيبة عليل
وما لدموع العاشقين تجوده ... وأقذاؤها طوع الغرام محول
ومما نقلته من الجزء المذكور من شعره:
علاقة تستجد الشوق عارضة ... وصبوة تستزل الحلم والرشدا
ظللت منها على علم وبينة ... أرى الغواية رشداً والضلال هذا
ومن شعره أيضاً منه:
أهجراً وقد مالت بكم غربة النوى ... وبات غراب البين للبين يتعب
دعوا للنوى هجرانكم وتجنبوا ... مع القرب منكم أن يكون تجنب
وقال وقد سار معز الدولة ثمال بن صالح إلى مصر ثم عاد إلى حلب:
مضيت وخلفت المطامع جمة ... تفيض وأنباء الأماني طواميا
وأقبلت إقبال السحاب تبسمت ... بوارقه ثم انثنين بواكيا
فما كان ذاك العيش إلا تعلة ... ولا كانت الأيام إلا لياليا
ولما استبان الرأي فيها إمامها ... ولم ير في كف الحوادث كافيا
أعاد إلى الطرف المسهد غمضه ... ورد على مرضى البلاد العواقبا
كان أبو علي بن المعلم حياً في سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة فإن معز الدولة ثمالاً عاد إلى حلب من مصر في هذه السنة، وفقد توفي بعد ذلك.

وقع إلي رسالة للوزير أبي نصر محمد بن الحسن بن النحاس الحلبي، كتبها إلى أبي طاهر محمد بن الحسن المعروف بالجدي وذكر فيها أبا علي بن المعلم، وقال بعد ذكره: وعلى ذكره نضر الله وجهه، فعند الله يحتسب ذلك الشيخ الجامع لأشتات الفضائل، وضرائر المحاسن، فلقد كان أثبت شيوخ زمانه فهما، وإن لم يفتهم علماً وأقواهم تصوراً ونفساً وأن أوفوا عليه مطالعة ودرسا، وأني لأخوانه الغابرين بعده، الذين لا بد أن يردوا، وأن أنظرهم الأجل ورده مثله، ولا مثل له، طيب معاشره، وحسن مذاكرة وحفظاً للغيب ومثابرة على ستر العيب:
سقا ولولا دينه وعفافه ... لقلت شآبيب الشرب المشعشع
؟؟الحسن بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الحلبي: المعروف والده بالعريف الصناديقي، كان ينزل بسوق الصناديقيين بحلب، وسمع يحيى بن الحسين بن محمد بن الربيع بن سنان الخفاجي، وصالح بن جعفر ابن عبد الوهاب العباسي القاضي الحلبيين وحدث بشيء يسير، سمع منه الشيخ الفقيه مشرق بن عبد الله العابد الحنفي، والحسن بن داود بن بابشاذ، والحسين بن الحسن الطرسوسي وغيرهم، وتوفي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة أو بعداها فإنه حدث في هذه السنة.
الحسن بن أحمد بن المؤمل أبو محمد الكفر طابي: ذكره الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن في تاريخ دمشق، بما أنبأنا به القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: الحسن بن أحمد ابن المؤمل أبو محمد الكفر طابي، له ذكرن توفي أبو محمد بن الكفر طابي، فيما بلغني، في الثلث من ليلة الأربعاء لأربع عشرة ليلة بقيت في رجب سنة أربع وأربعين وأربعمائة.
حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي: أبو علي الصوفي منسوب إلى أوه، شيخ صالح ورع تقي مجتهد في العبادة اجتمعت به في البيت المقدس، وشاهدت منه ولياً من أولياء الله تعالى، قد أجمع الناس كلهم قاطبة على خيره وصلاحه، صائم النهار قائم الليل، قد أثرت العبادة وقيام الليل في بدنه، نحيل البدن مصفر اللون، ذابل الشفتين، منقطع إلى الله مستغن عن الناس، معرض عن الدنيا وزخرفها، دخل الشام ومر بحلب مجتاز في طريقه إلى الديار المصرية في سنة سبعين وخمسمائة في دولة الملك الصالح إسماعيل ابن محمود بن زنكي، وأقام بالإسكندرية، وصحب بها الحافظ أبا طاهر السلفي مثل أبي الجيوش عساكر بن علي بن نصر المقرئ، وأبي المحاسن المشرف بن مؤيد ابن علي الهمداني وغيرهم، وكان سمع بمكة أبا الفضل يونس بن محمد بندار، ورابط بعد ذلك بعكا مدة، ونزل بالخضراء وهي دويرة بناها الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بعسقلان، ووقف بها الأجزاء التي سمعها، وأقام بها إلى أن خربت، فانتقل إلى البيت المقدس، ولزم المسجد الأقصى، وأقام بدويرة الصوفية التي قبلي المسدد إلى جانب المحراب، وانقطع إلى الله تعالى إلى أن سلم البيت المقدس إلى الفرنج في سنة ست وعشرين، وانتقل منه الناس، فلم يبرح مكانه، ولزم موضعه ذلك وعبادته إلى أن أدركه أجله رحمه الله، قرأت عليه الكثير من مسموعاته مدة مقامي بالبيت المقدس، وكان والدي رحمه الله يحضر معي مجلس السماع بالمسجد، وذلك في سنة تسع وستمائة، وكانت تعجبه قراءتي الحديث، أول ما حضرت عنده وطلبت السماع منه: قال لي: هاهنا من يحدث غيري فأعدت الطلب منه، فأخرج إلي جزءاً، فلما قرأته مال إلي وأخرج إلي جميع ما كان عنده من مسموعاته، وتطفل بذلك وكان يجتمع معي جمع وافر للسماع منه رحمه الله.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالمسجد الأقصى قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني بالإسكندرية قال: أخبرنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد بن أحمد بن محمود الثقفي رئيس أصبهان قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي قال: أخبرنا عبد الله بن يعقوب الكرماني قال: حدثنا بحر بن بحر الكرماني قال: حدثنا حماد بن زيد عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنكم اليوم على دين، وإني مكاثر بكم الأمم فلا تمشوا القهقري بعدي " .

أخبرنا أبو علي الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر الحافظ قال: أخبرنا الشيخان: أبو الفتح محمد بن عبد الواحد بن علي الوكيل وعمر بن محمد بن علكوية الزاهد قالا: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن المعدل - املاء - قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا هرون قال: حدثنا أبو عامر العقدي قال: حدثنا محمد بن هلال عن أبيه قال: قال أبو هريرة وهو يحدثنا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس معنا في المسجد يحدثنا، وإذا قام قمنا قياماً حتى نريه قد دخل بعض بيوت أزواجه، قال: فحدثنا يوماً فقمنا حتى قام، فنظر إلى أعرابي قد أدركه فجبذه بردائه فحمر رقبته، قال: أبو هريرة: وكان رداؤه خشناً، فالتفت إلى الأعرابي فقال له الأعرابي: احمل لي على بعيري هذين فإنك لا تحمل من مالك ولا من مال أبيك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا واستغفر الله ثلاثاً حتى تقيدني في جبذتك التي جبذتني " ، قال: فكل ذلك يقول له الأعرابي: لا والله لا أقيدكها، قال: فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم إلينا، ونحن مثل الخيل سراعاً كلنا نبادر الأعرابي أن نأخذه، فقال: عزمت على كل رجل سمع صوتي وقولي أن لا يبرح مقامه حتى آذن له، فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه، فقال: لا تعجل يا أبا حفص، ثم دعا رجلاً فقال: احمل له على بعيريه هذين، على بعير شعيراً وعلى بعير تمراً، ثم التفت غلينا فقال: " انصرفوا على بركة الله عز وجل " .
أخبرنا حسن بن أحمد قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر قال: قرأت علي أبي علي الحسن بن حمزة بن محمد بن علي الحجالي، بالكوفة سنة ثمان وتسعين وأربعمائة عن أبي الحسين محمد بن علي بن خشيش التميمي المقرئ قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي حكمة التمار قال: حدثنا محمد بن عمران قال: حدثنا أحمد بن أبي سليم، عن الحسن البصري أنه قال ذات يوم لجلسائه: يا معشر الشيوخ ما ينتظر بالزرع إذا بلغ؟ قالوا: الحصاد، قال: يا معشر الشباب إن الزرع قد تدركه العاهة قبل أن يبلغ.
أخبرنا حسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو الفضل يونس بن محمد بن بندار السيسي بمكة قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن المروزي قال: أخبرنا أبو بكر عبد الواحد بن الفضل بن محمد الفارمذي رحمه الله قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن علي بن عبد الله الطوسي قال: أخبرنا الشيخان أبو منصور بن طاهر بن العباس، وأبو حفص عمر بن الخضر بن محمد الثمانيني قالا: أخبرنا أبو الحسن المغيرة بن عمرو بن الوليد قال: حدثنا أبو سعيد المفضل بن محمد بن إبراهيم الجندي قال: حدثنا سلمة بن شبيب قال: حدثنا عبد الله بن بكر السهمي قال: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن مالك بن دينار قال: بينا أنا أطوف ذات ليلة، إذ أنا بجويرية صغيرة تطوف بالبيت، وهي تقول: يا رب كم من شهوة قد ذهبت لذتها، وبقيت تبعتها، يا رب ما كان لك عقوبة ولا أدب إلا بالنار؟! قال مالك: فلم يزل ذلك حالي وحالها حتى طلع الفجر، قال مالك: ثم وضعت يدي على رأسي فقلت: ثكلتك أمك يا مالك، جويرية صغيرة غلبتك منذ الليلة! أنشدنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالمسجد الأقصى قال: أخبرنا الفقيه أبو الجيوش عساكر بن علي بن نصر المقرئ قال: أنشدني الشيخ أبو الحسين عبد الكريم التكلي رحمه الله قال: أنشدني الصقلي بالإسكندرية من شعره لنفسه:
مزرفن الصدغ يسطو لحظة غلبنا ... بالخلق جذلان أن يشكو الهوى ضحكا
لا تعبثن بورد فوق وجنة ... فإنما نصبته عينه شركا
توفي أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالبيت المقدس، في ليلة الجمعة عاشر صفر سنة ثلاثين وستمائة. أخبرني بذلك أبو عبد الله محمد بن يوسف البرزالي الإشبيلي، ودفن بمقابر ماملا ظاهر القدس الشريف، وزرت قبره بمقبرة دفن فيها الشيخ ربيع بن محمود المارديني وغيره من الصالحين حين توجهت إلى الديار المصرية رسولاً في سنة سبع وثلاثين وستمائة.
الحسن بن أحمد بن أبي الحسين:

أبو علي الكاتب الديباجي المصري، أصله من طرابلس، وولد بالديار المصرية ونش بها، واشتغل بالأدب والعربية والكتابة، ونظم الشعر، وكان يكتب كتابة حسنة خطاً ولفظاً، وكتب الإنشاء للملك الكامل أبي المعالي محمد بن بكر بن أيوب، وحظي عنده، وعلت منزلته، واعتمد عليه في أمر دولته، وكان سديداً عاقلاً ذا رأي وسداد، ونباهة ورئاسة، ورد حلب رسولاً إلى الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب، روى عنه ولده أبو عبد الله محمد بن الحسن الديباجي شيئاً من شعره.
أنشدنا أبو السعادات المبارك بن حمدان المعروف بابن المرحل قال: أنشدني أبو عبد الله محمد بن الحسن الديباجي، قال: سمعت والدي ينشد لنفسه، وكان جالساً بين يدي الأسعد بن مماتي يلتمس منه توقيعاً براتب له، فقال يخاطبه:
أثل وأثر في الأنام مآثرا ... تبقى على الأيام موثر شرحها
وافتح دواتك لي ووقع إنني ... أتوقع النصر القريب بفتحها
قال: ومن شعره أيضاً يمدح شرف الدين بن الأشرف بن الجبان من قصيدة أولها:
أما وسحر المقل ... وحسن ذاك الكحل
وورد خديه الذي ... صاغته أيدي الخجل
وما حوى ثغرك من ... ذاك الرحيق السلسل
لأخدعن في هواك ... رقيةً للعذل
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري قال: في ذكر من مات سنة سبع عشرة وستمائة في كتاب التكملة لوفيات النقلة: وفي ليلة الثامن والعشرين من رجب توفي القاضي الأجل، أبو علي الحسن بن أبي المكارم أحمد بن أبي الحسين، المنعوت بالموفق ابن الديباجي، الكاتب بدمشق، وكان فاضلاً متأدباً وكتب الخط الحسن، وكتب في ديوان الإنشاء الكاملي مدة، وتوجه رسولاً إلى الشرق وعاد فأدركه أجله بدمشق، وله شعر، ورايته، ولم يتفق لي السماع منه وكتبت شيئاً من شعره عمن سمعه منه.
كان قد بلغني أن الحسن بن أحمد الديباجي الكاتب توفي بدمشق في شهر رجب سنة سبع عشرة وستمائة أخبرني بذلك أبو السعادات بن المرحل، عن ولده أبي عبد الله محمد قال: وكان الملك الكامل يعتمد عليه في مهمات الأمور، فحسده على مكانته الوزير يومئذ، وهو الصفي أبو محمد عبد الله بن علي بن شكر الدميري ودس إليه من سقاه سماً فقتله في التاريخ.
الحسن بن أحمد البالسي: حدث عن أبي أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي، وعبيد بن أسباط، وفرج ابن جبير، وروى عنه أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار، فإن لم يكن أبا طاهر ابن فيل فهو غيره.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل جعفر بن يحيى الحكاك - إجازة قال: أخبرنا أبو نصر عبيد الله ابن سعيد بن حاتم الوائلي قال: أخبرنا الحسن بن بقاء بن محمد الهمداني قال: أخبرنا الحسن بن الحسين بن بندار أبو بكر قال: أخبرنا الحسن بن أحمد البالسي قال: حدثنا محمد بن إبراهيم، وهو أبو أمية، قال: حدثنا محمد بن سابق قال: حدثنا سعر، عن أبي قيس عبد الرحمن بن مروان، عن عمرو بن ميمون، عن أبي مسعود الأنصاري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه - يعني - حديثاً ذكره وهو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة، فكبر ذلك في أنفسهم، فقال: " قل هو الله أحد، الله الصمد " . ثلث القرآن.
الحسن بن أحمد أبو أحمد الإمام: سمع بحلب أبا محمد عبد الرحمن بن عبيد الله بن أخي الإمام الحلبي، وأبا الحسن أحمد بن محمد بن هرون الرشيدي. روى عنه أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر ابن أبي محمد البسطامي قال: حدثنا أبو الفتح عبد السلام بن أحمد بن إسماعيل يعرف ببكيرة، ح.

وأخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء بحلب، وأبو عبد الله الحسن بن المبارك الزبيدي، بمكة، قالا: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى ابن شعيب السجزي قال: أخبرنا أبو عاصم الفضل بن يحيى بن الفضل الفضيلي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح قال: حدثنا أبو أحمد الإمام - يعني - الحسن بن أحمد قال: حدثنا أبو محمد بعد الرحمن بن عبيد الله بن أخي الإمام، بحلب، قال: حدثنا سيلمان بن سيف قال: حدثنا سعيد بن سلام قال: حدثنا عمر بن محمد عن صفوان بن سليم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، ولا قوة إلا بالله " .
الحسن بن أحمد التنوخي: أنشد عن وهب بن ناجية المري إنشاداً بحلب، رواه عنه أبو القاسم علي بن محمد بن عبدوس الكوفي.
أخبرنا أبو القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى اللخمي - في كتابه - قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج قال: أخبرنا أبو القاسم المحسن بن حمزة ابن عبد الله الوراق قال: حدثنا أبو علي الحسن بن علي بن جعفر الدبيلي قال: أنشدنا أبن عبدوس قال: أنشدني الحسن بن أحمد التنوخي بحلب قال: أنشدني وهب بن ناجية المري:
كن لما لا ترجو من الأمر أرجى ... منك يوماً لما له أنت راج
إن موسى مضى ليقبس ناراً ... من ضياء رآه والليل داج
فأتى أهله وقد كلم الله ... وناجاه وهو خير مناج
وكذا الأمر ربما ضاق بالمرء ... فتتلوه سرعة الانفراج
الحسن بن أحمد المعري: الشاعر المعروف بالوامق، وقرأ بخطه على ظهر قصيدة من شعره: الوامقي هو شاعر من أهل معرة النعمان حسن الشعر.
رأيت بخط أبي العلاء المحسن بن أبي الندى المعري في خبر ذكر فيه جماعة شعراء المعرة فقال في ذكره: الوامق شاعر خليع متهتك، سهل الألفاظ بالمرة.
أخبرني شهاب الدين أحمد بن مدرك بن سعيد بن مدرك بن علي بن سليمان، أبو المعالي قاضي معرة النعمان يأثره عن المعريين، قالوا: كان الناظر والوامق ابن الدويدة أضافوا قاضي حمص، فأنزلهم بحمص بمكان يختص به، وأمر من يأتيهم بما يستدعونه من الضيافة، فأحضر لهم ما طلبوه حتى الشراب، وأحضر لهم فرشاً ناموا فيها، فبالوا في الفرش، وأصبحوا خجلين من القاضي أن يبلغه ذلك فأنشأ الناظر فقال:
لا تلمنا ولم شرابك واصفح ... يا معري من كل عيب ونقص
فقال الوامق:
أنت أصل الفساد والذنب ... للخياط عند التفصيل لا للمقص
فقال ابن الدويدة:
وإذا نحن في الحقائق عدنا ... فهي خمر ونحن في أرض حمص
وأخبرني غير قاضي المعرة من المعريين، أن قاضي حمص حضر عندهم، وهم على تلك الحال ليشاهد أدبهم، فحملهم السكر على ن كلموه بكلام قبيح، فعملوا هذه الأبيات اعتذار إليه والله أعلم.
وقيل أن قاضي حمص المشار إليه هو ابن مهدي وقد ذكرنا ذلك بإسناد آخر في ترجمة أبي الحسين أحمد بن محمد بن الدويدة.
وقعت إلي أبيات بخط الوامق من شعره، كتب بها إلى أبي محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله المعري، قاضي معرة النعمان، يستشفع به إلى عبد العزيز بن علي كاتب الأمير ابن جبهان، وقد أطلق له ابن جبهان غلة، فمطله عبد العزيز الكاتب:
يا حاكمنا أيامنا مشرقة منذ ولي
يا قاضياً ألفاظه تفعل فعل الأسل
لي صلة ما وصلت قد ضاق فيها حيلي
جاد ابن جبهان بها أكرم أهل الدول
فانظر إلي نظر ة تكشف عني غللي
صدق ظنوني كلها فيك وحقق أملي
إليك أشكو المطل من عبد العزيز بن علي
أريد ما صاحبه بخطه وقع لي
إذا اغتدا ممتثلا لأمرك الممتثل
فوص للكيال بي وصاة شهم بطل
كذا بخطه وينبغي أن يكون: فوص لي الكيال بي.
في هزه قرطاله والرد حتى يمتلي
القرطال: الكيل
وقل له أن الوفا في الكيل خير العمل
وسل جريا بعده يسمح لي بالجمل
فلم يزل محسناً وهكذا لم تزل
دعائي أن تبقى وأن تمنح طول الأجل.
الحسن بن أحمد أبو علي السامي:

شاعر أظن أنه من أهل حلب، أو من أهل معرة النعمان، سمع بحلب أبا الحسين أحمد بن علي بن أبي أسامة الحلبي في سنة ست وأربعمائة، وأبا الحسن محمد بن عبد الله بن سعد النحوي الحلبي بها أيضاً.
الحسن بن أحمد المهلبي العزيزي: رجل فاضل كان متصلاً بالعزيز الفاطمي، المستولي على مصر، ووضع له كتاب المسالك والممالك - العزيزي - وهو كتاب حسن في فنه، يوجد فيه مما لا يوجد في غيره من أخبار البلاد وفتوحها وخواصها، ذكر في كتابه هذا أنه دخل حلب، ولحق بقية من ولد صالح بن علي، يقال لهم بنو القلندر، وأنه شاهد لهم نعماً ضخمة ورأى لهم منازل في النهاية السرو.
قلت: وهؤلاء بنو القلندر كانت منازلهم بحلب بالقرب من باب قنسرين، والرحبة من مدينة حلب حرسها الله تعالى.
ذكر من اسم أبيه اسحق ممن اسمه الحسن الحسن بن إسحق بن إبراهيم بن زيد: أبو محمد المعدل، دخل الشام وسمع بمنبج أحمد بن يوسف بن إسحق المنبجي وببيت المقدس الفضل بن مهاجر، وروى عن محمد بن سعيد البرجمي، وعمر بن سهل، روى عنه أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني الحافظ.
أخبرنا يوسف بن خليل بن عبد الله إجازة قال: أخبرنا مسعود بن الجمال قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن إسحق بن إبراهيم بن زيد قال: حدثنا الفضل بن مهاجر، ببيت المقدس، قال: حدثنا مسعود بن محمد بن مسعود قال: حدثنا يزيد بن موهب قال: حدثنا أبو حازم الزاهد عن سفيان الثوري، عن إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " على كل مسلم في كل يوم صدقة " ، قلنا: ومن يطيق ذلك يا رسول الله؟ قال: " السلام على المسلم صدقة وعيادتك المريض صدقة، وصلاتك على الجنازة صدقة، وإماطتك الأذى على الطريق صدقة، وعونك الضعيف صدقة " .
وقال أبو نعيم الحسن بن إبراهيم بن زيد أبو محمد المعدل، توفي غرة ذي الحجة من سنة سبعين وثلاثمائة، حدث عن الشاميين والعراقيين، كثير الحديث صاحب أصول واتقان.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال: الحسن بن إسحق بن إبراهيم بن زيد، أبو محمد الأصبهاني، المعدل، رحال سمع الفضل بن المهاجر ببيت المقدس، ومحمد بن سعيد البرجمي بحمص، وعمر بن سهل، واجتاز بدمشق أو بساحلها، روى عنه أبو نعيم الأصبهاني.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
الحسن بن إسحق بن بلبل: أبو سعيد النيسابوري، ثم المعري قاضي معرة النعمان، أصله من نيسابور، وقدم معرة النعمان وتولى بها القضاء، وحدث بها.
سمع بحلب عبد الرحمن بن عبيد الله الأسدي، وبحماة أبا المغيث محمد بن عبد الله بن العباس البهراني، وبمصر أبا عبد الله محمد بن أحمد بن موسى السوانيطي، وأبا عبد الرحمن النسائي، وأبا جعفر الطحاوي، وأبا الحسن بسام ابن أحمد المعافري، وببيت المقدس أبا عبد الله محمد بن أيوب بن مشكان، وبدمشق أبا محمد عبد الرحمن بن اسحق بن إبراهيم بن إسماعيل الضامدي، وأبا بكر محمد بن خريم، وأبا الحسن محمد بن عون بن الحسن بن عون الوحيدي، وأبا عبد الله محمد بن شيبة بن الوليد، وبالكوفة أحمد بن علي الخلال، وبالري أبا جعفر أحمد ابن محمد بن سليمان القطان.
وحدث عنهم وعن أبي سليمان محمد بن يحيى بن المنذر، ويوسف بن يعقوب القاضي، وأبي الخير وقاد بن الحسين بن عقبة الكلابي الرقي، وأبي الحسين مسبح ابن حاتم وأبي ميسرة أحمد بن عبد الله بن ميسرة الحراني، وأبى محمد القاسم ابن عباد، وأبي بكر موسى بن إسحق ابن موسى الأنصاري القاضي، وأبي عبد الله محمد بن أيوب بن الضريس الرازي، وأبي عبد الله محمد بن زكريا الغلابي، والسري بن سهل ومطين.

روت عنه ابنته أم سلمة آمنة بنت الحسن، وأبو الحسن علي بن محمد بن الطيوري الحلبي، والقاضي أبو محمد عبد الله بن سليمان بن محمد المعري، والد أبي العلاء، وأبو الحسين علي بن المهذب بن محمد بن همام بن عامر التنوخي، وأبو الفتح محمد بن الحسن بن محمد بن روح، ومحمد بن عمر بن سماك بن حبيش، ومحمد بن مسعر بن محمد المعريون، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن حيان القطان الحافظ، وأبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن ذكوان البعلبكي، وله كتاب مصنف في الرد على الإمام الشافعي، وبيان ما خالف فيه القرآن، وكان يذهب إلى رأي الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه.
أخبرنا المؤيد بن محمد بن علي النيسابوري في كتابه إلي منها، قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة قال: حدثني أبو الفضل أحمد ابن علي بن عبد اللطيف المرعي - إملاء بحلب - قال: حدثنا الشيخ أبو العلاء أحمد ابن بلبل القاضي قالت: حدثني أبي أبو سعيد الحسن بن إسحق - بقراءته علي من لفظه - قال: حدثنا أبو عبد الله السوانيطي محمد بن أحمد بن موسى بمصر قال: حدثنا عبد الرحمن بن معاوية القرشي قال: حدثنا روح بن صلاح عن سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر عن ربعي بن خراش عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سيأتي عليكم زمان لا يكون فيه أعز من ثلاثة: أخ يستأنس به، أو سنة يعمل بها، أو درهم حلال " .
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي البيان محمد بن عبد الرزاق ابن أبي حصين التنوخي قال: حدثنا أبي أبو غانم عبد الرزاق بن عبد الله قال: حدثني أبي أبو حصين عبد الله بن المحسن بن عمرو التنوخي قال: حدثتني جدتي أم سلمة ابنة القاضي الحسن بن إسحق بن بلبل قالت: حدثني أبي الحسن فذكر الحديث بإسناده مثله.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عبد الله قال: أخبرنا جدي الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو طاهر الحسين بن محمد بن الحسين الأيلي، إمام جامع دمشق، قال: حدثنا القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد بن ذكوان البعلبكي قال: أخبرنا الحسن بن إسحق بن بلبل قال: حدثنا السري بن سهل قال: حدثنا عبد الله بن رشيد قال: حدثنا مجاعة بن الزبير، عن قتادة، عن أبي إسحق عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيرات، ومن أشفق من النار لها عن الشهوات، ومن ترقب الموت هانت عليه اللذات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات " .
أخبرنا أبو نصر بن الشيرازي - إذنا - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ قال: الحسن بن إسحق بن بلبل أبو سعيد المعري القاصي، سمع بدمشق: أبا بكر محمد بن خزيم، وأبا محمد عبد الرحمن بن اسحق ابن إبراهيم بن إسماعيل الضامدي، وأبا الحسن محمد بن عون بن الحسن الوحيدي وأبا عبد الله محمد بن شيبة بن الوليد وبغيرها أبا سليمان محمد بن يحيى ابن المنذر، ويوسف بن يعقوب القاضي، وأبا عبد الله محمد بن أيوب بن مشكان عقبة الكلابي الرقي، وأبا بكر موسى بن اسحق بن موسى الأنصاري القاضي، ومطيناً، وأبا ميسرة أحمد بن عبد الله بن ميسرة الحراني، وأبا الحسين مسبح بن حاتم العكلي، وأبا عبد الرحمن النسائي، وأبا محمد القاسم بن عباد، وأبا جعفر أحمد بن محمد بن سليمان القطان بالري، وأبا المغيث محمد بن عبد الله بن العباس البهراني بحماة، وأبا عبد الله محمد بن أحمد بن موسى بمصر.
روت عنه ابنته آمنة، وروى عنه أبو الفتح محمد بن الحسن بن محمد بن روح المعري، وأبو الحسين علي بن المهذب بن محمد بن همام بن عامر التنوخي، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن حيان القطان الحافظ، ومحمد بن عمر بن سماك ابن حبيش المعري وأبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي، وهو أكبر منه، وأبو محمد عبد الله بن سليمان بن محمد المعري.
وقال الحافظ: كان ابن بلبل حيا سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة.

سير إلى بعض الشراف الهاشميين بحلب تاريخاً جمعه أبو غالب همام بن الفضل بن المهذب المعري، مما وجده بخط جد أبيه أبي الحسين علي بن المهذب، وأخذه عن أبي العلاء سليمان وغيره من أهل بلده قال: وفيها - يعني - سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة توفي القاضي أبو سعيد الحسن بن إسحق بن بلبل النيسابوري، بمعرة النعام، وبقي قاضيها أربعين سنة، يعزل ويعود، وبها دفن.
الحسن بن إسحق الإنطاكي: وقيل فيه الحسين بن إسحق، حدث عن الوليد بن مسلم، روى عنه الفضل ابن محمد الأنطاكي الأحدب.
الحسن بن أسد: أبو نصر الفارقي، الأمير، شاعر مجيد، بليغ من أهل ميافارقين، وكان قد رأس بها وتأمر على جماعة من سوقتها فراسله ناصر الدولة بن مروان فملكه إياها فاستوزره، فلما قدمها السلطان تتش إليها سلمها أهلها إليه، فهرب من ميافارقين ووصل إلى حلب، ثم عاد منها إلى حران فقتل لما وقع منه.
وهو شاعر مجيد فصيح حسن الشعر فاضل أديب، عارف بالعربية، حكى عن الوزير أبي القاسم بن المغرب. روى عنه أبو المعالي الفضل بن سهل الأسفرائيني الحلبي المعروف بالأثير وأبو منصور أحمد بن محمد بن طاهر بن نباته، وأبو الحسن علي بن السند الشروطي الفارقيان، وعثمان بن عيسى البلطي النحوي.
قرأ بخط الحسن بن جعفر بن المتوكل على الله، وأخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير - إجازة عنه - قال: حدثني الفضل بن سهل الأسفرائيني الحلبي - يعني - المعروف بالأثير، قال: اجتمعت بابن أسد بحلب، فقال لي مر بي الوزير المغربي، فوقف علي، وقال: نحن بالأشواق إلى لقائك لما ينتهي إلينا من تلقائك، فلو زرتنا لأنسنا بك، فقلت له: قد كففت ذيل مطامعي ببيت قلته، فقال: وما هو؟ فأنشدته:
إذا شئت أن تحيا عزيزا ... فلا تكن على حالة إلا رضيت بدونها
قال: فصفق المغربي وقال: أيها الشيخ هذا بيت تبر لا بيت شعر.
قلت: ووجدت هذا البيت في بعض الكتب منسوباً إلى شاعر قديم.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين - بالقاهرة - عن الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني قال: أنشدني أبو منصور أحمد بن محمد بن طاهر بن نباتة - أحد الخطباء بميافارقين - قال: أنشدنا أبو نصر الحسن بن أسد النحوي الفارقي لنفسه:
أيا ليلة زار فيها الحبيب أعيدي ... لنا منه وصلاً وعودي
فإني شهدتك مستمتعاً به ... بين رنة ناي وعود
وطيب حديث كزهر الرياض ... تضوع ما بين مسك وعود
سقتك الرواعد من ليلة ... بها إخضر يابس عيشي وعودي
فلما نقضت أمرضتني ... فزوري مريضك يوما وعودي
أخبرنا يوسف بن أبي الثناء الصوفي قال: أخبرنا أحمد بن أبي أحمد الإمام - أذنا - قال: أنشدني أبو الحسن علي بن السند الفارقي الشروطي بميافارقين قال: أنشدنا أبو نصر الحسن بن أسد الفارقي النحوي لنفسه:
يا منم هواه بقلبي مقداره ما يحد
طرفي حنا ففؤادي لأي شيء يحد
أخبرنا أبو محمد بعد الرحمن بن عمر بن شحاته الحراني بها قال: قرأت بخط الشيخ حماد الحراني قال أنشدني الحافظ أبو الخطاب عمر بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن معمر العليمي الدمشقي، ح.
وأنبأنا أبو المعالي عبد الرحمن بن علي بن عثمان المخزومي عن أبي الخطاب العليمي قال: أنشدنا أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد الخوارزمي بدمشق للحسن ابن أسد الفارقي:
لو أن قلبك لما قيل قد بانوا ... يوم النوى صخرة صماء صوان
لعليل صبرك مغلوباً ونم بما ... أخفيته مدمع للسر صوان
زجرت أشياء في أشياء تشبهها ... إذ بينهن رضاعات وألبان
فقال لي الطلح يوم طالح ونوى ... وحقق البين عندي ما وأى البان
واستحلبت حلب جفني فانحلبا ... وبشرتني بحر القتل حران
فالجفن من حلب ما انفك من حلب ... والقلب بعدك من حران حران

قال: وذكر لي رحمه الله أن ابن أسد عبر من ميافارقين طالباً حلب، ثم عاد منها، فلما وصل إلى حران أخذه المتولي بها يومئذ بحران فصلبه لما بلغه عنه من أشياء نقمها عليه، وكان يقول: عجبنا منه كيف جرى على لسانه في شعره مثل ما جرى له.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أبي الحجاج المقدسي - إجازة - قال: أخبرنا عماد الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني في خريدة القصر قال: الحسن بن أسد حسن القول أسده فارس النظم أشده، ذو اللفظ البليغ والمعنى البديع، والخاطر السريع، والكلام الصنيع، فلفظه عقد، ومعناه ليس بمعقد، وجوهر صنعته في سلك الفضل غير مبدد، فلله در ذا الصانع ذي الدر الناصع الذي تنصع جلود الحساد منه في المناصع، اليوم عدو ابن أسد ساء نبأ، ودعم ويلا، وحسوده جر من الخجل ذيلا، وفر من الوجل ليلا، حيث أحييت ذكره بإطرائي غياه، وكدر ماؤه الصافي في منبع الفضل فأجريناه، وفي معين عين هذا الكتاب أنبعناه، وفي سوق الكساد ما بعناه، أقدم أهل العصر زماناً، وأقومهم بهذا الشعر صنعة وبياناً، كان في زمان نظام الملك وملكشاه، وشمله منهما الجاه بعد أن قبض عليه وأسيء إليه، فإنه كان متولياً على آمد وأعمالها مستبعداً باستيفاء أموالها فخلصة الكامل الطبيب. وقضى أربه ذلك الأريب فنشرع في الأشعار بأشعاره، ونشرح فيها بعض شعاره ولا ندع هذا الهم لا مهملا ولا مملا ونملي من فوائده ما يملأ الملأ مفصلاً، أودع فص الفصاحة خاتم كلمه، ونشر في معالم علمه خافق عمله، وشت عبارته بالطيب وشي العبير، ووشت في الحسن وشي التعبير، ورعت كلأ كلامه الأفهام، وهامت في استحسانه الأوهام، وكان ينظم الشعر طبعاً ويتكلف الصنعة فيه ويلتزم مالاً يلزم في رويه وقوافيه وكانت له نفس كل نفس يكرمها معتد، ونفس طويل في النظم ممتد سائر شعره شائع ذكره، يقع في منظومه التجنيس الواقع الرائق الرائع، وكان من فحول الشعراء في زمانه ومن المغبرين في وجوه أقرانه.
قرأت في تاريخ ميافارقين تأليف أحمد يوسف بن علي الأزرق قال: لما مات السلطان ملكشاه وولى بركيارق السلطنة بعد موت أبيه وصل موت ملكشاه إلى ميافارقين، فاختبط الناس واختلفوا ثم وقع اتفاقهم أن نفذوا إلى السلطان بركياق يستدعونه، وكتبوا إليه يقولون: إن هذه بلاد أبيك وما نريد غيركم فتصل لتأخذها، أو تسير نائباً عنك، فطال الأمر ووعدهم بالحضور، واشتغل بتلك البلاد، وأجمع رأيهم على أن قدموا أب سالم يحيى بن الحسن بن المحور على أن يحفظ البلد للسلطان، وسلموا إليه مفاتيح ميافارقين وأجلسوه، فلما تعذر وصول السلطان اختلف الناس وماجوا فقال قوم: نستدعي ناصر الدولة بن مروان، وكان عند موت السلطان في أعمال بغداد فصعد إلى الجزيرة وملكها، فعزم بعض الناس على استدعاته وكره بعضهم دولة بني مروان لما رأوه من عدل السلطان، وسار بعضهم إلى السلطان تاج الدولة تتش إلى نصيبين يستدعونه وقالوا: قد حفظنا البلد لكم وأنت أخو السلطان وكان ابن أسد يف المدينة، رأس الجهال والسوقة والرعام يدور في المدينة ويحفظ السور، فانقذ ناصر الدولة إلى ابن أسد ووعده الجميل، وطيب قلبه، فأجابه إلى ما أراد فاستدعاه واتفقت ميافارقين خالية من الكبار وأهل البلد والمقدمين لتوجههم إلى تتش، فوصلها ابن مروان في أول سنة ست وثمانين وأربعمائة وسلمها إليه ابن أسد، ودخل ناصر الدولة، وملكها واستوزر ابن أسد، ولقب محي الدولة، ثم سار تتش إلى ميافارقين، فراسلهم وخوفهم، فحين رآه الناس صاحوا بأسرهم، وسلم البلد، إليه ودخله من يومه في شهر ربيع الأول سنة ست وثمانين وأربعمائة، واستقر السلطان بميافارقين، وسار عنها إلى حران يجمع العساكر ليمضي إلى بركيارق يصافه، وكان ابن أسد لما ملك السلطان انهزم واختفى ببعض البلاد ثم قصد السلطان وامتدحه بقصيدة يقول فيها بيتاً عجيباً:
استحلبت حلب جفني فانهملت ... وبشرتني بحر الشوق حران
ويقال إنه قال: بحر القتل حران، فكان فألاً عليه، فلما لقي السلطان وامتدحه وأعجب الناس بشعره، قال بعض الناس: يا مولانا أتعرف هذا؟ فقال: من هو؟ قال: هو الذي نفذ أحضر ابن مروان إلى ميافارقين وسلمها إليه قبل وصولك، وغلب على رأي أهل ميافارقين، فأمر بضرب عنقه فقتل بحران سنة سبع وثمانين وأربعمائة.

ذكر من اسم أبيه إسماعيل ممن اسمه الحسن حسن بن إسماعيل بن الحسن بن كاسيبويه: أبو علي، وقيل علي بن محمد، أبو الحسن الملقب بالقاضي المؤتمن الكاتب المصري، كان من كتاب الدولة الفاطمية، فلما تولى الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب استكتب القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني واستقل القاضي المؤتمن بكتابة العاضد إلى أن عزل العاضد وخطب لبني العباس، ثم أن الملك الناصر أضافه إلى ابنه الملك الظهر، واستكتبه له، وسيره معه إلى حلب مدبراً لأمره، وكاتباً، فخدمه بحلب، وصار له عنده وجاهة زائدة، وحرمة وافرة، وملكه قرية من قرى حلب تعرف بالفهيدية من النهريات القبلية، وكان له نثر جيد ونظم حسن، وقعت له على كتاب وضعه في الجواري نحافية وضع الثعالبي أبي منصور في كتاب الغلمان، ذكر فيه مائة جارية، وأورد فيه شيئاً من شعره، ووجدته مترجماً بتأليف: حسن بن إسماعيل بن الحسن بن كاسيبويه، والصحيح أن اسمه علي بن محمد، وسنذكره في باب من اسمه علي إن شاء الله تعالى.
قرأت في كتاب الجواري لحسن بن إسماعيل بن كاسيبويه ما أورده من شعره في جارية تتلو القرآن:
وجارية مثل الهلال بها أنسي ... وتربو على البدر المنير مع الشمس
إذا تلت القرآن أحسب أنني ... أرى الحور تشدوني به في ذرى الشمس
مكرمة أمسي وأصبح حبها ... بقلبي فيومي في هواها كما أمسي
وهان لها قتلي كأن لم تكن تلت ... كما النص أن النفس تقتل بالنفس
ومما أورد في هذا الكتاب من شعره في جارية تروي حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
روت الحديث عن النبي ... ظريفة في القلب تأوي
وأتت بما عند الرجال ... من المحاسن والمساوي
أخبار تلدغنا بما تحوي ... وليس لهن حاوي
في تارة بالقول تجرحنا ... وفي الأخرى تداوي
يا ليتها في الوصل والهجران ... أنفسنا تساوي
اجتمعت بالقاهرة برجل اسمه علي، ذكر لي أنه ولد القاضي المؤتمن، فذكر لي أن أباه المؤتمن مات بدمشق في مستهل شهر رمضان من سنة ثمان وثمانين وخمسمائة قال لي شيخنا أبو اليمن الكندي: مات القاضي المؤتمن في داري هذه، وهي بالقرب من جيرون في زقاق العجم.
الحسن بن إسماعيل: المجالدي المصيصي حدث......
روى عنه أبو عثمان سعيد بن عبد العزيز الحلبي الزاهد، وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، وقال: مصيصي ثقة.
الحسن بن الأشعث بن محمد بن علي: أبو علي المنبجي الشافعي، من أهل منبج، حدث بها عن صالح بن الأصبغ أبي الفضل المنبجي، وأبي عمرو عثمان بن عبد الله بن إبراهيم الطرسوسي القاضي، وأبي علي الحسن عبد الله بن سعيد الحمصي، وأبي إسحق إبراهيم بن إسحق، وأبي عبد الله الحسين بن عبد الوهاب.
روى عنه أبو القاسم علي بن محمد بن أبي العلاء، وأبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، وأبو علي الحسن بن علي بن الحسين بن أبي شيبة المنبجي وأبو الفتح عبد الجبار بن عبد الله بن إبراهيم الإردستاني، وعبد الرحمن بن محمد ابن محمد بن أحمد بن سعيد البخاري، وأبو معشر الطبري المقرئ، وأبو سعد إسماعيل بن علي الرازي السمان.
أخبرنا القاضي أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن صصرى الدمشقي بها، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بنابي العلاء المصيصي قال: قرأ على أبي عيل الحسن بن الأشعث بن محمد بن علي المنبجي - بها في مسجده يوم النصف من ربيع الأول سنة سبع عشرة وأربعمائة - قلت له: أخبركم أبو علي الحسن بن عبد الله بن سعيد الكندي الحمصي ببعلبك في مسجد الجامع، يوم الجمعة - قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن عبد العزيز بن مروان الحلبي قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو خالد الأحمر عن عوف الأعرابي عن زراره بن أوفى عن عبد الله بن سلام قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فانجفل الناس إليه، وكنت فيمن انجفل إليه، فلما رأيت وجهه عرفت أنه ليس بوجه كذاب فأول ما سمعته يقول: يا أيها الناس أفشوا السلام، وصلوا الأرحام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام.

أخبرنا أبو نصر بن هبة الله بن محمد القاضي - أذنا - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: الحسن بن أشعث بن محمد بن علي، أبو علي المنبجي، سمع ببعلبك أبا علي الحسن بن عبد الله بن سعيد البعلبكي الحمصي، وأبا الفضل صالح بن الأصبغ المنبجي وأبا إسحق إبراهيم بن إسحق، وأبا عبد الله الحسين بن عبد الوهاب.
روى عنه أبو القاسم بن أبي العلاء، وسمع منه بمنبج سنة سبع عشرة وأربعمائة، وأبو علي الحسن بن علي بن الحسين بن أبي شيبة المنبجي، وعبد الرحمن ابن محمد بن محمد بن أحمد بن سعيد البخاري، وأبو الفتح عبد الجبار بن عبد الله بن إبراهيم الأردستاني.
أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال: أخبرنا علي بن أبي محمد بن أبي الحسين قال: حدثني أبو بكر يحيى بن إبراهيم بن أحمد السلماسي عن أبيه أبي طاهر قال: سمعت أبا الحسن علي بن أحمد الشهرزوري. قال يحيى: وأجازنيه أبو الحسن الشهرزوري قال: كان بمنبج شيخ يقال له أبو علي بن الأشعث، كان مؤاخياً للشريف الحراني، يعني أبا القاسم الزيدي، وكان الشريف إذا قصد منبج مستميحاً، ونزل عليه فأكرمه وأصلح أحواله، قال: ثم إن هذا الشيخ نعي إليه أخ من إخوانه فقال: هاه، ومات.
قلت: حدث الحسين بن الأشعث يوم النصف من شهر ربيع الأول سنة سبع عشرة وأربعمائة، كما رويناه في الحديث المتقدم، فقد توفي بعد ذلك.
الحسن بن إلياس: أبو علي سمع أبا أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي بها، روى عنه أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج بن البرامي.
أنبأنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج قال: حدثنا أبو علي الحسن بن إلياس قال: حدثنا أبو أمية، قال: حدثنا أحمد ابن أبي الحواري قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن ابن ثوبان قال: ما ينبغي أن يكون أحد أشد شوقاً إلى الجنة من أهل دمشق لما يرون من حسن مسجدهم.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: الحسن بن إلياس أبو علي حدث عن أبي أمية محمد بن إبراهيم، روى عنه أبو بكر بن البرامي.
الحسن بن أيوب الهاشمي: سمع بحلب يحيى بن محمد بن علي بن هاشم الخفاف الحبي، روى عنه أبو الحسن محمد بن أحمد.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: قرأت بخط هبة الله بن عبد الرزاق الحافظ الشيرازي في معجم شيوخه: أخبرنا أبو غالب المقرئ بواسط قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد قال: حدثنا الحسن بن أيوب الهاشمي قال: حدثنا يحيى ابن محمد بن علي بن هاشم الخفاف قال: حدثنا الضحاك بن حجرة المنبجي قال: حدثنا محمد بن يوسف الفريابي قال: حدثنا الثوري عن علقمة بن مزيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يؤتى بالعابد يوم القيامة، فيقال له أدخل الجنة بعبادتك، ويقال للعالم قف قليلاً فلا يشفع في شيء إلا شفع فيه.
حرف الباء في آباء من اسمه الحسن
الحسن بن بشر الطرسوسي: حدث عن محمد بن حمير. روى عنه محمد بن الحسن بن كيسان المصيصي أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليلي بن عبد الله قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد الكراني قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن بن فاذ شاه قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا محمد بن الحسن بن كيسان المصيصي قال: حدثنا الحسن بن بشر الطرسوسي، ح.
قال الطبراني:: وحدثنا عمر بن إسحق بن إبراهيم بن المعلي بن زريق الحمصي قال: حدثنا عمي محمد بن إبراهيم، ح.
قال: وحدثنا موسى بن هرون قال: حدثنا هرون بن داوود النجار الطرسوسي قالوا: حدثنا محمد بن حمير قال: حدثني محمد بن زياد الألهاني قال: سمعت أبا أمامة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قرآ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت " ، زاد محمد بن إبراهيم في حديثه: وقل هو الله أحد.
حرف التاء
فارغ:
حرف الثاء في آباء من اسمه الحسن
الحسن بن ثواب: حدث.... روى عنه......

كتبه لي أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله، في تذكرة ذكر فيها من دخل حلب من المحدثين، ولم يتيسر لي شيئاً من حديثه.
حرف الجيم في آباء من اسمه الحسن
الحسن بن جعفر الأنطاكي: أبو علي، حدث بحلب عن أبي طاهر الحسن بن أحمد بن فيل البالسي الأنطاكي روى عنه القاضي أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن سلمة الربعي: قرأت بخط نصر بن محمد بن أحمد بن صفوان القطان الموصلي: أخبرنا الشيخ أبو الفتح المفضل بن الحسين بن علي الطيان قال: حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن سلمة بن عبد الله المالكي الربعي قال: حدثنا أبو علي الحسن ابن جعفر الأنطاكي بحلب قال: حدثنا أبو طاهر الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل البالسي قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا طلق بن غنام عن شريك، وقيس بن الربيع، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أدي الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك " .
حرف الحاء في آباء من اسمه الحسن
الحسن بن حبيب بن عبد الملك بن حبيب: أبو علي الحضائري، الفقيه الشافعي.
سمع بطرسوس أبا أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم الطرسوسي، وبإنطاكية العباس بن السندي الأنطاكي، وبمكة أبا جعفر محمد بن إسماعيل الصائغ، وأبا يحيى عبد الله بن أحمد بن أبي مسرة، وأبا عبد الله أحمد بن داود، وببيروت العباس ابن الوليد البيروتي، وبدمشق أبا زرعة الدمشقي، وبدر بن الهيثم، وأبا بكر أحمد ابن علي بن يوسف الخزاز، ويزيد بن محمد بن عبد الصمد الدمشقيين، وبحمص أبا العطاف طارق بن مطرف الطائي الحمصي، وبمصر بكار بن قتيبة، والربيع بن سليمان المرادي، وأبا الحسن حبشي بن الربيع بن طارق، وأبا عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وإبراهيم بن مرزوق، وأبا محمد أزهر بن زفر الوراق، وعبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، وفهد بن سليمان وأبا زكريا يحيى بن أيوب العلاف، وأبا غسان مالك بن يحيى، وعلي بن عبد الرحمن بن الغيرة، وبكر ابن سهل، وجعفر بن محمد بن عبيد الله الطائفي، وأبا يعقوب إسحق بن الحسن الطحان، وجماعة غيرهم.
روى عنه أبا بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ، ومحمد بن أحمد بن عمران المطرز وأحمد بن محمد بن إسحق السني، وابن أبي الحديد، وابن أبي دجانة، وأبو القاسم عبيد الله بن علي بن عبيد الله الدوادي، وعلي بن الحسن بن طغان وأبو علي الحسن بن علي الصقلي النحوي، وابن مهنا، وأبو الحسن علي بن محمد بن شيبان، وابن داود الداراني المقرئ، وآباء الحسين: محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي، ومحمد بن عبد الله الرازي، ومحمد بن محمد بن يعقوب الحجاجي الحافظ النيسابوري، وأبو مسلم البغدادي الكاتب، وأبو الفتح المظفر بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن برهان المقرئ، وأبو حفص عمر بن شاهين الحافظ، وأبو سيلمان بن زبر، وأبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر، وأبو القاسم تمام بن محمد الرازي، ومحمد بن سليمان بن يوسف الربعي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وعثمان بن عمران بن الحارث المقدسي، وصدقة بن محمد بن أحمد بن مروان القرشي، وحميد بن الحسن الوراق، وعبد الوهاب بن الحسين الكلابي، وحديد بن جعفر وغيرهم.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري - قراءة عليه في مقصورة الخضر بجامع دمشق - قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن جميع أخبرنا أبو الفضل مكرم بن محمد قال: أخبرنا أبو محمد الداراني قال: أخبرنا أبو الفضل بن الفرات قال: أخبرنا أبو محمد بن معروف قال: أخبرنا أبو علي الحسن ابن حبيب قال حدثنا أبو أمية قال: حدثنا موسى بن داود عن شريك، عن محمد بن زيد، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النساء والولدان يوم فتح مكة.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن الأخوة، وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد قالا: أخبرنا أبو الفجر سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي - قالت إجازة - قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي، وأبو الفتح منصور بن الحسين قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن عاصم بن زاذان المقرئ قال: حدثنا حسن بن حبيب بن عبد الملك، إمام مسجد باب الجابية بدمشق، قال: حدثنا علان بن المغيرة قال: حدثنا نعيم بن حماد قال: سمعت أبا بكر بن عياش يقول: سخاء الحديث كسخاء المال.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: الحسن بن حبيب بن عبد الملك بن حبيب، أبو علي الفقيه الشافعي المعروف بالحضائري، أمام مسجد باب الجابية، أحد الثقات الأثبات.
سمع بمصر: أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وأبا محمد الربيع ابن سيلمان المرادي المؤذن، وإبراهيم بن مرزوق البصري، وبكار بن قتيبة، وأبا محمد أزهر بن زفر الوراق، وأبا غسان مالك بن يحيى، وعبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم وعلان علي بن عبد الرحمن بن المغيرة، وفهد بن سيلمان، وبكر بن سهل، وأبا يعقوب إسحق بن الحسن الطحان، وجعفر بن محمد ابن عبيد الله الطائفي، وأبا زكريا يحيى بن أيوب العلاف، وأبا الحسن حبشي بن الربيع بن طارق.
وسمع بالشام: العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي، وأبا أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم الطرسوسي، وأبا جعفر محمد بن هشام بن ملاس، وأبا علي أحمد بن محمد بن أبي الخناجر، واحمد بن كعب بن مريم المزي، وأبا العطاف طارق ابن مطرف الطائي الحمصي، وبدر بن الهيثم الدمشقي، وأبا بكر أحمد نب علي بن يوسف الخزاز الدمشقي، وأبا عمران موسى بن الحسن السقلي، وإبراهيم بن أبي سفيان القيسراني، وصالح بن أحمد بن حنبل، وأبا هبيرة محمد بن الوليد، وهرون ابن موسى الأخفش، وأبا الجهم عمرو بن حازم القرشي، وحجاج بن الريان، وعمر ابن مضر العبسي، ويزيد بن محمد بن عبد الصمد، وزكريا بن يحيى السجزي، ومنصور بن عبد الله الوراق، وأحمد بن علي المروزي القاضي، وأبا جعفر أحمد ابن عمرو الفارسي، وأبا عبد الملك البسري، وحميد بن هشام الداراني، وأبا زرعة الدمشقي، وجعفر القلانسي، والعباس بن السندي، وأبا عبد الله بن أبي الزبر الصوري، وأبا العباس عبد الله بن عبيد بن يحيى بن حرب.
وبمكة: أبا جعفر محمد بن إسماعيل الصائغ، وأبا يحيى عبد الله بن أحمد ابن أبي مسرة، وأبا عبد الله أحمد بن داود المكيين.
روى عنه تمام بن محمد وأبو علي الحسن بن علي الصقلي النحوي، وأبو علي بن مهنا، وأبو الحسن بن داود الداراني المقرئ وأبو محمد بن أبي نصر، ومحمد بن سليمان بن يوسف الربعي، وأبو بكر بن أبي دجانة، وأبو القاسم علي بن الحسن بن طغان، وأبو بكر بن أبي دجانة، وأبو القاسم علي بن الحسن بن طغان، وأبو بكر بن المقرئ وأبو مسلم البغدادي الكاتب، وأبو سليمان بن زبر وأبو الحسين الرازي، وأبو الحسين بن جميع، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وأبو بكر محمد بن أحمد بن عمران الجشمي المطرز، وحديد بن جعفر، وأبو بكر أحمد بن محمد بن إسحق السني، وأبو القاسم عبيد الله بن علي ابن عبيد الله الداوودي المصري، وعثمان بن عمران بن الحارث المقدسي، وحميد ابن الحسن الوراق، وأبو حفص بن شاهين وأبو الحسين محمد بن محمد بن يعقوب الحجاجي النيسابوري الحافظ، وأبو بكر بن أبي الحديد، وأبو الفتح المظفر بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن برهان المقرئ، وصدقة بن محمد بن أحمد بن مروان القرشي، وعبد الوهاب الكلابي وأبو الحسن علي بن محمد بن شيبان.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي: أبو علي الحسن بن حبيب بن عبد الملك الحضائري. روى عن زكرياء بن يحيى السجزي، والعباس البيروتي وأبي أمية الطرسوسي، والربيع بن سليمان وابن عبد الحكم، وأبي زرعة النصري، وابن أبي مسرة المكي، والأخفش المقرئ، ذو رحلة، روى عنه أبو محمد عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي، وأخرون من الدمشقيين، وقد روى عنه أبو بكر بن المقرئ الحافظ بأصبهان.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا مكي بن محمد ابن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، فيها: توفي أبو علي الحسن بن حبيب. قال ابن زبر: وقال لي الحسن بن حبيب، أبو علي: ولدت في سنة اثنتين وأربعين ومائتين.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال: أخبرنا أبو محمد الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر قال: توفي أبو علي الحسن بن حبيب بن عبد الملك الفقيه الحضائري بدمشق في سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، قال عبد العزيز: يروى عن الربيع بن سليمان المرادي، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وإبراهيم بن منقذ، والعباس بن الوليد بن مزيد، وغيرهم من المصريين والشاميين، ثقة نبيل، حافظ لمذهب الشافعي رحمه الله حدث بكتاب الأم كله.
وكان مولده سنة اثنتين وأربعين ومائتين، فيما أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر، قال عبد العزيز: يروى عن الربيع بن سليمان المرادي، ومحمد بن عبد الله ابن زبر الربعي الحافظ قال: كان مولد الحسن بن حبيب في سنة اثنتين وأربعين ومائتين، قال عبد العزيز: حدثنا عنه أبو القاسم تمام بن محمد بن عبد الله الرازي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وعبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر وغيرهم.
قال الحافظ أبو القاسم: قرأت بخط أبي الحسن نجا بن أحمد، وذكر أنه نقله من خط أبي الحسين الرازي، في تسمية من كتب عنه بدمشق: أبو علي الحسن ابن حبيب بن عبد الملك بن حبيب، مات في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة.
ذكر من اسم أبيه الحجاج ممن اسمه الحسن الحسن بن حجاج بن غالب بن عيسى بن جرير بن حيدرة الطبراني: أبو علي الزيات، نزيل إنطاكية.
سمع بها أبا طاهر الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل، وابنه أبا بكر محمد ابن الحسن بن أحمد، وأبا العباس الفضل بن محمد بن عبد الله الأحدب الأنطاكيين ومحمد بن عمران بن سعيد الأشقاثي، وموسى بن محمد بن هاشم الديلمي.
وروى عنه وعن أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، ومحمد بن عبد الله بن إبراهيم، وأبي القاسم الحسين بن محمد بن داوود مأمون المصر، وأحمد بن محمد بن هارون بن أبي الدلهاث، وأبي الدنيا الأشج صاحب علي بن أبي طالب.
روى عنه أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم وأبو العباس محمد بن موسى بن السمسار وأبو القاسم تمام بن محمد الرازي، وأبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن أحمد بن عبدان، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر.
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن قال أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو الحسن بن السمسار قال: أخبرني أخي أبو العباس محمد بن موسى بن السمسار قال: حدثني أبو علي الحسن بن حجاج بن غالب ابن عيسى بن جرير بن حيدرة الطبراني الزيات، ح.
قال الحافظ أبو القاسم: وأنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أحمد بن صصرى - بقراءتي عليه - قال: أخبرنا تمام ابن محمد قال: أخبرني أبو علي الحسن بن حجاج بن غالب بن عيسى بن جرير ابن حيدرة الطبراني، ومسكنه إنطاكية، قدم دمشق، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم قال: حدثنا أحمد بن شبويه قال: حدثنا محمد بن مسلمة - وقال ابن السمسار: ابن سلمة - قال: حدثنا يزيد بن هرون عن حماد بن سلمة عن أيوب عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حب علي يأكل الذنوب كما تأكل النار الحطب.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرنا الحسن بن حجاج بن غالب قال: حدثنا محمد بن عمران بن سعيد الأشقاثي بأنطاكية قال: حدثني عبد الله بن محمد ب عمر الطرسوسي قال: حدثني الحسين بن هرون قال: حدثني أحمد بن عبد الله العامري قال: سالت راهباً على عمود فقلت له: يا راهب ما أقعدك على هذا العمود، في فقر على عمود صخر لا أنيس لك؟ قال: فقال لي: يا عرب، بل الله ساكن السماء هو يعلم موضع المذنبين من خلقه، أوليس هو صاحب يوسف في قعر الجب، وصاحب إبراهيم في النار، ينظر إليها الجهال ناراً تأجج، وأهل السماء ينظرون لهيا روضة خضراء؟ ثم سكت! أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: الحسن بن حجاج بن غالب بن عيسى بن جرير بن حيدرة، أبو علي الطبراني الزيات، سكن إنطاكية، وحدث بدمشق ومصر عن محمد بن عبد الله بن إبراهيم ومحمد بن عمران بن سعيد الأشقاثي، وأحمد بن محمد بن هرون بن أبي الدلهاث، ومحمد بن أبي طاهر أبي بكر، وأبي طاهر الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل، وأبى العباس الفضل بن محمد بن عبد الله الأنطاكي الأحدب وأبي القاسم الحسين ابن محمد بن داوود مأمون المصري، وأبى الدنيا الأشج صاحب علي بن أبي طالب وأبي عبد الرحمن النسائي صاحب السنن.
روى عنه أبو العباس بن السمسار، وتمام بن محمد، وعبد الرحمن ابن عمر بن نصر، وأبو عبد الله بن أحمد بن عبدان، وأبو الحسن علي بن عبد الله ابن الحسن بن جهضم.
وقال الحافظ: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكناني قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: حدثنا أبو علي الحسن بن حجاج بن غالب الطبراني الزيات، قدم علينا دمشق من إنطاكية سنة سبع وأربعين وثلاثمائة بحديث ذكره.
الحسن بن الحجاج: أبو محمد البغدادي، حدث بحلب عن أبي موسى محمد بن المثنى، روى عنه أبو بكر محمد بن الحسين السبيعي الحبي الحافظ.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة، وأبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان، وابنه القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الطرسوسي، قالوا: أخبرنا أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة قال: حدثني أبو الفتح عبد الله بن إسماعيل بن الجلي الحلبي قال: أخبرنا أبو عبيد الله عبد الرزاق بن أبي نمير الأسدي القطبي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين السبيعي قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن الحجاج البغدادي بحلب قال: حدثنا أبو موسى الزمن، محمد بن المثنى، قال: حدثنا أبو داوود الطيالسي قال: حدثنا شبعة عن زياد بن كثير العدوي قال: خرج عبد الله بن عامر في ويوم جمعة، وهو أمير البصرة فصعد المنبر ليخطب، ولعيه ثياب رقاق، قال: فقام رجل من بين يدي المنبر فقال: أنظروا إلى أميركم هذا، يلبس ثياب الفستاق. وقال أبو بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: سمعت رسول الله يقول: من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله.
ذكر من اسم أبيه الحسن ممن اسمه الحسن الحسن بن الحسن بن رجاء بن أبي الضحاك: الحضاري الكاتب وأصلهم من جرجرايا، و قيل فيه الحسن بن الحسين، والصحيح الحسن.
ولي حلب وتوفي بها في جمادى الأولى من سنة إحدى وثلاثمائة، وسنذكره فيمن اسم أبيه الحسين إن شاء الله تعالى.
قرأت بخط محمد بن علي العظيمي، وأنبأنا به عنه المؤيد بن محمد الطوسي وغيره قال: وفي سنة إحدى وثلاثمائة في جمادى مات بحلب، واليها الحسن بن الحسن بن رجاء بن أبي الضحاك، ودفن بها وكان والياً من قبل المكتفي بن المعتضد.
الحسن بن الحسن بن علي بن عبد مناف أبي طالب: ابن عبد المطلب بن هاشم، أبو محمد الهاشمي المدني، وأمه بنت أبي مسعود الأنصاري، وقيل خولة بنت منظور، وهو الصحيح.
قدم الرصافة على هشام بن عبد الملك بن مروان يخاصم زيد بن علي، ومحمد ابن عمر بن علي في صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة إبراهيم بن سعد الزهري، فيما تقدم من كتابنا هذا.

