3 |
|
صفحة الكتاب |
نص شرح إبن عقيل |
3 |
بسم الله الرحمن الرحيم حروف الجر هاك حروف الجر وهي من إلى حتى خلا حاشا عدا في عن على مذ منذ رب اللام كي واو وتا والكاف والباء ولعل ومتى هذه الحروف العشرون كلها مختصة بالأسماء وهي تعمل فيها الجر وتقدم الكلام على خلا وحاشا وعدا في الاستثناء وقل من ذكر كي ولعل ومتى في حروف الجر فأما كي فتكون حرف جر في موضعين أحدهما إذا دخلت على ما الاستفهامية نحو كيمة أي لمه فما استفهامية مجرورة بكى وحذفت ألفها لدخول حرف الجر عليها وجيء بالهاء للسكت |
4 |
الثاني قولك جئت كي أكرم زيدا فأكرم فعل مضارع منصوب بأن بعد كى وأن والفعل مقدران بمصدر مجرور بكى والتقدير جئت كي إكرام زيد أي لإكرام زيد وأما لعل فالجر بها لغة عقيل ومنه قوله لعل أبي المغوار منك قريب |
5 |
وقوله لعل الله فضلكم علينا بشيء أن أمكم شريم ف أبي المغوار والاسم الكريم مبتدآن وقريب وفضلكم خبران ولعل حرف جر زائد دخل على المبتدأ فهو كالباء في بحسبك درهم |
6 |
وقد روى على لغة هؤلاء في لامها الأخيرة الكسر والفتح وروى أيضا حذف اللام الأولى فتقول عل بفتح اللام وكسرها وأما متى فالجر بها لغة هذيل ومن كلامهم أخرجها متى كمه يريدون من كمه ومنه قوله شربن بماء البحر ثم ترفعت متى لجج خضر لهن نئيج |
7 |
وسيأتي الكلام على بقية العشرين عند كلام المصنف عليها ولم يعد المصنف في هذا الكتاب لولا من حروف الجر وذكرها في غيره ومذهب سيبويه أنها من حروف الجر لكن لا تجر إلا المضمر فتقول لولاى ولولاك ولولاه فالياء والكاف والهاء عند سيبويه مجرورات ب لولا وزعم الأخفش أنها في موضع رفع بالابتداء ووضع ضمير الجر موضع ضمير الرفع فلم تعمل لولا فيها شيئا كما لا تعمل في الظاهر نحو لولا زيد لأتيتك وزعم المبرد أن هذا التركيب أعنى لولاك ونحوه لم يرد من لسان العرب وهو محجوج بثبوت ذلك عنهم كقوله أتطمع فينا من أراق دماءنا ولولاك لم يعرض لأحسابنا حسن |
9 |
وقوله وكم موطن لولاي طحت كما هوى بأجرامه من قنة النيق منهوى |
10 |
بالظاهر أخصص منذ مذ وحتى والكاف والواو ورب والتا وأخصص بمذ ومنذ وقتا وبرب منكرا والتاء لله ورب وما رووا من نحو ربه فتى نزر كذا كها ونحوه أتى |
11 |
من حروف الجر ما لا يجر إلا الظاهر وهي هذه السبعة المذكورة في البيت الأول فلا تقول منذه ولا مذه وكذا الباقي ولا تجر منذ ومذ من الأسماء الظاهرة إلا أسماء الزمان فإن كان الزمان حاضرا كنات بمعنى في نحو ما رأيته منذ يومنا أي في يومنا وإن كان الزمان ماضيا كانت بمعنى من نحو ما رأيته مذ يوم الجمعة أي من يوم الجمعة وسيذكر المصنف هذا في آخر الباب وهذا معنى قوله واخصص بمذ ومنذ وقتا وأما حتى فسيأتي الكلام على مجرورها عند ذكر المصنف له وقد شذ جرها للضمير كقوله فلا والله لا يلفى أناس فتى حتاك يا ابن أبي زياد |
12 |
ولا يقاس على ذلك خلافا لبعضهم ولغة هذيل إبدال حائها عينا وقرأ ابن مسعود فتربصوا به حتى حين وأما الواو فمختصة بالقسم وكذلك التاء ولا يجوز ذكر فعل القسم معهما فلا تقول أقسم والله ولا أقسم تالله ولا تجر التاء إلا لفظ الله فتقول تالله لأفعلن وقد سمع جرها رب مضافا إلى الكعبة قالوا ترب الكعبة وهذا معنى قوله والتاء لله ورب وسمع أيضا تالرحمن وذكر الخفاف في شرح الكتاب أنهم قالوا تحياتك وهذا غريب ولا تجر رب إلا نكرة نحو رب رجل عالم لقيت وهذا معنى قوله وبرب منكرا أي واخصص برب النكرة وقد شذ جرها ضمير الغيبة كقوله واه رأبت وشيكا صدع أعظمه وربه عطبا أنقذت من عطبه |
13 |
كما شذ جر الكاف له كقوله خلى الذنابات شمالا كثبا وأم أوعال كها أو أقربا |
14 |
وقوله ولا ترى بعلا ولا حلائلا كه ولا كهن إلا حاظلا وهذا معنى قوله وما رووا البيت أي والذي روى من جر رب المضمر نحو ربه فتى قليل وكذك جر الكاف المضمر نحو كها |
15 |
بعض وبين وابتدىء في الأمكنه بمن وقد تأتي لبدء الأزمنة وزيد في نفي وشبهه فجر نكرة كمالبالغ من مفر تجيء من للتبعض ولبيان الجنس ولابتداء الغاية في غير الزمان كثيرا وفي الزمان قليلا وزائدة فمثالها للتبعيض قولك أخذت من الدراهم ومنه قوله تعالى ومن الناس من يقول آمنا بالله ومثالها لبيان الجنس قوله تعالى فاجتنبوا الرجس من الأوثان ومثالها لابتداء الغاية في المكان قوله تعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى ومثالها لابتداء الغاية في الزمان قوله تعالى لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه وقول الشاعر |
16 |
تخيرن من أزمان يوم حليمة إلى اليوم قد جربن كل التجارب ومثال الزائدة ما جاءني من أحد ولا تزاد عند جمهور البصريين إلا بشرطين |
17 |
أحدهما أن يكون المجرور بها نكرة الثاني أن يسبقها نفي أو شبهه والمراد بشبه النفي النهى نحو لا تضرب من أحد والاستفهام نحو هل جاءك من أحد ولا تزاد في الإيجاب ولا يؤتى بها جارة لمعرفة فلا تقول جاءني من زيد خلافا للأخفش وجعل منه قوله تعالى يغفر لكم من ذنوبكم وأجاز الكوفيون زيادتها في الإيجاب بشرط تنكير مجرورها ومنه عندهم قد كان من مطر أي قد كان مطر للانتها حتى ولام وإلى ومن وباء يفهمان بدلا يدل على انتهاء الغاية إلى وحتى واللام والأصل من هذه الثلاثة إلى فلذلك بحر الآخر وغيره نحو سرت البارحة إلى آخر الليل أو إلى نصفه ولا تجر حتى إلا ما كان آخرا أو متصلا بالآخر كقوله |
18 |
تعالى سلام هي حتى مطلع الفجر ولا تجر غيرهما فلا تقول سرت البارحة حتى نصف الليل واستعمال اللام للانتهاء قليل ومنه قوله تعالى كل يجرى لأجل مسمى ويستعمل من والباء بمعنى بدل فمن استعمال من بمعنى بدل قوله عز وجل أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة أي بدل الآخرة وقوله تعالى ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون أي بدلكم وقول الشاعر جاريه لم تأكل المرققا ولم تذق من البقول الفستقا |
19 |
أي بدل البقول ومن استعمال الباء بمعنى بدل ما ورد في الحديث ما يسرني بها حمر النعم أي بدلها وقول الشاعر فليت لي بهم قوما إذا ركبوا شنوا الإغارة فرسانا وركبانا واللام للملك وشبهه وفي تعدية أيضا وتعليل قفى وزيد والظرفية استبن بباو في وقد يبينان السببا |
20 |
تقدم أن اللام تكون للانتهاء وذكر هنا أنها تكون للملك نحو لله ما في السموات وما في الأرض والمال لزيد ولشبه الملك نحو الجل للفرس والباب للدار وللتعدية نحو وهبت لزيد مالا ومنه قوله تعالى فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب وللتعليل نحو جئتك لإكرامك وقوله وإني لتعروني لذكراك هزة كما انتفض العصفور بلله القطر |
21 |
وزائدة قياسا نحو لزيد ضربت ومنه قوله تعالى إن كنتم للرؤيا تعبرون وسماعا نحو ضربت لزيد وأشار بقوله والظرفية استبن إلى آخره إلى معنى الباء وفي فذكر أنهما اشتركا في إفادة الظرفية والسببية فمثال الباء للظرفية قوله تعالى وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أي وفي الليل ومثالها للسببية قوله تعالى فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا ومثال في للظرفية قولك زيد في المسجد وهو الكثير فيها ومثالها للسببية قوله دخلت امرأة النار في هرة حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض |
22 |
بالبا استعن وعد عوض ألصق ومثل مع ومن وعن بها انطق تقدم أن الباء تكون للظرفية وللسببية وذكر هنا أنها تكون للاستعانة نحو كتبت بالقلم وقطعت بالسكين وللتعدية نحو ذهبت بزيد ومنه قوله تعالى ذهب الله بنورهم وللتعويض نحو اشتريت الفرس بألف درهم ومنه قوله تعالى أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة وللإلصاق نحو مررت بزيد وبمعنى مع نحو بعتك الثوب بطرازه أي مع طرازه وبمعنى من كقوله شربن بماء البحر أي من ماء البحر وبمعنى عن نحو سأل سائل بعذاب أي عن عذاب وتكون الباء أيضا للمصاحبة نحو فسبح بحمد ربك أي مصاحبا حمد ربك علي للاستعلا ومعنى في وعن بعن تجاوزا عني من قد فطن |
23 |
وقد تجيء موضع بعد وعلى كما على موضع من قد جعلا تستعمل على للاستعلاء كثيرا نحو زيد على السطح وبمعنى في نحو قوله تعالى ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها أي في حين غفلة وتسعتمل عن للمجاوزة كثيرا نحو رميت السهم عن القوس وبمعنى بعد نحو قوله تعالى لتركبن طبقا عن طبق أي بعد طبق وبمعنى على نحو قوله لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب عني ولا أنت دياني فتخزوني |
24 |
أي لا أفضلت في حسب على كما استعملت على بمعنى عن في قوله |
25 |
إذا رضيت على بنو قشير لعمر الله أعجبني رضاها أي إذا رضيت عني شبه بكاف وبها التعليل قد يعني وزائدا لتوكيد ورد تأتي الكاف للتشبيه كثيرا كقولك زيد كالأسد وقد تأتى |
26 |
للتعليل كقوله تعالى واذ كروه كما هداكم أي لهدايته إياكم وتأتى زائدة للتوكيد وجعل منه قوله تعالى ليس كمثله شيء أي مثله شيء ومما زيدت فيه قول رؤبة لواحق الأقراب فيها كالمقق أي فيها المقق أي الطول وما حكاه الفراء أنه قيل لبعض العرب كيف تصنعون الأقط فقال كهين أي هينا |
27 |
واستعمل اسما وكذا عن وعلى من أجل ذا عليهما من دخلا استعمل الكاف اسما قليلا كقوله أتنتهون ولن ينهى ذوى شطط كالطعن يذهب فيه الزيت والفتل |
28 |
فالكاف اسم مرفوع على الفاعلية والعامل فيه ينهى والتقدير ولن ينهى ذوى شطط مثل الطعن واستعملت على وعن اسمين عند دخول من عليهما وتكون على بمعنى فوق وعن بمعنى جانب ومنه قوله غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها تصل وعن قيض بزيزاء مجهل |
29 |
أي غدت من فوقه وقوله ولقد أراني للرماح دريثة من عن يميني تارة وأمامي أي من جانب يميني |
30 |
ومذ ومنذ أسمان حيث رفعا أو أوليا الفعل كجئت مذدعا وإن يجرا في مضى فكمن هما وفي الحضور معنى في استبن |
31 |
تستعمل مذ ومنذ اسمين إذا وقع بعدهما الاسم مرفوعا أو وقع بعدهما فعل فمثال الأول ما رأيته مذ يوم الجمعة أو مذ شهرنا فمذ اسم مبتدأ خبره ما بعده وكذلك منذ وجوز بعضهم أن يكونا خبرين لما بعدهما ومثال الثاني جئت مذدعا فمذ اسم منصوب المحل على الظرفية والعامل فيه جئت وإن وقع ما بعدهما مجرورا فهما حرفا جر بمعنى من إن كان المجرور ماضيا نحو ما رأيته مذ يوم الجمعة أي من يوم الجمعة وبمعنى في إن كان حاضرا نحو ما رأيته مذ يومنا أي في يومنا وبعد من وعن وباء زيد ما فلم يعق عن عمل قد علما تزاد ما بعد من وعن والباء فلا تكفها عن العمل كقوله تعالى |
32 |
مما خطيئاتهم أغرقوا وقوله تعالى عما قليل ليصبحن نادمين وقوله تعالى فبما رحمة من الله لنت لهم وزيد بعد رب والكاف فكف وقد تليهما وجر لم يكف تزاد ما بعد الكاف ورب فتكفهما عن العمل كقوله فإن الحمر من شر المطايا كما الحبطان شر بني تميم |
33 |
وقوله ربما الجامل المؤبل فيهم وعناجيج بينهن المهار |
34 |
وقد تزاد بعدهما ولا تكفهما عن العمل وهو قليل كقوله ماوى لا ربتما غارة شعواء كاللذعة بالميسم |
35 |
وقوله وننصر مولانا ونعلم أنه كما الناس مجروم عليه وجارم وحذفت رب فجرت بعد بل والفا وبعد الواو شاع ذا العمل |
36 |
لا يجوز حذف حرف الجر وإبقاء عمله إلا في رب بعد الواو وفيما سنذكره وقد ورد حذفها بعد الفاء وبل قليلا فمثاله بعد الواو قوله وقاتم الأعماق خاوى المخترقن ومثاله بعد الفاء قوله فمثلك حبلى فد طرقت ومرضع فألهيتها عن ذي تمائم محول |
37 |
ومثاله بعد بل قوله بل بلد ملء الفجاج قتمه لا يشترى كتانه وجهرمه |
38 |
والشائع من ذلك حذفها بعد الواو وقد شذ الجر برب محذوفة من غير أن يتقدمها شيء كقوله رسم دار وقفت في طلله كدت أقضى الحياة من جلله |
39 |
وقد يجر بسوى رب لدى حذف وبعضه يرى مطردا الجر بغير رب محذوفا على قسمين مطرد وغير مطرد فغير المطرد كقول رؤبة لمن قال له كيف أصبحت خير والحمد لله التقدير على خير وقول الشاعر إذا قيل أي الناس شر قبيلة أشارت كليب بالأكف الأصابع |
40 |
أي أشارت إلى كليب وقوله وكريمة من آل قيس ألفته حتى تبذخ فارتقى الأعلام أي فارتقى إلى الأعلام |
41 |
والمطرد كقولك بكم درهم اشتريت هذا فدرهم مجرور بمن محذوفة عند سيبويه والخليل وبالإضافة عند الزجاج فعلى مذهب سيبويه والخليل يكون الجار قد حذف وأبقى عمله وهذا مطرد عندهما في مميز كم الاستفهامية إذا دخل عليها حرف الجر |
42 |
الإضافة نونا تلى الإعراب أو تنوينا مما تضيف أحذف كطور سينا والثاني أجرر وأنو من أو في إذا لم يصلح الا ذاك واللام خذا لما سوى ذينك وأخصص أولا أو أعطه التعريف بالذي تلا |
43 |
إذا أريد أضافة اسم إلى آخر حذف ما في المضاف من نون تلي الإعراب وهي نون التثنية أو نون الجمع وكذا ما ألحق بهما أو تنوين وجر المضاف إليه فتقول هذان غلاما زيد وهؤلاء بنوه وهذا صاحبه واختلف في الجار للمضاف إليه فقيل هو مجرور بحرف مقدر وهو اللام أو من أو في وقيل هو مجرور بالمضاف وهو الصحيح من هذه الأقوال ثم الإضافة تكون بمعنى اللام عند جميع النحويين وزعم بعضهم أنها تكون أيضا بمعنى من أو في وهو اختيار المصنف وإلى هذا أشار بقوله وانو من أو فى إلى آخره وضابط ذلك أنه إن لم يصلح إلا تقدير من أو في فالإضافة بمعنى ما تعين تقديره وإلا فالإضافة بمعنى اللام فيتعين تقدير من إن كان المضاف إليه جنسا للمضاف نحو هذا ثوب خز وخاتم حديد والتقدير هذا ثوب من خز وخاتم من حديد ويتعين تقدير في إن كان المضاف إليه ظرفا واقعا فيه المضاف نحو أعجبني ضرب اليوم زيدا أي ضرب زيد في اليوم ومنه قوله تعالى للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر وقوله تعالى بل مكر الليل والنهار |
44 |
فإن لم يتعين تقدير من أو في فالإضافة بمعنى اللام نحو هذا غلام زيد وهذه يد عمرو أي غلام لزيد ويد لعمرو وأشار بقوله واخصص أولا إلى آخره إلى إن الإضافة على قسمين محضة وغير محضة فالمحضة هي غير إضافة الوصف المشابه للفعل المضارع إلى معموله وغير المحضة هي إضافة الوصف المذكور كما سنذكره بعد وهذه لا تفيد الاسم الأول تخصيصا ولا تعريفا على ما سنبين والمحضة ليست كذلك وتفيد الاسم الأول تخصيصا إن كان المضاف إليه نكرة نحو هذا غلام امرأة وتعريفا إن كان المضاف إليه معرفة نحو هذا غلام زيد وإن يشابه المضاف يفعل وصفا فعن تنكيره لا يعذل كرب راجينا عظيم الأمل مروع القلب قليل الحيل |
45 |
وذي الإضافة اسمها لفظية وتلك محضة ومعنوية هذا هو القسم الثاني من قسمي الإضافة وهو غير المحضة وضبطها المصنف بما إذا كان المضاف وصفا يشبه يفعل أي الفعل المضارع وهو كل اسم فاعل أو مفعول بمعنى الحال أو الاستقبال أو صفة مشبهة ولا تكون إلا بمعنى الحال فمثال اسم الفاعل هذا ضارب زيد الآن أو غدا وهذا راجينا ومثال اسم المفعول عذا مضروب الأب وهذا مروع القلب ومثال الصفة المشبهة هذا حسن الوجه وقليل الحيل وعظيم الأمل فإن كان المضاف غير وصف أو وصفا غير عامل فالإضافة محضة كالمصدر نحو عجبت من ضرب زيد واسم الفاعل بمعنى الماضي نحو هذا ضارب زيد أمس وأشار بقوله فعن تنكيره لا يعذل إلى أن هذا القسم من الإضافة أعنى غير المحضة لا يفيد تخصيصا ولا تعريفا ولذلك تدخل رب عليه وإن كان مضافا لمعرفة نحو رب راجينا وتوصف به النكرة |
46 |
نحو قوله تعالى هديا بالغ الكعبة وإنما يفيد التخفيف وفائدته ترجع إلى اللفظ فلذلك سميت الإضافة فيه لفظية وأما القسم الأول فيفيد تخصيصا أو تعريفا كما تقدم فلذلك سميت الإضافة فيه معنوية وسميت محضة أيضا لأنها خالصة من نية الانفصال بخلاف غير المحضة فإنها على تقدير الانفصال تقول هذا ضارب زيد الآن على تقدير هذا ضارب زيدا ومعناهما متحد وإنما أضيف طلبا للخفة ووصل أل بذا الضاف مغتفر إن وصلت بالثان كالجعد الشعر أو بالذي له أضيف الثاني كزيد الضارب رأس الجانى لا يجوز دخول الألف واللام على المضاف الذي إضافته محضة فلا تقول هذا الغلام رجل لأن الإضافة منافية للألف واللام فلا يجمع بينهما |
47 |
وأما ما كانت إضافته غير محضة وهو المراد بقوله بذا المضاف أي بهذا المضاف الذي تقدم الكلام فيه قبل هذا البيت فكان القياس أيضا يقتضى أن لا تدخل الألف واللام على المضاف لما تقدم من أنهما متعاقبان ولكن لما كانت الإضافة على فيه نية الانفصال اغتفر ذلك بشرط أن تدخل الألف واللام على المضاف إليه ك الجعد الشعر والضارب الرجل أو على ما أضيف إليه المضاف إليه ك زيد الضارب رأس الجانى فإن لم تدخل الألف واللام على المضاف إليه ولا على ما أضيف إليه المضاف إليه امتنعت المسألة فلا تقول هذا الضارب رجل ولا هذا الضارب زيد ولا هذا الضارب رأس جان هذا إذا كان المضاف غير مثنى ولا مجموع جمع سلامة لمذكر ويدخل في هذا المفرد كما مثل وجمع التكسير نحو الضوارب أو الضراب الرجل أو غلام الرجل وجمع السلامة لمؤنث نحو الضاربات الرجل أو غلام الرجل فإن كان المضاف مثنى أو مجموعا جمع سلامة لمذكر كفى وجودها في المضاف ولم يشترط وجودها في المضاف إليه وهو المراد بقوله وكونها في الوصف كاف إن وقع مثنى أو جمعا سبيله أتبع |
48 |
أي وجود الألف واللام في الوصف المضاف إذا كان مثنى أو جمعا أتبع سبيل المثنى أي على حد المثنى وهو جمع المذكر السالم يغنى عن وجودها في المضاف إليه فتقول هذان الضاربا زيد وهؤلاء الضاربو زيد وتحذف النون للاضافة ولا يضاف اسم لما به أتحد معنى وأول موهما إذا ورد |
49 |