حدث عن أبيه الحسن بن عيل، وفاطمة بنت الحسين بن علي، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
روى عنه ابنه عبد الله بن الحسن بن الحسن، وابن عمه الحسن بن محمد بن الحنفية، وإبراهيم بن الحسن، والوليد بن كثير، واسحق بن يسار، وسهيل بن أبي صالح، وسعيد بن أبي سعيد، وأبو بكر بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص، وحمد بن أبي زينب، والفضيل بن مرزوق.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد النباء البغدادي قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن نصر بن علي بن يونس العكبري، وأبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن الزاغوني قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد البسري قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا محمد بن هارون قال: حدثنا محمد بن صالح بن النطاح قال: حدثنا المنذر بن زياد قال حدثنا عبد الله بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أجرى لله على يديه فرجاً لمسلم فرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة " .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال أخبرنا أبو البكرات الأنماطي - إجازة إن لم يكن يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن أحمد قال: أخبرنا عمر نب أحمد بن إسحاق قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، أمه خولة بنت منظور بن زبان بن سيار من بني فزارة.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو غالب بن البناء - إذناً إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكتار قال: فولد الحسن بن علي بن أبي طالب: الحسن بن الحسن، وأمه خولة بنت منظور بن زبان ابن سيار بن عمرو بن عقيل بن هلال بن سمي بن مازن بن فزارة بن ذبيان بن بغيض ابن ريث بن غطفان، وأمها مليكة بنت خارجة بن سنان بن أبي حارثة بن نشبة بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان، وأمها تماضر بنت قيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة بن ربيعة بن مازن بن الحراث بن قطيعة بن عبس بن بغيض.
وأخوته لأمه: إبراهيم، وداود، وأم القاسم بنو محمد بن طلحة بن عبيد الله، وكان الحسن بن علي خلف على خولة بنت منظور حين قتل محمد ابن طلحة.
قال: وحدثنا الزبير قال: حدثني محمد بن الضحاك بن عثمان الحرامي عن أبيه قال: زوجه إياها عبد الله بن الزبير، وكانت عنده أختها لأمها وأبيها تماضر بنت منظور بن زبان، وهي أم بنيه: خبيب، وحمزة وعباد، وثابت، بني عبد الله بن الزبير، فبلغ ذلك منظور بن زبان فقال مثلي تفتات عليه بنيته، فقدم المدينة، فركز راية سوداء في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبق قيسي بالمدينة إلا دخل تحتها، فقيل لمنظور: أين يذهب بك، تزوجها الحسن بن علي، وزوجها عب الله بن الزبير؟ وملكه الحسن أمرها، فأمضى ذلك التزويج، وفي ذلك يقول خفير العبسي:
إن الندا من بني ذبيان قد علموا ... والجود في آل منظور بن سيار
الماطرين بأيديهم نداً ديماً ... وكل غيث من الوسمي مدرار
تزور جارتهم وهناً هديتهم ... وما فتاهم لها وهناً بزوار
ترضى قريش بهم صهراً لأنفسهم ... وهم رضاً لبني أخت وأطهار
أنبأنا زيد بن الحسن عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري وثابت بن بندار قالا: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر، وأبو نصر محمد بن الحسن قالا: حدثنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد بن زكريا قال: أخبرنا صالح بن أحمد قال: حدثني أبي قال: وابنه حسن بن حسن بن علي ابن أبي طالب، وأمه ابنة أبي مسعود الأنصاري، وهكذا قال أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي فيما رواه صالح ابنه عنه، وبنت أبي مسعود هي أم أخيه زيد بن الحسن بن علي، وأما الحسن بن الحسن فأمه خولة بنت منظور كما رويناه.
أنبأنا ابن طبرزد، عن أبي غالب أحمد بن الحسن بن البناء، عن الحسن بن علي قال: أخبرنا حارث بن أبي أسامة قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الثالثة من أهل المدينة حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب، وأمه خولة بنت منظور بن زبان بن سيار بن عمرو بن جابر بن عقيل بن هلال سمى بن مازن بن فزارة.

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق ابن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي عن أبيه الحسن، روى عنه الحسن بن محمد وإبراهيم بن السن، وروى خالد عن سهيل ابن أبي صالح عن حسن بن حسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل.
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، أبو محمد الهاشمي المديني.
روى عن أبيه الحسن، وفاطمة بنت الحسين، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
روى عنه ابنه عبد الله بن الحسن، وابن عمه الحسن بن محمد ابن الحنفية وإبراهيم بن الحسن وسهيل بن أبي صالح وأبو بكر بن حفص بن عمر ابن سعد بن أبي وقاص، وحميد بن أبي زينب، وسعيد بن أبي سعيد مولى المهري، وإسحاق بن يسار والد محمد بن إسحاق، والوليد بن كثير.
وقدم دمشق وافداً على عبد الملك بن مروان.
وقال الحافظ: أخبرنا أبو الحسن بن الفراء، وأبو غالب، وأبو عبد الله ابنا البناء قالوا: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال حدثنا الزبير بن بكار قال: وكان الحسن بن الحسن وصي أبيه وولي صدقة علي بن أبي طالب في عصره، وكان حجاج بن يوسف قال له يوماً وهو يسايره في موكبه بالمدينة، وحجاج يومئذ أمير المدينة: أدخل عمك عمر بن علي معك في صدقة علي، فإنه عمك وبقية أهلك، قال: لا أغير شرط علي ولا أدخل فيها من لم يدخل قال: إذاً أدخله معك، فنكص عنه الحسن حين غفل الحجاج، ثم كان وجهه إلى عبد الملك حتى قدم عليه، فتوقف ببابه يطلب الأذن، فمر به يحيى بن الحكم، فلما رآه يحيى عدل إليه فسلم عليه وسأله عن مقدمه وخبره وتحفى به ثم قال: إني سأنفعك عند أمير المؤمنين - يعني عبد الملك - فدخل الحسن على عبد الملك فرحب به وأحسن مسائلته، وكان الحسن بن الحسن قد أسرع إليه الشبيب، فقال له عبد الملك: لقد أسرع إليك الشيب، ويحيى بن الحكم في المجلس، فقال له يحيى: وما يمنعه يا أمير المؤمنين، شيبة أماني أهل العراق، كل عام يقدم عليه منهم ركب يمنونه الخلافة، فأقبل عليه الحسن ابن الحسن فقال: بئس والله الرفد رفدت، وليس كما قلت، ولكنا أهل بيت يسرع إلينا الشيب، وعبد الملك يسمع، فأقبل عليه عبد الملك فقال: هلم ما قدمت له، فأخبره بقول الحجاج، فقال: ليس ذلك له، اكتبوا له كتاباً لا يجاوزه، فوصله، وكتب له، فلما خرج من عنده لقيه يحيى بن الحكم، فعاتبه الحسن على سوء محضره، وقال: ما هذا بالذي وعدتني، فقال له يحيى: إيهاً عنك، والله لا يزال يهابك، ولولا هيبته إياك ما قضى لك حاجة وما ألوتك رفداً.
قال الحافظ: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص الحمامي المقرئ قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن الفقيه قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد قال: حدثني محمد بن الحسين قال: حدثني محمد بن سعد - وصوابه سعيد - قال: حدثنا شريك عن عبد الملك بن عمير قال: كتب الوليد ابن عبد الملك إلى عثمان بن حيان المري: انظر الحسن بن الحسن فاجلده مائة ضربة، وقفه للناس يوماً، ولا أراني إلا قاتله: قال: فبعث إليه فجيء به والخصوم بين يديه، قال: فقام إليه علي بن حسين، فقال: يا أخي تكلم بكلمات الفرج يفرج الله عنك؛ لا إله إلا الله الحليم، سبحان الله رب السموات ورب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، قال: فقالها قال: فانفرجت فرجه من الخصوم، فرآه فقال: أرى وجه رجل قد قرف عليه كذبة خلو سبيله، أنا كاتب إلى أمير المؤمنين بعذره فإن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب.

قال الحافظ: كذا في كتابي، والصواب محمد بن سعيد، وهو ابن الأصبهاني وقد أخبرنا بالحكاية على الصواب أبو القاسم محمود بن أحمد بن الحسن بتبريز قال: أخبرنا أبو الفضائل محمد بن عمر بن الحسن بن يونس قال: حدثنا أبو نعيم الحافظ، قال: حدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا أبو علي بن إبراهيم قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا محمد ابن سعيد، فذكرها، إلا أنه قال: عثمان بن سعيد المري، وذلك وهم، والصواب ابن سعيد، فذكرها، إلا أنه قال: عثمان بن سعيد المري، وذلك وهم، والصواب عثمان بن حيان كما تقدم، وكان والي الوليد على المدينة، ورويت من وجه آخر عن عبد الملك فزيد في إسنادها رجل وذكر أن الوالي كان هشام بن إسماعيل.
قال: أخبرنا بها أبو القاسم زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أحمد بن الحسين الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ومحمد بن موسى قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان، قال: حدثنا حسين ابن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير قال حدثني أبو مصعب: أن عبد الملك بن مروان كتب إلى عامله بالمدينة هشام بن إسماعيل: أنه بلغني أن الحسن بن الحسن يكاتب أهل العراق فإذا جاءك كتابي هذا فابعث إليه، فليؤت به، قال: فجيء به إليه وشغله شيء، قال: فقام إليه علي بن حسين، فقال: يا بن عم قل كلمة الفرج لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السموات السبع، ورب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين. قال: فخلا للأخر وجهه، فنظر إليه وقال: أرى وجهاً قد قشب بكذبة، خلوا سبيله، وليراجع فيه أمير المؤمنين.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو بعد الله يحيى بن الحسن بن البناء - إجازة أن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: وكان عبد الملك بن مروان قد غضب غضبة له، فكتب إلى هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة، وهو عامله على المدينة، وكانت بنت هشام بن إسماعيل زوجة عبد الملك، وأم ابنه هشام، فكتب إليه: ن أقم آل عيل يشتمون علي بن أبي طاب وأقم آل عبد الله بن الزبير يشتمون عبد الله بن الزبير، فقدم كتابه على هشام، فأبى آل علي وآل عبد الله بن الزبير، وكتبوا وصاياهم، فركبت أخت لهشام إليه، وكانت جزلة عاقلة، فقالت: يا هشام أتراك الذي يهلك عشيرته على يده، راجع أمير المؤمنين، قال: ما أنا بفاعل، قالت: فإن كان لا بد من أمر فمر آل علي يشتمون آل الزبير، ومر آل الزبير يشتمون آل علي، قال: هذه أفعلها، فاستبشر الناس بذلك، وكانت أهون عليهم، فكان أول من أقيم إلى جانب المرمر الحسن بن الحسن، وكان رجلاً رقيق البشرة، عليه يومئذ قميص كتان رقيقة فقال له هشام: تكلم بسبب آل الزبير فقال: إن لآل الزبير رحماً أبلهاً ببلالها، وأربها بربابها، يا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار؟ فقال هشام لحرسي عنده: اضرب فضربه سوطاً واحداً من فوق قميصه فخلص إلى جلده فشرخه حتى سال دمه تحت قدمه في المرمر، فقام أبو هاشم عبيد الله بن محمد بن علي فقال: أنا دونه أكفيك أيها الأمير، فقال في آل الزبير، وشتمهم، ولم يحضر علي بن الحسين كان مريضاً، أو تمارض، ولم يحضر عامر بن عبد الله بن الزبير، فهم هشام أن يرسل إليه فقيل له: أنه لا يفعل أفتقتله؟ فأمسك عنه، وحضر من آل الزبير من كفاه وكان عامر يقول: إن الله لم يرفع شيئاً فاستطاع الناس خفضه، انظروا إلى ما يصنع بنو أمية يخفضون ويغرون بشتمه وما يزيده الله بذلك إلا رفعة.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري - أذنا أو سماعاً - قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن علي، - إملاء - قال: أخبرنا علي بن عمر بن أحمد الحافظ قال: حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي قال: حدثنا الفضل بن سهل قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري قال: حدثنا فضيل ابن مرزوق قال: سمعت حسن بن حسن يقول لرجل من الرافضة: والله لئن أمكن الله منكم لتقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولا تقبل منكم توبة.

قال ابن طبرزد: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا الحسن بن علي قال: أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد الزهري قال: حدثنا عبد الله بن إسحق المدائني قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا يزيد بن هرون عن فضيل قال: سمعت الحسن بن الحسن يقول لرجل من الرافضة: إن قتلك لقربة إلى الله عز وجل، فقال له الرجل إنك تمزح، فقال: والله ما هذا بمزاح، ولكنه مني الجد.
أخبرنا أبو الوحش بن نسيم في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن قال: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال: حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال: خبرنا جعفر بن عون قال: أخبرنا فضيل ابن مرزوق قال: سمعت الحسن بن الحسن، وسأله رجل: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كنت مولاه فعلي مولاه " ؟ قال لي: بلى، والله لو يعني بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أنصح للمسلمين، لقال: يا أيها الناس هذا ولي أمركم، والقائم عليكم من بعدين فاسمعوا له وأطيعوا، والله لئن كان الله ورسوله اختار علياً لهذا الأمر وجعله القائم للمسلمين من بعده، ثم ترك علي أمر الله ورسوله، لكان علي أول من ترك أمر الله وأمر الرسول.
قال البيهقي: ورواه شبابة بن سوار عن الفضيل بن مرزوق قال: سمعت الحسن بن الحسن أخا عبد الله بن الحسن وهو يقول لرجل ممن يتولاهم، فذكر قصة، ثم قال: ولو كان الأمر كما يقولون إن الله ورسوله اختار علياً لهذا الأمر وللقيام على الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن كان علي لأعظم الناس خطيئة وجرماً في ذلك إذ ترك أمر سول الله صلى الله عليه وسلم يعني فلم يمض لما مره أو يعذر فيه إلى الناس، قال: فقال له الرافضي: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كنت مولاه فعلي مولاه " ؟ فقال: أما والله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو كان يعني بذلك الأمرة والسلطان، والقيام على الناس بعده لأفصح لهم بذلك، كما أفصح لهم بالصلاة، والزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت ولقال لهم: إن هذا ولي أمركم من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا، فيما كان من وراء هذا شيء، فإن أفصح الناس كان للمسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال البيهقي: وأخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن قال: حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا: يحيى بن أبي طالب قال: حدثنا شبابة بن سوار، قال: أخبرنا الفضيل بن مرزوق فذكره.

أخبرنا أبو علي حسن بن إبراهيم بن هبة الله بن دينار المصري، بالقاهرة، قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: حدثنا أبو مطيع محمد بن عبد الواحد قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي علي القاضي، وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي عبد الله ابن علي بن مشرف والشريف أبو الفضل يحيى بن عبد الله بن هاشم الحلبيان بها قالا: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفي قال: أخبرنا أبو علي الحداد - قراءة عليه وأنا حاضر - قال: أخبرنا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني: قال أخبرنا عبد الله بن جعفر بن فارس قال: حدثنا محمد بن عاصم قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا الفضيل بن مرزوق قال: سمعت الحسن بن الحسن أخا عبد الله بن الحسن وهو يقول لرجل ممن يغلو فيهم: ويحكم أحبونا لله عز وجل، فإن أطعنا الله عز وجل فأحبونا، وإن عصينا الله عز وجل فأبغضونا، قال: فقال له الرجل: ذوو قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته، فقال: ويحكم لو كان الله نافعاً بقرابة من رسوله بغير عمل بطاعته لنفع بذلك من هو أقرب إليه منا أباه وأمه، والله إني لأخاف أن يضاعف للعاصي منا العذاب ضعفين، والله إني لأرجو أن يؤتي الحسن منا أجره مرتين، قال: ثم قال لقد أساء بنا أباؤنا وأمهاتنا إن كان ما تقولون في دين الله حقاً، ثم لم يخبرونا به، ولم يطلعونا عليه، ولم يرغبونا فيه، فنحن والله أقرب منهم قرابة منكم، وأوجب عليهم حقاً، وأحق بأن يرغبوا فيه منك، ولو كان الأمر كما تزعمون، وأن الله اختار علياً لهذا الأمر والقيام على الناس بعده، إن كان علي أعظم الناس في ذلك خطيئة وجرماً إذ ترك أمر سول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم فيه، لما أمره، أو يعدل فيه إلى الناس، قال: فقال لنا الرافضي: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ قال أم والله لو عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك الإمارة والسلطان، والقيام على الناس للأفصح لهم بذلك، كما أفصح لهم بالصلاة والزكاة، وصيام رمضان وحج البيت، ولقال لهم: أيها الناس إن هذا ولي أمركم من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا، فإن أنصح الناس كان للمسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم - اللفظ لأبي بكر بن أبي علي القاضي - .
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني عمي مصعب قال: وتوفي الحسن بن الحسن فأوصى إلى إبراهيم بن محمد بن طلحة وهو أخوه لأمه.
الحسن بن الحسن بن علي بن عبد الباقي الأنصاري: الإمام أبو المجد المعروف بابن النحاس، كان فقيهاً فاضلاً شافعي المذهب، درس الفقه على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه، سمع بالإسكندرية الحافظ أبا طاهر أحمد بن محمد السلفي، وأبا المظفر سعيد بن سهل الفلكي، وأبا سعد بن أبي عصرون بدمشق، وحدث بدمشق بشيء من حديثه، وكان ينظم الشعر، وذكر لي ابنه الشيخ الصالح أبو بكر بن الحسن أن أباه دخل حلب، وروى لنا عنه أبو المحامد إسماعيل بن حامد القوصي، وأخبرني أن مولد هذا الإمام - يعني ابن النحاس - في شهور سنة ثلاثين وخمسمائة.

أخبرنا أبو المحامد إسماعيل بن حامد بن عبد الرحمن القوصي، وكان مجالساً حسناً، قال: أخبرنا الفقيه الإمام مجد الدين أبو المجد الحسن المذكور ابن الحسن ابن علي أبي الحسن رحمه الله بقراءتي عليه في شهور سنة سع وتسعين وخمسمائة بدمشق المحروسة قلت له: أخبرك الإمام قاضي القضاة أبو سعد عبد الله بن محمد ابن عبد الله بن أبي عصرون - وكان حاكماً حسناً - قال: أخبرنا تاج الإسلام أبو عبد الله الحسين بن نصر بن محمد بن خميس - وكان مفتياً حسناً - قال: حدثنا الشيخ الثقة أبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي - بقراءتي عليه، وهو يسمع في العشر الأخير من ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وأربعمائة ببغداد، بجانبها الشرقي، في مسجد الرباط، وكان إماماً حسناً - قال: حدثنا الشيخ أبو سعد فضل الله بن محمد بنيسابور، في سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، وجمي حاله حسن، قال: حدثنا أبو العباس المستغفري، بحديث حسن، قال: حدثنا أبو العباس بن أبي الحسين بن أبي الحسن قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، رجل حديثه حسن، قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا الحسن عن الحسن بن أبي الحسن عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أحسن الحسن الخلق الحسن " .
قال أبو العباس بن أبي الحسين: أما الحسن الأول، فهو الحسن أبن زياد، وما الحسن الثاني فهو الحسن بن حسان، وأما الحسن الثالث فهو الحسن بن أبي الحسن البصري، وأما الحسن الرابع فهو الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام وعلى أبائه الكرام.
قال أبو المحامد القوصي: وتوفي هذا الإمام مجد الدين رحمه الله بدمشق في شهر ربيع الأول سنة ستمائة، رحمة الله عليه.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي:
الحسن بن الحسن بن علي بن ناهض: الربعي ثم الشيباني الصعيدي، أبو علي المعروف بالمعتمد القفطي المصري، من أهل قفط بلدة من بلاد الصعيد، شاعر مجيد فاضل حسن المحاضرة، قدم حلب وأقام بها مدة، واجتمعت به مراراً متعددة، وأنشدني أشعاراً كثيرة لم أكتب منها شيئاً، وسمعته في بعض الأوقات في مجلس الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب ينشده من شعره مديحاً فيه لا أتحققه الآن، وكتب عنه صاحبنا أبو محمد عبد الرحمن بن شجانة الحراني، وقال لي ابن شجانة: كان أبو علي الربعي عالماً بالأدب، وأيام الناس، وعلم النسب، حسن الشعر جيده، كثير المحفوظ حلو النادرة توفي بالرها في منتصف شوال سنة ثمان عشرة وستمائة، ودفن بمقبرة باب شاع بكرم الدود.
الحسن بن الحسن المصيصي: شاعر متقادم العصر، من أهل المصيصة، قرأت بخط المحسن بن عبد الله بن عمرو أبي القاسم التنوخي المعري في كتابه الذي وسمه بالنائب عن الأخوان للحسي بن الحسن المصيصي.
قد كنت أرجوك لي إن فاقة نزلت ... وأن تحقق فيك الظن والأملا
متى وردت فلم أظفر بفائدة ... ورحت أنشد بيتاً سائراً مثلا
مازلت أسمع كم من واثق خجل ... حتى ابتليت فكنت الواثق الخجلا
ذكر من اسم أبيه الحسين ممن اسمه الحسن الحسين بن بندار بن عبيد الله بن خير: أبو بكر الأنطاكي. حدث عن محمود بن محمد بن الفضل الأديب، والحسن ابن أحمد البالسي. روى عنه عبد الجبار بن أحمد المقرء الطرسوسي والحسن ابن بقاء بن محمد الهمذاني.
أخبرنا أبو عمر لؤلؤ بن عبد الله الفنوني، بالقاهرة، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي البوصيري قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن بكرات بن هلال السعدي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي قال: أخبرنا عبد الجبار بن أحمد المقرئ قال: حدثنا الحسن بن الحسين بن بندار الأنطاكي قال: حدثنا إبراهيم بن الفضل بن سليمان عن المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: معترك المنايا ما بين الستين إلى السبعين.
الحسن بن الحسين بن جعفر:

ابن أحمد بن داوود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أنور ابن أرقم بن أسحم وقيل أنور بن أسحم بن النعمان، وهو الساطع بن عدي بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم اللات، أبو الرجاء التنوخي المعري، حدث بمعرة النعمان عن آمنة بنت الحسن بن إسحق بن بلبل. كتب عنه أبو الفتيان عمر بن عبد الكريم الدهستاني أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي - فيما أجازه لي - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الرجاء الحسن بن الحسين بن جعفر بن أحمد بن داوود بن المطهر التنوخي بمعرة النعمان، قال: أخبرتنا آمنة بنت الحسن بن إسحق بن بلبل قالت: حدثنا أبي القاضي أبو سعيد الحسن بن إسحق بن بلبل سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن شيبة بن الوليد بن سعيد بن خالد بن يزيد بن تميم بن مالك وتميم قتل يوم الدار مع عثمان الدمشقي بدمشق قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: حدثنا عبد الكريم بن يزيد الغساني عن أبي الحارث الخشني، عن أبيه الحسن بن يحيى الخشني عن ابن جريج، عن ابن أبي رباح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من صلى بعد المغرب اثنتي عشرة ركعة، يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة، حتى إذا كان آخر ركعة قرأ بين السجدتين بفاتحة الكتاب سبع مرات، وقل هو الله أحد سبع مرات، وبآية الكرسي سبع مرات، ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على كل شيء قدير عشر مرات، ثم سجد آخر سجدة فيقول في سجوده بعد تسبيحه: اللهم إني أسالك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، وباسمك العظيم وبجدك الأعلى، وكلماتك التامة ثم يسأل الله " ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لو كان عليه من الذنوب عدد رمل عالج، وأيام الدنيا لغفر الله " - يعني - له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تعلموها سفهاءكم فيدعون بها لأمر باطل فيستجاب لهم " .
الحسن بن الحسين بن الحسن بن عبد الله بن حمدان: ابن حمدون بن الحارث بن لقمان، أبو محمد بن أبي عبد الله بن أبي محمد ابن أبي الهيجاء، الأمير الملقب ناصر الدولة وسيفها ابن ناصر الدولة بن ناصر الدولة ولي إمرة دمشق في أيام المستنصر الفاطمي بعد أمير الجيوش أنوشتكين الدزبري في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، وكان معز الدولة ثمال بن صالح ابن مرداس الكلابي أمير حلب، قد عصى بحلب على المستنصر، فسير ناصر الدولة إلى حلب في سنة تسع وثلاثين، ومعه عبد العزيز بن حمدان، فوصلوا حلب بعد أن فتحوا في طريقهم حماة ومعرة النعمان، فخرج أهل حلب لقتاله فهزمهم واختنق منهم في الباب سبعة عشرة ألف نفس، ونزل بصلدي قرية قريبة من حلب على نهر قويق وكان معه شجاع الدولة جعفر بن كليد فجاءهم سيل في الليل فأهلك العسكر، وانهزم ناصر الدولة من صلدي إلى دمشق، فقبض عليه بدمشق الأمير منير الدولة، وسيره إلى مصر في يوم الجمعة مستهل شهر رجب من سنة أربعين وأربعمائة، وولي بعده دمشق طارق الصقلبي.
ثم رضي عنه المستنصر فاستولى على أمور الدولة بالديار المصرية وهم بزوالها، وحصر المستنصر بمواقفه جماعة من القواد، فلم يتم له ما أراد، وظفر به فقتل.
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: الحسن بن الحسين بن عبد الله بن حمدان بن حمدون، أبو محمد التغلبي الأمير المعروف ناصر الدولة وسيفها، ولي إمرة دمشق في أيام الملقب بالمستنصر، بعد أمير الجيوش الدزبري في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، فلم يزل والياً بها إلى أن قبض عليه وسير إلى مصر مستهل رجب سنة أربعين وأربعمائة، وولي بعده طارق الصقلبي المستنصري.
قلت أسقط الحافظ ذكر جده الأمير ناصر الدولة أبي محمد الحسن بن عبد الله أخي سيف الدولة، وهو صاحب الموصل.

أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: قرت بخط شيخنا أبي محمد بن الأكفاني: الأمير المظفر ذو المجدين ثلاث وثلاثين وأربعمائة في يوم الأربعاء السادس عشر منه، ووصل معه الشريف القاضي نقيب الطالبين أبو يعلى حمزة بن الحسن بن العباس، وقبض عليه الأمير منير الدولة بدمشق في يوم الجمعة مستهل رجب سنة أربعين وأربعمائة، وولي بعده طارق الصقلبي المستنصري.
قلت أسقط الحافظ ذكر جده الأمير ناصر الدولة أبي محمد الحسن بن عبد الله أخي سيف الدولة، وهو صاحب الموصل.
أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: قرأت بخط شيخنا أبي محمد بن الأكفاني: الأمير المظفر ذو المجدين حسن بن حسين بن حمدان، أبو محمد، وصل إلى دمشق في جمادى الآخرة من سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة في يوم الأربعاء السادس عشر منه، ووصل معه الشريف منير الدولة بدمشق في يوم الجمعة مستهل رجب سنة أربعين وأربعمائة.
قرأت في كتاب عنوان السير تأليف محمد بن عبد الملك الهمذاني قال: ومات أبو عبد الله الحسين بن ناصر الدولة أبي محمد بن حمدان بصور وهو واليها من قبل المصريين، فقام مقامه ابنه أبو محمد الحسن، واستولى على دمشق فنفذ إليه المستنصر خادماً له في سنة أربعين وأربعمائة، فقبض عليه، ونفذ به إلى مصر، ثم رضي عنه، فاستولى على أمور الدولة هناك، ثم أراد أن يزيل أمرهم فقتلوه في سنة ست وستين وأربعمائة.
هذا وهم في قتل ناصر الدولة الحسن، فإنه قتل على ما يأتي ذكره في سنة ستين، وقتل ابنه الحسين في سنة خمس وستين.
قرأت بخط بعض الحلبيين: كان الشيخ ناصر الدولة بن حمدان وصل من مصر في عساكر كبيرة، ونزل على حلب، وحاصرها أياماً، ومالكها إذ ذاك معز الدولة ثمال بن صالح، فأرسل الله تعالى عليه سيلاً لم يسمع بمثله، غرق أكثر المضارب، وأتلف الرجال وأهلك الدواب المشبوحة، فانهزم عن حلب، وعاد إلى مصر في شهور سنة إحدى وأربعين وأربعمائة وفي ذلك يول منصور بن تميم بن الزنكل من قصدية يذكر فيها ما لبني كلاب من الوقائع والمآثر.
أليس هم ردوا ابن حمدان عنوة ... على عقبة لا يتقون العواقبا
وجاء ابن كليد يكيد وقوة ... فكدناه كيداً لم نمهله ثاقبا
غدا موقداً ناراً فأمسى وقودها ... وبات لكاس الحتف بالبغي شاربا
ولقى مقلد بن كامل جعفر بن كليد بكفر طاب فقتله، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة جعفر.
نقلت من تاريخ أبي الحسن علي بن مرشد بن علي بن منقذ بخطه: سنة ستين وأربعمائة: وفيها وثب ناصر الدولة الحسن بن الحسين بن الحسن ناصر الدولة بن عبد الله بن حمدان، وجماعة قواد الأتراك بمصر وحصروا المستنصر.
حدثني أبي قال: نظر ناصر الدولة ابن حمدان إلى أخيه المهذب، وقد وفر له وفرة من شعره، فقال له: يا مهذب نحن قوم خوارج عرب أين أنت وهذا الشعر الذي قد تركته؟ فقال: له المهذب: يما مولانا نحن قوم خوارج، وقل ما مات الخارجي إلا مقتولاً فيكون حمل المقتول بشعره المضفور خير من أن يخرق شدقه ويحمل به أو بلحيته، فقال ناصر الدولة: ذخيرة سوء ليوم ميشوم. قال: فحدثني جماعة بعد ذلك أنهم رأوا ناصر الدولة حين قتل والمهذب في جماعة بعد ذلك أنهم رأوا ناصر الدولة حين قتل والمهذب في جماعة الأمراء، ورأس المهذب محمول بدبوقته المضفورة، وناصر الدولة قد ثقب شدقه، وقد حمل به.
الحسن بن الحسين بن رجاء بن أبي الضحاك: وقيل فيه الحسن بن الحسن بن رجاء بن الضحاك، ولي حلب، وأكثر أعمال الشام، وتوفي بها في جمادى الأولى من سنة إحدى وثلاثمائة، ووليها بعده وصيف البكتمري، قرأته في تعليق وقع إلي لبعض الحلبيين.
والصحيح أن اسم أبيه الحسن، وكان يتقلد فارس.
الحسن بن الحسين بن علي بن عبيد الله بن محمد: أبو علي الرهاوي المقرئ. اجتاز بحلب أو بعملها في طريقة من الرها إلى دمشق وذكره الحافظ أبو القاسم الدمشقي في تاريخ دمشق، بما أنبأنا به القاضي أبو نصر الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ، قال: الحسن بن الحسين بن علي ابن عبيد الله بن محمد، أبو علي الرهاوي والمقرئ حدث عن أبي محمد ابن أبي نصر.

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: توفي الحسن بن الحسين الرهاوي المقرئ في جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وكان فيه تخليط عظيم، كان يحدث بمال يسمع ويركب على الشيوخ بغير معرفة، فإذا قيل له أنكر ذلك.
حدث عن أبي محمد بن أبي نصر عن القاضي أبي الحسن بن صخر برسالة أبي بكر وكل واحد منهما لم يلق الآخر، وتوفي أبو الحسن بن صخر بعد الأربعين وأربعمائة.
قال ابن الأكفاني: في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة، وقد وجدت أنا نسخة الرهاوي بهذه الرسالة، وقد كتب فيها سماعة من أبي محمد بن أبي نصر سنة عشر وأربعمائة، وذكر أن سماعه بقراءته بخط أبي نصر بن الجبان، وليس الخط خط ابن الجبان فإنه لا يخفى على من يعرفه، ونسب ابن الجبان إلى غير أبيه فإنه قال: وكتب أبو نصر عبد الوهاب بن إبراهيم، المعروف بابن الجبان بحضرة الشيخ، وابن الجبان اسم أبيه عبد الله بن عمر بن أيوب، لا يعرف في نسبة من اسمه إبراهيم وهذا أدل على تخليطه وافتضاحه، والله يعصمنا من الكذب والتزوير، برحمته ومنه.
الحسن بن الحسين بن محمد بن عجل: أبو محمد العجلي الكلابي، المعروف أبوه بالصوفي، وقيل أن اسم أبيه الحسن وإنما لقب بالصوفي لأنه كان يقصر ثيابه، وتولى ابنه الحسن هذا رئاسة دمشق، وكان من أهل حلب وله بها دار وهي الدار التي وقفها قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم مدرسة على أصحاب الشافعي، وكان له أملا بحلب ومعرة مصري،، وكان أبوه مقيماً بسرمين وهو جد سديد الملك علي بن منقذ صاحب شيرز لأمه وانتقل إلى دمشق، وسكنها، وحدث ولده الحسن هذا عن أبي الحسن ابن عوف، وسمع منه أبو محمد بن صابر.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: الحسن بن الحسين بن محمد، أبو محمد بن الوفي الكلابي رئيس دمشق، سمع أبا الحسن بن عوف، وحدث بشيء يسير، سمع منه شيخنا أبو محمد بن صابر، وكان أصله من حلب، سكن أبوه دمشق، وكان يقصر ثيابه فلقب الصوفي.
قال الحافظ: بلغني أن الرئيس أبا محمد توفي سنة سبع وتسعين وأربعمائة يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من رجب ويقال سنة ست.
الحسن بن الحسين بن مندل: أبو علي النحوي قدم معرة النعمان، ولقى بها أبا العلاء بن سليمان، قرأ عليه خميس بن علي الحوزي.
قرأت بخط أبي الكرم خميس بن علي بن أحمد الحوزي الواسطي على فصيح ثعلب، في تسميع ذكر فيه إسناده، ثم قال: إلا إني لم أقرأه على أحد أعلم به من شيخنا أبي علي الحسن بن الحسين بن مندل النحوي، ولكن لم يسنده، وكان يغضب إذا قيل له: على من قرأته؟ مع أنه قد لقي أبا العلاء المعري وغيره.
الحسن بن الحسين بن واسانه بن محمد: وقيل اسمه الحسين بن الحسن أبو القاسم التميمي الواساني شاعر مجيد. حسن الشعر، خبيث اللسان هجاء، قيل أن مولده بحل، ومسكنه دمشق، وقدم حلب من دمشق، ومدح بها أبا الفضائل سعيد بن شريف بن علي بن حمدان، واليه ينسب حمام الواساني، وكان له دار إلى جانبها بالقرب من البلاط، وكانت الحمام والدار قد قبضتا في أيام بني حمدان، فقدم حلب على أبي الفضائل ومدحه فطلقهما، أو سلمهما إليه.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - أذنا - قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي - إجازة - قال: أخبرنا أبو يعقوب الأديب، في كتابه، عن أبي منصور الثعالبي قال: أبو القاسم الحسين بن الحسن بن واسانة ابن محمد الواساني، أعجوبة الزمان، ونادرته، وفرد عصره ونابغته، وهو أحد المجيدين في الهجاء، وكان في زمانه كابن الرومي في أوانه فمن شعره قوله يهجو ابن أبي أسامة:
يا ساكني حلب العواصم ... جادها صوب الغمامه
أنا في مدينتكم غريب ... لست من أهل الإقامة
والخان يحدث للغريب ... إذا أبن به سآمه
فعرضت من طول المقام ... بها وأعوزت المدامة
فخرجت في بعض الليال ... قاصداً باب السلامة
باب السلامة: باب كان جدده سيماء الطويل على جسر باب إنطاكية الراكب على نهر قويق عند الدارين، وسماه باب السلامة، وركب عليه بابا أخذه من قصر من قصور الهاشميين يعرف بقصر البنات.

وشربت من بئر به ... من يأته ينقع أوامه
ورتعت في فلواتها ... وعلوت مرتقباً أكامه
فلمحت في بعض الوها ... د وقد بعدت سواد هامه
فسعت أحسبها قطا ... ة أو حدأة أو حمامة
وذكر تمام القصيدة، أضربت عن ذكرها تحوبا من إيرادها لما فيها من الهجو الفاحش، والقذف الشنيع، وهكذا سماه الثعالبي الحسين بن الحسن والأصح عندي الحسن بن الحسين، فإنني نقلت من خط أبي عمرو عثمان بن عبد الله بن إبراهيم الطرسوسي قاضي معرة النعمان، وكان فاضلاً مسنداً ثبتاً، وكان في عصر الواسني، ولعله اجتمع به بحلب، وسمع منه ما صورته: لأبي القاسم الحسن بن الحسين التميمي الواساني يمدح الأمير أبا الفضائل سعيد بن شريف بن سيف الدولة ابن حمدان، ويسأله في رد حمامه وداره بحلب، وكان مقبوضتين مقطعتين لبعض الجند.
لو كنت أمدح للجدا ... لشرعت في بحر الندا
وأممت بالتأميل مو ... لانا الأمير السيدا
أولى الملوك بأن ينا ... ط به الرجاء ويقصدا
وأحق أن يهب الطري؟ ... ف لسائل والمتلدا
من لو رآه حاتم ... في مجلس صخب الصدا
بادي الوقار يهاب ف؟ ... يه جليسه أن يعندا
يقري البدور إذا قرى ال؟ ... قوم السديف مسرهدا
أو طلحة الطلحات أو ... كعب لحروا سجدا
لكنني أنحي مطا ... لبي السبيل الأقصدا
وأرى التجمل والتص؟ ... ون منذ كنت الأمردا
ولكل طالب بغية ... من دهره ما عودا
وأشاع عدلاً قد أعا ... د لنا الزمان كما بدا
عم القريب به وأس؟ ... هم في السرور الأبعدا
وكذاك مذهب مثله ... ما جار فيه ولا اعتدا
فعلمت أني لا أرى ... بين الشريد مصردا
أأبا الفضائل لو رأي؟ ... ت لدى الصلاة المسجدا
؟ولحظت فيه يدا تطا - ول كلما رفعت يدا
وسمعت أصواتا تعا ... لي بالدعاء ليصعدا
تدعو لملكك بالدورا ... م على الليالي سرمدا
وعلى عداك بأن يصو ... ل عليهم سيف الرادا
ويرد طرف الدهر عن ... أيام عزك أرمدا
لعلمت أنك ما سمح؟ ... ت بما سمحت به سدا
لكن أعشت بذاك عد ... لا لا يزال مجددا
وغرست فيه اليوم غر ... ساً تستظل به غدا
وفرضت جنداً لا يزا ... ل على العدو مجندا
فملكت أفئدة العبي؟ ... د ورعت أفئدة العدا
وحويت أجراً باقياً ... بعد القرون مخلدا
ما زلت عضباً مغمدا ... زمناً وليثاً ملبدا
وحيا حمته يد الليا ... لي أن يصوب ويرعدا
حتى أتاك الملك عف؟ ... وا ما مددت له يدا
وأفاك مشتاقاً يج؟ ... ر إلى ذراك المقودا
فسللت فيه مهندا ... غضباً ورأياً محصدا
وعزيمة مثل الشها ... ب تجوب خطبا أسودا
حتى استقام الأمر في ... لطف وكان تأودا
فغدا سرير الملك من؟ ... زعجاً وراح ممهدا
فاسعد بأنك لا تزا ... ل على الزمان مؤيدا
يا أكرم الأملاك آ ... باء وأبعدهم مدا
؟وأجلهم همماً وأش؟ رفهم جميعاً محتدا
ما جئت مجتدياً وإن ... كنت الأجل الأمجدا
والأجود الوهاب إن ... عد الرجال الأجودا
بل جئت لما أن رأيت؟ ... تك في الملوك الأوحدا
ورأيت رأيك بينهم ... يدعى الأسد الأرشدا
فحثثت أمالي إلى ... ملك يسامي الفرقدا
يهب اللجين لسائلي؟ ... ه لاهياً والعسجدا
والخيل باحلل الفوا ... خر والإماء والأعبدا

فسألته من عدله ... ما لست فيه مفردا
فأكون بين الناس في ... طلب الكثير مفندا
داري وحمامي أقل ... لديك من أن يوجدا
فهما الغداة كقطرة ... مدت خليجاً مزبدا
والأرض أوسع للأنا ... م وأنت وسعهم يدا
وأحقهم طراً بأن ... تهب الجزيل لتحمدا
فاقطع لأهيف عنهما ... من بحر جودك موردا
واجعل له عيشاً تو ... سعه عليه أرغدا
واشغله عني يا سعي؟؟ ... د لقيت جداً أسعدا
إن كان موقعه يه؟ ... اب إذا انتمى وتشددا
فأنا الذي أطبى القل؟ ... وب إذا وقفت لأنشدا
أرمي عداك إذا طغوا ... بأمض من حز المدا
عن مقول يهض الجنا ... دل أو يعض الجلمدا
وأزين مجدك في المحا ... فل راجزاً ومقصدا
ويسير شعري غائرا ... بين الكرام ومنجدا
قال: فوعده أبو الفضائل بإطلاقهما فكتب إليه يتنجز توقيعاً بذلك.
يا أيها الملك الجليل ... بك الحسن الجميل
وأنا المقيم على رجائ؟ ... ك لا أحول ولا أزول
إذ أنت تفعل ما يضي؟ ... ق به الملوك ولا تقول
وإذا وعدت بفيك وع؟ ... داً فالنجاح له كفيل
وإذا أمرت فما لأم؟ ... رك حين تبرمه حويل
تمضي كما يمضي السنا ... ن الحشر والسيف الصقيل
ولعبدك المسكين في ... حمامه خطب جليل
مالي إليه بغير تو ... قيع أروح به سبيل
والعمر بالأيام يف؟ ... نى والحوادث تستديل
وبقاء مثلي بعد أق؟ ... راني الذين مضوا قليل
وإذا نظرت إلى مشي؟ ... بي قلت قد أزف الرحيل
وإذا استقل سواي يو ... ماً هاج من صدري غليل
فامنن بتوقيع به ... يأمن له المجد الأثيل
يا من يقصر عن نو ... افل كفيه الغيث الهطول
قد طال تعليلي به ... لك بعدنا العمر الطويل
قال: فأطلق له ذلك، وسلمه إليه فقال يشكره لما تسلم ذلك.
أيها السيد استمع قول عبد ... لم يشبه بالزور والبهتان
بل هو الحق أشهد الله والنا ... س وآتي عليه بالبرهان
وأنت والله فهي بالغة الأ ... يمان أهل لليمن والإيمان
وحقيق بأن يبلغك ال؟ ... لله برغم الأعداء أقصى الأماني
وبأن لا تزال ما حنت الني؟ ... ب وغنى الحمام في الأغصان
عالي الجد نافذ الأمر والن؟ ... هي معافي مؤيد السلطان
وذليل الأعداء في حيث ... ما كانوا عزيز الأنصار والأعوان
وإذا عشت عمر نوح قرير ال؟ ... عين جم السرور أو لقمان
صرت منمه إلى الجنان وقوب؟ ... لت بمحو الذنوب والغفران
يا أمير القلوب قاد هواها ... واشتراها بأوفر الأثمان
فهي تعنو له وتمحضه النص ... ح بلا ريبة ولا إدهان
ذاك أن القلوب تملك بالإح؟ ... سان والخوف مالك الأبدان
والمطيع الراضي يقيمة ما ... بايع غير المستكرة الغضبان
يا فتى ما له إذا عد أهل ال؟ ... فضل من مشبه ولا من مدان
أو سماح بالمال يرغب والأد ... راع والخيل والقرى والقيان
كل جرداء كالهراوة أو أج؟ ... رد كالسوذينق زاوي العنان
لاحق الأيطلين يحسبه النا ... ظر سمعاً يخوت بين رعان
أوقفاه حسناء كالظبية الأد ... ماء نوراً والشادن الوسنان

كاسيات محليات عقود ال؟ ... در فوق النحور والمرجان
أوهب الناس كلهم لكعاب ... ذت دل أو حلة أو حصان
لا يرى أن يقول لا أبداً لف؟ ... ظاً بها أو إشارة ببنان
وكريم المزاح إن حضر الزا ... د لبسط الأكيل والندمان
أقرب القوم منه من جاء للحا ... جة غرثان عند وضع الخوان
وحفي بفتية ليس منهم ... غير ماضي العزيم ثبت الجنان
ووفي بعهده طاهر القل؟ ... ب جدود في نصحه غير وان
يفتديه بنفسه دون ما تح؟ ... وي يداه في المأزق المتداني
بهم أثبتت قواعد ملك ... تامك الفرع واطد الأركان
فتسلمت عنه الملوك وحادت ... عن ضراب من دونه طعان
فهم عنده بمنزلة الأخ؟ ... وة دون الأتراب والأخدان
يكرم الشيخ منهم حين يلقا ... ه ويحنو عطفاً على الفتيان
ملك لا يرى العناد لريب ال؟ ... دهر غير الصفاح والأبدان
وجياد جرد الهوادي وسمر ... عاسلات الكعوب كالأشطان
واقف همه على رب أحوا ... ل حماة الرجال والشجعان
وانتخاب البيض الصوارم وال؟ ... سمر العوالي لكل حرب عوان
غير صاغ إلى سماع أغان ... مطربات ولا كعاب غوان
إن هما أجريا لغاية سبق ... بين غر من الملوك هجان
ما تكنى أبا الفضل حتى ... فضل الناس بين قاص ودان
وتسمى باسم السعادة والأس؟ ... ماء موصولة العرى بالمعاني
هو والله مشتري فلك أص؟ ... بح باليمن دائم الدوران
سار في برجه فأطفأ بالسع؟ ... د نحوس المريخ والدبران
طرف الله عن علاه وإن شاء ... عدوا ما قلت عين الزمان
وكفانا فيه الملمات ما ... صوب نجم أو لاح بريق يمان
فوحق الأنعام والكهف والط؟ ... ور وطه وسروة الرحمان
لو تركنا نختار بين الأماني ... ونقتادهن بالأرسان
ما بلغنا في الحدس والظن معشا ... ر سرور نراه رأي العيان
يا كريماً آباؤه أمراء ال؟ ... عرب والعجم من بني ساسان
وإذا ما دعيت للضيم إذع؟ ... نت لداعيه أيما إذعان
فأنا اليوم كالمدل من الآسا ... د أو كالعصماء بين القنان
قد تحيرت والمهيمن في شك؟ ... رك ما لي بما يديت يدان
أي شيء يجزيك عني ومالي ... غير ودي وغير شكر لساني
وهما يقصران عنه ولو كن؟ ... ت كقس في النطق أو سحبان
غير أني قد بعت نفسي مولا ... نا وإن لم أساوما أولاني
فخذ الآن عهدي وارض من ... عبدك ما يستطيعه إمكاني
لأكون أمرأ تقصيت جهدي ... في جزاء الإحسان بالإحسان
ذكر أبو الطيب الباخرزي في كتاب دمية القصر، قال: أنشدني الشريف أبو طالب محمد بن عبد الله الأنصاري له - يعني للواساني - :
فلو كان لي بيت يحل دخوله ... لامتعتكم بالعزف والقصف والسكر
ولكنما لي بيت سوء كأنه ... بقية ناووس على ساحل البحر
توفي الواساني في حدود التسعين والثلاثمائة.
؟ذكر من اسم أبيه حميد ممن اسمه الحسن الحسن بن حميد المنبجي: وقيل الحسين بن حميد المنبجي التجيبي، وسنذكره من اسمه الحسين إن شاء الله تعالى، وهو شاعر مجيد تنسب إليه القصيدة اليتيمة والأقرب إنها له والله أعلم.

روى أبو القاسم منصور بن النعمان قال: أنشدنا القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن إسحق الحلبي قال: أنشدنا أبو سعيد النصيبي عن أبي الحسن علي بن سليمان الأخفش قال: أنشدت هذه القصيدة المعروفة باليتيمة، ولم تعرف لأحد فلذلك سميت اليتيمة، ثم أنشدتها للحسن بن حميد المنبجي وهي:
هل بالطول لسائل رد ... أم هل لها بتكلم عهد
فذكرها وسنوردها في ترجمة دوقله بكمالها إن شاء الله تعالى.
الحسن بن حميد المرعشي: حكى عن بعض الغزاة في الثغور روى عنه حيدرة بن عبيد.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن أبي بكر السمعاني قال: أخبرنا سعد بن علي الرزاز بمرو في قدمته الأولى قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن أبي عبد الله المطرز، بأصبهان، قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن محمد بن زيد الجرجاني قال: سمعت أحمد بن محمد بن عيسى يقول: سمعت حيدرة بن عبيد يقول: قال الحسن بن حميد المرعشي: دخلنا على رجل من الغرباء في بعض الثغور وهو يكيد بنفسه، فقيل له: كيف تراك؟ فقال:
غريب وحيد والمنايا تحثه ... إلى منزل قفر بغير أنيس
فقلنا: أبشر رحمك الله فإن الغربة شهادة، ولا سيما وأنت مرابط في سبيل الله، فبكى طويلاً ثم قال: والله لولا طمعي في كرمه وعفوه لتقطعت نفسي من شدة الغصص والحسرات فما برحنا من عنده حتى فاظت نفسه رحمه الله.
حرف الخاء في آباء من اسمه الحسن
الحسن بن الخليل: أبو علي الحلبي، وينسب أيضاً الأنطاكي، حدث عن عبيد بن جناد الحلبي، وأبي نعيم الفضل بن دكين، روى عنه أبو عمرو بن حكيم ومحمد ابن المنذر بن سعيد، وخيثمة بن سليمان الأطرابلسي وكان ثقة.
أخبرنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن بدمشق قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمد قال: أخبرنا الحسن بن الخليل الأنطاكي قال: حدثنا عبيد بن جناد، قال: حدثنا إبراهيم بن حميد الرواسي قال: حدثنا إسماعيل بن خالد قال: سألت ابن أبي أوفى: هل رأيت إبراهيم بن رسول الله؟ قال: نعم، كان أشبه الناس به، مات وهو صغير ولو قضي نبي لعاش إبراهيم.
قرأت في كتاب تاريخ الثقات تأليف أبي حاتم محمد بن حبان البستي قال: في الطبقة الرابعة منهم: الحسن بن الخليل الحلبي، يروى عن أبي نعيم الفضل بن دكين حدثنا عنه محمد بن المنذر بن سعيد.
حرف الدال في آباء من اسمه الحسن
الحسن بن داود بن بابشاذ بن داود بن سليمان بن إبراهيم: أبو سعد، وقيل أبو سعيد المصري، قدم حلب سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة وسمع بها الحسن بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الحلبي، وسمع ببغداد أبا محمد الحسن بن علي الجوهري وأبا الحسين ومحمد بن عبد الواحد بن رزمة، والخطيب أبا بكر أحمد بن علي بن ثابت، وقرأ الفقه بها على القاضي أبي عبد الله الصيمري، وكان سمع بمصر أبا محمد بن النحاس وعلي بن منير الخلال، وتراب بن عمر الكاتب وإسماعيل بن عمر بن راشد، وغيره كتب عنه أبو بكر أحمد بن علي ابن ثابت الخطيب، وكان يدرس الفقه ببغداد على مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي، وأنبأنا به عنه أبو محمد بعد الرحمن بن عبد الله بن علوان وغيره، قال: ابن بابشاذ هو الحسن بن داود بن بابشاذ بن داود ابن سليمان المصري، معروف بالأدب والطلب، وقد كتب الحديث الكثير عن عبد الرحمن بن عمر بن النحاس، وعلي بن منير الخلال، وتراب بن عمر الكاتب، وآخرين ورحل في العلم وهو ابن أخي أبي الفتح أحمد بن بابشاذ الواعظ الجوهري، وقد روى عنه الخطيب وغيره.
وقرأت أيضاً بخط الحافظ أبي طاهر: أبو سعد الحسن بن داود بن بابشاذ بن داود بن سليمان بن إبراهيم بن شهريار بن أبزون بن نوركوبه، كذا رأيت نسبه بخط علي بن بقاء الوراق على غير جزء مما كتبه له من فوائد إسماعيل بن عمر بن راشد المقرئ الزاهد المعروف بالحداد، انتقاء الصوري عليه وقرأة أبو سعد بنفسه على إسماعيل سنة عشرين وأربعمائة بمصر.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: الحسن بن داود بن بابشاذ بن داود بن سليمان أبو سعد وتوجه فيه حتى درس، وكان مفرط الذكاء، حسن الفهم يحفظ القرآن بقراءات عدة، ويحفظ طرفاً من علم الأدب والحساب والجبر والمقابلة، والنحو وكتب الحديث بمصر عن أبي محمد بن النحاس وطبقته.
قال الخطيب: كتبت عنه أحاديث وكتب عني، وكان ثقة حسن الخلق وافر العقل، وكان أبوه يهودياً، ثم أسلم وحسن إسلامه، وذكر بالعلم، وهو فارسي الأصل، وأقام أبو سعد ببغداد إلى أن أدركه أجله، فتوفي ليلة السبت، ودفق صبيحة تلك الليلة في يوم السبت لعشر بقين من ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وأربعمائة ودفن في مقبرة الشوينزي، ولم تكن سنة بلغت الأربعين.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد اله بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر قال: أنبأنا أبو إسحق الحبال قال: سنة تسع وثلاثين أبو سعيد الحسن بن بابشاذ في ذي القعدة، توفي ببغداد.
حرف الراء في آباء من اسمه الحسن
الحسن بن الربيع البجلي: أبو علي البورائي الكوفي، صحب عبد الله بن المبارك في غزاة بلاد الروم وكان معه بطرسوس، وعاد في صحبته، وشهد موته بهيت، وروى عنه وعن أحمد ابن حنبل، وعبد الجبار بن الورد، وأبي عوانه ومهدي بن ميمون، وأبي إسحق الفزاري، وحاد بن زيد، وعنتر بن القاسم، وعبد الله بن إدريس، روى عنه أبو أسامة الكلبي، ويعقوب بن سفيان الفسوي، ومحمد بن أحمد بن الحسين، وحنبل ابن إسحق، وخلف بن عمرو العكبري، وعباس بن محمد الدوري، وأحمد بن يوسف التجيبي، واسحق بن الحسن الحربي، وجعفر الصائغ وأحمد بن عبيد الله النرسي، وكتب عنه أحمد بن حنبل.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا علي بن الحسين - صاحب العباسي - قال: حدثنا بكر بن سهل قال: حدثنا عبد الخالق بن منصور قال: وسئل يحيى بن معين، وأنا أسمع، عن الحسن بن الربيع قال: لو كان يتقي الله لم يكن يحدث بالمغازي، ما كان يحسن يقرأها، فقال له ابن بنت لأبي أسامة: أنه يحدث عن ابن المبارك عن حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ملك يوم الدين؟ فقال يحيى: كل من يحدثه عن حميد فقد كذب.
قال أبو بكر الخطيب: لم يعبه يحيى إلا بأنه كان لا يحسن قراءة المغازي وما فيها من الأشعار، وذلك لا يوجب ضعفه، وما ذكره ابن بنت أبي أسامة عنه من روايته الحديث عن حميد إنما هو حكاية بلغته، وليس كل حكاية تكون حقاً، وقد كان الحسن بن الربيع ثقة صالحاً متعبداً.
وقال: أخبرنا حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق، ومحمد بن عبد الواحد الأكبر قال حمزة: حدثنا، وقال محمد: أخبرنا الوليد بن بكر الأندلسي قال: حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي قال: حسن بن الربيع البورائي يبيع البوارئي كوفي ثقة رجل صالح متعبد.
وقال الخطيب: أخبرنا علي بن طلحة المقرئ قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم الغازي قال: أخبرنا محمد بن محمد بن داود الكرجي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن يوسف بن خراش قال: الحسن بن الربيع كوفي ثقة، يقال الخشاب ويقال البورائي يبيع القصب.
قال أبو بكر الخطيب الحسن بن الربيع، أبو علي البجلي البورائي، سمع مهدي ابن ميمون، وعبد الجبار بن الورد وحماد بن زيد، وأبا عوانه وعنتر بن القاسم، والدوري، وحنبل بن إسحق، وأحمد بن عبيد الله النرسي، وجعفر الصائغ، واسحق ابن الحسن الحربي، وخلف بن عمرو العكبري، وهو من أهل الكوفة، قدم بغداد، وحدث بها.

قال الخطيب: أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن نعيم الضبي قال: أخبرني أبو محمد بن زياد قال: حدثنا أبو نعيم - يعني - ابن عدي قال: حدثنا أحمد بن يوسف التجيبي بجرجان قال: سمعت الحسن بن الربيع يقول: قدمت بغداد، فلما خرجت سبقني أصحاب الحديث، فلما برزت إلى خارج قال لي أصحاب الحديث: توقف فإن أحمد بن حنبل يجيء، فتوقفت، فجاء أحمد بن نبل، فقعد، فأخرج ألواحه فقال: يا أبا علي أمل علي وفاة عبد الله بن المبارك في أي سنة مات؟ فقلت: سنة إحدى وثمانين، فقيل له: ما تريد بهذا؟ فقال: أريد الكذابين. أنبأنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري، وأبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو عثمان الصابوني، وأبو بكر البيهقي وأبو الخير عثمان البحيري، وأبو بكر الحيري - إجازة - منهم - قالوا: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو نصر الخفاف قال: حدثنا محمد بن المنذر قال: حدثني محمد ابن أحمد بن الحسين قال: سمعت الحسن بن الربيع يقول: رأيت ابن المبارك يقاتل بأرض الروم في يوم شديد الحر قد رفع قلنسوته عن رأسه.
أخبرنا الكندي - إجازة - قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا الخطيب قال: أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا علي بن إبراهيم المستملي قال: حدثنا أبو أحمد بن فارس قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: الحسن بن الربيع أبو علي الكوفي مات سنة عشرين ومائتين أو نحوها.
الحسن بن زمام بن يوسف بن يعقوب: أبو علي الحديثي المعري ثم الحلبي، أصله من حديثه بني سليمان، قرية من قرى معرة النعمان، وولد بحلب، ونشأ بها، واشتغل بالأدب، وسماع الحديث، وسمع معنا على مشايخنا: قاضي القضاة أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، وأبي هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي وأبي محمد عبد الرحمن بن عبد الله ابن علوان، وأبي محمد عبد اللطيف بن يوسف البغدادي، وغيرهم وكان يورق حسناً وينظم شعراً لا بأس به.
كتب عنه أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الغريب عبد الله بن علي التميمي الموصلي شيئاً من شعره وكان يحضر معنا كثيراً، ولم أسمع منه شيئاً من شعره، لكنه كتب إلي أبياتاً من شعره، قرأتها بخطه يستعير مني كتاب المذيل لأبي سعد السمعاني وهي:
أيها السيد الإمام فلان الدين ... يا ذا الأنعام والإحسان
والذي نال من معاني المعالي ... أشرف الذكر بالسجايا الحسان
والذي فضله المفضل أسمى ... في سماء السناء من كيوان
والذي أيد الإله به مذهب ... فخر الأئمة النعمان
والذي ليس مثله في البرايا ... في جميع الأوقات والأزمان
في علاء سام وفهم علوم ... مشكلات عصت على الأذهان
عبد نعمائك العميمة ... ينهي ما به من مذيل السمعاني
من غرام واف وشوق شديد ... وارتياح إليه منذ زمان
وإلى ما حكاه جرحاً وعدلاً ... عن رواة الحديث بالإتقان
يسعف العبد منه جزءاً فجزءاً ... كل ما مر أول جاء ثان
كتب إلينا أبو البركات بن المستوفي من إربل قال: أنشدني - يعني - أبا محمد عبد الرحمن بن أبي الغريب عبد الله بن علي التميمي الموصلي الصقيل قال: أنشدني ابن زمام الحلبي لنفسه في غلام عليه قباء أخضر، وفي وسطه منطقة فضة.
عاينته لما تدرع أخضراً ... وله من الورق الأنيق نطاق
فظننته غصناً تفتح نوره ... وتكنفته بظلها الأوراق
توفي رفيقنا الحسن بن زمام بحلب سنة اثنتين أو ثلاث وثلاثين وستمائة.
الحسن بن زهرة بن الحسن بن زهرة:

ابن علي بن محمد بن محمد أبي إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الحسين ابن إسحق المؤتمن بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب، أبو علي بن أبي المحاسن بن أبي علي بن أبي الحسن بن أبي سالم بن أبي إبراهيم الكلبي العلوي الحسيني الإسحاقي النقيب الكاتب، كتب الإنشاء للملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب، وتقدم وولاه نقابة العلويين بحلب، وكان يكتب خطاً حسناً، وعنده فضل وأدب، وتفنن في علوم شتى، وله معرفة بالقراءات والفقه والحديث والتواريخ وأخبار الناس، وعنده من العربية واللغة طرف حسن، وله شعر حسن ورسائل، وكان جميل الصورة ديناً، حلو الحديث لبق الرئاسة، سيره الملك الظاهر غازي رسولاً إلى أماكن متعددة.
سمع بحلب محمد بن أسعد الجواني النسابة وشيخنا أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، وغيرهما، وحاضرته كثيراً، ولم أكتب عنه شيئاً وأخبرني ولده علي، النقيب بعده، أن ولادته بحلب سنة أربع وستين وخمسمائة ومن شعره ما قاله وقد نزل بالمعشوق مقابل سر من رأى، وكان قد حج في تلك السنة وأنشدنيها ولده علي عنه:
قد رأيت المعشوق وهو من الهجر ... بحال تنبو النواظر عنه
أثر الدهر فيه آثار سوء ... وأدالت يد الحوادث منه
عاد مستبذلاً ومستبدلاً عزاً ... بذل كأنه لم يصنه
وأنشدني أيضاً قال: أنشدني أبي لنفسه وقد نزل بحاجر:
من شاقة حاجر وبقعتها ... فلست أشتاق حاجراً أبدا
ولا زروداً أو الثعلبية والجفر ... ونجداً وذلك البلدا
فلا سقى حيها ولا جيد مغناها ... وأضحت طرائقاً قددا
توفي الشريف النقيب أبو علي الحسن بن زهرة في جمادى الأولى من سنة عشرين وستمائة بعد وصوله من الحجر، ودفن بسفح جبل جوشن، وحضرت دفنه والصلاة عليه.
الحسن بن زيد: نزل ملطية، وحدث بها عن حميد الطويل، روى عنه أبو يعلى محمد بن أحمد ابن عبد الله بن مروان الملطي وقيل أبو يعلى الحسين بن محمد الملطي.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور قال: قرأت بخط أبي الفتيان عمر بن أبي الحسن الرواسي الحافظ قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد السنجي أبو الحسن البغدادي، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن الحسن الطاهري، قال: حدثنا جابر ابن عبيد الله الموصلي في مسجد ابن مالك، من حفظه، قال: حدثنا أبو يعلى محمد ابن أحمد بن عبد الله بن مروان الملطي بملطية سنة ست وثلاثمائة. قال: حدثنا الحسن بن زيد، ح.
وأنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا إبراهيم بن مخلد - إجازة - قال: حدثنا أبو القاسم جابر بن عبد الله بن المبارك الجلاب الموصلي - من حفظة ببغداد - قال: حدثنا أبو يعلى الحسين بن محمد الملطي بها قال: حدثنا الحسن بن زيد، قال جابر: سألت أبا يعلى عنه فقال: كان رجلاً حل عندنا على جهة الجهاد، فكتبنا عنه قال: حدثنا حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أحب أحدكم أن يحدث ربه تعالى فليقرأ.
حرف السين في آباء من اسمه الحسن
الحسن بن سعيد بن عبد الله بن بندار بن إبراهيم: أبو علي الشاتاني الديار بكري المعروف بالعلم، وكان ينبز بقاع، وشاتان قلعة من نواحي ديار بكر كان فقيهاً أديباً شاعراً، جيد الشعر ظريفاً، رحل إلى بغداد وتفقه بها على مذهب الإمام الشافعي، بالمدرسة الناظمية، علي أبي الحسن علي بن سليمان الأصبهاني، ثم قرأ الفقه من بعده على أبي علي الحسن بن إبراهيم الفارقي، وأبي منصور سعد بن محمد الرزاز.

واشتغل بالأدب على الشريف أبي السعادات بن الشجري، وأبي منصور بن الجواليقي، وسمع بها الحديث من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وأبى منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز، وأبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، وأبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي، وأبى الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام وأبي القاسم هبة الله بن الحصين الشيباني، وأبي الفضل محمد بن ناصر السلامي، وأبي بكر محمد بن القاسم الشهرزوري.
كتب عنه الحافظ أبو القاسم بن عساكر، والحافظ أبو المواهب الحسن بن صصري، والعماد أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني روى لنا عنه شيئاً من الشعر أبو محمد المعافي بن إسماعيل بن الحدوس، والفقيه أبو محمد إسماعيل بن هبة الله بن باطيش.
وقدم الشام سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، وعقد بها مجلس الوعظ، وعاد إلى شاتان، ثم انتقل إلى الموصل وسكنها مدة، وسيره أتابك زنكي بن أق سنقر، وكان صاحب الموصل، رسولاً منه إلى دار الخلافة، وإلى عدة أطراف مراراً متعددة، وأقبل عليه الوزير أبو المظفر يحيى بن هبيرة، وأكرمه ومدح الوزير بقصيدة حسنة، وكان بالموصل في كنف الوزير جمال الدين محمد بن علي، وجيهاً عنده، وتولى البيمارستان بالموصل، وتصرف في وفقة، فلما نكب الوزير جمال الدين اختل أمره فارتحل إلى الشام، وقد حلب، وأقام بهامدة يغشى القاضي محي الدين أبا حامد محمد بن محمد بن الشهرزوري الحاكم بها يومئذ.
ثم انتقل إلى دمشق، وأكرمه الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي، وجعل له معلوماً من البر، وكان يغشى بها قاضي القضاة كمال الدين أبا الفضل محمد بن عبد الله بن الشهرزوري ولم يزل كذلك حتى مات نور الدين محمود بن زنكي، فقطع وزيره أبو صالح عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن الحسن بن العجمي معلومه فهجاه، وقصد الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ومدحه، فنفق عليه وأكرمه وزاد في إكرامه وبره، ثم رجع إلى الموصل، وحدث بشيء يسير من مسموعاته، وكان بينه وبين العماد الكاتب مودة أكيدة ومؤانسة ومكاتبة بالشعر والنثر.
قال لي الفقيه عماد الدين إسماعيل بن باطيش: إن مولد العلم الشاتاني في سنة خمس عشرة وخمسمائة.
وأنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن بن هبة الله الحافظ قال: ذكر لي - يعني - الشاتاني أن مولده سنة عشر وخمسمائة.
وأنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم عيل ابن الحسن بن هبة الله الحافظ قال: ذكر لي - يعني - الشاتاني أن مولده سنة عشر وخمسمائة بقلعة شاتان.
سمعت شيخناً أبا الحسن عيل بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الجزري قال: خبرني أبي قال: كان العلم الشاتاني يمدح مجاهد الدين قايماز، وكان محسناً إليه، فلما قبض على مجاهد الدين هجاه الشاتاني فأطلق مجاهد الدين من الاعتقال، فقطع جاري العلم الشاتاني الذي كان له على جامع الموصل، فدخل عليه ونشده أول قصيدة عملها: كفاني عقاباً ما جنيت على نفسي....
فقال له مجاهد الدين قايماز: حسبك لا تزد على هذا فلو أنك امرؤ القيس ما أتيت في الاعتذار بأبلغ من هذا، ثم عفا عنه، وأطلق جاريه على ما كان.
أنشدني أبو محمد المعافي بن إسماعيل بن الحدوس الموصلي قال: أنشدنا علم الدين الحسن بن سعيد الشاتاني لنفسه:
قلت ثقلت إذ أتيت مراراً ... قال: أثقلت كاهلي بالأيادي
قلت: طولت قال: أوليت طولاً ... قلت: أبرمت قال: حبل الوداد
وأنشدني أبو محمد بن الحدوس الفقيه قال: أنشدني الشاتاني أيضاً لنفسه:
عم بالمعروف حتى لم يدع ... أحداً ينفك عن منته
صدقت نيته في فعله ... فاهتدى بالصدق من نيته
أنشدني عماد الدين أبو المجد إسماعيل بن هبة الله بن سعيد الشافعي الفقيه قال: أنشدنا علم الدين الشاتاني بالموصل بالجامع النوري، قبل وفاته بقليل، وأحضر دواة ورقعة وكتبتهما من لفظه في ذلك المجلس، ولم يسم قائلاً:
مل معي ما عليك ضري ونفعي ... نسأل الجزع عن ظباء الجزع
فعلي السؤال ليس علي العار ... إن ضنت الغواني برجعي

أنبأنا القاضي أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: الحسن بن سعيد بن عبد الله بن بندار أبو علي الديار بكري الشاتان، قلعة من ديار بكر، ذكر أنه سمع ببغداد أبا القاسم بن الحصين، وأبا بكر ابن صهر هبة، وأبا منصور بن زريق، وأبا الحسن بن عبد السلام الكاتب، وأبا البركات الأنماطي، وأبا الفضل بن ناصر، وأبا بكر محمد بن القاسم بن الشهرزوري.
وتفقه على أبي علي الحسن بن سلمان، وأبي منصور بن الرزاز ببغداد، وعلى أبي علي الحسن بن إبراهيم بن برهون الفارقين وتأدب على الشريف ابن الشجري، وأبي منصور نب الجواليقي، وقال الشعر، وأنشأ الرسائل، وقدم دمشق في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، وعقد مجلس الوعظ، وعاد إلى وطنه، ثم انتقل إلى الموصل، وخدم دولة أتابك زنكي وولده رحمه الله، ورسل إلى الخليفة المقتفي، وإلى عدة أطراف، وعاد إلى دمشق سنة ثمان وستين وخمسمائة ومما أنشدني لنفسه مما كتب به إلى خطيب خوارزم أحمد بن مكي، وكان مشهوراً بالفضل جواباً له عن أبيات كتب بها إليه:
سلام كنشر الروض تسري به الصبا ... فتعبق من أنفاسه وتطيب
على من يراه القلب مع بعد داره ... قريباً ويدعو وده فيجيب
إمام له في الفضل أشرف رتبة ... إذا رامها خلق سواه يخيب
وقور إذا طاش الحليم حياؤه ... على نفسه فما يروم رقيب
تفل غرار السيف حدة عزمه ... فيرتاع منها الروع وهو مهيب
إذا ما علا صدر الأئمة منبراً ... فقس عليه بالبيان خطيب
حبيب حباني من جواهر لفظه ... بما قل عنه جرول وحبيب
فحلى بها جيدي وقد كان عاطلا ... وجدد برداً أنهجته خطوب
وصفى لي العيش الذي هو دائما ... بتكدير أحداث الزمان مشوب
يلقح أبكار القرائح فكره ... نسيب لأرواح الأنام نسيب
ألا هل أرى نادي نداه فأرتوي ... فقد كدت من برح الغرام أذوب
والأبيات التي كتب بها خطيب خوارزم ابتداء:
هدى علم الدين المفخم شأنه ... له في عظامي والعروق دبيب
تشوقني الذكرى إليه فأنثني ... وأيسر ما بين الضلوع لهيب
أحن إليه حنة كلما دعت ... شآبيب دمع العين فهي تجيب
بعيداً إذا قلبت طرفي نازح ... وإن لحظته فكرتي فقريب
يشيم لكشف الغامضات مهندا ... يطبق في أوصالها ويصيب
أتاني كتاب منه عم سروره ... يهش له دامي الجفون كئيب
أراه افتخاراً للفرزدق زانه ... بطبع جرير مدحه ونسيب
تخيره عذب الكلام كأنه ... رضيع هذيل بالعذيب ربيب
؟بسم الله الرحمن الرحيم ؟وبه توفيقي

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أبي الحجاج - إذنا - قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني الكاتب قال: علم الدين الشاتاني أبو علي الحسن بن سعيد بن عبد الله، وشاتان من نواحي ديار بكر، مقامه بالموصل، مقر أهله، ومطار فضله، ووكر فراخه، وورد نقاخة ومناخ أشياخه ومرمى مرامه ومرعى سوامه ومراد مراده، ومربض جواده ومراح مراحه ومغدى ومغنى غناه، ومبنى بناه، وأرض رضاه، وروض هواه، ووطن وطره، وحضيرة حضره، وبقعة شاته، ورقعة شاهه، وقلعة نجاته، وبلغة جاهه، وهو في مارستانها متول، وعلى ضبط الأوقاف مستول، وله شقشقة في الأدب تهدر فصاحة، وحملقة في النظر للعجب يسميها حساده حماقة، قد وفر الله حظه من المنطق فما يرى السكون، ويستلذ الاستكثار من الكلام ومواصلته، ولو هجر القوت إذا حضر أدباً لم يرض إلا بأن ينفرد بالقول، وغيره يستمع، ويرفع بالفضل والكل متضع، لا جرم ترشقه سهام الإيذاء، وتطرقه قوراض الطرقاء، ولقد كان في أمان من الطيش وضمان من طيب العيش، وفراغ ورفاغه وبلغة من بلاغه ورفاهية، بغير كراهية، ونعمة لقدر فضله مضاهيه، وبضائع نافعة وذرائع موافقة، ونقود رائجة وعقود متناسقة، ذلك والصدر الوزير جمال الدين بالموصل في صدر وزارته مشرق الجمال متألق الإقبال، فائض السجال، مستفيض النوال، غامراً أولي الفضل بالإفضال، وهم في ظله يقيلون، وإلى نيله يميلون، وبطوله يطولون، وبطوله يصولون، وإلى فيضه يوفضون، وفي روضة يرتاضون، ولنداه ينادون، ولجداه يجتدون، وبنجمه يهتدون، ولهديه يستهدون، وعلم العلم في العلم عنده عال وسعر الشعر في سوق الرجاء رائج غال، فلما نكب الوزير نضب الغدير، وفاض الجهد، وباض الجور، وغاض الماء، وقضي الأمر، وانهز جودي الجود، وذوى عود الوعود، وابتليت بالحزن النهى، وبالخزن اللهى، وصين العرض، وبذل العرض، وبذل العرض، وقصر الطول، وضاق العرض، وحال الجريض دون القريض، وأغنى التصريح برد ذوي الحاجات عن التعريض، وانقطع الواصلون إلى الموصل، وتفرق الفاصلون عن المحفل، وغلب اليأس على الرجاء، والبخل على السخاء، وأظلم الجو، وعدم الضوء وشتا الشاتاني بعده، وصاف، فقد الإنصاف، وحرم الإسعاف، ووقف أمره في الوقف، وعوض بعده، وصاف، ففقد الإنصاف، وحرم الإسعاف، ووقف أمره في الوقف، وعوض بدفعه بالعنف، ونفي حقه ونسي، وأرجي رجاؤه وأنسي، ورأى الموصل مقطعاً والمفزع مفزعاً، والمولى مولياً، والسابق مصلياً والمعرفة نكرة، والمعزفة منكسرة، والمرقة مراقة، والورقة متخزقة، ورفقه الأدب عن المأدبة متفرقة، وطلب أسفار صبح حاله وسفور ود جماله في أسفاره وحلة وترحاله.
فلما سار أنس بالشام من نور الدين ناراً بل نوراً، " وكان أمر الله مقدوراً " فاتخذ دمشق دار هجرته، وغار أسرته ومبرك مبرته، ومسرح مسرته، وبيت قصيدته، فأشرق عند النور نوره، وانتظمت بأمره أموره، ودرت أنواء أدراره، وذرت أنوار أبداره، فلما خبا ذلك النور طوي المنشور، وأطبق الدستور، وتولى أبو صالح ملك الملك الصالح بدأ بتبطيل المصالح، وتعطيل المنائح، ومنح الصلات ورفع الصدقات، وقال للشاتاني: غب وخب، وإذا دعيت فلا تجب، فما لأريب عندنا أرب، وما لأديب لدينا إلا الدأب، والفضل فضوله، والعلم غول، وما علم العلم حينئذ كيف العمل، وخيم الأمل أيحتمل أم يتحمل، أيغرب أم يشرق، أينجد أم يعرق، حتى تدارك الله ذماء الفضل، ورعى ذماء أهله بإناره صبح الحق، وإيضاح سلبه، وإعلاء أعلام الندى، وأحكام أحكام الهدى، ووصول الرايات الملكية الناصرية إلى الشام وقيامه بنصر الإسلام، انتعش جد الكرم العاثر، وحيي رسم الجود الداثر، وفر ذلك الشيطان من ظل عمر، وغم ذلك الغم ما أفاض من البر وغمر، وصار الشام بيوسف مصراً آخر بإحسانه قد فر عون فرعونه وهامانه، وبسط المكرمات وأدر البرات ورد الصلات والصدقات، وعادت حال هذا الفضل حاليه وقيمته عالية وديمة حظه هاميه، وخطوة فضله نامية، ومدحه بقصيدة أولها:
أرى النصر معقوداً برايتك الصفرا ... فسر وافتح الدنيا فأنت بها أحرى
ومنها:
يمينك فيها اليمن واليسر في اليسر ... فبشرى لمن يرجو الندى بهما بشرى

وه علم الدين ذو العلم الغزير، والفضل الكثير، والمحفوظ الوافر من كل فن، وهو المحظوظ بكل قبول، ومن قد وفد في ريعان عمره إلى عمى العزير ببغداد واتخذه المعان، ومدحه فأجازه ومنحه وسلمه إلى ابن سلمان، فقرأ عليه الفقه، وبلغ من معرفته الكنه واكتسب خلقه الظرف، واكتسى شعره الرقة واللطف حاوي المحاسن صافي الباطن سليم القلب قويم اللب حلو الفكاهة، خلو من السفاهة بديع الفقرة، سريع النقرة، عجل الأوبة، طويل الفكرة، قليل العثرة، مستجيب العبرة مستريب بالكرة، وإذا أردت أن تغيظه فتعرض له أو اعترض عليه، وتحدث بين يديه، وقلوب الفضلاء مغسولة وحكمتهم معسولة، وحدتهم مقبولة شدتهم لين، وغثهم سمين، ومقارنتهم فضيلة، ومجانبتهم رذيلة، شرفهم عتيد، وأنفهم شديد.
قد توجه من الموصل إلى دار الخلافة مرار، ووجد برها وكرامتها على الأغيار أوارا، وأقبل عليه الوزير الهبيري لشغفه بأمثاله من أهل الفضل، وعاد نجيع السعي موفور المحل.
أنشدني لنفسه من قصيدة وازن بها قصيدة لي نظمتها في ابن هبيرة الوزير:
أهدى إلى جسمي الفنا فأعله ... وعسى يرق لعبده ولعله
ما كنت أحسب أن عقد تجلدي ... يخل بالهجران حتى حله
يا ويح قلبي أين أطلبه وقد ... نادى به داعي الهوى فأضله
إن لم تجد بالعطف منه على الذي ... قد ذاب من برح الغرام فمن له
وأشد ما يلقاه من ألم الهوى ... قول العواذل أنه قد مله
قال العماد: وعتب علي ونحن بدمشق متجنياً، وضن بمواصلته متظنيا، فإنه كان يستشط من كل كلمة فيها قاع حتى يغضب من ذكر الفقاع، فعلمت أبيات لا يخلو بيت فيها من هذه اللفظة في معان حكمية ليس فيها ذكره، وكانت تنشد وهو يغضب ويحرد ونسبها من أراد إغراءه بي إلي فعتب لأجل ذلك علي وكتبت إليه:
لا أوحش الله منك يا علم الد ... ين ندى الكرام والفضلا
أعلن قلاً ذا الصدود أم ملل ... حاشى العلى ملاله وقلا
هل حالة في العلى لرب علاً ... إن يغتدي هاجراً لرب علا
كنت أخا إن جفا الزمان وفى ... أو قطع الود أهله وصلا
إن أظلمت خطة أضاء لها ... وظلم الخطب جائراً عدلا
رفيق رفق لنا إذا عنف الد ... هر وخلاً يسدد الخللا
صديق صدق ما زال إن كذب الس؟ ... عاة للإصدقاء محتملا
فما الذي كدر الصفاء من ال؟ ... ود ولم يرو ورده الغللا
فضلك روح العلى وهل بدن ... من روحه الدهر واجد بدلا
عذب بما شئت من معاتبة ... أما بهذا الهجر الممض فلا
؟في العمر ضيق فصنه منتهزاً في سعة الصدر فرصة العقلا
أما كفى نائب الزمان على ... تفريق شمل الألاف مشتملا
ما بالنا ما نرى وإن كرموا ... إلا من الأصدقاء كل بلا
إذا شعفنا بقرب ذي شعف ... بقربنا قيل قد نأى وسلا
؟؟زهدت فينا وسوف تطلبنا رب رخيص بعد الكساد غلا
إن كان في طبعك الملال من الش؟ ... يء فهلا أقللت ذا المللا
بعد كمال الإخاء تنقضه ... فحاذر النقص بعد ما كملا
كم صاحب قال لي: ألست على ... بلاء ودي تقيم؟ قلت بلا
كفى لخلي بدين خلته ... مجدي وفضلي ومحتدي كفلا
وكل علم لم يكس صاحبه ... حلماً تراه عطلاً بغير حلى
لحفظ قلب الصديق أجترع الص؟ ... اب وأبقي لكأسه العسلا
إن أنكر الحق كنت معترفاً ... به أو أعوج كنت معتدلا
أو قال ما قال كنت مستمعا ... إليه بالقول منه محتفلا
فضلك في العالمين ليس له ... مثل وقد سار في الورى مثلا
فأولنا الفضل يا ولي ألي ال؟ ... فضل ولا تبغ حل عقد ولا
يا علم الدين أنت علامة ال؟ ... علم الجلي الأوصاف وابن جلا

عرفني العذر في احترامك ذن؟ ... ب العبد واحضر مستجيباً خجلا
وافصل جميلاً هذي القضية بال؟ ... عدل وخل التفصيل والجملا
واعذر جهولاً إذا حسدت فما ... صار حسوداً إلا لما جهلا
وجلت من هجرك المخوف فصل ... واجل عن القلب ذلك الوجلا
وابخل بودي يا سمح فالسمحاء ال؟ ... غر صبر بودهم بخلا
يسامحون الصديق إن زلت النع؟ ... ل ويغضون إن رأوا زللا
وهم خفاف إلى المكارم لي ... لكنهم عن مكارهي ثقلا
فكن من المرتجى غناؤهم ... في صدق ودي وحقق الأملا
قال فكتب إلي متعتباً وصول متقرباً:
قل لعماد الدين الذي رقمت ... أقلامه في طروسه الحللا
تزيد أبصارنا إذا نشرت ... نوراً فتجلو بحسنها المقلا
فابن هلال ونجل مقلة لو ... راما مداه في الخط ما وصلا
فكل تال لها ومستمع ... يهز عطفاً من راحها ثملا
يا بحر علم عذباً لوارده ... كيف أساوى بفضله وشلا
لك اليراع الذي تفل به البي؟ ... ض المواضي وتعزل الأسلا
أودعه الله ذو الجلال كما ... أراد رزق العباد والأجلال
عمك عم الأنام نائله ... فصير الناس كلهم خولا
؟وساد كل الورى بسؤدده وشاد مجداً سامي به زحلا
من كنت قدماً ربيب نعمته ... نشواً وغصن الشباب ما ذبلا
وارتاح لراحة التي امتزجت ... بالروح فيها وعاف دار بلا
حيا الحيا قبره وأنبت ما ... عليه من روضه الأنيق حلى
تالله ما حلت عن ولائكم ... يوماً ولا اعتضت عنكم بدلا
لكن رأيت الخمول أروح ... مما أعاني الخصام والجدلا
في دار مولى تقيم لي أبداً ... جموعه في خصومتي رسلا
يشير إلى قاضي القضاة كمال الدين بن الشهرزوري، فإن الجماعة كانا يداعبونه بحضرته ويعضهونه.
من كنت ليث الشرى فغادرني ... بحمل أثقال جوره جملا
أرى نهيق الحمار يطربهم ... وينكرون الجواد إن صهلا
يجحد فضلي وكل ذي أدب ... يمتار مما أصوغ مرتجلا
من لي بخل تدوم خلته ... لوا أرى في خلاله خللا
ترى مياهاً عيني وبي ظمأ ... وما أروى بوردها الغللا
وهذه قصتي مخمرة نظمت تفصيله له جملا
وأنشدنا إبراهيم بن سليمان بن النجار الكاتب الدمشقي بها قال: أنشدني شهاب الدين فتيان الشاغوري لنفسه وذكر أنه أنشدها صفي الدين أبا الفضل بن القابض فكان في مجلسه العلم الشاتاني وكان ينبز بقاع، ويغضب إذا ذكرت هذه الكلمة بحضرته:
هاجتك رسوم عفت لزينب بالقاع ... أمست درساً بعدها معطلة قاع
لا جاد عليها من السماء ملث ينه؟ ... ل بمثعنجر الوديقة وقاع
إن كنت كريماً على الجميل مسفاً لم تمس ... على هامة الدناءة وقاع
فاسلك سنن الفضل مادحاً لأبي ... الفضل تكن عنده ابن شوذب قعقاع
واسمع مثلاً هل يقاس شارب خمر ... إذا ما انتشى بشارب فقاع
قال: فغضب لذلك واستشاط غيظاً والأبيات أكثر من ذلك لم يكن على خاطره غير هذه الخمسة منها:

أخبرني موفق الدين علي بن محمد البغدادي الشاعر بسنجار، ومذاكرة، قال: كان البهاء السنجاري في خدمة تقي الدين عمر بن شاهنشاه فقال له يوماً: أريد أن أصيح على العلم الشاتاني قاع بحضرة السلطان الملك الناصر، وكان الشاتاني ينبز بقاع، ويغضب من ذلك، قال وكان يجلس إلى جانب الملك الناصر في المجلس ويظهر تيهاً على غيره من الشعراء فقال له تقي الدين: لا تفعل، فما يعجب السلطان هذا، فقال له البهاء السنجاري: بلى ولا أقول ذلك إلا على وجه لطيف يعجب السلطان، فحضر اليوم الثاني والعلم إلى جانب السلطان فوقف بين يدي السلطان فأمره بالجلوس فقال: معي خدمه فأمره بالإنشاد فابتدأ وقال:
ما للصدا إلا لديك انتقاع ... ملكك الله جميع البقاع
وذكر قصيدة طويلة على هذه القافية يمدحه فيها قال: فتبرم العلم وجعل يكظم الخيمة عن العلم ويجتهد أن لا يراه، وأهل المجلس منهم من خرج إلى خارج الخيمة ومنهم من جعل يضحك ويخفي ذلك جهده فلما فرغ من الإنشاد جلس إلى جانب العلم وسكت ساعة، ثم التفت إليه وقال له: يا مولانا علم الدين قال الله تعالى: " ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً فيذرها قاعاً " ، يا علم الدين قاع على أي شيء انتصب؟ فصاح فيه، وقال: على كذا وكذا من عيالك وشتمه شتماً قبيحاً.
أخبرني عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الجزري قال: كان العلم الشاتاني طريفاً، وكان كثير المخالطة لكمال الدين ابن الشهرزوري آراءهم، فسير كمال الدين رجلين من أصحابه ليفزعاه، ونزلا عليه ليلاً وجذبا عليه سكينتين، وقالا له: نحن قد سيرنا سنان إليك لنقتلك، وهو يقول لك: ويلك كم تتجرأ علينا وتشتمنا وتنسمج في حقنا؟ قال: فطار عقله وجعل يتضرع إليهما ويسألهما أن لا يقتلاه ويقول: يكذب علي وما قلت شيئاً، ومع هذا فأنا تائب ولا أعود إلى شيء من ذلك أبداً، فقالا له بعد الجهد: فما يمكننا أن نمضي إليه إلا بعلامة أمرنا بها لهما: العلم اقفلا ما شئتما، ولا تبطئا علي أكثر من يومين فأخذا فقفلاً وقفلاه على أنثييه، ومضيا فلما أصبح أرسل كمال الدين ابن الشهرزوري إلى العلم يطلبه إليه فاعتذر عن الحضور وكتمه أمره، وقال: قد طلع لي دمل ولا سبيل لي إلى المجيء إليك، فأرسل إليه: لا بد حضورك فاعتذر، وقال: لا أطيق، فأرسل إليه محفة وقال: تحضر في المحفة، فحمل في محفة وأحضر عند القاضي كمال الدين وهو على غاية من الألم لأن القفل ينحدر على أنثييه فيؤلمه، وهو بين فخذيه لا يطيق المشي منه، فقال: ما بك؟ فقال: دمل فقال: ندعو لك طبيباً يبصرك فقال لا حاجة لي إليه فألح كمال الدين عليه في إحضار فصدقه الحال، و قال: إنه حضر عندي رجلان ليلاً وذكر له ما جرى عليه، فقال له كمال الدين كالجاهل بالقضية: ألم أنهك وأقل لك لا تتعرض لهم ولا تذكرهم بسوء فإنك لا تأمن غائلتهم، ثم قال له: فنحن نستدعي رئيس الباطنية هاهنا ونسأله في أمرك؟ فقال: افعل فأرسل إلى رجل من أصحابه وأحضره على أنه رئيس الباطنية وخاطبه في معناه فقال: مفتاح القفل عندي وقد تركه عندي الرجلان ومضيا، فإن شرطت عليه أنه لا يعود إلى ذكرنا بسوء أطلقناه، فشرطوا عليه ذلك، وفتح القفل وأطلق وكانت هذه من مطايبات كمال الدين له.
سمعت القاضي نجم الدين الحسن بن عبد الله بن حمزة بن أبي الحجاج العدوي، قاضي حلب يقول: كان بدمشق رجلاً يقال له البدر الأرموي، وكان بينه وبين العلم الشاتاني شيء فحضرا يوماً وليمة عند القاضي كمال الدين الشهرزوري وكان البدر الأرموي يجعل في كمه قدراً صغيرة مربوطة في زنده ليجعل فيها طعاماً يزله من الوليمة التي يحضرها وكان واسع الأكمام فراقبه العلم الشاتاني إلى أن وضع فيها الطعا، وملأها وغافله، وضرب القدر على كمه فانكسرت، وتبدد جميع ما فيها من الطعام وسال في كمه وامتلأ كمه به، فجعل البدر الأرموي ينفض كمه ويلوث به ثياب الناس حتى وصل من ذلك إلى كمال الدين وجميع من في المجلس.

قال لي الفقيه عماد الدين أبو المجد إسماعيل بن باطيش: مات العل الشاتاني في حدود سنة تسعين وخمسمائة بالموصل، وهذا وهم والصحيح ما أنبأنا به أبو الوحش عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصري قال: بلغني وفاته - يعني الشاتاني - في شهر شعبان سنة تسع وسبعين، وقد جاوز السبعين، وقرأت ذلك بخط الحافظ أبي المواهب في معجم شيوخه، وكتب إلينا أبو عبد الله بن الدبيثي من بغداد أن العلم الشاتاني توفي في شعبان سنة تسع وسبعين وخمسمائة، قال: وبلغني أنه تغير في آخر عمره.
؟ذكر من اسمه سفيان في أباء من اسمه الحسن ؟الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء الشيباني: أبو العباس النسوي البالوزي الحافظ، صاحب مسند الحسن بن سفيان حافظ كبير، رحل رحلة واسعة دخل فيها الشام، وسمع بحلب أبا نعيم عبيد بن هشام وعبد الرحمن بن عبيد الله أخا الإمام الحلبيين وسمع بتل منس المسيب بن واضح السلمي التلمنسي، وروى عنهم، وعن هشام بن عمار، وهشام ابن خالد، ومحمد بن رمح، وإبراهيم بن هشام بن يحيى، وإبراهيم بن أيوب الحوراني، وأبي بكر بن أبي شيبة، وإسحق بن راهويه، وإبراهيم بن يوسف البلخي، وأحمد بن محمد بن حنبل، وإبراهيم بن الحجاج، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وأبي بكر محمد بن الحسين الأعين، وحبان بن الحجاج، وإبراهيم بن يوسف البلخي، وأحمد بن محمد بن حنبل، وإبراهيم بن الحجاج، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وأبي بكر محمد بن الحسين الأعين، وحبان بن موسى، وسويد بن سعيد وأبي الربيع الزهراني وسهل بن عثمان العسكري، وشيبان بن فروخ، وعيسى بن حماد، وعبد الرحمن بن سلام الجمحي، وعمرو الناقد، وعلي بن حجر، وعمرو بن زرارة، والعباس بن عثمان المعلم، وصفوان بن صالح، وعباس بن الوليد الخلال، وقتيبة بن سعيد، ويحيى بن معين وهرون بن سعيد، وعبد الله بن محمد بن أسماء ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، وأبي كامل الجحري وأبي خيثمة زهير بن حرب، وهدبة بن خالد ودحيم الدمشقي، وعبيد الله بن عثمان القواريري، وأبي مصعب، وحرملة بن يحيى، وأبي الطاهر وغيرهم.
روى عنه حفيده إسحق بن سعد بن الحسن بن سفيان، وأبو محمد سفيان ابن محمد بن الحسن بن سفيان وأبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان، ومحمد بن يعقوب بن يوسف الشيباني، وأبو بكر محمد بن إسحق بن خزيمة،وأبو الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر الرازي، وآباء بكر: محمد بن الحسن النقاش، وأحمد ابن إبراهيم الإسماعيلي ومحمد بن داود بن سليمان الزاهد وعبد الله ابن محمد بن مسلم الأسفرائيني، ومحمد بن جعفر البستي، وأبو علي الحسين بن علي الحافظ، وأبو عمرو أحمد بن المبارك المستملي وأبو حاتم محمد بن حبان البستي، وجعفر بن محمد بن سورا، وأحمد بن محمد بن الحسن بن الشرقي أبو حامد، وأبو جعفر محمد بن علي الجوسقاني، وعلي بن بندار الزاهر، وإبراهيم بن إسماعيل القارئ، وإبراهيم بن محمد بن عبدك.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو الحسن مسعود بن أبي منصور بن محمد بن الحسن الخياط، قراءة عليه بأصبهان، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد ابن عبد الله الحافظ قال: حدثنا محمد بن علي اليقطيني، ومحمد بن علي بن إبراهيم قال: حدثنا الحسين بن عبد الله القطان قال: حدثنا حكيم بن سيف، ح.
قال أبو نعيم: وحدثنا أبو عمرو بن حمدان قال: حدثنا الحسن بن سفيان قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الحلبي، وحكيم بن سيف قالا: حدثنا عبي الله عن عبد الكريم عن محمد بن المنكدر، ح.
قال: وأخبرنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن سابور قال: حدثنا أبو نعيم الحلبي قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: جيء بأبي يوم أحد مجدعاً، فجعلت أبكي عليه وأكشف عن وجهه، ولا ينهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فلما رفع قال: ما زالت الملائكة حافة بأجنحتها حتى رفع.

أخبرنا أبو القاسم هذا هبة الله بن محمد المقدسي بمكة وأبو الفضل أحمد بن محمد ابن عبد العزيز بن الحباب، بالحجر تجاه الكعبة المعظمة، وأبو علي حسن بن أحمد ابن يوسف الأوقي، بالمسجد الأقصى، وأبو عبد الله محمد بن داود بن عثمان الدربندي، بحبرى عند تربة الخليل عليه السلام، وأبو الخطاب عمر بن أيملك ابن الأردعا نسي بالبيت المقدس وأبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الأنصاري بحلب، والخطيب أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن هبة الله بمنبج وآخرون قالوا: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو القاسم ميمون بن عمر بن محمد الفقيه البابي بباب الأبواب، قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن الحسن الآزجي قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الأسفرائيني قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عبدك الشعراني قال: حدثنا الحسن بن سفيان النسوي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين الأعين قال: حدثنا الحسن بن سفيان النسوي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين الأعين قال: حدثنا نعيم بن حماد قال: حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عقبة ابن أوس عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به " .
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد قال: أخبرنا علي بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا محمد بن حبان البستي قال: أخبرنا الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء الشيباني أبو العباس بحديث ذكره.
أنبأنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي وعبد الرحمن بن عمر بن علي وعبد الرحمن بن عمر بن أبي نصر قالا: أخبرنا أبو الخير أحمد بن إسماعيل القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر أن أبوي عثمان الصابوني والبحيري، وأبوي بكر البيهقي والحيري كتبوا إليه قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال: الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء الشيباني أبو العباس النسوي - من قرية بالوز، وهي على ثلاث فراسخ من البلد - بنسا، وهو محدث خراسان في عصره مقدم في التثبت والكثرة والرحلة، والفهم والفقه والأدب، تفقه عند أبي ثور إبراهيم الحنظلي، وعمرو بن زرارة وقتيبة بن سعيد، وإبراهيم بن يوسف وعيل بن حجر، وإبراهيم بن عبد الله الخلال وأقرانهم.
وسمع ببغداد أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعمرو بن محمد الناقد، وسويد بن سعيد، وأبا خيثمة، والقواريري وأٌقرانهم. وسمع بالبصرة إبراهيم بن الحجاج الشامي، وأبا الربيع الزهراني، وسهل بن عثمان العسكري، وعبد الرحمن ابن سلام الجمحي، وأبا كامل الجحدري، وهدبة بن خالد وشيبان بن فروخ، وأقرانهم، وسمع بالكوفة كتب الأمهات عن آخرها من أبي بكر بن أبي شيبة فيمن بعده في عصره. وسمع بالحجاز إبراهيم بن المنذر الحزامي، وأبا مصعب الزهري وأقرانهما، وسمع بمصر هرون بن سعيد الأيلي وعيسى بن حماد ومحمد ابن الرمح وأبا الطاهر وحرملة بن يحيى وأقرانهم. وسمع بالشام صفوان بن صالح وهشام بن خالد والمسيب بن واضح، وهشام بن عمار، ودحيم بن اليتيم، وأقرانهم وصنف المسند الكبير، والجامع والمعجم، وغير ذلك وهو راوية خراسان لمصنفات الأئمة فإنه سمع مصنفات عبد الله المبارك عن آخرها من حبان بن موسى، وسمع أكثر المسند من إسحق بن راهويه، وسمع السنن من أبي ثور، وسمع الكتب عن آخرها من أبي بكر بن أبي شيبة والسير من المسيب بن واضح، والموطأ من حرملة ابن يحيى والتيسيير من محمد بن أبي بكر المقدمي، وكان محدث عصره، حدث بنيسابور غير مرة آخرها سنة اثنتين وثمانين ومائتين، وعاش بعد ذلك عشرين سنة، والرحلة إليه بخراسان وروى عنه أبو بكر محمد بن إسحق بن خزيمة وجعفر بن أحمد بن سوار، وعمر بن المبارك وأحمد بن محمد بن الحسن بن الشرقي وأبو بكر أحمد بن علي الرازي والصدر الأول من مشايخنا.

أخبرنا عبد الرحمن بن أبي منصور في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان ابن عطاء، أبو العباس الشيباني النسوي الحافظ، صاحب المسند، سمع بدمشق هشام بن خالد ودحيماً، وإبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى، وصفوان بن صالح وهشام بن عمار وإبراهيم بن أيوب الحوراني، عباس بن الوليد الخلال والعباس ابن عثمان المعلم،وروى عنهم وعن هدبة ابن خالد وأبي بكر بن أبي شيبة وحبان بن موسى، وإسحق بن راهويه، وعمرو بن زرارة، وقتيبة وإبراهيم بن يوسف البلخي، وعلي بن حجر، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعمرو الناقد، وسويد بن سعيد، وأبي خيثمة، والقواريري، وإبراهيم بن الحجاج وأبي الربيع الزهراني، وسهل بن عثمان العسكري، وعبد الرحمن بن سلام الجمحي وأبي كامل الجحدري، وشيبان بن فروخ وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وأبي مصعب وهرون بن سعيد، وعيسى بن حماد ومحمد بن رمح وأبي الطاهر، وحرمله، والمسيب بن واضح.
روى عنه محمد بن يعقوب بن يوسف الشيباني الحافظ، والحسين بن علي أبو علي الحافظ، وأبو بكر محمد بن اسحق بن خزيمة، وهو من أقرانه، وجعفر بن محمد بن سوار وأبو عمر وأحمد بن المبارك المستملي، وأبو الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر الرازي، وأبو بكر محمد بن الحسن النقاش المقرئ، وأبو حامد ابن الشرقي، وأبو عمرو بن حمدان وأبو بكر محمد بن داود بن سليمان الزاهد، وأبو بكر محمد بن جعفر البستي وأبو بكر عبد الله بن محمد بن مسلم الأسفرائيني وأبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي الجرجاني، وأبو جعفر محمد بن علي الجوسقاني، وأبو حاتم محمد بن حبان البستي وإبراهيم بن إسماعيل القاري، وعلي بن بندار الزاهد وابنا ابنيه اسحق بن سعد بن الحسن وأبو محمد سفيان بن محمد بن الحسن بن سفيان.
أنبأنا أبو نصر بن هبة الله قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: في نسخه ما شافهني به أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك قال: أخبرنا عبد الرحمن ابن محمد بن اسحق قال: أخبرنا الحسين بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد، ح.
قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله - إجازة - قالا: أخبرنا عبد الرحمن بن حاتم قال: الحسن بن سفيان النسائي، روى عن حبان بن موسى وقتيبة بن سعيد، واسحق بن راهويه، وأبي بكر بن أبي شيبة، فكتب إلي وهو صدوق.
أنبأنا أبو بكر عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن عمر قالا: أخبرنا أبو الخير أحمد بن إسماعيل القزويني قال أخبرنا زاهر بن طاهر أن أبوي عثمان الصابوني والبحيري، وأبوي بكر البيهقي والحيري كتبوا إليه قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال: سمعت أبا الوليد الفقيه يقول: كان الحسن ابن سفيان أديباً فقيهاً، أخذ الأدب عن أصحاب النضر بن شميل، والفقه عن أبي ثور، وكان يفتي على مذهب أبي ثور.
وقال الحاكم: سمعت أبا عمرو بن أبي جعفر يقول: سمعت أبا بكر بن علي الرازي يقول، في حياة الحسن بن سفيان: ليس للحسن في الدنيا نظير.
وقال: سمعت أبا الوليد يقول: سمعت الحسن بن سفيان يقول: لما قدمت على علي علي بن حجر وكان من آدب الناس وكان لا يرضى قراءة أصحاب الحديث، فغاب القارئ عنه يوماً فقال: هاتوا من يقرأ، فقمت فقلت: أنا فقال اجلس، ثم قال في الثانية: من يقرأ؟ قلت أنا، فقال: اجلس وزبرني إلى أن قال الثالثة، فقلت: أنا فقال كالمغضب: هات فقرأت ذلك المجلس وهو ذا يتأمل، ويجهد أن يأخذ علي شيئاً في النحو واللغة فلم يقدر عليه فلما فرغت قال ي: يا فتى ما اسمك قلت: الحسن، قال: ما كنيتك؟ قلت: لم أبلغ رتبة الكنية، فاستحسن قولي، قال: كنيتك أبا العباس قال: فكان الحسن بن سفيان يفتخر أن علي بن حجر كناه.

وقال الحاكم: سمعت أبا بكر محمد بن داوود بن سليمان يقول: كنا عند الحسن بن سفيان ببالوز، دخل عليه أبو بكر محمد بن اسحق بن خزيمة، وأبو عمر أحمد بن محمد الحيري، وأبو بكر أحمد بن علي الرازي الحافظ في جماعة أصحاب أبي بكر المطوعة، وهم متوجهون إلى فراوة، فقال له أبو بكر بن علي: قد كتبت للأستاذ أبي بكر محمد بن اسحق هذا الطبق من حديثك، فقال: هات واقرأ فأخذ يقرأ، فلما قرأ أحاديث أدخل إسناداً منها في إسناد، فرده الحسن إلى الصواب فلما كان بعد ساعة أدخل أيضاً إسناداً في إسناد فرده إلى الصواب، فلما كان في الثالثة قال له الحسن: ما هذا لا تفعل فقد احتملتك مرتين، وهذه الثالثة وأنا ابن تسعين سنة فاتق الله في المشاريخ فربما استجيبت فيك دعوة، فقال له أبو بكر محمد ابن اسحق: مه لا يؤذي الشيخ، قال أبو بكر بن علي: إنما أردت أن يعلم الأستاذ أن أبا العباس يعرف حديثه.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل عن زاهر بن طاهر عن أبي بكر أحمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا علي الحسين ابن علي الحافظ يقول: سمعت الحسن بن سفيان يقول: أنا فاتني يحيى ابن يحيى بالوالدة لم تدعني أخرج إليه، فعوضني الله بأبي خالد الفراء وكان أسند من يحيى بن يحيى.
قال: وأخبرنا أبو عبد الله قال: سمعت أبا بكر محمد بن جعفر البستي يقول: سمعت الحسن بن سفيان يقول: لولا اشتغالي بحيان بن موسى، وسماع مصنفات ابن المبارك منه لجئتكم بأبي الوليد وسليمان بن حرب.
أخبرنا أبو نصر القاضي في كتاب قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو سعيد هبة الله بن القاسم بن عطاء المهراني - إجازة فيما أرى - قال أخبرنا أبو نعيم المعقلي قال: حدثني الفقيه أبو نصر أحمد بن جعفر الأسفرائيني بها أقالك حدثنا الفقيه أبو الحسن الصفار قال: كنا عند الشيخ الإمام الزاهد الحسن بن سفيان النسوي وقد اجتمع لدينه طائفة من أهل الفضل، ارتحلوا إليه من أطباق الأرض والبلاد البعيدة مختلفين إلى مجلسه لاقتباس العلم، وكتبة الحديث، فخرج يوماً إلى مجلسه الذي كان يملي فيه الحديث فقال: اسمعوا ما أقول لكم قبل أن نشرع في الإملاء، قد علمنا أنكم طائفة من أبناء النعم وأهل الفضل هجرتم أوطانكم وفارقتم ديراكم وأصحابكم في طلب العلم واستفادة الحديث، فلا يخطرن ببالكم أنكم قضيتم بهذا التجشم للعلم حقاً، أو أديتم بما تحملتم من الكلف والمشاق من فروضه فرضاً فإني أحدثكم ببعض ما تحملته في طب العلم من المشقة والجهد وما كشف الله سبحانه وتعالى عني وعن أصحابي ببركة العلم وصفوة العقيدة من الضيق والضنك.

اعلموا أني كنت في عنفوان شبابي ارتحلت من وطني أطلب العلم واستملاء الحديث، فاتفق حصولي بأقصى المغرب وحلولي بمصر في تسعة نفر من أصحابي طلبة للعلم وسامعي الحديث، وأعلاهم إسناداً وأصحهم رواية، فكا يملي علينا كل يوم مقداراً يسيراً من الحديث حتى طالت المدة وخفت النفقة ودفعت الضرورة إلى بيع ما صحبنا من ثوب وخرقة إلى أن لم يبق لنا ما كنا نرجو حصول قوت يوم منه وطوينا ثلاثة أيام بلياليها جوعاً وسوء حال، ولم يذق أحد منا فيها شيئاً وأصبحنا بكرة اليوم الرابع بحيث لا حراك بأحد من جملتنا من الجوع وضعف الأطراف وأحوجت الضرورة إلى كشف قناع الحشمة وبذل الوجه للسؤال، فلم تسمح أنفسنا بذلك ولم تطب قلوبنا به وأنف كل واحد منا عن ذلك، والضرورة تحوج إلى السؤال على كل حال، فوقع اختيار الجماعة على كتابة رقاع بأسامي كل واحد منا، وأرسالها قرعة فمن ارتفع اسمه من الرقاع كان هو القائم بالسؤال واستماحة القوت لنفسه ولجيمع أصحابه، فارتفعت الرقعة التي اشتملت على اسمي فتحيرت ودهشت ولم تسامحني نفسي بالمسألة واحتمال المذلة فعدلت إلى زاوية من المسجد أصلي ركعتين طويلتين قد اقترن الاعتقاد فيها بالإخلاص أدعو الله سبحانه بأسمائه العظام وكلماته الرفيعة لكشف الضر وسياقة الفرج، فلم أفرغ بعد عن إتمام الصلاة حتى دخل المسجد شاب حسن الوجه، نظيف الثوب طيب الرائحة يتبعه خادم في يديه منديل فقال: من منكم الحسن بن سفيان؟ فرفعت رأسي من السجدة فقلت: أنا الحسن بن سفيان، فما الحاجة؟ فقال: إن الأمير ابن طولون صاحبي يقرئكم السلام والتحية ويعتذر إليكم في الغفلة عن تفقد أحوالكم والتقصير الواقع في رعاية حقوقكم، وقد بعث بما يكفي نفقة الوقت وهو زائركم غداً بنفسه ويعتذر بلفظه إليكم، ووضع بين يدي كل واحد منا صرة فيا مائة دينار، فتعجبنا من ذلك جداً، وقلنا للشاب: ما القصة في هذا؟ فقال: أنا أحد خدم الأمير ابن طولون المختصين به والمتصلين بأقربائه وخواص أصحابه، دخلت عليه بكرة يومي هذا مسلماً في جملة أصحابي، فقال لي وللقوم: أنا أحب أن أخلو يومي هذا فاصنرفوا أنتم إلى منازلكم، فانصرفت أنا والقوم، فلما عدت إلى منزلي لم يتسق قعودي حتى أتاني الأمير مسرعاً مستعجلاً يطلبني حثيثاً فأجبته مسرعاً، فوجدته منفرداً في بيت واضعاً يمينه على خاصرته لوجع ممض اعتراه في داخل جسده، فقال لي: أتعرف الحسن بن سفيان وأصحابه؟ فقلت: لا، فقال: أقصد المحلة الفلانية والمسجد الفلاني واحمل هذه الصرر وسلمها في الحين إليه وإلى أصحابه، فإنهم منذ ثلاثة أيام جياع بحالة صعبة ومهد عذري لديهم، وعرفهم أني صبيحة الغد زائرهم ومعتذر شفاها إليهم، فقال الشاب: سألته عن السبب الذي دعاه إلى هذا، فقال: دخلت هذا البيت منفرداً على أن أستريح ساعة فلما هدأت عيني رأيت في المنام فارساً في الهواء متمكناً تمكن من يمشي على بساط الأرض وبيده رمح فقضيت العجب من ذلك وكنت أنظر إليه متعجباً حتى نزل إلى باب هذا البيت ووضع سافلة رمحه على خاصرتي فقال: قم فأدرك الحسن بن سفيان وأصحابه، قم وأدركهم، قم وأدركهم، قم وأدركهم، فإنهم منذ ثلاثة جياع في المسجد الفلاني، فقلت له: من أنت؟ فقال: أنا رضوان صاحب الجنة ومنذ أصاب سافلة رمحه خاصرتي أصابني وجع شديد لا حراك بي له، فعجل إيصال هذا المال ليزول هذا الوجع عني.
فقال الحسن: فتعجبنا من ذلك وشكرنا الله سبحانه وتعالى وأصلحنا أمورنا ولم تطب أنفسنا بالمقام حتى لا يزورنا الأمير، ولا يطلع الناس على أسرارنا فيكون ذلك سبب ارتفاع اسم وانبساط حياة ويتصل ذلك بنوع من الرياء والسمعة، وخرجنا تلك الليلة من مصر وأصبح كل واحد منا واحد عصره وقريع دهره في العلم والفضل، فلما أصبح الأمير ابن طولون أتى المسجد لزيارتنا وطلبنا وأحسن بخروجنا أمر بابتياع تلك المحلة بأسرها ووقفها على ذلك المسد وعلى من ينزل به من الغرباء وأهل الفضل وطلبة العلم نفقة لهم حتى لا تختل أمورهم ولا يصيبهم من الخلل ما أصابنا وذلك كله بقوة الدين وصفوة الاعتقاد والله سبحانه ولي التوفيق.
قال الحافظ أبو القاسم: كان في الأصل في المواضع كلها طولون، والصواب ابن طولون.

أنبأنا أبو بكر بن عمر وعبد الرحمن بن عمر قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر أن أبي عثمان الصابوني والبحيري، وأبوي بكر البيهقي والحيري كتبوا إليه قالوا: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت اسحق ابن سعد بن الحسن بن سفيان بنسا يقول: توفي جدي أبو العباس رضي الله عنه سنة ثلاث وثلاثمائة.
أخبرنا أبو الوحش بن نسيم في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أنبأنا أبو سعد محمد بن محمد وأبو علي الحسن بن أحمد، وأبو القاسم غانم بن عبيد الله، ثم أخبرنا أبو المعالي عبد الله بن أحمد بن محمد البزاز قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد قالوا: أخبرنا أبو نعيم قال: سمعت عبد الله بن محمد بن جعفر يقول: وفيها - يعني - سنة ثلاث وثلاثمائة مات الحسن بن سفيان النسائي.
أنبأنا أبو المظفر عبد الرحيم نب أبي سعد السمعاني، والقاسم بن عبد الله بن عمر الصفار قال أبو المظفر: أخبرنا أبو البركات عبد الله بن محمد ابن الفضل الفراوي، وقال القاسم: أخبرتنا عمة والدي عائشة بنت أحمد بن منصور الصفار قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي الأديب، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله قال: سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله بن الجراح المروزي العدل يقول: توفي أبو صالح الحسين بن الفرج المروزي وأبو العباس الحسن بن سفيان النسوي سنة ثلاث وثلاثمائة.
؟الحسن بن سفيان المصيصي: حدث، روى عنه أبو بكر أحمد بن محمد بن هرون الخلال.
الحسن بن السلم الحراني: قدم دمشق وسمع بها هشام بن عمار واجتاز بحلب في طريقه، وروى عنه من أهلها أبو أيوب سيلمان بن محمد بن إدريس الحلبي.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم قال: الحسن بن السلم الحراني سمع هشام بن عمار بدمشق، وروى عنه أبو أيوب سليمان بن محمد بن إدريس الحلبي.
الحسن بن سليمان بن القاسم: شاعر كان بمعرة النعمان وقفت له على أبيات في مراثي بني المهذب يرثي بها الشيخ أبا القاسم جعفر بن علي بن المهذب وهي:
صبراً على دهرنا ومحنته ... حين رمانا عن قوس نكبته
وابتز منا فتى لغيبته ... غاب سرور الورى ومنيته
لو كان يفدى ميت لكان فدا ... دعفر فرضاً على عشيرته
لكنها ساعة موقتة ... فكل خلق آت بوحدته
فكلنا للفناء موردنا ... نشرب كأساً نفني بجرعته
فالغر من يغتر بلذتها ... وهو غداً واقف بحسرته
لا ينفع المال والبنون ... ولا يفوز خلق إلا برحمته
يا جعفر قد حباك ربك بالفضل وشرفت في بريته
إن كان قد ضمك الثرى ... فلقد خلفت قرماً نزهو برفعته
ومن حق هذا الشعر أن لا يذكر، لكني رأيته مذكوراً في كتاب جمع فيه مراثي بني المهذب المعريين فأحببت أن لا أخل بذكره، لأن لناظمه ذكراً في الجملة.
ذكر من اسمه سليمان في آباء من اسمه الحسن الحسن بن سليمان بن الخير: أبو علي الأنطاكي المقرئ المعروف بالنافعي من أهل أنطاكية، وسكن مصر وتصدر بها لإقراء القرآن، وكان قرأه على أبي الفرج محمد بن أحمد الشنبوذي، وأبي الفتح أحمد بن عبد العزيز بن جعفر بن جعفر المقرئ المعروف بابن بدهن، وأبى القاسم المظفر بن عبد الله المعروف بزعزاع، صاحب ابن الأخر، وأبى بكر محمد بن علي المصري، وعلي بن محمد البرزدي، قرأ عليه أبو العباس أحمد بن علي بن هاشم المقرئ، وأبو بكر محمد بن الحسن بن علي السوسي المقرئ، وكان يؤدب أولاد الوزير أبي الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات وله معرفة بالعربية.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن أحمد الأندلسي بحلب قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن خلف بن صاف اللخمي، وعبد الرحمن بن غالب الشراط، وأبو الوليد جابر بن أبي أيوب قالوا: أخبرنا أبو الحسن شريح بن محمد بن شريح الرعيفي قال: حدثنا أبي قال: قرأت بها يعني برواية الدورى عن الكسائي على أبي العباس أحمد بن علي بن هاشم المقرئ، وقرأ ابن هاشم على أبي الحسن بن سليمان الأنطاكي، وقرأ أبو علي الأنطاكي على أبي الفتح أحمد بن عبد العزيز المقرئ المعروف بابن بدهن وقرأ أبو الفتح على أبي عثمان سعيد بن عبد الرحيم المقرئ، وقرأ أبو عثمان الدوري.
قرأت بخط أبي طاهر السلفي رحمه الله: أبو علي الحسن بن سليمان النافعي ثم الأنطاكي مقرئ قد قرأ القرآن على أبي الفتح أحمد بن عبد العزيز بن بدهن المقرئ، قرأ عليه أبو بكر محمد بن الحسن بن علي السوسي المقرئ بمصر.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عيل بن الحسن قال: الحسن بن سليمان بن الخير، أبو علي الأنطاكي المقرئ المعروف بالنافعي، سكن مصر وقر بدمشق على أبي القاسم المظفر بن عبد الله، المعروف بالنافعي، سكن مصر وقرأ بدمشق على أبي القاسم المظفر بن عبد الله، المعروف بزعزاع، صاحب ابن الأخرم وبغيرها على أبي الفتح عبد العزيز بن جعفر بدهن، وأبى الفرج محمد بن أحمد الشنبوذي، وعلي بن محمد البرزندي، وأبي بكر محمد بن علي المصري، وكان يؤدب أولاد الوزير جعفر بن الفضل بن حنزابة.
وقال: ذكر أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان الداني أن أبا علي كان من أحفظ أهل عصره للقراءات والغرائب من الروايات، والشاذ من الحروف، ومع ذلك يحفظ تفسيراً كبيراً، ومعاني وأعراباً وعللاً، واختلاف الناس في ذلك ينص ذلك نصاً بطلاقة لسان وحسن منطق، ولا يلحن وكانت له إشارات يشير بها لمن قرأ عليه تفهم عنه في الكسر والفتح والمد والقصر والوقف وبما كان يبتدئ بالمسألة من غير أن يسأل عنها فينص أقوال العلماء فيها ليرى حفظة، وكان يظهر مذهب الروافض، ويشير إلى القول بالتشيع بسبب السلطان شاهدت ذلك منه وذاكرت به فارس بن أحمد غير مرة، وكان لا يرضاه في دينه.
قال أبو عمرو: وبلغني أنه قال لمحمد بن علي حين ختم عليه القرآن: يا أبا بكر إنما قرأت عليك للرواية لا للدراية. قال: وسمعت فارس بن أحمد يقول وقد ذاكرته بأبي علي: كان أبو علي لا يقر بقراءته على الشنبوذي ما دام حياً، فلما توفي قال: قرأت على الشنبوذي، وأسند عنه.
وقال أبو عمرو: قتل أبو علي سنة تسع وتسعين وثلاثمائة قتله صاحب مصر.
قرأت في مختار من أخبار مصر للأمير المختار عز الملك محمد بن عبيد الله ابن أحمد المسبحي في حوادث سنة تسع وتسعين وثلاثمائة قال: وفي اليوم الثالث عشر منه - يعني من ذي الحجة، وهو يوم الأحد - قتل أبو علي الحسن بن سيلمان الأنطاكي المقرئ النحوي، وفي هذا اليوم بعينه قتلهما أبو محمد عبد الغني بن سعيد الأزدي وخاف على نفسه بسبب اجتماعهم في دار العلم وجلوسهم فيها.
قلت: وهذا يدل على أن ما ذكره أبو عمرو الداني عن أبي علي الأنطاكي من إظهار مذهب الروافض أنه كان خوفاً من الحاكم الفاطمي صاحب مصر أن يقع فيما وقع فيه، فكان يستر مذهبه ويظهر التشيع لما يعلمه من تهور الحاكم وإقدامه على إراقة دماء المسلمين ووقع أبو علي فيما خاف منه.
الحسن بن سليمان بن داود بن عبد الرحمن بن يونس: أبو محمد البعلبكي: سمع بإنطاكية وصيف بن عبد الله الأنطاكي الحافظ وعثمان بن محمد الذهبي، وروى عنهما وعن محمد بن عبد الله البيروتي المعروف بمكحول، وأبوي بكر محمد بن جعفر الخوارزمي، وأحمد بن مروان المالكي. روى عنه مكي بن محمد بن الغمر أبو الحسن.
أخبرنا أبو نصر بن الشيرازي - أذنا - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة، ح.

وأنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا عبد الكريم بن حمزة - إجازة إن لم يكن سماعاً - عن عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسن مكي ابن محمد بن الغمر المؤدب قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن سليمان بن داود بن عبد الرحمن بن يونس ببعلبك قال: حدثنا أبو علي ويف بن عبد الله الأنطاكي قال حدثنا أحمد بن حرب قال: حدثنا عبد الله بن إدريس قال: حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان منكم مصلياً بعد الجمعة فليصل أربعاً " .
الحسن بن سليمان بن سلام: أبو علي الفزاري المصري المعروف بقطيبة الحافظ من ولد عيينة بن حصن الفزاري، أصله من البصرة، ونزل مصر وجال في ديار الشام وثغورها، وسمع بحلب أو بإنطاكية يعقوب بن كعب بن حامد الحبي الأنطاكي، وسمع بالثغر محبوب ابن موسى الفراء وبالحجاز إبراهيم بن المنذر الحزامي، وببيت المقدس المعلى بن الوليد بن عبد العزيز بن القعقاع، وبعسقلان محمد بن أبي السري العسقلاني، وبحمص إبراهيم بن العلاء وأبا يحيى سليمان بن عبد الحميد، وبدمشق سليمان بن عبد الرحمن، ومحمد بن المبارك الصوري، وهشام بن عمارن وصفوان بن صالح، 2377 وبحران احمد بن أبي شعيب الحراني، وعبد الله بن محمد بن نفيل، وبنصبين عبد الملك بن معاذ النصيبي، وبمصر أبا بشر إسماعيل بن مسلمة القعنبي، وأبا الأسود النضر بن عبد الجبار، وأبا الأسود النضر بن عبد الجبار وأحمد بن صالح، وعبد الله بن يوسف وسعيد بن عفير، وسعيد ابن أبي مريم، ويوسف بن عدين وبالعراق أبا غسان مالك بن إسماعيل، وعبد الله ابن عبد الوهاب الحجبي، ومحمد بن سعيد بن الأصبهاني، وأبا نعيم ضرار بن صرد، ويحيى بن عبد الحميد، وأحمد بن يونس، ومسلم بن إبراهيم، وموسى ابن إسماعيل، وعفان بن مسلم، وحرمي بن حفص وأبا نعيم الملائي.
روى عنه أبو بكر بن خزيمة النيسابوري، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري الحافظ، وأبو الحسن محمد بن بدر بن النفاخ الباهلي ومحمد بن إسماعيل المصر.
أخبرنا أبو الفضل ذاكر بن اسحق بن محمد بن المؤيد بالقاهرة قال: أخبرنا أبو سهل عبد السلام بن أبي الفرج بن مكي الهمذاني بأبرقوه قال: أخبرنا أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد ابن عمر البيع قال: أخبرنا أبو غانم حميد بن المأمون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد ابن عبد الرحمن بن أحمد الشيرازي: في ألقاب المحدثين، قبيطة الحسن بن سليمان البصري، سكن مصر.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان بن البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم لي بن الحسن الحافظ الدمشقي قال: الحسن بن سليمان بن سلام أبو علي الفزاري المصري المعروف بقبيطة، أصله من البصرة، وسكن العسكر بمصر.
سمع بدمشق هشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن، وصفوان بن صالح، ومحمد بن مبارك الصوري، وبمصر عبد الله بن يوسف، وأبا بشر إسماعيل بن مسلمة القعنبي، وأبا الأسود النضر بن عبد الجبار، وسعيد بن أبي مريم، وسيعد ابن عفير وعبد الله بن صالح، ويوسف بن عدي وأحمد بن صالح، وبحمص إبراهيم بن العلاء، وأبا يحيى سليمان بن عبد الحميد، وبالعراق محمد بن سعيد بن الأصبهانين ويحيى بن عبد الحميد وأبوي نعيم الملائي وضرار بن صرد، وسعدويه، وأبا غسان مالك بن إسماعيل وأحمد بن يونس، وموسى بن إسماعيل، ومسلم بن إبراهيم، وحرمي بن حفص، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبي وعفان ابن مسلم، وبالجزيرة عبد الله بن محمد بن نفيل، وأحمد بن أبي شعيب الحراني، ومعافى بن سليمان، وعبد الملك بن معاذ النصيبي، وصبيح بن دينار البلدي، وبالثغور يعقوب بن كعب، ومحبوب بن موسى الفراء وإبراهيم بن المنذر الحزامي بالحجاز، والمعلى بن الوليد بن عبد العزيز بن القعقاع ببيت المقدس ومحمد بن أبي السري بعسقلان.
روى عنه محمد بن إسماعيل المصري، والد أبي بكر المهندس، وأبو بكر بن خزيمة، وعبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري، وأبو الحسن محمد بن محمد بن بدر بن النفاخ الباهلي.

أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال أخبرنا علي بن أبي محمد قال: كتب إلي أبو محمد حمزة بن لعباس بن علي وأبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن، ثم حدثني أبو بكر محمد بن شجاع قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد قالا: أخبرنا أبو بكر الباطرقاني قال: أخبرنا أبو عبد الله بن منده قال: قال لنا أبو سعيد ابن يونس: الحسن بن سليمان بن سلام الفزاري الحافظ المعروف بقبيطة، يكنى أبا علي توفي يوم السبت لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة إحدى وستين ومائتين وقال لي ابنه أبو العلاء: نحن من ولد عيينة بن حصن الفزاري، كان ثقة حافظاً.
أنبأنا أبو القاسم الحرستاني، عن أبي محمد السلمي، عن أبي محمد عبد العزيز ابن أحمد قال: أخبرنا مكي بن محمد قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: قال أبو جعفر الطحاوي: وفي سنة إحدى وستين ومائتين مات أبو علي الحسن بن سليمان قبيطة في جمادى الأخرى.
الحسن بن سهل بن عبد الله: أبو محمد، أخو الفضل بن سهل، وزير المأمون، استوزره بعد موت أخيه الفضل بن سهل، وفوض إليه أموره، وقدم معه حلب حين قدمها غازياً، وتزوج المأمون ابنته بوران بنت الحسن، وأهدى الحسن أبوها معها من الأموال والجواهر شيئاً عظيماً، وكان أبوه مجوسياً، فأسلم وأسلم بناه: الفضل والحسن زمن الرشيد، وكان كريماً جواداً حسن السياسة والتدبير، وجيهاً عند المأمون، عظيم المنزلة عنده. روى عن عبد الله المأمون، روى عنه وريزة بن محمد الغساني، وأبو العلاء ويحيى بن خاقان.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: الحسن بن سهل بن بعد الله، أبو محمد، وهو أخو ذو الرئاستين الفضل بن سهل، كانا من أهل بيت الرئاسة في المجوس، وأسلما هما وأبوهما سهل، في أيام هرون الرشيد، واتصلوا بالبرامكة وكان سهل يتقهرم ليحيى بن خالد بن برمك، وضم يحيى الحسن والفضل ابني سهل إلى ابنيه: الفضل وجعفر، يكونان معهما، فضم جعفر الفضل بن سهل إلى المأمون، وهو ولي عهد فغلب عليه ولم يزل معه إلى أن قتل الفضل بخراسان، فكتب المأمون إلى الحسن بن سهل، وهو ببغداد يعزيه بأخيه ويعلمه أنه قد استوزره ويأمره بإجرائه الأمر مجراه، فلم يكن أحد من بني هاشم ولا من سائر القواد يخالف للحسن أمراً، ولا يخرج له عن طاعة إلى أن بايع المأمون لعلي بن موسى الرضا بالعهد، فغضب بنو العباس وخلعوا المأمون وبايعوا إبراهيم بن المهدي، فحاربه الحسن بن سهل، ثم ضعف نه، فانحدر الحسن إلى فم الصلح فأقام بها، وأقبل المأمون من خراسان، فقوي لذلك الحسن بن سهل، ووجه من فم الصلح من يحارب إبراهيم بن المهدي، فضعف أمر إبراهيم واستتر، ثم دخل المأمون بغداد وكتب إلى الحسن ابن سهل، فقدم عليه فزاد المأمون في كرامته وتشريفه عند تسلميه عليه وذلك في سنة أربع ومائتين، ثم أن المأمون تزوج بوران بنت الحسن بن سهل، وانحدر إلى فم الصلح للبناء على بوران بها في شهر رمضان من سنة عشر ومائتين، فدخل بها ثم انصرف وخلف بوران عند أمها إلى أن حملت إليه.
قال الخطيب: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن يعقوب الوزان قال: حدثنا جدي أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الفضل ابن قفرجل قال: حدثنا محمد ابن يحيى الصولي قال: حدثنا عون بن محمد قال: حدثنا عبد الله بن أبي سهل قال: لما بنى المأمون على بوران بنت الحسن بن سهل وانحدر إليهم إلى ناحية واسط فرش له يوم البناء حصير من ذهب مسفوف، ونثر عليه جوهر كثير، فجعل بياض الدر يشرف على صفرة الذهب وما مسه أحد فوجه الحسن إلى المأمون هذا نثار نحب أن يلقط، فقال المأمون لمن حوله من بنات الخلفاء: شرفن أبا محمد، فمدت كل واحدة منهن يدها فأخذت درة، وبقي باقي الدر يلوح على الحصير الذهب، فقال المأمون قاتل الله أبا نواس لقد شبه بشي وما رآه قط فأحسن في وسف الخمر والحباب الذي فوقها فقال:
كان صغرى وكبرى من فواقعها ... حصباء در على أرض من الذهب
فكيف لو رأى هذا معاينة؟! وكان أبو نواس في هذا الوقت قد مات.