المضاف بتخصص بالمضاف إليه أو يتعرف به فلا بد من كونه غيره إذ لا يتخصص الشيء أو يتعرف بنفسه ولا يضاف اسم لما به اتحد في المعنى كالمترادفين وكالموصوف وصفته فلا يقال قمح بر ولا رجل قائم وما ورد موهما لذلك مؤول كقولهم سعيد كرز فظاهر هذا أنه من إضافة الشيء إلى نفسه لأن المراد بسعيد وكرز فيه واحد فيؤول الأول بالمسمى والثاني بالاسم فكأنه قال جاءني مسمى كرز أي مسمى هذا الاسم وعلى ذلك يؤول ما أشبه هذا من إضافة المترادفين ك يوم الخميس وأما ما ظاهره إضافة الموصوف إلى صفته فمؤول على حذف المضاف إليه الموصوف بتلك الصفة كقولهم حبة الحمقاء وصلاة الأولى والأصل حبة البقلة الحمقاء وصلاة الساعة الأولى فالحمقاء صفة للبقلة لا للحبة والأولى صفة للساعة لا للصلاة ثم حذف المضاف إليه وهو البقلة والساعة وأقيمت صفته مقامه فصار حبة الحمقاء وصلاة الأولى فلم يضف الموضوف إلى صفته بل إلى صفة غيره وربما أكسب ثان أولا تأنيثا أن كان لحذف موهلا قد يكتسب المضاف المذكر من المؤمث المضاف إليه التأنيث بشرط أن يكون المضاف صالحا للحذف وإقامة المضاف إليه مقامه ويفهم منه ذلك |
50 |
المعنى نحوقطعت بعض أصابعه فصح تأنيث بعض لإضافته إلى أصابع وهو مؤنث لصحة الاستغناء بأصابع عنه فتقول قطعت أصابعه ومنه قوله مشين كما اهتزت رماح تسفهت أعاليها مر الرياح النواسم فأنث المر لإضافته إلى الرياح وجاز ذلك لصحة الاستغناء عن المر بالرياح نحو تسفهت الرياح وربما كان المضاف مؤنثا فاكتسب التذكير من المذكر المضاف إليه بالشرط |
51 |
الذي تقدم كقوله تعالى إن رحمة الله قريب من المحسنين ف رحمة مؤنث واكتسبت التذكير بإضافتها إلى الله تعالى فإن لم يصلح المضاف للحذف والاستغناء بالمضاف إليه عنه لم يجز التأنيث فلا تقول خرجت غلام هند إذ لا يقال خرجت هند ويفهم منه خروج الغلام وبعض الأسماء يضاف أبدا وبعض ذا قد بأت لفظا مفردا من الأسماء ما يلزم الإضافة وهو قسمان أحدها ما يلزم الإضافة لفظا ومعنى فلا يستعمل مفردا أي بلا إضافة وهو المراد بشطر البيت وذلك نحو عند ولدي وسوى وقصارى الشيء وحماداه بمعنى غايته والثاني ما يلزم الإضافة معنى دون لفظ نحو كل وبعض وأي ويجوز أن يستعمل مفردا أي بلا إضافة وهو المراد بقوله وبعض ذا أي وبعض مالزم الإضافة معنى قد يستعمل مفردا لفظا وسيأتي كل من القسمين |
52 |
وبعض ما يضاف حتما امتنع إيلاؤه اسما ظاهرا حيث وقع كوحد لبى ودوالى سعدى وشذ إيلاء يدى للبى من اللازم للإضافة لفظا مالا يضاف إلا إلى المضمر وهو المراد هنا نحو وحدك أي منفردا ولبيك أي إقامة على إجابتك بعد إقامة ودواليك أي إدالة بعد إدالة وسعد يك أي إسعادا بعد إسعاد وشذ إضافة لبى إلى ضمير الغيبة ومنه قوله إنك لو دعوتني ودوني زوراء ذات مترع بيون لقلت لبيه لمن يدعوني |
53 |
وشذ إضافة لبى إلى الظاهر أنشد سيبويه دعوت لما نابني مسورا فلبى فلبى يدى مسور |
54 |
كذا ذكر المصنف ويفهم من كلام سيبويه أن ذلك غير شاذ في لبى وسعدى ومذهب سيبويه أن لبيك وما ذكر بعده مثنى وأنه منصوب على المصدرية بفعل محذوف وأن تثنيته المقصود بها التكثير فهو على هذا ملحق بالمثنى كقوله تعالى ثم أرجع البصر كرتين أي كرات ف كرتين ليس المراد به مرتين فقط لقوله تعالى ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير أي مزدجرا وهو كليل ولا ينقلب البصر مزدجرا كليلا من كرتين فقط فتعين أن يكون المراد بكرتين التكثير اثنين فقط وكذلك لبيك معناه إقامة بعد إقامة كما تقدم فليس المراد الاثنين فقط وكذا باقي أخواته على ما تقدم في تفسيرها ومذهب يونس أنه ليس بمثنى وأن أصله لبى وأنه مقصور قلبت ألفه ياء مع المضمر كما قلبت ألف لدى وعلى مع الضمير في لديه وعليه ورد عليه سيبويه بأنه لو كان الأمر كما ذكر لم تنقلب ألفه مع الظاهر ياء |
55 |
كما لا تنقلب ألف لدى وعلى فكما تقول على زيد ولدى زيد كذلك كان ينبغي أن يقال لبى زيد لكنهم لما أضافوه إلى الظاهر قلبوا الألف ياء فقالوا فلبى يدى مسور فدل ذلك على أنه مثنى وليس بمقصور كما زعم يونس وألزموا إضافة إلى الجمل حيث وإذ وإن ينون يحتمل إفراد إذ وما كإذ معنى كإذ أضف جوازا نحو حين جانبذ من الملازم للاضافة مالايضاف إلا إلى الجملة وهو حيث وإذ وإذا فأما حيث فتضاف إلى الجملة الاسمية نحو اجلس حيث زيد جالس |
56 |
وإلى الجملة الفعلية نحو اجلس حيث جلس زيد أو حيث يجلس زيد وشذ إضافتها إلى مفرد كقوله أما ترى حيث سهيل طالعا نجما يضيء كالشهاب لامعا |
57 |
وأما إذ فتضاف أيضا إلى الجملة الاسمية نحو جئتك إذ زيد قائم وإلى الجملة الفعلية نحو جئتك إذ قام زيد ويجوز حذف الجملة المضاف إليها ويؤتى التنوين عوضا عنها كقوله تعالى وأنتم حينئذ تنظرون وهذا معنى قوله وإن ينون يحتمل إفراد إذ أي وإن ينون إذ يحتمل إفرادها أي عدم إضافتها لفظا لوقوع التنوين عوضا عن الجملة المضاف إليها وأما إذا فلا تضاف إلا إلى جملة فعلية نحو آتيك إذا قام زيد ولا يجوز إضافتها إلى جملة اسمية فلاا تقول آتيك إذا زيد قائم خلافا لقوم وسيذكرها المصنف وأشار بقوله وما كإذ معنى كإذ إلى أن ما كان مثل إذ في كونه ظرفا ماضيا غير محدود يجوز إضافته إلى ما تضاف إليه إذ من الجملة وهي الجمل الاسمية والفعلية وذلك نحو حين ووقت وزمان ويوم فتقول جئتك حين جاء زيد ووقت جاء عمرو وزمان قدم بكر ويوم خرج خالد وكذلك تقول جئتك حين زيد قائم كذلك الباقي وإنما قال المصنف أضف جوازا ليعلم أن هذا النوع أي ما كان مثل إذ في المعنى يضاف إلى ما يضاف إليه إذ وهو الجملة جوازا لا وجوبا |
58 |
فإن كان الظرف غير ماض أو محدودا لم يجر مجرى إذ بل يعامل غير الماضي وهو المستقبل معاملة إذا فلا يضاف إلى الجملة الاسمية بل إلى الفعلية فتقول أجيئك حين يجيء زيد ولا يضاف المحدود إلى جملة وذلك نحو شهر وحول بل لا يضاف إلا إلى مفرد نحو شهر كذا وحول كذا وابن أو أعرب ما كإذ قد أجريا واختر بنا متلو فعل بنيا وقبل فعل معرب أو مبتدا أعرب ومن بنى فلن يفندا |
59 |
تقدم أن الأسماء المضافة إلى الجملة على قسمين أحدهما ما يضاف إلى الجملة لزوما والثاني ما يضاف إليها جوازا وأشار في هذين البيتين إلى أن ما يضاف إلى الجملة جوازا يجوز فيه الإعراب والبناء سواء أضيف إلى جملة فعلية صدرت بماض أو جملة فعلية صدرت بمضارع أو جملة اسمية نحو هذا يوم جاء زيد ويوم يقوم عمرو أو يوم بكر قائم وهذا مذهب الكوفيين وتبعهم الفارسي والمصنف لكن المختار فيما أضيف إلى جملة فعلية صدرت بماض البناء وقد روى بالبناء والإعراب قوله على حين عاتبت المشيب على الصبا |
60 |
بفتح نون حين على البناء وكسرها على الأعراب وما وقع قبل فعل معرب أو قبل مبتدأ فالمختار فيه الإعراب ويجوز البناء وهذا معنى قوله ومن بنى فلن يفندا أي فلن يغلط وقد قرئ في السبعة هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم بالرفع على الإعراب وبالفتح على البناء هذا ما اختاره المصنف ومذهب البصريين أنه لا يجوز فيما أضيف إلى جملة فعلية صدرت بمضارع أو إلى جملة أسمية إلا الإعر اب ولا يجوز البناء إلا فيما أضيف إلى جملة فعلية صدرت بماض هذا حكم ما يضاف إلى الجملة جوازا وأما ما يضاف إليها وجوبا فلازم للبناء لشبهه بالحرف في الافتقار إلى الجملة كحيث وإذ وإذا وألزموا إذا إضافة إلى جمل الأفعال كهن إذا اعتلى |
61 |
أشار في هذا البيت إلى ما تقدم ذكره من أن إذا تلزم الإضافة إلى الجملة الفعلية ولا تضاف إلى الجملة الاسمية خلافا للأخفش والكوفيين فلا تقول أجيئك إذا زيد قائم وأما أجيئك إذا زيد قام ف زيد مرفوع بفعل محذوف وليس مرفوعا على الابتداء هذا مذهب سيبويه وخالفه الأخفش فجوز كونه مبتدأ خبره الفعل الذي بعده وزعم السيرافي أنه لا خلاف بين سيبويه والأخفش في جواز وقوع المبتدأ بعد إذا وإنما الخلاف بينهما في خبره فسيبويه يوجب أن يكون فعلا والأخفش يجوز أن يكون اسما فيجوز في أجيئك إذا زيد قام جعل زيد مبتدأ عند سيبويه والأخفش ويجوز أجيئك إذا زيد قائم عند الأخفش فقط لمفهم اثنين معرف بلا تفرق أضيف كلتا وكلا |
62 |
من الأسماء الملازمة للاضافة لفظا ومعنى كلتا وكلا ولا يضافان إلا إلى معرفة مثنى لفظا ومعنى نحو جاءني كلا الرجلين وكلتا المرأتين أو معنى دون لفظ نحو جاءني كلاهما وكلتاهما ومنه قوله إن للخير وللشر مدى وكلا ذلك وجه وقبل وهذا هو المراد بقوله لمفهم اثنين معرف واحترز بقوله بلا تفرق من معرف أفهم الاثنين بتفرق فإنه لا يضاف إليه كلا وكلتا فلا تقول كلا زيد وعمرو جاء وقد جاء شاذا كقوله |
63 |
كلا أخي وخليلي واجدي عضدا في النائبات وإلمام الملمات ولا تضف لمفرد معرف أيا وإن كررتها فأضف أو تنو الأجزا واخصصن بالمعرفة موصولة أيا وبالعكس الصفة |
64 |
وإن تكن شرطا أو استفهاما فمطلقا كمل بها الكلاما من الأسماء الملازمة للاضافة معنى أي ولا تضاف إلى مفرد معرفة إلا إذا تكررت ومنه قوله ألا تسألون الناس أيي وأيكم غداة التقينا كان خيرا وأكرما |
65 |
أو قصدت الأجزاء كقولك أي زيد أحسن أي أي أجزاء زيد أحسن ولذلك يجاب بالأجزاء فيقال عينه أو أنفه وهذا إنما يكون فيما إذا قصد بها الاستفهام وأي تكون استفهامية وشرطية وصفة وموصولة فأما الموصولة فذكر المصنف أنها لا تضاف إلا إلى معرفة فتقول يعجبني أيهم قائم وذكر غيره أنها تضاف أيضا إلى نكرة ولكنه قليل نحو يعجبني أي رجلين قاما وأما الصفة فالمراد بها ما كان صفة لنكرة أو حالا من معرفة ولا تضاف إلا إلى نكرة نحو مررت برجل أي رجل ومررت بزيد أي فتى ومنه قوله فأومأت إيماء خفيا لحبتر فلله عينا حبتر أيما فتى |
66 |
وأما الشرطية والاستفهامية فيضافان إلى المعرفة وإلى النكرة مطلقا أي سواء كانا مثنيين أو مجموعين أو مفردين إلا المفرد المعرفة فإنهما لا يضافان إليه إلا الاستفهامية فإنها تضاف إليه كما تقدم ذكره واعلم أن أيا إن كانت صفة أو حالا فهي ملازمة للإضافة لفظا ومعنى نحو مررت برجل أي رجل وبزيد أي فتى وإن كانت استفهامية أو شرطية أو موصولة فهي ملازمة للإضافة معنى لا لفظا نحو أي رجل عندك وأي عندك وأي رجل تضرب أضرب وأيا تضرب أضرب ويعجبني أيهم عندك وأي عندك ونحو أي الرجلين تضرب أضرب وأي رجلين تضرب أضرب وأي الرجال تضرب أضرب وأي رجال تضرب أضرب وأي الرجلين عندك وأي الرجال عندك وأي رجل وأي رجلين وأي رجال وألزموا إضافة لدن فجر ونصب غدوة بها عنهم ندر |
67 |
ومع مع فيها قليل ونقل فتح وكسر لسكون يتصل من الأسماء الملازمة للاضافة لدن ومع فأما لدن فلابتداء غاية زمان أو مكان وهي مبنية عند أكثر العرب لشبهها بالحرف في لزوم استعمال واحد وهو الظرفية وابتداء الغاية وعدم جواز الإخبار بها ولا تخرج عن الظرفية إلا بجرها بمن وهو الكثير فيها ولذلك لم ترد في القرآن إلا بمن كقوله تعالى وعلمناه من لدنا علما وقوله تعالى لينذر بأسا شديدا من لدنه وقيس تعربها ومنه قراءة أبي بكر عن عاصم لينذر بأسا شديدا من لدنه لكنه أسكن الدال وأشمها الضم |
68 |
قال المصنف ويحتمل أن يكون منه قوله تنتهض الرعدة في ظهيري من لدن الظهر إلى العصير ويجز ما ولى لدن بالإضافة إلا غدوة فإنهم نصبوها بعد لدن كقوله وما زال مهري مزجر الكلب منهم لدن غدوة حتى دنت لغروب |
69 |
وهي منصوبة على التمييز وهو اختيار المصنف ولهذا قال ونصب غدوة بها عنهم ندر وقيل هي خبر لكان المحذوفة والتقدير لدن كانت الساعة غدوة ويجوز في غدوة الجر وهو القياس ونصبها نادر في القياس فلو عطفت على غدوة المنصوبة بعد لدن جاز النصب عطفا على اللفظ والجر مراعاة للأصل فتقول لدن غدوة وعشية وعشية ذكر ذلك الأخفش وحكى الكوفيون الرفع في غدوة بعد لدن وهو مرفوع بكان المحذوفة والتقدير لدن كانت غدوة وكان تامة |
70 |
وأما مع قاسم لمكان الاصطحاب أو وقته نحو جلس زيد مع عمرو وجاء زيد مع بكر والمشهور فيها فتح العين وهي معربة وفتحتها فتحة إعراب ومن العرب من يسكنهاومنه قوله فريشي منكم وهواى معكم وإن كانت زيارتكم لماما وزعم سيبويه أن تسكينها ضرورة وليس كذلك بل هو لغة ربيعه وهي عندهم مبنية على السكون وزعم بعضهم أن الساكنة العين حرف وادعى النحاس الإجماع على ذلك وهو فاسد فإن سيبويه زعم أن ساكنة العين اسم |
71 |
هذا حكمها إن وليها متحرك أعني أنها تفتح وهو المشهور وتسكن وهي لغة ربيعة فإن وليها ساكن فالذي ينصبها على الظرفية يبقى فتحها فيقول مع ابنك والذي يبنيها على السكون يكسر لالتقاء الساكنين فيقول مع ابنك واضمم بناء غيرا أن عدمت ما له أضيف ناويا ما عدما قبل كغير بعد حسب أول ودون والجهات أيضا وعل وأعربوا نصبا إذا ما نكرا قبلا وما من بعده قد ذكرا |
72 |
هذه الأسماء المذكورة وهي غير وقبل وبعد وحسب وأول ودون والجهات الست وهي أمامك وخلفك وفوقك وتحتك وبمينك وشمالك وعل لها أربعة أحوال تبنى في حالة منها وتعرب في بقيتها فتعرب إذا أضيفت لفظا نحو أصبت درهما لا غيره وجئت من قبل زيد أو حذف المضاف إليه ونوى اللفظ كقوله ومن قبل نادى كل مولى قرابة فما عطفت مولى عليه العواطف وتبقى في هذه الحالة كالمضاف لفظا فلا تنون إلا إذا حذف ما تضاف إليه ولم ينو لفظه ولا معناه فتكون حينئذ نكرة ومنه قراءة من قرأ لله الأمر من قبل ومن بعد بجر قبل وبعد وتنوينهما وكقوله |
73 |
فساغ لي الشراب وكنت قبلا أكاد أغص بالماء الحميم هذه الأحوال الثلاثة التي تعرب فيها |
74 |
أما الحالة الرابعة التي تبنى فيها فهي إذا حذف ما تضاف إليه ونوى معناه دون لفظه فإنها تبنى حينئذ على الضم نحو لله الأمر من قبل ومن بعد وقوله أقب من تحت عريض من عل وحكى أبو علي الفارسي أبدأ بذا من أول بضم اللام وفتحها وكسرها فالضم على النباء لنية المضاف إليه معنى والفتح على الإعراب لعدم نية المضاف |
75 |
إليه لفظا ومعنى وإعرابها إعراب مالا ينصرف للصفة ووزن الفعل والكسر على نية المضاف إليه لفظا فقول المصنف واضمم بناء البيت إشارة إلى الحالة الرابعة وقوله ناويا ما عدما مراده أنك تبنيها على الضم إذا حذفت ما تضاف إليه ونويته معنى لا لفظا وأشار بقوله وأعربوا نصبا إلى الحالة الثالثة وهي ما إذا حذف المضاف إليه ولم ينو لفظه ولا معناه فإنها تكون حينئذ نكرة معربة وقوله نصبا معناه أنها تنصب إذا لم يدخل عليها جار فإن دخل عليها جرت نحو من قبل ومن بعد ولم يتعرض المصنف للحالتين الباقيتين أعني الأولى والثانية لأن حكمهما ظاهر معلوم من أول الباب وهو الإعراب وسقوط التنوين كما تقدم في كل ما يفعل بكل مضاف مثلها وما يلي المضاف يأتي خلفا عنه في الإعراب إذا ما حذفا |
76 |
يحذف المضاف لقيام قرينة تدل عليه ويقام المضاف إليه مقامه فيعرب بإعرابه كقوله تعالى وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم أي حب العجل وكقوله تعالى وجاء ربك أي أمر ربك فحذف المضاف وهو حب وأمر وأعرب المضاف إليه وهو العجل وربك بإعرابه وربما جروا الذي أبقوا كما قد كان قبل حذف ما تقدما لكن بشرط أن يكون ما حذف مماثلا لما عليه قد عطف |
77 |
قد يحذف المضاف ويبقى المضاف إليه مجرورا كما كان عند ذكر المضاف لكن بشرط أن يكون المحذوف مماثلا لما عليه قد عطف كقول الشاعر أكل أمرئ تحسبين امرأ ونار توقد بالليل نارا و التقدير وكل نار فحذف كل وبقى المضاف إليه مجرورا |
78 |
كما كان عند ذكرها والشرط موجود وهو العطف على مماثل المحذوف وهو كل في قوله أكل امرئ وقد يحذف المضاف ويبقى المضاف إليه على جره والمحذوف ليس مماثلا للملفوظ بل مقابل له كقوله تعالى تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة في قراءة من جر الآخرة والتقدير والله يريد باقي الآخرة ومنهم من يقدره والله يريد عرض الآخرة فيكون المحذوف على هذا مماثلا للملفوظ به والأول أولى وكذا قدره ابن أبي الربيع في شرحه للايضاح ويحذف الثاني فيبقى الأول كحاله إذا به يتصل بشرط عطف وإضافة إلى مثل الذي له أضفت الأولا يحذف المضاف إليه ويبقى المضاف كحاله لو كان مضافا فيحذف تنوينه |
79 |
وأكثر ما يكون ذلك إذا عطف على المضاف اسم مضاف إلى مثل المحذوف من الاسم الأول كقولهم قطع الله يد ورجل من قالها التقدير قطع الله يد من قالها ورجل من قالها فحذف ما أضيف إليه يد وهو من قالها لدلالة ما أضيف إليه رجل عليه ومثله قوله سقى الأرضين الغيث سهل وحزنها |
80 |
التقدير سهلها وحرنها فحذف ما أضيف إليه سهل لدلالة ما أضيف إليه حزن عليه هذا تقرير كلام المصنف وقد يفعل ذلك وإن لم يعطف مضاف إلى مثل المحذوف من الأول كقوله ومن قبل نادى كل مولى قرابة فما عطفت مولى عليه العواطف فحذف ما أضيف إليه قبل وأبقاه على حاله لو كان مضافا ولم يعطف عليه مضاف إلى مثل المحذوف والتقدير ومن قبل ذلك ومثله قراءة من قرأ شذوذا فلا خوف عليهم أي فلا خوف شيء عليهم وهذا الذي ذكره المصنف من أن االحذف من الأول وأن الثاني هو المضاف إلى المذكور هو مذهب المبرد |
81 |
ومذهب سيبويه أن الأصل قطع الله يد من قالها ورجل من قالها فحذف ما أضيف إليه رجل فصار قطع الله يد من قالها ورجل ثم أقحم قوله ورجل بين المضاف وهو يد والمضاف إليه الذي هو من قالها فصار قطع الله يد ورجل من قالها فعلى هذا يكون الحذف من الثاني لا من الأول وعلى مذهب المبرد بالعكس قال بعض شراح الكتاب وعند الفراء يكون الأسمان مضافين إلى من قالها ولا حذف في الكلام لا من الأول ولا من الثاني |
82 |
فصل مضاف شبه فعل مانصب مفعولا أو ظرفا أجز ولم يعب فصل يمين واضطرارا وجدا بأجنبي أو بنعت أو ندا أجاز المصنف أن يفصل في الاختيار بين المضاف الذي هو شبه الفعل والمراد به المصدر واسم الفاعل والمضاف إليه بما نصبه المضاف من مفعول به أو ظرف أو شبهه فمثال ما فصل فيه بينهما بمفعول المضاف قوله تعالى وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شر كائهم في قراءة ابن عامر بنصب أولاد وجر الشركاء ومثال ما فصل فيه بين المضاف والمضاف إليه بظرف نصبه المضاف الذي هو مصدر ما حكى عن بعض من يوثق بعربيته ترك يوما نفسك وهواها سعى لها في رداها |
83 |
ومثال ما فصل فيه بين المضاف والمضاف إليه بمفعول المضاف الذي هو اسم فاعل قراءة بعض السلف فلاا تحسبن الله مخلف وعده رسله بنصب وعد وجر رسل ومثال الفصل بشبه الظرف قوله في حديث أبي الدرداء هل أنتم تاركو لي صاحبي وهذا معنى قوله فصل مضاف إلى آخره وجاء الفصل أيضا في الاختيار بالقسم حكى الكسائي هذا غلام والله زيد ولهذا قال المصنف ولم يعب فصل يمين وأشار بقوله واضطرارا وجدا إلى أنه قد جاء الفصل بين المضاف والمضاف إليه في الضرورة بأجنبي من المضاف وبنعت المضاف وبالنداء فمثال الأجنبي قوله كما خط الكتاب بكف يوما يهودى يقارب أو يزيل ففصل ب يوما بين كف ويهودى وهو أجنبي من كف لأنه معمول ل خط |
84 |
ومثال النعت قوله نجوت وقد بل المرادي سيفه من ابن أبي شيخ الأباطح طالب |
85 |
الأصل من ابن أبي طالب شيخ الأباطح وقوله ولئن حلفت على يديك لأحلفن بيمين أصدق من يمينك مقسم الأصل بيمين مقسم أصدق من يمينك |
86 |
ومثال النداء قوله وفاق كعب بجير منقذ لك من تعجيل تهلكة والخلد في سقر وقوله كأن برذون أبا عصام زيد حمار دق باللجام الأصل وفاق بجير يا كعب وكأن برذون زيد يا أبا عصام |
88 |
المضاف إلى ياء المتكلم آخر ما أضيف لليا أكسر إذا لم يك معتلا كرام وقذى أويك كابنين وزيدين فذى جميعها اليا بعد فتحها احتذى وتدغم اليا فيه والواو وإن ما قبل واو ضم فاكسره يهن |
89 |
وألفا سلم وفي المقصور عن هذيل انقلابها ياء حسن يكسر آخر المضاف إلى ياء المتكلم إن لم يكن مقصورا ولا منقوصا ولا مثنى ولا مجموعا جمع سلامة لمذكر كالمفرد وجمعى التكسير الصحيحين وجمع السلامة للمؤنث والمعتل الجاري مجرى الصحيح نحو غلامي وغلماني وفتياتي ودلوى وظبيي |
90 |
وإن كان معتلا فإما أن يكون مقصورا أو منقوصا فإن كان منقوصا أدغمت ياؤه في ياء المتكلم وفتحت ياء المتكلم فتقول قاضي رفعا ونصبا وجرا وكذلك تفعل بالمثنى وجمع المذكر السالم في حالة الجر والنصب فتقول رأيت غلامي وزيدي ومررت بغلامي وزيدي والأصل بغلامين لي وزيدين لي فحذفت النون واللام للاضافة ثم أدغمت الياء في الياء وفتحت ياء المتكلم وأما جمع المذكر السالم في حالة الرفع فتقول فيه أيضا جاء زيدي كما تقول في حالة النصب والجر والأصل زيدوي اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء ثم قلبت الضمة كسرة لتصح الياء فصار اللفظ زيدي وأما المثنى في حالة الرفع فتسلم ألفه وتفتح ياء المتكلم بعده فتقول زيداي وغلاماي عند جميع العرب وأما المقصور فالمشهور في لغة العرب جعله كالمثنى المرفوع فتقول عصاي وفتاي وهذيل تقلب ألفه ياء وتدغمها في ياء المتكلم وتفتح ياء المتكلم فتقول عصى ومنه قوله سبقوا هوى وأعنقوا لهواهم فتخرموا ولكل جنب مصرع |
91 |
فالحاصل أن ياء المتكلم تفتح مع المنقوص ك رامي والمقصور ك عصاى والمثنى ك غلاماي رفعا و غلامي نصبا وجرا وجمع المذكر السالم ك زيدي رفعا ونصبا وجرا وهذا معنى قوله فذى جميعها اليا بعد فتحها احتذى وأشار بقوله وتدغم إلى أن الواو في جمع المذكر السالم والياء في النقوص وجمع المذكر السالم والمثنى تذغم في ياء المتكلم وأشار بقوله وإن ما قبل واوضم إلى أن ما قبل واو الجمع إن انضم عند وجود الواو يجب كسره عند قلبها ياء لنسلم الياء فإن لم ينضم بل انفتح بقي على فتحه نحو مصطفون فتقول مصطفى |
92 |
وأشار بقوله وألفا سلم إلى أن ما كان آخره ألفا كالمثنى والمقصور لا تقلب ألفه ياء بل تسلم نحو غلاماي وعصاى وأشار بقوله وفي المقصور إلى أن هذيلا تقلب ألف المقصور خاصة فتقول عصى وأما ما عدا هذه الأربعة فيجوز في الياء معه الفتح والتسكين فتقول غلامى وغلامى |
93 |
إعمال المصدر بفعله المصدر ألحق في العمل مضافا أو مجردا أو مع أل إن كان فعل مع أن أو ما يحل محله ولأسم مصدر عمل يعمل المصدر عمل الفعل في موضعين أحدها أن يكون نائبا مناب الفعل نحو ضربا زيدا ف زيدا منصوب ب ضربا لنيابته مناب اضرب وفيه ضمير مستتر مرفوع به كما في أضرب وقد تقدم ذلك في باب المصدر والموضع الثاني أن يكون المصدر مقدرا ب أن والفعل أو ب ما والفعل وهو المراد بهذا الفصل فيقدر ب أن إذا أريد المضي أو الاستقبال |
94 |
نحو عجبت من ضربك زيدا أمس أو غدا والتقدير من أن ضربت زيدا أمس أو من أن تضرب زيدا غدا ويقدر ب ما إذا أريد به الحال نحو عجبت من ضربك زيدا الآن التقدير مما تضرب زيدا الآن وهذا المصدر المقدر يعمل في ثلاثة أحوال مضافا نحو عجبت من ضربك زيدا ومجردا عن الإضافة وأل وهو المنون نحو عجبت من ضرب زيدا ومحلى بالألف واللام نحو عجبت من الضرب زيدا وإعمال المضاف أكثر من إعمال المنون وإعمال المنون أكثر من إعمال المحلى ب أل ولهذا بدأ المصنف بذكر المضاف ثم المجرد ثم المحلى ومن إعمال المنون قوله تعالى أو إطعام في يوم ذى مسغبة يتيما ف يتيما منصوب ب إطعام وقول الشاعر بضرب بالسيوف رؤوس قوم أزلنا هامهن عن المقيل |
95 |
ف رؤوس منصوب ب ضرب ومن إعماله وهو محلى ب أل قوله ضعيف النكاية أعداءه يخال الفرار يراخى الأجل |
96 |
وقوله فإنك والتأبين عروة بعدما دعاك وأيدينا إليه شوارع |
97 |
وقوله لقد علمت أولى المغيرة أنني كررت فلم أنكل عن الضرب مسمعا |
98 |
ف أعدءاه منصوب ب النكاية وعروة منصوب ب التأبين ومسمعا منصوب ب الضرب وأشار بقوله ولاسم مصدر عمل إلى أن اسم المصدر قد يعمل عمل الفعل والمراد باسم المصدر ما ساوى المصدر في الدلالة على معناه وخالفه بخلوه لفظا وتقديرا من بعض ما في فعله دون تعويض كعطاء فإنه مساو لإعطاء معنى ومخالف له بخلوه من الهمزة الموجودة في فعله وهو خال منها لفظا وتقديرا ولم يعوض عنها شيء |
99 |
واحترز بذلك مما خلا من بعض ما في فعله لفظا ولم يخل منه تقديرا فإنه لا يكون اسم مصدر بل يكون مصدرا وذلك نحو قتال فإنه مصدر قاتل وقد خلا من الألف التي قبل التاء في الفعل ولكن خلا منها لفظا ولم يخل منها تقديرا ولذلك نطق بها في بعض المواضع نحو قاتل قيتالا وضارب ضيرابا لكن انقلبت الألف ياء لكسر ما قبلها واحترز بقوله دون تعويض مما خلا من بعض ما في فعله لفظا وتقديرا ولكن عوض عنه شيء فإنه لا يكون اسم مصدر بل هو مصدر وذلك نحو عدة فإنه مصدر وعد وقد خلا من الواو التي في فعله لفظا وتقديرا ولكن عوض عنها التاء وزعم ابن المصنف أن عطاء مصدر وأن همزته حذفت تخفيفا وهو خلاف ماا صرح به غيره من النحويين ومن إعمال اسم المصدر قوله أكفرا بعد رد الموت عنى وبعد عطائك المائة الرتاعا |
100 |
ف المائة منصوب ب عطائك ومنه حديث الموطأ من قبلة الرجل امرأته الوضوء ف امرأته منصوب ب قبلة وقوله إذا صح عون الخالق المرء لم يجد عسيرا من الآمال إلا ميسرا وقوله بعشرتك الكرام تعد منهم فلا ترين لغيرهم ألوفا |
101 |
وإعمال اسم المصدر قليل ومن ادعى الإجماع على جواز إعماله فقد وهم فإن الخلاف في ذلك مشهور وقال الصيمري إعماله شاذ وأنشد أكفرا البيت وقال ضياء الدين بن العلج في البسيط ولا يبعد أن ما قام مقام المصدر يعمل عمله ونقل عن بعضهم أنه قد أجاز ذلك قياسا وبعد جره الذي أضيف له كمل بنصب أو برفع عمله |
102 |
يضاف المصدر إلى الفاعل فيجره ثم ينصب المفعول نحو عجبت من شرب زيد العسل وإلى المفعول ثم يرفع الفاعل نحو عجبت من شرب العسل زيد ومنه قوله تنفى يداها الحصى في كل هاجرة نفى الدراهيم تنقاد الصياريف |
103 |
وليس هذا الثاني مخصوصا بالضرورة خلافا لبعضهم وجعل منه قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا فأعرب من فاعلا بحج ورد بأنه يصير المعنى ولله على جميع الناس أن يحج البيت المستطيع وليس كذلك ف من بدل من الناس والتقدير ولله على الناس مستطيعهم حج البيت وقيل من مبتدأ والخبر محذوف والتقدير من استطاع منهم فعليه ذلك ويضاف المصدر أيضا إلى الظرف ثم يرفع الفاعل وينصب المفعول نحو عجبت من ضرب اليوم زيد عمرا وجر ما يتبع ما جر ومن راعى في الاتباع المحل فحسن |
104 |
إذا أضيف المصدر إلى الفاعل ففاعله يكون مجرورا لفظا مرفوعا محلا فيجوز في تابعه من الصفة والعطف وغيرهما مراعاة اللفظ فيجر ومراعاة المحل فيرفع فتقول عجبت من شرب زيد الظريف والظريف ومن إتباعه على المحل قوله حتى تهجر في الرواح وهاجها طلب المعقب حقه المظلوم فرفع المظلوم لكونه نعتا ل لمعقب على المحل |
105 |
وإذا أضيف إلى المعفول فهو مجرور لفظا منصوب محلا فيجوز أيضا في تابعه مراعاة اللفظ والمحل ومن مراعاة المحل قوله قد كنت داينت بها حسانا مخافة الإفلاس والليانا ف الليانا معطوف على محل الإفلاس |
106 |
إعمال اسم الفاعل كفعله اسم فاعل في العمل إن كان عن مضيه بمعزل لا يخلو اسم الفاعل من أن يكون معرفا بأل أو مجردا فإن كان مجردا عمل عمل فعله من الرفع والنصب إن كان مستقبلا أو حالا نحو هذا ضارب زيدا الآن أو غدا وإنما عمل لجريانه على الفعل الذي هو بمعناه وهو المضارع ومعنى جريانه عليه أنه موافق له في الحركات والسكنات لموافقة ضارب ل يضرب فهو مشبه للفعل الذي هو بمعناه لفظا ومعنى وإن كان بمعنى الماضي لم يعمل لعدم جريانه على الفعل الذي هو بمعناه فهو مشبه له معنى لا لفظا فلا تقول هذا ضارب زيدا أمس بل يجب إضافته فتقول هذا ضارب زيد أمس وأجاز الكسائي إعماله وجعل منه قوله تعالى وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد |
107 |
ف ذراعيه منصوب ب باسط وهو ماض وخرجه غيره على أنه حكاية حال ماضية وولى استفهاما أو حرف ندا أو نفيا أو جاصفة أو مسندا أشار بهذا البيت إلى أن اسم الفاعل لا يعمل إلا إذا اعتمد على شيء قبله كأن يقع بعد الاستفهام نحو أضارب زيد عمرا أو حرف النداء نحو يا طالعا جبلا أو النفي نحو ما ضارب زيد عمرا أو يقع نعتا نحو مررت برجل ضارب زيدا أو حالا نحو جاء زيد راكبا فرسا ويشمل هذين النوعين قوله أو جاصفة وقوله أو مسندا معناه أنه يعمل إذا وقع خبرا وهذا يشمل خبر المبتدأ نحو زيد ضارب عمرا وخبر ناسخه أو مفعوله نحو كان زيد ضاربا عمرا وإن زيدا ضارب عمرا وظننت زيدا ضاربا عمرا وأعلمت زيدا عمرا ضاربا بكرا |
108 |
وقد يكون نعت محذوف عرف فيستحق العمل الذي وصف قد يعتمد اسم الفاعل على موصوف مقدر فيعمل عمل فعله كما لو اعتمد على مذكور ومنه قوله وكم مالئ عينيه من شيء غيره إذا راح نحو الجمرة البيض كالدمى |
109 |
فعينيه منصوب ب مالئ ومالئ صفة لموصوف محذوف وتقديره وكم شخص مالئ ومثله قوله كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل التقدير كوعل ناطح صخرة |
110 |
وإن يكن صلة أل ففي المضى وغيره إعماله قد ارتضى إذا وقع اسم الفاعل صلة للألف واللام عمل ماضيا ومستقبلا وحالا لوقوعه حينئذ موقع الفعل إذ حق الصلة أن تكون جملة فتقول هذا الضارب زيدا الآن أو غدا أو أمس هذا هو المشهور من قول النحويين وزعم جماعة من النحويين منهم الرماني أنه إذا وقع صلة لأل لا يعمل إلا ماضيا ولا يعمل مستقبلا ولا حال وزعم بعضهم أنه لا يعمل مطلقا وأن المنصوب بعده منصوب بإضمار فعل والعجب أن هذين المذهبين ذكرهما المصنف في التسهيل وزعم ابنه بدر الدين في شرحه أن اسم الفاعل إذا وقع صلة للألف واللام عمل |
111 |
ماضيا ومستقبلا وحالا باتفاق وقال بعد هذا أيضا ارتضى جميع النحويين إعماله يعني إذا كان صلة لأل فعال أو مفعال أو فعول في كثرة عن فاعل بديل فيستحق ماله من عمل وفي فعيل قل ذا وفعل يصاغ للكثرة فعال ومفعال وفعول وفعيل وفعل فيعمل عمل الفعل على حد اسم الفاعل وإعمال الثلاثة الأول أكثر من إعمال فعيل وفعل وإعمال فعيل أكثر من إعمال فعل فمن إعمال فعال ما سمعه سيبويه من قول بعضهم أما العسل فأنا شراب وقول الشاعر |
112 |
أخا الحرب لباسا إليها جلالها وليس بولاج الخوالف أعقلا ف العسل منصوب ب شراب وجلالها منصوب ب لباس |
113 |
ومن إعمال مفعال قول بعض العرب إنه لمنحار بوائكها ف بوائكها منصوب ب منحار ومن إعمال فعول قول الشاعر عشية سعدى لو تراءت لراهب بدومة تجر دونه وحجيج قلى دينه واهتاج للشوق إنها على الشوق إخوان العزاء هيوج |
114 |
ف إخوان منصوب ب ومن إعمال فعيل قول بعض العرب إن الله سميع دعاء من دعاه ف دعاء منصوب ب سميع ومن إعمال فعل ما أنشده سيبويه حذر أمورا لا تضير وآمن ماا ليس منجيه من الأقدار |
115 |
وقوله أتاني أنهم مزقون عرضى جحاش الكرملين لها فدير ف أمورا منصوب ب حذر وعرضى منصوب ب مزق |
116 |
وما سوى المفرد مثله جعل في الحكم والشروط حيثما عمل ما سوى المفرد هو المثنى والمجموع نحو الضاربين والضاربتين والضاربين والضراب والضوارب والضاربات فحكمها حكم المفرد في العمل وسائر ما تقدم ذكره من الشروط فتقول هذان الضاربان زيدا وهؤلاء القاتلون بكرا وكذلك الباقي ومنه قوله أوالفا مكة من ورق الحمى |
117 |
أصله الحمام وقوله ثم زادوا أنهم في قومهم غفر ذنبهم غير فخر |
118 |
وانصب بذى الإعمال تلوا واخفض وهو لنصب ما سواه مقتضى يجوز في اسم الفاعل العامل إضافته إلى ما يليه من مفعول ونصبه له فتقول هذا ضارب زيد وضارب زيدا فإن كان له مفعولان وأضفته إلى أحدهما وجب نصب الآخر فتقول هذا معطى زيد درهما ومعطى درهم زيدا واجرر أو انصب تابع الذي انخفض ك مبتغى جاه ومالا من نهض يجوز في تابع معمول اسم الفاعل المجرور بالإضافة الجر والنصب نحو |
119 |
هذا ضارب زيد وعمرو وعمرا فالجر مراعاة للفظ والنصب على إضمار فعل وهو الصحيح والتقدير ويضرب عمرا أو مراعاة لمحل المخفوض وهو المشهور وقد روى بالوجهين قوله الواهب المائة الهجان وعبدها عوذا تزجى بينها أطفالها |
120 |
بنصب عبد وجره وقال الآخر هل أنت باعث دينار لحاجتنا أو عبد رب أخا عون بن مخراق بنصب عبد عطفا على محل دينار أو على إضمار فعل والتقدير أو تبعث عبد رب |
121 |
وكل ما قرر لأسم فاعل يعطى اسم مفعول بلا تفاضل فهو كفعل صيغ للمفعول في معناه ك المعطى كفافا يكتفى جميع ما تقدم في اسم الفاعل من أنه إن كان مجردا عمل إن كان بمعنى الحال أو الاستقبال بشرط الاعتماد وإن كان بالألف واللام عمل مطلقا يثبت لاسم المفعول فتقول أمضروب الزيدان الآن أو غدا أو جاء المضروب أبوهما الآن أو غدا أو أمش وحكمه في المعنى والعمل حكم الفعل المبني للمفعول فيرفع المفعول كما يرفعه فعله فكما تقول ضرب الزيدان تقول أمضروب الزيدان وإن كان له مفعولان رفع أحدهما ونصب الآخر نحو المعطى كفافا يكتفى |
122 |
فالمفعول الأول ضمير مستتر عائد على الألف واللام وهو مرفوع لقيامه مقام الفاعل وكفافا المفعول الثاني وقد يضاف ذا إلى اسم مرتفع معنى ك محمود المقاصد الورع يجوز في اسم المفعول أن يضاف إلى ما كان مرفوعا به فتقول في قولك زيد مضروب عبده زيد مضروب العبد فتضيف اسم المفعول إلى ما كان مرفوعا به ومثله الورع محمود المقاصد والأصل الورع محمود مقاصده ولا يجوز ذلك في اسم الفاعل فلا تقول مررت برجل ضارب الأب زيدا تريد ضارب أبوه زيدا |
123 |
أبنية المصادر فعل قياس مصدر المعدى من ذى ثلاثة ك ردردا الفعل الثلائي المتعدى يجيء مصدره على فعل قياسا مطردا نص على ذلك سيبويه في مواضع فتقول ردردا وضرب ضربا وفهم فهما وزعم بعضهم أنه لا ينقاس وهو غير سديد وفعل اللازم بابه فعل كفرح وكجوى وكشلل أي يجيء مصدر فعل اللازم على فعل قياسا كفرح فرحا وجوى جوى وشلت يده شللا وفعل اللازم مثل فعدا له فعول باطراد كغدا |
124 |
مالم يكن مستوجبا فعالا أو فعلانا فادر أو فعالا فأول لذى امتناع كأبى والثان للذي اقتضى تقلبا للدا فعال أو كصوت وشمل سيرا وصوتا الفعيل كصهل يأتى مصدر فعل اللازم على فعول قياسا فتقول قعد قعودا وغدا غدوا وبكر بكورا |
125 |
وأشار بقوله مالم يكن مستوجبا فعالا إلى آخره إلى أنه إنما يأتى مصدره على فعول إذا لم يستحق أن يكون مصدره على فعال أو فعلان أو فعال فالذي استحق أن يكون مصدره على فعال هو كل فعل دل على امتناع كأبي إباء ونفر نفارا وشرد شرادا وهذا هو المراد بقوله فأول لذى امتناع والذي استحق أن يكون مصدره على فعلان هو كل فعل دل على تقلب نحو طاف طوفانا وجال جولانا ونزا نزوانا وهذا معنى قوله والثان للذي اقتضى تقلبا والذي استحق أن يكون مصدره على فعال هو كل فعل دل على داء أو صوت فمثال الأول سعل سعالا وزكم زكاما ومشى بطنه مشاء ومثال الثاني نعب الغراب نعاباونعق الراعي نعاقا وأزت القدر أزازا وهذا هو المراد بقوله للدا فعال أو لصوت وأشار بقوله وشمل سيرا وصوتا الفعيل إلى أن فعيلا يأتى مصدرا لما دل على سير ولما دل على صوت فمثال الأول ذمل ذميلا ورحل رحيلا ومثال الثاني نعب نعيبا ونعق نعيقا وأزت القدر أزيزا وصهلت الخيل صهيلا فعولة فعالة لفعلا كسهل الأمر وزيد جزلا |
126 |
إذا كان الفعل على فعل ولا يكون إلا لازما يكون مصدره على فعولة أو على فعالة فمثال الأول سهل سهولة وصعب صعوبة وعذب عذوبة ومثال الثاني جزل جزالة وفصح فصاحة وضخم ضخامة وما أتى مخالفا لما مضى فبابه النقل كسخط ورضى يعني أن ما سبق ذكره في هذا الباب هو القياس الثابت في مصدر الفعل الثلاثي وما ورد على خلاف ذلك فليس بمقيس بل يقتصر فيه على السماع نحو سخط سخطا ورضى رضا وذهب ذهابا وشكر شكرا وعظم عظمة وغير ذى ثلاثة مقبس مصدره كقدس التقديس |
127 |
وزكه تزكية وأجملا إجمال من تجملا تجملا واستعذ استعاذة ثم أقم إقامة وغالبا ذا التا لزم وما يلي الآخر مد وافتحا مع كسر تلو الثان مما افتتحا بهمز وصل كاصطفى وضم ما يربع في أمثال قد تلملما |