قال أبو بكر الخطيب: وقيل إن الحسن نثر على المأمون ألف حبة جوهر، وأشعل بين يديه شمعة عنبر وزنها مائة رطل، ونثر على القواد رقاعاً، فيها أسماء ضياع، فمن وقعت بيده رقعة، أشهد له الحسن بالضيعة التي فيها، وأنفق الحسن في وليمته أربعة آلاف ألف دينار وكان يجري مدة إقامة المأمون عنده على ستة وثلاثين ألف ملاح، ولما أراد المأمون أن يصاعد أمر له بألف ألف دينار، وأقطعه مدينة الصلح وعاش الحسن إلى أيام جعفر المتوكل.
أخبرنا أبو الفضل ذاكر بن اسحق قال: أخبرنا أبو سهل عبد السلام بن أبي الفرج قال: أخبرنا شهردار بن شيرويه قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر البيع قال: أخبرنا أبو غانم حميد بن المأمون قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي، قال في كتاب الألقاب: ذو الرئاستين الحسن بن سهل، سمت أبا اسحق إبراهيم بن أحمد المستملي يقول: سمعت أبا بعد الله عبد الرحمن ابن محمد الحداني قال: سمعت محمد بن جعفر الكرابيسي قال: سمعت أبا العلاء يقول: سمعت ذو الرئاستين يقول ما أحب أن يكون لي بدل تجاربي شبابي. وبإسناده قال: وسمعت ذو الرئاستين يقول: ما استقصيت في أمر قط إلا أبداني منه مكروه.
هكذا قال أبو بكر الشيرازي ذو الرئاستين الحسن بن سهل وكذا قال وريزة بن محمد الغساني: أخبرنا الحسن بن سهل ذو الرئاستين، وسيأتي ذكر ذلك، والمعروف بذي الرئاستين الفضل بن سهل أخو الحسن، ويحتمل أنه لقب بذلك حين تولى الوزارة بعد موت أخيه الفضل، والله أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي:
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر الفطيعي قال: أخبرنا محمد ابن عبد الله بن محمد بن همام الشيباني قال: حدثنا أبو مزاحم موسى بن عبيد الله ابن يحيى بن خاقان المقرئ الخاقاني قال: حدثنا أبي عن أبيه قال: حضرت الحسن بن سهل وجاءه رجل يستشفع به في حاجة فقضاها، فأقبل الرجل يشكره فقال له الحسن بن سهل: على ما تشكرنا ونحن نرى أن للجاه زكاة، كما أن للمال زكاة، ثم أنشأ الحسن يقول:
فرضت علي زكاة ما ملكت يدي ... وزكاة جاهي أن أعين وأشفعا
فإذا ملكت فجد فإن لم تستطع ... فاجهد بوسعك كله أن تنفعا
أخبرنا أبو الفضل ذاكر بن اسحق بن محمد قال: أخبرنا أبو سهل عبد السلام ابن أبي الفرج قال: أخبرنا أبو منصور شهردار بن شيرويه قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر البيع قال أخبرنا أبو غانم حميد بن المأمون قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن الحسين البغدادي قال: حدثنا وريزة بن محمد الغساني قال: أخبرنا الحسن بن سهل ذو الرئاستين قال: أخبرنا عبد الله أمير المؤمنين المأمون قال: حضر أملاك رجل من بني هاشم، تمس قرابته قرابة أمير المؤمنين الرشيد، مجلس أمير المؤمنين فقال لمحمد ابن الحسن: اخطب يا محمد لفلان بن فلن على فلانة بنت فلان على صداق كذا في مال أمير المؤمنين، فقال محمد بن الحسن: يا أمير المؤمنين بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " قدموا قريشاً ولا تتقدموها " ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر الشافعي أن يخطب وأتبعه، فقال الرشيد، اخطب يا شافعي، فقال الشافعي مرتجلاً: الحمد لله باعث الأموات، وجامع الأشتات ومنشر الرفات، ومقيل العثرات ومنجح الطلبات، ومنزل البركات، وفاطر الأرض والسموات، وخالق البريات على ألسن مختلفات اللغات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من الشهادات وكلمة إخلاص من الكلمات، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ابتعثه الله بالرسالات، ودل على صدقه بالدلالات، وأثبت حجته بالآيات المبينات، صلى الله عليه وعلى آله من المؤمنين والمؤمنات، أما بعد:

فإن الله جعل النكاح زينة للبنات وستر للعورات، وسبباً للمصاهرات، جمع الله به بين الأرحام المتباعدات وجعل القلوب المتباغضات متحاببات والنفوس المتنافرات متآلفات، والوجوه المنكرات معروفات، فقال عز من قائل " وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديراً " وهذا فلان بن فلان أتاكم خاطباً وفي مصاهرتكم راغباً يذكر فتاتكم فلانة بنت فلان، وقد بذل لها من الصداق كذا وكذا في مال أمير المؤمنين فأجيبوا خطبته، وشفعوا مسألته. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، ثم قال للزوج: قبلت النكاح؟ قل: نعم، قال: نعم، قال قد زوجتك بأمر أمير المؤمنين.
قال الرشيد: أخطب يا محمد، فقال محمد بن الحسن: الحمد لله الذي وكل بالخلق حفظته، وبالعرش حملته، وبالبيت سدنته وبالجنة والنار خزنته، واختار محمداً صلى الله عليه وسلم صفوته، وجعل الإسلام ملته والكعبة قبلته، وخير الناي أمته، وأمهات المؤمنين نسوته، وفاطمة الزهراء ابنته، والحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ذريته، وأتم عليه نعمته وهناه كرامته، واصطفى آدم وجعل نوحاً أسوته، وأسجد له ملائكته، وخلق منه زوجته، وأسكنه جنته ووهب لإبراهيم خلته، وأجاب دعوته وأسكن بواد غير ذي زرع ذريته، وجعل الحج أفئدته، ورزقهم ثمرته، وكشف عن أبواب بليته ورفع ضرعته، وشفع بحسن الآيات زلفته، وجعل يوسف آية للسائلين وإخوته، وآنس في الجب وحدته، ورد غربته ونزع من قلب يعقوب حسرته وأخرج من فؤاده غصته، ورد على وجهه مقلته، وعلى قلبه مهجته، وألقى على موسى محبته، وحل من لسانه عقدته، وذكر السامري قبضته، والعجل وحليته وأسف موسى وغضبته حين ألقى على هرون حدته، وأخذ رأسه ولحيته، وطلب رقته، وذكر أخوته، وذكر الله في القصص قصته، فوجد عدوه وشيعته وذكر الله وكزته، وزوجه العبد ابنته، فقضى بأوفى الأجلين أجرته وأحمد في الطريق رجعته، وصدق الطلق حرمته، واقتبس النار ليلته، وآتى داوود ملكه وحكمته وعلمه صنعته، وجعله خليفته، وآتى عيسى كتابه ونبوته، وجعله روحه وكلمته، وأنطقه في المهد ولو شاء أسكته، وأوصاه بالصلاة والزكاة، وثبته، وقد رفع الله درجته، وشرف منزلته، وجعل عليه صلواته ورحمته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له شهادة من اعترف بحقه، وعلم أنه مالك رقه وقد فرغ الله من خلَقه وخُلقه ورزقه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله وقد صب البلاء رأسه، وعم الضلال ناسه، وضرب العجز أجراسه، وبث المكروه أجناسه فلله در النبي المنتخب، وسيد العجم والعرب، وجامع الدين والأدب، منتهى الشرف والحسب وابن عبد الله بن عبد المطلب لقد أقام من الدين أودا، وشد من الحق عضداً، وادع الله في الله جلداً ولله در خليفته الصديق، لقد كان للحق سنداً، ولدين عمداً ولم يعط في القال قوداً، واستخلف الفاروق ففرق شمل الكفر بدداً وفتح بلداً بلداً حتى عبد الناس أحداً صمداً، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، فوالذي مرج البحرين وجعل مع العسر يسرين، لقد شق في قبر نبيه لهما قرين، وولى الختنين بعد الصهرين، فلله ذو النورين، ولله أبو الحسن والحسين، شفع الله ما وهب لهما بالإتمام وكافأهما على النقض والإبرام واعلموا رحمكم الله أن الذي أحصاكم وعدكم عداً، وجعلكم أمة وعبداً جعل لكم لنكاح رشداً، ورسم فيه مهراً ونقداً، فاقبلوا رحمكم الله من العزيز الغفور، ومن حلف بالنجم والطور وقال: " هل ترى من فطور " ، وجنبكم عبادة الأوثان وقول الزور ما حد لكم في سورة النور إذ قال عز من قائل: " وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون، وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم " وهذا فلان بن فلان أتاكم خاطباً، وفي مصاهرتكم راغباً، يذكر فتاتكم فلانة بنت فلان، وقد بذل لها من الصداق كذا، وكذا، فأجيبوه إذ خطب وشفعوه إذ رغب. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
فقال الرشيد: أوجزت يا شافعي، وأجدت يا محمد، وكلاكما محسن.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو القاسم الأزهري قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: سنة ست وثلاثين - يعني - ومائتين: فيها مات الحسن بن سهل، وقد أتت له سبعون سنة. وكان من أسمح الناس وأكرمهم، فحدثني بعض ولده أنه رأى سقاء يمر في داره فدعا به فقال: ما حالتك فشكا ضيقه، وذكر أن له ابنة يريد زفافها، فأخذ ليوقع له بألف درهم فأخطأ فوقع له بألف ألف درهم فأتى بها السقاء وكيله فأنكر ذلك وتعجب أهله منه واستعظموه وتهيبوا مراجعته فأتوا غسان بن عباد بن عباد، وكان غسان أيضاً من الكرماء فأتى الحسن بن سهل فقال له: أيها الأمير إن الله لا يحب المسرفين، فقال له الحسن: ليس في الخير إسراف ثم ذكر أمر السقاء، فقال: والله لا رجعت عن شيء خطته يدي، فصولح السقاء على جمله منها ودفعت إليه.
وقال أبو بكر الخطيب: أخبرنا القاضي أبو القاسم التنوخي قال: حدثنا محمد بن عبد الرحيم المازني قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا جعفر بن أبي العيناء قال: لما مات الحسن بن سهل قال أبي: والله لئن أتعب المادحين لقد أطال بكاء الباكين، ولقد أصيبت به الأيام، وخرست بموته الأقلام، ولقد كان بقية فيكف اليوم وقد بادت البرية.
ذكر من اسمه سلامة في آباء من اسمه الحسن الحسن بن سلامة بن ساعد: أبو علي المنبجي الفقيه الحنفي، تفقه ببغداد على القاضي أبي عبد الله الدامغاني وسمع الحديث بها من الشريف أبي نصر محمد بن محمد الزينبي. روى عنه الإمام أبو سعد السمعاني، وهو من بيت مذكور من منبج، وتفقه ليه أبو الفتح نصر الله ابن علي بن منصور الواسطي الحنفي.
أخبرنا الشريف افتخار الدين أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا الحسن بن سلامة بن ساعد الحنفي - من أهل منبج بلدة بالشام، بقراءتي عليه - قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص الذهبي قال: حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال: حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث المروزي قال: حدثنا أوس بن عبد الله قال: حدثنا الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " اللهم بارك لأمتي في بكورها " .
أخبرنا أبو هاشم بن أبي المعالي الحلبي قال: أخبرنا الحافظ أبو سعد السمعاني ونقلته أنا من خط السمعاني بعد سماعي من شيخنا أبي هاشم قال: الحسن بن سلامة ابن ساعد المنبجي، أبو علي، من أهل منبج إحدى بلاد الشام، ورد بغداد، وتفقه بها على قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني على مذهب أبي حنيفة رحمه الله وبرع فيه، ونسكن بغداد، وتوطنها، ثم عدل، وقبلت شهادته وكان له يد باسطة في المتفق والمختلف، لقيته في رباط شيخنا إسماعيل بن أبي سعد شيخ الشيوخ، أول ما وردت بغداد نوبة واحدة، وقرأت عليه أحاديث من الجزء السادس من حديث المخلص عن الشريف أبي نصر محمد بن علي الزينبي، وما أعرف من حاله إلا الخير غير أني سمعت بعض الناس ينسبه إلى رأي الاعتزال والله أعلم.
قرأت بخط أبي سعد السمعاني، وأخبرنا به أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد قال: توفي أبو علي الحسن بن سلمة المنبجي في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة ببغداد.
الحسن بن سلامة بن محمد: المعروف بابن الحلبي أبو علي الحراني الدار، المصري المولد، وإنما عرف بابن الحلبي، لأن بعض أجداه خرج صحبة الحاج على الشام فأقام بحلب إلى أن عاد الحاج، فقدم حران معهم، فعرف بالحلبي سكن أبوه سلامة مصر، وولد أبو علي الحسن هذا له بها، ثم خرج بولده هذا إلى بلدته حران، فسكنها إلى أن مات، واجتاز في طريقه بحلب، وسافر إلى بغداد وخراسن، وسمع ببغداد من أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قاضي المارستان، ومن أبي بكر محمد بن الحسن الحاجي وغيرهما، روى عنه الشيخ أبو الثناء حماد بن هبة الله الحراني.
؟حرف الشين
فارغ
حرف الصاد في آباء من اسمه الحسن
الحسن بن صاحب بن حميد الشاشي:

أبو علي: رحل إلى الشام، والجزيرة، والعراق، والجبال، والأهواز، والحجاز وخراسان، رحلة واسعة، وسمع الكثير، سمع بإنطاكية داود بن أحمد بن حيان الأنطاكي وقد سقنا عنه حديثاً في ترجمة داود بن أحمد فيما يأتي من كتابنا هذا.
وسمع اسحق بن منصور، وعبده بن سليمان، والحسن بن محمد بن الصباغ، وأبا زرعة الرازي، وعلي بن خشرم، وعمرو بن عبد الله الأودي، ومحمد بن عوف الحمصي، وهبير بن الحسن الزاهد، ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، ومحمد ابن عبد العزيز الدينوري، ويونس بن عبد الأعلى الصدفي، وعيسى بن غيلان، وغيرهم.
روى عنه أبو علي النيسابوري الحافظ، وأبو بكر محمد بن عمر الجعابي الحافظ، ومحمد بن المظفر الحافظ ومحمد بن إسماعيل الوراق، وإبراهيم بن محمد ابن حمزة الأصبهاني، وعمر بن محمد بن سنبك، وكان رجلاً صالحاً ثقة.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن عمر في كتابيهما قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر أن أبوي عثمان الصابوني والبحيري، وأبوي بكر البيهقي والحيري كتبوا إليه قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال الحسن بن صاحب بن حميد، أبو علي الشاشي، الرجل الصالح، كثير السماع والرحلة، كتب ببلاد خراسان والجبال، والأهواز والعراقي والحجاز والشام، والجزيرة، عن مثل علي بن خشرم، واسحق بن منصور وأبي زرعة، والحسن بن محمد بن الصباح، وعمرو بن عبد الله الأودي، ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، ويونس بن عبد الأعلى، ومحمد بن عوف الحمصي، وكل من هؤلاء من ناحية أخرى، روى عنه أبو علي النيسابوري وإبراهيم بن محمد بن حمزة الأصبهاني ومحمد بن عمر الجعابي، وهم حفاظ الدنيا.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: الحسن بن صاحب بن حميد، أبو علي الشاشي أحد الرحالين، كتب ببلاد خراسان، والجبال، والعراق، والحجاز، والشام، وقدم بغداد في سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، وحدث بها عن علي بن خشرم، وإسحاق بن منصور، وأبي زرعة الرازي، وعمرو بن عبد الله الأودي، ومحمد بن عوف الحمصي، وعبدة بن سليمان البصري، نزيل مصر، وعيسى بن غيلان، وهبيرة بن الحسن الزاهد، ومحمد ابن عبد العزيز الدينوري، وغيرهم، روى عنه أبو بكر الجعابي، ومحمد بن إسماعيل الوراق، وعمر بن محمد بن سنبك، ومحمد بن المظفر، وكان ثقة. أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب قال: أخبرنا أبو حفص بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عيل قال: أخبرنا محمد بن علي المقرئ قال: أخبرنا محمد بن عبد الله النيسابوري الحافظ قال: سمعت عيل بن بندار الزاهد يقول: توفي الحسن بن صاحب بالشاش سنة أربع عشرة وثلاثمائة.
الحسن بن صافي بن عبد الله: أبو نزار بن أبي الحسن النحوي البغدادي، مولى حسين بن الأرموي التاجر ويعرف بملك النحاة، فقيه نحوي لغوي، شاعر ناثر، حسن الشعر والرسائل، عارف بالنحو واللغة، وله مصنفات في كل فن منها، وله مسائل أملاها في علم النحو وغيره، كان أبوه مولى حسين المذكور، وولد أبو نزار ببغداد، ونشأ بها، واشتغل بالفقه على الشيخ أحمد الأشنهي، وعلى أبي الفتح بن برهان وأسعد الميهني، وسمع الحديث من أبي طالب الزينبي وقرأ النحو على أبي الحسن علي بن أبي زيد الفصيحي، ومهر فيه، ولقب نفسه ملك النحاة وتصدر الإفادة ببغداد، وأخبرني من أثق به أنه قرأ بخطه على كتاب بوقف المدرسة النظامية: وكتب أبو نزار ملك العلماء عموماً، والنحاة خصوصاً.
وسافر من بغداد إلى خراسان، وكرمان، وغزنة، ودخل إلى ملك غزنة وأكرمه واحترمه، ثم قدم حلب، وأقام بها مدة، وكان يقرئ بها الأدب بالمسجد الجامع، وقرأ عليه بها أبو المكارم محمد بن عبد الملك بن أبي جرادة الحلبي، وأبو طالب الحسين بن محمد بن اسعد بن الحليم وغيرهما، وكان بينه وبين أبي الحسين بن منير بها مهاجاة ومهاترة، واتصل بالملك العدل أبي القاسم محمود بن زنكي وكان يكرمه ويحسن إليه، ثم انتقل إلى دمشق وسكنها إلى أن مات بها، روى عنه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، وذكره في تاريخه، وروى عنه أبو بكر عبد الله بن منصور ابن عمران الباقلاني الواسطي، وقرأ عليه علي بن الحسن بن عنتر المعروف بشميم الحلي وسلك طريقته في الترفع على الناس والتعظم.

روى لنا عنه الشريف أبو المحاسن الفضل بن عقيل بن عثمان العباسي، والقاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي الدمشقيان شيئاً من شعره بدمشق وكان شريف النفس صحيح العقيدة عفيفاً نزهاً عن الدنايا.
قال لي القاضي شمس الدين أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن مميل الشيرازي، قاضي دمشق: كان ملك النحاة حسن العقيدة عفيفاً وسمعته يقول وأشار إلى لحيته: اللهم إن كنت تعلم أني زنيت زنية في الإسلام فلا تغفر لهذه الشيبة.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن أبي بكر السمعاني قال: الحسن بن أبي الحسن أبو نزار الملقب بحجة العرب وملك النحاة، من أهل بغداد، وأظن أنه واسطي، والله أعلم، أحد الفضلاء المبرزين، وكان حسن الشعر متين اللفظ، سافر عن بغداد وتغرب وانتشر ذكره في الآفاق، ودخل بلاد: دغراً، وكرمان، ولم يدخل بلاد خراسان، وانصرف إلى كرمان وخرج منها إلى الشام وقيل أنه بها الساعة، ولقي الأكابر، ولقي مورده بالأكرام.
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان بن البانياسي - كتابه - قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: الحسن بن أبي الحسن، واسمه أبي الحسن صافي، مولى حسين بن الأرموي التاجر أبو نزار البغدادي المعروف بملك النحاة، ذكر لي أنه ولد ببغداد في سنة تسع وثمانين وأربعمائة في الجانب الغربي في محلة تعرف بشارع دار الرقيق، ثم نقل إلى الجانب الشرقي من بغداد إلى جوار الخلافة المعظمة، وهناك قرأ العلم، وسمع الحديث من أبي طالب الزينبي، وقرأ علم المذهب على الشيخ أحمد الأشنهي، وقرأ علم أصول الدين على الشيخ أبي عبد الله المغربي القيرواني، وقرأ أصول الفقه على الشيخ أبي الفتح بن برهان، وقرأ علم الخلاف على الشيخ الإمام أسعد الميهني، وقرأ النحو على الشيخ أبي الحسن علي بن أبي زيد الفصيحي الاستراباذي، وقرأ الفصيحي على عبد القاهر الجرجاني، وفتح له الجامع ودرس فيه ثم سافر إلى بلاد خراسان وكرمان وغزنة، ثم دخل إلى الشام، وقدم دمشق ثم خرج منها، ثم عاد إليها واستوطنها إلى أن مات بها، وذكر لي أسماء مصنفاته: الحاوي في علم النحو مجلدتان، العمد في علم النحو مجلدة، المنتخب في علم النحو، وهو كتاب نفيس، مجلدة، المعتضد في علم التصريف مجلدة ضخمة، أسلوب الحق في تعليل القراءات العشر، وشيء من الشواذ، مجلدتان، التذكرة السفرية انتهت إلى أربعمائة كراسة، العروض مختصر محرر مصنف في الفقه على مذهب الشافعي سماه الحاكم مجلدتان، مختصر في أصول الفقه، مختصر في أصول الدين، ديوان مجموع من شعره من جملته ما أنشدني لنفسه يمدح سيدنا محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت وقرأت هذه الأبيات بخط أبي نزار مع المقطعات الأربعة التي تأتي بعدها، في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:
لله أخلاق مطبوع على كرم ... ومن به يشرف العلياء والكرم
أغر أبلج يسمو عن مساجلة ... إذا تفوكرت الأخلاق والشيم
سمت علاك رسول الله فارتفعت ... عن أن يثير إلى إثباتها قلم
يا من رأى الملأ الأعلى فراعهم ... وعاد وهو على الكونين يحتكم
يا من له دانت الدنيا وزخرفت ... الأخرى ومن بعلاه تفخر النسم
يا من به عاد وجه الحق متضحاً ... من بعد أن ظوهرت بالباطل الظلم
ومن تواضع جبريل الأمين له ... ودون حق نهاه هذه القسم
علوت عن كل مدح يستفاض ... فما الجلال إلا الذي تنحوه العظم
على علاك سلام الله متصلاً ... ما شئت والصلوات الغر تبتسم
وقرأت بخطه وقال الحافظ: وأنشدني في مدحه صلى الله عليه وسلم:
يا قاصداً يثرب الفيحاء مرتجياً ... أن يستجير بعلياء خاتم الرسل
خذ عن أخيك مقالاً إن صدعت ... به مدحت في آخر الأعصار والأول
قل يا من الفخر موقوف عليه فإن ... تذوكر الفخر لم يصدف ولم يمل
صيت إذا طلبت غايته خرقت ... سبعاً طباقاً فبذت كل ذي أمل
علوت وازددت حتى عاد ممتدحاً ... جبريل عما له قد كان لم يطل

وعدت والكبر قد نافى علاك فما ... عدوت شيمة سبط الخلق مبتهل
أتتك غرقوا في المدح خاضعة ... لديك فاقبل ثناء غير منتحل
ثناء من لم يجد وجناء تحمله ... إليك أوصد بالاقتار عن جمل
صلى عليك إله العرش مشتملاً ... عليك يا خير ما حافٍ ومنتعل
قال: وأنشدنا يمدحه صلى الله عليه وسلم، وهي أيضاً مما قرأته بخط أبي نزار:
من حامل عن أخيه بسط مالكةٍ ... يهذها أن أفيض القال والقيل
يقول والحجرات الغر تسمعه ... والوفد كل بما يعنيه مشغول
هل سامع يا رسول الله أنت ... لمن ولاؤه لك مروي ومنقول
بلغت من غاية الإكرام منزلة ... عنها أعيد الأمين الروح جبريل
فعاد من رام كفواً من مدائحه ... يزهى ومقوله بالعجز مفلول
فأقبل إليك اختصاراً عذر قائله ... إن حق مدحك لم يبلغه تطويل
ولترضك الصلوات الغر دائمة ... تزين أمراطها ما شئت ترفيل
قال: وأنشدنا في مدحه صلى الله عليه وسلم وهي مما نقلته من خطه:
يا خاتم الأنبياء قاطبة ... أتاك لفظ الثناء يستبق
كنت نبياً وطين آدم مجبول ... وتلك الأنوار تأتلق
وعدت فينا تدعو إلى سبل الحق ... فقد أوضحت بك الطرق
فارق عليك السلم مرقبةً ... مصبحها في العلاء تغتبق
واشفع لمن عاد في ولائك مش؟ ... فوع القوافي تتلا فتتسق
مرط أليفاظه التي انتظمت ... بطيب علياك في الورى عبق
تضوع من مجدك الأثيل إذا ... استقبض ذكر أطيب فينتشق
قال: وأنشدنا في مدحه صلى الله عليه وسلم، وهي مما نقلته من خط أبي نزار:
رأى البرق علوي الوميض فأنجدا ... وأصدر ركب بالعقيق فأنجدا
وما برحت أبناء مية غضة لديه ... إلى أن جار بالركب واعتدا
رأى الشيخ ممطوراً فمال بظله ... ومد إلى أطراف طرته يدا
أمال إلى خفق النسيم بجانبي ... عطالة لما مر فاستزل الندا
أشيعث مقلاق الوضين يهزه ... إلى البان وجد لا يزال مؤبدا
تذكر عهداً كاظمياً وقل ما ... تذكر مجهول المعارف معهدا
ولكنه ممن إذا انتسب احبتى ... لفخر وإن جاثاه ذو القوة انتدا
وموار رحل النضو منتصب القرا ... تراه كما أفضيت سهماً مسددا
تناقضه معروبة كلما ونت ... أراها ملوى الجانبي مقددا
يهز إلى أعلام يثرب همة ... كما هز ذمر يوم حرب مهندا
إذا زار مفتون بدنياه مالكاً ... يؤمله زار النبي محمداً
ألا ديموا موق الهدى باهر العلى ... كريم العرى طلق النقيبة أوحدا
إذا الملأ الأعلى تناجوا بذكره ... وراموا هداه كان منه لهم هدا
إليك رسول الله يممت ناظماً ... قوافي ما يممن غيرك مقصدا
تعاوضن عمن لم يزل متقرباً ... إليك بمدح لا يزال مخلدا
وحاشاك يا رب العلى أن ترده ... بغير الذي سامى له وترددا
وقد وأبيك الخير شرفت منطقي ... بذكرك واستبقيت مجداً وسؤددا
فصلى عليك الله ما شئت هادياً ... وشاء وما استصرفت عن مؤمن ردا
أخبرنا هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السماني قال: أنشدني أبو بكر عبد الله بن منصور بن عمران الباقلاني بواسط من لفظه قال أنشدني أبو نزار النحوي لنفسه يرثي أمير المؤمنين المسترشد بالله:
من النافض البيداء والليل دامس ... عليه كلوح طاهر وقطوب
يغار إذا لم تهجر الشمس ضوءها ... ولم تب منها رنة ونحيب

نعى من بني العباس أروع ماجداً ... كفاه تراثاً بردة وقضيب
أنشدني الشريف أبو المحاسن الفضل بن عقيل الدمشقي العباسي: قال: أنشدني ملك النحاة أبو نزار الحسن بن أبي الحسن البغدادي الشافعي لنفسه:
أتنكر من الحق أخت دارم ... إذا أصخت لمقال عالم
سألتني عن العلى وأهلها ... فلم أكن يا هنتا بكاتم
للعرب الفخر القديم في الورى ... فأعرضي عن نبأ الأعاجم
هم الذين سبقوا إلى العلى ... فهم لديهم قائم المواسم
وإنهم إن نهضوا لغارة ... شنوا على أسد الشرى الضراغم
وزحزحوا كسراهم عن ملكه ... بالمشرفيات وباللهاذم
أنشدني القاضي شمس الدين أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي بداره بدمشق قال: أنشدني ملك النحاة لنفسه أبياتاً يصف فيها امرأة. قال: وشذ بعضها عن خاطري منها:
جارية كلما خضعت لها قالت ... عدمت النحاة والشعرا
طويلة القدر واللسان فما ... أدري أأهجو أم أمدح القصرا
أحسن منها عندي مدققة ... ساذجة لوزها قد انقشرا
فاللبن الفارسي أضر سني ... والكشك في ذا الديار قد كثرا
أنشدني الشريف أبو المحاسن العباسي - إملاء من لفظه، بمنزله بدمشق - قال: أنشدني ملك النحاة لنفسه في علم الملك بن النحاس، وقد قدم دمشق رسولاً إلى الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي، من المصريين فقتل الصالح بن رزيك، وبقي علم الملك بن النحاس مدة بدمشق ليس له شيء ونور الدين يقوم به، فسال في تلك المدة ملك النحاة أن يجمع له مقدمة في النحو، فجمعها وأنفذها إليه وكتب على وجهها:
يا علم الملك افتخر بهذه المقدمة ... ولا تقل فيما أمرت لافتخارٍ ولمه
؟فإنني أفصح من فاه وأجرى قلمه قس إذا عاينني خيط بالعي فمه
ولو رأيت سيبويه قل يا نحوي مه ... والشعر لا يستطيع ما أقول منه علقمه
والفقه قد فقت لعمرو الله فيه أممه
أنشدني رجل من أهل الأدب وقال: كان ملك النحاة يهوى امرأة كانت له، فطلقها فسئل كيف حاله بعدها:
فأنشده لنفسه:
سلوت بحمد الله عنها ... وأصبحت دواعي الهوى
من نحوها لا أجيبها
على أنني لا شامت ... إن أصابها بلاء ولا راض
بواش يعيبها
سمعت قاضي القضاة أبا المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، بقرية المزة، قال: كان شيخنا ابن المنقي رجلاً ينقي الحنطة، فاشتغل بالنحو وحفظ سيبويه، ومهر في علم النحو وبرز فيه حتى تصدر لإفادته، وكان بينه وبين ملك النحاة مناظرات في علم الأدب، وعند كل واحد منهما من التعظيم والتفخيم لأمره شيء كثير، فأدى ذلك إلى أن صار بينهما عداوة وإحن ومهاجاة، قال: فعمل ملك النحاة في ابن المنقي:
ابن المنقي نقاوة السفل ... خزيت يا بن اللئام من رجل
قال: وكان ابن المنقي ضماً أيداً وكان ملك النحاة يخاف منه أن يضربه، فجمع بينهما تاج الدين بن الشهرزوري وأصلح بينهما، وتعانقا وقبل كل واحد منهما صاحبه، وجلسا عنده بعد الصلح، فقال ابن الشهرزوري، أو غيره: ممن نأكل حلاوة الصلح؟ فقال ملك النحاة: منه، وأشار إلى ابن المنقي، فقال ابن المنقي في الحال: نعم.
وهدية مني لملك النحاة ... ريح شناج يحتويها خصاه
لا عسل عندي ولا سكر ... فليعذر الشيخ ويأكل خراه
قال: فلما قال: ويأكل صاح فيه ملك النحاة وقال: بس لا تزد على هذا.
أخبرنا تاج الدين أبو المعالي الفضل بن شيخنا أبي هاشم بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا الوجيه عيسى المحنك، ح.

وأخبرني بهاء الدين أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن الخشاب قال: أخبرني الشريف أبو جعفر عبد الله بن محمد الهاشمي قال: كان لملك النحاة بحلب تلميذ يقال له الذباب، وكان راوية شعره، وكان أبو الحسين بن منير كثيراً ما يمزح معه إذا لقيه ويقول له: إيش خري الملك على لسانك اليوم وما يشبه ذلك، وكان بين ملك النحاة وبين ابن منير مهاجاة فمر الذباب يوماً بابن منير وهو جالس على حانوت بباب الجامع الغربي تجاه مدرسة الحلاويين، وكان يجلس بها كثيراً عند خياط بها وبيده قضيب يعبث به، فقال ابن منير لراوية ملك النحاة: أيه أيش عمل الملك اليوم فقال له: ما تريد أن تسمع: فقال: لابد، فقال: اتركني بالله، فقال: لا بد أن تقول، فقال: قال فيك:
لبغضك الصديق يا ذا الخنا ... تقدح في كل أبي بكر
يعرض بأنه يهجو مجد الدين أبا بكر بن الداية، وكان نائب نور الدين محمود ابن زنكي بحلب، وكان مبسوط اليد فيا، قال: فألقى ابن منير القضيب من يده وقال: لعنه الله، ولعن ساعة عرفناه فيها، وقام من وقته وكان ابن منير شيعي المذهب.
أخبرنا الشريف أبو الحسين علي بن محمد بن داود بن الناصر الحسيني الحلبي بها قال أخبرنا جدي لأمي الشريف أبو جعفر عبد الله بن محمد ابن عبد الملك الهاشمي العباسي والحاجي أبو غانم النجار الحلبي قالا: اجتمع أبو الحسين بن منير وملك النحاة أبو نزار بحلب وقد خمش قط ملك النحاة في يده، فسأله ابن منير فقال: ما هذا في ديك؟ فقال: خمشني قط، فأنشده ابن منير:
عتبت على قط ملك النحاة ... وقلت أتيت بغير الصواب
جرحت يداً خلقت للندى ... وبذل الهبات وضرب الرقاب
قالا: فهش أبو نزار لهذين البيتين، وجعل يشكر ابن منير، فأنشده بيتاً ثالثاً وهو:
فقال لي القط ويك اتئدا ... أليس القطاط عداة الكلاب
قالا: فلما سمع ملك النحاة البيت الثالث شتمه، وأخذ السيف وقام إليه ليضربه فانهزم من بين يديه.
ويروى أول البيت الثاني خمشت يداً خلقت للندى.
وذكر لي بعض الأدباء أن هذه الأبيات الثلاثة لوحيش الشاعر الدمشقي في ملك النحاة، قال: ولما أنشده البيت الثالث قام إليه بالسيف، فقال له وحيش وهو منهزم بين يديه: أنا ما قلت، القط قال: وقال لي نجيب الدين أبو الفتح نصر بن أبي العز بن الصفار: إن فتيان الشاغوري ذكر له أن هذه الأبيات له في ملك النحاة، والله أعلم.
أخبرنا الشريف أبو المحاسن الفضل بن عقيل بن عثمان العباسي الدمشقي قال: كنت أصحب ملك النحاة وكان ق قرأ الفقه على الشيخ أسعد الميهني، وكان بدمشق رجل يقال له بسخاذ، فحبسه القاضي كمال الدين أبو الفضل بن الشهرزوري في القراءة على أسعد الميهني، فلم يقبل شفاعته، فاتكأ ملك النحاة على يدي وهو خارج وقد غضب لرده شفاعته وقال وهو خارج:
لست والله رفيقي ... وحرم الشيخ أسعد
سمعت كمال الدين محمد بن طلحة النصيبي قال سمعت شميم الحلوي يقول: كنت أقرأ على ملك النحاة فاتفق يوماً أن كان عنده جماعة يقرأون عليه شيئاً من النحو، فجرى بحث فقلت: قال أبو علي الفارسي فيها كذا، وقال ابن جني كذا، فقال: وايش كان ذلك الكلب أبو علي الفارسي، وايش كان ذلك الكب ابن جني، قال شميم: فتقدمت إليه وقلت له: يا سيدنا هؤلاء هم علماء النحو وكبراؤه، فإذا قلت أنهم كلاب، وأنت تدعى ملك النحاة فتصير إذاً ملك الكلاب لا ملك النحاة، قال: فقل لي: والله صدقت هؤلاء هم علماء النحو، قال: فلم أسمع منه بعد ذلك مثل هذا الكلام.
سمعت شيخ الشيوخ شرف الدين عبد العزيز بن محمد الأنصاري يقول: سافر ملك النحاة إلى غزنة، وأراد أن يجتمع بملك غزنة فقيل له: إن ملك غزنة يجلس على سرير عال، ويجلس وزيره بجانب السرير ولا يقعد أحد إلا تحت الوزير، فقال: مبارك، فأذن له فدخل إلى ملك غزنة، وجاء إلى السرير وكان طويل القامة، فوضع رجله على السند الذي إلى جانب الوزير وتعلق في السرير ليقبل يد مل غزنة، فتحرك له ملك غزنة، فقال: أيها الملك ينبغي للملك ن يقوم للملك، فقام له ملك غزنة فجلس على السرير إلى جانبه.

وذكر لي بعض من كنت أحاضره، ويغلب على ظني أنه القاضي شمس الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الخضر أبو إبراهيم بن سليمان النجار الكاتب أن ملك النحاة خلع عليه الملك العادل نور الدين محمود نب زنكي خلعه سنية، فلبسها يوماً واجتاز بها على حلقة عظيمة فمال إليها لينظر ما هي فوجد رجلاً قد علم تيساً له استخراج الخبايا وتعريفه من يريد ن يعرفه به من الحلقة بإشارة لا يفهمها غير ذلك التيس المعلم، فوقف ملك النحاة وهو راكب بالخلعة فقال الرجل: في حلقتي رجل عظيم القدر، شائع الذكر، ملك في زي سوقه، أعلم الناس وأكرم الناس، وأجمل الناس فأرني إياه، فشق ذلك التيس الحلقة، وخرج حتى وضع يده على ملك النحاة فلم يتمالك ملك النحاة أن نزع الخلعة ووهبها لصاحب التيس، فبلغ ذلك نور الدين فعاتبه على ما فعل، فقال: يا مولانا عذري في ذلك واضح، لن في هذه المدينة مائة ألف تيس ما فيهم من عرف قدري غير ذلك التيس فضحك نور الدين منه.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي، قال، ح.
وقرأت بخط عثمان بن جلدك الموصلي قال: سمعت الحافظ أبا محمد - عين القاسم بن الحافظ أبي القاسم - يقول: توفي أبو نزار يوم الثلاثاء، ودفن يوم الأربعاء التاسع من شوال سنة ثمان وستين وخمسمائة ودفن بمقبرة الباب الصغير رحمه الله وقال القاسم: ودفن في مقبرة باب الصغير رحمه الله، قالا: وكان صحيح الاعتقاد كريم النفس.
قال شيخنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي القاضي: وأخبرنا بذلك ولده أبو الحسن علي، قال: أخبرني أبي قال رؤي ملك النحاة في النوم بعد وفاته، فقيل له ما فعل الله بك؟ فقال: وقفني بين يديه فنشدته القصيدة اللامية، فقيل له ما هي؟ فقال:
يا رب ها قد أتيت معتر ... فاً بما جنته يداي من زللي
ملأن كف من كل مأثمة ... صفريد من محاسن العمل
فكيف أخشى ناراً مستعرة ... وأنت يا رب في القيامة لي
قال: فقال تعالى: اذهبوا به إلى الجنة، قال: ولم يعرف أحد هذه الأبيات له إلا في المنام.
قرأت في كتاب عجائب الأشعار وغرائب الأخبار جمع مسلم بن محمود بن تعمية الشيزري قال: حدثني الشيخ الإمام العالم مهذب الدين أبو السخاء فتيان البانياسي في سنة تسع وستين وخمسمائة قال رأيت ملك النحاة أبا نزار في النوم فسألته ما لقي من ربه، فقال: دع هذا واسمع منمي، ثم أنشدني أبياتاً لم أحفظ منها سوى هذين البيتين وهما المعنى:
فإن نحن أجمعنا بعد بعد شفينا ... النفس من ألم العتاب
وإن ألوى بنا صرف الليالي ... فكم من حسرة تحت التراب
؟الحسن بن الصباح بن محمد البزاز: أبو علي البغدادي الواسطي قدم في المحنة إلى طرسوس على المأمون، فلما مات المأمون أطلق.
حدث عن حجاج بن محمد الأعور، وسفيان بن عيينة، وجعفر بن عون وأبي معاوية الضرير ومعن بن عيسى، وروح بن عبادة، وأبي المنذر إسماعيل بن عمر، وأبي عبد الرحمن المقرئ، وشبابة بن سوار، ومؤمل بن إسماعيل وغيرهم.
روى عنه الإمام محمد بن إسماعيل البخاري، وعب الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن اسحق الصاغانين وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، وعبد الله بن محمد بن ناجية، وأبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد، وإبراهيم الحربي وأبو إسماعيل الترمذي، وجعفر بن محمد بن المستفاض الفريابي، وقاسم ابن زكريا المطرز، والقاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي، وأبو القاسم البغوي.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - بقراءتي عليه بحلب - قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال أخبرنا أبو بكر محمد ابن عبد الله الشافعي قال: حدثنا القاسم بن زكريا قال: حدثنا الحسن بن الصباح البزاز قال: حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال: حدثنا سفيان وشعبة عن أبي اسحق عن رجل من آل أبي بكر عن القاسم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " السواك مطهرة للفم مرضاة لله تعالى " .

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: الحسن بن الصباح بن محمد أبو علي البزاز، سمع سفيان بن عيينة وقطن بن عيسى، وأبا معاوية الضرير وروح بن عبادة وجعفر بن عون وحجاج بن محمد الأعور، وأبا المنذر إسماعيل بن عمر، وشبابة بن سوار وأبا عبد الرحمن المقرئ.
وروى عنه محمد بن إسماعيل البخاري، ومحمد بن اسحق الصاغاني، وإبراهيم الحربي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبو إسماعيل الترمذي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وجعفر بن محمد الفيريابي، وعبد الله بن محمد نب ناجيه، وقاسم ابن زكريا المطرز، وأبو القاسم البغوي، ويحيى بن محمد بن صاعد وآخر من حدث عنه القاضي المحاملي.
وقال الخطيب: أخبرنا البرقاني قال: قرئ على الحسين بن علي التميمي وأنا أسمع: حدثكم أبو قريش محمد بن جمعة الحافظ قال: حدثنا الحسن ابن الصباح، وكان من أحد الصالحين.
قال الخطيب وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه فقال: صدوق وكان له جلالة عجيبة ببغداد، وكان أحمد بن حنبل يرفع من قدره ويجله.
أخبرنا أبو حفص عمرو بن محمد بن طبرزد - كتابة - قال: أخبرنا أبو منصور ابن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: حدثني محمد بن علي الصوري قال: أخبرنا الخطيب بن عبد الله القاضي بمصر قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسائي قال: أخبرنا أبي قال: أبو علي الحسن بن الصباح بن محمد البزاز ليس بالقوي. قال أحمد بن علي الحافظ: هكذا ذكره النسائي في كتاب الأسماء والكنى، وذكره في تسمية شيوخه، فقال: ما أخبرنا البرقاني قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: حدثنا الحسن بن رشيق بمصر قال: حدثنا عبد الكريم ابن أبي عبد الرحمن النسائي عن أبيه. قال: ثم أخبرني الصوري قال: أخبرني الخصيب بن عبد الله قال: ناولني عبد الكريم، وكتب لي بخطه قال: سمعت أبي يقول: الحسن بن الصباح بغدادي صالح.
وقال أحمد بن علي: حدثت عن عبد العزيز بن جعفر الحنبلي قال أخبرنا أبو بكر الخلال قال: أخبرنا محمد بن جعفر قال: سمعت ابن أحمد بن حنبل يقول: سمعت أبي يقول: ما يأتي على ابن البزاز يوم إلا وهو يعمل فيه خيراً، ولقد كنا نختلف إلى فلان المحدث، وسماه، قال: فكنا نقعد نتذاكر الحديث إلى خروج الشيخ، وابن البزاز قائم يصلي إلى خروج الشيخ، وما يأتي عليه يوم إلا وهو يعمل فيه أكثر.
أخبرنا أبو حفص المؤدب - أذنا - قال: أخبرنا عبد الملك بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر البغدادي قال: قرأت على البرقاني عن أبي اسحق المزكي قال أخبرنا محمد بن اسحق السراج قال: سمعت الحسن بن الصباح يقول: دخلت على المأمون ثلاث مرات، رفع إليه أول مرة: أنه يأمر بالمعروف، وكان نهى أن يأمر أحد بالمعروف فأخذت عليه، فقال لي: أنت الحسن البزاز؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين قال: وتأمر بالمعروف؟ قلت: لا ولكني أنهى عن المنكر، قال: فرفعني على ظهر رجل وضربني خمس درر، وخلى سبيلي، وأدخلت عليه المرة الثانية، رفع إليه أني أشتم علي بن أبي طالب، قال: فلما قمت بين يديه قال لي: أنت الحسن قلت: نعم يا أمير المؤمنين قال: وتشتم علي بن أبي طالب، فقلت: صلى الله على مولاي وسيدي علي يا أمير المؤمنين، أنا لا أشتم يزيد بن معاوية لأنه ابن عمك، فكيف أشتم مولاي وسيدي؟ قال: خلو سبيله.
وذهبت مرة إلى أرض الروم إلى بذ بذون في المحنة، فدفعت إلى أشناس فلما مات خلى سبيل.
قال السراج: مات الحسن بن الصباح بن محمد أبو علي الواسطي، وكان لا يخضب، من خيار الناس، ببغداد يوم الاثنين لثمان خلت من ربيع الآخر سنة تسع وأربعين ومائتين.
أخبرنا أبو اليمن الكندي قال أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن الصباح البزاز في ربيع الأول سنة تسع وأربعين ومائتين.
الحسن بن صفوان الأنطاكي حكى عن طرة الموسوس.

قرأت في كتاب عقلاء المجانين قال: وحدث الحسن بن صفوان الأنطاكي قال: كنت في دعوة، ومضى طرة الموسوس فأسمعنا من شعره وطريق فوائده، ولعبه بيديه ورجليه وازددنا سروراً، ولما أكلنا وحصلنا على الشراب أقبل عليه بعض من كان جالساً فأخذ يولع به، ويصيح السلاح السلاح. قال: هذا أول الجنون والحرب وأخذ يولع به، ويرميه بشيء من الفاكهة فقال له طرة: يا فتى أنت مجنون فأخذ يقرأ عليه ويعوذه وهو يزيد عليه في الولع، ثم رماه بأترجة فوقعت في فؤاده فكاد أن يهلك، فخشيت منه فطفر عليه، ونطحه نطحة كسر فيها أنفه فخشيت منه، فطفر عليه ثانية ونطحه نطحة كاد أن يذهب باقي أفنه فيها، وهم أن يخنقه، فقمنا إليه ولم نزل نسأله إلى أن خلاه وشاغلناه عنه إلى أن شددنا ما كسر منه، وطرحنا عليه شيئاً من الثياب وهم طرة بالخروج فقلنا له: اجلس نعمل الآن ما جرى، فقال: لا أفعل، فقلت فأنه قد نفذ يستعدي عليك فالله الله أن تخرج فتؤخذ فتحبس وتقيد وتشد فأخذه ما كان يأخذه، ثم قام وقال لي: يقال هذا والله لو خاطبني الوالي لسمع مني الجواب، فقلنا ماذا يكون جوابك وقد فعلت ما فعلت؟ قال: يكون ما تسمع ثم أخذ في إنشاد هذه الأبيات:
ومعربد نادمته في مجلس ... رأت العشيرة عفتي في المجلس
صاح السلاح فقلت شراً واقعاً ... وذكرت بيتاً للفتى المتلمس
الشر لا يطفئه إلا مثله ... فاطف الشرور بكل عضب أملس
فنطحته لما تغطرس نطحة ... فإذا أخونا في مثل الأفطس
فتعلقوا بي كي أتم مدامتي ... فأجبتهم مني بقلب مؤئس
لو أن جبريلاً أتاني قاصداً ... برسالة من ربه لم أجلس
قالوا: فتحبس قلت: ذاك هو المنى ... الحبس خير من ذهاب الأنفس
حرف الضاد
فارغ
حرف الطاء
الحسن بن طارق بن الحسن بن عوف: أبو علي الحلبي التاجر، المعروف بابن الوحش، ويلقب بالزكي، تاجر من أهل حلب وألي النهى والوقار. وذوي لمال واليسار انقرض بيتهم، ولم يبق منه أحد إلا من ذرية البنات، وكان له شعر حسن، وعنده فضل وأدب، وكان سافر إلى خراسان، وسمع بها الحديث من السيد أبي الرضا فضل الله بن علي بن عبيد الله الحسيني الراوندي الأديب، وحدث عنه بحلب، وروى عن أبي نصر المسلم بن أبي الخرجين الدميك الحلبي.
روى عنه الشريف أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحلبي شيئاً من الحديث، وسمع منه بحلب، وروى عنه أبو الرضا فضل الله الراوندي شيئاً من شعره سمعه منه بقاشان، وأبو الخطاب عمر بن محمد العليمي وسمع منه بالموصل.
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أبي الحجاج المصري، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب في كتابه الموسوم بخريدة القصر قال: الشيخ الزكي أبو علي الحسن بن طارق الحلبي من المتأخرين، ذو نظم كاسمه حسن حال: وعلم عال وذكاء ذكي، واصل زكي، سافر إلى بلادنا تاجراً ببضاعتي أدبه ونسبه، عارضاً في سوق الفضل عقود درره وغرره ذكره السيد الشريف أبو الرضا الراوندي، فقال: أنشدني ابن طارق الحلبي لنفسه، في الدار التي بناها بهاء الدين عبد الله بن الفضل ابن محمود بقاشان، ومن العجيب أن ابن طارق لم يخرج من قاشان إلا بعد موته، وكان بين نظمه هذه الأبيات وموت بهاء الدين أشهر قريبة:
عمرت دار فناء لا بفاء لها ... ظنا بأنك عنها غير منتقل
أتعبت نفسك لا الدنيا ظفرت بها ... وأنت لا شك في الأخرى على وجل
دار الإقامة أولى بالعمارة من ... دار نعيمات فيها غير متصل
فاعمل لنفسك ما ترجوه النجاة به ... فليس ينجيك إلا صالح العمل
أنبأنا بهذه الأبيات أبو حفص عمر بن علي بن محمد بن قشام الحلبي قال: أخبرنا أبو الرضا فضل الله الراوندي إجازة قال: أنشدني ابن طارق لنفسه وذكرها.
قرأ بخط أبي الخطاب عمر بن محمد العليمي وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن النسابة الدمشقي عن العليمي قال: أنشدني أبو علي الحسن بن طارق بن الحسن التاجر لنفسه بالموصل وكتبه لي بخطه:

ولقد أقول لمعشر ودعتهم يوم ... الفراق ودمع عيني يسكب
لو كان لي حزم وعزم صادق ... لعرفت ما آتي وما أتجنب
لهفي على شرخ الشباب وعصره ... ولى ففارقنا الزمان المذهب
هل بعد شيب الرأس إلا رحلة ... عمن صحبناه ودار تخرب
والمرء يأمل أن يعيش مخلداً ... والعمر يذهب والمنية تقرب
فتغنموا الساعات إن سمعت بما ... ترجونه أو بض ما تتطلب
فلخير زادكم التقى لمعادكم ... يوم مهول وليس منه مهرب
ونقل من خط العليمي ما أخبرنا به أبو عبد الله محمد بن تاج الأمناء بن عساكر، قراءة عليه بدمشق عنه قال: أنشدنا أبو علي الحسن بن طارق بن الحسن الحلبي من لفظه لنفسه بالموصل وكتبه لي بلفظه:
لما رأيت المشيب قد نزلا ... وأن شرخ الشباب قد رحلا
عاتبت نفسي وقلت ويك ... أما يكفيك أن المشيب قد نزلا
وقد مض دولة الشباب ... فهل آمل من بعده به بدلا
وقرأ بخط العليمي وأخبرنا به أبو عبد الله بن أحمد عنه قال: أنشدني أبو علي الحسن بن طارق بن الحسن المجهز لنفسه وكتبه لي بخطه:
لم أستر الشيب بالخضاب ... لأبتغي صبوة التصابي
ولا تزينت للغواني أستر ... عن مثلهن ما بي
لكن لبست السواد لما ... سلط شيبي على شبابي
قرأت بخط الشريف أبي الرضا فضل الله بن عبيد الله الحسيني الراوندي في ديوان شعره، وأنبأنا عنه أبو حفص عمر بن علي بن قشام الحبي قال: وكتب إلي الشيخ الأجل زكي الدين أبو علي الحسن بن طارق بن الحسن الحلبي أدام الله نعمته، وقد بعث إلي طبقاً من الحلوى القاهرية وشيئاً من السعترية:
قد أتى الصعتر يسعى ... خادماً للقاهرية
هو من صحراء حمص ... وأراضي سلمية
وهي من أكرم أرض ... في البلاد الساحلية
صنعت من كل فن ... فهي حلواء هنية
وهي من أجمل شيء ... يتهادى في الهدية
والهدايا سنة قد ... سنها خير البرية
صلى الله عليه وآله وسلم فكتبت إليه:
مرحباً بالقاهرية ... خدمتها السعترية
بين هاضوم لطيف ... وحلاوات شهية
لزكي الدين فيها ... صنعة جد سوية
أصبحت تحكي حلاه ... وسجاياه الرضية
سيد بين جميع الن؟ ... اس جوداً وحمية
حاطه الله إلهي ... من أذى كل بلية
قرأت بخط أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أحمد بن أبي جرادة الحلبي في جزء أحضره إلي رفيقنا أبو الفتح بن الصفار ذكر فيه جماعة من شيوخ حلب وأحوالهم ومواليدهم ووفاتهم فقرأت فيه بخط الشيخ أبو علي: الحسن بن طارق ابن الحسن رحل في التجارة وأقام بخراسان ثلاثين سنة أو أكثر من ذلك، وسمع شيئاً من الحديث، مولده سنة أربع وسبعين وأربعمائة، وتوفي في عامنا هذا ليلة الاثنين الثالث عشر من المحرم سنة سبع وخمسين - يعني - وخمسمائة، والله سبحانه وتعالى المسؤول حسن الخاتمة وصلاح العاقبة، وإجزال الثواب والعفو والصفح عن الزلل والتوبة.
سمعت القاضي أبا محمد الحسن بن إبراهيم بن الخشاب يقول: أخبرني ابن اليحمولي أن سبب موت الحسن بن طارق أنه كان نائماً فانتبه فوجد على صدره حية فمات.
؟ذكر من اسمه طاهر في آباء من اسمه الحسن الحسن بن طاهر بن الحسين: أبو علي الصوري الفقيه، فقيه من فقهاء الشيعة ومتكلميهم وله مصنف في مذهبهم وتصدر في حلب لإقراء الفقه والأصول، قرأ عليه أبو المكارم حمزة بن علي ابن زهرة الحسيني، ومحمد بن عبد الملك بن أبي جرادة الحلبيان.
الحسن بن طاهر بن يحيى:

ابن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو محمد بن أبي القاسم بن أبي الحسين النسابة العلوي، شريف حسيني رئيس جواد كان مختصاً بالأخشيذ، محمد بن طغج وسيره إلى محمد بن رائق، وهو بحلب ليصلح بينهما، ثم توجه الأخشيذ، محمد بن طغج وسيره إلى محمد بن رائق، وهو بحلب ليصلح بينهما، ثم توجه الأخشيد سيره بعد ذلك إلى سيف الدولة أبي الحسن وهو بالرقة وأكرمه المتقي ثم أن الأخشيد سيره بعد ذلك إلى سيف الدولة أبي الحسن علي بن حمدان، فأصلح بينهما، وزوج سيف الدولة بابنة الأخشيد، وكان مثرياً متسولاً.
وذكر أبو الحسن الديلمي في سيرة سيف الدولة في حديث وقعة قنسري قال: وسار الأمير سيف الدولة فلم يتعبه أحد من عسكر الأخشيذ وقطع الفرات من جسير منبج، وسار الأخشيذ فنزل الرقة، ونزل سيف الدولة مقابل عسكر الأخشيذ، ومشى الحسن بن طاهر في الصلح بينهما، واستقر على أن أفرج الأخشيذ لسيف الدولة عن حلب وحمص وإنطاكية، وكان ذلك في شهر ربيع الأول سنة أرب وثلاثين - يعني - وثلاثمائة.
قرأ في كتاب نزهة القلب المعنى في نسب بني المهنا تأليف الشريف النقيب محمد بن أسعد الجواني النسابة قال: كان الحسن بن طاهر قد قدم على الأخشيذ بمصر، وتوسط بينه وبين محمد بن رائق وبينه وبين سيف الدولة بن حمدان، واتسع أمر الحسن بن طاهر واختص به الأخشيذ حتى بل ارتفاع ضياعه مائة ألف دينار.
وقع إلي نسخة كتاب من إنشاء البختري في الصلح بين الأخشيذ ومحمد بن رائق كتبه عن الأخشيد محمد بن طغج وقال في أثناء الكتاب: ويسر لنا من أبي محمد الحسن بن طاهر أعزه الله ميمون النقيبه، مأمون السفارة، فسعى بيننا بحسن النية، وصدق الروية، وعرق النبوة، وإرادة المصلحة، فعطفنا على فضيله السلم، فتسابقنا إليها تسابق فرسي رهان اجتهدا جرياً، فوردا معاً فأحرزنا غايتها، وفزنا بشرفها وحوينا مزيتها، وفئنا إلى أمر الله وتعاطينا السواء، وآثرنا الوفاء. وذكر تمام الكتاب.
فرأت في سيرة الأخشيذ محمد بن طغج جمع الحسن بن إبراهيم بن زولاق قال: وكان الأخشيذ قد اختص من الأشراف بعبد الله بن أحمد بن طباطبا، وبالحسن بن طاهر بن يحيى وكانا لا يفارقانه، هذا حسني وهذا حسيني، وبينهما عداوة الرئاسة والاختصاص إلا أن الحسن بن طاهر ناب عنه وسافر في صحابه، وتوسط بينه وبين محمد بن رائق مرتين، وتوسط بينه وبين ابن حمدان، وذكر أن سفارة الحسن بن طاهر بين الأخشيد ومحمد بن رائق في الصلح كانت في سنة ثمان وعشرين، وذكر أن الخشيذرد مزاحم بن محمد بن رائق حين سيره ابن رائق إليه بعد أن أحسن إليه مع الحسن بن طاهر إلى أبيه، وزوج الأخشيد ابنته فاطمة من مزاحم بن محمد بن رائق، تولى ذلك أبو محمد الحسن بن طاهر، وإن الحسن بن طاهر سفر في الصلح بينهما وقرر الأمر، وسيأتي ذكر ذلك مستوفي في موضعه إن شاء الله تعالى. وذكر ابن زولاق أيضاً في سيرة الأخشيذ هذه: قال وورد في سنة تسع وعشرين نعي أبي عيل عبيد الله بن طاهر والد مسلم، فلم يتأخر عن تعزيته أحد وكان الحسن بن طاهر أخوه عليلاً فكتم ذلك عنه، فركب الأخشيذ إلى أبي جعفر مسلم فعزاه وسقاه الشراب، ثم سأل: هل علم أبو محمد الحسن ابن طاهر بوفاة أخيه؟ فقالوا: لا، فركب إليه عائداً وعزاه.
قال ابن زولاق: وكان الحسن بن طاهر قد خدم الأخشيذ وناب عنه، وكان السفير بينه وبين محمد بن رائق وانتفع معهما، حتى بلغ ارتفاع أملاكه مائة ألف دينار سوى أرزاقه وأرزاقي بيته وعبيده ومواليه، وكان أيضاً هو السفير بين الأخشيذ وبين من نازعه.

قال ابن زولاق: وحدثني بعض الكتاب قال: كان محمد بن رائق لما سار لقتال الأخشيذ راسله الأخشيذ بأبي محمد الحسن بن طاهر بن يحيى الحسيني، وكانت كتب الحسن بن طاهر ترد من الشام إلى أخيه الحسين بن طاهر بن يحيى الحسيني، وكانت كتب الحسن بن طاهر ترد من الشام إلى أخيه الحسين بن طاهر شقيقه، وكان ينوب عنه ويوقف الأخشيذ علي ما يرد عليه ويوقفه على كتبه، وكان إذا كتب إلى الأخشيذ كتب مع الطائر، ويكتب كثيراً إلى أخيه الحسين، فقال أبو عبد الله الحسين بن طاهر: فورد علي كتاب أخي الحسن بن طاهر من الشام يقول فيه وتسأل الأخشيذ أن يعفيني من ضمان بلبيس وفاقوس فإني قد عجزت عنهما لقلة فائدتهما وكثرة غشيان البوادي لها، ولم تكن هاتان الضيعتان في يد أخي فحملت الكتاب وجئت به إلى الأخشيد وقرأته عليه فقال: هاتوا حديد بن الحصان - يعني - كاتب ديوان الخراج، فقال في أبي محمد الحسن بن طاهر ضمان بلبيس وفاقوس؟ قال: لا، قال: فأطرق، ثم قال ما قصر أبو محمد فيما قاله، عزم محمد بن رائق يجيئنا على غفلة إلى مصر فأشار أبو محمد بحفظ فاقوس وبلبيس يخرج الساعة إلى فاقوس ثلاثة آلاف فارس وراجل وإلى بلبيس مثلها وتزاح عللهم، ويكونون على غاية اليقظة ولا ينامون الليل، ويحفظون هذه المواضع، قال الحسين بن طاهر فعجبت من فطنته وكتبت إلى أخي: قد أعفاك من ضمان فاقوس وبلبيس وضمنها ممن يقرر عليهما، لأن الحسن بن طاهر كان يتقي محمد بن طاهر قال: أرسل محمد ابن رائق إلى أبي فركب وأخذني معه فدخل عليه وهو مقطب، فلما جلس لم يكن منه إليه الانبساط الذي يعرفه فقال له: ايش خبر الأمير فقال: قد وقعت في أيدينا كتبك إلى محمد بن طغج، قال: مع منم؟ قال: مع صاحبك المعروف بالزطي فقال: سبحان الله ما أصاب الأمير الدين ولا السياسة، فأما الدين فنهى جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلع أحد في كتاب أخيه بغير أمره، والسياسة انخراق الهيبة، أفليس يعلم الأمير أني جئته من قبل محمد طغج، أفلي بد من مكاتبته وتعظيم أمره في غيبته وأن أطلعه على ما يحتاج إليه، فهذه رسل الأرض فأيش يقول الأمير في رسل السماء؟ قد والله كتبت مع الطائر أكثر من هذا، وأستودع الله الأمير ما يراني بعدها، فأخذ بذيله وما زال يرفق به ويترضاه ويقول له: أنت أولى من احتمل، وكان شريفاً قوي النفس جريئاً في خطابه وأكثر نعمته اكتسبها في هذه الوساطة بين هذين الرجلين.
وذكر ابن زولاق في هذا الكتاب في حديث اجتماع الأخشيذ والمتقي على الرقة قال: وطلب منه المتقي الحسن بن طاهر الحسيني فأدخله إليه، وكنى المتقى الحسن بن طاهر في مجلسه وعطس المتقي فشمته الحسن بن طاهر فقال المتقي: يرحمك الله أبا محمد.
قلت: وهذا من المتقي زيادة عظيمة في الحرمة فإن الخليفة كن لا يكنى أحداً حتى أنه بلغني أنه قال في هذه النوبه للأخشيد: كيف أنت يا أبا بكر فاستعظم الأخشيد ذلك، وكتب إلى نائبه بمصر وقال له: أكرمني أمير المؤمنين وكناني وقال لي: كيف أنت يا أبا بكر؟ وذكر ابن زولاق في مسير الأخشيذ إلى قنسرين والتقائه مع سيف الدولة واستظهار سيف الدولة على الأخشيد، وإن الإخشيذ عاد واستظهر على سيف الدولة، وأن الأمير سيف الدولة عسكر مواجهاً للأخشيد فاختار الأخشيذ المسالمة وراسله بالحسن بن طاهر على مال يحمله إليه، وأن يكون لسيف الدولة من خرشنة إلى حمص، وزوجه ابنته فاطمة، وكان الولي الحسن بن طاهر بتوكيل الأخشيذ، فسر سيف الدولة بذلك، وعقد النكاح، ونثر سيف الدولة بذلك، وعقد النكاح، ونثر سيف الدولة في مضربه على الحاضرين ثلاثين ألف دينار ونثر خارج المضرب أربعمائة ألف درهم، وحمل إلى الحسن بن طاهر مالاً كثيراً وخلاً وحملاناً.
قلت: والحسن بن طاهر هذا هو والد طاهر بن الحسن الذي مدحه المتنبي بقوله: أعيدوا صباحي فهو عند الكواعب..
وسنذكره في حرف الطاء إن شاء اله تعالى.
ولما زرت الخليل صلى الله عليه وسلم في سنة سبع وثلاثين وستمائة، مضيت من زيارته إلى مشهد اليقين فزرته، ورأيت في مغارة عند باب المشهد قبراً يزوره الناس مكتوب عنده على لوح من الرخام نقشاً: هذا قبر فاطمة بنت الحسن بن طاهر ابن يحيى بن الحسن، وعلى لوح آخر من الرخام لذلك القبر مكتوب نقشاً في الحجر:

أسكنت من كان في الأحشا مسكنه ... بالرغم مني بين الترب والحجر
يا قبر فاطمة بنت ابن فاطمةٍ ... بنت الأئمة بنت الأنجم الزهر
يا قبر بنت الزكي الطاهر ... الحسن بن طاهر من نماه أطهر البشر
يا قبركم فيك من دين ومن ورع ... ومن حياء ومن صون ومن خفر
وعلى اللوح بخط النقاش الذي نقش اللوحين: صنعه محمد بن أبي سهل النقاش بمصر، وصاحبة القبر هي بنت الحسن بن طاهر هذا، والله أعلم.
وقال أبو الغنائم الزيدي النسابة في كتاب نزهة عيون المشتاقين أن الحسن بن طاهر توفي بمصر في شوال سنة ست وثلاثين وثلاثمائة وذكر أن أمه أم ولد.
وقال ابن خداع في كتاب المعقبين من ولد الحسن والحسين، - ووقع إلي بخطه - وكان لأبي محمد الحسن حظ من الدنيا، وتقدم عند السلطان توفي بمصر سنة ست وثلاثين وثلاثمائة.
ذكر محمد بن اسعد الجواني النسابة في كتابه الموسوم بنزهة القلب المعنى في نسب بني المهنا أن أبا محمد الحسن بن طاهر توفي بمصر سنة ست وثلاثين وثلاثمائة.
وقال القضاعي توفي في شوال من سنة ست وثلاثين وثلاثمائة.
أنبأنا بذلك أحمد بن أزهر عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي عنه.
الحسن بن طاهر الوزير: وزير سليمان بن قطلمش صاحب أنطاكية كان معه وزيراً له بإنطاكية واسر في الوقعة التي قتل فيها سليمان بالناعورة، ثم أطلقه تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان في صفر سنة تسع وسبعين وأربعمائة، فسار إلى أنطاكية، ولم يزل بها إلى أن وصل السلطان ملكشاه إلى حلب وتسلمها في شعبان من السنة المذكورة، ثم سار إلى أنطاكية فسلمها إليه الحسن بن طاهر الوزير المذكور، واستخدمه ملكشاه في الأموال بإنطاكية، وولى البلد يغي سغان بن ألب، وتركه في عسكر معه.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
حرف العين في آباء من اسمه الحسن
الحسن بن عامر بن الحسن: أبو علي الكلابي البابي الحنفي القاضي من ولد العباس بن الوليد قاضي باب بزاعا، من أهل الباب، هو وسلفه، مولده ومنشأه بها، قام بها قاضياً بعد أبيه عامر سنين عدة، وسمع الحديث بحلب من أبي الفرج يحيى بن محمود بن سعد الثقفي الأصبهاني، وحدثنا عنه بالباب، وكان شيخاً حسناً جميل السيرة مستوراً عفيفاً وله أملاك بتلك الناحية، سألته عن مولده فقال سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
أخبرنا القاضي أبو علي الحسن بن عامر بن الحسن البابي بمنزله بباب بزاغا - قراءة مني عليه - قال: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود بن سعد الثقفي بحلب قال أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد - قراءة عليه وأنا حاضر - قال: حدثنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا عبيد الله بن علي، المعروف بابن أبي العزائم، قال: حدثنا أبو عمرو أحمد بن حازم بن أبي غرزة قال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن بكير بن عامر عن عبد الرحمن بن أبي نعيم عن مغيرة بن شعبة قال: رأيت رسول الله لم تخلعهما قال: بل أنت نسيت بهذا أمرني ربي عز وجل.
توفي القاضي حسن بن عامر البابي بباب بزاعا يوم الأحد السادس عشر من صفر سنة ست وعشرين وستمائة، وكنت بعد وفاته بيوم واحد قد قدمت الباب متوجهاً في رسالة.
الحسن بن العباس بن الحسن بن الحسين أبي الجن: ابن علي بن محمد بن علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب، أبو محمد الحسيني، القاضي القمي، انتقل أبوه العباس بن الحسن من قم إلى حلب، وانتقل معه ابنه الحسن وأخوته الباقون في أيام سف الدولة بن حمدان، ثم انتقل أبو محمد وإخوته إلى دمشق وولي أبو محمد قضاء دمشق، ثم إن الحاكم أرسله عنه إلى حلب إلى أبي نصر بن لؤلؤ السيفي، فتوفي بها وكان رئيساً نبيلاً جواداً ممدحاً.
قرأت بخط الشريف أبي الحسن إدريس بن الحسن الإدريسي الحسني قال لي الشريف نظام الدين أبو العباس بن أبي الحسن الحسيني: كانت نقلتنا إلى حلب - يريد نقله الحسن أبي محمد القاضي، وأخيه مع أبيهما، إلى حلب من بلد العجم - أيام سيف الدولة.