128 |
ذكر في هذه الأبيات مصادر غير الثلاثي وهي مقيسة كلها فما كان على وزن فعل فإما أن يكون صحيحا أو معتلا فإن كان صحيحا فمصدره على تفعيل نحو قدس تقديسا ومنه قوله تعالى وكلم الله موسى تكليما ويأتى أيضا على وزن فعال كقوله تعالى وكذبوا بآياتنا كذابا ويأتى على فعال بتخفيف العين وقد قرى وكذبوا بآياتنا كذابا بتخفيف الذال وإن كان معتلا فمصدره كذلك لكن يحذف ياء التفعيل ويعوض عنها التاء فيصير مصدره على تفعلة نحو زكى تزكية وندر مجيئه على تفعيل كقوله باتت تنزى دلوها تنزيا كما تنزى شهلة صبيا |
129 |
وإن كان مهموزا ولم يذكره المصنف هنا فمصدره على تفعيل وعلى تفعلة نحو خطأ تخطيئا وتخطئة وجرأ تجزيئا وتجزئة ونبأ تنبيئا وتنبئة وإن كان على أفعل فقياس مصدره على إفعال نحو أكرم إكراما وأجمل إجمالا وأعطى إعطاء هذا إذا لم يكن معتل العين فإن كان معتل العين نقلت حركة عينه إلى فاء الكلمة وحذفت وعوض عنها تاء التأنيث غالبا نحو أقام إقامة والأصل إقواما فنقلت حركة الواو إلى القاف وحذفت وعوض عنها تاء التأنيث فصار إقامة وهذا هو المراد بقوله ثم أقم إقامة وقوله وغالبا ذا التاء لزم |
130 |
إشارة إلى ما ذكرناه من أن التاء تعوض غالبا وقد جاء حذفها كقوله تعالى وإقام الصلاة وإن كان على وزن تفعل فقياس مصدره تفعل بضم العين نحو تجمل تجملا وتعلم تعلما وتكرم تكرما وإن كان في أوله همزة وصل كسر ثالثه وزيد ألف قبل آخره سواء كان على وزن انفعل أو افتعل أواستفعل نحو انطلق انطلاقا واصطفى اصطفاء واستخرج استخراجا وهذا معنى قوله وما يلي الآخر مد وافتحا فإن كان استفعل معتل العين نقلت حركة عينه إلى فاء الكلمة وحذفت وعوض عنها تاء التأنيث لزوما نحو استعاذ استعاذة والأصل استعواذا فنقلت حركة الواو إلى العين وهي فاء الكلمة وحذفت وعوض عنها التاء فصار استعاذة وهذا معنى قوله واستعذ استعاذة ومعنى قوله وضم ما يربع في أمثال قد تلملما أنه إن كان الفعل على وزن تفعلل يكون مصدره على تفعلل بضم رابعه نحو تلملم تلملما وتدحرج تدحرجا فعلال أو فعللة لفعللا واجعل مقيسا ثانيا لا أولا |
131 |
يأتى مصدر فعلل على فعلال كدحرج دحراجا وسرهف سرهافا وعلى فعللة وهو المقيس فيه نحو دحرج دحرجة وبهرج بهرجة وسرهق سرهفة لفاعل الفعال والمفاعلة وغير ما مر السماع عادله كل فعل على وزن فاعل فمصدره الفعال والمفاعلة نحو ضارب ضرابا ومضاربة وقاتل قتالا ومقاتلة وخاصم خصاما ومخاصمة وأشار بقوله وغير ما مر إلخ إلى أن ما ورد من مصادر غير الثلاثي على خلاف ما مر يحفظ ولا يقاس عليه ومعنى قوله عادلة كان السماع له عديلا فلاا يقدم عليه إلا بثبت كقولهم في مصدر فعل المعتل تفعيلا نحو باتت تنزى دلوها تنزيا والقياس تنزية وقولهم في مصدر حوقل قل حيقالا وقياسه حوقلة نحو دحرج دحرجة ومن ورود حيقال قوله يا قوم قد حوقلت أو دنوت وشر حيقال الرجال الموت |
132 |
وقولهم في مصدر تفعل تفعالا نحو تملق تملاقا والقياس تفعل تفعلا نحو تملق تملقا وفعلة لمرة كجلسه وفعلة لهيئة كجلسه إذا أريد بيان المرة من مصدر الفعل الثلاثي قيل فعلة بفتح الفاء نحو ضربته ضربة وقتلته قتلة |
133 |
هذا إذا لم يبن المصدر على تاء التأنيث فإن بنى عليها وصف بما يدل على الوحدة نحو نعمة ورحمة فإذا أريد المرة وصف بواحدة وإن أريد بيان الهيئة منه قيل فعلة بكسر الفاء نحو جلس جلسة حسنة وقعد قعدة ومات ميتة في غير ذى الثلاث بالتا المره وشذ فيه هيئة كالخمرة إذا أريد بيان المرة من مصدر المزيد على ثلاثة أحرف زيد علي المصدر تاء التأنيث نحو أكرمته إكرامة ودحرجته دحراجة وشذ بناء فعلة للهيئة من غير الثلاثي كقولهم هي حسنة الخمرة فبنوا فعلة من اختمر وهو حسن العمة فبنوا فعلة من تعمم |
134 |
أبنية أسماء الفاعلين والمفعولين والصفات المشبهات بها كفاعل صغ اسم فاعل إذا من ذى ثلاثة يكون كغذا إذا أريد بناء اسم الفاعل من الفعل الثلاثي جيء به على مثال فاعل وذلك مقيس في كل فعل كان على وزن فعل بفتح العين متعديا كان أو لازما نحو ضرب فهو ضارب وذهب فهو ذاهب وغذا فهو غاذ فإن كان الفعل على وزن فعل بكسر العين فإما أن يكون متعديا أو لازما فإن كان متعديا فقياسه أيضا أن يأتي اسم فاعله على فاعل نحو ركب فهو راكب وعلم فهو عالم وإن كان لازما أو كان الثلاثي على فعل بضم العين فلا يقال في اسم الفاعل منهما فاعل إلا سماعا وهذا هو المراد بقوله وهو قليل في فعلت وفعل غير معدى بل قياسه فعل |
135 |
وأفعل فعلان نحو أشر ونحو صديان ونحو الأجهر أي إتيان اسم الفاعل على وزن فاعل قليل في فعل بضم العين كقولهم حمض فهو حامض وفي فعل بكسر العين غير متعد نحو أمن فهو آمن وسلم فهو سالم وعقرت المرأة فهي عاقر بل قياس اسم الفاعل من فعل المكسور العين إذا كان لازما أن يكون على فعل بكسر العين نحو نضر فهو نضر وبطر فهو بطر وأشر فهو أشر أو على فعلان نحو عطش فهو عطشان وصدى فهو صديان أو على أفعل نحو سود فهو أسود وجهر فهو أجهر وفعل أولى وفعيل بفعل كالضخم والجميل والفعل جمل وأفعل فيه قليل وفعل وبسوى الفاعل قد يغنى فعل إذا كان الفعل على وزن فعل بضم العين كثر مجيء اسم الفاعل منه على وزن فعل ك ضخم فهو ضخم وشهم فهو شهم وعلى فعيل نحو جمل |
136 |
فهو جميل وشرف فهو شريف ويقل مجيء اسم فاعله على أفعل نحو خطب فهو أخظب وعلى فعل نحو بطل فهو بطل وتقدم أن قياس اسم الفاعل من فعل المفتوح العين أن يكون على فاعل وقد يأتى اسم الفاعل منه على غير فاعل قليلا نحو طاب فهو طيب وشاخ فهو شيخ وشاب فهو أشيب وهذا معنى قوله وبسوى الفاعل قد يغنى فعل وزنة المضارع اسم فاعل من غير ذى الثلاث كالمواصل مع كسر متلو الأخير مطلقا وضم ميم زائد قد سبقا |
137 |
وإن فتحت منه ما كان انكسر صار اسم مفعول كمثل المنتظر يقول زنة اسم الفاعل من الفعل الزائد على ثلاثة أحرف زنة المضارع منه بعد زيادة الميم في أوله مضمومة ويكسر ما قبل آخره مطلقا أي سواء كان مكسورا من المضارع أو مفتوحا فتقول قاتل يقاتل فهو مقاتل ودحرج يدحرج فهو مدحرج وواصل يواصل فهو مواصل وتدحرج يتدحرج فهو متدحرج وتعلم يتعلم فهو متعلم فإن أردت بناء اسم المفعول من الفعل الزائد على ثلاثة أحرف أتيت به على وزن اسم الفاعل ولكن تفتح منه ما كان مكسورا وهو ما قبل الآخر نحو مضارب ومقاتل ومنتظر وفي اسم مفعول الثلاثي أطرد زنة مفعول كآت من قصد |
138 |
إذا أريد بناء اسم المفعول من الفعل الثلاثي جيء به على زنة مفعول قياسا مطردانحو قصدته فهو مقصود وضربته فهو مضروب ومررت به فهو ممروربه وناب نقلا عنه ذو فعيل نحو فتاة أو فتى كحيل ينوب فعيل عن مفعول في الدلالة على معناه نحو مررت برجل جريح وامرأة جريح وفتاة كحيل وفتى كحيل وامرأة قتيل ورجل قتيل فناب جريح وكحيل وقتيل عن مجروح ومكحول ومقتول ولا ينقاس ذلك في شيء بل يقتصر فيه على السماع وهذا معنى قوله وناب نقلا عنه ذو فعيل وزعم ابن المصنف أن نيابة فعيل عن مفعول كثيرة وليست مقيسة بالإجماع وفي دعواه الإجماع على ذلك نظر فقد قال والده في التسهيل في باب اسم الفاعل عند ذكره نيابة فعيل عن مفعول وليس مقيسا خلافا لبعضهم وقال في شرحه وزعم بعضهم أنه مقيس في كل فعل ليس له فعيل بمعنى فاعل كجريح فإن كان للفعل فعيل بمعنى فاعل لم يتب قياسا كعليم وقال في باب التذكير والتأنيث وصوغ فعيل بمعنى مفعول على كثرته غير مقيس فجزم بأصح القولين كما جزم به هنا وهذا لا يقتضي نفي الخلاف |
139 |
وقد يعتذر عن ابن المصنف بأنه ادعى الإجماع على أن فعيلا لا ينوب عن مفعول يعني نيابة مطلقة أي من كل فعل وهو كذلك بناء على ما ذكره والده في شرح التسهيل من أن القائل بقياسه يخصه بالفعل الذي ليس له فعيل بمعنى فاعل ونبه المصنف بقوله نحو فتاة أو فتى كحيل على أن فعيلاا بمعنى مفعول يستوى فيه المذكر والمؤنث وستأتي هذه المسألة مبينة في باب التأنيث إن شاء الله تعالى وزعم المصنف في التسهيل أن فعيلا ينوب عن مفعول في الدلالة على معناه لا في العمل فعلى هذا لا تقول مررت برجل جريح عبده فترفع عبد بجريح وقد صرح غيره بجواز هذه المسألة |
140 |
الصفة المشبهة باسم الفاعل صفة استحسن جر فاعل معنى بها المشبهة اسم الفاعل قد سبق أن المراد بالصفة ما دل على معنى وذات وهذا يشمل اسم الفاعل واسم المفعول وأفعل التفضيل والصفة المشبهة وذكر المصنف أن علامة الصفة المشبهة استحسان جر فاعلها بها نحو حسن الوجه ومنطلق اللسان وطاهر القلب والأصل حسن وجهه ومنطلق لسانه وطاهر قلبه فوجهه مرفوع بحسن على الفاعلية ولسانه مرفوع بمنطلق وقلبه مرفوع بطاهر وهذا لا يجوز في غيرها من الصفات فلا تقول زيد ضارب الأب عمرا تريد ضارب أبوه عمرا ولا زيد قائم الأب غدا تريد زيد قائم أبوه غدا وقد تقدم أن اسم المفعول يجوز إضافته إلى مرفوعه فتقول زيد مضروب الأب وهو حينئذ جار مجرى الصفة المشبهة |
141 |
وصوغها من لازم لحاضر كطاهر القلب جميل الظاهر يعني أن الصفة المشبهة لا تصاغ من فعل متعد فلا تقول زيد قاتل الأب بكرا تريد قاتل أبوه بكرا بل لا تصاغ إلا من فعل لازم نحو طاهر القلب وجميل الظاهر ولا تكون إلا للحال وهو المراد بقوله لحاضر فلا تقول زيد حسن الوجه غدا أو أمس ونبه بقوله كطاهر القلب جميل الظاهر على أن الصفة المشبهة إذا كانت من فعل ثلاثي تكون على نوعين أحدهما ما وازن المضارع نحو طاهر القلب وهذا قليل فيها والثاني مالم يوازنه وهو الكثير نحو جميل الظاهر وحسن الوجه وكريم الأب وإن كانت من غير ثلاثي وجب موازنتها المضارع نحو منطلق اللسان وعمل اسم فاعل المعدى لها على الحد الذي قد حدا |
142 |
أي يثبت لهذه الصفة عمل اسم الفاعل المتعدى وهو الرفع والنصب نحو زيد حسن الوجه ففي حسن ضمير مرفوع هو الفاعل والوجه منصوب على التشبيه بالمفعول به لأن حسنا شبيه بضارب فعمل عمله وأشار بقوله على الحد الذي قد حدا إلى أن الصفة المشبهة تعمل على الحد الذي سبق في اسم الفاعل وهو أنه لا بد من اعتمادها كما أنه لا بد من اعتماده وسبق ما تعمل فيه مجتنب وكونه ذا سببية وجب |
143 |
لما كانت الصفة المشبهة فرعا في العمل عن اسم الفاعل قصرت عنه فلم يجز تقديم معمولها عليها كما جاز في اسم الفاعل فلا تقول زيد الوجه حسن كما تقول زيد عمرا ضارب ولم تعمل إلا في سببى نحو زيد حسن وجهه ولا تعمل في أجنبي فلا تقول زيد حسن عمرا واسم الفاعل يعمل في السببى والأجنبي نحو زيد ضارب غلامه وضارب عمرا فارفع بها وأنصب وجر مع أل ودون أل مصحوب أل وما اتصل بها مضافا أو مجردا ولا تجرر بها مع أل سما من أل خلا |
144 |
ومن إضافة لتاليها وما لم يخل فهو بالجواز وسما الصفة المشبهة إما أن تكون بالألف واللام نحو الحسن أو مجردة عنهما نحو حسن وعلى كل من التقديرين لا يخلو المعمول من أحوال ستة الأول أن يكون المعمول بأل نحو الحسن الوجه وحسن الوجه الثاني أن يكون مضافا لما فيه أل نحو الحسن وجه الأب وحسن وجه الأب الثالث أن يكون مضافا إلى ضمير الموصوف نحو مررت بالرجل الحسن وجهه وبرجل حسن وجهه الرابع أن يكون مضافا إلى مضاف إلى ضمير الموصوف نحو مررت بالرجل الحسن وجه غلامه وبرجل حسن وجه غلامه الخامس أن يكون مجردا من أل دون الإضافة نحو الحسن وجه أب وحسن وجه أب |
145 |
السادس أن يكون المعمول مجردا من أل والإضافة نحو الحسن وجها وحسن وجها فهذه اثنتا عشرة مسألة والمعمول في كل واحدة من هذه المسائل المذكورة إما أن يرفع أو ينصب أو يجر فيتحصل حينئذ ست وثلاثون صورة وإلى هذا أشار بقوله فارفع بها أي بالصفة المشبهة وانصب وجر مع أل أي إذا كانت الصفة بأل نحو الحسن ودون أل أي إذا كانت الصفة بغير أل نحو حسن مصحوب أل أي المعمول المصاحب لأل نحو الوجه وما اتصل بها مضافا أو مجردا أي والمعمول المتصل بها أي بالصفة إذا كان المعمول مضافا أو مجردا من الألف واللام والإضافة ويدخل تحت قوله مضافا المعمول المضاف إلى ما فيه أل نحو وجه الأب والمضاف إلى ضمير الموصوف نحو وجهه والمضاف إلى ما أضيف إلى ضمير الموصوف نحو وجه غلامه والمضاف إلى المجرد من أل دون الإضافة نحو وجه أب وأشار بقوله ولا تجرر بها مع أل إلى آخره إلى أن هذه المسائل ليست كلها على الجواز بل يمتنع منها إذا كانت الصفة بأل أربع مسائل الأولى جر المعمول المضاف إلى ضمير الموصوف نحو الحسن وجهه الثانية جر المعمول المضاف إلى ما أضيف إلى ضمير الموصوف نحو الحسن وجه غلامه |
146 |
الثالثة جر المعمول المضاف إلى المجرد من أل دون الإضافة نحو الحسن وجه أب الرابعة جر المعمول المجرد من أل والإضافة نحو الحسن وجه فمعنى كلامه ولا تجرر بها أي بالصفة المشبهة إذا كانت الصفة مع أل اسما خلا من أل أو خلا من الإضافة لما فيه أل وذلك كالمسائل الأربع وما لم يخل من ذلك يجوز جره كما يجوز رفعه ونصبه كالحسن الوجه والحسن وجه الأب وكما يجوز جر المعمول ونصبه ورفعه إذا كانت الصفة بغير أل على كل حال |
147 |
التعجب بأفعل انطق بعد ما تعجبا أو جيء ب أفعل قبل مجرور ببا وتلو أفعل انصبنه كما أوفى خليلينا وأصدق بهما للتعجب صيغتان إحداهما ما أفعله والثانية أفعل به وإليهما أشار |
148 |
المصنف بالبيت الأول أي أنطق بأفعل بعد ما للتعجب نحو ما أحسن زيدا وما أوفى خليلينا أو جيء بأفعل قبل مجرور ببا نحو أحسن بالزيدين وأصدق بهما فما مبتدأ وهي نكرة تامة عند سيبويه وأحسن فعل ماض فاعله ضمير مستتر عائد على ما وزيدا مفعول أحسن والجملة خبر عن ما والتقدير شيء أحسن زيدا أي جعله حسنا وكذلك ما أوفى خليلينا وأما أفعل ففعل أمر ومعناه التعجب لا الأمر وفاعله المجرور بالباء والباء زائدة واستدل على فعلية أفعل بلزوم نون الوقاية له إذا اتصلت به ياء المتكلم نحو ما أفقرني إلى عفو الله وعلى فعلية أفعل بدخول نون التوكيد عليه في قوله ومستبدل من بعد غضبي صريمة فأحر به من طول فقر وأحريا |
150 |
أراد وأحرين بنون التوكيد الخفيفة فأبدلها ألفا في الوقف وأشار بقوله وتلو أفعل إلى أن تالى أفعل ينصب لكونه مفعولا نحو ما أوفى خليلينا ثم مثل بقوله وأصدق بهما للصيغة الثانية وما قدمناه من أن ما نكرة تامة هو الصحيح والجملة التي بعدها خبر عنها والتقدير شيء أحسن زيدا أي جعله حسنا وذهب الأخفش إلى أنها موصولة والجملة التي بعدها صلتها والخبر محذوف والتقدير الذي أحسن زيدا شيء عظيم وذهب بعضهم إلى أنها استفهامية والجملة التي بعدها خبر عنها والتقدير أي شيء أحسن زيدا وذهب بعضهم إلى أنها نكرة موصوفة والجملة التي بعدها صفة لها والخبر محذوف والتقدير شيء أحسن زيدا عظيم وحذف مامنه تعجبت استبح إن كان عند الحذف معناه يضح |
151 |
يجوز حذف المتعجب منه وهو المنصوب بعد أفعل والمجرور بالباء بعد أفعل إذا دل عليه دليل فمثال الأول قوله أرى أم عمرو دمعها قد تحدرا بكاء على عمرو وما كان أصبرا |
152 |
التقدير وما كان أصبرها فحذف الضمير وهو مفعول أفعل للدلالة عليه بما تقدم ومثال الثاني قوله تعالى أسمع بهم وأبصر التقدير والله أعلم وأبصر بهم فحذف بهم لدلالة ما قبله عليه وقول الشاعر فذلك إن يلق المنية يلقها حميدا وإن يستغن يوما فأجدر |
153 |
أي فأجدر به فحذف المتعجب منه بعد أفعل وإن لم يكن معطوفا على أفعل مثله وهو شاذ وفي كلا الفعلين قدما لزما منع تصرف بحكم حتما لا يتصرف فعلا التعجب بل يلزم كل منهما طريقة واحدة فلا يستعمل من أفعل غير الماضي ولا من أفعل غير الأمر قال المصنف وهذا مما لا خلاف فيه وصغهما من ذي ثلاث صرفا قابل فضل تم غير ذي انتفا وغير ذي وصف يضاهي أشهلا وغير سالك سبيل فعلا |
154 |
يشترط في الفعل الذي يصاغ منه فعلا التعجب شروط سبعة أحدهما أن يكون ثلاثيا فلا يبنيان مما زاد عليه نحو دحرج وانطلق واستخرج الثاني أن يكون متصرفا فلا يبنيان من فعل غير متصرف كنعم وبئس وعسى وليس الثالث أن يكون معناه قابلا للمفاضلة فلا يبنيان من مات وفنى ونحوهما إذ لا مزية فيهما لشيء على شيء الرابع أن يكون تاما واحترز بذلك من الأفعال الناقصة نحو كان وأخواتها فلا تقول ما أكون زيدا قائما وأجازه الكوفيون الخامس أن لا يكون منفيا واحترز بذلك من المنفي لزوما نحو ما عاج فلان بالدواء أي ما انتفع به أو جوازا نحو ما ضربت زيدا السادس أن لا يكون الوصف منه على أفعل واحترز بذلك من الأفعال الدالة على الألوان كسود فهو أسود وحمر فهو أحمر والعيوب كحول فهو أحول وعور فهو أعور فلا تقول ما أسوده ولا ما أحمره ولا ما أحوله ولا ما أعوره ولا أعور به ولا أحول به السابع أن لا يكون مبنيا للمفعول نحو ضرب زيد فلا تقول ما أضرب زيدا تريد التعجب من ضرب أوقع به لئلا يلتبس بالتعجب من ضرب أوقعه وأشدد أو أشد أو شبههما يخلف ما بعض الشروط عدما |
155 |
ومصدر العادم بعد ينتصب وبعد أفعل جره بالبا يجب يعني أنه يتوصل إلى التعجب من الأفعال التي لم تستكمل الشروط بأشدد ونحوه وبأشد ونحوه وينصب مصدر ذلك الفعل العادم الشروط بعد أفعل مفعولا ويجر بعد أفعل بالباء فتقول ما أشد دحرجته واستخراجه وأشدد بدحرجته واستخراجه وما أقبح عوره وأقبح بعوره وما أشد حمرته وأشدد بحمرته وبالندور أحكم لغير ما ذكر ولا تقس على الذي منه أثر |
156 |
يعني أنه إذا ورد بناء فعل التعجب من شيء من الأفعال التي سبق أنه لا يبنى منها حكم بندوره ولا يقاس على ما سمع منه كقولهم ما أخصره من اختصر فبنوا أفعل من فعل زائد على ثلاثة أحرف وهو مبني للمفعول وكقولهم ما أحمقه فبنوا أفعل من فعل الوصف منه على أفعل نحو حمق فهو أحمق وقولهم ما أعساه وأعس به فبنوا أفعل وأفعل به من عسى وهو فعل غير متصرف وفعل هذا الباب لن يقدما معموله ووصله بما ألزما وفصله بظرف أو بحرف جر مستعمل والخلف في ذاك استقر لا يجوز تقديم معمول فعل التعجب عليه فلا تقول زيدا ما أحسن |