قرأت بخط الشريف أبي الغنائم عبد اله بن الحسن بن محمد الزيدي في كتابه المجرد في النسب قال: والعقب من أبي الفضل العباس بن الحسن بن الحسين ابن علي بن محمد بن علي بن إسماعيل: أبو محمد الحسن القاضي، كان بدمشق، وأبو طالب محمد، وأبو عبد الله الحسين، وأبو الحسن علي القاضي، كان بدمشق، وأبو طالب محمد، وأبو عبد الله الحسين، وأبو الحسن علي القاضي كان ببعلبك، أمهم مرية من العرب اسمها تقية. قال أبو الغنائم: كان القاضي أبو محمد الحسن، مقدم أهل بيته ورئيسهم، وكان جواداً وصولاً باراً بأهله رضي الله عنه.
ونقلت من كتاب المجدي في أنساب الطالبيين تأليف الشريف أبي الحسن بن محمد بن علي العلوي العمري، المعروف بابن الصوفي، جمعه للشريف مجد الدولة أبي الحسن بن فخر الدولة ابن يعلى حمزة بن حاكم الدولة، صاحب هذه الترجمة الحسن بن العباس، وذكر في أثناء الكتاب شيئاً من نسب أبي الحسن فقال: ومنهم يعني، من ولد العباس بن الحسن بن الحسين أبي الجن الشريف القاضي بدمشق هو: الحسن بن العباس بن الحسن بن الحسين أبي الحسن، مات عن أولاد سادة ولوا نقابة النقباء بمصر، والنقابة والقضاء بدمشق، وذكر منن عقبه من صنف له الكتاب.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: الحسن بن العباس بن الحسين أبي الجن بن علي بن محمد بن علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو محمد الحسيني، ولوي القضاء بدمشق خلافة أبي عبد الله محمد بن النعمان قاضي أبي علي منصور، الملقب بالحاكم، وكان أصلهم من قم، فانتقل أبو العباس إلى حلبن وانتقل الحسن وأخوته إلى دمشق، وولي قضاءها، ثم أرسله الملقب بالحاكم رسولاً إلى أمير حلب، فقال أبو الحسن ابن الدويدة المعري فيه، لما أن قدم إلى حلب:
رأى الحاكم المنصور غاية رشده ... فأرسله للعالمين دليلا
أتى ما أتى الله العلي مكانه ... فأرسل من آل الرسول رسولا
فمات، فلما توفي رثاه الشعراء فقال فيه الشريف أبو الغنائم عبد الله بن الحسن ابن محمد الحسيني النسابة:
فروعك يا شريف شهدن حقاً ... بأن الطاهرين لها أصول
على حال الرسالة في صلاح ... فقدت وهكذا فقد الرسول
قال الحافظ أبو القاسم: قرأت بخط عبد المنعم بن علي بن النحوي: وفي ليلة الأربعاء لاثنين وعشرين ليلة خلت من جمادى الأولى سنة أربعمائة ورد من حلب فيج بكتاب أبي تراب محسن بن أبي الجن يذكر فيه أن عمه أبا محمد بن أبي الجن الشريف القاضي مات بحلب يوم الاثنين لأربع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة أربعمائة.
ذكر من اسم أبيه عبد الله ممن اسمه الحسن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن عبد الجبار بن أبي حصينة: السلمي، الأمير أبو الفتح المغربي، شاعر مجيد بليغ كثير الشعر، أقام بحلب في أيام بني مرداس، وكان وجيهاً عندهم وتأمر في زمنهم، روى عنه شيئاً من شعره أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن الحسن التنوخي الحلبي، وابن ابنه نصر بن منصور بن الحسن بن أبي حصينة وأبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري التنوخي، وجمع أبو العلاء ديوان شعره وشرح غريبه ومعانيه، وقال في مقدمة الديوان: الدهر مديد طويل يجوز أن يحدث في آخره، كما حدث في أوله، لأن الله سبحانه قدير على الممتنعات كلما حكم به فهو آت تقدست أسماؤه، وجلت نعماؤه ولا يمتنع أن ينشئ في هذا العصر من الشعراء من هو لاحق بالمتقدمين وشبيه من سلف من الفحول الأولين.
وكان مولاي الأمير الجليل أبو الفتح الحسن بن عبد الله بن أبي حصينة سألني أن أجمع شعره، فقرئ عليه ما أنشأه من أنواع القريض، فوجدت لفظه غير مريض، ومعانيه صحاحاً مخترعة، وأغراضه بعيدة مبتدعة، وهو ون كان متأخراً في الزمان فكأنه ممن فرط في عهد النعمان، ومن سمع كلامه علم أنه لم يعر شهادة ولا حرم في إبداع الكلم سيادة.
وكفاه شهادة هذا العالم النحرير له بما شهد، وتصديه لجمع شعره، وعاش أبو الفتح بعد أبي العلاء مدة سنين.

أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: الحسن بن عبد اله بن أحمد بن عبد الجبار ابن أبي حسنه، أبو الفتح السلمي المعري الشاعر، ذكر لنا أبو عبد الله محمد بن المحسن بن الملحي أنه قدم دمشق، وله في وصفها أبيات من قصدية ذكرها ابن ابنه أبو المظفر نصر بن منصور بن الحسن بدمشق عنه منها:
لو أن داراً أخبرت عن ناسها ... لسألت رامة عن ظباء كناسها
بل كيف تسأل دمنة ما عندها ... علم بوحشتها ولا إيناسها
ممحوة العرصات يشغلها البلى ... عن ساحبات الريط فوق دهاسها
بيض إذا انضاع النسيم من ... الصبا خلناه ماء ينضاع من أنفاسها
يا صاحبي سقى منازل جلق ... غيث يروي ممحلات طساسها
فرواق جامعها فباب بريدها ... فمسارب القنوات من باناسها
فلقد قطعت بها زماناً للصبي ... واللهو مخضراً كخضرة آسها
قبل النوى وسهامه مشغولة ... الأفواق لم تبلغ إلى بر جاسها
من لي برد شبيبة قضيتها ... فيها وفي حمص وفي ميماسها
وزمان لهو بالمعرة موبق ... بسياثها وبجانبي هرماسها
قرأت بخط مؤيد الدولة أسامة بن مرشد بن علي بن منقذ، وأنبأنا به أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي عنه، قال: الأمير أبو الفتح بن أبي حصينة، هو الحسن بن عبد الله بن أحمد بن عبد الجابر بن أبي حصينة وهو غزير القريحة، كثير الشعر مجيد بليغ، وكان مدح الأمير أسد الدولة أبا صالح عطية بن صالح بن مرداس بقصيدة أولها:
سرى طيف هند والمطي بنا تسرى ... فاخفى دجى ليل وأبدا سنا فجر
فيها:
خليلي فكاني من الهم واركبا ... فجاج الموامي الغر في النوب الغبر
إلى ملك من عامر لو تمثلت ... مناقبه أغنت عن الأنجم الزهر
إذا نحن أثنينا عليه تلفتت ... إلينا المطايا مصغيات إلى قتر
منها:
وفوق سرير الملك من آل صالح ... فتى ولدته أمه ليلة القدر
فتى وجه أبهى من البدر منظرا ... وأخلاقه أشهى من الماء والخمر
فيها:
ألا صالح أشكو إليك نوائباً ... عرتني كما يشكو النبات إلى القطر
لتنظر نحوي نظرة لو نظرتها ... الى الصخر فجرت العيون من الصخر
وفي الدار خلفي صبية قد ... تركتهم يظلون أظلال الفرج من الوكر
لعل بشيراً منك يأتي إليهم ... بأنك قد آمنتهم غصة الدهر
ومنها:
جنيت على روحي بروحي جناية ... فأثقلت ظهري بالذي شب من ظهري
عداد الثريا مثل نصف عدادهم ... ومن نسله ضعف الثريا متى يثري
فهب هبة يبقى عليك ثناؤها ... بقاء النجوم الطالعات التي تسري
فلما فرغ من إنشادها: أحضر الأمير أسد الدولة القاضي والشهود وكتب هل وأشهد على نفسه بتمليك ابن أبي حصينة ضيعتين من ملكه لها ارتفاع كثير، وأجازه وأحسن إليه فأثرى وتمول، وعمر بحلب داراً خسر عليها مالاً كثيراً وكتب على إزار روشنها:
دار بنيناها وعشنا بها ... في نعمة من آل مرداس
قوم محوا بؤس ولم يتركوا ... على الأيام من بأس
قل لبني الدنيا ألا هكذا ... فليفعل الناس مع الناس

هكذا نقلته من خط أبي المظفر أسامة في تعليقه الذي علقه لابن الزبير، وقد ذكر أسامة بن منقذ في موضع آخر هذه الحكاية أنها وقعت لابن أبي حصينة مع معز الدولة ثمال بن صالح، وهو أصح. أخبرنا بذلك الأمين أبو القاسم بن هبة الله بن محفوظ بن الحسن بن صصرى فيما أذن لنا في روايته عنه، وسمعت منه بدمشق، قال: أخبرنا أبو المظفر أسامة بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ قال: كان ابن أبي حصينة مداحاً للأمير تاج الأمير معز الدولة أبي العلوان ثمال بن أسد الدولة صالح بن مرداس، فامتدحه بقصيدة شكا فيها كثرة أولاده، وكان له أربعة عشر ولداً، أولها:
سرى طيف هند والمطي بنا تسرى ... ..............
جنيت على نفسي بنفسي جناية ... فاثقلت ظهري بالذي شب من ظهري
عداد الثريا مثل نصف عدادهم ... ومن نسله ضعف الثريا متى يثرى
وأخشى الليالي الغادرات عليهم ... لان الليالي غير ممونة الغدر
ولي منك إقطاع قديم وحادث ... تقلبت فيه تحت ظلك من عمري
وما أنا بالممنوع منه ولا الذي ... أخاف عليه منك حادثة تجري
ولكنني أبغيه ملكاً مخلداً ... خلود القوافي الباقيات على الدهر
والقصيدة طويلة، فلما سمعها معز الدولة أمر بإحضار شهود أشهدهم بتمليكه أبا الفتح الحسن بن عبد الله بن أحمد بن عبد الجبار بن أبي حصينة ضيعتين من أعمال حلب ومنبج، فأثرى، وحسنت حاله وعمر بحلب داراً وكتب على أزار روشنها:
دار بنيناها وعشنا بها ... في نعمة من آل مرداس
وذكر الأبيات الثلاث كما نقلتها من خط أسامة.
سمعت الأمير بدران بن جناح الدولة حسين بن مالك العقيلي قال:قال لي الخطيب هاشم خطيب حلب: لما بنى ابن أبي حصينة داره وكتب على أزار سقفها:
دار بنيناها وعشنا بها ... في نعمة من آل مرداس
المانعي بؤسي فلم يتركوا ... على الأيام من بأس
قل لبني الدنيا ألا هكذا ... فليفعل الناس مع الناس
بلغ نصر بن محمود ذلك فكتب له داراً إلى جانبها، وكانت خربة، وهي الآن لبعض الشراف بحضرة البلاط شرقي الدار التي كان على روشنها الأبيات، وهي الآن لبعض الهاشميين وبابها في الزاوية التي هي مقابل مسجد الشريف الزاهد، قال: وأطلق له ألف دينار.
قال: وقال لي الخطيب: والدار التي عمرها هي الدار التي تجاه حمام الواساني ولها ساباط راكب على حمام الواساني، وهي في زماننا هذا لولد قطب الدين الحسن بن العجمي.
كذا قال لي بدران: بلغ نصر بن محمود ولم يعش أبو الفتح بن أبي حصينة إلى أيام نصر بن محمود. وقد قيل إن الحكاية جرت مع نصر بن صالح أخي ثمال ابن صالح، فإنني قرأت في كتاب نزهة الناظر وروضة الخاطر تأليف عبد القاهر بن علوي المعري، المعروف بابن خصا البغل، قال: قيل: امتدح أبو الفتح بن أبي حصينة المعري رحمه الله نصر بن صالح بحلب، فقال له: تمن، فقال: أتمنى أن أكون أميراً، فجعله أميراً يجلس مع الأمراء، ويخاطب بالأمير وقربه، وصار يحضر في مجلسه وفي زمرة الأمراء، ثم وهبه أرضاً بحلب قبلي حمام الوساني فعمرها داراً وزخرفها وقرنصها، وتمم بنيانها وكمل زخارفها ثم نقش على داير الداربزين:
دار بنيناها وعشنا بها ... في دعة من آل مرداس
قوم محوا بؤسي ولم ... يتركوا علي للأيام من باس
قل لبني الدنيا ألا هكذا ... فليفعل الناس مع الناس
قال: فلما أنهى العمل بالدار عمل دعوة وأحضر نصر بن صالح بن مرداس، فلما أكل الطعام رأى الدار وحسنها وحسن بنيانها ونقوشها، ورأى الأبيات فقرأها، فقال: يا أمير كم خسرت على بناء الدار؟ فقال: والله يا مولانا ما للمملوك علم بل هذا الرجل تولى عمارتها. فأحضر معمارها وقال له: كم قد لحقكم غرامة بناء هذه الدار؟ فقال له المعمار: غرمنا ألفي دينار مصرية، فأحضر من ساعته ألفي دينار مصرية وثوب أطلس وعمامة مذهبة وحصاناً بطوق ذهب وسخت ذهب وسرفسار ذهب، ودفع ذلك جميعه إلى الأمير أبي الفتح وقال له:
قل لبني الدنيا ألا هكذا ... فليفعل الناس مع الناس

ووقع إلي مدائح نصر بن صالح مدونة، وفيها قصائد مدحه بها أبو الفتح ابن أبي حصينة وليس فيها القصيدة الرائية، ولا الأبيات السينية، والصحيح أنه مدح بهما معز الدولة ثمال بن صالح، وأكثر مديحه فيه.
وقرأت بخط أبي سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصل هذه الأبيات الثلاثة، وذكر أنه كتبها في داره على حيط مجلسه، وقالها في أيام معز الدولة، يعني ثمال ابن صالح، وقد أطلق شيئاً في عمارتها له.
وقرأت بخط رجل من الفضلاء في بعض الكتب أن ابن صالح لما بلغته هذه الأبيات نفذ إليه مالاً قليل مقداره ألف دينار وقيل ثلاثة آلاف دينار عوضاً عما غرمه على الدار.
ومما يدل أن هذه الواقعة كانت مع معز الدولة، أني قرأت في ديوان شعر أبي الفتح بن أبي حصينة، الذي جمعه أبو العلاء بن سليمان أبياتاً مدح بها أبا العلوان ثمال بن صالح، يذكر فيها غيبة غابها في عمارة داره التي عمرها بحلب، وكان قد تأخر عن الخدمة في الحضور بحضرته أياماً عدة:
وقفنا فكم هادج الوقوف على المغنى ... غليلاً دخيلاً من لبينى ومن لبنى
وعجنا عليه منذ عشرين حجة ... نقضت فما عجنا على الحلم مذ عجنا
أربع التصابي قد فنيت وحبنا ... لأهلك لا يبلى بلاك ولا يفنى
كأنك تلقى ما لقينا من الهوى ... وتضني لقد الظاعنين كما نضنى
سألناك لو أخبرتنا أين يممو ... أوعس الحمى الأقصى أم الأو عس الأدنى
أم الحي لما أكدت المزن يمموا ... ثمالاً فشاموا منم أنامله المزنا
لقد نجعوا ربعاً خصيباً من الندى ... وصاروا إلى من يمنح المدن لا البدنا
فتى كرمٍ أفنى الصوارم في الوغى ... ضراباً وأفنى بالطعان القنا اللدنا
يد لك من كلتي يديه على الغنى ... فيسرك في اليسرى ويمنك في اليمنى
هو البحر إلا أننا لا نرى له ... سوى موقرات العيس من ماله سفنا
نظمت لأسنى الخلق مدحاً وجدته ... سنياً فأهديت السنى إلى الأسنى
أبا صالح إن كنت في القول محسناً ... فإنك قد جازيتني عنه بالحسنى
وأعديتني بالجود حتى تركتني أجود ... فأفني مكسبي قبل أن أفنى
تشاغلت أبني فيك مدحاً وأبتنى ... ففيك الذي أبنى ومنك الذي يبنى
إذا نحن جدنا أو نجحنا بنعمة فمنك ... ومما جدت ذاك الذي جدنا
ومن شكر القوم الألى منك رزقهم ... فإنك بالشكر الذي شكروا تعنى
إذا المرء أولى الفضل من فضل غيره ... فموليه ألوى بالثناء الذي يثنى
أخبرنا أبو يوسف يعقوب بن محمد الساوي بالقاهرة قراءة عليه قال: أخبرنا الحافظ إبراهيم طاهر السلفي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أنشدنا أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن الحسن التنوخي الحلبي ببغداد في مجلس أبي زكريا التبريزي اللغوي، قال: أنشدني الأمير أبو الفتح بن أبي حصينة بحلب لنفسه من قصيدة:
كأن الفتى يرقى من العمر سلما ... الى أن يجوز الأربعين فينحط
وهذا البيت من قصيدة منن غر قصائده.
وهذه أربع قصائد قالها في مدح معز الدولة ثمال بن صالح ذكر أبو العلاء بن عبد الله بن سليمان أنه عملهن في ليلة واحدة باقتراحه ذلك عليه لغرض جرى منه، ولما أصبح وأنشدهن بحضرته أجزل له من العطاء وأحضر له في جملته سفطاً من ملابسه السنية فلبس ما فيه بين يديه، وأقطعه قرية تعرف بأعزال زيادة على ما كان معه من الإقطاع في ذلك الوقت، وذلك في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة وهذه الأولى منهن:
أبى قلبه من لوعة الحب أن يخلو ... فلا تعذلوا من ليس يردعه العذل
ولا تطلبوا مني مدى الدهر سلوة ... فما يرعوي عنكم فؤادي ولا يسلو
ضنيت فلو أني على راس شعرة ... حملت ومالت لم ينمها بي الحمل
كأن الليالي طالبتني لقربكم بتبل ... فلما بنتم ذهب التبل
خليلي ما للربع يخلو وليس لي ... فؤاد من التبريح يخلو كما يخلو

ومالي إذا ما لاح إيماض بارق ... من العلم النجدي داخلني خبل
لئن كان جهلاً ما بقلبي من الهوى ... فمن لي بقلب لا يفارقه الجهل
ومن لي بوصل من أمامة بعدما ... تقطع منها اليأس أن يرجع الوصل
أيا قلب كم لا تستفيق من الجوى ... وكم أنتن لا يجلو غرامك ما تجلو
تحن إلى نعم وجمل كليهما ... وما أنعمت نعم ولا أجملت جمل
فأقسم لولا أنت لم يخلق الجوى ... ولولا أبو العلوان لم يخلق الفضل
فتى أتعب البيض الصوارم في العلى ... وجرب فيها ما يمر وما يحلو
فلا تحسبوا أن المعالي رخيصة ... ولا أن إدراك العلى هين سهل
فما كل من يسعى إلى المجد مدركاً ... ولا كل من تهوى العلى نفسه تعلو
وفوق سرير المجد من آل صالح ... فتى ماله عن شغله بالعلى شغل
له نصل سيف يقطع الهام حده ... وأقطع منه حامل النصل لا النصل
إذا سله سل العزيمة قبله ... فلم يدر أي الصارمين له الفعل
فتى خلقه خلق الغمام فعنده ... لطالبه إما الوبال أو الوبل
أبا صالح حملتني كل منةٍ ... فرفقاً بما تسدي فقد ثقل الحمل
نظمت لك الدر الذي ليس مثله ... وأنت الذي ما في الملوك له مثل
بلوت القوافي عند من لو بلوته ... بغير القوافي لا بتهجب بما تبلو
وكادت قوافي الشعر لما دعوتها ... إليك توافي قبل أن وافت الرسل
لك الفضل لا للغيث إنك ... دايم وما دام سح للغيوث ولا هطل
وهبت لغالي المدح مالك كله ... كأنك لا يغلو عليك الذي يغلو
وأنت الذي لولاك لم يعرف العدل ... وأنت الذي لولاك لم يعرف الندى
عوجاً نحيي ربوعاً غير أدراس ... بين اللوى وهضاب الأرعن الراسي
إلى الأبارق حيث العين راتعة ... من الحمى بين أنقاءٍ وأدهاس
سقى الديار بحيث ألخبت من هجر ... شؤبوب كل ملث الوبل رجاس
ديار ناس صحبناهم بها زمناً ... يا حبذا ناس تلك الدار من ناس
إن أوحشوني فما أنسى بقربهم ... أنسى فأمزج أيحاشي بإيناسي
يا صاحبي أبرق لاح مبتسماً ... من دون شماء أم مشكاة نبراس
أم نحن لما جعلنا قصدنا حلبا ... بدا لنا النور من وجه ابن مرداس
متوج من بني الشداد قد جمعت ... فيه المحامد من وجود ومن ناس
من فتش الناس من بدو ومن حضر ... لم يلق مثل أبي العلوان في الناس
مردد في أصول غير ذاوية ... من الندى بين مرداسٍ ومياس
ما زلت أفرغ في أوصافه هممي ... دهراً وأتعب أقلامي وقرطاسي
حتى أخذت أماناً من مكارمه ... أن لا يقلقل في الآفاق أفراسي
يشيب وفري ولي من سيب راحته ... وفر وأعرى ولي من فضله كاس
قسا علي زماني فاستجرت به ... فبات لي غير قاسٍ قلبه القاسي
يا من مكارمه اللاتي عرفت بها ... مكارم أنبتت شعري على رأسي
جميل فعلك فخري في بني زمني ... وحسن وصفك فخري بين جلاسي
وطيب ذكرك لا ينفك من خلدي ... كأن ذكرك مقرون بأنفاسي
وهذه هي القصدية الثالثة من جملة القصائد الأربع التي عملهن في تلك الليلة:
هاج الوقوف برسم المنزل الخالي ... صبابة لم تكن مني على بال
لولا ظباء رياح لم أمت شغفا ... بظبية من ظباء السرب معطال
لو شئت نجتك منها كل ناجية ... مرقالة بنت سامي الطرف مرقال
صهباء مال من التأويب راكبها ... ميل المعلل من صهباء جريال

تطوي البعيد ويطويها فقد جدلت ... جدل المريرة من حل وترحال
إلى فتى من بني الشداد همته ... مقرونة بشعاع الكوكب التالي
مبارك الوجه لا يخفى تهلله ... مثل الحسام جلاه الصيقل الجالي
تلقى العز وتلقى الناس كلهم ... فتزدري الوهد عند الباذخ العالي
صحبته غير ذي مال فصيرني ... من وجود كفيه ذا جاه وذا مال
وبات يردف لي من سيب راحته ... جوداً بجود وإفضالاً بأفضال
سجية من كريم الخيم منصبه ... مركب في كرامٍ غير بخال
أبطال حرب وإن حاولت فضلهم ... في السلم ألفيت منم غير أبطال
أمحلت قدماً فما زالت غمائمهم ... تجود مغناي حتى زال إمحالي
والله يكلؤهم مما أحاذره ... إن المهيمن نعم الحافظ الكالي
وهذه هي القصيدة الرابعة مما عمله في تلك الليلة وأنشدها معهن بحضرته في ذلك اليوم:
هل تعرف الربع الذي تنكرا ... بين المواعيس إلى وادي القرى
إلى الشرى يا حبذا ذاك الشرى ... حيث ترى منه الكثيب الأعفرا
معمما بنوره مؤزرا ... يفشي نسيم الريح ذاك العبهرا
والرند فياح الشذا والعرعرا ... حتى تسوف بالوهاد والذرى
عوداً قمارياً ومسكاً أذفراً ... منازلاً ذكرن من تذكرا
عيشاً هنيئاً وزماناً أنضرا ... يا صاحبي غلساً أو هجرا
وقبلا العيس المخوف الأغبرا ... طلائحاً تنفخ في صفر البرى
كأنها من الوجيب والسرى ... قسي رام أو جريد حسرا
قلائصاً باتت لغوباً حسرا ... يكتبن بالأيدي على وجه الثرى
من الذميل أحرفاً وأسطرا ... قلنا لها والنجم قد تغورا
والصبح قد أسفر أو ما أسفرا ... وهي من الإدلاج تخفى أن ترى
يا عيس أمي الملك المؤمرا ... وانتجعي ذاك الجناب الأخضرا
فإن أزرناك المعز الأزهرا ... فما ترين نصباً ولا نرى
يا يخر قيس محتداً وعنصراً ... دونك هذا الكلم المسيرا
أرقني تأليفه وأسهرا ... وبت لا أطعم أجفاني الكرى
حتى نظمت المؤنق المحبرا ... قلائداً من القريض ندرا
كأنما أنظم منها جوهراً ... مؤيداً مسدداً مظفرا
معمراً أو لا نرى معمرا
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي كتابة قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي الأرمنازي مما علقه عن أبي علي بن الحسن قال: قرت بخط أبي الفرج غيث بن علي الأرمنازي مما علقه عن أبي الحسن يحيى بن علي بن عبد اللطيف بن زريق المعري أن أبا الفتح بن أبي حصينة كانت وفاته سنة ست وخمسين وأربعمائة، أو في سنة سبع بحلب، ويقتضى أن يكون مولده قبل التسعين وثلاثمائة.
الحسن بن عبد الله بن بكرات بن شافع: القرشي، أبو الفوارس الدمشقي، حدث بحلب عن أبي بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني في شهر ربيع الآخر من سنة خمس وأربعين وخمسمائة وبغيرها عن أبي علي الحسين بن محمد العلوي الطبري، والقاضي أبي محمد عبد الله ابن محمد بن المظفر السراج، وأبي الحسن علي بن حمزة الموسوي، وأبي سعيد محمد بن نوح الرصاصي وأبي القاسم محمود بن محمد بن عبد الرحمن المروزي، وأبي الفتح سالم بن عبد الله العمري، وأبي محمد عبد الجبار بن عبد الخالق بن أبي القاسم الشحامي.
وسمع أب الفضل محمد بن الحسين الرفاء الواعظ خطيب سمرقند، وسمع بدمشق الحافظ أبا الحسين هبة الله بن الحسن بن عساكر المعروف بالصائن، وأبا القاسم الخضر بن الحسين هبة الله بن الحسن بن عساكر المعروف بالصائن، وأبا القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان، وبالموصل أبا بكر بن علي بن ياسر الجياني وبالجزيرة أبا عبد الله بن سبيع.

روى لنا عنه أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الجزري، قراءة عليه بحلب، وكتبه لي بخطه، قال: أخبرنا أبو الفوارس الحسن بن عبد الله بن شافع الدمشقي، بقراءتي عليه بها، قال: أخبرنا السيد أبو علي الحسين بن محمد العلوي الطبري، والقاضي أبو محمد عبد الله بن محمد بن المظفر المتولي السراج قاضي بغ وأبو القاسم محمود بن محمد عبد الله بن محمد بن المظفر المتولي السراج قاضي بغ وأبو القاسم محمود بن محمد بن عبد الرحمن المروزي المعروف بأولبه، وأبو محمد عبد الجبار بن عبد الخالق بن أبي القاسم الشحامي، قالوا: أخبرنا أبو بكر الشيروي، ح.
قال أبو الفوارس: وأخبرنا السيد أبو الحسن علي بن حمزة الموسوي، وأبو الفتح سالم بن عبد الله العمري، وأبو سعيد محمد بن نوح الرصاصي قالوا: أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي قال: أخبرنا أبو العباس الأصم قال: أخبرنا محمد بن هشام بن ملاس قال: حدثنا مروان بن معاوية قال: حدثنا حميد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها ولو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأت ما بينهما ريحاً ولنصيفها على راسها خير من الدنيا وما فيها.
أنشدنا أبو السعادات المبارك بن أبي بكر بن حمدان قال: أنشدنا أبو القاسم ابن أبي الفرج بن أبي منصور اليعقوبي قال: أنشدنا أبو الفوارس الحسن بن عبد الله بن شافع الدمشقي لنفسه:
إذا سد اللئيم الباب دوني ... وكلب عضني منه بناب
فبابي للورى أبداً ولوج ... ونابي عن عضاض الكلب ناب
وكيف ولي نجار من قريشٍ ... ولي فضل إلى العلياء ناب
؟الحسن بن عبد الله بن الحسن بن سعيد بن عبد السلام: أبو سعيد الخزاعي المصيصي المعروف بابن الدقيقي، سمع بالمصيصة أبا حفص عمر بن سليمان الشرابي مولى المعتز بالله، سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة، روى عنه أبو محمد بن أبي نصر.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: أنشدنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد قال: أنشدني أبو محمد بن أبي نصر قال: أنشدني أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن سعيد بن عبد السلام الخزاعي، المعروف بابن الدقيقي المصيصي، بدمشق في شهر ربيع الآخر سنة خمسين وثلاثمائة قال: أنشدني أبو حفص عمر بن سليمان الشرابي مولى المعتز بالله في المصيصة سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة قال: أنشدنا أبو العباس عبد الله بن المعتز بالله لنفسه في منزله ببغداد:
يا من أعز بذلي في الخطوب له ... إذا تعزز مخلوق بمخلوق
يا رازق الخلق صني بانفرادك ... لي بالرزق عن كل مرزوق بمرزوق
لم يعصه أحد إلا بتخليةٍ منه ... ولم يرضه إلا بتوفيق
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال: الحسن بن عبد الله بن الحسن بن سعيد بن عبد السلام، أبو سعيد الخزاعي المصيصي المعروف بابن الدقيقي، قدم دمشق سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة وحدث ن أبي حفص عمر بن سليمان الشرابي مولى المعتز، روى عنه أبو محمد بن أبي نصر.
؟الحسن بن عبد الله بن الحسن بن عبد الرحمن: ابن طاهر بن محمد بن الحسين بن علي أبو علي بن العجمي، الملقب قطب الدين، أخبرني ابن عمي أبو الفضل هبة الله بن محمد بن أبي جرادة أنه حدث بحلب قال: وسمعت منه جزءاً من الحديث مع بعض الطلبة للحديث بحلب، وكان أبو علي هذا له وجاهة بحلب وعنده فضل وأدب، وولي أوقف المسجد الجامع وتمول وحج على طريق بغداد فاحترم من دار الخلافة. وصار في الطريق بينه وبين طاشتكين أمير الحاج مودة ومؤانس ومكاتبة، ووقف على الفقراء وعلى أولاده وقوفاً كثيرة.

أخبرني ولده بهاء الدين أبو القاسم عبد المجيد بن الحسن قال: سمعت والدي يقول أنه كان يقرأ القرآن في صباه بالمسجد الجامع، على رجل من القراء يقال له ابن الضريبة، وكان يقرأ معه أخوه أبو الفضل بن عبد الله بن الحسن، قال: وكان أخي ذكياً فطناً يحفظ سريعاً، وكنت بطيء الحفظ واقف الخاطر حتى أنني تعبت أياماً في حفظ قوله تعالى: " سنسمه على الخرطوم " ولا أحفظها فقال ابن الضريبة يوماً: لا إله إلا الله، هذا أخو أبي الفضل، فأخذتني الأنفة على نفسي وصغرت عندي لذلك، ودعوت الله ن يسهل لي حفظ القرآن، ثم اجتهدت حتى بلغ من أمري أنني كنت آخذ ستين آية وسبعين آية وأحفظها.
حدثني والدي رحمه الله قال: كان للقطب أبي علي بن العجمي جب فيه حنطة، في داره، فأمر بفتحه وبيع ما فيه من الحنطة، ففتح لتباع الحنطة عند تحرك السعر فوجدوا الماء في رأس الجب فوق الحنطة فجاؤوا إليه وأخبروه بذلك فقال: في سبيل الله، ثم نزحوا الماء، فوجوده قد جرى من قناة إلى رأس الجب، ولم يصل منه إلى الحنطة إلا القليل، وفسد شيء يسير من الحنطة، فأخبر بذلك فقال: الحمد لله، وقد جعلته في سبيل الله، لا أرجع فيه، فأخذ ثمنه، وصرفه في ملك اشتراه بحلب، ووقفه على فقراء المسلمين.
وحدثني شرف الدين أبو حامد عبد الله بن عبد الرحمن بن الحسن بن العجمي قال: لما وقعت الفتنة بحلب بين السنة والشيعة، وهي الفتنة التي قتل ابن الخشاب بسببها، نهب الشيعة دار القطب ابن عمي بالقرب من الزجاجين، ونهبت دار الشيخ أبي يعلى بن أمين الدولة، وكانت بالقرب من دار القطب بالجرن الأصفر، وكان عنده أموال الأيتام بحلب مودعة، وكان القطب في القرية، فلما قتل ابن الخشاب وسكنت الفتنة ظفروا بشيء من الذهب المنهوب، فأرسله الوالي إلى القطب وقال له: هذا قد خلصناه من ذهبك فقال: قد نهبت دار ابن أمين الدولة، وفيها أموال الأيتام، ولا أتحقق يقيناً أن هذا عين مالي، وأخاف أن يكون للأيتام فأرسلوه إلى الشيخ أبي يعلى فلا حاجة لي فيه.
أخبرني أبو القاسم عبد المجيد بن الحسن بن العجمي أن أباه توفي في ذي القعدة من سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، ودفن في داره التي انتقل إليها بعد النهب بالبلاط، فأقام بها دفيناً إلى أن نقله ابن ابنه منها إلى تربة جددت له ولابنه ظاهر باب النصر بالقرب من الهزازة، في سنة خمس وخمسين وستمائة.
الحسن بن عبد الله بن الحسن الختلي: أبو علي بن أبي طاهر الفقيه الشافعي، إمام جامع دمشق، قدم حلب حاجاً مع إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، حين قدم الشام، ومر معه بحلب، وحدث عنه وعن أبي سعيد فضل الله بن أبي الخير الميهني.
روى عنه أبو محمد هبة الله بن أحمد الأكفاني، وعبد العزيز بن أحمد الكتاني وسمع منه أبو طاهر إبراهيم بن حمزة الجرجرائي.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أبي طاهر الختلي الفقيه، قدم علينا، قال: حدثنا أبو سعيد فضل الله بن أحمد قال: حدثنا أبو العباس المستغفري قال: حدثنا أبو العباس بن أبي الحسن قال: أخبرنا أبي الحسن قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي قال: حدثنا الحسن عن الحسن عن الحسن بن أبي الحسن البصري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن أحسن الحسن الخلق الحسن " .
أخبرنا عبد الرحمن بن أبي منصور، في كتابه قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو محمد هبة الله بن أحمد، ونقلته من خطه، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن عبد الله بن الحسن الختلي، الشيخ الفقيه الشافعي، إمام الجامع بدمشق، قال: حدثنا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، إملاء بدمشق، فذكر حديثاً.
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال: الحسن بن أبي طاهر بن الحسن أبو علي الختلي الفقيه، سكن دمشق وحدث بها عن أبي سعيد بن الخير الميهني، وإسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، ومعه قدم دمشق حاجاً حدث عنه عبد العزيز.

أخبرنا أبو المحاسن بن الفضل بن البانياسي، كتابة، قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: الحسن بن عبد الله بن الحسن أبو علي الختلي الشافعي الفقيه إمام جامع دمشق، سمع أبا عثمان الصابوني، سمع منه شيخنا أبو طاهر الذي تقدم ذكره.
قال الحافظ أبو القاسم: قرأت بخط أبي محمد بن الأكفاني: توفي شيخنا أبو علي الحسن بن عبد الله بن الحسن الختلي الإمام رحمه الله يوم الأربعاء ضحى نهار لتسع بقين من شعبان من سنة ستين وأربعمائة وصلي عليه العصر يوم الأربعاء في الجامع بدمشق، ودفن في باب الفراديس رحمه الله ورضي عنه.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: توفي أبو علي الحسن بن أبي طاهر الختلي الشافعي القاضي الفقيه إمام الجامع بدمشق يوم الأربعاء الحادي والعشرين من شبان سنة ستين وأربعمائة، وكان يحدث بحديث واحد عن فضل الله بن أحمد، وحدث عن إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني.
الحسن بن عبد الله بن حمدان: ابن حمدون بن الحارث بن لقمان بن راشد، وتمام نسبه قد مر في ترجمة أبي فراس ابن مه، أبو محمد بن أبي الهيجاء التغلبي، الأمير ناصر الدولة، صاحب الموصل، قدم حلب هو وأولاده إلى أخيه الأمير سيف الدولة أبي الحسن عند قصد معز الدولة ابن بويه بلاده مستنجداً به في سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، فأكرمه سيف الدولة، وأعظم له ولأولاده الإنزال والضيافة، وأجلسه على السرير وجلس دونه إعظاماً له، ومد يده لينزع خفه، فأعطاه ناصر الدولة رجله ومكنه من ذلك فنزعه، وكان ناصر الدولة هو الأكبر، فسلك معه ما كان يسلكه أولاً قبل أن يرتفع شن الأمير سيف الدولة، وشق ذلك على سيف الدولة في الباطن واحتمله ولم يظهره.
قرأ في آخر كتاب البدي في القراءات لابن خالويه بخط أبي القاسم الحسين ابن علي بن عبيد الله بن أبي أسامة الحلبي الأديب: تم كتاب البديع، وذلك في شوال سنة سبع وأربعين وثلاثمائة بحلب أيام زار سيدنا الأمير ناصر الدولة، سيدنا الأمير سيف الدولة، أطال الله بقاءهما، مع سائر الأمراء أولاده أدام الله عزهم.
وإياه - أعني ناصر الدولة - عنى أبو فراس بقوله في قصيدته الرائية التي يفخر فيها بقوله:
وفينا لدين الله عز ومنعة ... ومنا لدين الله سيف وناصر
هما وأمير المؤمنين مشرد ... أجاره لما لم يجد من يجاور
ورداه حتى ملكاه سريره ... بسبعين ألفاً بينهما الموت سافر
وساسا أمور المسلمين سياسة ... لها الله والإسلام والدين شاكر
أراد بذلك أن ناصر الدولة وأخاه سيف الدولة أجار المتقي من البريديين، ومعه محمد بن رائق والوزير ابن مقله، فتلقاهم سيف الدولة بتكريت، وحمل إليهم الأموال والكساء والدواب وسار بهم إلى أخيه ناصر الدولة.
قال أبو عبد الله بن خالويه في شرح هذه الأبيات لأبي فراس: وقد كان يروي قديماً في خطبة لأمير المؤمنين صلوات الله عليه، يعني، علياً عليه السلام: كأني بأبناء الخلافة من بني العباس على متون الأفراس يستنجدون العرب، وسائر الناس قد غلبهم عبيد أغنام غصبوهم الكرامة، فما يجيرهم أحد إلا هم.
قال: وكان سيف الدولة يقول: صدق أمير المؤمنين والله، لقد اجتهدت بالمتقي وابنه أن يركبا العماريات والشهاري على كثرة ما قد غليهما، فأبيا أن يغيرا فرسيهما أو ثوبيهما إلى الموصل، فقام أبو محمد الحسن بن عبد الله ناصر الدولة قال الشاعر فيه:
من كأن شرفه فيما مضى لقب ... فناصر الدين ممن شرف اللقبا
دعوك ناصرهم لما نصرتهم ... وأعجز العجم ما حاولت والعربا
قال ابن خالويه: قال لي الأمير أبو فراس: سمعت الأمير سيف الدولة يقول: أنفق أخي في مدة أحد عِر شهراً اثنين وسبعين ألف ألف درهم، كثرها من ذخائره.

وقال أبو عبد الله بن خالويه ولم يزل، يعني، ناصر الدولة مشهوراً بالبأس موصوفاً بالشجاعة والإقدام، حدثين من سمعه قال: كنت مع أبي صبياً قد زحف إلينا عمي الحسين ليستقيد من وقعتنا كانت به، فطلبت من أبي جوشناً، فمنعني لصباي، وكان معنا ابن خال أبي محمد علي بن داود بن وهزاد الكردي، فقال لي: يا أبا محمد حسين حموك، وهو الذي تعرف ووالله لئن لم ير قتالك لادفع إليك ابنته، فما التقت الخيلان حتى ضربت فارساً فيهم، وجئت إلى أبي وأريته الدم يقطر من كمي.
قرأت في كتاب المأثور في ملح الخدور تأليف أبي القاسم الحسين بن علي بن الحسين الوزير المغربي ورايته بخطه قال: ومن ولد أبي الهيجاء أبو محمد الحسن، وأبو الحسن علي: ناصر الدولة وسيفها رحمهما الله، المتجاذبان ملاءة المجد والجاريان على ساقه الكرم والفضل وفي مدحهما يقول أبو العباس أحمد بن محمد الدارمي النامي المصيصي رحمه الله:
بجبلي وائل وركني عزها ... وعارضي أفق نداها المنهمل
توازن القسمان في المجد اعتلى ... تساوى العينين في اللحظ اتصل
يا حسن بن المحسنين دعوة للمجد ... تدعاها وأخرى للوهل
ويا علي كم دعاء بك من ثغر ... مخوف ورجاء مبتهل
هذا مقامي بين بحرين فلا ثمدا ... منحت ظمأي ولا وشل
ذكر محمد بن عبد الملك الهمذاني في كتاب عنوان السير في محاسن البدو والحضر وقرأته فيه قال: ناصر الدولة أبو محمد الحسن بن أبي الهيجاء، عبد الله بن حمدان لقبه المتقي لله بهذا اللقب، وهو ثاني من لقب في الدولة.
ولقب أخاه أبا الحسن سيف الدولة، وولي ناصر الدولة إمارة الأمراء ببغداد وواسط في سنة ثلاثين وثلاثمائة وضرب دنانير سماها الأبريزية، وبيع الدنيار منها بإثني عشر درهماً، وزوج ابنته عدوية من الأمير أبي منصور بن المتقي لله على صداق تعجل منه مائة ألف دينار، كانت إمارته ببغداد ثلاثة عشر شهراً وثلاثة أيام.
وجدت في بعض تعاليقي أن ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان، سخط على كاتب له، وألزمه منزله فاستؤمر في إسقاط المقرر له، فقال: إن الملوك يؤدبون بالهجران ولا يعاقبون بالحرمان.
ووقع في رقعة صديق كتب إليه يعتذر من التأخر عن حضرته: أنت في أوسع العذر عند ثقتي بك، وفي أضيقه عند شوقي إليك.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامي، إذناً عن أبي القاسم بن أحمد عن أبي أحمد المقرئ، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي، إجازة، قال: وكان الناس يكتبون على الدنانير محمد رسول الله، فزاد ناصر الدولة: صلى الله عليه فكانت هذه منقبة لآل حمدان ما كنت لغيرهم تفرد بها ناصر الدولة. قال: ورأيت له توقيعاً على قصة متظلم: قد نصب الله الحكام وأنفذ أوامرهم على الولاة كما أنفذها على الرعية، ولو كان إلينا تصريفهم في الحكم على مرادنا لكففناهم عما نكره من الأمور المعينة علينا، لكن لا ولاية لنا عليهم إلا في الاستبدال بالمتسمح منهم، فإن أعادك إلينا ضعفاً لا افتناناً عضدنا بالإمداد وأغنيناه عن الاستنجاد.
قال محمد بن عبد الملك بن الهمذاني في كتاب عنوان السير: ولم يزل يعني ناصر الدولة، مستولياً على ديار الموصل وغيرها حتى قبض عليه ابنه أبو تغلب في سنة ست وخمسين وثلاثمائة وكانت إمارته هناك اثنتين وثلاثين سنة، وتوفي يوم الجمعة الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة سبع وخمسين وثلاثمائة.
قرأت بخط ثابت بن سنان بن ثابت في جزء وقع إلي بخطه جمع فيه وفاءات الأعيان، قال في ذكر من مات سنة سبع وخمسين وثلاثمائة: الأمير ناصر الدولة أبو محمد الحسن بن عبد الله بن حمدان، مات وهو معتقل في القلعة، اعتقله ابنه أبو تغلب فيها، بذرب عرض له بعقب قولنج، وكانت وفاته يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، وقد تجاوز في الحسن بن عبد الله بن حمدان، مات، وهو معتقل في القلعة، اعتقله ابنه أبو تغلب فيها، بذرب عرض له بعقب قولنج، وكانت وفاته يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، وقد تجاوز في السن ثمانين سنة.
الحسن بن عبد الله بن حمزة بن أبي الحجاج العدوي:

الشافعي أبو المكارم الدمشقي القاضي، قاضي حلب، فقيه فاضل حسن السمت كثير الصلاح والخير، ولي القضاء بحلب خلافة عن شيخنا قاضي القضاة أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، وكان سمع الحديث بدمشق من الفقيه أبي محمد عبد الرحمن بن علي بن المسلم الحرقي وحدث بحلب بشيء يسير، ولم يتفق لي سماع شيء منه، وروى لنا عنه أبو المحامد إسماعيل بن حامد القوصي، وكان يدرس بدمشق، بالمدرسة الظاهرية على الشرف الأعلى ظاهر دمشق، واستدعاه شيخنا قاضي القضاة أبو المحاسن واستنابه في القضاء بحلب، وفوض إلهي تدريس الفقه على مذهب الإمام الشافعي بالمدرسة النورية الشافعية المعروفة بمدرسة النفر ي، وتقدم عند الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب، وسيره رسولاً عنه إلى عمه الملك العادل أبي بكر بن أيوب، وكان يحضره المشورة في آخر أمره.
وأخبرني قاضي القضاة زين الدين أبو محمد بن شيخنا عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان أن مولد القاضي أبي المكارم بن أبي الحجاج في سنة تسع وخمسين وخمسمائة، وذكر لي أنه أخبره بذلك.
أخبرنا أبو المحامد إسماعيل بن حامد القوصي قال: أخبرنا القاضي نجم الدين أبو المكارم الحسن بن عبد الله بن حمزة بظاهر دمشق قال: أخبرنا الفقيه أبو محمد عبد الرحمن بن علي الخرقي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد السلمي قال: أخبرنا أبو بكر جدي محمد بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر الخرائطي قال: حدثنا الحسن بن عرفة قال حدثنا محمد بن خازم أبو معاوية الضرير عن سلام أبي شرحبيل عن حبه بن خالد وسواء بن خالد قالا: دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعالج شيئاً فأعناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تيأسا من الرزق ما تهزهزت رؤوسكما، فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشر ثم يرزقه الله تعالى " .
توفي القاضي أبو المكارم بن أبي الحجاج بحلب يوم السبت ثالث عشر شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وعشرين وستمائة، ودفن خارج مدينة حلب بالقرب من مقام إبراهيم عليه السلام، ي تربة معروفة به.
وحدثني شيخنا ضياء الدين صقر بن يحيى بن صقر الشافعي أنه حضر وفاته، وأنه التفت إليه قبل موته وقال: أولئك هم الوارثون قال: فقرأت أنا بعدها: " الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون " . قال: فجعل يكررها معي مراراً ومات. قال: وكان يقول عند موته في كل وقت: لا إله إلا الله، يقوى بها فاه من قلب مخلص.
الحسن بن عبد الله بن سعيد الحراني: حدث بحلب.
سمع منه بها، وروى عنه أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن الحسن الشهرزوري المالكي عابر الأحلام.
الحسن بن عبد الله بن صالح: أبو الفتح الأصبهاني الكاتب الكيا كاتب بليغ وقفت له على رسالة إلى أبي المظفر الآذري ذكر له موت سلطانه الذي كان يخدمه وأنه ألزم بعده بتولي أمر الملك، فمن الرسالة ما قرأته بخط الحافظ السلفي قال: واعلم أنه أدام الله نعمته لقي أمماً وشاهد عرباً وعجماً، لكنه لم يلق فيهم مثل نفسه، ولم يصادف إلا قاصراً عن محاسنه، فقيراً إلى اقتباس فضله، وليت شعري هل أعجبته تلك الديار، وهل عظمت في همته العظيمة تلك الآثار، وهل تأمل وثاقة سور حلب، وجودة موقع الحصن من البلدة، فما كان يصلح إلا له، وما كنت تصلح إلا لها.
قال: وأعظم من ذلك كله في نفسي وأشدها إتعاباً لفكري وأكثرها مؤونة ونفقة بحدسي ملعب إقامته، ولقد درت فيه مراراً، وقلبت فكري في المراد منها صعوداً وانحداراً، تأملت ذلك البناء الهائل تأملاً شافياً، وأرسلت طرفي في عجائبه فعاد حائراً خاسئاً، ولم ينكشف لي إلى هذه الغاية حقيقة المغزى منها وبها، نعم هل انجذب إلى مغناطيس فضله شعراء معرة النعمان، فإني لم ألق فيها إلا شاعراً حتى قدرت عوامهم لو شاؤوا لخرج كلامهم في تعاملهم وتجاوزهم موزوناً مقفى لوفور عدد الشعراء فيها، ومواتاة الوزن والمعاني الجيدة طبع أهليها، وأظنها تولد الشعراء طبعاً وخلقة، كما تولد بعض الترب أحرار النقول خلصه فيها وجبله، وهل أدرك أبا العلاء المعري المحجوب، حجب الله عنه السوء، وهو أديبهم الراجح وعالمهم الفاضل، وشاعرهم البارع، وعهدي به راجعاً من بغداد ولم يصبح بجانبي ليلة نهار، ولم يقع على شبابه لوقائع الدهر غبار، وذكر تمام الرسالة.

وكان أبو الفتح هذا قد قرأ على أبي الحسين أحمد بن فارس، وكان بينه وبين أبي القاسم بن المغربي مكاتبات.
الحسن بن عبد الله بن الفضل بن محمد بن نوفل: الحلبي أبو المحاسن بن أبي عبد الله، من بيت الكتابة والرئاسة والتقدم، وكان شيخاً حسناً بهي المنظر، وله شعر حسن، اجتمعت به بحضرة والدي، ولم أسمع منه شيئاً من نظمه، وأنشدنا عنه ابنه أبو غانم: أنشدني كمال الدين أبو غانم الفضل بن الحسن بن عبد الله بن الفضل بن نوفل، بالراموسة قرية على باب حلب، قال: أنشدني والدي أبو المحاسن لنفسه، ثم سير إلي دفتراً بخط والده من شعره، فقرأت الأبيات، التي أنشدني، فيه من خطه:
من ساءه أن بات في أسر الهوى ... قلق الجوانح دامي الأماق
فلقد غدوت وقد سبتني أعين ... الأتراك مسروراً بشد وثاقي
ها مهجتي فلتفعل الأخلاق ما شاءت ... فمحمول على الأحداق
أحسن بهن إذا انتقبن أهلة ... تكسو البدور التم ثوب محاق
وإذا أسفرت فما الشموس طوالعاً ... في الغاية القصوى من الإشراق
ناهيك من حسن بغير تصنع ... لكنه من صنعة الخلاق
وأنشدني أبو غانم الفضل الكاتب لوالده أيضاً:
إذا ما سألت المرء يوماً فلا تكن ... لجوجاً فحرمان الفتى في لجاجه
وكن قائلاً ما تسمعن من معاذر ... ففاعل هذا مدرك نيل حاجه
توفي أبو المحاسن الحسن بن نوفل بحلب سنة اثنتين وستمائة، ودفن في المقابر خارج باب أنطاكية.
الحسن بن عبد الله بن محمد بن عمرو: ابن سعيد بن محمد بن داوود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة ابن أنور بن أرقم بن أسحم، وقيل أنور بن أسحم بن النعمان، وهو الساطع بن عدي بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم اللات، أبو حمزة الفقيه الحنفي المعري التنوخي القاضي، قاضي منبج، أخو أبي القاسم المحسن بن عبد الله، وكان فقيهاً مجيداً، حنفي المذهب، راوياً للحديث، قرأت بخطه في كتاب خلق الإنسان للأصمعي: حدثني أبو الحسن علي بن نصر البرنيقي، قراءة عليه، قال: حدثنا إبراهيم بن بسام قال: حدثنا علي بن سليمان الأخفش فذكر الكتاب إلى آخره.
نقلت من خط القاضي أبي البيان محمد بن عبد الرزاق بن أبي حصين قاضي حمص في أشعار جد أبيه أبي القاسم المحسن بن عبد الله بن محمد بن عمرو، وأنبأنا شيخنا أبو اليمن الكندي عنه قال: وكان أخوه القاضي أبو حمزة الحسن بن عبد الله بن محمد بن عمرو رحمهم الله، يتولى الحكم في منبج ويستنيب فيه، فوصله قوم منهم، يسومونه المسير إليهم للنظر في أمورهم فقال:
يا أخي دعوةً إذا غبت عني ... لم أد من يلفظها أدعوه
أن امرءاً هو السبيل إلى ... الفرقة أمر مرضيه مكروه
كنت أرجوك للحياة وللموت ... فمن لي بعد ذا أرجوه
أنا أشكو الكتب التي أنا ... أفدي كاتبيها من كل ما حذروه
منعتني من امتناعي من الفرقة ... حتى رضيت لي ما رضوه
يؤثر الناس من يعزون بالمال ... إذا عز في الورى باذلوه
فيسمون موثرين على أنفسهم ... من جميل ما فعلوه
وأنا مؤثر أولئك بالنفس ... جزاءً على الذي قدموه
لو سواهم دعاك للبين ... ما كان جوابي له سوى فض فوه
فامض لا واحداً ولكن قلبي لك ... ثانٍ ومهجتي تتلوه
واقض أوطارهم ولا تنس ... أوطانك لو ضاعفوا الذي أظهروه
فالفتى بين الكآبة إما بات ... عنه في عيشه أهلوه
كيف يلتذ بالمسرة من غيب ... عن أرضه وغاب أخوه
إنني أشتكي إلى الله ما قيض ... من بيننا ولا أشكوه

قرأت على الحسن بن عمرو بن دهن الخصا الموصلي، بالمسجد الجامع بحلب، قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد بن الطوسي قال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي قال: أنشدنا أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري لنفسه في أبي حمزة الفقيه:
غير مجد في ملتي واعتقادي ... نوح باكٍ ولا ترنم شاد
منها:
وقبيح بناء إن قدم العهد ... هوان الآباء والأجداد
سر إن اسطعت في الهواء رويدا ... لا اختيالاً على رفات العباد
رب لحد قد صار لحداً مراراً ... ضاحكٍ من تزاحم الأضداد
ودفين على بقايا دفين ... في طويل الأزمان والآباد
منها:
أبنات الهديل أسعدن أو عدن ... قليل العزاء بالإسعاد
إيه لله دركن فأنتن ... اللواتي تحسن حفظ الوداد
ما نسيتن هالكاً في الأوان ... الخال أودي من قبل هلك إياد
بيد أني لا أرتضي ما فعلتن ... وأطواقكن في الأجياد
فتسلبن واستعرن جميعاً ... من قميص الدجى ثياب حداد
؟ثم غردن في المآتم واندبن بشجو مع الغواني الخراد ؟قصد الدهر من أبي حمزة الأواب مولى حجى وخدن اقتصاد
وفقيهاً أفكاره شدن ... للنعمان ما لم يشده شعر زياد
فالعراقي بعده للحجازي ... قليل الخلاف سهل القياد
وخطيباً لو قام بين وحوش ... علم الضاربات بر النقاد
؟راوياً للحديث لم يحوج المعروف من صدقه إلى الإسناد
انفق العمر ناسكاً يطلب ... العلم بكشف عن أصله وانتقاد
مستقي الكف من قليب زجاج ... بغروب اليراع ماء مداد
ذا بنان لا يلمس الذهب الأحمر ... زهداً في العسجد المستفاد
ودعا أيها الحفيان ذاك ... الشخص إن الوداع أيسر زاد
واغسلاه بالدمع إن كان ... طهراً وادفناه بين الحشا والفؤاد
واحبواه الأكفان من ورق المصحف ... كبرا عن أنفس الأبراد
واتلوا النعش بالقراءة والتسبيح ... لا بالنحيب والتعداد
؟أسف غير نافع واجتهاد لا يؤدي إلى غناء واجتهاد منها:
كيف أصبحت ف ي محلك بعدي ... يا جديراً مني بحسن افتقاد
قد أقر الطبيب عنك بعجز ... ويقضى تردد العواد
وانتهى اليأس منك واستشعر ... الواجد أن لا معاد حتى المعاد
؟هجد الساهرون حولك للتمريض ويح لأعين الهجاد
أنت في أسرة مضوا غير ... مغرورين من عيشة بذات ضماد
توفي أبو حمزة الفقيه النفي قبل الأربعمائة.
تم الجزء السابع والأربعون والمائة، ويتلوه في أول الثامن والأربعين والمائة الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي أبو سعيد القاضي النحوي.
الحمد لله رب العالمين وصل الله على سيدنا محمد المصطفى وعلى آله الطاهرين وأصحابه المنتجين وسلم تسليماً دائماً كثيرا.
؟بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
الحسن بن عبد الله بن المرزبان: أبو سعيد السيرافي، القاضي النحوي، كان أبوه مجوسياً يسمى بهزاد، فسماه أبو سعيد عبد الله، وسكن أبو سيعد بغداد وتولى بها قضاء الربع، وقدم حلب على سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان، وجمع بينه وبين أبي علي الفارسي، وجرت بينهما مباحثات في النحو بحلب، وقيل هي كانت سبب وضع أبي علي المسائل الحلبية، وكان أبو سعيد ماهراً في سائر العلوم، علم القرآن والفقه، واللغة والنحو، والكلام وعلوم الشعر، والمنطق والنجوم والحساب، وكان حنفي المذهب زاهداً ورعاً وكان يورق بالأجرة، ويكتب خطاً حسناً.

قرأ القرآن على أبي بكر بن مجاهد، وقرأ النحو على أبي إسحق الزجاج وأبي بكر المبرمان، وأي بكر بن السراج، وروى عن محمد بن منصور بن مزيد بن أبي الأزهر، وأبي بكر بن دريد، وأبي عبيد بن خربويه، وعبد الله بن محمد ابن زياد النيسابوري، وأبي علي الكوكبي، قرأ عليه أبو بكر بن مجاهد الحساب، وأبو بكر المبرمان القرآن، وهما شيخاه وروى عنه محمد بن عبد الواحد بن رزمة، والحسين بن محمد بن جعفر الخالع، وعلي بن أيوب القمي، وأبو حيان التوحيدي وشرح كتاب سيبويه وكتاب الأيمان لمحمد بن الحسن.
أخبرنا أبو جعفر يحيى بن أبي منصور بن عبد الله بن الدامغاني قال: أخبرنا أبو منصور أبي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن سوار قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الواحد بن علي بن السيرافي قال: حدثني محمد بن منصور بن مزيد بن أبي الأزهر قال: حدثنا الزبير ابن بكار قال: حدثني محمد بن منصور بن مزيد بن أبي الأزهر قال: حدثنا الزبيري ابن بكار قال: حدثي إبراهيم الحزامي عن محمد بن معن الغفاري قال: أتت امرأة عمر بن الخطاب رحمه الله، فقالت: يا أمير المؤمنين إن زوجي يصوم النهار، ويقوم الليل وإني أكره أن أشكوه، وهو يعمل بطاعة الله فقال: نعم الزوج زوجك، فجعلت تكرر عليه القول، وهو يكرر عليها الجواب، فقال له كعب الأسدي: يا أمير المؤمنين هذه المرأة تشكو زوجها في مباعدته إياها عن فراشه، فقال له عمر: كما فهمت كلامها فاقض بينهما، فقال كعب: علي بزوجها، فأتي به، فقال له: إن امرأتك هذه تشكو، قال: أفي طعام أو شراب؟ قال: لا، فقالت المرأة:
يا أيها القاضي الحكيم رشده ... ألهى خليلي عن فراشي مسجده
زهده في مضجعي تعبده ... نهاره وليله ما يرقده
فلست في أمر النساء أحمده ... فاقض القضا كعب ولا تردده
فقال زوجها:
زهدين في فرشها وفي الحجل ... أني امرؤ أذهلني ما قد نزل
في سورة النمل وفي السبع الطول ... وفي كتاب الله تخويف جلل
فقال كعب:
إن لها حقاً عليك يا رجل ... نصيبها في أربع لمن عقل
فاعطها ذاك ودع عنك العلل
ثم قال: إن الله عز وجل قد أحل لك من النساء مثنى وثلاث ورباع، فلك ثلاثة أيام ولياليهن تعبد فيهن ربك ولها يوم وليلة، فقال عمر: والله ما أدري من أي أمريك أعجب أمن فهمك أمرهما، أم من حكمك بينهما، اذهب فقد وليتك قضاء البصرة.
أخبرنا أبو حفص عمر بن طبرذد البغدادي، أذنا، قال: أخبرنا أبو منصور ابن خيرون، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن ثابت الخطيب قال: الحسن بن عبد الله بن أبي الأزهر البوشنجي وأبي عبيد بن خربويه الفقيه وعبد الله بن محمد بن محمد بن زياد النيسابوري وبي بكر بن دريد ونحوهم.
حدثنا عنه الحسين بن محمد بن جعفر الخالع، ومحمد بن عبد الواحد بن رزمة، وعلي بن أيوب القمي، وكان يسكن بالجانب الشرقي، وولي القضاء ببغداد، وكان أبوه مجوسياً اسمه بهزاد، فسماه أبو سعيد عبد الله.
قال الخطيب: سمعت رئيس الرؤساء شرف الوزراء جمال الورى أبا القاسم علي بن الحسن يذكر أن أبا سعيد السيرافي كان يدرس القرآن والقراءات وعلوم القرآن والنحو واللغة، والفقه والفرائض، والكلام والشعر والعروض والقوافي، والحساب، وذكر علوماً سوى هذه، وكان من أعلم الناس بنحو البصريين، وينتحل في الفقه مذهب أهل العراق.
قال الخطيب: قال رئيس الرؤساء وقرأ على أبي بكر بن مجاهد القرآن وعلى أبي بكر المبرمان النحو وقرأ عليهما: أحدهما القرآن، ودرس الآخر عليه الحساب قال: وكان زاهداً لا يأكل إلا من كسب يده فذكر جدي أبو الفرج عنه أنه كان لا يخرج إلى مجلس الحكم، ولا إلى مجلس التدريس في كل يوم إلا بعد أن ينسخ عشر ورقت، يأخذ أجرتها عشرة دراهم، تكون قدر مؤونته، ثم يخرج إلى مجلسه.
قال الخطيب: ذكر محمد بن أبي الفوارس أبا سعيد فقال: كان يذكر عنه الاعتزال، ولم يكن يظهر فمن ذلك شيئاً، وكان نزهاً عفيفاً جميل الأمر حسن الأخلاق.

قرأ بخط أبي الحسن سالم بن علي بن تميم الحلبي في مختصر تاريخ النحويين لمحمد بن الحسن الزبيدي،: أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي، وهو الذي فسر كتاب سيبويه، وكان ينتحل علم المجسطي وإقليدس والمنطق، ويتفقه لأبي حنيفة، وهو من أصحاب الجبائي، وكان ينزل الرصافة.
قال لي تاج الدين أحمد بن هبة الله بن الجبراني النحوي الحلبي: قدم أبو سعيد السيرافي حلب، وجمع سيف الدولة بن حمدان بينه وبين أبي علي الفارسي، وجرت بينهما مسائل، وهي كانت سبب وضع أبي علي الفارسي المسائل الحلبية، قال وكان قاضي الربع ببغداد.
قرأت في كتاب الانتصار المنبي عن فضائل المتنبي تأليف أبي الحسن محمد بن أحمد المغربي، قال في أثناء الكتاب في ذكر أبي سعيد السيرافي، أنه كان مؤدب الأمير أبي إسحق بن معز الدولة أبي الحسين، وقال: يوشك أن يكون حدثني المعروف بابن الخزاز الوراق بالكرخ ببغداد، وأبو بكر القنطري وأبو الحسين الخراساني وهما وراقان أيضاً من جلة أهل هذه الصناعة، أن أبا سعيد إذا أراد بيع كتاب ستكتبه بعض تلامذته حرصاً على النفع منه ونظراً في دق المعيشة كتب في آخره، وإن لم ينظر في حرف منه، قال الحسن بن عبد الله: قد قرئ هذا الكتاب علي وصح، ليشتري بأكثر من ثمن مثله.
قلت: وهذا بعيد من أبي سعيد على زهده وورعه.
قرأت في رسالة في تقريظ أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ تأليف أبي حيان علي بن محمد بن العباس التوحيدي ذكر في أولها أنه لقي جماعة من الشيوخ العلماء وأنهم كانوا يقرظون الجاحظ، فذكر منهم جماعة وقال: ومنهم أبو سعيد السيرافي شيخ الشيوخ، وإمام الأئمة معرفة بالنحو والفقه، واللغة والشعر، والغريب والعروض والقوافي، والقرآن والفرائض، والحديث والشروط، والكلام والحساب والهندسة، أفتى في جامع الرصافة خمسين سنة على مذهب أبي حنيفة فما وجد له خطأ ولا عثر منه على زلة، وقضى ببغداد، وشرح كتاب سيبويه في ثلاثة آلاف ورقة ومائتي ورقة بخطه في السليماني فما جاره فيه أحد، ولا سبقه إلى تمامه إنسان، هذا مع الثقة والأمانة والديانة والرزانة صام أربعين سنة وأكثر الدهر كله، قال: لنا الأندلسي: فارقت بلدي في أقصى المغرب طلباً للعلم ومشاهدة العلماء، فكنت إلى أن دخلت بغداد ولقيت أبا سعيد وقرأت عليه كتاب سيبويه نادماً سادماً، في اغترابي عن أهلي ووطني، من غير جدوى في علم، أو حظ من دنيا، فلما سعدت برؤية هذا الشيخ، علمت أن سعيي قرن بسعدي وغربتي اتصلت ببغيتي، وأن عنائي لم يذهب هدراً وإن رجائي لم ينقطع يأساً، قلت: هذا الأندلسي كنيته أبو محمد.

قرأ بخط القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني قال أبو حيان: قد سأله الوزير فقال: أين أبو سعيد السيرافي من أبي علي، وأين علي بن عيسى منهما، وأين ابن الراعي أيضاً من الجماعة وفلان وفلان، فكان من الجواب: أبو سعيد أجمع لشمل العلم، وأنظم لمذاهب العرب، وأدخل في كل باب، وأخرج من كل طريق، وألزم للجادة الوسطى في الدين والخلق، وأروى للحديث، وأقضى في الأحكام، وأفقه في الفتوى وأحضر بركة على المختلفة، وأظهر أثراً في المقتبسة، ولقد كتب إليه نوح بن نصر، وكان من أدباء ملوك آل سامان سنة أربعين كتاباً خاطبه في هذا بالإمام، وسأله عن مسائل تزيد على أربعمائة، الغالب عليها الحروف وما أشبهها، وباقي ذلك أمثال مصنوعة عن العرب شك فيها، فسأل وكان كتابه مقروناً بكتاب الوزير التغلبي خاطبه فيه بإمام المسلمين ضمنه مسائل في القرآن وأمثالاً للعرب مشكلة، وذكر كتباً كثيرة، وترددت إليه، ثم قال: وأبو علي فأشد تفرداً بالكتاب وأكثر أكباباً عليه، وأبعد من كل ما عداه، مما هو علم الكوفيين وما تجاوز في اللغة كتب أبي زيد وأطرافاً مما لغيره: وهو يتقد بالغيظ على أبي سعيد بالحسد له كيف تم له تفسير كتاب سيبويه من أوله إلى آخره بغريبه وشواهده وأمثاله وأبياته، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، لأن هذا شيء ما تم للمرد ولا للزجاج والسراج ولا لابن درستويه مع سعة علمهم، وفيض نيلهم، ولأبي علي أطراف من الكلام أجاد فيها، وحدثني بعض أصحابنا أنه اشترى من شرح أبي سعيد بالأهواز في توجهه إلى بغداد لاحقاً بالخدمة الموسومة به والندامة الموقوفة عليه بألفي درهم، وكان أصحابه يأبون الأقرار به إلا من يزعم أنه أراد النقض عليه، وإظهار الخطأ فيه، وكان الملك السعيد رضي الله عنه هم بالجمع بينهما فلم يقض ذلك لأن أبا سعيد مات في رجب سنة ثمان وستين وثلاثمائة، وأبو علي يشرب ويتخالع ويفارق هدى أهل العلم وطريقه الديانين وعبادة المتنسكين، وأبو سعيد يصوم الدهر ولا يصلي إلا في جماعة ويقيم على مذهب أبي حنيفة، ويلي القضاء سنين ويتأله ويتحرج، وغيره بمعزل من هذا، ولولا الإبقاء لحرمة العلم لكان القلم يجري بما هو خاف، ولكن الأخذ بحكم المروة أولى والأعراض عما يوجب اللائمة أحرى، وكان أبو سعيد حسن الحظ، ولقد أراده الصيمري أبو جعفر على الإنشاء والتحرير، فاستعفى، وقال هذا أمر يحتاج فيه إلى دربه، وأنا عار منها، وإلى سياسة وأنا غريب فيها.
ومن العناء رياضة الهرم.
قال: وحدثنا النفري أبو عبد الله، وكان يكتب النوبة للمهلبي بحديث مقيد لأبي سعيد قال: كنت أخط بين يدي الصيمري أبي جعفر محمد بن أحمد، فالتمسني يوماً لأن أجيب ابن العميد أبا الفضل كتاب فلم يجدني، وكان أبو سعيد بحضرته فبان أنه بفضل العلم أقوم بالجواب من غيره، فتقدم إليه أن يكتب ويجيب، فأطال في عمل نسخة كثر فيها الضرب والإصلاح، ثم أخذ يحرر والصيمري يقرأ ما يكتبه، فوجده مخالفاً لجاري العادة، لفظاً مبانياً لما يؤثره ترتيباً، قال: ودخلت في تلك الحال فتمثل الصيمري.
يا باري القوس بريا ليس يصلحه ... لا تظلم القوس واعط القوس باريها
ثم قال لأبي سعيد: خفف عليك أيها الشيخ، وادفع الكتاب إلى أبي عبد الله تلميذك ليجيب عنه، فخجل من هذا القول، فلما ابتدأت من غير نسخة تحير مني أبو سعيد، ثم قال للصيمري: أيها الأستاذ ليس بمستنكر ما كان مني، ولا مستكثر ما كان منه، إن مال الفيء لا يصلح إلا نمن مستخرج وجهبذ في بيت المال، والكتاب جهابذة الكلام، والعلماء مستخرجوه، فتبسم الصميري وأعجبه ما سمع، وقال: على كل حال ما أخليتنا من فائدة، وكان أبو سعيد بعيد القرين، لأنه كان يقرأ عليه القرآن والتفسير والفقه والفرائض والشروط والنحو واللغة والعروض والقوافي والحساب والهندسة والشعر والحديث والأخبار وهو في كل هذا إما في الغاية وإما في الوسط، وإما على بن عيسى فعلى الرتبة في النحو واللغة والكلام، والعروض، والمنطق بل أفرد صناعة، وأظهر براعة، وقد عمل في القرآن كتاباً نفيساً، هذا مع الدين المتين، والعقل الرصين، وأما ابن المراغي ما يلحق هؤلاء مع براعة اللفظ وسعة الحفظ، وقوة النفس وظل الدين وغزارة النفث، وكثرة الرواية.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي - أذنا إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: سمعت الصوري - يعني أبا عبد الله الحافظ - يقول: حدثني من أثق به عن أبي سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي أنه قال: حضرت مجلس أبي بكر ابن مجاهد أول ما حضرت وهو يملي، فجلست في أخريات الناس، فقال المستملي: واجعلها عليهم سنين كِسِنيّ يوسف، فقلت كَسِنْي يوسف فلم يفهم عنين فقمت قائماً فأعدت القول فقال ابن مجاهد: من هذا فأشاروا إلي فتطاولت، وكان أبو سعيد دميماً حقير المنظر، فقلت: كَسِنْي يوسف، فاستدعاني وقربني إليه، فتحصلت في أعلى المجلس بعد أن كنت في أدناه، وقال الصوري في هذا المعنى:
إذا المرء لم يعرف له قدر مثله ... فأصبح مغموضاً له حق فضله
فلا بأس أن يثنى بصالح فعله ... وما خصه ذو الفضل منه بفضله
قرأت بخط أبي محمد الحسن بن فارس بن زكريا اللغوي، مما أخذه عن أبي الحسين بن فارس، قال: وعرض على الشيخ أبي الحسين تفسير الأبيات في كتاب إصلاح المنطق لابن السكيت، من تصنيف أبي محمد بن أبي سعيد السيرافي، فنظر فيه ملياً ثم ارتضاه، وأثنى على أبي محمد، ثم قال: أنا أفضله في الغريب على أبيه أبي سعيد رحمه الله، ومدة مقامي بمدينة السلام كان عندي، فقيل لشيخ أبي الحسين: يقال أن أبا سعيد كان في الغريب يرجع إليه ولا يأنف، فقال الشيخ أبو الحسين: وليس ذلك بعيب، ولكن في هذا الزمن قوم يقدرون أنه لا يتبين فضل الرجل وعلمه وأدبه إلا بنقصه الآخر.
ونقلت من خطه أيضاً: قلت للشيخ أبي الحسين أيده الله: لماذا لم تشاهد علي ابن عيسى حين دخلت بغداد، فقال: إنما تركته لمكان أبي سعيد السيرافي رحمه الله كرهت أن يستوحش منه مع إن علي بن عيسى كان يشكوني، وأبو سعيد رحمه الله في النحو كان من الكبار المتقدمين وأما علي بن عيسى فقد نظرت في علمه ولست أستحسنه، فقلت له: قيل إنه هو أسن من أبي سعيد؟ فقال: نعم كذا قيل والسلام.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: حدثت عن أبي الحسن محمد بن العباس بن الفرات قال: كان أبو سعيد السيرافي عالماً فاضلاً منقطع النظر في علم النحو خاصة، وكانت سنه يوم توفي ثمانين سنة.
قرأت في تاريخ أبي غالب همام بن المهذب المعري: وفيها - يعني سنة أربع وستين وثلاثمائة - توفي أبو سعيد السيرافي ببغداد، كذا قال أبو غالب، وقد حكينا عن أبي حيان التوحيدي أنه مات سنة ثمان وستين وثلاثمائة في رجب وهو الصحيح، وقد تابعه على ذلك هلال بن المحسن الصابئ وأبو القاسم الأزهري.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - اذنا - قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر الثابتي قال: حدثني هلال بن المحسن قال: توفي القاضي أبو سعيد السيرافي في يوم الأثنين الثاني من رجب سنة ثمان وستين وثلاثمائة عن أربع وثمانين سنة.
وأخبرنا أبو اليمن الكندي - فيما أجازه لي - قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حدثني الأزهري قال: توفي أبو سعيد السيرافي بين صلاتي الظهر والعصر في يوم الأثنين الثاني من رجب سنة ثمان وستين وثلاثمائة، ودفن في مقبرة الخيزران بعد صلاة العصر من هذا اليوم.
وقرأت بخط الحافظ السلفي، وذكر أنه نقله من خط علي بن عبد الله بن الحسين بن عبد الملك بن الفضل الدبيقي، قال: ومات أبو سعيد السيرافي في سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.
كذا قال والصحيح ما حكيناه عن أبي حيان وابن الصابئ والأزهري.
الحسن بن عبد الله بن منصور بن حبيب بن إبراهيم: أبو علي الأنطاكي، المعروف بالبالسي، من أهل بالس، وسكن أنطاكية، فنسب إليها، حدث عن الهيثم بن جميل الأنطاكي، ومحمد بن كثير الصنعاني، وموسى بن أيوب النصبيي، وإسحق بن إبراهيم الحنيني، وأبي عبد الرحمن عبد الله بن محمد الكرماني، وموسى بن داوود القاضي، ومحمد بن المبارك الصوري.

روى عنه أبو بكر محمد بن أحمد بن الوليد بن أبي هشام، وأبو العباس محمد بن جعفر بن محمد بن ملاس النميري، وأبو العباس أحمد بن الحسين بن علي ابن زبيدة، وأبو بكر محمد بن إسحق بن خزيمة، وأبو عبد الله الحسين بن محمد ابن غوث، وأبو العباس أحمد بن عيسى بن محمد المكتب، وأبو الحسن يوسف ابن عبد الأحد، وأبو العباس القاسم بن عبد الله بن إبراهيم الكلاعي، ومكحول البيروتي، وأبو الجهم بن طلاب وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الكريم الرازي، وموسى بن عبد الله بن وردان، والباهلي، وغسان بن أبي غسان القلزمي، وأبو جعفر الطحاوي الامام.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن الشافعي قراءة عليه بدمشق قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن الفضل بن أحمد سمكويه الخياط قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الفضل الباطرقاني قال: حدثنا محمد بن الحسن بن يوسف الامام قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الكريم الرازي قال: حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور الأنطاكي قال: حدثنا موسى بن داوود عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن حنش عن ابن عباس قال: ولد نبيكم صلى الله عليه وسلم يوم الأثنين، ونبئ يوم الأثنين، وخرج من مكة يوم الأثنين ودخل المدينة يوم الأثنين، وكان فتح بدر يوم الأثنين، وأنزلت المائدة يوم الأثنين اليوم أكملت لكم دينكم، ورفع الركن يوم الأثنين، وقبض النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأثنين.
قال الحافظ أبو القاسم: والمحفوظ أن نزول المائدة " اليوم أكملت لكم دينكم " ووقعة بدر كانا يوم الجمعة.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير بالقاهرة، قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر السلامي، اجازة، قال: أنبأنا أبو إسحق الحبال قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن مرزوق قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن علي بن جابر قال: حدثنا الباهلي قال: حدثنا أبو علي الحسن بن عبد الله البالسي قال: حدثنا الهيثم بن جميل قال: حدثنا أبو هلال الراسبي عن عبد الله بن بريدة قال: قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: احياء العلم المذاكرة، وآفته النسيان، واضاعته أن يحدث به من ليس له بأهل.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد بن أبي الحسين قال: كتب إلي أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة، وأخبرنا أبو بكر اللفتواني عنه قال: أخبرنا عمي أبو القاسم عن أبيه أبي عبد الله قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس: الحسن بن عبد الله بن منصور يعرف بالبالسي سكن أنطاكية، وأصله من أهل بالس، قدم إلى مصر سنة ثمان وخمسين ومائتين فحدث عن الهيثم بن جميل وغيره.
أنبأنا عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد عن أبيه أبي سعد عبد الكريم السمعاني قال: والحسن بن عبد الله بن منصور البالسي سكن أنطاكية، ذكره فيمن هو من بالس.
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم لعي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي قال: الحسن بن عبد الله بن منصور ابن حبيب بن إبراهيم، أبو علي الأنطاكي المعروف بالبالسي، حدث بدمشق، ومصر، عن الهيثم بن جميل، وإسحق بن إبراهيم الحنيني وموسى بن داود، وأبي عبد الرحمن عبد الله بن محمد الكرماني، ومحمد بن كثير الصنعاني، وموسى بن أيوب النصيبي.
روى عنه أبو العباس بن ملاس، وأبو بكر محمد بن أحمد بن الوليد بن أبي هشام، وأبو العباس أحمد بن الحسين بن علي بن زبيدة، وأبو عبد الله الحسين بن محمد ابن غوث، وأبو العباس القاسم بن عبد الله بن إبراهيم الكلاعي وأبو الجهم بن طلاب، ومكحول البيروتي، وأبو العباس أحمد بن عيسى بن محمد المكتب المعروف بالوشاء، وأبو الحسن يوسف بن عبد الأحد، ومحمد بن إسحق بن خزيمة.
قرأت بخط أبي طاهر السلفي، وأنبأنا به عنه جماعة من شيوخنا قال: الحسن ابن عبد الله بن منصور البالسي حدث عن محمد بن المبارك الصوري، والهيثم بن جميل، وموسى بن داود وغيرهم. روى عنه أبو جعفر الطحاوي بمصر، وغسان بن أبي غسان القلزمي بالقلزم.
الحسن بن عبد الله النهاوندي: شاعر سمع بحلب أبا عبد الله الحسين بن خالويه، وروى عنه أبياتاً ذكرناها في ترجمة الصنوبري روى عنه أبو الجوائز الواسطي.

أخبرنا أبو القاسم عبد المحسن بن عبد الله بن أحمد الطوسي، في كتابه إلينا من الموصل غير مرة، قال: أخبرنا عمي عبد الرحمن بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو منصور عبد المحسن بن علي بن محمد البغدادي قال: أخبرنا الخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: أنشدنا أبو الجوائز الواسطي قال: أنشدني أبو علي الحسن بن عبد الله النهاوندي الأديب لنفسه، في أمرد نصراني، واسمه عيسى:
دعني أمر لطيتي ... لا تعلقن مطيتي
أتميتني عشقاً ... وأنت سمى محيي الميت
تقبيل وجهك منيتي ... ولو أن فيه منيتي
سهل علي مناله ... لكن بلائي عفتي
الحسن بن عبد الأعلى البياسي: من أهل بياس بلدة من الثغور الشامية.
حدث عن عبد الرزاق روى عنه أحمد بن شعيب بن عبد الأكرم الأنطاكي.
أخبرنا يوسف بن خليل الدمشقي قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم ابن أحمد بن محمد بن محمد بن الأخوة، وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد الحسن بن محمد بن سليم قالا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي.
وقالت عين الشمس - اجازة - قال: أخبرنا أبو طاهر الثقفي، وأبو الفتح الكاتب قالا: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: حدثنا أحمد بن شعيب بن عبد الأكرم الأنطاكي، وكان يقال إنه من الأبدال قال: حدثنا الحسن بن عبد الأعلى البياسي قال: حدثنا عبد الرزاق عن عبيد الله عن القاسم بن محمد عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الغيث قال: اللهم شيئاً نافعاً.
الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن بن علي بن جبير: أبو محمد البزاز النهاوندي.
سمع بحلب صالح بن علي النوفلي، وروي عنه وعن عبد الملك بن عبد الحميد الميموني الرقي، وسليمان بن عبد الحميد الحمصي البهراني.
روى عنه القاضي أبو الحسن علي بن الحسن الجراحي.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن بن علي جبير، أبو محمد البزاز النهاوندي، سكن بغداد، وحدث بها عن صالح بن علي النوفلي الحلبي، وعبد الملك بن عبد الحميد الميموني الرقي، وسليمان بن عبد الحميد البهراني الحمصي، روى عنه القاضي أبو الحسن الجراحي.
الحسن بن عبد الرزاق: ابن عبد الوهاب بن الخضر بن عبد الوهاب بن محمد بن عجلان البالسي، القاضي، أبو مسلم، قاضي الرقة.
حدث عن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الكشميهني. روى لنا عنه أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي.
أخبرنا أبو الحجاج قال: أخبرنا القاضي أبو مسلم الحسن بن عبد الرزاق ابن عبد الوهاب بن الخضر بن عبد الوهاب بن محمد بن عجلان البالسي - بقراءتي عليه بالرقة - قلت له: أخبركم محمد بن محمد بن عبد الرحمن الكشميهني قراءة عليه وأنت تسمع، فأقر به.
وأخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا محمد بن محمد الكشميهني بحلب قال: حدثنا أبو بكر محمد بن منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني - املاء - قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مردويه - بأصبهان - قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن المعدل مع جماعة قالوا: حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس قال: حدثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات قال: أخبرنا عبد الله بن نمير عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن أبي كبشة، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار.
ذكر من اسمه عبد الكريم في آباء من اسمه الحسن الحسن بن عبد الكريم بن جعفر بن المهذب: أبو محمد المعري القاضي ولي قضاء سرمين، وكان حنفي المذهب فقيهاً.
نقلت عن ظهر كتاب الشروط لأبي جعفر الطحاوي، أظنه بخط أبي صالح محمد ابن المهذب المعري: وصل القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الكريم بن جعفر بن المهذب إلى سرمين مستهل شعبان من سنة ثلاث وستين وأربعمائة وبيده تقليد القضاء بناحية سرمين وأعمالها، والعلامات السلطانية عليه، وهو مؤرخ في النصف من رجب.
يريد بالعلامات السلطانية علامة السلطان ألب أرسلان الملقب بالعادل.
الحسن بن عبد الكريم:

أبو الربيع الساحلي اليمامي، غزا بلاد الروم واجتاز بحلب، أو ببعض عملها في غزاته.
حدث عن أبي روق الهزاني، وأبي علي الصحاف، والمنتصر بن محمد الديباجي وواهب بن يحيى المازني، وعلي بن الحسن القاضي، ومحمد بن حمدويه.
روى عنه أبو سعد عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن عبد الله بن ادريس الأسترباذي الحافظ، وذكره في تاريخ سمرقند وقال: الحسن بن عبد الكريم أبو الربيع اليمامي الساحلي كهل ورد علينا سمرقند من ناحية أسفيجاب مع الغزاة متوجهاً إلى قتال الروم، كان فاضلاً من أصحاب الحديث يحفظ ويعلم، ويروى عن واهب بن يحيى المازني البصري، وأبي علي أحمد بن محمد بن إبراهيم الصحاف الأصبهاني، وأبي روق أحمد بن محمد بن بكر الهزاني البصري ومحمد بن حمدويه ابن سهل المروزي، والمنتصر بن محمد بن المنتصر الديباجي، وعلي بن الحسن القاضي الشاوغري. كتبنا عنه مات بأسفيجاب في رجب سنة تسع وستين وثلاثمائة.
ذكر من اسمه عبد الواحد في آباء من اسمه الحسن الحسن بن عبد الواحد بن عبد الأحد بن معدان الحراني: أبو عبد الله الشاهد.
حدث عن أبي يوسف بن القاسم الميانجي، روى عنه أبو محمد عبد العزيز ابن أحمد الكتاني. وذكره أبو القاسم الدمشقي في تاريخ دمشق، ففي طريقه من حران إلى دمشق، دخل حلب أو بعض عملها.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد قال: حدثنا عبد العزيز ابن أحمد قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن عبد الواحد بن عبد الأحد بن معدان الحراني - قراءة عليه - قال: حدثنا القاضي أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجي قال: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب قال: حدثنا أبو الوليد والحوضي، قالا: حدثنا شعبة قال: أخبرني عبد الله بن دينار قال: سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله: كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا إلا بيع الخيار.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال الحسن بن عبد الواحد بن عبد الأحد بن معدان، أبو عبد الله الحراني الشاهد، حدث عن الميانجي، روى عنه عبد العزيز الكتاني.
الحسن بن عبد الواحد بن أحمد: أبو محمد الأنصاري العين زربي، من أهل عين زربه، فقيه له تصانيف على مذهب الشيعة، منها عيون الأدلة قرأ الفقه على ابن الميراج، وعلى أبي جعفر الطوسي، مولده سنة ست وعشرين وأربعمائة، وتوفي ليلة الأثنين السادس من صفر سنة أربع وتسعين وأربعمائة.
الحسن بن عبد الوهاب بن علي الصائغ: أبو علي، وقيل أبو محمد، المقرئ الحلبي، حدث بحلب عن أبي العباس منير بن أحمد بن الحسن الخلال، سمعه بمصر، وعن أبي عمرو عثمان ابن عبد الله بن إبراهيم الطوسي، سمعه بحلب، وعن أحمد بن محمد بن القاسم الأنماطي، روى عنه شيخ الاسلام أبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف الهكاري، وأبو سعد إسماعيل بن علي السمان.
أنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن الشعري عن أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري قال: حدثني أبو الحسن علي بن الحسين بن مردك قال: أخبرنا أبو سعد السمان قال: حدثنا أبو علي الحسن بن عبد الوهاب بن علي الصائغ بحلب، بقراءتي عليه، قال: حدثنا أبو عمرو عثمان بن عبد الله بن إبراهيم الطرسوسي، قال: حدثنا أبو عمير عدي بن أحمد بن عبد الباقي قال: حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن مبارك بن الحسن عن محمد بن سيرين عن سعد ابن مالك قال: قلت يا رسول الله ادع الله أن يستجيب لي دعوتي، قال: إن الله لا يستجيب دعاء عبد حتى يطيب طعمته.
الحسن بن عبيد الهمذاني حدث بطرسوس عن عبد الحميد بن عصام الجرجاني روى عنه محمد بن أيوب بن المعافي العكبري.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري قال: أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن عمر البرمكي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن خالد بن بخيت الدقاق قال: حدثنا محمد بن أيوب بن المعافي العكبري قال: حدثنا الحسن بن عبيد الهمذاني، بطرسوس قال: حدثنا عبد الحميد ابن عصام الجرجاني قال: حدثنا محمد بن يوسف الفريابي قال: حدثنا سفيان الثوري عن سفيان بن عينية عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه سئل عن الصالحين قال: هم الصائمون.

ذكر من اسمه علي في آباء من اسمه الحسن الحسن بن علي بن إبراهيم بن علي بن محمد الجويني أبو علي البغدادي الكاتب ويعرف بابن اللعيبة ويلقب فخر الكتاب، قدم حلب وأقام بها مدة في أيام نور الدين محمود بن زنكي بن آق سنقر، وانقطع إليه.
وكان يكتب خطاً حسناً، وكتب الكثير بخطه وتبع علي بن هلال في طريقته، وأحسن أقلامه قلم النسخ، ويقع في خطه نوادر أجاد فيها، وكان كتب على عمر الخطاط ببغداد في صدر عمره، وكان خطه وهو ببغداد يميل إلى طريقة البغداديين، فلما قدم الشام وأقام بحلب، جاد خطه وكتب على طريقة ابن البواب لكثرة نقله خطه، وأجود كتابته ما كتبه بحلب، ثم أنه سافر إلى الديار المصرية فمالت كتابته إلى طريقة المصريين، وأقام بمصر إلى أن مات بها، وكان له شعر لا بأس به.
روى عن أبي منصور بن الجواليقي، وأبي البركات عبد القاهر بن علي بن عبد الله بن أبي جرادة.
كتب عنه أبو البركات عبد القاهر بن علي بن أبي جرادة الحلبي بها، وروى عنه شيخنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل.
سمعت الشيخ أبا الحسن علي بن أبي بكر الهروي يسيء الثناء على أبي علي الجويني ويصفه بقلة الدين، وحكى لنا عنه أنه كان يكتب المصحف وربما يكون حاضراً عنده شراب مسكر خمر أو نبيذ فإذا نشفت الدواة واحتاج إلى أن يسقيها ألقى عليها من ذلك الشراب، هذا معنى ما سمعته منه، نسأل الله التوبة والعصمة.
وأخبرني أبو علي الحسن بن محمد بن إسماعيل القيلوي قال: أخبرني ظهير الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن صدقة، نائب الوزارة كان ببغداد قال: سافرت مع أبي، يعني، جلال الدين أبا رضا لما سار رسولاً عن الراشد إلى حلب، وكان معنا ابن المطلب الكاتب، والحسن بن علي بن إبراهيم الجويني قال: فشربا ليلة، وخرجا من بين الخيم فتعثرا في أطناب خيمة زنكي فاضطربت الخيمة، فأحس زنكي بذلك، وسأل عنه فقيل له: هؤلاء سكارى من أهل بغداد، فأمر بأن يصلبا إذا طلع الصبح، فبلغ ذلك والدي فركب قبل الصبح، ووقف على ظهر دابته هو وأصحابه، فلما استيقظ زنكي رآهم فسأل عن الحال فقيل له هذا جلال الدين يشفع في أصحابه الذين أخذوا الليلة، وأمر مولانا بصلبهم، فقال: سلموا إليه أصحابه وأطلقوهم، قال فأخذناهم ورجعنا إلى الخيمة، فلما عدنا لم يرجع الجويني معنا وأقام بقلعة حلب من ذلك اليوم.
وأظن أن الجويني ثاب في آخر عمره، وأقلع عما كان عليه، وله أشعار تدل على ذلك سنذكر بعضها إن شاء الله تعالى.
قرأت بخط العماد أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب، وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن عمر بن علي بن حموية، شيخ الشيوخ بدمشق بها، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد، إجازة إن لم يكن سماعاً، قال: فخر الكتاب الحسن بن علي الجويني المقيم بمصر، ذو الخط الرائق، واللفظ الشائق والخلق العذب والصدر الرحب كتب إلي يستدعي أقلاماً واسطية.
تقول يدي عند افتقاد يراعها ... الأصم السميع الأخرس المتكلم
إلى كم أمني بالجواد المسوّم ... الأنيق لعين الناظر المتوسم
أقوم زيغ الخط منه بحاذق ... صبور جليد واسطي مقوم
أغير الأجل العالم الصدر ... أنتحي بذاك عزيز الدولة بن المقدم
أغير عماد الدين أرجوه سنداً ... يشيد من خطي الصنيع المنمنم
قرأت بخط أبي البركات بن أبي جرادة: أنشدني فخر الكتاب حرس الله عزه لبعض العراقيين.
يندم المرء على ما فاته ... من لبانات إذا لم يقضها
وتراه فرحاً مستبشراً ... بالتي أمضي كأن لم يمضها
إنها عندي وأحلام الكرى ... لقريب بعضها من بعضها
وجدت بخط الحسن بن إبراهيم الجويني من شعره أبياتاً حملها إليّ بعض الأصدقاء بدمشق فنقلتها وهي:
ما ينفع القرب وهو مجتنب ... فكم بعيد وداره كثب
إذا الوصال أنتأت مطالبه ... فما يد للدنو تحتسب
يشجو فؤادي الهوى وليس له ... في مخلص من عذابه أرب
ما حيلة الصب في هوى رشأ ... تبعده من وصاله القرب

فلا نوالاً هواه يبذله ... ولا مزاراً خياله يهب
ظبي هواه للقلب مجتذب ... لكن رضاه للصب مجتنب
لكل قلب جمال صورته ... على جميل العزاء مغتصب
كأن في صحن خده قبساً ... بأنفس العاشقين يلتهب
نار على القلب من تورّدها ... برد وفيه من بعدها لهب
سقياً لعيش من النعيم به ... كانت ذيول السرور تنسجب
أيام مجنى هواي في ظلها ... الوصل ومرعى همومي اللعب
بين شموسٍ تظلها سدفٌ ... على غصون تقلها كثب
في ربيع لهوي بالكرخ يا حبذا ... الكرخ محلاً وحبذا حلب
ونقلت من خط أبي علي الجويني لنفسه من أبيات مدح بها أبا الفضل غسيان ابن جلب راغب بالديار المصرية:
يقول وفد التهاني ... أبشر بنيل الأماني
فقد أتتك سعود ... تبقى بقاء الزمان
وكل ماضٍ بعيد ... مما تحاول دان
يا من يجرد عزماً ... كالصارم الهندواني
بحدك ألق أعاديك ... لا بحد اليماني
يا من لعلياه سير ... الأمثال في البلدان
يا واحداً لا يدانيه ... في البرايا مدان
يا من يرى الجود حتماً ... فرضاً على الانسان
وفي النوافل يأتي ... بعارفاتٍ حسان
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن هبة الله بن الطفيل - اجازة عند قراءتي عليه بدار الوزارة بالقاهرة قال: أنشدنا فخر الكتاب الحسن بن علي بن إبراهيم الجويني لنفسه من قصيدة:
فإن قلت لي صبراً فلا صبر لأمرئٍ ... غدا بيد الأيام تقتله صبرا
وإن قلت لي عذر فوالله ما أرى ... لمن ملك الدنيا إذا لم يجد عذرا
وأنشدنا أبو القاسم بن الطفيل في كتابه قال: أنشدنا فخر الكتاب الحسن بن علي الجويني لنفسه وقال لنا: قلت أخاطب نفسي المسكينة الموثقة الرهينة:
أبا علي يا رهين الثرى ... كم فرصة أهملتها فاخرة
قد فاتت الدنيا فبعداً لها ... بادر وقم فاستدرك الآخرة
قال شيخنا أبو القاسم: وأنشدنا لنفسه:
يا ابن الجويني الذي ... تجنى وينسى ما جنا
كم غارس في جنة ... تعبت يداه وما جنى
يا آمن الدنيا التي ... تصل المنايا بالمنى
كم حل في جسم خمار ... الفقر من سكر الغنى
يا بائعاً دار البقا ... أتقيم في دار الفنا
يا دار دنيانا التي ... تقضي وتبعد من دنا
خير القنايا أن يجود ... العبد فيك بما اقتنى
قال شيخنا أبو القاسم: قال لنا الجويني وقلت أعني نفسي على طريق اللزوم:
يا ليت شعري ما يقال ... إذا الجويني انتقل
ما كان يفعله يقال ... وما عداه لم يقل
من يستقل من ذنبه ... من قبل مصرعه يقل
قال أبو القاسم: قال لنا الجويني: وقلت بعقب افاقتي من مرض صعب:
يا رب عافيت من العلة ... تفضلاً فاعف عن الزلة
الحمد لله الذي عمني ... من فضله ما لم أكن أهله
وصانني شكراً لنعماه ... عن مواقف الذلة والبذله
فكم له عندي من نعمة ... ديمتها وطفاء منهلة
أهفو ويعفو فأرتجو ... فضله لكنكم لا تأمنوا عدله
أخبرني أبو السعادات بن أبي بكر بن حمدان أن الجويني توفي سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، ثم قرأت بالقاهرة في درج وقع إلي بخط الجويني في آخره: كتبه العبد الخائف من ذنبه اللاجئ إلى كنف ربه عز وجل حسن بن علي بن إبراهيم الجويني، في سنة خمس وثمانين وخمسمائة وله حينئذ من العمر اثنتان وثمانون سنة بحمد الله ومنه.

وأنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال: في ذكر من توفي سنة أربع وثمانين وخمسمائة من كتاب التكملة لوفيات النقلة: وفي التاسع من صفر توفي الشيخ الفاضل أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم الجويني الكاتب بالقاهرة، حدث عن أبي منصور موهوب بن أحمد الجواليقي، وهو مشهور بجودة الخط، وله أدب وشعر حسن، أنشدنا عنه غير واحد من أصحابه، وقيل إنه توفي سنة ست وثمانين.
قالت: وهو الصحيح.
الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز بن شاهوه: أبو علي الأهوازي المقرئ وكان يعرف بامام الحرمين، قدم حلب في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة، وحدث بها عن أبي القاسم تمام بن محمد الرازي وأبي الحسين عبد الوهاب بن الحسن الكلابي، وسمع بمعرة النعمان أبا عمرو عثمان بن عبد الله ابن إبراهيم الطرسوسي قاضيها، وحدث بغيرها عن أبي القاسم نصر ابن أحمد المرجي، وأبيه علي بن إبراهيم، وأبي محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن معروف وأبي طلحة عبد الجبار بن محمد بن الحسن الطلحي البصري وأبي علي الحسن بن محمد بن الحسن بن القاسم بن درستويه، والقاضي المعافي بن زكريا ابن طرارا الجريري، وأبي الحسن أحمد بن محمد بن نفيس الامام، وأبي الحسن علي بن الحسن بن القاسم بن عبد الله الطرسوسي وأبي زرعة أحمد بن محمد بن عبد الله التستري، وأبي الفتح محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن النعمان نزيل الرملة، وأبي القاسم عبد العزيز بن عثمان بن محمد الصوفي، وأبي الحسن علي ابن أحمد بن محمد بن الرفاء السامري، وأبي الحسن أحمد بن إبراهيم بن فراس، وأبي العباس أحمد بن محمد بن أبي سعيد الكرخي قاضي مكة، وأبي محمد عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن يوسف الشيباني، وأبي القاسم عبد الرحمن بن عمر ابن نصر، وأبي محمد طلحة بن اسد بن المختار الرقي، وأبي علي الحسن بن علي بن الحسن بن شواش الأرتاحي، وأبوي بكر: ابن هلال الحنائي، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي المغيث، وأبي العباس منير بن أحمد بن الحسن المصري الخلال، وأبي عبد الله محمد بن الحسن الماوردي، وأبي الحسين جعفر بن عبد الرزاق بن عبد الوهاب، وهبة الله بن موسى بن الحسين المزكي الموصلي، وعبد الوهاب الميداني، وأبي بكر بن أبي الحديد وأبي مسلم الكاتب، وعلي بن بشرى العطار، وأبوي نصر: ابن الجبان، وابن الجندي.
روى عنه أبو الفتح عبد الله بن إسماعيل بن أحمد بن الجلي الحلبي والخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، وأبو سعد إسماعيل بن علي الرازي السمان، والحافظ أبو منصور المظفر بن الحسين بن إبراهيم بن هرثمة الفارسي، وعلي ابن محمد بن شجاع الربعي، وأبو بكر أحمد بن محمد بن علي الهروي المقرئ مجاور المسجد الأقصى، وأبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري، وعبد العزيز ابن أحمد الكتاني، وأبو علي الحسن بن الحسين التفليسي، وعلي بن الخضر السلمي والفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي، ونجا بن أحمد العطار، وصهره أبو الحسن عبد الباقي بن أحمد بن هبة الله وأبا عبد الله: ابن أبي الحديد السلمي، ومحمد بن محمد بن الحسين الطوسي، وأبو علي إسماعيل بن العباس بن أحمد الصيدلاني النيسابوري، وأبو طاهر بن الجنائي، وأبو القاسم علي بن إبراهيم النسيب العلوي، وأبو القاسم بن أبي العلاء.
وله كتب صنفها في القراءات وفي غيرها منها الموجز في القراءات السبعة وكتاب في القراءات العشرة وكتاب الوجيز في القراءات الثمانية، وكان يطعن على أبي الحسن الأشعري وله كتاب في ذمه وقفت عليه، ورد عليه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي في كتاب سماه: تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري.

أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة قال: أخبرني أبي أبو الفضل هبة الله بن محمد بن أبي جرادة قال: حدثني الشيخ أبو الفتح عبد الله بن إسماعيل بن أحمد الجلي الحلبي قال: حدثنا الشيخ أبو علي الحسن بن علي ابن إبراهيم الأهوازي إملاء بحلب في شوال سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة - قال: حدثنا أبو الحسين عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي قال: حدثنا أبو أيوب سليمان بن محمد الخزاعي قال: حدثنا هشام بن خالد الأزرق قال: حدثنا بقية بن الوليد قال: حدثنا ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا الناس على رجل فقال: ما هذا؟ قالوا: علامة يا رسول الله، قال: وما علامة، قالوا: أعلم الناس بالشعر وأعلم الناس بكلام العرب، وما اختلف فيه العرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلمك علم لا ينفع وجهل لا يضر، العلم ثلاث ما خلاهن فضل: علم آية محكمة أو سنة قائمة أو فريضة عادلة.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن الخضر بن هبة الله بن طاوس الدمشقي بها، قال: أخبرنا أبو يعلى حمزة بن أحمد بن فارس بن كروس السلمي قال: أخبرنا الفقيه نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم ابن يزداد المقرئ بدمشق سنة ثلاثين وأربعمائة قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الوهاب ابن الحسن بن الوليد الكلابي قال: حدثنا طاهر بن محمد قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن قال: حدثنا حفص بن سليمان عن كثير بن زاذان، عن عاصم بن ضمرة، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ القرآن بلفظه واستطهره أدخله الله الجنة، وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم قد وجب له النار.
أخبرنا أبو الوحش بن نسيم، كتابة، قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: قرأت بخط أبي محمد بن صابر قال لي أبو محمد مقاتل بن مطكود: قال لي أبو علي: ولدت يوم الأربعاء السابع والعشرين من الحرم سنة اثنتين وستين وثلاثمائة.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ قال: قرأت بخط أبي علي الأهوازي: وأنبأنا أبو طاهر بن الحنائي قال: أخبرنا أبو علي قال: رأيت رب العزة في النوم وأنا بالأهواز، وكأنه يوم القيامة، فقال لي: بقي علينا شيء، اذهب فمضيت في ضوء أشد بياضاً من الشمس، وأنور من القمر حتى انتهيت إلى طاقة أمام باب، فلم أزل أمشي عليه ثم انتبهت.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الأنصاري بحلب، وأبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوي الصوفين بالقاهرة، قالا: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي - اجازة إن لم يكن سماعاً - قال: سمعت أبا البركات الخضر بن شبل بن الحسن الحارثي صاحبنا بدمشق يقول: سمعت الشريف النسيب أبا القاسم علي بن إبراهيم بن العباس العلوي المعروف بابن أبي الجن يقول: أبو علي الأهوازي المقرئ ثقة، ثقة.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي قال: الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز بن شاهوه أبو علي الأهوازي المقرئ، سكن دمشق وقدمها يوم الأحد الثالث عشر من ذي الحجة سنة احدى وتسعين وثلاثمائة، قرأ القرآن بروايات كثيرة، وأقراه، وصنف كتباً في القراءات.

وحدث عن نصر بن أحمد بن محمد بن المرجي، وأبي حفص الكتاني، وأبي طلحة عبد الجبار بن محمد بن الحسن الطلحي البصري، وأبي الحسن علي بن أحمد ابن محمد بن الرفاء السامري، وهبة الله بن موسى بن الحسين المزني الموصلي، وأبي الحسن أحمد بن إبراهيم بن فراس، وأبي القاسم عبد العزيز بن عثمان بن محمد الصوفي، وأبي مسلم الكاتب، وأبي العباس أحمد بن محمد بن أبي سعيد الكرخي، قاضي مكة، وأبي الفرج المعافي بن زكريا بن طرارا، وأبي الحسن أحمد بن محمد بن نفيس الامام، وأبي الفتح محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن النعمان، نزيل الرملة، وأبي العباس منير بن أحمد بن الحسن المصري الخلال، وأبي عبد الله محمد بن الحسن الماوردي، وأبي محمد بن أبي نصر وعبد الوهاب الكلابي، وعبد الوهاب الميداني، وأبي بكر بن أبي الحديد، وأبي الحسين جعفر بن عبد الرزاق بن عبد الوهاب، وأبي بكر محمد بن عبد الرحمن بن أبي المغيث، وأبي علي الحسن بن محمد بن الحسن بن القاسم بن درستويه، وأبي محمد عبد الله بن محمد بن إسماعيل ابن يوسف الشيباني، وأبي القاسم عبد الرحمن بن عمر بن نصر، وتمام الرازي، وعلي بن بشرى العطار، وأبي نصر بن الجبان، وأبي نصر بن الجندي، وأبي بكر ابن هلال الحنائي، وأبي محمد طلحة بن أسد بن المختار الرقي.
روى عنه أبو بكر الخطيب، وعلي بن محمد بن شجاع الربعي، وأبو سعد إسماعيل بن علي الرازي السمان، وأبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري وعبد العزيز بن أحمد الكتاني، وأبو عبد الله بن أبي الحديد، وعلي بن الخضر السلمي، وأبو عبد الله محمد بن محمد بن الحسين الطوسي، وأبو علي إسماعيل بن العباس بن أحمد الصيدلاني النيسابوري، والفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم، وأبو علي الحسن بن الحسين التفليسي، ونجا بن أحمد العطار، وصهره أبو الحسن عبد الباقي بن أحمد بن هبة الله وأبو طاهر بن الحنائي.
وحدثنا عنه أبو القاسم النسيب، وذكر أنه ثقة، وذكر أنه أخبره أنه دخل دمشق سنة أربع وتسعين وثلاثمائة.
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: اجتمعت بهبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الحافظ ببغداد، فسألني عن من بدمشق من أهل العلم فذكرت له جماعة منهم: الحسن بن علي الأهوازي المقرئ فقال: لو سلم من الروايات في القراءات !.
قال الحافظ: قال لنا أبو محمد بن الأكفاني: قال لنا الكتاني: وكان مكثراً من الحديث، وصنف الكثير في القراءات، وكان حسن التصنيف، وجمع في ذلك شيئاً كثيراً، وفي أسانيد القراءات غرائب، كان يذكر في مصنفاته أنه أخذها رواية وتلاوة، وأن شيوخه أخذوها كذلك رواية وتلاوة.
قال الحافظ أبو القاسم بعد حديث ذكره عنه: هذا حديث منكر وفي إسناده غير واحد من المجهولين، وللأهوازي أمثاله في كتاب جمعه في الصفات، سماه كتاب البيان في شرح عقود أهل الايمان، أودعه أحاديث منكرة، كحديث إن الله لما أراد أن يخلق نفسه، خلق الخيل فأجراها حتى عرقت، ثم خلق نفسه من ذلك العرق مما لا يجوز أن يروى، ولا يحل أن يعتقد، وكان مذهبه مذهب السالمية، يقول بالظاهر ويتمسك بالأحاديث الضعيفة، التي تقوي له رأيه، وحديث اجراء الخيل موضوع وضعه بعض الزنادقة ليشنع به على أصحاب الحديث في روايتهم المستحيل، فيقبله بعض من لا عقل له، ورواه وهو مما يقطع ببطلانه شرعاً وعقلاً.
قال الحافظ أبو القاسم سمعت أبا الحسن علي بن أحمد بن منصور، يحكي عن أبيه أبي العباس.

وأنبأنا به أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي الحسن عن أبيه أبي العباس قال: لما ظهر من أبي علي الأهوازي الاكثار من الروايات في القراءات أتهم في ذلك، فسار أبو الحسن رشاء بن نظيف، وأبو القاسم بن الضراب وابن القماح إلى العراق لكشف ما وقع في نفوسهم منه ووصلوا إلى بغداد، وقرأوا على بعض الشيوخ الذين روى عنهم الأهوازي، وجاؤوا بالإجازات عنهم وبخطوطهم فمضى الأهوازي إليهم وسألهم ان يروه تلك الخطوط التي معهم، ففعلوا ودفعوها إليه فأخذها وغير أسماء من سمي لتستتر دعواه، فعادت عليه بركة القرآن فلم يفتضح، هذا معنى ما سمعته يقول، وبلغني عنه أنهم سألوا عنه بعض المقرئين الذين ذكر أنه قرأ عليهم وحلوه له، فقال: هذا الذي تذكرونه قد قرأ علي جزو أو نحوه.
قال أبو الحسن: وحدثني والدي أبو العباس قال: عاتبت أو عوتب أبو طاهر للواسطي المقرئ في القراءة على أبي علي الأهوازي، فقال: اقرأ عليه العلم، ولا أصدقه في حرف واحد.
قال أبو الحسن: وحدثني أبو طاهر محمد بن الحسن بن علي بن الملحي قال: كنت عند رشاء بن نظيف المقرئ العدل في داره على باب الجامع، وله طاقة إلى الطريق فاطلع فيها وقال: قد عبر رجل كذاب، فاطلعت فوجدته الأهوازي.
قرأت بخط الامام الحافظ أبي طاهر السلفي رحمه الله قال: وسمعت أبا محمد - يعني هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن علي بن طاووس يقول: سمعت أبا القاسم بن أبي العلاء المصيصي يقول: قدم أبو علي الأهوازي دمشق وحضره رشاء ابن نظيف المقرئ، وحضر ما عنده، ثم خرج رشاء إلى العراق وأودع كتبه عنده، فلما رجع رأى أسانيد أبي علي قد تضاعفت، فقال له: يا هذا من أين لك هذه ولمرتحل بعدي، ولا قدم دمشق شيخ قرأت عليه، فقطعه وكان يتكلم فيه.
وقرأت بخطه بعده سمعته يقول: سمعت علي بن أبي العلاء المصيصي الفقيه يقول: ذكر أبو علي الأهوازي، في جملة ما ذكر، أنه قرأ على أبي الحسن الحمامي وأبو الحسن متأخر لم يكن الأهوازي محتاجاً إليه، فلما اتهم بادعائه روايات استغربوها كتبوا إلى أبي الحسن الحمامي، فذكر أنه لم يقرأ عليه قط، وأخذ خط الحمامي بذلك وحمل إلى دمشق.
وقرأت بخط الحافظ أيضاً: أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز المقرئ المعروف بالأهوازي، قرأ القرآن بالأهواز على أبي الحسين أحمد بن عبد اللهب رضي الله عنه الحسين بن إسماعيل الجبي صاحب أبي جعفر بن جرير بن يزيد الطبري وأبي الحسن محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت بن شنبوذ، وعلى أبي العباس أحمد بن محمد بن عبيد الله بن إسماعيل العجلي التستري، صاحب أبي العباس أحمد ابن عبد الصمد الرازي، وأبي بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد البغدادي وعلى أبي الحسن علي بن الحسين بن عبيد البغدادي المعروف بالغضائري صاحب ابن شنبوذ، أبي الحسن، وابن مجاهد أبي بكر، وببغداد على أبي الحسن علي بن إسماعيل بن الحسن القطان المعروف بالخاشع، وأبي حفص عمر بن إبراهيم بن كثير الكتاني وأبي الفرج المعافي بن زكريا بن يحيى بن عبيد بن طرارة الجريري، وأبي إسحق إبراهيم بن احمد بن محمد الطبري، وأبي الفرج محمد بن أحمد بن إبراهيم الشنبوذي، ونظرائهم، وبالبصرة على أبي عبد الله محمد بن أحمد ابن محمد بن عبد الله العجلي اللالكي صاحب الشذائي أبي بكر، وعلى أبي بكر محمد بن أحمد بن علي الباهلي النجاء صاحب القاسم بن زكريا بن عيسى المقرئ، وعلى أبي الحسن علي بن الحسين بن عبد الحميد الشمشاطي، وعلى أقرانهم، وبالبطائح على أبي عبيد الله محمد بن محمد بن فيروز بن زاذان الكرخي، صاحب أبي بكر محمد بن هرون بن نافع البصري المعروف بالتمار، وبدمشق على أبي بكر محمد بن أحمد بن عبد الله بن هلال السلمي، بعد أن طاف ممالك الاسلام، وصار علماً من الأعلام يرحل إليه للقراءة عليه، وصنف وتصدي للإقراء والرواية، وشهرته تغني عن الأطناب في ذكره، والإسهاب في أمره.

وأما الحديث فقد سمع بالموصل أبا القاسم المرجي الراوي، عن أبي يعلى، وبدمشق عمران بن الحسن الخفاف، وعبد الوهاب بن الحسن الكلابي، وأبا بكر محمد بن أحمد بن أبي الحديد، وتمام بن محمد الرازي، وبمكة أبا العباس النسوي وببغداد أبا حفص بن شاهين، والمعافي بن زكريا الجريري، وأبا حفص الكتاني، وبالبصرة محمد بن المعلى الأزدي، وابن وصيف، وبمصر منير بن الحسن، وأحمد ابن عمر الجهازي، والحسن بن عبد الرحمن بن أبي عروة الحطاب، وعبدان بن أحمد الأصبهاني، وابن جميع الصيداوي، وفاتك بن عبد الله الصوري، وخلف بن محمد الحافظ الواسطي، وغيرهم من شيوخ صيدا، واطرابلس، وقد تكلم فيه رشاء بن نظيف بن ما شاء الله وهو مقرئ من أقرانه، سمع أبا مسلم الكاتب بمصر، ولم يكن من المسندين وجرح مثل الأهوازي في جلالته وعظم شأنه يقول بعض أقرانه ما لا سبيل إليه.
ونقلت من خط الحافظ: سمعته، يعني، القاضي أبا منصور سالم بن محمد بن منصور العمراني بآمد يقول: سمعت والدي يقول: لم يكن بعد ابن مجاهد في القراء كأبي علي الأهوازي بدمشق، وتصانيفه تدل على فضله، وقال أبو منصور: وهو شيخ والدي الذي قرأ عليه.
أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد بن أبي الحسين قال: أنبأنا أبو الفضائل الحسن بن الحسن بن أحمد الكلابي قال: حدثني أخي لأمي أبو الحسن علي بن الخضر بن الحسن العثماني قال: توفي أبو علي الحسن بن علي الأهوازي يوم الأثنين الرابع من ذي الحجة سنة ست وأربعين، تكلموا فيه، وظهر له تصانيف زعموا أنه كذب فيها.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ علي بن الحسن بن عساكر قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: توفي شيخنا أبو علي الأهوازي المقرئ يوم الأثنين الرابع من ذي الحجة بعد الظهر، سنة ست وأربعين وأربعمائة، وكانت له جنازة عظيمة، حدث عن ابن المرجي وأبي حفص الكتاني، وعبد الوهاب بن الحسن بن الوليد وغيرهم، وانتهت إليه الرئاسة في القراءة في وقته ما رأيت منه إلا خيراً.
قال علي بن الحسن: وذكر أبو محمد بن صابر عن أبي القاسم علي بن إبراهيم أنه مات يوم الأثنين الثاني عشر من ذي الحجة.
وذكر عن مقاتل السوسي أنه توفي لست بقين من ذي القعدة، وذكر صهره عبد الباقي بن أحمد أنه مات يوم الثلاثاء، ودفن يوم الأربعاء في العشر الأول منه. وذكر أبو عبد الله محمد بن لعي بن قبيس فيما وجدته بخطه مثل ذلك.
الحسن بن علي بن إبراهيم: أبو القاسم الطرسوسي، حدث عن أبي بكر محمد بن إسحق بن خزيمة، وطاهر بن يحيى بن قبيصة الفلقي، روى عنه أبو عثمان البحيري، وأبو سعيد محمد بن علي بن عمرو النقاش الحافظ.
أخبرنا الشريف افتخار الدين أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا تاج الاسلام أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا الأستاذ أبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري بنيسابور قال: أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد بن أحمد البحيري قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن علي بن إبراهيم الطرسوسي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إسحق بن خزيمة الامام، قال: حدثنا علي بن حجر قال: حدثنا الوليد بن محمد الموقري عن الزهري عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بالغلمان فيسلم عليهم ويدعو لهم بالبركة.
الحسن بن علي بن أحمد بن مسعود: أبو محمد الحلبي الملحي، من أهل حلب، وسكن دمشق وحدث بها.
أخبرنا عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم بن الحسن الدمشقي - فيما كتبه إلينا - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الشافعي قال: الحسن بن علي بن أحمد بن مسعود أبو محمد الحلبي الملحي، سكن دمشق، وحدث، سمع منه أبو محمد بن الأكفاني، فيما أُري.
الحسن بن علي بن أحمد بن وكيع بن خلف بن وكيع:

أبو محمد التنيسي، وقيل الحسن بن علي بن الحسن بن أحمد بن وكيع، وبعضهم سماه الحسن بن محمد بن وكيع، وكناه أبا محمد، وبعضهم سماه علي بن الحسن بن وكيع، وكناه أبا الحسن. ووقع إلي نسخة من شعره صحيحة ابتدا في أول الديوان وقال: قال أبو محمد الحسن بن لعي بن أحمد بن وكيع، وختمه بقوله: آخر شعر أبي محمد الحسن بن علي بن وكيع، ثم إنه كتب بعده نقلته من نسخة كان في آخرها مكتوباً: نقلته من نسخة كان في آخرها بخط ابن وكيع يقول: علي بن الحسن بن علي بن وكيع بن خلف: إنني قرأت هذا الديوان، وهو جميع شعري على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الجوري.
ولد أبو محمد بتنيس، وكان شاعراً مجيداً، ويلقب بالعاطس، وقدم حلب ومدح بها الأمير سيف الدولة أبا الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، وروي عنه شيئاً من شعره أبو نصر المهنا بن علي بن المهنا المعري المعروف بالناظر وسماه علياً، وسمع منه بمعرة النعمان، وأبو محمد بن النحاس، وسماه الحسن بن محمد، وروى عنه أبو القاسم الحضرمي المعروف بالطحان، وسماه الحسن بن علي بن أحمد ابن وكيع، وهو الصحيح وأبو محمد عبد الرحمن بن عمرو أبو سعد أحمد بن محمد الهروي.
ذكره أبو القاسم الحضرمي الطحان في تاريخه الذي ذيل به على تاريخ أبي سعيد بن يونس فقال: الحسن بن علي بن أحمد بن وكيع بن خلف الشاعر أبو محمد أصله بغدادي، ومولده هو بتنيس، سمعت منه.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني، عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو يعقوب الأديب، إذناً، قال: أخبرنا أبو منصور الثعالبي قال: أبو محمد الحسن ابن علي بن وكيع التنيسي، شاعر بارع، وعالم جامع قد برع على أهل زمانه، ولم يتقدمه أحد في أوانه وله كل بديعة تسحر الأوهام وتستعد الافهام.
قرأت في كتاب العروس في فضائل تنيس تأليف القاضي أبي القاسم عبد المحسن بن عثمان بن غانم الخطيب قال: وأما شعراء هذه المدينة، من أهلها ومن قطنها منهم، ودخلها، فمن أهلها، ولو لم أجد سواه لكفى كما قيل: والناس ألف منهم كواحد، وواحد كالألف، إن أمر عنا: فهو أبو محمد الحسن بن علي ابن وكيع، وقبره الآن بها في المقبرة الكبرى، وله في كتاب مصنف في سرقات أبي الطيب المتنبي تأليفه، وهو يجمع فضلاً جامعاً، وعلماً كثيراً بارعاً في عدة مجلدات، وديوان شعر ابن وكيع هذا أيضاً عليه أربعة مجلدات على حروف المعجم.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي الفتح بن يحيى الكناري الموصلي الصفار قال: أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد ابن محمد بن عبد القاهر الطوسي الخطيب قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد الشاشي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد المقرئ التميمي قال: أنشدنا أبو محمد بن النحاس قال: أنشدني أبو محمد الحسن بن محمد بن وكيع التنيسي لنفسه:
حاسبني الدهر على ما مضى ... بدّل فرحاتي بترحات
فليته جازي بما نلته ... لكنه أضعف مرّات
أنبأنا أبو حامد محمد بن أبي جعفر عبد الله بن محمد بن عبد الملك الهاشمي، إن شاء الله قال: أخبرنا القاضي أبو محمد عبد القاهر بن علوي بن عبد القاهر ابن المهنا المعري قال: أنشدني والدي رحمه الله قال: أنشدني عمي - يعني - أبا نصر الناظر قال: أنشدني أبو الحسن علي بن وكيع التنيسي وفد علينا المعرة، لنفسه في الروض:
أما ترى الروض كيف قد أظهر ... بدائعاً كان حسنها يستر
وابتسمت زهرة الزمان لنا ... عن الربيع المحبب الأزهر
حاك لنا من ثيابه حللاً ... جوّد في نسجها وما قصر
صّوره الله كي يشوقنا ... إلى جنان النعيم إذ صوّر
كأن طرف الزمان أبصره ... فشاقه حسن ذلك المنظر
فظلّ مستعبر الجفون هوى ... له ولولا الهوى لما استعبر
أخجل حسن السماء فاحتجبت ... بسحبها خجلة فما تظهر
أودع أسراره الثرى زمناً ... ثم انثنى معلناً لما أضمر
فالأرض تثني على السحاب بما ... درهم من نورها وما دنّر
انظر بعينيك نحو نرجسه ... فحسنه فوق كلما يظهر

كأنه والعيون ترمقه ... كواكب في سمائها تزهر
أحاط مبيضّه بصفرتة ... فراق بالحسن طرف من أبصر
حاكي خواتيم فضة جدد ... مفضضات بأصفر الجوهر
انظر إلى روضة البنفسج ... والآس على جانبه قد خطّر
كمطرح أزرق أحيط على ... أرجائه فروز له أخضر
يشق تلك الرياض منفجراً ... جدول ماء بفيضه يزخر
كأنه والشقيق منبسط عليه ... من جانبيه قد أزهر
ساق من الروم شقّ من طرب ... عن يقق الصدر قرطقاً أحمر
فالروض يحكي لنا الجنان وما جرى ... من الماء فيه كالكوثر
قم تغنم طيبه ولذته ... فليس في ترك ذا امرؤ يعذر
واغد إلى متجر الصبي عجلاً ... فتاجر اللهو مربح المتجر
قرأت في تاريخ مختار الملك محمد بن عبيد الله بن احمد المسبحي في حوادث سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة قال: وفيه - يعني شهر ربيع الآخر - توفي أبو محمد ابن وكيع الشاعر، ويلقب بالعاطس بتنيس يوم الثلاثاء لسبع بقين منه، وكان شاعراً مليح الشعر، مطبوعاً حلو الألفاظ، وكان في كلامه حكله.
الحسن بن علي بن أحمد كياءك العطار: أبو علي الطبري حدث بحلب، وسمع منه بها أبو معشر عبد الكريم بن عبد الصمد الطبري وعده في جملة شيوخه.
قرأت بخط الحافظ أبي الطاهر السلفي، نفر من شيوخ أبي معشر الطبري، فذكر جماعة، ثم قال: قال أبو معشر الطبري: سمعت بمصر على إسماعيل الحداد، وذكر غيره، وقال: وسمعت بحلب على أبي علي الحسن بن علي بن أحمد كياكي - كذا - العطار الطبري، وبخطه في الحاشية كياءك.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
الحسن بن علي بن إسحق بن العباس أبو علي الطوسي: الوزير المعروف بنظام الملك ويعرف بخواجا بزرك، وخواجا بالفارسية الوزير، وبزرك العظيم، وزر للسلطان العادل ألب أرسلان بن جغري بك، وقدم معه حلب في سنة ثلاث وستين وأربعمائة حين قدمها محاصراً لها.
ثم وزر بعده لولده السلطان ملكشاه أبي الفتح، وقدم معه حلب سنة تسع وسبعين وأربعمائة، وسمع بحلب أبا الفتح عبد الله بن إسماعيل بن الجلي الحلبي، وروي عن أبي عبد الله بن محمد الطوسي، وأبي بكر محمد بن يحيى بن إبراهيم المزكي، وأبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري، وأبي حامد أحمد بن الحسن الأزهري، وأبي بكر محمد بن أحمد بن محمد الصفار، وأبي بكر محمد بن أحمد ابن الحسن الطاهري، وأبوي منصور: شجاع بن علي بن شجاع المصقلي الشيباني، ومحمد بن أحمد بن علي القاضي، وأبي نصر علي بن عبد الله الكاغدي، وأبي بكر أحمد بن منصور بن خلف المقرئ، وأبي القاسم إسماعيل بن زاهر الطوسي، وأبي الحسين علي بن عبد الله بن أحمد، وأبي مسلم محمد بن علي بن مهر برد الأديب، وأميرك بن أحمد، وأحمد بن عبد الرحمن الصائغ، وأبي عبد الله عبد الرحمن ابن عبد الله المذكر، وأبي الحسن علي بن محمد بن يحيى المرندي، وغيرهم.
روى عنه أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف بن عمر الأرموي، وأبو الصمصام ذو الفقار بن محمد بن معبد الحسني، وأبو الفتح نصر الله محمد بن عبد القوي اللاذقي، وأبو نصر محمد بن محمود الشجاعي، وأبو محمد الحسن ابن منصور السمعاني، وأبو القاسم نصر بن نصر الواعظ العكبري، وأبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، وأبو الفتح محمد بن عبد الله البسطامي، وأبو سفيان محمد بن أحمد العبدوسي، وأبو بشر مصعب بن عبد الرزاق المصعبي، وأبو الحسين محمد بن محمد بن محمد السهلكي، وأبو القاسم: علي بن طراد الزينبي، وإسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ، وأبو الفضل محمد بن أبي نصر بن المسعودي، وأبو غالب محمد بن إبراهيم الصيقلي، وأبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا، وغيرهم.
وعقد مجلس الإملاء لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان وزيراً عادلاً سائساً قيماً بأمور المملكة فاضلاً، عالماً، جواداً، حليماً، كثير الصدقة والمعروف، ووقف عدة مدارس لطلبة العلم، وكان كثير المخالطة لأهل العلم، مكرماً لهم، حسن الأخلاق.