157 |
ولا ما زيدا أحسن ولا بزيد أحسن ويجب وصله بعامله فلا يفصل بينهما بأجنبى فلا تقول في ما أحسن معطيك الدرهم ما أحسن الدرهم معطيك ولا فرق في ذلك بين المجرور وغيره فلا تقول ما أحسن بزيد مارا تريد ما أحسن مارا بزيد ولا ما أحسن عندك جالسا تريد ما أحسن جالسا عندك فإن كان الظرف أو المجرور معمولا لفعل التعجب ففي جواز الفصل بكل منهما بين فعل التعجب ومعموله خلاف والمشهور جوازه خلافا للأخفش والمبرد ومن وافقهما ونسب الصيمرى المنع إلى سيبويه ومما ورد فيه الفصل في النثر قول عمرو بن معد يكرب لله در بني سليم ما أحسن في الهيجاء لقاءها وأكرم في اللزبات عطاءها وأثبت في المكرمات بقاءها وقول علي كرم الله وجهه وقد مر بعمار فمسح التراب عن وجهه أعزز على أبا اليقظان أن أراك صريعا مجدلا ومما ورد منه من النظم قول بعض الصحابة رضي الله عنهم وقال نبي المسلمين تقدموا وأحبب إلينا أن تكون المقدما |
158 |
وقوله خليلي ما أحرى بذي اللب أن يرى صبورا ولكن لا سبيل إلى الصبر |
160 |
نعم وبئس وما جرى مجراهما فعلان غير متصرفين نعم وبئس رافعان اسمين مقارنى أل أو مضافين لما قارنها ك عقبى الكرما ويرفعان مضمرا يفسره مميز ك نعم قوما معشره مذهب جمهور النحويين أن نعم وبئس فعلان بدليل دخول تاء التأنيث الساكنة عليهما نحو نعمت المرأة هند وبئست المرأة دعد وذهب جماعة من الكوفيين ومنهم الفراء إلى أنهما أسمان واستدلوا بدخول حرف الجر عليهما في قول بعضهم نعم السير على بئس العير وقول |
161 |
الآخر والله ما هي بنعم الولد نصرها بكاء وبرها سرقة وخرج على جعل نعم وبئس مفعولين لقول محذوف واقع صفة لموصوف محذوف وهو المجرور بالحرف لا نعم وبئس والتقدير نعم السير على غير مقول فيه بئس العير وما هي بولد مقول فيه نعم الولد فحذف الموصوف والصفة وأقيم المعمول مقامهما مع بقاء نعم وبئس على فعليتهما وهذان الفعلان لا يتصرفان فلا يستعمل منهما غير الماضي ولا بد لهما من مرفوع هو الفاعل وهو على ثلاثة أقسام الأول أن يكون محلى بالألف واللام نحو نعم الرجل زيد ومنه قوله تعالى نعم المولى ونعم النصير واختلف في هذه اللام فقال قوم هي للجنس حقيقة فمدحت الجنس كله من أجل زيد ثم خصصت زيدا بالذكر فتكون قد مدحته مرتين وقيل هي للجنس مجازا وكأنك قد جعلت زيدا الجنس كله مبالغة وقيل هي للعهد الثاني أن يكون مضافا إلى ما فيه أل كقوله نعم عقبى الكرما ومنه قوله تعالى ولنعم دار المتقين الثالث أن يكون مضمرا مفسرا بنكرة بعده منصوبة على التمييز نحو |
162 |
نعم قوما معشره ففي نعم ضمير مستتر يفسره قوما ومعشره مبتدأ وزعم بعضهم أن معشره مرفوع بنعم وهو الفاعل ولا ضمير فيها وقال بعض هؤلاء إن قوما حال وبعضهم إنه تمييز ومثل نعم قوما معشره قوله تعالى بئس للظالمين بدلا وقول الشاعر لنعم موئلا المولى إذا حذرت بأساء ذي البغى واستيلاء ذي الإحن وقول الآخر تقول عرسى وهي لي في عومره بئس أمرأ وإنني بئس المره |
163 |
وجمع تميز وفاعل ظهر فيه خلاف عنهم قد اشتهر اختلف النحويون في جواز الجمع بين التمييز والفاعل الظاهر في نعم وأخواتها فقال قوم لا يجوز ذلك وهو المنقول عن سيبويه فلا تقول نعم الرجل رجلا زيد وذهب قوم إلى الجواز واستدلوا بقوله |
164 |
والتغلبيون بئس الفحل فحلهم فحلا وأمهم زلاء منطيق وقوله تزود مثل زاد أبيك فينا فنعم الزاد زاد أبيك زادا |
165 |
وفصل بعضهم فقال إن أفاد التمييز فائدة زائدة على الفاعل جاز الجمع بينهما نحو نعم الرجل فارسا زيد وإلا فلا نحو نعم الرجل رجلا زيد فإن كان الفاعل مضمرا جاز الجمع بينه وبين التمييز اتفاقا نحو نعم رجلا زيد |
166 |
وما مميز وقيل فاعل في نحو نعم ما يقول الفاضل تقع ما بعد نعم وبئس فتقول نعم ما أو نعما وبئس ما ومنه قوله تعالى إن تبدو الصدقات فنعما هي وقوله تعالى بئسما اشتروا به أنفسهم واختلف في ما هذه فقال قوم هي نكرة منصوبة على التمييز وفاعل نعم ضمير مستتر وقيل هي الفاعل وهي اسم معرفة وهذا مذهب ابن خروف ونسبه إلى سيبويه ويذكر المخصوص بعد مبتدا أو خبر أسم ليس يبدو أبدا |
167 |
يذكر بعد نعم وبئس وفاعلهما اسم مرفوع هو المخصوص بالمدح أو الذم وعلامته أن يصلح لجعله مبتدأ وجعل الفعل والفاعل خبرا عنه نحو نعم الرجل زيد وبئس الرجل عمرو ونعم غلام القوم زيد وبئس غلام القوم عمرو ونعم رجلا زيد وبئس رجلا عمرو وفي إعرابه وجهان مشهوران أحدهما أنه مبتدأ والجملة قبله خبر عنه والثاني أنه خبر مبتدأ محذوف وجوبا والتقدير هو زيد وهو عمرو أي الممدوح زيد والمذموم عمرو ومنع بعضهم الوجه الثاني وأوجب الأول وقيل هو مبتدأ خبره محذوف والتقدير زيد الممدوح وإن يقدم مشعر به كفى ك العلم نعم المقتنى والمقتفى إذا تقدم ما يدل على المخصوص بالمدح أو الذم أغنى عن ذكره آخرا كقوله تعالى في أيوب إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب أي نعم العبد أيوب فحذف المخصوص بالمدح وهو أيوب لدلالة ما قبله عليه |
168 |
واجعل كبئس ساء واجعل فعلا من ذي ثلاثة كنعم مسجلا تستعمل ساء في الذم استعمال بئس فلا يكون فاعلها إلا ما يكون فاعلا لبئس وهو المحلى بالألف واللام نحو ساء الرجل زيد والمضاف إلى ما فيه الألف واللام نحو ساء غلام القوم زيد والمضمر المفسر بنكرة بعده نحو ساء رجلا زيد ومنه قوله تعالى ساء مثلا القوم الذين كذبوا ويذكر بعدها المخصوص بالذم كما يذكر بعد بئس وإعرابه كما تقدم وأشار بقوله واجعل فعلا إلى أن كل فعل ثلاثي يجوز أن يبنى منه فعل على فعل لقصد المدح أو الذم ويعامل معاملة نعم وبئس في جميع ما تقدم لهما من الأحكام فتقول شرف الرجل زيد ولؤم الرجل بكر وشرف غلام الرجل زيد وشرف رجلا زيد ومقتضى هذا الإطلاق أنه يجوز في علم أن يقال علم الرجل زيد بضم عين الكلمة وقد مثل هو وابنه به وصرح غيره أنه لا يجوز تحويل علم وجهل وسمع إلى فعل بضم العين لأن العرب حين استعملتها هذا الاستعمال أبقتها على كسرة عينها ولم تحولها إلى الضم فلا يجوز لنا تحويلها |
169 |
بل نبقيها على حالها كما أبقوها فتقول علم الرجل زيد وجهل الرجل عمرو وسمع الرجل بكر ومثل نعم حبذا الفاعل ذا وإن ترد ذما فقل لا حبذا يقال في المدح حبذا زيد وفي الذم لا حبذا زيد كقوله ألا حبذا أهل الملا غير أنه إذا ذكرت مى فلا حبذا هيا |
170 |
واختلف في إعرابها فذهب أبو علي الفارسي في البغداديات وابن برهان وابن خروف وزعم أنه مذهب سيبويه وأن من نقل عنه غيره فقد أخطأ عليه واختاره المصنف إلى أن حب فعل ماض وذا فاعله وأما المخصوص فجوز أن يكون مبتدأ والجملة قبله خبره وجوز أن يكون خبرا لمبتدإ محذوف وتقديره هو زيد أي الممدوح أو المذموم زيد واختاره المصنف وذهب المبرد في المقتضب وابن السراج في الأصول وابن هشام اللخمى واختاره ابن عصفور إلى أن حبذا اسم وهو مبتدأ والمخصوص خبره أو خبر مقدم والمخصوص مبتدأ مؤخر فركبت حب مع ذا وجعلتا اسما واحدا |
171 |
وذهب قوم منهم ابن درستويه إلى أن حبذا فعل ماض وزيد فاعله فركبت حب مع ذا وجعلتا فعلا وهذا أضعف المذاهب وأول ذا المخصوص أيا كان لا تعدل بذا فهو يضاهى المثلا أي أوقع المخصوص بالمدح أو الذم بعد ذا على أي حال كان من الإفراد والتذكير والتأنيث والتثنية والجمع ولا تغير ذا لتغير المخصوص بل يلزم الإفراد والتذكير وذلك لأنها أشبهت المثل والمثل لا يغير فكما تقول الصيف ضيعت اللبن للمذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع بهذا اللفظ تقول حبذا زيد وحبذا هند والزيدان والهندان والزيدون والهندات فلا تخرج ذا عن الإفراد والتذكير ولو خرجت لقيل حبذى هند وحبذان الزيدان وحبتان الهندان وحب أولئك الزيدون أو الهندات |
172 |
وما سوى ذا أرفع بحب أو فجر بالبا ودون ذا انضمام الحا كثر يعني أنه إذا وقع بعد حب غير ذا من الأسماء جاز فيه وجهان الرفع بحب نحو حب زيد والجر بباء زائدة نحو حب بزيد وأصل حب حبب ثم أدغمت الباء في الباء فصار حب ثم إن وقع بعد حب ذا وجب فتح الحاء فتقول حب ذا وإن وقع بعدها غير ذا جاز ضم الحاء وفتحها فتقول حب زيد وحب زيد وروى بالوجهين قوله فقلت أقتلوها عنكم بمزاجها وحب بها مقتولة حين تقتل |
174 |
أفعل التفضيل صغ من مصوغ منه للتعجب أفعل للتفضيل وأب اللذ أبى يصاغ من الأفعال التي يجوز التعجب منها للدلالة على التفضيل وصف على وزن أفعل فتقول زيد أفضل من عمرو وأكرم من خالد كما تقول ما أفضل زيدا وما أكرم خالدا وما امتنع بناء فعل التعجب منه امتنع بناء أفعل التفضيل منه فلا يبنى من فعل زائد على ثلاثة أحرف كدحرج واستخرج ولا من فعل غير متصرف |
175 |
كنعم وبئس ولا من فعل لا يقبل المفاضلة كمات وفنى ولا من فعل ناقص ككان وأخواتها ولا من فعل منفى نحو ما عاج بالدواء وما ضرب ولا من فعل يأتى الوصف منه على أفعل نحو حمر وعور ولا من فعل مبنى للمفعول نحو ضرب وجن وشذ منه قولهم هو أخصر من كذا فبنوا أفعل التفضيل من اختصر وهو زائد على ثلاثة أحرف ومبني للمفعول وقالوا أسود من حلك الغراب وأبيض من اللبن فبنوا أفعل التفضيل شذوذا من فعل الوصف منه على أفعل وما به إلى تعجب وصل لمانع به إلى التفضيل صل تقدم في باب التعجب أنه يتوصل إلى التعجب من الأفعال التي لم تستكمل الشروط بأشد ونحوها وأشار هنا إلى أنه يتوصل إلى التفضيل من الأفعال التي لم تستكمل الشروط بما يتوصل به في التعجب فكما تقول ما أشد استخراجه تقول هو أشد استخراجا من زيد وكما تقول ما أشد حمرته تقول هو أشد حمرة من زيد لكن المصدر ينتصب في باب التعجب بعد أشد مفعولا وههنا ينتصب تمييزا |
176 |
وأفعل التفضيل صله أبدا تقديرا أو لفظا بمن إن جردا لا يخلو أفعل التفضيل عن أحد ثلاثة أحوال الأول أن يكون مجردا الثاني أن يكون مضافا الثالث أن يكون بالألف واللام فإن كان مجردا فلا بد أن يتصل به من لفظا أو تقديرا جارة للمفضل نحو زيد أفضل من عمرو وقد تحذف من ومجرورها للدلالة عليهما كقوله تعالى أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا أي وأعز منك نفرا وفهم من كلامه أن أفعل التفضيل إذا كان بأل أو مضافا لا تصحبه من فلا تقول زيد الأفضل من عمرو ولا زيد أفضل الناس من عمرو |
177 |
وأكثر ما يكون ذلك إذا كان أفعل التفضيل خبرا كالآية الكريمة ونحوها وهو كثير في القرآن وقد تحذف منه وهو غير خبر كقوله دنوت وقد خلناك كالبدر أجملا فظل فؤادي في هواك مضللا ف أجمل أفعل تفضيل وهو منصوب على الحال من التاء في دنوت وحذفت منه من والتقدير دنوت أجمل من البدر وقد خلناك كالبدر |
178 |
ويلزم أفعل التفضيل المجرد الإفراد والتذكير وكذلك المضاف إلى نكرة وإلى هذا أشار بقوله وإن لمنكور يضف أو جردا ألزم تذكيرا وأن يوحدا فتقول زيد أفضل من عمرو وأفضل رجل وهند أفضل من عمرو وأفضل امرأة والزيدان أفضل من عمرو وأفضل رجلين والهندان أفضل من عمرو وأفضل امرأتين والزيدون أفضل من عمرو وأفضل رجال والهندات أفضل من عمرو وأفضل نساء فيكون أفعل في هاتين الحالتين مذكرا ومفردا ولا يؤنث ولا يثنى ولا يجمع وتلو أل طبق وما لمعرفه أضيف ذو وجهين عن ذي معرفه |
179 |
هذا إذا نويت معنى من وإن لم تنو فهو طبق ما به قرن إذا كان أفعل التفضيل ب أل لزمت مطابقته لما قبله في الإفراد والتذكير وغيرهما فتقول زيد الأفضل والزيدان الأفضلان والزيدون الأفضلون وهند الفضلى والهندان الفضليان والهندات الفضل أو الفضليات ولا يجوز عدم مطابقته لما قبله فلا تقول الزيدون الأفضل ولا الزيدان الأفضل ولا هند الأفضل ولا الهندان الأفضل ولا الهندات الأفضل ولا يجوز أن تقترن به من فلا تقول زيد الأفضل من عمرو فأما قوله |
180 |
ولست بالأكثر منهم حصى وإنما العزة للكاثر فيخرج على زيادة الألف واللام والأصل ولست بأكثر منهم أو جعل منهم متعلقا بمحذوف مجرد عن الألف واللام لا بما دخلت عليه الألف واللام والتقدير ولست بالأكثر أكثر منهم |
181 |
وأشار بقوله وما لمعرفة أضيف إلخ إلى أن أفعل التفضيل إذا أضيف إلى معرفة وقصد به التفضيل جاز فيه وجهان أحدهما استعماله كالمجرد فلا يطابق ما قبله فتقول الزيدان أفضل القوم والزيدون أفضل القوم وهند أفضل النساء والهندان أفضل النساء والهندات أفضل النساء والثاني استعماله كالمقرون بالألف واللام فتجب مطابقته لما قبله فتقول الزيدان أفضلا القوم والزيدون أفضلوا القوم وأفاضل القوم وهند فضلى النساء والهندان فضليا النساء والهندات فضل النساء أو فضليات النساء ولا يتعين الاستعمال الأول خلافا لابن السراج وقد ورد الاستعمالان في القرآن فمن استعماله غير مطابق قوله تعالى ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن استعماله مطابقا قوله تعالى وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها وقد اجتمع الاستعمالان في قوله ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني منازل يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون والذين أجازوا الوجهين قالوا الأفصح المطابقة ولهذا عيب على صاحب الفصيح في قوله فاخترنا أفصحهن قالوا فكان ينبغي أن يأتي بالفصحى فيقول فصحاهن فإن لم يقصد التفضيل تعينت المطابقة كقولهم الناقص والأشج أعدلا بني مروان أي عادلا بني مروان وإلى ما ذكرناه من قصد التفضيل وعدم قصده أشار المصنف بقوله هذا إذا نويت معنى من البيت أي جواز الوجهين أعني المطابقة وعدمها |
182 |
مشروط بما إذا نوى بالإضافة معنى من أي إذا نوى التفضيل وأما إذا لم ينو ذلك فيلزم أن يكون طبق ما اقترن به قيل ومن استعمال صيغة أفعل التفضيل قوله تعالى وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وقوله تعالى ربكم أعلم بكم أي وهو هين عليه وربكم عالم بكم وقول الشاعر وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل أي لم أكن بعجلهم وقوله إن الذي سمك السماء بنى لنا بيتا دعائمه أعز وأطول |
183 |
أي دعائمه عزيزة طويلة وهل ينقاس ذلك أم لا قال المبرد ينقاس وقال غيره لا ينقاس وهو الصحيح وذكر صاحب الواضح أن النحويين لا يرون ذلك وأن أبا عبيدة قال في قوله تعالى وهو أهون عليه إنه بمعنى هين وفي بيت الفرزدق وهو الثاني إن المعنى عزيزة طويلة وإن النحويين ردوا على أبي عبيدة ذلك وقالوا لا حجة في ذلك له وإن تكن بتلو من مستفهما فلهما كن أبدا مقدما كمثل ممن أنت خير ولدى إخبار التقديم نزرا وردا |
184 |
تقدم أن أفعل التفضيل إذا كان مجردا جيء بعده بمن جارة للمفضل عليه نحو زيد أفضل من عمرو ومن ومجرورها معه بمنزلة المضاف إليه من المضاف فلا يجوز تقديمهما عليه كما لا يجوز تقديم المضاف إليه على المضاف إلا إذا كان المجرور بها اسم استفهام أو مضافا إلى اسم استفهام فإنه يجب حينئذ تقديم من ومجرورها نحو ممن أنت خير ومن أيهم أنت أفضل ومن غلام أيهم أنت أفضل وقد ورد التقديم شذوذا في غير الاستفهام وإليه أشار بقوله ولدى إخبار التقديم نزرا وردا ومن ذلك قوله فقالت لنا أهلا وسهلا وزودت جنى النحل بل ما زودت منه أطيب |
185 |
والتقدير بل ما زودت أطيب منه وقول ذي الرمة يصف نسوة بالسمن والكسل ولا عيب فيها غير أن سريعها قطوف وأن لا شيء منهن أكسل |
186 |
التقدير وأن لا شيء أكسل منهن وقوله إذا سايرت أسماء يوما ظعينة فأسماء من تلك الظعينة أملح التقدير فأسماء أصلح من تلك الظعينة |
187 |
ورفعه الظاهر نزر ومتى عاقب فعلا فكثيرا ثبتا كلن ترى في الناس من رفيق أولى به الفضل من الصديق لا يخلو أفعل التفضيل من أن يصلح لوقوع فعل بمعناه موقعه أولا فإن لم يصلح لوقوع فعل بمعناه موقعه لم يرفع ظاهرا وإنما يرفع ضميرا مستترا نحو زيد أفضل من عمرو ففي أفضل ضمير مستتر عائد على زيد |
188 |
فلا تقول مررت برجل أفضل منه أبوه فترفع أبوه ب أفضل إلا في لغة ضعيفة حكاها سيبويه فإن صلح لوقوع فعل بمعناه موقعه صح أن يرفع ظاهرا قياسا مطردا وذلك في كل موضع وقع فيه أفعل بعد نفي أو شبهه وكان مرفوعه أجنبيا مفضلا على نفسه باعتبارين نحو ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد ف الكحل مرفوع ب أحسن لصحة وقوع فعل بمعناه موقعه نحو ما رأيت رجلا يحسن في عينه الكحل كزيد ومثله قوله ما من أيام أحب إلى الله فيها الصوم منه في عشر ذي الحجة وقول الشاعر أنشده سيبويه مررت على وادي السباع ولا أرى كوادي السباع حين يظلم واديا |
189 |
أقل به ركب أتوه تثية وأخوف إلا ما وقى الله ساريا ف ركب مرفوع بأقل فقول المصنف ورفعه الظاهر نزر إشارة إلى الحالة الأولى وقوله ومتى عاقب فعلا إشارة إلى الحالة الثانية |
190 |
التوابع النعت يتبع في الإعراب الأسماء الأول نعت وتوكيد وعطف وبدل التابع هو الاسم المشارك لما قبله في إعرابه مطلقا فيدخل في قولك الاسم المشارك لما قبله في إعرابه سائر التوابع وخبر المبتدأ نحو زيد قائم وحال المنصوب نحو ضربت زيدا مجردا ويخرج بقولك مطلقا الخبر وحال المنصوب فإنهما لا يشاركان ما قبلهما في إعرابه مطلقا بل في بعض أحواله بخلاف التابع فإنه يشارك ما قبله في سائر أحواله من الإعراب نحو مررت بزيد الكريم ورأيت زيدا الكريم وجاء زيد الكريم |
191 |