أخبرنا أبو البكرات داود بن أحمد بن محمد بن ملاعب البغدادي - قراءة عليه بدمشق - قال: أُخبرنا القاضي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن عبد الله بن موهوب بن البناء - بدمشق - قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن نصر الواعظ العكبري، قالا: حدثنا الصاحب الأجل العالم العادل، نظام الملك، قوام الدين، غياث الدولة، وشمس الملة، أتابك أبو علي الحسن بن علي بن إسحق رضي أمير المؤمنين، إملاءً في يوم الثلاثاء ثالث عشر المحرم من سنة ثمانين وأربعمائة، بالمدرسة ببغداد، قال: أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن منصور بن خلف المقرئ بنيسابور، قال: حدثنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحق بن خزيمة قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا مالك بن أنس عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الأنصاري عن أبي قتادة السلمي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا جاء أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد المروزي قال: أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي بدمشق قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن إسحق الوزير بأصبهان قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد ابن محمد الطوسي قال: حدثنا أبو عبد الله بن محمد الخازمي قال: حدثنا عبد الله ابن عمر بن علك قال: حدثنا عبدان بن محمد الزاهد: قال: حدثنا علي بن عيسى قال: حدثنا خلف بن تميم قال: حدثنا عبد الله بن السري عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا لعن آخر هذه الأمة أولها، فمن كان عنده علم فليظهره، فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة بقراءتي عليه قال: أخبرنا والدي أبو الفضل هبة الله بن محمد.
وأخبرنا أبو هاشم الحلبي قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي المظفر، قالا: أخبرنا أبو الصمصام ذو الفقار بن محمد بن معبد الحسني - بقراءتي عليه بالموصل - قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن إسحق الوزير بأصبهان قال: حدثنا أبو بكر محمد ابن يحيى بن إبراهيم المزكي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن داود بن سليمان قال: حدثني إبراهيم بن عبد الواحد قال: حدثنا وريزة بن محمد الغساني قال: حدثنا الفضل بن محمد عن أبيه عن جده قال: قيل لعبد الله بن عباس كم تكتب العلم؟ فقال: إذا نشطت فهو لذتي، وإذا غتممت فهو سلوتي.
قرأت في كتاب زينة الدهر لأبي المعالي سعد بن علي الحظيري الكتبي، وذكر نظام الملك وقال: وبلغني أنه كان يقول الشعر، والذي وقع إلي من شعره، وهو بديع، وكان عند كبره يتكئ على عصا.
بعد الثمانين ليس قوة ... لهفي على قوة الصبوة
كأنني والعصا بكفي ... موسى ولكن بلا نبوة
قال الحظيري: وله:
أتذكرها وقد خرجت عشياً ... بأتراب لها كالعين رود
فمدت من أصابعها وقالت ... خضبناهن من علق الوريد
نقلت من مجموع بخط ولد أسامة بن مرشد بن منقذ، وقال خواجه بزرك رحمه الله:
أأحبابنا لا شتت الدهر شملكم ... ولا ذقتم من لوعة البين ما عندي
تحملتم لي كلكم شوق واحدٍ ... وحملتموني شوق كلكم وحدي
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال: قرأت بخط أبي محمد عبد الله بن أحمد بن السمرقندي: مولده - يعني الصاحب نظام الملك - يوم الجمعة الحادي والعشرين من ذي القعدة سنة ثماني وأربعمائة.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل القاضي، عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن أبي نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال في كتاب الإكمال: بزرك بفتح الباء، وبعدها زاي مضمومة، ثم راء ساكنة، فهو نظام الملك، قوام الدين، غياث الدولة، رضي أمير المؤمنين، أبو علي الحسن بن علي بن إسحق، يعرف بين العجم بالبزرك، ومعناه العظيم، سمع الكثير، وحدث، وأملي بخراسان جمعاً، وبالثغور، وبقوهستان وغيرها من البلاد، وسمعت منه إملاء بالري، وسمعت منه بنواحي خت، وبقراءة غيري، وكان ثقة، ثبتاً، متحرياً، فهماً، عالماً.

وقال ابن ماكولا في موضع آخر من الكتاب المذكور: أما نظام فهو نظام الملك، قوام الدين، غياث الدولة وزين الوزراء، أبو علي الحسن بن علي بن إسحق، ولد بطوس، وسمع الكثير، وحدث بمرو، ونيسابور، والري وأصبهان، وبغداد، وجميع بلاد خراسان، وبلاد أران وهي جنزه وبرذعه، وبيلقان، وسائر البلاد.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن أبي بكر السمعاني قال: الحسن بن علي بن إسحق بن العباس الطوسي، أبو علي الوزير نظام الملك، العالم العادل، كعبة المجد، ومنبع الجود، ومعدن الكرم والأفضال، ذو القلم الماضي، واللسان القاضي، والمعدله، والأمانة، والصلاح، والديانة؛ وكان صاحب أناة، وحلم، ووقار، وصفح، وصمت، وكان مجلسه عامراً بالقراء والفقهاء، وأئمة المسلمين وأعلام الدين، وأهل الخير، والستر، والصلاح؛ وصار مثل الكعبة، يقصده كل أحد من الأقطار؛ وأمر ببناء المدارس في الأمصار، ورغب في العلم كل أحد، سمع الحديث الكثير، وأملى في البلاد، وحضر مجلسه أكثر الحفاظ والمحدثين، ورغبوا في السماع منه لعلو رتبته، وارتفاع درجته.
وأما ابتداء حالته: فإنه كان من أولاد الدهاقين: وأرباب الضياع بناحية بيهق، وقصبة الراذكان من نواحي طوس، قيل إنه نفي عن والدته رضيعاً. وإن أباه كان يطوف به على المرضعات فيرضعه حسبة حتى شب، ولم يدر أحد مكنون سر الله في أمره، فنشأ، وساقه التقدير إلى أن علق به شيء من العربية، وقاده ذلك إلى الشروع في رسوم الاستيفاء، فلم يزل الدهر يعلو به، وينخفض حضراً وسفراً. وكان يطوف في بلاد خراسان، ووقع إلى غزنة في صحبة بعض المتصرفين إلى أن تنبه بخته. وحان وقته، ووقع في شغل أبي علي بن شاذان المعتمد عليه ببلخ من جهة الأمير جغري حتى حسن حاله عند ابن شاذان. وظهر أثر خدمته. ولاحت آثار كفايتهن وصار معروفاً عند ذي أمره، إلى أن توفي أبو علي بن شاذان، فذكر أنه أوصى إلى الملك ألب أرسلان، به، وذكر له كفايته وأمانته واستصلاحه لشغله، فنصبه مكانه، وصار وزيراً له. والحال بعد مستورة، والدولة مغمورة إلى أن انتهت الدولة الركنية نهايتها، وكانت ولاية مرو لألب أرسلان ملكاً، وهو الوزير المتمكن من الأمر، فاتفقت وفاة طغرلبك، ولم يكن له من الأولاد من ينوب منابه، فتوجه الأمر إلى ألب أرسلان، وتعين للسلطنة، فتحرك عن مرو، والوزير يرتب أمره. ويرتب قواعد ملكه حتى زحف إلى نيسابور. وإلى العراق، وخطب له على منابر خراسان، والعراق.
وارتفع أمر الصاحب. وصار سيد الوزراء. صافياً له الورد من سنة خمس وخمسين وأربعمائة. وانقضت أيام فترة المذاهب والرسوم الممقوتة في الدولة الماضية. وأظهر الله مكنون سره في دولة نظام الملك فجرى له من الرسوم المستحسنة، ونفي الظلم، واسقاط المؤن والقسم، وحسن النظر في أمور الرعية، وتقدير المعاملات على سنن الانصاف والعدل. وضبط الأمور، واستقامت الأحوال، ورتبت الدواوين، أحسن ترتيب، وتزينت الأقطار بآثار العدل والانصاف، وكان من أكفى الكفاة والسلطان من أعدل الولاة، فصفي العيش وأطردت التجارات، وأهلت الطرق، وقل أهل العيث والفساد، وأخذ الوزير في بذل الصلات وبناء المدارس والمساجد والرباطات وتحصين العمارات بالوقاف الدارة، وتزيين المدارس بخزائن الكتب المودعة فيها، المشتملة على نفائس الأعلاق؛ ثم اسكان البقاع طلبة العلم والمدرسين في كل فن من الفنون. وكل ذلك من الأسباب الموثقة للملك، والبذور.

حتى انقضت النوبة للسلطان ألب أرسلان بعد استكمال عشر سنين، إلى سنة خمس وستين وأربعمائة، وطلع نجم الدولة الملكشاهية، وظهرت كفاية نظام الملك بعد تقدير الله، في تقرير تلك المملكة، مع اتفاق الوقعة الهائلة للسلطان عند قصدهم ما وراء النهر، وطغاء الخصوم اللد من كل ناحية، وتزاحم الأولاد المستعدين للملك، حتى توطدت أسباب الدولة، واستقام الأمر، فصار الملك حقيقة لنظامه ورسماً واسماً للسلطان، فما كان له إلا إقامة رسم التخت والاشتغال باللهو والصيد، وكان تحمل إليه الأحمال المجلوبة من الأقطار، والدهر وسنان، والسعد جذلان، والنحس خزيان، واستمر على ذلك عشرون سنة اتفقت لهم فيها غزوات إلى الروم، وظفر منها بطرف الدنيا من الأموال، والعبيد، والدواب وغيرها؛ ثم نهضات إلى الموصل، وحلب وتلك الديار، وحركات إلى ما وراء النهر، وكان في أثناء ذلك ظهور خصوم من الأطراف يتمنون أماني فلا يدركونها، ويتحركون عن مواضعهم وكانت عاقبتهم تؤول إلى أنهم يتركونها، وكل ذلك بكمال كفاية نظام الملك، وتمهيده القواعد، وبركة أيامه، وسعادة جده.
إلى أن انتهى الحال إلى الكمال، فما رضيت تلك النوبة المباركة، والدولة الميمونة إلا وأن تختم بعاقبة تليق بها، وما كانت إلا الشهادة. فأدركه قضاء الله في شهر رمضان شهيداً، ووجئ في الطريق بين أصبهان ومدينة السلام ليلة، ومضى إلى رحمة الله سنة خمس وثمانين وأربعمائة وما كانت إلا زوال بركته وحشمته حتى تغيرت الأمور واضطربت المملكة، وتشوشت أمور العالم، ونسيت تلك الرسوم، وما ركدت بعد سنين آثار النائرة. والظن انها لا تعود إلى مثل ذلك والله أعلم.
قال أبو سعد: سمع بأصبهان أبا مسلم محمد بن علي بن مهر برد الأديب وأبا منصور شجاع بن علي بن شجاع المصقلي، وبنيسابور أبا القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري، وأبا أحمد بن أحمد بن الحسن الأزهري، وخلقاً يطول ذكرهم.
روى لنا عنه عمي الشهيد أبو محمد الحسن بن منصور السمعاني، وأبو بشر مصعب بن عبد الرزاق المصعبي بمرو. وأبو نصر محمد بن محمود الشجاعي بسرخس وأبو الحسين محمد بن محمد بن محمد بن السهلكي ببسطام، وأبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ بأصبهان، وأبو القاسم علي بن طراد بن محمد ابن علي الزينبي ببغداد، كتب عنه املاء بجامع الرصافة، وأبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي اللاذقي، بدمشق، وأبو الفتح محمد بن محمد بن عبد الله البسطامي ببلخ.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن عن أبي منصور بن الجواليقي عن الخطيب أبي زكريا التبريزي أن فخر الملك بن نظام الملك حدثه إن والده كان يكتب للأمير ياخر صاحب بلخ، وفي رأس كل حول يصادره، ويأخذ ما معه، ويقول له: قد سمنت، ويدفع إليه فرساً ومقرعة، ويقول: هذا يكفيك، فلما طال عليه هرب منه، ولقيه أصحاب ياخر فأخذوه وهو على فرس بطيء فلقي ركابياً فأعطاه فرسه، فقويت نفسه، وهرب منهم، ودخل إلى داود بن ميكائيل، فلما رآه أخذ بيده، وسلمه إلى ولده ألب أرسلان وقال له: هذا حسن الطوسي فتسلمه، واتخذه والداً، ودخل ياخر في الحال وقال: هذا كاتبي وقد أخذ أموالي، وكان قد ركب خلفه فقال له داود: لا خطاب لك معي، والخطاب لولدي محمد، فلم يتمكن من خطابه، ولما خاطبه فيه لم يسمح به.
داود بن ميكائيل هو جغري بك، ومحمد ابنه هو ألب أرسلان، ولكل واحد من الملوك السلجوقية اسمان، اسم عربي واسم تركي.
أخبرنا عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال: سمعت أبا منصور علي بن علي بن عبد الله الأمين يقول: سمعت الأمير أبا الحسن العبادي يقول: حين جاءنا نعي نظام الملك في شهر رمضان سنة خمس وثمانين - قال: كنت بسرخس في مجلس شيخي أبي علي الفارمذي فقال في أثناء كلامه: وهذا الحسن سد للفتن، مشفق على المسلمين، وكان يشير إليه - فنظرت فإذا النظام جالس تحت سريره - ثم قال الأمير العبادي: أخاف بعد قتله ظهور الفتن، فإن الشيخ قال: هو سد للفتن.

أخبرنا عبد المطلب قال: أخبرنا أبو سعد بن أبي بكر بن أبي المظفر قال: قرأت بخط والدي رحمه الله: سمعت الفقيه الأجل أبا القاسم، يعني عبد الله بن علي بن إسحق، أخا نظام الملك يقول: كان أخي نظام الملك يملي بالري، فلما فرغ قال: إني لأعلم أني لست أهلاً لما أتولاه من هذا الإملاء، لكني أريد أربط نفسي على قطار بغلة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال: قال والدي رحمه الله، وسمعته - يعني الفقيه الأجل - يقول: سمعته - يعني نظام الملك - يقولك مذهبي في علو الحديث غير مذهب أصحابنا، إنهم يذهبون إلى أن الحديث العالي ما قل رواته، وعندي: إن الحديث العالي ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن بلغت رواته مائة.
قرأت بخط الحسن بن جعفر بن عبد الصمد بن المتوكل، وأنبأنا به الحسن ابن المقير عنه، قال: حدثني الشيخ الإمام أحمد بن محمود بن إبراهيم الضرير الآزجي المعروف بابن الصياد، صاحب الشيخ أبي سعد المعمر بن علي بن المعمر، الواعظ المعروف بابن أبي عمامة قال: سمعت من لفظ الشيخ أبي سعد الواعظ قال: لما قدم السلطان ملك شاه إلى بغداد، كان وزيره الحسن بن علي بن إسحق، نظام الملك، في سنة ثمانين وأربعمائة، قصد الناس نظام الملك، واستجدوه، وكثر عليه الناس والشعراء، فلم يرد أحداً ممن قصده، حتى قيل إنه لما خرج إلى النهروان تقدم بأن يثبت ما خرج منه مدة مقامه، فكان مائة ألف ونيف وأربعين ألف دينار.
أخبرنا أبو هاشم بن أبي المعالي الحلبي قال: أخبرنا عبد الكريم بن محمد ابن منصور قال: وقرأت بخط والدي: سمعت الفقيه الأجل يعني أبا القاسم عبد الله بن علي بن إسحق يقول: كنت بمكة، وأردنا الخروج إلى عرفات، فأخبرني رجل أن إنساناً من الخراسانية مات في بعض الزوايا، وأنه انتفخ وفسد، ولزمني القيام بحقه لما أديت من الأمانة إليّ فيه، فتمكثت لذلك.
قال: فرآني بعض من كان يأتمنه الصاحب نظام الملك على أمور الحاج فقال لي: ما وقوفك ها هنا والقوم قد ذهبوا؟؟؟! فقلت: أنا واقف لكذا وكذا، فقال: إذهب ولا تهتم لأمر هذا الميت، فإن عندي خمسين ألف ذراع من الكرباس لتكفين الموتى من جهة الصاحب نظام الملك.
أخبرنا أبو هاشم بن أبي المعالي قال: أخبرنا تاج الإسلام أبو سعد السمعاني قال: وكان أكثر ميله إلى الطائفة المتصوفة مع الإيمان بما كانوا يتوسلون به إليه من فنون الرؤيا، فيقبلهم على ذلك، ويقربهم، وينجح حوائجهم، ويوصل إليهم مآربهم، ويقضي ديونهم ويدر عليهم الادرارات والمرسومات.
وحكي عن بعض المعتمدين أنه قال: حاسبت مع نفسي وطالعت الجرائد فبلغ ما قضاه الصدر من ديون وأحمد من المتنمسين المقبولين عنده في مدة سنين يسيرة ثمانين ألف دينار حمر، وكان صادقاً فيما حكاه.
نقلت من خط عماد الدين أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب، وأنبأني عنه أبو الحسن محمد بن أبي جعفر وغيره، قال: ومناقب نظام الملك أكثر من أن تحصى، وحكى من أحضر محاسبة ابن اسمحا اليهودي بإحالاته وتوقيعاته، فوجدها في أشهر قد اشتملت على ثلاثين ألف دينار، ليس فيها توقيع إلا لفقيه، أو فقير، أو شريف، أو لرجل من أهل بيت.

أخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد قال: سمعت أبا الفضل مسعود بن محمود الطرازي ببخارى يقول: سمعت شيخنا الحسن بن الحسين الأندقي يحكي عن عبد الله الساوجي أنه قال: كان الوزير نظام الملك استأذن السلطان ملك شاه في سفر الحج، فأذن له، وكان ببغداد، فعبر الدجلة، وعبروا بالقماشات والآلات، وضربت الخيام على شط الدجلة، فكنت أريد أن أدخل إليه يوماً، فرأيت على باب الخيمة واحداً من الفقراء يلوح من جبينه سيماء القوم، فقال لي: يا شيخ أمانة توصلها إلى الصاحب، نعم، فأعطاني رقعة مطوية، فدخلت، ولم أنشر الرقعة، وما نظرت فيها، وحفظت الأمانة، فوضعت الرقعة بين يدي الوزير فنظر فيها، فبكى بكاء كثيراً حتى ندمت، وقلت في نفسي: ليتني كنت نظرت فيها، فإن كان شيء بسوءه ما دفعته إليه، ثم قال لي: يا شيخ أدخل علي صاحب الرقعة، فخرجت فلم أجده، فطلبته فلم أظفر به، فأخبرت الوزير أني لم أجده، فدفع إليّ الرقعة، فإذا فيها: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال لي: اذهب إلى الحسن وقل له أين تذهب إلى مكة، حجك ها هنا، أما قلت لك أقم بين يدي هذا التركي وأغث أصحاب الحوائج من أمتي؟ فرجع النظام وما خرج.
قال: وكان يقول لي الوزير مرات: لو رأيت ذلك الفقير حتى نتبرك به، فرأيته يوماً على شط الدجلة وهو يغسل خريقات له، فقلت له: إن الصاحب يطلبك، فقال: مالي وللصاحب، كانت عندي أمانة فأديتها.
قال أبو سعد: وعبد الله الساوجي هو عبد الله بن حسنويه بن إسحق الساوجي من أهل ساوة، نفق سوقه على الوزير نظام الملك حتى أنفق عليه وعلى الفقراء بإشارته واقتراحه في مدة يسيرة قريباً من ثمانين ألف دينار حمر.
قرأت بخط أبي غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين وأنبأنا عنه صديقنا ورفيقنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار قال: وفيه - يعني محرم سنة خمس وثمانين وأربعمائة - مرض نظام الملك، فلم يداو نفسه بغير الصدقة فعوفي.
أخبرنا أبو هاشم بن الفضل العباسي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: وأما ميله - يعني نظام الملك - إلى أهل العلم، ورغبته في أولي الفضل فهو أنه لا يخلو مجلسه عنهم في أي قطر كان، وكان بابه مجمع الأفاضل من الفقهاء للمناظرة بين يديه، والشعراء والمترسلين يعرضون بضائعهم عليه، فيقابل كل أحد بما يليق به من خلعة أو صلة، أو إدرار على قدر حاله.
قال: سمعت أبا محمد عبد الله بن محمد بن حماد الطحان بقاسان يقول: سمعت عبد الله بن هرون البزاز يقول: كان نظام الملك في مجلس الشيخ أبي علي الفارمذي، فبكى حتى ابتل ثيابه، فقال له: لا تبك كي ترشوي، يعني تصير ثيابك مبلولة؛ ثم قال بعد ساعة: لو كانت الدنيا بحذافيرا لإنسان وأنفقها في المصالح وسبل الخير لا يصل إلى الله بها؛ ثم قال بعد ساعة: ينتقل من الدست إلى موضع الحساب، وقال بالفارسية: أر بيكشاه بحساب كاهت خواهند برد.
وقال أبو سعد السمعاني: سمعت أبا البركات إسماعيل بن أبي سعد الصوفي ببغداد مذاكرة يقول: سمعت محمد الأصبهاني، وكان مختصاً بنظام الملك، قال: كان النظام إذا دخل عليه الأستاذ أبو القاسم القشيري والإمام أبو المعالي الجويني يقوم لهما ويجلس في مسنده كما هو، وإذا دخل عليه أبو علي الفارمذي يقوم إليه ويجلسه في مكانه، ويجلس بين يديه، فقال لي أبو المعالي الجويني يوماً؛ قل للصدر عني: يدخل عليك الأستاذ أبو القاسم وهو إمام في كذا وكذا علم، لا تكرمه هذا الإكرام الذي تكرم به هذا الشيخ يعني أبا علي الفارمذي؟! قال محمد الأصبهاني: وفي ضمن هذا الكلام تعريض بنفسه أيضاً، فاغتنمت خلوة من النظام وقلت: يا مولانا إمام الحرمين قال لي: كذا على كذا، وحكيت له ما قال لي، فقال النظام: هو وأبو القاسم القشيري وأمثالهما إذا دخلوا علي يقولون لي: أنت كذا وأنت كذا، ويثنون علي، ويطرونني بما ليس في. فيزيدني كلامهم عجباً وتيهاً في نفسي، وإذا دخل علي هذا الشيخ - يعني أبا علي الفارمذي - يذكر لي عيوب نفسي وما أنا فيه من الظلم، فتنكسر نفسي وارجع عن كثير مما أنا فيه؛ ذكر لي هذا أو معناه. فإني كتبته من حفظي.

وقال السمعاني: قرأت في بعض مسودات والدي رحمه الله بالري بخطه: سمعت الفقيه الأجل أبا القاسم عبد الله بن علي بن إسحق يقول: سمعت الصاحب نظام الملك يوصي ابني ويقول: إنك شرعت في أمر - يعني الفقه - فلا تقنع فيه بالاسم، وإذا تناهيت فيه فلا تغرر بنفسك، وأيقن إن ما لا تعلم أكثر مما تعلم. ثم حكى الصاحب أن الإمام أبا حامد الغزالي الصوفي كان رحل إلى أبي نصر الإسماعيلي بجرجان، وعلق عنه، ثم رجع إلى طوس، فقطع عليه الطريق، وأخذ تعليقه، فقال لمقدم قطاع الطريق: ردوا علي تعليقتي، فقال: وما التعليقة؟ قال: مخلاة فيها كتب علمي، وقصصت عليه قصتي، فقال لي: كيف تعلمت وأنت تأخذ هذه المخلاة تتجرد من عملك، وبقيت بلا علم ! فردها علي، فقلت: هذا مستنطق أنطقه الله ليرشدني لأمري، قال: فدخلت طوس، وأقبلت على أمري ثلاث سنين حتى تحفظت جميع ما علقت، فصرت بحيث لو قطع الطريق لا أحرم علمي.
قال أبو سعد: قرأت في كتاب سر السرور لصديقنا القاضي أبي العلاء محمد بن محمود الغزنوي أن نظام الملك كان في بعض أسفاره إذ صادف راجلاً في زي العلماء قد مسه الكلال، وأضجره التعب، فقال له نظام الملك: أيها الشيخ أعييت أم أُعييت؟ فقال الرجل: أعييت يا مولانا، فتقدم إلى حاجبه ليقرب إليه بعض الجنائب، ويصلح من شأنه، وأخذ في اصطناعه، وإنما أراد ليمتحن فضله وعلمه باللغة، فإن عيي في اللسان وأعيى في المشي.
قال: وذكر أنه ولي رجلاً قضاء سرخس، فلم يرتض طرائقه فيه، فصرفه بآخر، وتوسل المعزول بشفاعة بعض الأكابر، فوقع نظام الملك على ظهر كتاب الشفاعة قلدناه أمراً عظيم الخطر، ليوم الفزع الأكبر، فأثاقل وتقاعد عن حسن القيام به، ولم يبال بالتفريط في جنب الله. ألم يعلم أنه المقلد لا المقلد !.
أخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد قال: سمعت أبا الحسن علي بن أحمد ابن الحسين اليزدي الفقيه قال: سمعت أبا نصر محمود بن الفضل الأصبهاني يقول: سمعت نظام الملك أبا علي الحسن بن علي بن إسحق الوزير برد الله مضجعه يقول: رأيت في المنام إبليس في صورة رجل طوال مصفار اللون كوسجاً فلما وقع بصري عليه عرفت أنه إبليس، فقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله، فلم يبرح من موضعه فأعدت هذه الكلمة عليه مرات بصوت، وأنا أقول في نفسي ما أعجب ذلك، هذا إبليس ولا يهرب من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فكنت في ذلك وأنا رافع صوتي بها إذ ترآى لي بيت خلف ظهره فدخل، فقلت له: يا لعين أنت خلقك الله وأمرك بسجدة واحدة، فخالفته، حتى لعنك ولعن متابعيك، وأنا الحسن ابن علي بن إسحق أمرني بالسجدة، فأسجد له كل يوم سجدات، لا جرم ما من حاجة أرفعها عليه إلا ويستجيبها لي وأنا في كل نعمه وراحة منه. فقال:
من لم يكن للوصال أهلاً ... فكل إحسانه ذنوب
أخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد قال: قرأت بخط والدي رحمه الله سمعت الفقيه الأجل أبا القاسم عبد الله بن علي بن إسحق يذكر أن الصاحب نظام الملك أخاه كان يقول: كنت أتمنى أن يكون لي قرية خالصة ومسجد أتخذ فيه لطاعة ربي، ثم بعد ذلك تمنيت أن يكون لي قطعة من الأرض بشربها، أتقوت بريعها، ومسجد أتخلى فيه لعبادة ربي في جبل، ثم الآن أتمنى أن يكون لي رغيف كل يوم، ومسجد أتعبد فيه لربي.
قال أبو سعد: قال والدي رحمه الله: وسمعته يقول: كنت ليلة من الليالي عنده وأنا على أحد جانبيه، والعميد خليفة على الجانب الآخر، وبجنب العميد خليفة فقير مقطوع اليد اليمنى، قال: فشرفني الصاحب بالمؤاكلة، وجعل يلحظ العميد خليفة كيف يؤاكل الفقير؛ قال: فتنزه خليفة من مؤاكلة الفقير لما رآه يأكل بيساره، فقال لخليفة: تحول إلى هذا الجانب، وقال للفقير: إن خليفة رجل كبير في نفسه يستنكف من مؤاكلتك، فتقدم إليّ، وأخذ يؤاكله.
وقال: قرأت بخط الإمام والدي رحمه الله: سمعت الفقيه أبا القاسم عبد الله ابن علي بن إسحق الطوسي يقول: دخل أخي نظام الملك على الإمام أبي الحسن الداوودي وقعد بين يديه، وتواضع له غاية التواضع، فقال له الإمام أبو الحسن: أيها الرجل إن الله سلطك على عبيده، فانظر كيف تجيبه إذا سألك عنهم.
قلت: هذا أبو الحسن الداوودي هو عبد الرحمن بن المظفر بن محمد بن داود ابن أحمد البوشنجي كان من اللعماء الأبرار، وهو يروي كتاب البخاري عن الحموي.

قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب، وأخبرنا أبو الحسن بن ابي جعفر إجازة عنه، قال: وكان نظام الملك من طوس، وأهل طوس، يقال لهم في اصطلاح الناس بقرطوس، وكان للخزانة صائغ يقال له حسين، حسن الصناعة في الصياغة، قال: استدعاني يوماً نظام الملك، وقال: أحضر لي قوالب لعمل سخوت، فأحضرتها له فأول ما وقعت يده على قالب فيه صورة البقر، وقد كنت غفلت عن الحديث فعجل وقال: يا أستاذ ما تخلينا من يدك فلم يترك الظرف واللطف مع جلالة قدره، وكبر سنه.
أخبرني أبو علي الحسن بن إسماعيل القيلوي بحلب قال: قرأت في بعض مطالعاتي أن الشريف أبا يعلى بن الهبارية كان له رسم على الوزير نظام الملك فنظم قطعتين من الشعر، أحديهما يمدحه فيها ويقتضيه رسمه، والأخرى يهجوه فيها، وترك الورقتين اللتين فيهما الشعر في عمامته، وحضر عند نظام الملك وأراد أن يدفع إليه الرقعة التي فيها الاقتضاء، فدفع إليه الأبيات التي هجاه فيها، وإذا فيها مكتوب:
لا غرو ان ملك ابن إسحق وساعده القدر
وصفا لدولته وخصّ أبا الغنائم بالكدر
فالدّهر كالدولاب ليس يدور إلاّ بالبقر
يعني بأبي الغنائم تاج الملك، وكان من أصحاب السلطان ملكشاه، وكان بين نظام الملك وبينه عداوة.
قال: فلما قرأ نظام الملك الأبيات وقع على رأسها يطلق لهذا القواد رسمه مضاعفاً، وناوله إياها، فأخذ ابن الهبارية الرقعة، فلما نظرها أخذ يعتذر، فقال له النظام: لا تقل شيئاً، وخذ الرقعة، وامض إلى الديوان، فمضى وأخذ رسمه.
قال: إن ابن الهبارية هجاه بعد ذلك بقوله:
لا يشمخن بأنفه ... غير الكريم المفضل
أهون بفقري والكلا ... ب على عيال أبي علي
فأهدر دمه، ثم عفا عنه، والقصة قد ذكرناها في ترجمة أبي يعلى بن الهبارية، وقيل إن الأبيات الرائية للأبيوردي، والصحيح أنها لأبن الهبارية.
قرأت بخط عبد المنعم بن الحسن بن اللعيبة في دستور جمعه قال الفقيه الأبيوردي يهجو خواجا بزرك وزير السلطان ملك شاه رحمه الله، وهو الوزير أبو علي الحسن بن إسحق.
لا غرو أن وزر ابن إسحق وساعده القدر
وصفت له الدنيا وخص أبو الغنائم بالكدر
فالدهر كالدولاب ليس يدور إلاّ بالبقر
ولما تمت هذه الأبيات إلى الوزير رحمه الله استدعى الأبيوردي وكانت أياديه عنده جمة، وله عليه رسوم في كل سنة لها قيمة كبيرة، فلما مثل بين يديه قال له: يا هذا بم استوجبت منك أن تهجوني تعصباً لعدوي علي؟ وهذا أبو الغنائم الذي ذكره هو تاج الملك عدو الوزير، فأنكر أن هذا شعره، فقال له الوزير: إن لزمت الإنكار أحضرت من أنشدنيها، فوافقك عليها، ومع هذا فأنت تعلم مالي عندك من الأيادي التي لا تذكر، وما كنت تسألني فيه من الحوائج التي تؤخذ عليها الأموال مع الرسوم، فلاذ الفقيه بالعذر، واعترف أنها من جملة غلطاته التي لا تستقال، وعثراته القبيحة، فقال له الوزير: لا شك أن الرسوم التي لك لا تكف ولا تكفي، وقد تقدمت بأضعافها لك، فاقبضها ولا تغلط بعد ذلك.
ونقلت من خط العماد الكاتب أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد وذكر شعراً... العجم فيه - يعني في نظام الملك: إن الله أقام الأرض على قرن ثور وملكها الثور.
أخبرنا أبو هاشم الصالحي قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي بكر المروزي قال: أنشدني كيخسره بن يحيى بن باكير الفارسي من حفظه أملاه علي قال: أنشدني أبو زكريا يحيى بن علي التبريزي للسيد العلوي البلخي:
تولى الأرض أعجاز لئام ... وباد سوالف كرمت وهاموا
كذاك الدور إن خربت وأقوت ... تولاهن أصداء وهام
قال عبد الكريم: قال لي كيخسره بن علي: قال لي أبو زكريا التبريزي: قاله السيد البلخي لما أفضت الوزارة إلى نظام الملك في حقه، فلما بلغ البيتان إليه أرسل بي إليه، واستأذن في زيارته، فأذن فزاره وحمل معه بمائة ألف درهم أغراضاً ودنانير واعتذر إليه وكأنه هجاه بهذين البيتين، ثم تعاهدا على أن يعود على شغله في الاستيفاء فوفيا بالعهد إلى أن مات.

أخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد قال: سمعت محمد بن يحيى بن منصور الجنزي الإمام يقول: سمعت في حياة والدي رجلاً يقول: أقام والدي في حجرة النظام الوزير ثلاثة أيام بلياليها ما أكل فيها ولا شرب، وكان الفراش قد نسي أن يقدم له شيئاً إلى أن تنبه النظام لذلك، فقام بنفسه وحمل إليه الطعام بنفسه.
قال الإمام محمد بن يحيى: فحكيت هذه الحكاية لوالدي، فسكت.
قرأت بخط أبي الحسن علي بن مرشد بن علي بن منقذ في تاريخه قال: حدثني أبي عنه - يعني عن نظام الملك - قال: كان رجلاً يصوم الدهر، وله في أصبهان أربع نسوة يعمل له في كل دار طعام ولأصحابه ومن يكون عنده بقيمة وافية، فأي دار أراد أن يجلس بها كان الطعام الكثير معداً له - كما قال: عشرة رؤوس غنم مشوية، وعشرة ألوان وعشر جامات حلواء.
سمعت القاضي أبا عبد الله محمد بن يوسف بن الخضر الحنفي قاضي العسكر رحمه الله، وقد جرى ذكر نظام الملك وميله إلى أهل العلم، يقول: كان نظام الملك يتعصب للشافعية كثيراً، فكان يولي الحنفية القضاء، ويولي الشافعية المدارس، ويقصد بذلك أن يتوفر الشافعية على الاشتغال بالفقه، فيكثر الفقهاء منهم، ويشتغل القضاة بالقضاء، فيقل اشتغالهم بالفقه ويتعطلون.
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب، وأنبأنا عنه أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن القاضي وغيره قال: كان عثمان بن جمال الملك بن نظام الملك رئيس مرو، وهناك شحنة مرو مملوك السلطان بردي فقبض عليه لأمر جرى منه، ثم أطلقه، فجاء مستغيثاً، فنفذ السلطان تاج الملك، ومجد الملك وجماعة أرباب دولته وقال لهم: أمضوا إلى خواجه حسن وقولو له: إن كنت شريكي في الملك فلذلك حكم، وإن كنت تابعي فيجب أن تلزم حدك، وهؤلاء أراذل قد استولى كل واحد منهم على مملكة، فواحد ببلخ، وواحد بهراة، وواحد ببلد كذا، ثم لا يقنعهم ذلك حتى يتجاوزوا حدودهم في سفك الدماء؛ وقال للأمير بكبرد، وكان من خواصه كن معهم حتى لا يحرفوا ما يقول.
فأتوا إلى نظام الملك وقالوا له، فقال: نعم، قولوا له: أما علم أنني شريكه في الملك، أو ما يذكر حين قتل أبوه كيف قمت بتدبير أمره، واعلموا أن ثبات القلنسوة معذوق بفتح هذه الدواة، ومتى أطبقت هذه، زالت تيك التي يقر؛ فقال له الرسل: قد كبرت يا مولانا وقد ضجرت، وقد اثر فيك الأمران وعدلا بك عن الرأي الذي الذي ما زالت الآراء معه، فقال لهم: قولوا للسلطان عني ما أردتم، فقد دهمني ما لحقني من توبيخه، فلما خروا من عنده قالوا: الصواب أن لا نذكر ما قاله، وعرفوا بكبرد حرمة مكانه، وسألوه أن لا يخبر بما جرى، فلم يفعل، ومضى بكبرد من حالة، وأخبر السلطان، وبكر الجماعة فوجدوا السلطان جالساً ينتظرهم فقال لهم: ما قال لكم؟ قالوا: قال أنا وأولادي عبيد دولته، فقال السلطان: لم يقل هكذا، ثم وقع التدبير في أمره.
وقال: في ليلة السبت عاشر شهر رمضان قتل نظام الملك في نهاوند، بين نهاوند والسحنة وهو سائر مع العسكر إلى بغداد، وذلك بعد أن فرغ من أفطاره، وتفرق من كان على طبقه من العلماء والفقراء والأجناد، وحمل في محفة إلى مضرب حرمه، فأتاه صبي ديلمي في صورة مستميح أو مستغيث، فضربه بسكين كانت معه فقضى عليه، وهرب، فوقع في عثرة عثرها بطنب خيمة فأدرك فقتل، وركب السلطان ملك شاه إلى مخيم نظام الملك، وسكن معسكره.
وحكي أن أحد الصالحين قال نظام الملك وهم في الإفطار: رأيت في بارحتنا كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاك وأخذك فتبعته، فقال ارجع أيها الرجل فلهذا أبغي، فأولها.
نقلت من خط أبي غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين وأنبأنا به عنه رفيقنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار قال: وفي ليلة السبت عاشر شهر رمضان - يعني من سنة خمس وثمانين - قتل نظام الملك، قوام الدين، أبو علي الحسن بن علي بن إسحق رضي الله عنه قريباً من نهاوند، وهو سائر مع العسكر في محفته، فضربه صبي ديلمي في صورة مستميح أو مستغيث، بسكين كانت معه، فقضى عليه، وأُدرك فقتل، وجلس لعزائه عميد الدولة ابن جهير ببغداد.
وفضائله المشهورة في كل مكان وزمان تنوب عن لسان مادحه، وأفعاله الصالحة من المدارس، والربط، والقناطر، والجسور، والصدقات الدارة باقية على الأيام.

وتحدث الناس أن قتل نظام الملك كان برضى من السلطان وتدبير تاج الملك أبي الغنائم، وإشارة تركان خاتون لأنهم كانوا عزموا على تشعيث خاطر المقتدي، وكان نظام الملك يمنعهم من ذلك.
قال ابن الحصين: وبلغني أن أبا نصر الكندري لما عزل عن وزارة السلطان، ///الحسين بن عبد الله الخادم: مولى الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي، رابط بعين زربة مدة مديدة، وروى فيها عن مولاه الحسن بن عرفة.
روى عنه أبو عمرو لاحق بن الحسين بن عمران بن أبي الورد الأندلسي.
أنبأنا أبو نصر بن هبة الله قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن الأكفاني قال: حدثنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا أبو العباس الفضل بن سهل بن محمد الصفار المروزي قال: حدثنا أبو عمرو لاحق بن الحسين بن عمران بن أبي الورد الأندلسي قال: حدثنا حسين بن عبد الله الخادم مولى الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي بعين زربة، وكان مرابطا بها نحوا من نيف وعشرين سنة، قال حدثنا الحسن بن عرفه قال: قدم عبد الله بن المبارك البصرة فدخلت عليه فسألته أن يحدثني فأبى، وقال: أنت صبي.
قال الحسن بن عرفه: فأتيت حماد بن زيد فقلت: يا أبا اسماعيل دخلت على ابن البارك فأبى أن يحدثني فقال: يا جارية هات خفي وطيلساني، وخرج معي يتوكأ على يدي حتى دخلنا على ابن المبارك فجلس معه على السرير فتحدثا ساعة، ثم قال له حماد: يا أبا عبد الرحمن ألا تحدث هذا الغلام؟ فقال ابن المبارك: يا أبا اسماعيل هو صبي لا يفقه ما يحمله، قال حماد: حدثه يا أبا عبد الرحمن، فلعله والله أن يكون آخر من يحدث عنك في الدنيا، قال الحسن بن عرفه: رحم الله حمادا ما كان أحسن فراسته، أنا آخر من حدث عن ابن المبارك، وذكر تمام الحكاية.
الحسين بن عبد الله الصيرفي:
سمع بحلب محمد بن حماد الدوري، روى عنه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم الحافظ.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا الإمام أبو الفتوح أسعد بن أبي الفضائل بن خلف العجلي - قراءة علي وأنا أسمع بأصبهان - قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن محمد بن الفضل - قراءة علي وأنا أسمع - قال: اخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الله بن خلف، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثني الحسين بن عبد الله الصيرفي قال: حدثني محمد بن حماد الدوري بحلب قال: أخبرني أحمد بن القاسم بن نصر بن دوست قال: حدثنا حجاج ابن الشاعر قال: اجتمع أحمد بن حنبل، و يحيى بن معين، وعلي بن المديني في جماعة منهم، اجتمعوا فتذاكروا أجود الأسانيد الجياد، فقال رجل منهم: أجود الأسانيد سعد عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عامر أخي أم سلمة عن أم سلمة.
وقال علي ابن المديني: أجود الأسانيد ابن عون عن محمد عن عبيدة عن علي.
وقال: أبو عبد الله الزهري عن سالم عن أبيه. وقال يحيى: الأعمش عن ابراهيم عن علقمة عن عبد الله، فقال له إنسان: الأعمش مثل الزهري؟ فقال: برئت من الأعمش أن يكون مثل الزهري، الزهري يرى القرض والاجارة، وكان يعمل لبني أمية، وذكر الأعمش فمدحه، فقال فقير صبور مجانب للسلطان، وذكر علمه بالقرآن وورعه
الحسين بن عبد الله الانطاكي:
حدّث.
روى عنه أبو عمرو محمد بن علي بن الحسن بن خليل القطان.
الحسين بن عبد الله الارتاحي:
من قرية بين أنطاكية وحلب يقال لها أرتاح بالقرب من ثغر حارم، وهي قرية جامعة، وكان بها حصن مانع.
روى عن عبد الله بن خبيق الانطاكي.
روى عنه عم أبي أبي نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ يعقوب. قرأت من أماني أبي نعيم الاصبهاني: حدثنا أبي رحمة الله قال: قرأت في كتاب يعقوب أخي جدي حديثا، قال: حدثنا الحسين بن عبد الله الارتاحي قال: حدثنا عبد الله بن خبيق، قال: حدثنا يوسف بن أسباط قال: جاء رجل إلى أستاذنا سفيان الثوري فقال: إني أريد أن آتي الشام فأقيم في بعض حصونها فأعبد ربي فيه؟ فقال له سفيان: أوصيك بوصية، إذا أتيت الشام واتخذت فيها مائة صديق فاترك تسعة وتسعين وكن في الواحد شاكا.
الحسين بن عبد الله البغراسي:
من أهل بغراس حصن مذكور بالقرب من أنطاكية وقد ذكرناه في ديباجة كتابنا هذا.

روى عن أبي بحر عبد العزيز بن قرى الثغري التميمي، روى عنه القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الغفار بن ذكوان البعلبكي.
ذكر من اسم أبيه عبد الرحمن ممن اسمه الحسين
الحسين بن عبد الرحمن بن طاهر بن محمد بن محمد بن الحسين الكرأبيسي:
ابن علي أبو عبد الله بن العجمي الحلبي كان أبوه عبد الرحمن بن طاهر من أهل نيسأبور فانتقل إلى حلب، وأمام بها وعرف بالعجمي، وولد له بها أولاد ثلاثة: طاهر والحسين هذا، والحسن، فأما الحسين وطاهر فلا عقب لهما والعقب من ولده الحسن، وكان أبو عبد الله الحسين من ذوي الزهد والدين والورع وكان يميل إلى عقيدة الحنابلة وترك التأويل في أحاديث الصفات وحملها على ظاهرها ويطعن على أبي الحسن الاشعري. رحل إلى مصر ولقي بها وبغيرها جماعة من العلماء وحدث بحلب عن الحافظ الشهيد أبي القاسم مكي بن عبد السلام بن الحسين الرميلي المقدسي وأبي أحمد حامد بن يوسف التفليسي البرزندي.
روى عنه أحمد بن أحمد الدندنقاني، وعلي بن مرشد بن علي بن منقذ الكنان وأبو نصر بن ظفر بن أبي محمد القباني المحتسب الحلبي.
وله أشعار في الزهد والحكمة فيها لين، ووقفت له على مجموع بخطه يتضمن فوائد ووفاءات وتواريخ.
أخبرنا تاج الدين أبو الحسن محمد بن أبي جعفر أحمد بن علي قال: اخبرنا أبي أبو جعفر أحمد بن علي بن أبي بكر بن اسماعيل القرطبي قال: أخبرنا أبو نصر عبد الصمد بن أبي محمد الحلبي بها سنة تسع وستين وخمسمائة، قال: أخبرنا الشيخ الإمام الأجل أبو عبد الله الحسين بن عبد الرحمن بن طاهر النيسأبوري قال: أخبرنا الشيخ الحافظ أبو القاسم مكي بن عبد السام بن الحسين المقدسي قال: أخبرنا ابراهيم بن عمر البرمكي البغدادي قال: أخبرنا أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان العكبري قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجري.
نقلت من خط علي بن مرشد بن علي بن منقذ الشيزري قال: حدثني الشيخ أبو عبد الله الحسين بن طاهر بن العجمي الزاهد الفقيه العالم بحلب قال: قرأت على مقبرة بجبل الطور في أرض بيت المقدس بيتا وهو في شهر ربيع الاول وهو:
أرى كل انسان يعلل نفسه ... اذا ما مضى عام سلامة قابل
قلت: فمتى كان ذلك؟ قال: سنة اثنين وتسعين، وهي السنة التي أخذ فيها الافرنج لعنهم الله، بيت المقدس، يوم الجمعة سادس وعشرين شهر رمضان من شماليها وشرقيها من برج يقال له برج الطوسي فأجازها كما أنشدني:
تسوفني نفسي ستعمل صالحا ... وأعلم أن السوف لا شك قاتلي
فلله قوم فكروا فتيقظوا ... ومالوا على اللذات ميلة قافل
رجال اذا هموا أثاروا وقبلوا ... متون مطاياهم صدور المنازل
تزود من الدنيا فانك راحل ... ولا تغترر منها بعذب المناهل
فكل نعيم لا محالة زائل ... وكل نعيم زال ليس بطائل
شاهدت في جزء بخط أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أبي جرادة أثبت ذكر جماعة من شيوخ حلب وحالهم قال: الشيخان الفقيهان: أبو محمد طاهر وأبو عبد الله الحسين فذكر مولد طاهر ووفاته، ثم قال: ومولد أخيه الحسين في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، وتوفي يوم عرفة سنة أربع وثلاثين وخمسمائة رويا عن الفقيه أبي حامد التفليسي وغيره، ولهما رحلة إلى مصر، ولقيا جماعة من العلماء بها وبغيرها. هكذا وقع خط أبي المكارم عن الفقيه أبي أحمد التفليسي، وهو وهم، وانما هو أبو أحمد حامد بن يوسف، وذكره في عدة مواضع في هذا الخبر عن الوهم، وكأنه علق الجزء من خاطره لبعض المحدثين بدمشق، فوهم في كنية التفليسي، ولم يعرف اسمه واشتبه عليه اسم أبيه بكنيته، والله أعلم.

بلغني أن ختلغ آبه أمير حلب اعتقل الشيخ أبا عبد الله بن العجي وابن أخيه أبا طالب عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بقلعة حلب بسعاية بعض الشيعة بحلب، ونقلوا اليه عنهما أن المجن الفوعي أودع عنهما وديعة، وكان ختلغ قد تتبع جماعة من الحلبيين وصادرهم ظلما وعدوانا، وكان الشيخ أبو عبد الله لا يأكل طعاماً إلا بملح يقدمه على طعامه، عملا بالسنة، قالوا: فثقب كعاب الشيخ أبي طالب ابن أخيه، وأحضر في ذلك اليوم لهما طعاما، فقال الشيخ أبو عبد الله لغلامه ما أتيتني بملح؟ فقال: لا، فامتنع عن الاكل الى أن يأتيه بالملح، فقال له ابن أخيه أبو طالب: ما يشغلك ما نحن فيه عن طلب الملح في هذا الوقت فقال له أبو عبد الله: ما بقيت أقعد عندك، ولبس ثوبه ورداءه وجلس، قالوا: فضحك أبو طالب وقال: أن تركوك فلم يستتم كلامه حتى جاء رسول خاطباً، وأخرج أبا عبد الله من الاعتقال وترك أبا طالب على حاله، قال: كان صاحب حلب قد اعتقل أبا طالب عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن العجمي وعمه الشيخ أبا عبد الله ابن عبد الرحمن بقلعة حلب، فرأى أبو عبد الله ابن أخيه أبا طالب قليل الصبر كثير التملل ضيق الصدر، فقال له: يا أبا طالب تصبر أو أخليك وأنزل؟ فقال له: أن تركوك فانزل فما مضى الا هنيئة واذا برسول صاحب حلب قد جاء وأخرج الشيخ أبا عبد الله من الاعتقال، وترك أبا طالب مكانه.
سألت أبا بكر أحمد بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن العجمي الحلبي عن وفاة عم جده أبي عبد الله بن العجمي، فقال: توفي سنة خمس وثلاثين وخمسمائة بحلب. ثم وقع إلي بالقاهرة تاريخ لمحمد بن علي العظيمي بخطه فنقلت منه في حوادث سنة أربع وثلاثون وخمسمائة، وأنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي وغيره عنه قال: مات الشيخ الإمام أبو عبد الله بن العجمي رحمه الله الدين الزاهد ورثيته. قرأت بخط أبي الحسن علي بن مرشد بن علي بن منقذ في تاريخه في حوادث سنة أربع وثلاثين وخمسمائة قال: وفي ثالث ذي الحجة توفي الشيخ أبو عبد الله الزاهد بن العجمي رحمه الله، حدثني من حضره قال: جئت أفتقده وهو في آخر قوته، فقلت كيف تجدك؟ وأومأ إلي ايماء، فما شككت أنه تلك الساعة يموت فقال: امضوا فعلي مهلي الى بعد غد، وكان قد عطس ثلاث عطسات كل عطسة ليوم فكان الامر كما ذكره رحمة الله.
الحسين بن عبد الحمن بن مروان:
أبو عبد الله الأسدي وقيل فيه الازدي، القاضي الصابوني الأنطاكي وهو والد أبي عبد الله الحسين بن الحسين قاضي الثغور الذي قدمنا ذكره، ووالد عبيد الله بن الحسين قاضي أنطاكية، وولي هذا القضاء أيضا، وحدث بحلب عن أحمدعن أحمد ابن عبد الله بن محمد الكندي، وروى عن عبد الله بن الحسين العقيلي، روى عنه أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي ومحمد بن جعفر بن أبي الزبير المنبجي. أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة، وأبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي وابنه أبو عبد الله محمد بن عبدالرحمن القاضي، ومحمد بن أحمد الطرسوسي قالوا: أخبرنا أبو سالم أحمد بن عبد القاهر ابن الموصول الحلبي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة قال الحلبي: حدثني أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن الجلي الحلبي قال: أخبرنا أبو عبيد الله بن أبي نمير القطبي الحلبي قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن صالح السبيعي الحلبي الحافظ قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن عبدالرحمن الصابوني القاضي الانطاكي بحلب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد الكندي قال: حدثنا ابراهيم بن الجراح عن أي يوسف عن أبي حنيفة عن عبد الملك ابن عمير عن عطية القرظي قال عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم قريظة فقال: انظروا فان كان أنبت فاضربوا عنقه فوجدوني لم أنبت، فخلا سبيلي. قرأت في ديوان شعر العباس بن الوليد الخياط أبي الفضل المصيصي، من نسخة رثة سيرها إلى القاضي أبو محمد بن الخشاب قال فيه: وله في القاضي الصابوني الاعور يمدحه:
قاض على الثغر من بني أسد ... قد مات حساده من الحسد
لا يشمت البخل بالسماح ولا ... تراه والمنكرات في بلد
ترى يد الجور من قضيته ... بالعدل مقطوعة من العضد

هكذا قال في الشعر من بني أسد بفتح السين ولعله رآه مكتوب في نسبته الأسدي فظنه أسد بتحريك السين، والصحيح أنه أزدي، ويقال فيه الأسدي وأزدي بسكون السين وبالزاي جميعا والله أعلم. والأزد بن عمران بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة بن الغطريف ابن امرىء القيس البطريق بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك ابن الازد أيضا. وأكثر ما ينسب ولد الازد بن عمران بالسين الساكنة، وهم رهط المهلب بن أبي صفرة، وفي الازد أيضا بطن أسديون يقال لهم بنو أسد، بتحريك السين، وهو أسد بن شريك - بضم الشين - بن مالك بن عمرو بن مالك بن فهم، ولهم خطة بالبصرة، يقال لها خطة بني أسد، وليس بالبصرة خطة لبني أسد بن خزيمة، وفي الازد: أسد بن الحارث بن العتيك بن ازد بن عمران، فيحتمل أن يكود القاضي الصابوني منهم، فيقال فيه: الأزدي والأسدي والاسدي، والله أعلم. وقد روى أبو حفص العتكي عن أبيه عبيد الله بن الحسين فقال: أخبرنا عبيد الله بن الحسين القاضي الازدي، وهو أخو الحسين بن الحسين، وسيأتي ذلك في ترجمة عبيد الله بن الحسين ان شاء الله تعالى.
الحسين بن عبدالرحمن:
أبو علي قاضي حلب، روى عنه النسائي، وقال: ثقة ويحتمل أن يكون القاضي الصابوني، وكناه أبا علي، والله أعلم.
الحسين بن عبدالرحمن الحلبي:

روى عنأبيه، روى عنه محمد بن أحمد الكوفي. أخبرنا أبو منصور عبدالرحمن بن محمد بن الحسن - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن عمي قال: أخبرنا أبو المعالي الحسين بن حمزة بن الحسين العسكري قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: حدثن محمد بن علي بن عبد الله الصوري قال: أخبرنا عبدالرحمن بن عمر التجيبي بمصر قال: أخبرنا أبو هريرة أحمد بن عبد الله بن أبي الحسن بن أبي العصام العدوي قال: حدثنا أبو العباس عيسى بن عبد الرحيم قال: حدثني علي وابن محمد - هو ابن حيون - قال: حدثني محمد بن أحمد الكوفي قال: حدثني الحسين بن عبد الرحمن الحلبي عن أبيه قال: أمر المأمون أن يحمل إليه عشرة من الزنادقة سموا له من أهل البصرة، فجمعوا، فأبصرهم طفيلي فقال: ما اجتمع هؤلاء إلا لصنيع، فانسل فدخل وسطهم، ومضى بها الموكلون حتى انتهوا بهم إلى زورق أعد لهم فدخلوا الزورق، فقال الطفيلي: هي نزهة، فدخل معهم الزورق، فلم يك بأسرع بأن قيد القوم وقيد معهم الطفيلي، فقال الطفيلي: بلغ تطفيلي إلى القيود، ثم سير بهم إلى بغداد، فدخلوا على المأمون فجعل يدعوا بأسمائهم رجلاً رجلاً فيأمر بضرب رقابهم حتى وصل إلى الطفيلي وفد استوفوا عدة القوم، فقال للموكلين بهم: ما هذا؟ فقالوا والله ما ندري، غير أنّا وجدناه مع القوم فجئنا به، فقال المأمون: ما قصتك ويلك؟ فقال يا أمير المؤمنين امرأته طالق إن كان يعرف من اقوالهم شيئا ولا يعرف إلّا الله ومحمد النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أنا رجل رأيتهم مجتمعين فظننت صنيعا يغدون إليه، ضحك المأمون وقال: يؤدب. وكان ابراهيم بن المهدي قائما على رأس المأمون فقال يا أمير المؤمنين قلت لي: أدبه، أحدثك بحديث عجيب عن نفسي، فقال: قل يا ابراهيم، قال يا أمير المؤمنين خرجت من عندك يوما في سكك بغداد متطرباً حتى انتهيت إلى موضع سماه فشممت ياأمير المؤمنين من جناح أبا زير قدورا قد فاح طيبها، فتاقت نفسي إليها وإلى طيب ريحها، فوقفت على خياط وقلت له: لمن هذه الدار؟ فقال: لرجل من التجار من البزازين، قلت ما اسمه؟ قال فلان بن فلان فرميت بطرفي الى الجناح فإذا في بعضه شبّاك فأنظر إلى كف قد خرج من الشباك قابضا على بعضه ومعصم فشغلني يا أمير المؤمنين الكف والمعصم عن رائحة القدور فبقيت باهتا ساعة ثم أدركني ذهني، فقلت للخياط: هو ممن يشرب النبيذ؟ قال نعم وأحسب عنده اليوم دعوة، وليس ينادم إلّا تجاراً مثله مستورين فإني لكذلك إذاً قبل رجلان نبيلان راكبان من رأس الدرب، قال الخياط: هؤلاء منادموه، فقلت ما أسماؤهما وما كناهما؟ فقال فلان وفلان، وأخبرني بكناهما، فحركت دابتي وداخلتهما، وقلت جعلت فداكما قد استبطأ كما أبو فلان أعزه الله، وسايرتهما حتى أتينا إلى الباب، فأجلاني وقدماني فدخلت ودخلا، فلما رآني معهما صاحب المنزل لم يشك أني منهما بسبيل أو قادم قدمت عليهما من موضع، فرحب وأجلسني في أفضل موضع، فجيء يا أمير المؤمنين بمائدة، وعليها خبز نظيف وأتينا بتلك الألوان فكان طعمها أطيب من ريحها، فقلت في نفسي هذه الالوان قد أكلتها، بقيت الكف أصل إلى صاحبتها، ثم رفع الطعام وجيء بالوضوء، ثم صرنا إلى منزل المنادمة فإذا أشكل منزل يا أمير المؤمنين، وجعل صاحب المنزل يلاطفني ويقبل عليّ بالحديث وجعلوا لا يشكون أن ذلك منه لي عن معرفة متقدمة، وإنما ذلك الفعل كان منه لما ظن أني منهما بسبيل حتى إذا شربنا أقداحاً خرجت علينا جارية يا أمير المؤمنين كأنها غصن بان يتثنى، فأقبلت تمشي فسلمت غير خجلة، وثنيت لها وسادة فجلست وأتي بعود فوضع في حجرها فجسته فاستبنت في جسها حذقها ثم اندفعت تغني:
توهمها طرفي فأصبح خدها ... وفيه مكان الوهم من نظري أثر
فصافحها قلبي فآلم كفها ... فمن مئتن قلبي في أناملها عقر
فهيجت يا أمير المؤمنين بلابلي فطربت لحسن شعرها وحذقها ثم اندفعت تغني:
أشرت إليها هل عرفت مودتي ... فردت بطرف العين إني على العهد
فحدت عن الإظهار عمدا لسرها ... وحادت عن الإظهار أيضا على عمد
فصحت: السلاح يا أمير المؤمنين وجاءني من الطرب ما لم أملك نفسي، ثم اندفعت تغني الصوت الثالث:

أليس عجيباً أن بيتا يضمني ... واياك لا نخلو ولا نتكلم
سوى أعين تشكو الهوى بجفونها ... وتقطيع أنفاس على الناي تضرم
إشارة أفواه وغمز حواجب ... وتكسير أجفان وكف تسلم
فحسدتها يا أمير المؤمنين على حذقها واصابتها معنى الشعر أنها لم تخرج من الفن الذي ابتدأت فيه فقلت: بقي عليك يا جارية، فضربت بعودها الارض وقالت: متى كنتم تحضرون مجلسكم البغضاء؟ فندمت على مل كان مني ورأيت القوم كأنهم قد يغيروا لي، فقلت: ليس ثم عود؟ قالوا: بلى والله يا سيدنا، فأتيت بعود وأصلحت من شأني ماأردت ثم أندفعت أغني:
ما للمنازل لا تجيب حزيناً ... أصممن أم قدم المدى فبلينا
روحوا العشية روحة مذكورة ... إن متن متن وإن حيين حيينا
فما استتممت يا أمر المؤمنين حتى خرجت الجارية فأكبت على رجلي فقبلتهما وتقول: معذرة يا سيدي والله ماسمعت من يغني هذا الصوت مثلك أحداً، وقام مولاها وجميع من كان حاضراً فصنعوا كصنيعها، وطرب القوم واستحثوا الشراب فشربوا بالكاسات والطاسات، ثم اندفعت أغني:
أفي الله أن تمسين لا تذكرينني ... وقد سحمت عيناي من ذكرك الدما
الى الله أشكو بخلها وسماحتى ... إذا عسل مني وتبدل علقما
فردي مصاب القلب أنت قتلته ... ولا تتركيه ذاهب القلب مضرما
الى الله أشكو أنها أجنبية ... وأني بها ما عشت بالود مغرما
فجاءنا من طرب القوم ياأمير الؤمنين شئ خشيت أن يخرجوا من عقولهم فأمسكت ساعة حتى هدأوا مما كانوا فيه من الطرب، فاندفعت أغني الصوت الثالث. ثم اندفعوا في الشرب بالصراحيات صرفاً على ذلك الطرب
هذا محبك مطوى على كمده ... حري مدامعه تجري على جسده
له يد تسأل الرحمن راحة ... مما به ويد أخرى على كبده
يا من رأى أسفاً مستهتراً أسفاً ... كانت منيته في عينه ويده
فجعلت الجارية تصيح: هذا والله الغناء يا سيدي، وسكر القوم وخرجوا من عقولهم، وكان صاحب المنزل جيد الشرب، حسن المعرفة، فأمر غلمانه مع غلمانهم بحفظهم وصرفهم الى منازلهم، وخلوت معه فشربنا أقداحاً ثم قال لي: يا سيدي ذهب ما كان من أيامي ضائعاً إذا كنت لا أعرفك، فمن أنت يا مولاي؟ فلم يزل يلج علي حتى أخبرته، فقام يقبل رأسي وقال: يا سيدي وأنا أعجب يكون هذا الأدب الا من مثلك واذا إني مع الخلافة وأنا لا أشعر، ثم سائلني عن قصتي وكيف حملت نفسي على ما فعلت، فأخبرته خبر الطعام، وخبر الكف والمعصم، فقلت: أما الطعام فقد نلت منه حاجتي، فقال: والكف والمعصم، ثم قال: يا فلانة، لجارية له، قولي لفلانة تنزل فجعل ينزل لي واحدة واحدة فأنظر الى كفها ومعصمها، فأقول: ليس هي، قال: والله ما بقي غير أختي وأمي والله لأنزلهما إليك، فعجبت من كرمه وسعة صدره، فقلت: جعلت فداك إبدأ باختك قبل الام فعسى أن تكون هي، فقال: صدقت فنزلت فلما رأيت كفها ومعصمها قلت: هي ذه، فأمر غلمانه فصاروا الى عشرة مشايخ من جلة جيرانه في ذلك الوقت، فأحضروا، ثم أمر ببدرتين فيهما عشرون الف درهم، وقال للمشايخ: هذه أختي فلانة أشهدكم أني قد زوجتها من سيدي ابراهيم بن المهدي وأمهرتها عنه عشرة آلاف درهم، فرضيت وقبلت النكاح ودفع إليها البدرة، وفرق البدرة الأخرة على المشايخ، ثم قال لهم: اعذروا فهذا ما حضر على الحال، فقبضوا، ونهضوا، ثم قال يا سيدي أمهد لك بعض البيوت تنام مع أهلك فأحشمني و الله ما رأيت من سعة صدره، وكرم خيمه، فقلت: بل أحضر عمارية وأحملها الى المنزلي، فقال ماشئت، فأحضرت عمارية فحملتها، وصرت بها الى منزلي فوحقك يا أمير المؤمنين لقد حمل إلي جهازها ماضاقت به بعض بيوتنا، فأولدتها هذا القائم على رأس سيدي أمير المؤمنين، فعجب المأمون من كرم ذلك الرجل وسعة صدره وقال: لله أبوه ماسمعت مثله قط، ثم أطلق الرجل الطفيلي واجازه جائزة سنية وأمر ابراهيم بإحضار الرجل، فكان من خواص المأمون وأهل صحبته.
الحسين بن عبد الواحد بن محمد بن عبد القادر القنسريني:

أبو عبد الله المقرئ النحوي، كان مقرئاً مجيداً نحوياً، مكان مقيما بحلب يفيد علم القراءات والعربية. قرأ على أبي الحسن أحمد بن رضوان وعبيد الله بن الليث. قرأ عليه أبو المجد عبيد الله بن محمد بن أبي جرادة، وصنف لجد جدي كتاباً مفيداً في القراءات السبعة، سماه بالتهذيب وكتبه له بخطه وكتبه له بخطه، وقرأعليه النحو أبو الفرج سعيد بن علي بن محمد بن السلالي بحلب في سنة ثلاثين وأربعمائة، فقد توفي بعد ذلك. وأخبرنا بكتابه المسمى بالتهذيب شيخنا أيو اليمن الكندي في الاجازة قال: كتب إلينا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبي أبو المجد عبد الله قال: أخبرنا أبو عبد الله القنسريني. أخبرنا عبدالواحد بن عبد الله ابن عمي عبد الصمد قال: سمعت جدي عبد الصمد بن عبد الله، قال عبدالواحد: وسمعت أبا الفتح يحيى ابن عم أبي أبي غانم محمد بن هبةالله قال: سمعت أبا غانم، قالا: كان القاضي أبو الفضل عبد الله بن أحمد يقرأ على الشيخ أبي عبد الله القنسريني فمضى الى منزله ليلة ليقرأ عليه وكانت ليلة مطيرة، فصادف الشيخ أبي عبد الله يقرأ القرآن، وكان يقرأ قراءة طيبة، فوقف بالباب يسمع قراءته ويلتذ بحسن قراءته وطيب صوته، والمطر ينزل على رأسه، ولم ير أن يقطع عليه قراءته حتى مضى أكثر الليل، وسكت أبو عبد الله فطرق الباب، ففتح له فرآه مبتل الثياب، فسأله عن حاله، فأخبره بالصورة، فعظم ذلك عليه، وقال له: كنت دخلت علي وكنت أقرأ لك الى الصباح. قال عماي: وسافر أبو عبد الله القنسريني الى العراق فحضر بعض شيوخ القراء ببغداد وأصحابه يقرأون عليه فجلس في أخريات الناس، فحين رأوه إزدروه واستبشعوا زيه، وأبو عبد الله ساكت، فلما فرغ أصحابه تقدم أبو عبد الله، وطلب أن يقرأعليه شيئاً، فقال له: اقرأ على بعض الطلبه الى أن تجود، ثم أقرأ علي، فقال اشتهي أن أقرأعليك خمساً، فلم يرى الشيخ أن يكسر خاطره، فأذن له فلما قرأ، قال له: من أين تكون؟ قال: من الشام، قال له: لعلك أبو عبد الله القنسريني؟ قال: نعم فقام له الشيخ وأكرمه وأجلسه الى جانبه، وقال أنا أحق بالقراءة عليك، قال هذا أو معناه، قلت: وأظن هذا الشيخ المقرئ هو أبوالحسن ابن رضوان، والله أعلم.
الحسين بن عبيد الله:
ابن الحسن بن ابراهيم بن علي بن عبيد الله بن الحسين الأصغر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو علي بن أبي أحمد العلوي النصيبي، أبوه شريف مذكور من أعيان الشرفاء، وفد الى حلب على أميرها سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان. ذكره الحسين بن جعفر بن خداع النسابة في كتاب المعقبين من ولد الحسن والحسين عليهما السلام وقال: إنه وفد على سيف الدولة بن أبي الهيجاء بن حمدان الى حلب، وقتل معه في انهزامه في غزاة المصيبة، وذكر أن أمه أم ولد. وغزاء المصيبة كانت في سنة وأربعين وثلاثمائة.
ذكر من اسم أبيه عبيد ممن اسمه الحسين
الحسين بن عبيد الهمذاني:
حدث بطرسوس عن عبد الحميد بن عصام الجرجاني. روى عنه محمد بن أيوب المعافى العكبري، ويقع في بعض الأصول الحسن بن عبيد، والحسين هو الصحيح. أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد، فيما أذن لنا في روايته عنه، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري قال: أخبرنا الشيخ أبو اسحاق ابراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي قال أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن خلف بن نجيت الدقاق قال: حدثنا محمد بن أيوب بن المعافى العكبري قال: حدثنا الحسين بن عبيد الهمذاني بطرسوس قال: حدثنا عبد الحميد بن عصام الجرجاني قال: حدثنا محمد بن يوسف الفيريابي قال: حدثنا سفيان الثوري عن سفيان بن عيينه عن ابن أبي نجيج أنه سئل السياحين قال هم الصائمون.
الحسين بن عبيد المصيصي:
حدث عن عتيق بن عبد الرحمن الاذني.

روى عنه عبد الرحمن بن أبي نصر أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم بن أحمد المقدسي، وقرأته بخطه، قال: قرأت على أبي الحسن أحمد بن حمزة بن الموازيني بدمشق: أخبركم جدك أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين السلمي المعبر، إجازة، قال: أخبرنا الحافظ عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكتاني، إجازة، قال: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر قال: حدثنا الحسين بن عبيد المصيصي قال: حدثنا عتيق بن عبد الرحمن الاسدي قال: حدثنا أحمد بن حرب الطائي قال عند سفيان ابن عينية فحدثنا حتى ضجر، ثم ألقى الكتاب، فقال: قوموا عني، فقام اليه رجل فقال: أتضجر والله إن أحدنا ليهم بالحج من أقصى خراسان، فإذا ذكرك، حج، ولولاك ما حج، فأخذ الكتاب وأنشأ يقول:
خلت الديار فسدت غير مسود ... ومن الشقاء تفرد بالسؤدد
ذكر من اسم أبيه علي ممن اسمه الحسين
الحسين بن علي بن الحسين بن علي:
أبو علي المروزي، حدث بحلب عن محمود بن والان. روى عنه أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي الحلبي. أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة وأبو محمد عبد الرحمن ابن عبد الله بن علوان الأسدي وولده أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن القاضي، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الطرسوسي الحلبيون قالوا: أخبرنا الشيخ الأمين أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول الحلبي قال: أخبرنا الشيخ أبو الحسن علي ابن عبد الله بن محمد بن عبد الباقي بن أبي جرادة قال: حدثني الشيخ أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل الجلي الحلبي بحلب، قال: أخبرنا الشيخ الزاهد أبو عبد الله عبد الرزاق بن عبد السلام بن أبي نمير العابد الحلبي بحلب، قال: أخبرنا محمد بن الحسين السبيعي بحلب قال: حدثنا أبو علي الحسين بن علي بن الحسين بن علي المروزي بحلب قال: حدثنا أبو حامد محمود بن والان قال: حدثنا علي بن حجر بن اياس السعدي قال: حدثنا يوسف بن زياد قال: أخبرنا عبد الرحمن إبن زياد بن أنعم عن الأعرج عن أبي هريرة قال: خضت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم السوق، فقعد على البزازين فاشترى سراويلا بأربعة دراهم، قال وكان لاهل السوق رجل يزن بينهم الدراهم يقال له فلان الوزان فجيء ليزن ثمن السراويل فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " أتزن وارجح " ، فقال الرجل: إن هذا القول ما سمعته من أحد من الناس، فمن هذا الرجل؟ قال أبو هريرة: قلت حسبك من الزهق والجفاء في جنبك أن لا تعرف نبيك صلى الله عليه وسلم، فقال الرجل: أهذا رسول الله؟ وألقى الميزان ووثب الى يد رسول الله يأخذها ويقبلها، فجذبها رسول الله وقال: إنما يفعل هذه الأعاجم بملوكها فإني لست بملك إنما أنا رجل منكم، ثم جلس فاتزن الدراهم وأرجح كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انصرفنا تناولت السراويل من رسول الله لاحملها فمنعني وقال: صاحب الشيء أحق بحمله إلا أن يكون ضعيفا يعجز فيعينه أخوه المسلم، قلت: يا رسول الله وإنك لتلبس السراويل؟ قال: نعم بالليل والنهار، في السفر والحضر، قال يوسف: وشككت في قولي: ومع أهلي فإني أمرت بالتستر فلم أجد ثوبا استر من السراويل.
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟الحسين بن علي بن الحسين بن حمدان:
ابن حمدون بن الحارث بن لقمان بن راشد التغلبي أبو العشائر الحمداني، وتمام نسبه مذكور في ترجمة أبي فراس. أمير فارس مشهور شاعر مجيد كان بحلب في خدمة ابن عمه سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، وولاه أنطاكية روى عنه أبو بكر الخالدي وفيه يقول أبو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان من قصيدته الرائية التي يذكر فيها مآثر قومه من بني حمدان:
ومنا الحسين القرم شبه جده ... حمى نفسه والجيش للجيش غامر

قال أبو عبد الله الحسين بن خالويه في تفسير هذا البيت وذلك أنه كبسه عسكر الاخشيد مع يانس المؤنسي وهو منصرف من أنطاكية من الميدان، وأصابته نشابة في وجهه أخرج نصلها بعد أيام، فلم يزل يضرب في أوساطهم بالسيف حتى تخلص، وأسر بعد ذلك في دلوك، وكان له في بلد الروم أجمل أثر وأشرف فعل في اكرام الأسارى. قال ابن خالويه: سار سيف الدولة في سنة خمس وأربعين وثلاثمائة الى بلد يانس بن شمشقيق لما بلغه حلفه للملك على لقائه وحمل معه الزواريق مخلعة حتى عقدها على أرسناس، وخلف بدلوك أبا العشائر الحسين بن علي بن الحسين ابن حمدان ورسم له الزول على حصن عرنداس وبناءه، وخلف الأمير أبا فراس ورسم له بناء حصن البرزمان، فكلاهما يستعد حتى خرج لاون البطريق في جموع أبيه وسبق الخبر الى أبي العشائر فخرج طمعا فيه ليسابق أبا فراس اليه، ولقيه فوجده في عدد عظيم وانكشف عن أبي العشائر أصحابه، وثبت يقاتل حتى أسر وضرب وجها من الارمن يعرف بأبي الاسد فقتله، وبلغ أبا فراس الخبر فنفر في أربعمائة فارس من العرب سوى العجم وأتبعه الى مرعش فلم يلحقه، فكتب اليه في قصيدة:
أ أبا العشائر ان أسرت فطالما ... أسرت لك البيض الرقاق رجالا
لما أجلت المهر فوق رؤوسهم ... نسجت له حمر الشعور عقالا
يا من اذا حمل الحصان على الوجى ... قال اتخذ حبك التريك بغالا
ألا دعوت أخاك وهو مصاقب ... يكفي العظيم ويحمل الاثقالا
ألا دعوت أبا فراس انه ... ممن اذا طلب الممنع نالا
وردت بعيد الفوت أرضك خيله ... سرعا كأمثال القطا أرسالا

قرأت في جزء أحضره إلي الحافظ عماد الدين أبو القاسم علي بن الحافظ أبي محمد القاسم بن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن يتضمن سيرة سيف الدولة أبي الحسن بن حمدان وأخباره، تاليف أبي الحسن علي بن الحسين الزراد الديلمي ذكر في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة قال: وسار أبو العشائر الحسين بن علي بن حمدان من حلب الى مرعى وسلمها إليهم وبعض غلمانه، فلم يشعر إلا بالروم قد أقبلوا عليه فركب فرسه وركب أصحابه فطردهم الروم، وكان أبو العشائر قد ثمل من الخمر فغلبه السكر، فسقط عن الفرس، فأدركه الروم فأسروه وحملوه الى قسطنطينية. قرأت في كتاب المفاوضة جمع محمد بن علي نصر الكاتب بخطه. وأخبرنا به اجازة زيد بن الحسن بن زيد الكندي عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الانصاري قال: أخبرنا أبوغالب محمد بن أحمد بن سهل بن بشران النحوي قال: قرأ علينا محمد بن علي بن نصر الكاتب قال: وحدثني أبو الفرج يعني الببغاء قال: هربت وقتاً من الأوقات من أبي العشائر، وصرت الى حلب، وسألت سيف الدولة أن يمنعه عني، وقلت: ان أخلاقه لا تلاؤم أخلاقي، وقد ربيتني واصطنعتني، وأريد أن لا أبرح حضرتك ومجلسك، قال: افعل ومضى على هذا مديدة قريبة، فدخلت يوماً وإذا بين يدي سيف الدولة رجل عربي لا أعرفه عليه جبة ديباج وفرو وعمامة خز بلثامين، متقلداً سيفاً محلى، وهو جالس على السرير ورجليه على الأرض وسيف الدولة يقبل عليه يحادثه فاستطرفت ذلك، ولم يكن في العرب كلها من يجلس تلك الجلسة مع سيف الدولة، قال: ونهض فاذا هو أبو العشائر فلما رأيته أسقط في يدي، ودنا مني فقبض عليّ فقلت لسيف الدولة: أيها الامير الذمام، فقال: ليس على أبي العشائر ذمام، ثم قال له، احتفظ به فإنه فرار فلم يبق فيّ موضع للمنازعة. فقلت: أيها الأمير ما يمكنني الخروج، قال ولم؟ قلت: علي دين وأحتاج الى ابتياع شعير لدوأبي، وحنطة لغلماني، وهذا وجه الشتاء ولا بد أن أنظر في أمري فقال: كل هذا يتنجز في الساعة، ووقع الى الداريج بكرين شعيراً والى صاحب المنثر بثلاثة أكرارحنطة، وأطلق من خزانته ألفي درهم، وأمر بحمل عشر قطع ثيابا، وحصل جميع ذلك وما تعالى النهار وهو جالس في دار سيف الدولة، فلما حضر صاحبه وعرفه حصول ما عددته كله قال: اركب على اسم الله، فركبت ومضيت معه الى أنطاكية فما كان يخليني من خلعة وبر وتفقد، ورسومي على سيف الدولة مطلقة في أوقاتها غير متأخرة عني بحال، وهذه كانت عادات الرؤساء في الافضال. أنبأنا أحمد بن الازهربن السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الانصاري عن القاضي أبي علي المحسن بن علي التنوخي قال: وأنشدني أيضا - يعني - أبا الفرج الببغاء، وقال: قلتها بديها في أبي العشائر الحسين بن حمدان وكنت حاضرا وقد ضرب بسيف كان في يده هامة جمل ففصلها فأنشدته في الحال:
ما الفعل للسيف اذ هزّت مضاربه ... فمر محتكما في هامة الجمل
لكن كفك أعدته بجرأتها ... وفتكها فمضى يهوي على عجل
ولو سوى كفك المعروف صال به ... نبا ولو كان مطبوعا من الاجل
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل، فيما أذن لنا في روايته عنه، قال: أنبأنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن عمر بن السمر قندي قال: أخبرنا أبو يوسف يعقوب بن أحمد الاديب في كتابه قال: أخبرنا أبو منصور عبد الملك بن اسماعيل الثعالبي قال: وأنشدني - يعني - أبا بكر الخوارزمي لأبي العشائر بن حمدان:
سطا علينا ومن حاز الكمال سطا ... ظبي من الجنة الفردوس قد هبطا
له عذاران قد خطّا بوجنته ... فاستوقفا فوق خديه وما انبسطا
وظل يخطو وكلٌ قال من شغف: ... يا ليته في سواد الناظرين خطا
قال أبو منصور الثعالبي: وقال بعض الرواة: دخلت الى أبي العشائر أعوده من علة هجمت عليه فقلت له: ما يجد الامير فأشار الى غلام قائم بين يديه واسمه نسطوس، كأن رضوان قد غفل عنه فأبق منه وأنشد:
أسقم هذا الغلام جسمي ... بما بعينيه من سقام
فتور عينيه في دلالٍ ... أهدى فتوراً الى عظامي
وامتزجت روحه بروحي ... تمازج الماء بالمدام

قرأت في كتاب عنوان السير في محاسن أهل البدو والحضر تأليف أبي الحسن محمد بن عبد الملك الهمذاني: أبو العشائر بن حمدان القائل:
وما سر قلبي منذ شطّت بك النوى ... أنيس ولا كاس ولا متصرّف
وما ذقت طعم الماء إلا وجدته ... كأن ليس بالماء الذي كنت أعرف
ولم أشهد اللّذات إلا تكلفاً ... وأي سرور يقتضيه التكلف
قال ابن الهمذاني: ولما خرج الحاج في زمن المكتفي كان معهم أبو العشائر بن حمدان، فظفر به زكرويه بن مهرويه القرمطي فقطع يدي أبي العشائر ورجليه بزبالة، ثم قال ابن الهمذاني بعد ذلك وأخذ الروم حلب وقتلوا أبا العشائر وأخوته في سنة احدى وخمسين وثلاثمائة. وهذا خطأ من ابن الهمذاني فيما ذكره أولاً وثانيا فإن أبا العشائر توفي أسيراً في يد الروم بالقسطنطينة في سنة اثنتين أو ثلاث وخمسين. وقرأت في كتاب أبي الحسن علي بن الحسين الديلمي في أخبار سيف الدولة، قال واجتمع في البلاط بالقسطنطينية من الأسارى الحمدانية نحو ثمانمائة رجل منهم: أبو العشائر وأبو فراس ومحمد بن ناصر الدولة، وذكر جماعة، وقال وفادى - يعني - سيف الدولة بأبي فراس وأبي العشائر ورقطاش وغيرهم، يعني سنة أربع وخمسين، وهذا وهم من أبي الحسن الديلمي فإن أبا العشائر توفي بالقسطنطينية في حال الأسر وقال فيه الأمير أبو فراس يرثيه.
أأبا العشائر لا محلك دارس ... بين الضلوع ولا محلك نازل
إني لأعلم بعد موتك أنّه ... ما مر للأسراء يومٌ صالح
قرأت في تاريخ أبي اسحاق ابراهيم بن حبيب السّقطي صاحب كتاب الرّديف في حوادث سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة في ذكر من توفي فيها قال: وفيها، أو في سنة ثلاث وخمسين مات أبو العشائر الحسين بن علي بن الحسين بن حمدان ببلد الروم في أسره مسموماً وكان السبب في سمه أن ملك الطاغية بلغه أن علي بن حمدان فسق بابن قسطنطين كان في أسره فأنقذ وأمن بلد الروم من سمه منهلك وسموا هم أبا العشائر بن حمدان خنقاً لما جرى من قتلهم ابن قسطنطين، وكان أبو العشائر فارساً شجاعاً سخياً ممدّحاً.
الحسين بن علي بن الحسين:

ابن علي بن محمد بن يوسف بن بحر بن بهرام بن المرزبان بن باهان بن باذام ابن بلاش بن فيروز بن يزدجرد بن بهرام بن جور، أبو القاسم بن أبي الحسين بن أبي القاسم بن أبي الحسن المغربي، هكذا قرأت نسبة بخطه وقيل في نسبه من ماهان بن باذان بن ساسان بن الحرون، قيل ساسان هو المعروف بالحرون بن بلاش ابن جانيا سيف بن فيروز بن يزدجرد ابن بهرام جور بن يزدجرد، وجد أبيه أبو الحسن هو المغربي عرف بذلك لأنه كان يختلف على ديوان المغرب. وقرأت بخط الحافظ أبي طاهر أنّه نقل من خط عبد الحميد ابنه على ظهر الجزء الأول من رسائل الوزير أنه: الجزء الأول من رسائل أبي القاسم الحسين بن علي ان الحسين بن علي بن محمد بن يوسف بن بحر بن بهرام بن المرزبان بن ماهان ابن مادان بن ساسان بن الحرون بن فلاش بن جاما سف بن فيروز بن يزدحرد بن بهرام جور. وكتب عبد الحميد. وأبو القاسم هذا هو الوزير الملقب بالكامل ذي الجلالتين ولد بحلب في سنة سبعين وثلاثمائة، وكان أبوه وجده من كتّاب الأمير سيف الدولة، وحصل بعد موت سيف الدولة بين أبيه وبين سعد الدولة أبي المعالي شريف نبوة أوجبت انفصاله عنه، فعوق أبو المعالي أبا القاسم بحلب مع جماعة من أهله، ثم سار أبوه بعد ذلك إلى مصر، فانتقل أبو القاسم بعده وقتل الحاكم أباه وأخوته فهرب أبو القاسم وتوجه إلى العراق، وتقلد وزارة مشرّف الدولة أبي علي بن عضد الدولة ابن بويه في سنة خمس عشرة وأربعمائة، وأقام في وزارته شهورا، وفارقه وانتقل إلى وزارة الأمير أبي المنيع قرواش بن المقلد أمير بني عقيل، ثم وزر لنصر الدولة ابن مروان صاحب ميافارقين وديار بكر. وكان الوزير أديباً فاضلاً عارفا باللغة والنحو فصيحاً، حسن النظم والنثر عارفاً بالحساب، وله كتاب في تفسير القرآن أحسن فيه على اختصاره واختصر كتاب إصلاح المنطق فأجاد في ذلك وعرضه على أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان، فاستجاده وأثنى عليه، وكتب إليه في ذلك الرسالة الأعريضية التي أولها: السلام عليك أيتها الحكومة المغربية، والألفاظ العربية، أي هواء رقاك وأي غيث سقاك. وفضائله جمة، لكنه كان جسوراً مهوراً، سيء التدبير، متكبراً. حدث عن الوزير أبي الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات، وروى عن أبيه علي بن الحسين، وأبي جعفر الطحاوي، وأبي أسامة جنادة بن محمد، وأبي الحسن محمد بن عيسى النامي العراقي اليشكري وأبي الحسن على بن لؤلؤ الحلبي والقاضي أبي الحسن علي بن محمد بن يزيد الحلبي وأبي عبد الله محمد بن الحسين اليمني وأبي القاسم الميمون بن حمزة الحسيني، وعلي بن منصور الحلبي المعروف بدوخلة، وأبي الحسن علي بن عبد الله الماذرائي، ومحمد بن الحسن التنوخي، والقاضي أبي أحمد محمد بن داوود بن أحمد العسقلاني، ومحمد بن إبراهيم التميمي، وعلي بن إبراهيم الدهكي، وأبي جعفر الموسوي قاضي مكة، وابن الكلأبي راوية أبي فراس وأبي زكريا يحيى بن علي الأندلسي أمير الغرب، وأبي بكر محمد بن عبد الملك التاريخي وأبي الحسن علي بن نصر بن الصباج وغيرهم. روى عنه ابنه أبو يحيى عبد الحميد بن الحسين، وأبو الحسن بن الطيب الفارقي وأبو الجوائز الحسن بن باري الواسطي، وأبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي وعلي بن السكن الفارقي و أبو عبد الله محمد بن جردة، وأبو غالب محمد بن أحمد بن سهل بن بشران النحوي، والقاسم بن بأبويه. أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن أبي الفضل القاضي - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - عن أبي الفتح نصر الله بن محمد الفقيه قال: حدثنا نصر بن ابراهيم الزاهد المقدسي قال: قرأت على أبي يحيى عبد الحميد بن الحسين بن علي المغربي عن أبيه أبي القاسم الحسين بن علي قال: أخبرنا أبو الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الرحمن الروزباري قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن موسى الرازي قال: أخبرنا أبو زكريا يحى بن زكريا الطائي النبهاني قال: حدثنا أبو حاتم السجستاني وأبو عبد الله محمد بن حسان الضبي قالا: حدثنا يعقوب بن محمد قال: حدثنا يزيد بن عمر بن مسلم الخزاعي قال: حدثنا أبي عن أبيه قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنشد ينشده قول سويد بن عامر المصطلقي:
لا تأمنن وإن أمسيت في حرم ... إن المنايا تجتني كل إنسان

فاسلك طريقك تمشي غير مختشع ... حتى تلاقي ما يمنى لك الماني
لكل ذي صاحب يوما مفارقه ... وكل زاد وإن أبقيته فان
والخير والشر مجموعان في قرن ... بكل ذلك يأتيك الجديدان

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو أدركني هذا لأسلم " ، فبكى أبي، فقلت: يا ابة ما يبكيك من مشرك مات في الجاهلية! قال يا بني ما رأيت مشركة تلقت من مشرك خيراً من سويد. قال: قوله: ما يمنى لك ما يقدر لك القادر الله عز وجل. قرأت في رسائل الوزير أبي القاسم بن المغربي، نسخة كتاب كتبه ليعرض بالسدة القادرية وقد طعن عليه بالدار الخليفية في مذهبه حيث وزر للملك السعيد شرف الدولة أبي علي، وانكار الاسم المغربي المشهور به، وأنه نسب إلى اعتقاد المذهب المصري والتدين به فكتب رسالة في ذلك، وكتبها على وجهها وحذفت من آخرها ما لا حاجة لي إليه لما فيها من ذكر نسبه ومنشأه ومذهبه ومبدأ حاله وطلبه للعلم واشتغاله، والرسالة: الدهر أبو العجائب، وذو الغرائب، إلا أنني ما ظننته يبدع هذه البدعة الشنعاء، ولا ظننته يطرق هذه الظنة النكراء وينبغي أن أنزل عن الأحتجاج للملك أدام الله بقاءه وأعز نصره ولواءه، والمؤتمن على تدبيره والسفير بينه وبين عسكره، أدام الله تمكينه، فإن الله يعلم والناس يعلمون خلوص نياتهما في الطاعة وبعدهما من هذه الشناعة،فإن تشاغلي بما يخصني من هذه الحال التي ظننت أن العرض على الله يسبقها، وأن المعتقد المقدس قد استحكم في الثقة بي أستحكاماً يقصر أيدي اللئام عن صياغة مثلها لي، فإن كان يظن أن ما وسمت به من النسب المستعار يحملني على الإزورار فإن الأمر بضده إذ كان أصلي من البصرة، وانتقل سلفي عنها في فتنة البريدي إلى بغداد، وكان جد أبي، وهو أبو الحسن علي بن محمد يخلف على ديوان المغرب، فنسب به إلى المغربي، وولد له جدي الأدنى ببغداد في سوق العطش، ونشأ وتقلد أعمالاً كثيرة، منها تدبير محمد بن ياقوت عند استيلائه على أمر المملكة، وكان خال أبي وهو أبو علي هارون بن عبد العزيز الأوارجي المعروف الذي مدحه المتنبي متحققاً بصحبة أبي بكر محمد بن رائق، فلما لحق ابا بكر بن رائق ما لحقه بالموصل سار جدي وخال أبي الى الشام، والتقيا بالأخشيذ، وأقام والدي وعمي رحمهما الله بمدينة السلام، وهما حدثان إلى أن توطدت أقدام شيوخهما بتلك البلاد، وأنفذ الأخشيذ غلامه المعروف بفاتك المجنون الممدوح المشهور فحملها ومن يليهما إلى الرحبة وسار بهما على طريق الشام إلى مصر فأقامت الجماعة هناك إلى أن تجددت قوى المستولي على مصر فانتقلوا بكليتهم وحصلوا في حيز سيف الدولة أبي الحسن بن حمدان مدة حياته، واستولى جدي على أمره استيلاءً يشهد به مدائح أبي نصر بن نباته فيه، ثم غلب أبي من بعده على أمره وأمر ولده غلبة تدل عليها مدائع أبي العباس النامي فيه، ثم شجر بينهما ما يتفق مثله بين المتصاحبين في الدنيا ففارقه من الرحبة، وانحدر إلى الأنبار قاصداً مدينة السلام، فلما حصل بالأنبار وجد العراق مضطرباً، وبهاء الدولة رحمه الله في أول أمره غالباً فخوف من المقام، فركب مغرراً بنفسه قاصداً الشام ليتمكن من تعرف أخبارنا وافتكاك إسارنا، فإنا كنا بحلب معوقين من بعده، فلقي بمصر الحظوة التي عرفت، وليتها ما اتفقت، فإن ختامها كان سماً زعافاً وعقباها كان بوراً واجتياجاً، وانتقلت في أثره، وكانت والدتي من أهل العراق، ولنا إلى اليوم أملاك بالنعمانية موروثة، فكنا بمصر زوارا وبالعراق لما انتقلنا إليها قاطنين وأولافاً فهذا أولا حديث الأصل الذي وقع الاشتباه، وتم التمويه فيه. ثم أرجع إلى ذكر الدين فإني نشأت وغذيت بكتب الحديث وحفظ القرآن ومناقبة الفقهاء ومجالسة العلمء، والله ما رأيت قط بتلك البلاد مأدبة ولا وليمة الا لعرس، ولا كنت متشاغلاً إلا بعلم أو دين، ولقد سلم لي من جزازات كتبي ما هو اليوم دال على تشاغلي بالدين القيم، واستمراري على النهج الأسلم لأنه ليس كتاب من كتب السنة إلا وقد أحطت به رواية ورمته دراية، وها هنا اليوم نسختان من موطأ مالك سماعي من جهتين، وعليهما خطوط الشيخين والصحيحان لمسلم والبخاري، وجامع سفيان ومسانيد عدة عن التابعين، ولي، وأحمد الله، إملاءات عدة في تفسير القرآن وتأويله وتخريجات من الصحاح المذكورة، وسمعت كتاب المزني عن الطحاوي عن المزني، وأما الأحاديث المنثورة التي أبكر بكور الغراب لاستماعها، وأطرح زينة الدنيا في مزامحة أشياعها فأكثر من أن تحصى، فكيف يظن بمثلي ممن ظهر تماسكه إن كان لم يظهر باطنه تعلق بالهباء

المنثور، وتمسك بالضلال والزور. وذكر باقي الرسالة. وأنا اختصرتها. قرأت بخط أبي المكارم علي بن محمد بن محمد بن المطلب وزير تقي الدين عمر بن شاهنشاه. وذكر أنه نقل عن ظهر النسخة التي اختصر فيها الوزير أبو القاسم ابن المغربي كتاب اصلاح المنطق بخط أبيه أبي الحسن علي بن الحسين بن المغربي: ولد سلمه الله، وبلغه مبلغ الصالحين، أول وقت طلوع الفجر من ليلة صباحها يوم الأحد الثالث عشر من ذي الحجة سنة سبعين وثلاثمائة، واستظهر القرآن وعدة من الكتب المجردة في اللغة والنحو ونحو خمسة عشر ألف بيت من مختار الشعر القديم، ونظم الشعر وتصرّف في النثر، وبلغ من الخط ما يقصر عنه نظراؤه، ومن حساب المولّد والجبر والمقابلة وجميع الأدوات الى ما يستقل بدونه الكاتب، وذلك كله قبل استكماله أربع عشرة سنة، واختصر هذا الكتاب، فتناهي باختصاره، وأوفى على جميع فوائده حتى لم يفته شىء من ألفاظه، وغيّر من أبوابه ما أوجب التدبير تغييره للحاجة الىالاختصار، وجمع كل نوع إلى ما يليق به، ثم ذكرت له نظمه بعد اختصاره، فابتدأ به وعمل منه عدة أوراق في ليلة، وكان جميع ذلك قبل استكماله سبع عشر سنة، وأرغب الىلا الله في بقائه وسلامته. وذكر الصابيء في تاريخه قال: في شهر رمضان من سنة أربع عشرة وأربعمائة قبض على أبي علي الرخجي وتولى وزارة مشرف الدولة أبي علي أبو القاسم الحسين ابن علي بن الحسين المغربي، وكان سيء التدبير لنفسه مهوّراً قليل النظر في العواقب، مع ما كان فيه من الفضائل الأدبية.لمنثور، وتمسك بالضلال والزور. وذكر باقي الرسالة. وأنا اختصرتها. قرأت بخط أبي المكارم علي بن محمد بن محمد بن المطلب وزير تقي الدين عمر بن شاهنشاه. وذكر أنه نقل عن ظهر النسخة التي اختصر فيها الوزير أبو القاسم ابن المغربي كتاب اصلاح المنطق بخط أبيه أبي الحسن علي بن الحسين بن المغربي: ولد سلمه الله، وبلغه مبلغ الصالحين، أول وقت طلوع الفجر من ليلة صباحها يوم الأحد الثالث عشر من ذي الحجة سنة سبعين وثلاثمائة، واستظهر القرآن وعدة من الكتب المجردة في اللغة والنحو ونحو خمسة عشر ألف بيت من مختار الشعر القديم، ونظم الشعر وتصرّف في النثر، وبلغ من الخط ما يقصر عنه نظراؤه، ومن حساب المولّد والجبر والمقابلة وجميع الأدوات الى ما يستقل بدونه الكاتب، وذلك كله قبل استكماله أربع عشرة سنة، واختصر هذا الكتاب، فتناهي باختصاره، وأوفى على جميع فوائده حتى لم يفته شىء من ألفاظه، وغيّر من أبوابه ما أوجب التدبير تغييره للحاجة الىالاختصار، وجمع كل نوع إلى ما يليق به، ثم ذكرت له نظمه بعد اختصاره، فابتدأ به وعمل منه عدة أوراق في ليلة، وكان جميع ذلك قبل استكماله سبع عشر سنة، وأرغب الىلا الله في بقائه وسلامته. وذكر الصابيء في تاريخه قال: في شهر رمضان من سنة أربع عشرة وأربعمائة قبض على أبي علي الرخجي وتولى وزارة مشرف الدولة أبي علي أبو القاسم الحسين ابن علي بن الحسين المغربي، وكان سيء التدبير لنفسه مهوّراً قليل النظر في العواقب، مع ما كان فيه من الفضائل الأدبية.
قرأت بخط عبد القوي بن الجليس عبد العزيز بن الحباب في ذكر الوزير أبي القاسم قال: وذكر أن مولده كان بمصر في ليلة الأحد الثالث عشر من ذي الحجة سنة سبعين وثلاثمائة.
قلت: وهذا وهم، ولم يولد بمصر، وإنما ولد بحلب في التاريخ المذكور، لأن أباه في هذا التاريخ كان بحلب في خدمة أبي المعالي شريف بن سيف الدولة.

قرأت في الرسالة التي كتبها أبو الحسن علي بن منصور بن طالب الحلبي، المعروف بدوخلة، إلى أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان، وأجابه عنها أبو العلاء بن سليمان برسالة الغفران، ود ذكر كلاماً قال بعده: ثم سافرت منها - يعني من بغداد - الى مصر، ولقيت أبا الحسن المغربي، فألزمني أن لزمته لزوم الظل، وكنت منه مكان المثل في كثرة الانصاف والحنو والاتحاف، فقال لي سراً: أنا أخاف همة أبي القاسم تنزو به الى أن يوردنا ورداً لا صدر عنه، فإن كانت الأنفاس مما تحفظ وتكتب فاكتبها واحفظها وطالعني بها، فقال لي يوماً: ما نرى بالخمول الذي نحن فيه، فقلت له: وأي خمول هنا تأخذون من مولانا خلد الله ملكه في كل سنة ستة آلاف دينا، وأبوك من شيوخ الدولة، وهو معظّم مكرّم، فقال: أريد أن تصار الى ديواننا الكتائب والمواكب والمقانب، ولا أرضى بأن يجري علينا كالولدان والنسوان، فأعدت ذلك على أبيه فقال: ما أخوفني أن يخضب أبو القاسم هذه من هذه، وقبض على لحيته وهامته، وعلم أبو القاسم، فصارت بيني وبينه وقفة.
وذكر دوخلة أيضاً في هذه الرسالة أنه دخل أنطاكية، وخرج منها الى ملطية وبها المايسطرية خولة بنت سعد الدولة، قال: فأقمت عندها الى أن ورد عليّ كتاب أبي القاسم، فسرت الى ميافارقين، فكان يسر حسواً في ارتغاء، قال لي يوماً: لي أيام ما رأيتك؟ قلت: أعرضت حاجة؟ ال: لا، أردت أن ألعنك، قلت فالعني غائباً، قال: لا في وجهك أشفى، قلت: ولم؟ قال: لمخالفتك إياي فيما تعلم، وقلت له: ونحن على أنسٍ بيني وبينه: لي حرمات ثلاثة: البلدية، وتربية أبي لي، وتربيتي لأخوته، قال: هذه حرم مهتكة: البلدية نسب بين الجيران، وتربية أبي لك منّة عليك، وتربيتك لأخوتي بالدنانير والخلع، أردت أن أقول له: استرحت من حيث تعب الكرام، فخشيت جنونه، لأنه كان جنونه مجنوناً، وأصح منه مجنون، وأجنّ منه لا يكون، وأنشد:
جنونك مجنون ولست بواجد ... طبيبا يداوي من جنون جنون
بل جن جنانه ورفض شيطانه.
به جنّة مجنونة، غير أنها ... إذا حصّلت منها ألبّ وأعقل
قال: وكان أبو القاسم ملولاً والملول ربما ملّ الملال، وكان لا يملّ أن يمل ويحقد حقد من لا تلين كبده ولا تنحل عقده، قال: وقال لي بعض الرؤساء: أنت حقودا ولم يكن حقوداً، فقلت له: أنت لا تعرفه، والله ما كان يحنى عوده، ولا يرجى عوده، وله رأي يزين له العقوق ويمقتّ إليه رعاية الحقوق، بعيد من الطبع الذي هو للصدّ صدود وللتألف ألوف ودود، كأنه من كبره قد ركب الفلك واستوى على ذات الحبك، ولست ممّن يرغب في راغبٍ عن وصلته، أو ينزع الى نازع خلته، فلما رأيته سارداً جارياً في قلة انصافي على غلوائه، محوت ذكره عن صفحة فؤادي، واعتددت ودّه فيما سال به الوادي، وأنشدت الرجل أبياتاً أعتذر فيها عن قطعي له:
فلو كان منه الخير إذ كان شره ... عنيداً لقلنا إنّ خيراً مع الشر
ولو كان إذ لا خير لاشر عنده ... صبرنا وقلنا لا يرش ولا يببري
ولكنّه شرّ ولا خير عنده ... وليس على شر إذا دام من صبر
قال: وبغضي له - شهد الله حياً وميتاً - أوجبه أخذه محاريب الكعبة الذهب والفضة وضربها دنانير ودراهم، وسماها الكعبية، وأنهب العرب الرملة وخرّب بغداد، وكم دمٍ سفك، وحريم انتهك، وحرة أرمل وصبي أيتم. هذا ذكره علي بن منصور في رسالته الى أبي العلاء، وقد بلغه أنه ذكر لأبي العلاء فقال: أعرفه خبراً، هو الذي هجا أبا القاسم الحسين بن علي المغربي فكتب إليه بذلك إقامة لعذره في هجوه.
وقد كان بين أبي القاسم بن المغربي وبين علي بن المنصور ما يوجب أن لا يقبل قوله فيه، وقد ظفرت في بعض ما نقلته من خط بعض الأدباء ما ذكر أنه نقله من خط أبي القاسم الوزير: أنشدني علي بن منصور، إن صدق فيدل على ما ذكرته من حالهما.

قرأت بخط أبي عبد الله بن علي العظيمي، وأنبأنا أبو اليمن الكندي وغيره عنه قال: وزّر ببغداد الوزير أبو القاسم الحسين بن علي بن الحسين بن المغربي في رمضان سنة خمس عشرة وأربعمائة، بغير خلعة ولا لقب، ولا فارق الدراعة، وكان كاتبا مليحاً، شاعراً، منجماً وفيلسوفاً، قيما بعلوم كثيرة، وكان فيه حسد، وجرت له ببغداد أمور أو جبت استيحاشه من الخليفة، فنقل الى أن نزل على أبي نصر بن مروان على سبيل الضيافة، فمات عنده سنة ثماني عشرة وأربعمائة.
قرأت بخط عبد القوي بن عبد العزيز بن الحباب في ذكر الوزير أبي القاسم قال وكان ممدحاً ومقصوداً بالأدب من جميع من يتعلق به من العجم والعرب، مدحه مهيار بن مرزويه في يوم نوروز، وقد أحضرت إليه هدايا من الديلم والأتراك على عادتهم مع الوزراء في مثل اليوم المذكور، واستأذنه في الإنشاد فأذن له فأنشده قصيدته اللامية ومنها:
عسى معرض وجهه يقبل ... فيوهب للآخر الأول
فداك وتفعل ما لا تقول ... ممن يقول ولا يفعل
يلومك في الجود لمّا عرفت ... من شرف الجود ما يجهل
سللت على المال سيل العطاء ... فلاحيك في الجود مستقتل
ومنها.
أجرني أبت نحوه أن أضيع ... وانصر دعائي فلا أخذل
وصن بك وجهي عمن سواك ... فما مثل وجهي يستبذل
فلما انتهى إلى آخرها استحسنها وأعجب بها، وأشار إليه الى الناحية التي فيها الدنانير والدراهم، فجلس إليها، وفتح كمه الأيسر وجمع إليه بيده اليمنى حتى ملأه، ثم فتح كمه الأيمن وجمع إليه بيده اليسرى الى أن لم يبق على الأرض دينار ولا درهم، ونهض فقبل الأرض وانصرف، وسئل عما حصل له، فذكر أن مبلغه ألفاً ومائة ونيفا وعشرين ديناراً، وسبعة آلاف وثلاثمائة درهم، وهذا عطاء ما سمع بمثله ممن جاد في وقته لشاعر سواه.
قال وكان قد عبث به بعض شعراء البغداديين عندما جرى له وهو في الوزارة ما أوجب له الخروج من بغداد، فقال فيه:
ويلي وويحي وويهي على ملوك بويه ... يا ضيعة المللك جداً ويا بكائي عليه
يا مغربي رويداً كيف اهتديت اليه ... سلبته كل حلي في جيده ويديه
سياسة الملك ليست ما جاء عن سيبويه ثم لقيته بميافارقين فأراد أن يستدرك ما فاته، ويعتذر سبق منه، فقال فيه:
يا معجز الله الذي حل في أعلى محل ... لما رأيت الملك في هون ومضيعة وقل
أكبرت نفسك أن تدبر أمر ملك مضمحل وهذا الشاع المذكور الذي هجاه ثم مدحه هو أبو عبد الله الخيمي اتلشاعر وقيل إنه عمل الأبيات اللامية لما حصل أبو القاسم عند قرواش بن مقلد بن مسيب، وأنه دخل إليه في جملة الشعراء مادحاً، فقال بأي وجه تلقاني؟ فقال جوأبي لك جواب أبي الهول الحميري الفضل بن يحيى، وقد سأله مثل هذه المسألة فقال: بالوجه الذي ألقى به ربي وذنوبي إليه أكثر من ذنوبي إليك وأنشده: يا معجز الله - الأبيات، وذكر بيتاً ثانياً بعد الأول: ورأى جميع ممالك الدنيا تعلي مستقل فقال: قد قبلت عذرك، وأنا فاعل بك ما فعله الفضل بأبي الهول.
أخبرنا القاضي أبو النصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي فيما أذن لنا في روايته عنه. قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: الحسين بن علي بن الحسين ابن محمد المغربي بن يوسف بن بحر بن بهرام بن المرزبان بن ماهان بن ماذام بن ساسان الحرون بن بلاش بن خايناشف بن فيروز بن يزدجرد بن بهرام جور بن يزدجرد، أبو القاسم بن أبي الحسن الوزير كان مع أبيه بمصر، فلما قتل الملقب بالحاكم أباه هرب من مصر واستجار بحسان بن المفرج بن دغفل بن الجراح الطائي ومدحه فأجاره وسكّن جأشه وأزال خوفه واستيحاشه، فأقام عنده محترماً، ثم رحل عنه مكرماً وتوجه إلى العراق، واجتاز البلقاء من أعمال دمشق، ووزر لقريش أمير عقيل، ووزر لابن مروان صاحب ديار بكر.
وكان أديباً مسترسلاً، وشاعراً فاضلاً، ذا معرفة بصناعتي الكتابة الانشائية والحسأبية، وحدّث عن الوزير أبي الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات المعروف بابن حنزابه، روى عنه ابنه أبو يحيى عبد الحميد بن الحسين، وأبو الحسن بن الطيب الفارقي.
قول الحافظ: ووزر لقريش، وهم وإنما هو قرواش.

وقرأت في جزء، سيّره لي الشريف أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بخطّه، وذكر أنه نقله من خط خلف بن عبد الله بن هبة بن جرير السعدي قال: الوزير أبو القاسم الحسين بن علي بن الحسين المغربي، وقال: وكان أبو القاسم عارفاً فضيلاً وبليغاً مترسلاً، ومفتناً في كثير من العلوم الدينية والأدبية والنجومية، ومشار إليه في قوة الذكاء والفطنة، وسرعة الخاطر والبديهة. قال: وكان خبيث الباطن، كثير الحيل، شديد الحسد على الفضل وإن أظهر الميل الى أهله.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أنشدني أو صالح قراطاش بن طنطاش الظفري - إملاءً من حفظه - قال: أنشدنا أبو محمد علي بن عبد القاهر بن آسي قال: أنشدني أبو أسامة قال: أنشدني الوزير أبو القاسم المغربي لنفسه.
قال: وقد كان بنى داراً جديدة، فانتقل اليها فما جاءه النوم الليلة الأولى لتغير المكان، فأنشد هذه الأبيات:
إني أبثك من حديثي ... والحديث له شجون
فارقت موضع موطني ... ليلاً ففارقني السكون
قل لي فأول ليلة ... في القبر كيف ترى أكون
أخبرني الحافظ محب الدين أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار البغدادي قال: أخبرني أبو الفتح بن عبد الله بن محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب ببغداد قال أخبرني جدي أبو الفتح محمد بن علي قال: أنشدنا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي قال: أنشدنا الوزير أبو القاسم الحسين بن علي المغربي لنفسه:
تأمل من أهواه صفرة خاتمي ... فقال حبيبي لم تجنبت أحمره
فقلت له من أحور كان لونه ... ولكن غرامي حل فيه فغيره
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الحموي قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي - إجازة إن لم كن سماعاً - قال: أنشدني أبو نصر عبد الله بن عبد العزيز بن المؤمل الرسولي ببغداد قال: أنشدني علي بن السكن الفارقي بميا فارقين قال: أنشدني الوزير أبو القاسم علي بن الحسين المغربي لنفسه:
عزال حبه الصبر غربٌ ... ولكن وجهه للحسن شرق
رددت وقد تبسم عنه طفي ... وقلت له: ترى لي فيك رزق
سأرجو الوصل لا أني جدير ... ولا قدري لقدرك فيه رفق
ولكن لست أول من تمنى ... من الدنيا الذي لا يستحق
أخبرنا أبو هاشم بن عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال: أنشدني أبو صالح قراطاش بن طنطاش الظفري - إملاء - قال: أنشدني أبو عبد الله محمد بن جرده قال: أنشدني الوزير أبو القاسم المغربي لنفسه:
من بعد ملكي رمتم أن تغدروا ... ما بعد فرقة بائعين تخير
ردوا الهدّو كما عهدت إلى ... الحشا والمقلتين إلى الكرى ثم اهجروا
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوي بالقاهرة، قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السّلفي قال: أخبرنا أبو علي أحمد بن محمد بن أحمد البرداني قال: أنشدني بعض أصحابنا للوزير أبي القاسم علي بن الحسين بن المغربي وقد اجتاز بهيت فزار قبر عبد الله بن المبارك وقال:
مررت بقبر ابن المبارك زائراً ... فأوسعني وعظا ولست بناطق
وقد كنت بالعلم الذي في جوانحي ... غنياً وبالشيب الذي في مفارقي
ولكن أرى الذكرى تنبه عبرة ... إذ هي جاءت من رجال الحقائق
كذا وقع أبي القاسم عليّ وكذا ذكره علي بن السكن الفارقي، وهو خطأ، وعلي أبوه.
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن المقير - إذنا وقد سمعت منه غيره - قال: أخبرنا أبو طالب المبارك بن علي بن محمد بن خضير الصيرفي قال: أخبرنا أبو سعد أحمد بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي، قراءة عليه، قال: أنبأنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي قال: أنشدنا أبو القاسم الحسين بن علي بن المغربي لنفسه:
ترنم جاري والمدام تهزه ... ترنم قمري بفرعة ضال
فجاوبته من زفرتي بمغرّدٍ ... وناوبته من أدمعي بسبال

وقلت له يا جار هل أنت آمن ... تفرق أحباب وحرب ليال
تهيج لي الذكرى مراحك كلما ... هزجت فيشقى في نعيمك بالي
لئن جمعت بيني وبينك حليتي ... لقد فرقت بيني وبينك حالي
تذكرت دار الحي إذ أنا باسط ... ظلالي ومجموع لديّ رجالي
وإذ أنا بين الناس منزع ... آمل لبثّ نوال أو بناء معال
لعمري لقد أسهلت في الأرض بعدما ... تزحزح عن ريب الزمان جبالي
أخبرنا أبو هاشم الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن المنصور قال: سمعت أبا القاسم اسماعيل بن أبي بكر السمرقندي، مذاكرة، يقول: ما بقي في الدنيا ما يروي معجم أبي الحسين بن جميع غيري ولا بدمشق أيضا ولا عن أبي الحسن عبد الدائم بن الحسن الهلالي ثم أنشد:
وأعجب ما في الأمر أني عشت بعدهم ... على أنهم ما خلفوا فيّ من بطش
ثم قال: وهذا البيت من قطعة أنشدناها أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي للوزير أبي القاسم بن المغربي:
وما ظبية أدماء تحنو على طلاً ... ترى الأنس وحشاً وهي تأنس بالوحش
غدت فأرتعت ثن انثنت لرضاعة ... فلم تلف شيئاً من قوائمه الحمش
فطافت بذاك القاع ولهى فصادت ... سباع الفلا ينهشنه أيمّا نهش
بأوجع مني يوم طلّت أنامل ... تودّعني بالدر من شبك النقش
وأحمالهم تحدى وقد خيل الهوى ... كأن مطاياهم على ناظري تمشي
وأعجب ما في الأمر أني عشت بعدهم ... على أنهم ما خلفوا في من بطش
قرأت في بعض الفوائد أن الوزير أبو القاسم الحسين بن علي بن المغربي أرق ذات ليلة أرقاً شديداً، فكان لا يزداد إلا فلقاً ولا يزداد الليل إلا طولاً، فقال لبعض ندمائه: أي شيء تعرف من الشعر في طول الليل والسهر والقلوب؟ فقال: قول بشار بن برد:
جفت عيني عن التغميض حتى ... كأن جفونها عنها قصار
أقول وليلتي تزداد طولاً ... أما لليل عندكم نهار
فقال: صدقت وأحسنت ثم قال على البديهة:
عهدي به ورداء الوصل يجمعنا ... والليل أطوله كاللمح بالبصر
فالآن ليلي مذ غأبوا فديتهم ... ليل الضرير وصبحي غير منتظر
نقلت من خط جلال الدولة أبي عبد الله محمد بن علي بن عبّاد الكاتب المصري في شكةٍ له ما صورته: رأيت في بعض تعاليق الوزير أبي القاسم بن المغربي أبياتاً كتب بها إلى إلفٍ له في بعض الأغراض وشفعها بأبيات أخرى وقعت مني موقع الإستطراف والإستظراف ونافست نفسي في الانفراد بها عن حضرته العالية، والإستئثار بها دونها، فأثبتها وهي:
يامن القلب هائم لم يستطع ... ذكر سام من يهواه من إشفاقه
ولعاشق غلبت عليه خجلة ... فكأنه المعشوق في اطراقه
ينهي عن البث المريح لسانه ... فيموت مطوياً على أشواقه
سمع الغناء فرد سيل دموعه ... من بعد ما ذابت على آماقه
عبقٌ من الأشواق لو هزت به ... أعطاف غصن سل من أوراقه
كتم الهوى من بعد ما نمت به ... ريّاً كنشر الروض من أخلاقه
ولدى الهوى العذري طيب شمائل ... ما مثلها تخفض على ذواقه
وأرى اللقاء مع الحياء مقابلاً ... مني ومنه مثل بعد فراقه
أو بجمع الشوق المبرح طالباً ... ما بين مركز دملجيه وساقه
قال وكان بينه وبين الالف الذي كتب هذه الأبيات إليه محالفة لطيفة في الله عز وجل على مذهب التصوف، ثم اعترض الدهر بينهما بقدحه بين القرناء فخافا من اتصال الممازجة قالة الأعدء، فصرم حبله واستبقى بذلك في الباطن وصله، واتفق أن ضاق صدر ذلك الأليف عن هذه السياسة فاعتل ومات، فقال يرثيه ويعرض ببعض الأغراض التي قل ما قيل في مثلها:
لقد بؤت من دين المروءة بالكفر ... وأصبحت أغشي صفحة الغدر بالغدر
عصيت الهوى العذري في هجر شادن ... أضعت بهجراني له فرصة الدهر

نمى في حجور الملك ثم ملكته ... بظل شباب حازه لي وما أدري
فقيد فتكي في هواه إنابة إلى ... الله خلت دمعه واكفاً يجري
يهون عليه أن تساعفه المنى ... وأرجم يوم البعث في لهب الجمر
وما زال هجرانيه حتى تركته ... جدثياً برغمي مودعاً أضلع القبر
لقد كان ذاك القبر يوم أزوره ... يعلق ثوبي شاكياً ألم الهجر
بنفسي من خوفي من الاثم قادني ... إلى الأثم فاستوفيت من قتله وزري
مضى والتقى والحسن حشو ثيابه ... وأورثني منه الأسى آخر العمر
وقال في مثل ذلك أيضاً:
تركت بشط النيل لي سكناً فرداً ... حبست عليه الدمع أن يطأ الخدا
غزال طواه الموت من بعد هجرةٍ ... أطعنا فلا كنا بها الأسد الوردا
فسقيا لمهجور العناء كانني أعدٍ ... له ذنباً وأطوي له حقدا
أسميه من فرط الصبابة مضجعاً ... ولو طاوعت نفسي لسميته لحدا
وآخر عهدي من حبيبي أنه مضى ... يحسب الأعراض عن هجرةٍ قصدا
وزودني يوم الحمام صحيفة ... وثنى شعارٍ لا جديداً ولا جردا
قال: يصف أن ذلك الأليف، يوم موته، كتب اليه رقعة يستودعه فيها العهد الذي بينه وبينه، ويحتسب الله عليه في هجرانه، وأنقذ إليه معها إزاراً كان كثير الالتحاف به على سبيل التذكار:
أداوي به تخفاق قلبي كأنني ... أضم اليه صاحب البرد لا البردا
وقد كنت بالتقبيل أمحو رقاعه ... فصرت بماء الدمع أغسل وجدا
عدمت فؤادي كم أرجي انصداعه ... ويبقى على غدر الزمان صفاً صلدا
بكيت دفينا ليته كان باكيا ... علي فقاسي دوني الثكل والفقدا
مضى والتقى والنسك حشو ثيابه ... ورحّل عنها الحسن والظرف والحمدا
حرام علي أيدي الحرام ممنّع ... وإن كان أيدي الحب يشغله وفدا
فيا ليت شعري عنك والترب بيننا ... وذاك وإن قرّبته نازح جدا
منحت الثرى تلك المحاسن أم ترى ... غصبت عليها أم سمحت بها عمدا
أبحت الرضابالعذب بعد تمنع ... وأبرزت ذاك الجيد والفاحم الجعدا
طوت بعدك الدنيا رداء جمالها ... فلا روضها يحلى ولا تربها يندى
ونقلت من خط أبي عبد الله بن عباد الكاتب، ومن خط القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني واختاره كل واحد منهما لأبي القاسم الحسين بن علي بن المغربي.
يارب ظبي قد طرقت ... وساده في الليل سراً
ففششت قفلاً من عقيق ... أحمر وسرقت درا
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي وأنبأنا عنه المؤيد بن محمد الطوسي قال كتب أبو القاسم بن المغربي الى الحاكم يقول:
وأنت وحسبي أنت تعلم أن لي ... لساناً وراء المجد يبني ويهدم
وليس حليماً من تقبل كفه ... فيرضى ولكن من تعض فيحلم

قلت وهذان البيتان كتبهما الى الحاكم بعد أن قتل الحاكم أباه علياً، وعمه محمد على ما نذكره في ترجمة أبيه علي ان شاء الله، وطلب الحاكم أبا القاسم وأخويه، فظفر بأخويه فقتلهما واستتر أبو القاسم وهرب إلى الشام مع بعض العربان، وحصل عند حسان بن المفرج واستجار به، وأشار على حسان بمباينة الحاكم ولقاء يارختكين حين سيره الحاكم إلى الشام فالتقاه وأسره وضرب عنقه، ثم اجتمع أبو القاسم بالمفرج وولده وأشار عليهم بمراسلة أبي الفتوح الحسن بن جعفر العلوي أمير مكة ومبايعته، وترسل إليه عنهم بنفسه، وسهل عليه الأمر فطمع وبايعه بنو حسن وتلقب بالراشد، وصعد المنبر وخطب لنفسه وسار ابن المغربي برسالته إلى العرب كلها من سليم وهلال وعوف بن عامر وغيرهم ثم سار به وبمن اجتمع اليه الى الشام ودخل به الرملة فتلقاه بنو الجراح وقبلوا الأرض بين يديه، وسلموا عليه بإمرة المؤمنين، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وخطب بها على المنبر فعظم ذلك على الحاكم فكتب الى حسان والى أبيه المفرج وبذل لهما بذولاً كثيرة حتى فلهما عن ذلك الجمع، وجعلهما في حيرة وضعف أمر أبي الفتوح، وبان له تغير آل الجراح، فخاف أن تخرج مكة من يده، فاستجار بالمفرج، وطلب منه أن يبلغه مأمنه ويسيره الى وطنه، فحفظ المفرج ذمامه، وسيره مع من أجازه وادي القرى، وتلقاه بنو حسن ومضوابه إلى مكة، وكتب الى الحاكم واعتذر له فقبل عذره.
قرأت بخط عبد القوي بن القاضي الجليس عبد العزيز بن بن الحباب في جزء جمع فيه شيئاً من أحوال أبي القاسم بن المغربي، قال فيه - وأجاز لنا عبد القوي الرواية عنه - : فأما أبو القاسم بن المغربي فانه كتب إلى الحاكم كتاباً صدره بقوله:
وأنت وحسبي أنت تعلم أن لي ... لساناً أمام المجد يبني ويهدم
وليس حليماً من تباس يمينه ... فيرضى ولكن من تعض فيحلم
فسيّر إليه أماناً بخطه نسخته.
بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب كتبه المنصور أبو عليّ الإمام الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين بن الإمام العزيز بالله أمير المؤمنين الحسين بن علي بن الحسين المغربي: إنك آمن بأمان الله ورسوله محمد المصطفى وأبينا علي المرتضى والائمة من آلهما مصابيح الدجى صلى الله عليه وسلم، وأمان أبينا الأقرب نزار أبي المنصور العزيز بالله أمير المؤمنين، قدس الله روحه، وصلى عليه، على النفس والجسم وجميع الجوارح والحواس والمال والحال والأهل والأقارب، والأنساب، أماناً ماضياً لا يتعقب بتأوبل ولا يتبع بفسخ ولا تبديل وان الامام الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين آمن حسين بن علي بهذا الأمان، بعد أن تحقق له ذنوباً كبيرة، وإجراماً عظيمة فصفح عن علم، وتجاوز عن معرفة وحلم، وجعل هذا الأمان كالإسلام الذي يمحو ما قبله، ويمهد الخير لما بعده، فكل سعاية ووشاية وذنب وجريمة تنسب الى حسين بن علي هذا، قد تحقق أمير المؤمنين أكثر منها وصفح عنه فلا يدله عليه إلا بالإحسان إليه، وإن لحسن بن علي هذا اختياره عند وقوفه على هذا الكتاب في انكفائه الى الباب العزيز والتعرض للخدمة، أو التوفر على العبادة لا يكره على خدمة يستعفي منها، ولا تقبل عليه الأقاوبل في خدمة تتعلق بها، وأقسم أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله على ذلك بأيمان الله وغليظ مواثيقه، وبيته الحرام، ومشاعره العظام، وآياته الكرام، وحقوق جميع آبائه عليهم السلام، فمتى غيّر أو بدّل، أو أمر، أو أملى أو أسرّ، أو أعلن، أو دس، أو اغتال فجميع المسلمين في شرق الأرض وغربها وفي الموقان والري، وجدة وأذربيجان والدينور وهمذان، والسهل والجبل، والقريب والبعيد، والعراق والشام، وديار ربيعة وديار بكر وديار مضر وحلب، ومصر والحجاز والمغرب، في حل وسعة من بيعته، وقد فسح الله لهم، وفسح أمير المؤمنين في النكث لها، وبرأ نفسه مما أوجبه عليهم والتزموه في أعناقهم، وقد برىء من الله ورسوله، والله ورسوله منه بريئان، وبرئ اليه من حوله وقوته، والتجى إلى حول نفسه وقوتها، وأشهد الله وملائكته وصالحي خلقه على نفسه بذلك كله أماناً مؤكداً، وزماماً مؤبداً، وعهداً مسؤولاً، وميثاقاً محفوظاً مرعياً، وكفى بالله شهيدا.
وكتب المنصور بيده.

=

=

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مجلد11.و12. من كتاب بغية الطلب في تاريخ حلب المؤلف : ابن العديم

  11. مجلد11. من كتاب بغية الطلب في تاريخ حلب المؤلف : ابن العديم ابن عبد العزى بن رباح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب القرشي العدوي،...