والتابع على خمسة أنواع النعت والتوكيد وعطف البيان وعطف النسق والبدل فالنعت تابع متم ما سبق بوسمه أو وسم ما به أعتلق عرف النعت بأنه التابع المكمل متبوعه ببيان صفة من صفاته نحو مررت برجل كريم أو من صفات ما تعلق به وهو سببيه نحو مررت برجل كريم أبوه فقوله التابع يشمل التوابع كلها وقوله المكمل إلى آخره مخرج لما عدا النعت من التوابع والنعت يكون للتخصيص نحو مررت بزيد الخياط وللمدح نحو مررت بزيد الكريم ومنه قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم وللذم نحو مررت بزيد الفاسق ومنه قوله تعالى فاستعذ بالله |
192 |
من الشيطان الرجيم وللترحم نحو مررت بزيد المسكين وللتأكيد نحو أمس الدابر لايعود وقوله تعالى فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة وليعط في التعريف والتنكير ما لما تلا ك امرر بقوم كرما النعت يجب فيه أن يتبع ما قبله في إعرابه وتعريفه أو تنكيره نحو مررت بقوم كرماء ومررت بزيد الكريم فلا تنعت المعرفة بالنكرة فلا تقول مررت بزيد كريم ولا تنعت النكرة بالمعرفة فلا تقول مررت برجل الكريم |
193 |
وهو لدى التوحيد والتذكير أو سواهما كالفعل فأقف ما قفوا تقدم أن النعت لا بد من مطابقته للمنعوت في الإعراب والتعريف أو التنكير وأما مطابقته للمنعوت في التوحيد وغيره وهي التثنية والجمع والتذكير وغيره وهو التأنيث فحكمه فيها حكم الفعل فإن رفع ضميرا مستترا طابق المنعوت مطلقا نحو زيد رجل حسن والزيدان رجلان حسنان والزيدون رجال حسنون وهند امرأة حسنة والهندان امرأتان حسنتان والهندات نساء حسنات فيطابق في التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع كما يطابق الفعل لو جئت مكان النعت بفعل ف قلت رجل حسن ورجلان حسنا ورجال حسنوا وامرأة حسنت وامرأتان حسنتا ونساء حسن وإن رفع أي النعت اسما ظاهرا كان بالنسبة إلى التذكير والتأنيث على حسب ذلك الظاهر وأما في التثنية والجمع فيكون مفردا فيجري مجرى الفعل إذا رفع ظاهرا فتقول مررت برجل حسنة أمه كما تقول حسنت أمه وبامرأتين حسن أبواهما وبرجال حسن آباؤهم كما تقول حسن أبواهما وحسن آباؤهم |
194 |
فالحاصل أن النعت إذا رفع ضميرا طابق المنعوت في أربعة من عشرة واحد من ألقاب الإعراب وهي الرفع والنصب والجر وواحد من التعريف والتنكير وواحد من التذكير والتأنيث وواحد من الإفراد والتثنية والجمع وإذا رفع ظاهرا طابقه في اثنين من خمسة واحد من ألقاب الإعراب وواحد من التعريف والتنكير وأما الخمسة الباقية وهي التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع فحكمه فيها حكم الفعل إذا رفع ظاهرا فإن أسند إلى مؤنث أنث وإن كان المنعوت مذكرا وإن أسند إلى مذكر ذكر وإن كان المنعوت مؤنثا وإن أسند إلى مفرد أو مثنى أو مجموع أفرد وإن كان المنعوت بخلاف ذلك وأنعت بمشتق كصعب وذرب وشبهه كذا وذى والمنتسب |
195 |
لا ينعت إلا بمشتق لفظا أو تأويلا والمراد بالمشتق هنا ما أخذ من المصدر للدلالة على معنى وصاحبه كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة باسم الفاعل وأفعل التفضيل والمؤول بالمشتق كاسم الإشارة نحو مررت بزيد هذا أي المشار إليه وكذا ذو بمعنى صاحب والموصولة نحو مررت برجل ذي مال أي صاحب مال وبزيد ذو قام أي القائم والمنتسب نحو مررت برجل قرشي أي منتسب إلى قريش ونعتوا بجملة منكرا فأعطيت ما أعطيته خبرا تقع الجملة نعتا كما تقع خبرا وحالا وهي مؤولة بالنكرة ولذلك لا ينعت بها إلا النكرة نحو مررت برجل قام أبوه أو أبوه قائم ولا تنعت بها المعرفة فلا تقول مررت بزيد قام أبوه أو أبوه قائم وزعم بعضهم |
196 |
أنه يجوز نعت المعرف بالألف واللام الجنسية بالجملة وجعل منه قوله تعالى وآية لهم الليل نسلخ منه النهار وقول الشاعر ولقد أمر على اللئيم يسبني فمضيت ثمت قلت لا يعنيني |
197 |
فنسلخ صفة لليل ويسبنى صفة للئيم ولا يتعين ذلك لجواز كون نسلخ ويسبني حالين وأشار بقوله فأعطيت ما أعطيته خبرا إلى أنه لا بد للجملة الواقعة صفة من ضمير يربطها بالموصوف وقد يحذف للدلالة عليه كقوله وما أدرى أغيرهم تناء وطول الدهر أم مال أصابوا |
198 |
التقدير أم مال أصابوه فحذف الهاء وكقوله عز وجل واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا أي لا تجزى فيه فحذف فيه وفي كيفية حذفه قولان أحدهما أنه حذف بجملته دفعة واحدة والثاني أنه حذف على التدريج فحذف في أولا فاتصل الضمير بالفعل فصار تجزيه ثم حذف هذا الضمير المتصل فصار تجزى وامنع هنا إبقاع ذات الطلب وإن أتت فالقول أضمر تصب |
199 |
لا تقع الجملة الطلبية صفة فلا تقول مررت برجل أضربه وتقع خبرا خلافا لابن الأنباري فتقول زيد أضربه ولما كان قوله فأعطيت ما أعطيته خبرا يوهم أن كل جملة وقعت خبرا يجوز أن تقع صفة قال وامنع هنا إيقال ذات الطلب أي امنع وقوع الجملة الطلبية في باب النعت وإن كان لا يمتنع في باب الخبر ثم قال فإن جاء ما ظاهره أنه نعت فيه بالجملة الطلبية فيخرج على إضمار القول ويكون القول المضمر صفة والجملة الطلبية معمول القول المضمر وذلك كقوله حتى إذا جن الظلام واختلط جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط |
200 |
فظاهر هذا أن قوله هل رأيت الذئب قط صفة ل مذق وهي جملة طلبية ولكن ليس هو على ظاهره بل هل رأيت الذئب قط مقول لقول مضمرهو صفة ل مذق والتقدير بمذق مقول فيه هل رأيت الذئب قط فإن قلت هل يلزم هذا التقدير في الجملة الطلبية إذا وقعت في باب الخبر فيكون تقدير قولك زيد اضربه زيد مقول فيه اضربه فالجواب أن فيه خلافا فمذهب ابن السراج والفارسي التزام ذلك ومذهب الأكثرين عدم التزامه ونعتوا بمصدر كثيرا فالتزموا الإفراد والتذكيرا |
201 |
يكثر استعمال المصدر نعتا نحو مررت برجل عدل وبرجلين عدل وبرجال عدل وبامرأة عدل وبأمرأتين عدل وبنساء عدل ويلزم حينئد الإفراد والتذكير والنعت به على خلاف الأصل لأنه يدل على المعنى لا على صاحبه وهو مؤول إما على وضع عدل موضع عادل أو على حذف مضاف والأصل مررت برجل ذي عدل ثم حذف ذي وأقيم عدل مقامه وإما على المبالغة بجعل العين نفس المعنى مجازا أو ادعاء ونعت غير واحد إذا اختلف فعاطفا فرقه لا إذا ائتلف |
202 |
إذا نعت غير الواحد فإما أن يختلف النعت أو يتفق فإن اختلف وجب التفريق بالعطف فتقول مررت بالزيدين الكريم والبخيل وبرجال فقيه وكاتب وشاعر وإن اتفق جيء به مثنى أو مجموعا نحو مررت برجلين كريمين وبرجال كرماء ونعت معمولى وحيدى معنى وعمل أتبع بغير استثنا إذا نعت معمولان لعاملين متحدى المعنى والعمل أتبع النعت المنعوت رفعا ونصبا وجرا نحو ذهب زيد وانطلق عمرو العاقلان وحدثت زيدا وكلمت عمرا الكريمين ومررت بزيد وجزت على عمرو الصالحين فإن اختلف معنى العاملين أو عملهما وجب القطع وامتنع الإتباع فتقول جاء زيد وذهب عمرو العاقلين بالنصب على إضمار فعل أي أعنى العاقلين وبالرفع على إضمار مبتدأ أي هما العاقلان وتقول انطلق زيد وكلمت عمرا الظريفين أي أعنى الظريفين أو الظريفان |
203 |
أي هما الظريفان ومررت بزيد وجاوزت خالدا الكاتبين أو الكاتبان وإن نعوت كثرت وقد تلت مفتقرا لذكرهن أنبعت إذا تكررت النعوت وكان المنعوت لا يتضح إلا بها جميعا وجب إتباعها كلها فتقول مررت بزيد الفقيه الشاعر الكاتب واقطع أو أتبع إن يكن معينا بدونها أو بعضها اقطع معلنا |
204 |
إذا كان المنعوت متضحا بدونها كلها جاز فيها جميعها الإتباع والقطع وإن كان معينا ببعضها دون بعض وجب فيما لا يتعين إلا به الإتباع وجاز فيما يتعين بدونه الإتباع والقطع وأرفع أو أنصب إن قطعت مضمرا مبتدأ أو ناصبا لن يظهرا أي إذا قطع النعت عن المنعوت رفع على إضمار مبتدأ أو نصب على إضمار فعل نحو مررت بزيد الكريم أو الكريم أي هو الكريم أو أعني الكريم |
205 |
وقول المصنف لن يظهرا معناه أنه يجب إضمار الرافع أو الناصب ولا يجوز إظهاره وهذا صحيح إذا كان النعت لمدح نحو مررت بزيد الكريم أو ذم نحو مررت بعمرو الخبيث أو ترحم نحو مررت بزيد المسكين فأما إذا كان لتخصيص فلا يجب الإضمار نحو مررت بزيد الخياط أو الخياط وإن شئت أظهرت فتقول هو الخياط أو أعنى الخياط والمراد بالرافع والناصب لفظة هو أو أعنى وما من المنعوت والنعت عقل يجوز حذفه وفي النعت يقل أي يجوز حذف المنعوت وإقامة النعت مقامه إذا دل عليه دليل نحو قوله تعالى أن أعمل سابغات أي دروعا سابغات وكذلك يحذف النعت إذ دل عليه دليل لكنه قليل ومنه قوله تعالى قالوا الآن جئت بالحق أي البين وقوله تعالى إنه ليس من أهلك أي الناجين |
206 |
التوكيد بالنفس أو بالعين الاسم أكدا مع ضمير طابق المؤكدا واجمعهما بأفعل إن تبعا ما ليس واحد تكن متبعا التوكيد قسمان أحدهما التوكيد اللفظي وسيأتي والثاني التوكيد المعنوي وهو على ضربين أحدهما ما يرفع توهم مضاف إلى المؤكد وهو المراد بهذين البيتين وله لفظان النفس والعين وذلك نحو جاء زيد نفسه فنفسه |
207 |
توكيد لزيد وهو يرفع توهم أن يكون التقدير جاء خبر زيد أو رسوله وكذلك جاء زيد عينه ولا بد من إضافة النفس أو العين إلى ضمير يطابق المؤكد نحو جاء زيد نفسه أو عينه وهند نفسها أو عينها ثم إن كان للمؤكد بهما مثنى أو مجموعا جمعتهما على مثال أفعل فتقول جاء الزيدان أنفسهما أو أعينهما والهندان أنفسهما أو أعينهما والزيدون أنفسهم أو أعينهم والهندات أنفسهن أو أعينهن وكلا اذكر في الشمول وكلا كلتا جميعا بالضمير موصلا هذا هو الضرب الثاني من التوكيد المعنوي وهو ما يرفع توهم عدم إرادة الشمول والمستعمل لذلك كل وكلا وكلتا وجميع |
208 |
فيؤكد بكل وجميع ما كان ذا أجزاء يصح وقوع بعضها موقعه نحو جاء الركب كله أو جميعه والقبيلة كلها أو جميعها والرجال كلهم أو جميعهم والهندات كلهن أو جميعهن ولا تقول جاء زيد كله ويؤكد بكلا المثنى المذكر نحو جاء الزيدان كلاهما وبكلتا المثنى المؤنث نحو جاءت الهندان كلتاهما ولا بد من إضافتها كلها إلى ضمير يطابق المؤكد كما مثل واستعملوا أيضا ككل فاعله من عم في التوكيد مثل النافله أي استعمل العرب للدلالة على الشمول ككل عامة مضافا إلى ضمير المؤكد نحو جاء القوم عامتهم وقل من عدها من النحويين في ألفاظ التوكيد وقد عدها سيبويه وإنما قال مثل النافلة لأن عدها من ألفاظ التوكيد يشبه النافلة أي الزيادة لأن أكثر النحويين لم يذكرها |
209 |
وبعد كل أكدوا بأجمعا جمعاء أجمعين ثم جمعا أي يجاء بعد كل بأجمع وما بعدها لتقوية قصد الشمول فيؤتى ب أجمع بعد كله نحو جاء الركب كله أجمع وبجمعاء بعد كلها نحو جاءت القبيلة كلها جمعاء وبأجمعين بعد كلهم نحو جاء الرجال كلهم أجمعون وبجمع بعد كلهن نحو جاءت الهندات كلهن جمع ودون كل قد يجيء أجمع جمعاء أجمعون ثم جمع أي قد ورد استعمال العرب أجمع في التوكيد غير مسبوقة بكله نحو جاء الجيش أجمع واستعمال جمعاء غير مسبوقة بكلها نحو جاءت القبيلة جمعاء واستعمال أجمعين غير مسبوقة ب كلهم نحو جاء القوم أجمعون واستعمال جمع غير مسبوقة بكلهن نحو جاء النساء جمع وزعم المصنف أن ذلك قليل ومنه قوله |
210 |
يا ليتني كنت صبيا مرضعا تحملني الذلفاء حولا أكتعا إذا بكيت قبلتني أربعا إذا ظللت الدهر أبكي أجمعا |
211 |
وإن يفد كيد منكور قبل وعن نحاة البصرة المنع شمل مذهب البصريين أنه لا يجوز توكيد النكرة سواء كانت محدودة كيوم وليلة وشهر وحول أو غير محدودة كوقت وزمن وحين ومذهب الكوفيين واختاره المصنف جواز توكيد النكرة المحدودة لحصول الفائدة بذلك نحو صمت شهرا كله ومنه قوله تحملني الذلفاء حولا أكتعا وقوله قد صرت البكرة يوما أجمعا |
212 |
وأغن بكلتا في مثنى وكلا عن وزن فعلاء ووزن أفعلا قد تقدم أن المثنى يؤكد بالنفس أو العين وبكلا وكلتا ومذهب البصريين أنه لا يؤكد بغير ذلك فلا تقول جاء الجيشان أجمعان ولا جاء القبيلتان جمعاوان استغناء بكلا وكلتا عنهما وأجاز ذلك الكوفيون وإن تؤكد الضمير المتصل بالنفس والعين فبعد المنفصل |
213 |
عينت ذا الرفع وأكدوا بما سواهما والقيد لن يلتزما لا يجوز توكيد الضمير المرفوع المتصل بالنفس أو العين إلا بعد تأكيده بضمير منفصل فتقول قوموا أنتم أنفسكم أو أعينكم ولا تقل قوموا أنفسكم فإذا أكدته بغير النفس والعين لم يلزم ذلك تقول قوموا كلكم أو قوموا أنتم كلكم وكذا إذا كان المؤكد غير ضمير رفع بأن كان ضمير نصب أو جز فتقول مررت بك نفسك أو عينك ومررت بكم كلكم ورأيتك نفسك أو عينك ورأيتكم كلكم وما من التوكيد لفظي يجى مكررا كقولك أدرجى أدرجي |
214 |
هذا هو القسم ا لثاني من قسمى التوكيد وهو التوكيد اللفظي وهو تكرار اللفظ الأول بعينه اعتناء به نحو أدرجى أدرجى وقوله فأين إلى أين النجاة ببغلتي أتاك أتاك اللاحقون أحبس أحبس وقوله تعالى كلا إذا دكت الأرض دكا دكا |
215 |
ولا تعد لفظ ضمير متصل إلا مع اللفظ الذي به وصل أي إذا أريد تكرير لفظ الضمير المتصل للتوكيد لم يجز ذلك إلا بشرط اتصال المؤكد بما اتصل بالمؤكد نحو مررت بك بك ورغبت فيه فيه ولا تقول مررت بكك كذا الحروف غير ما تحصلا به جواب كنعم وكبلى |
216 |
أي كذلك إذا أريد توكيد الحرف الذي ليس للجواب يجب أن يعاد مع الحرف المؤكد ما يتصل بالمؤكد نحو إن زيدا إن زيدا قائم وفي الدار زيد ولا يجوز إن إن زيدا قائم ولا في في الدار زيد ولا يجوز إن إن زيدا قائم ولا في في الدار زايد فإن كان الحرف جوابا كنعم وبلى وجير وأجل وإي ولا جاز إعادته وحده فيقال لك أقام زيد فتقول نعم نعم أو لا لا وألم يقم زيد فتقول بلى بلى ومضمر الرفع الذي قد انفصل أكد به كل ضمير اتصل |
217 |
أي يجوز أن يؤكد بضمير الرفع المنفصل كل ضمير متصل مرفوعا كان نحو قمت أنت أو منصوبا نحو أكرمتني أنا أو مجرورا نحو مررت به هو والله أعلم |
218 |
العطف العطف إما ذو بيان أو نسق والغرض الآن بيان ما سبق فذو البيان تابع شبه الصفه حقيقة القصد به منكشفه العطف كما ذكر ضربان أحدهما عطف النسق وسيأتي والثاني عطف البيان وهو المقصود بهذا الباب وعطف البيان هو التابع الجامد المشبه للصفة في إيضاح متبوعه وعدم استقلاله نحو |
219 |
أقسم بالله أبو حفص عمر فعمر عطف بيان لأنه موضح لأبي حفص فخرج بقوله الجامد الصفة لأنها مشتقة أو مؤولة به وخرج بما بعد ذلك التوكيد وعطف النسق لأنهما لا يوضحان متبوعهما والبدل الجامد لأنه مستقل |
220 |
فأولينه من وفاق الأول ما من وفاق الأول النعت ولي لما كان عطف البيان مشبها للصفة لزم فيه موافقة المتبوع كالنعت فيوافقه في إعرابه وتعريفه أو تنكيره وتذكيره أو تأنيثه وإفراده أو تثنيته أو جمعه فقد يكونان منكرين كما يكونان معرفين ذهب أكثر النحويين إلى امتناع كون عطف البيان ومتبوعه نكرتين وذهب قوم منهم المصنف إلى جواز ذلك فيكونان منكرين كما يكونان معرفين قيل ومن تنكيرهما قوله تعالى توقد من شجرة مباركة زيتونة وقوله تعالى ويسقى من ماء صديد فزيتونة عطف بيان لشجرة وصديد عطف بيان لماء |
221 |
فبشر عطف بيان ولا يجوز كونه بدلا إذ لا يصح أن يكون التقدير أنا ابن التارك بشر وأشار بقوله وليس أن يبدل بالمرضى إلى أن تجويز كون بشر بدلا غير مرضى وقصد بذلك التنبيه على مذهب الفراء والفارسي |
222 |
الأولى أن يكون التابع مفردا معرفه معربا والمتبوع منادى نحو يا غلام يعمرا فيتعين أن يكون يعمرا عطف بيان ولا يجوز أن يكون بدلا لأن البدل على نية تكرار العامل فكان يجب بناء يعمرا على الضم لأنه لو لفظ بيا معه لكان كذلك الثانية أن يكون التابع خاليا من أل والمتبوع بأل وقد أضيفت إليه صفة بأل نحو أنا الضارب الرجل زيد فيتعين كون زيد عطف بيان ولا يجوز كونه بدلا من الرجل لأن البدل على نية تكرار العامل فيلزم أن يكون التقدير أنا الضارب زيد وهو لا يجوز لما عرفت في باب الإضافة من أن الصفة إذا كانت بأل لا تضاف إلا إلى ما فيه أل أو ما أضيف إلى ما فيه أل ومثل أنا الضارب الرجل زيد قوله أنا ابن التارك البكري بشر عليه الطير ترقبه وقوعا |
223 |
فبشر عطف بيان ولا يجوز كونه بدلا إذ لا يصح أن يكون التقدير أنا ابن التارك بشر وأشار بقوله وليس أن يبدل بالمرضى إلى أن تجويز كون بشر بدلا غير مرضى وقصد بذلك التنبيه على مذهب الفراء والفارسي |
224 |
عطف النسق تال بحرف متبع عطف النسق كاخصص بود وثناء من صدق عطف النسق هو التابع المتوسط بينه وبين متبوعه أحد الحروف التي سنذكرها كاخصص بود وثناء من صدق فخرج بقوله المتوسط إلى آخره بقية التوابع فالعطف مطلقا بواو ثم فا حتى أم أو كفيك صدق ووفا |
225 |
حروف العطف على قسمين أحدهما ما يشرك المعطوف مع المعطوف عليه مطلقا أي لفظا وحكما وهي الواو نحو جاء زيد وعمرو وثم نحو جاء زيد ثم عمرو والفاء نحو جاء زيد فعمرو وحتى نحو قدم الحجاج حتى المشاة وأم نحو أزيد عندك أم عمرو وأو نحو جاء زيد أو عمرو والثاني ما يشرك لفظا فقط وهو المراد بقوله وأتبعت لفظا فحسب بل ولا لكن ك لم يبد أمرؤ لكن طلا هذه الثلاثة تشرك الثاني مع الأول في إعرابه لا في حكمه نحو ما قام زيد بل عمرو وجاء زيد لا عمرو ولا تضرب زيدا لكن عمرا |
226 |
فاعطف بواو لاحقا أو سابقا في الحكم أو مصاحبا موافقا لما ذكر حروف العطف التسعة شرع في ذكر معانيها فالواو لمطلق الجمع عند البصريين فإذا قلت جاء زيد وعمرو دل ذلك على اجتماعهما في نسبة المجيء إليهما واحتمل كون عمرو جاء بعد زيد أو جاء قبله أو جاء مصاحبا له وإنما يتبين ذلك بالقرينة نحو جاء زيد وعمرو بعده وجاء زيد وعمرو قبله وجاء زيد وعمرو معه فيعطف بها اللاحق والسابق والمصاحب ومذهب الكوفيين أنها للترتيب ورد بقوله تعالى إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيى |
227 |
واخصص بها عطف الذي لا يغنى متبوعه كاصطف هذا وابنى اختصت الواو من بين حروف العطف بأنها يعطف بها حيث لا يكتفى بالمعطوف عليه نحو اختصم زيد وعمرو ولو قلت اختصم زيد لم يجز ومثله اصطف هذا وابني وتشارك زيد وعمرو ولا يجوز أن يعطف في هذه المواضع بالفاء ولا بغيرها من حروف العطف فلا تقول اختصم زيد فعمرو والفاء للترتيب باتصال وثم للترتيب بانفصال أي تدل الفاء على تأخر المعطوف عن المعطوف عليه متصلا به وثم على تأخره عنه منفصلا أي متراخيا عنه نحو جاء زيد فعمرو ومنه قوله تعالى الذي خلق فسوى وجاء زيد ثم عمرو ومنه قوله تعالى والله خلقكم من تراب ثم من نطفة |
228 |
واخصص بفاء عطف ما ليس صله على الذي استقر أنه الصلة اختصت الفاء بأنها تعطف ما لا يصلح أن يكون صلة لخلوه عن ضمير الموصول على ما يصلح أن يكون صلة لاشتماله على الضمير نحو الذي يطير فيغضب زيد الذباب ولو قلت ويغضب زيد أو ثم يغضب زيد لم يجز لأن الفاء تدل على السببية فاستغني بها عن الرابط ولو قلت الذي يطير ويغضب منه زيد الذباب جاز لأنك أتيت بالضمير الرابط بعضا بحتى أعطف على كل ولا يكون إلا غاية الذي تلا |
229 |
يشترط في المعطوف بحتى أن يكون بعضا مما قبله وغاية له في زيادة أو نقص نحو مات الناس حتى الأنبياء وقدم الحجاج حتى المشاة وأم بها أعطف إثر همز التسويه أو همزة عن لفظ أي مغنيه أم على قسمين منقطعة وستأتي ومتصلة وهي التي تقع بعد همزة التسوية نحو سواء على أقمت أم قعدت ومنه قوله تعالى سواء علينا أجزعنا أم صبرنا والتي تقع بعد همزة مغنية عن أي نحو أزيد عندك أم عمرو أي أيهما عندك وربما أسقطت الهمزة إن كان خفا المعنى بحذفها أمن |
230 |
أي قد تحذف الهمزة يعني همزة التسوية والهمزة المغنية عن أي عند أمن اللبس وتكون أم متصلة كما كانت والهمزة موجودة ومنه قراءة ابن محيصن سواء عليهم أنذرتهم أم لم تندرهم بإسقاط الهمزة من أنذرتهم وقول الشاعر لعمرك ما أدرى وإن كنت داريا بسبع رمين الجمر أم بثمان أي أبسبع |
231 |
وبانقطاع وبمعنى بل وفت إن تك مما قيدت به خلت أي إذا لم يتقدم على أم همزة التسوية ولا همزة مغنية عن أي فهي منقطعة وتفيد الإضراب كبل كقوله تعالى لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه أي بل يقولون أفتراه ومثله إنها لإبل أم شاء أي بل هي شاء خير أبح قسم بأو وأبهم وأشكك وإضراب بها أيضا نمى |
232 |
أي تستعمل أو للتخيير نحو خذ من مالي درهما أو دينارا وللإباحة نحو جالس الحسن أو ابن سيرين والفرق بين الإباحة والتخيير أن الإباحة لا تمنع الجمع والتخيير يمنعه وللتقسيم نحو الكلمة اسم أو فعل أو حرف وللابهام على السامع نحو جاء زيد أو عمرو إذا كنت عالما بالجائي منهما وقصدت الإبهام على السامع ومنه قوله تعالى وإنا أو إياكم لعلى هدى أوفى ضلال مبين وللشك نحو جاء زيد أو عمرو إذا كنت شاكا في الجائي منهما وللاضراب كقوله ماذا ترى في عيال قد برمت بهم لم أحص عدتهم إلا بعداد |
233 |
كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية لولا رجاؤك قد قتلت أولادي أي بل زادوا وربما عاقبت الواو إذا لم يلف ذو النطق للبس منفذا قد تستعمل أو بمعنى الواو عند أمن اللبس كقوله جاء الخلافة أو كانت له قدرا كما أتى ربه موسى على قدر |
234 |
ومثل أو في القصد إما الثانية في نحو إما ذى وإما النائيه يعني أن إما المسبوقة بمثلها تفيد ما تفيده أو من التخيير نحو خذ من مالي إما درهما وإما دينارا والإباحة نحو جالس إما الحسن وإما ابن سيرين والتقسيم نحو الكلمة إما اسم وإما فعل وإما حرف والإبهام والشك نحو جاء إما زيد وإما عمرو وليست إما هذه عاطفة خلافا لبعضهم وذلك لدخول الواو عليها وحرف العطف لا يدخل على حرف العطف |
235 |
وأول لكن نفيا أو نهيا ولا نداء أو أمرا أو أثباتا تلا أي إنما يعطف بلكن بعد النفي نحو ما ضربت زيدا لكن عمرا وبعد النهي نحو لا تضرب زيدا لكن عمرا ويعطف بلا بعد النداء نحو يا زيد لا عمرو والأمر نحو اضرب زيدا لا عمرا وبعد الإثبات نحو جاء زيد لا عمرو ولا يعطف بلا بعد النفي نحو ما جاء زيد لا عمرو ولا يعطف بلكن في الإثبات نحو جاء زيدلكن عمرو وبل كلكن بعد مصحوبيها كلم أكن في مربع بل تيها |
236 |
وانقل بها للثان حكم الأول في الخبر المثبت والأمر الجلي يعطف ببل في النفي والنهي فتكون كلكن في أنها تقرر حكم ما قبلها وتثبت تقيضه لما بعدها نحو ما قام زيد بل عمرو ولا تضرب زيدا بل عمرا فقررت النفي والنهي السابقين وأثبتت القيام لعمرو والأمر بضربه ويعطف بها في الخبر المثبت والأمر فتفيد الإضراب عن الأول وتنقل الحكم إلى الثاني حتى يصير الأول كأنه مسكوت عنه نحو قام زيد بل عمرو واضرب زيدا بل عمرا وإن على ضمير رفع متصل عطفت فافصل بالضمير المنفصل |
237 |
أو فاصل ما وبلا فصل يرد في النظم فاشيا وضعفه اعتقد إذا عطفت على ضمير الرفع المتصل وجب أن تفصل بينه وبين ما عطفت عليه بشيء ويقع الفصل كثيرا بالضمير المنفصل نحو قوله تعالى لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين فقوله وآباؤكم معطوف على الضمير في كنتم وقد فصل بأنتم وورد أيضا الفصل بغير الضمير وإليه أشار بقوله أو فاصل ما وذلك كالمفعول به نحو أكرمتك وزيد ومنه قوله تعالى جنات عدن يدخلونها ومن صلح فمن معطوف على الواو في يدخلونها وصح ذلك للفصل بالمفعول به وهو الهاء من يدخلونها ومثله الفصل بلا النافية كقوله تعالى ما أشركنا ولا آباؤنا فآباؤنا معطوف على نا وجاز ذلك للفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بلا |
238 |
والضمير المرفوع المستتر في ذلك كالمتصل نحو أضرب أنت وزيد ومنه قوله تعالى أسكن أنت وزوجك الجنة فزوجك معطوف على الضمير المستتر في أسكن وصح ذلك للفصل بالضمير المنفصل وهو أنت وأشار بقوله وبلا فصل يرد إلى أنه قد ورد في النظم كثيرا العطف على الضمير المذكور بلا فصل كقوله قلت إذ أقبلت وزهر تهادى كنعاج الفلا تعسفن رملا فقوله وزهر معطوف على الضمير المستتر في أقبلت |
239 |
وقد ورد ذلك في النثر قليلا حكى سيبويه رحمه الله تعالى مررت برجل سواء والعدم برفع العدم بالعطف على الضمير المستتر في سواء وعلم من كلام المصنف أن العطف على الضمير المرفوع المنفصل لا يحتاج إلى فصل نحو زيد ما قام إلا هو وعمرو وكذلك الضمير المنصوب المتصل والمنفصل نحو زيد ضربته وعمرا وما أكرمت إلا إياك وعمرا وأما الضمير المجرور فلا يعطف عليه إلا بإعادة الجار له نحو مررت بك وبزيد ولا يجوز مررت بك وزيد هذا مذهب الجمهور وأجاز ذلك الكوفيون واختاره المصنف وأشار إليه بقوله وعود خافض لدى عطف على ضمير خفض لازما قد جعلا وليس عندي لازما إذ قد أتى في النثر والنظم الصحيح مثبتا |
240 |
أي جعل جمهور النحاة إعادة الخافض إذا عطف على ضمير الخفض لازما ولا أقول به لورود السماع نثرا ونظما بالعطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض فمن النثر قراءة حمزة واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام بجر الأرحام عطفا على الهاء المجرورة بالباء ومن النظم ما أنشده سيبويه رحمه الله تعالى فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا فاذهب فما بك والأيام من عجب بجر الأيام عطفا على الكاف المجرورة بالباء |
241 |
والفاء قد تحذف مع ما عطفت والواو إذ لا لبس وهي انفردت بعطف عامل مزال قد بقى معموله دفعا لوهم أتقى |
242 |
قد تحذف الفاء مع معطوفها للدلالة ومنه قوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر أي فأفطر فعليه عدة من أيام أخر فحذف أفطر والفاء الداخلة عليه وكذلك الواو ومنه قولهم راكب الناقة طليحان أي راكب الناقة والناقة طليحان وانفردت الواو من بين حروف العطف بأنها تعطف عاملا محذوفا بقي معموله ومنه قوله إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيونا |
243 |
فالعيون مفعول بفعل محذوف والتقدير وكحلن العيون والفعل المحذوف معطوف على زججن وحذف متبوع بدا هنا استبح وعطفك الفعل عل الفعل يصح قد يحذف المعطوف عليه للدلالة عليه وجعل منه قوله تعالى أفلم تكن آياتي تتلى عليكم قال الزمخشري التقدير ألم تأتكم آياتي فلم تكن تتلى عليكم فحذف المعطوف عليه وهو ألم تأتكم |
244 |
وأشار بقوله وعطفك الفعل إلى آخره إلى أن العطف ليس مختصا بالأسماء بل يكون فيها وفي الأفعال نحو يقوم زيد ويقعد وجاء زيد وركب واضرب زيدا وقم واعطف على اسم شبه فعل فعلا وعكسا استعمل تجده سهلا يجوز أن يعطف الفعل على الاسم المشبه للفعل كاسم الفاعل ونحوه ويجوز أيضا عكس هذا وهو أن يعطف على الفعل الواقع موقع الأسم أسم فمن الأول قوله تعالى فالمغيرات صبحا فأثرن به نقعا وجعل منه قوله تعالى إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله ومن الثاني قوله فالفيته يوما يبير عدوه ومجر عطاء يستحق المعابرا |
245 |
وقوله بات يغشيها بعضب باتر يقصد في أسوقها وجائر فمجر معطوف على يبير وجائر معطوف على يقصد |
247 |
البدل التابع المقصود بالحكم بلا واسطة هو المسمى بدلا البدل هو التابع المقصود بالنسبة بلا واسطة فالتابع جنس والمقصود بالنسبة فصل أخرج النعت والتوكيد وعطف البيان لأن كل واحد منها مكمل للمقصود بالنسبة لا مقصود بها وبلا واسطة أخرج المعطوف ببل نحو جاء زيد بل عمرو فإن عمرا هو المقصود بالنسبة ولكن بواسطة وهي بل وأخرج المعطوف بالواو ونحوها فإن كل واحد منهما مقصود بالنسبة ولكن بواسطة مطابقا أو بعضا أو ما يشتمل عليه يلفى أو كمعطوف ببل |
248 |
وذا للاضراب أعز إن قصدا صحب ودون قصد غلط به سلب كزره خالدا وقبله اليدا واعرفه حقه وخذ نبلا مدى |
249 |
البدل على أربعة أقسام الأول بدل الكل من الكل وهو البدل المطابق للمبدل منه المساوى له في المعنى نحو مررت بأخيك زيد ورزه خالدا الثاني بدل البعض من الكل نحو أكلت الرغيف ثلثه وقبله اليد الثالث بدل الاشتمال وهو الدال على معنى في متبوعه نحو أعجبني زيد علمه واعرفه حقه الرابع البدل المباين للمبدل منه وهو المراد بقوله أو كمعطوف ببل وهو على قسمين أحدهما ما يقصد متبوعه كما يقصد هو ويسمى بدل الإضراب وبدل البداء نحو أكلت خبزا لحما قصدت أولا الإخبار بأنك أكلت خبزا ثم بدا لك أنك تخبر أنك أكلت لحما أيضا وهو المراد بقوله وذا للاضراب اعز إن قصدا صحب أي البدل الذي هو كمعطوف ببل انسبه للاضراب إن قصد متبوعه كما يقصد هو الثاني مالا يقصد متبوعه بل يكون المقصود البدل فقط وإنما غلط المتكلم فذكر المبدل منه ويسمى بدل الغلط والنسيان نحو رأيت رجلا حمارا أردت أنك تخبر أولا أنك رأيت حمارا فغلطت بذكر الرجل وهو المراد بقوله ودون قصد غلط به سلب أي إذا لم يكن المبدل منه مقصودا فيسمى البدل بدل الغلط لأنه مزيل الغلط الذي سبق وهو ذكر غير المقصود وقوله خذ نبلا مدى يصلح أن يكون مثالا لكل من القسمين لأنه |
250 |
إن قصد النبل والمدى فهو بدل الإضراب وإن قصد المدى فقط وهو جمع مدية وهي الشفرة فهو بدل الغلط ومن ضمير الحاضر الظاهر لا تبدله إلا ما إحاطة جلا أو اقتضى بعضا أو اشتمالا كإنك ابتهاجك اشتمالا أي لا ببدل الظاهر من ضمير الحاضر إلا إن كان البدل بدل كل من كل واقتضى الإحاطة والشمول أو كان بدل اشتمال أو بدل بعض من كل فالأول كقوله تعالى تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا فأولنا بدل من الضمير المجرور باللام وهو نا فإن لم يدل على الإحاطة امتنع نحو رأيتك زيدا |
251 |
والثاني كقوله ذرينى إن أمرك لن يطاعا وما الفيتني حلمي مضاعا فحلمي بدل اشتمال من الياء في ألفيتني والثالث كقوله أو عدني بالسجن والأداهم رجلي فرجلي شثنة المناسم |
252 |
فرجلي بدل بعض من الياء في أوعدني وفهم من كلامه أنه يبدل الظاهر من الظاهر مطلقا كما تقدم تمثيله وأن ضمير الغيبة يبدل منه الظاهر مطلقا نحو زره خالدا وبدل المضمن الهمزيلى همزا كمن ذا أسعيد أم علي |
253 |
إذا أبدل من أسم الاستفهام وجب دخول همزة الاستفهام على البدل نحو من ذا أسعيد أم علي وما تفعل أخيرا أم شرا ومتى تأتينا أغدا أم بعد غد ويبدل الفعل من الفعل كمن يصل إلينا يستعن بنا يعن كما يبدل الاسم من الاسم يبدل الفعل من الفعل فيستعن بنا بدل من يصل إلينا ومثله قوله تعالى ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب فيضاعف بدل من يلق فإعرابه بإعرابه وهو الجزم وكذا قوله إن على الله أن تبعايعا تؤخذ كرها أو تجيء طائعا فتؤخذ بدل من تبايعا ولذلك نصب |
255 |
النداء وللمنادى الناء أو كالناء يا وأي وآ كذا آيا ثم هيا والهمز للداني ووا لمن ندب أو يا وغير وا لدي اللبس اجتنب لا يخلو المنادى من أن يكون مندوبا أو غيره فإن كان غير مندوب فإما أن يكون بعيدا أو في حكم البعيد كالنائم والساهي أو قريبا فإن كان بعيدا أو في حكمه فله من حروف النداء يا وأي وآ وهيا وإن كان قريبا فله الهمزة نحو أزيد أقبل وإن كان مندوبا وهو |
256 |
المتفجع عليه أو المتوجع منه فله وا نحو وازيداه و واظهراه ويا أيضا عند عدم التباسه بغير المندوب فإن التبس تعينت وا وامتنعت يا وغير مندوب ومضمر وما جا مستغاثا قد يعرى فاعلما وذاك في اسم الجنس والمشار له قل ومن يمنعه فانصر عاذله لا يجوز حذف حرف النداء مع المندوب نحو وازيداه ولا مع الضمير نحو يا إياك قد كفيتك ولا مع المستغاث نحو يا لزيد |
257 |
وأما غير هذه فيحذف معها الحرف جوازا فتقول في يا زيد أقبل زيد أقبل وفي يا عبد الله أركب عبد الله أركب لكن الحذف مع اسم الإشارة قليل وكذا مع اسم الجنس حتى إن أكثر النحويين منعوه ولكن أجازه طائفة منهم وتبعهم المصنف ولهذا قال ومن يمنعه فانصر عاذله أي انصر من يعذله على منعه لورود السماع به فمما ورد منه مع اسم الإشارة قوله تعالى ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم أي يا هؤلاء وقول الشاعر ذا ارعواء فليس بعد اشتعال الرأس شيبا إلى الصبا من سبيل أي ياذا ومما ورد منه مع اسم الجنس قولهم أصبح ليل أي يا ليل وأطرق كرا أي يا كرا |
258 |
وابن المعرف المنادى المفردا على الذي في رفعه قد عهدا لا يخلو المنادى من أن يكون مفردا أو مضافا أو مشبها به فإن كان مفردا فإما أن يكون معرفة أو نكرة مقصودة أو نكرة غير مقصودة فإن كان مفردا معرفة أو نكرة مقصودة بنى على ما كان يرفع به فإن كان يرفع بالضمة بنى عليها نحو يا زيد ويا رجل وإن كان يرفع بالألف أو بالواو فكذلك نحو يا زيدان ويا رجلان ويا زيدون ويا رجيلون ويكون في محل نصب على المفعولية لأن المنادى مفعول به في المعنى وناصبه فعل مضمر نابت يا منابه فأصل يا زيد أدعو زيدا فحذف أدعو ونابت يا منابه |
259 |
وأنو انضمام ما بنوا قبل الندا وليجر مجرى ذي بناء جددا أي إذا كان الاسم المنادى مبنيا قبل النداء قدر بعد النداء بناؤه على الضم نحو يا هذا ويجري مجرى ما تجدد بناؤه بالنداء كزيد في أنه يتبع بالرفع مراعاة للضم المقدر فيه وبالنصب مراعاة للمحل فتقول يا هذا العاقل والعاقل بالرفع والنصب كما تقول يا زيد الظريف والظريف والمفرد المنكور والمضافا وشبهه انصب عادما خلافا تقدم أن المنادى إذا كان مفردا معرفة أو نكرة مقصودة يبنى على ما كان يرفع به وذكر هنا أنه إذا كان مفردا نكرة أي غير مقصودة أو مضافا أو مشبها به نصب |
260 |
فمثال الأول قول الأعمى يا رجلا خذ بيدي وقول الشاعر أيا راكبا إما عرضت فبلغا نداماى من نجران أن لا تلاقيا ومثال الثاني قولك يا غلام زيد ويا ضارب عمرو ومثال الثالث قولك يا طالعا جبلا ويا حسنا وجهه ويا ثلاثة وثلاثين فيمن سميته بذلك |
261 |
ونحو زيد ضم وافتحن من نحو أزيد بن سعيد لاتهن أي إذا كان المنادى مفردا علما ووصف بأبن مضاف إلى علم ولم يفصل بين المنادى وبين ابن جاز لك في المنادى وجهان البناء على الضم نحو يا زيدبن عمرو والفتح إتباعا نحو يا زيد بن عمرو ويجب حذف ألف ابن والحالة هذه خطأ والضم إن لم يل الابن علما أو يل الابن علم قد حتما |
262 |
أي إذا لم يقع ابن بعد علم أو لم يقع بعده علم وجب ضم المنادى وامتنع فتحه فمثال الأول نحو يا غلام ابن عمرو ويا زيد الظريف ابن عمرو ومثال اثاني يا زيد ابن أخينا فيجب بناء زيد على الضم في هذه الأمثلة ويجب إثبات ألف ابن والحالة هذه وأضمم أو أنصب ما اضطرارا نونا مما له استحقاق ضم بينا تقدم أنه إذا كان المنادى مفردا معرفة أو نكرة مقصودة يجب بناؤه على الضم وذكر هنا أنه إذا اضطر شاعر إلى تنوين هذا المنادى كان له تنوينه وهو معصوم وكان له نصبه وقد ورد السماع بهما فمن الأول قوله سلام الله يا مطر عليها وليس عليك يا مطر السلام |
263 |
ومن الثاني قوله ضربت صدرها إلى وقالت يا عديا لقد وقتك الأواقي وباضطرار خص جمع يا وأل إلا مع الله ومحكى الجمل |
264 |
والأكثر اللهم بالتعويض وشذ يا اللهم في قريض لا يجوز الجمع بين حرف النداء وأل في غير اسم الله تعالى وما سمى به من الجمل إلا في ضرورة الشعر كقوله فيا الغلامان اللذان فرا إيا كما أن تعقبانا شرا |
265 |
وأما مع اسم الله تعالى ومحكى الجمل فيجوز فتقول يا الله بقطع الهمزة ووصلها وتقول فيمن اسمه الرجل منطلق يا الرجل منطلق أقبل والأكثر في نداء اسم الله اللهم بميم مشددة معوضة من حرف النداء وشذ الجمع بين اليم وحرف النداء في قوله إني إذا ما حدث ألما أقول يا اللهم يا اللهما |
266 |
فصل تابع ذي الضم المضاف دون أل ألزمه نصبا كأزيد ذا الحيل أي إذا كان تابع المنادى المضموم مضافا غير مصاحب للألف واللام وجب نصبه نحو يا زيد صاحب عمرو |
267 |
وما سواه انصب أو ارفع واجعلا كمستقل نسقا وبدلا أي ما سوى المضاف المذكور يجوز رفعه ونصبه وهو المضاف المصاحب لال والمفرد فتقول يا زيد الكريم الأب برفع الكريم ونصبه ويا زيد الظريف برفع الظريف ونصبه وحكم عطف البيان والتوكيد حكم الصفة فتقول يا رجل زيد وزيدا بالرفع والنصب ويا تميم أجمعون وأجمعين وأما عطف النسق والبدل ففي حكم المنادى المستقل فيجب ضمه إذا كان مفردا نحو يا رجل زيد ويا رجل وزيد كما يجب الضم لو قلت يا زيد ويجب نصبه إن كان مضافا نحو يا زيد أبا عبد الله ويا زيد وأبا عبد الله كما يجب نصبه لو قلت يا أبا عبد الله وإن يكن مصحوب أل مانسقا ففيه وجهان ورفع ينتقى |
268 |
أي إنما يجب بناء المنسوق على الضم إذا كان مفردا معرفة بغير أل فإن كان ب أل جاز فيه وجهان الرفع والنصب والمختار عند الخليل وسيبويه ومن تبعهما الرفع وهو اختيار المصنف ولهذا قال ورفع ينتقى أي يختار فتقول يا زيد والغلام بالرفع والنصب ومنه قوله تعالى يا جبال أوبى معه والطير برفع الطير ونصبه وأيها مصحوب أل بعد صفه يلزم بالرفع لدى ذي المعرفه وأيهذا أيها الذي ورد ووصف أي بسوى هذا يرد |
269 |
يقال يا أيها الرجل ويا أيهذا ويا أيها الذي فعل كذا فأي منادى مفرد مبنى على الضم وها زائدة والرجل صفة لأي ويجب رفعه عند الجمهور لأنه هو المقصود بالنداء وأجاز المازني نصبه قياسا على جواز نصب الظريف في قولك يا زيد الظريف بالرفع والنصب ولا توصف أي إلا باسم جنس محلى بأل كالرجل أو باسم إشارة نحو يا أيهذا أقبل أو بموصول محلى بأل يا أيها الذي فعل كذا وذو إشارة كأي في الصفة إن كان تركها بقيت المعرفه يقال يا هذا الرجل فيجب رفع الرجل إن جعل هذا وصلة لندائه كما يجب رفع صفة أي وإلى هذا أشار بقوله إن كان تركها يفيت |
270 |
المعرفة فإن لم يجعل اسم الإشارة وصلة لنداء ما بعده لم يجب رفع صفته بل يجوز الرفع والنصب في نحو سعد سعد الأوس ينتصب ثان وضم وافتتح أولا تصب يقال يا سعد سعد الأوس و يا تيم تيم عدى |
272 |
و يا زيد زيد اليعملات فيجب نصب الثاني ويجوز في الأول الضم والنصب |
273 |
فإن ضم الأول كان الثاني منصوبا على التوكيد أو على إضمار أعنى أو على البدلية أو عطف البيان أو على النداء وإن نصب الأول فمذهب سيبويه أنه مضاف إلى ما بعد الاسم الثاني وأن الثاني مقحم بين المضاف والمضاف إليه ومذهب المبرد أنه مضاف إلى محذوف مثل ما أضيف إليه الثاني وأن الأصل يا تيم عدى تيم عدى فحذف عدى الأول لدلالة الثاني عليه |
274 |
المنادى المضاف إلى ياء المتكلم واجعل منادى صح إن يصف ليا كعبد عبدي عبد عبدا عبديا إذا أضيف المنادى إلى ياء المتكلم فإما أن يكون صحيحا أو معتلا فإن كان معتلا فحكمه كحكمه غير منادى وقد سبق حكمه في المضاف إلى ياء المتكلم وإن كان صحيحا جاز فيه خمسة أوجه أحدها حذف الياء والاستغناء بالكسرة نحو يا عبد وهذا هو الأكثر الثاني إثبات الياء ساكنة نحو يا عبدي وهو دون الأول في الكثرة الثالث قلب الياء ألفا وحذفها والاستغناء عنها بالفتحة نحو يا عبد |
275 |
الرابع قلبها ألفا وإبقاؤها وقلب الكسرة فتحة نحو يا عبدا الخامس إثبات الياء محركة بالفتح نحو يا عبدي وفتح أو كسر وحذف اليا استمر في يا ابن أم يا ابن عم لا مفر إذا أضيف المنادى إلى مضاف إلى ياء المتكلم وجب إثبات الياء إلا في ابن أم وابن عم فتحذف الياء منهما لكثرة الاستعمال وتكسر الميم أو تفتح فتقول يا ابن أم أقبل ويا ابن عم لا مفر بفتح الميم وكسرها |
276 |
وفي الندا أبت أمت عرض واكسر أو افتتح ومن اليا التا عوض يقال في النداء يا أبت ويا أمت بفتح التاء وكسرها ولا يجوز إثبات الياء فلا تقول يا أبتي ويا أمتي لأن التاء عوض من الياء فلا يجمع بين العوض والمعوض منه |
277 |
أسماء لازمت النداء وفل بعض ما يخص بالندا لؤمان نومان كذا واطردا في سب الأنثى وزن يا خباث والأمر هكذا من الثلاثي وشاع في سب الذكور فعل ولا تقس وجر في الشعر فل من الأسماء ما لا يستعمل إلا في النداء نحو يا فل أي يا رجل ويا لؤمان للعظيم اللؤم ويا نومان للكثير النوم وهو مسموع وأشار بقوله واطردا في سب الأنثى إلى أنه ينقاس في النداء استعمال |
0 |
حذف |
278 |
فعال مبنيا على الكسر في ذم الأنثى وسبها من كل فعل ثلاثي نحو يا خباث ويا فساق ويا لكاع وكذلك ينقاس استعمال فعال مبنيا على الكسر من كل فعل ثلاثي للدلالة على الأمر نحو نزال وضراب وقتال أي انزل واضرب واقتل وكثر استعمال فعل في النداء خاصة مقصودا به سب الذكور نحو يا فسق ويا غدر ويا لكع ولا ينقاس ذلك وأشار بقوله وجر في الشعر فل إلى أن بعض الأسماء المخصوصة بالنداء قد تستعمل في الشعر في غير النداء كقوله تضل منه إبلى بالهوجل في لجة أمسك فلانا عن فل |
280 |
الاستغاثة إذا استغيث اسم منادى خفضا باللام مفتوحا كيا للمرتضى يقال يا لزيد لعمرو فيجر المستغاث بلام مفتوحة ويجر المستغاث له بلام مكسورة وإنما فتحت مع المستغاث لأن المنادى واقع موقع المضمر واللام تفتح مع المضمر نحو لك وله وافتح مع المعطوف إن كررت يا وفي سوى ذلك بالكسر ائتيا |
281 |
إذا عطف على المستغاث مستغاث آخر فإما أن تتكرر معه يا أولا فإن تكررت لزم الفتح نحو يا لزيد ويا لعمرو لبكر وإن لم تتكرر لزم الكسر نحو يا لزيد ولعمرو لبكر كما يلزم كسر اللام مع المستغاث له وإلى هذا أشار بقوله وفي سوى ذلك بالكسر ائتيا أي وفي سوى المستغاث والمعطوف عليه الذي تكررت معه يا اكسر اللام وجوبا فتكسر مع المعطوف الذي لم تتكرر معه يا ومع المستغاث له ولام ما استغيث عاقبت ألف ومثله اسم ذو تعجب ألف تحذف لام المستغاث ويؤتى بألف في آخره عوضا عنها نحو يا زيدا لعمرو ومثل المستغاث المتعجب منه نحو يا للداهية ويا للعجب فيجر بلام مفتوحة كما يجر المستغاث وتعاقب اللام في الاسم المتعجب منه ألف فتقول يا عجبا لزيد |
282 |
الندبة ما للمنادى اجعل لمندوب وما نكر لم يندب ولا ما أبهما ويندب الموصول بالذي اشتهر كبئر زمزم يلى وامن حفر المندوب هو المتفجع عليه نحو وازيداه والمتوجع منه نحو واظهراه ولا يندب إلا المعرفة فلا تندب النكرة فلا يقال وارجلاه ولا المبهم كاسم الإشارة نحو واهذاه ولا الموصول إلا إن كان خاليا من أل واشتهر بالصلة كقولهم وامن حفر بئر زمزماه |
283 |
ومنتهى المندوب صله بالألف متلوها إن كان مثلها حذف كذاك تنوين الذي به كمل من صلة أو غيرها نلت الأمل يلحق آخر المنادى المندوب ألف نحو وازيدا لا تبعد ويحذف ما قبلها إن كان ألفا كقولك واموساه فحذف ألف موسى وأتى بالألف للدلالة على الندبة أو كان تنوينا في آخر صلة أو غيرها نحو وامن حفر بئر زمزماه ونحو يا غلام زيداه والشكل حتما أوله مجانسا إن يكن الفتح بوهم لانسا |
284 |
إذا كان آخر ما تلحقه ألف الندبة فتحة لحقته ألف الندبة من غير تغيير لها فتقول واغلام أحمداه وإن كان غير ذلك وجب فتحه إلا إن أوقع في لبس فمثال ما لا يوقع في لبس قولك في غلام زيد واغلام زيداه وفي زيد وازيداه ومثال ما يوقع فتحه في لبس واغلامهوه واغلامكيه وأصله واغلامك بكسر الكاف واغلامه بضم الهاء فيجب قلب ألف الندبة بعد الكسرة ياء وبعد الضمة واوا لأنك لو لم تفعل ذلك وحذفت الضمة والكسرة وفتحت وأتيت بألف الندبة فقلت واغلامكاه واغلامهاه لالتبس المندوب المضاف إلى ضمير المخاطبة بالمندوب المضاف إلى ضمير المخاطب والتبس المندوب المضاف إلى ضمير الغائبة بالمندوب المضاف إلى ضمير الغائب وإلى هذا أشار بقوله والشكل حتما إلى آخره أي إذا شكل آخر المندوب بفتح أو ضم أو كسر فأوله مجانسا له من واو أو ياء إن كان الفتح موقعا في لبس نحو واغلامهوه واعلامكيه وإن لم يكن الفتح موقعا في لبس فافتح آخره وأوله ألف الندبة نحو وازيداه وواغلام زيداه وواقفا زدهاء سكت إن ترد وإن تشأ فالمد والها لا تزد |
285 |
أي إذا وقف على المندوب لحقه بعد الألف هاء السكت نحو وازيداه أو وقف على الألف نحو وازيدا ولا تثبت الهاء في الوصل إلا ضرورة كقوله ألا يا عمرو عمراه وعمرو بن الزبيراه |
286 |
وقائل واعبديا واعبدا من في الندا اليا ذا سكون أبدى أي إذا ندب المضاف إلى ياء المتكلم على لغة من سكن الياء قيل فيه واعبديا بفتح الياء وإلحاق ألف الندبة أو ياعبدا بحذف الياء وإلحاق ألف الندبة وإذا ندب على لغة من يحذف الياء أو يستغنى بالكسرة أو يقلب الياء ألفا والكسرة فتحة ويحذف الألف ويستغنى بالفتحة أو يقلبها ألفا ويبقيها قيل واعبدا ليس إلا وإذا ندب على لغة من يفتح الياء يقال واعبديا ليس إلا فالحاصل أنه إنما يجوز الوجهان أعني واعبديا واعبدا على لغة من سكن الياء فقط كما ذكر المصنف |
287 |
الترخيم ترخيما أحذف آخر المنادى كياسعا فيمن دعا سعادا الترخيم في اللغة ترقيق الصوت ومنه قوله لها بشر مثل الحرير ومنطق رخيم الحواشي لا هراء ولا نزر |
288 |
أي رقيق الحواشي وفي الاصطلاح حذف أواخر الكلم في النداء نحو يا سعا والأصل يا سعاد وجوزنه مطلقا في كل ما أنت بالها والذي قد رخما بحذفها وفره بعد واحظلا ترخيم ما من هذه الها قد خلا إلا الرباعي فما فوق العلم دون إضافة وإسناد متم |
289 |
لا يخلو المنادى من أن يكون مؤنثا بالهاء أو لا فإن كان مؤنثا بالهاء جاز ترخيمه مطلقا أي سواء كان علما كفاطمة أو غير علم كجارية زائدا على ثلاثة أحرف كما مثل أو غير زائد على ثلاثة أحرف كشاة فتقول يا فاطم ويا جاري وياشا ومنه قولهم ياشا ادجني أي أقيمي بحذف تاء التأنيث للترخيم ولا يحذف منه بعد ذلك شيء آخر وإلى هذا أشار بقوله وجوزنه إلى قوله بعد وأشار بقوله واحظلا إلخ إلى القسم الثاني وهو ما ليس مؤنثا بالهاء فذكر أنه لا يرخم إلى بثلاثة بشروط الأول أن يكون رباعيا فأكثر الثاني أن يكون علما الثالث أن لا يكون مركبا تركيب إضافة ولا إسناد وذلك كعثمان وجعفر فتقول يا عثم ويا جعف وخرج ما كان على ثلاثة أحرف كزيد وعمرو وما كان على أربعة أحرف غير علم كقائم وقاعد وما ركب تركيب إضافة كعبد شمس وما ركب تركيب إسناد نحو شاب قرناها فلا يرخم شيء من هذه |
290 |
وأما ما ركب تركيب مزج فيرخم بحذف عجزه وهو مفهوم من كلام المصنف لأنه لم يخرجه فتقول فيمن اسمه معدى كرب يا معدى ومع الآخر احذف الذي تلا إن زيد لينا ساكنا مكملا أربعة فصاعدا والخلف في واو وياء بهما فتح قفى أي يجب أن يحذف مع الآخر ما قبله إن كان زائدا لينا أي حرف لين ساكنا رابعا فصاعدا وذلك نحو عثمان ومنصور ومسكين فتقول يا عثم ويا منص ويا مسك فإن كان غير زائد كمختار أو غير لين كقمطر أو غير ساكن كقنور أو غير رابع كمجيد لم يجز حذفه فتقول |
291 |
يا مختا ويا قمط ويا قنو ويا مجى وأما فرعون ونحوه وهو ما كان قبل واوه فتحة أو قبل يائه فتحة كغرنيق ففيه خلاف فمذهب الفراء والجرمى أنهما يعاملان معاملة مسكين ومنصوره فتقول عندهما يا فرع ويا غرن ومذهب غيرهما من النحويين عدم جواز ذلك فتقول عندهم يا فرعو ويا غرني والعجز أحذف من مركب وقل ترخيم جملة وذا عمرو نقل تقدم أن المركب تركيب مزج يرخم وذكر هنا أن ترخيمه يكون بحذف عجزه فتقول في معدى كرب يا معدى وتقدم أيضا أن المركب تركيب إسناد لا يرخم وذكر هنا أنه يرخم قليلا وأن عمرا يعني سيبويه وهذا اسمه وكنيته أو بشر وسيبويه لقبه نقل ذلك عنهم والذي نص عليه سيبويه |
292 |
في باب الترخيم أن ذلك لا يجوز وفهم المصنف عنه من كلامه في بعض أبواب النسب جواز ذلك فتقول في تأبط شرا يا تأبط وإن نويت بعد حذف ما حذف فالباقي استعمل بما فيه ألف واجعله إن لم تنو محذوفا كما لو كان بالآخر وضعا تمما فقل على الأول في ثمود ياثمو ياثمى على الثاني بيا |
293 |
يجوز في المرخم لغتان إحداهما أن ينوى المحذوف منه والثانية أن لا ينوى ويعبر عن الأولى بلغة من ينتظر الحرف وعن الثانية بلغة من لا ينتظر الحرف فإذا رخمت على لغة من ينتظر تركت الباقي بعد الحذف على ما كان عليه من حركة أو سكون فتقول في جعفر يا جعف وفي حارث يا حار وفي قمطر يا قمط وإذا رخمت على لغة من لا ينتظر عاملت الآخر بما يعامل به لو كان هو آخر الكلمة وضعا فتبنيه على الضم وتعامله معاملة الاسم التام فتقول يا جعف ويا حار ويا قمط بضم الفاء والراء والطاء وتقول في ثمود على لغة من ينتظر الحرف يا ثمو بواو ساكنة وعلى لغة من لا ينتظر تقول يا ثمى فتقلب الواو ياء والضمة كسرة لأنك تعامله معاملة الاسم التام ولا يوجد اسم معرب آخره واو قبلها ضمة إلا ويجب قلب الواو ياء والضمة كسرة |
294 |
والتزم الأول في كمسلمه وجوز الوجهين في كمسلمه إذا رخم ما فيه تاء التأنيث للفرق بين المذكر والمؤنث كمسلمه وجب ترخيمه على لغة من ينتظر الحرف فتقول يا مسلم بفتح الميم ولا يجوز ترخيمه على لغة من لا ينتظر الحرف فلا تقول يا مسلم بضم الميم لئلا يلتبس بنداء المذكر وأما ما كانت فيه التاء لا للفرق فيرخم على اللغتين فتقول في مسلمة علما يا مسلم بفتح الميم وضمها ولاضطرار رخموا دون ندا ما للندا يصلح نحو أحمدا قد سبق أن الترخيم حذف أواخر الكلم في النداء وقد يحذف للضرورة آخر الكلمة في غير النداء بشرط كونها صالحة للنداء كأحمد ومنه قوله |
295 |
لنعم الفتى تعشو إلى ضوء ناره طريف بن مال ليلة الجوع والخصر أي طريف بن مالك |
297 |
الاختصاص الاختصاص كنداء دون يا كأيها الفتى بإثر ارجونيا وقد يرى ذا دون أي تلو أل كمثل نحن العرب أسخى من بذل الاختصاص يشبه النداء لفظا ويخالفه من ثلاثة أوجه |
298 |
أحدها أنه لا يستعمل معه حرف نداء والثاني أنه لا بد أن يسبقه شيء والثالث أن تصاحبه الألف واللام وذلك كقولك أنا أفعل كذا أيها الرجل ونحن العرب أسخى الناس وقوله نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة وهو منصوب بفعل مضمر والتقدير أخص العرب وأخص معاشر الأنبياء |
299 |
التحذير والإغراء إياك والشر ونحوه نصب محذر بما استتاره وجب ودون عطف ذا لإيا انسب وما سواه ستر فعله لن يلزما إلا مع العطف أو التكرار كالضيغم الضيغم ياذا السارى |
300 |
التحذير تنبيه المخاطب على أمر يجب الاحتراز منه فإن كان بإياك وأخواته وهو إياك وإياكما وإياكم وإياكن وجب إضمار الناصب سواء وجد عطف أم لا فمثاله مع العطف إياك والشر فإياك منصوب بفعل مضمر وجوبا والتقدير إياك أحذر ومثاله بدون العطف إياك أن تفعل كذا أي إياك من أن تفعل كذا وإن كان بغير إياك وأخواته وهو المراد بقوله وما سواه فلا يجب إضمار الناصب إلا مع العطف كقولك ماز رأسك والسيف أي يا مازن ق رأسك واحذر السيف أو التكرار نحو الضيغم الضيغم أي احذر الضيغم فإن لم يكن عطف ولا تكرار جاز إضمار الناصب وإظهاره نحو الأسد أي احذر الأسد فإن شئت أظهرت وإن شئت أضمرت وشذ إياي وإياه أشذ وعن سبيل القصد من قاس انتبذ حق التحذير أن يكون للمخاطب وشذ مجيئه للمتكلم في قوله إياي وأن يحذف أحدكم الأرنب وأشذ منه مجيئه للغائب في قوله إذا بلغ الرجل |
301 |
الستين فإياه وإيا الشواب ولا يقاس على شيء من ذلك وكمحذر بلا إيا اجعلا مغرى به في كل ما قد فصلا الإغراء هو أمر المخاطب بلزوم ما يحمد به وهو كالتحذير في أنه إن وجد عطف أو تكرار وجب إضمار ناصبه وإلا فلا ولا تستعمل فيه إيا فمثال ما يجب معه إضمار الناصب قولك أخاك أخاك وقولك أخاك والإحسان إليه أي الزم أخاك ومثل ما لا يلزم معه الإضمار قولك أخاك أي الزم أخاك |
302 |
أسماء الأفعال والأصوات ما ناب عن فعل كشتان وصه هم اسم فعل وكذا أوه ومه وما بمعنى افعل كآمين كثر وغيره كوى وهيهات نزر أسماء الأفعال ألفاظ تقوم مقام الأفعال في الدلالة على معناها وفي عملها وتكون بمعنى الأمر وهو الكثير فيها كمه بمعنى اكفف وآمين بمعنى استجب وتكون بمعنى الماضي كشتان بمعنى افترق تقول شتان زيد وعمرو وهيهات بمعنى بعد تقول هيهات العقيق |
303 |
ومعناه بعد وبمعنى المضارع كأوه بمعنى أتوجع ووى بمعنى أعجب وكلاهما غير مقيس وقد سبق في الأسماء الملازمة للنداء أنه ينقاس استعمال فعال اسم فعل مبنيا على الكسر من كل فعل ثلاثي فتقول ضراب زيدا أي اضرب ونزال أي انزل وكتاب أي اكتب ولم يذكره المصنف هنا استغناء بذكره هناك والفعل من أسمائه عليكا وهكذا دونك مع إليكا كذا رويد بله ناصبين ويعملان الخفض مصدرين من أسماء الأفعال ما هو في أصله ظرف وما هو مجرور بحرف نحو عليك زيدا أي الزمه و إليك أي تنح ودونك زيدا أي خذه |
304 |
ومنها ما يستعمل مصدرا واسم فعل كرويد وبله فإن ابحر ما بعدهما فهما مصدران نحو رويد زيد أي إرواد زيد أي إمهاله وهو منصوب بفعل مضمر وبله زيد أي تركه وإن انتصب ما بعدهما فهما اسما فعل نحو رويدا زيدا أي أمهل زيدا وبله عمرا أي أتركه وما لما تنوب عنه من عمل لها وأخر ما لذي فيه العمل أي يثبت لأسماء الأفعال من العمل ما يثبت لما تنوب عنه من الأفعال فإن كان ذلك الفعل يرفع فقط كان اسم الفعل كذلك كصه بمعنى اسكت ومه بمعنى اكفف وهيهات زيد بمعنى بعد زيد ففي صه |
305 |
ومه ضميران مستتران كما في اسكت واكفف وزيد مرفوع بهيهات كما ارتفع ببعد وإن كان ذلك الفعل يرفع وينصب كان اسم الفعل كذلك ك دراك زيدا أي أدركه وضراب عمرا أي اضربه ففي دراك وضراب ضميران مستتران وزيدا وعمرا منصوبان بهما وأشار بقوله وأخر ما لذي فيه العمل إلى أن معمول اسم الفعل يجب تأخيره عنه فتقول دراك زيدا ولا يجوز تقديمه عليه فلا تقول زيدا دراك وهذا بخلاف الفعل إذ يجوز زيدا أدرك واحكم بتنكير الذي ينون منها وتعريف سواه بين الدليل على أن ما سمى بأسماء الأفعال أسماء لحاق التنوين لها فتقول في صه صه وفي حيهل حيهلا فيلحقها التنوين للدلالة على التنكير فما نون منها كان نكرة ومالم ينون كان معرفة |
306 |
وما به خوطب مالا يعقل من مشبه اسم الفعل صوتا يجعل كذا الذي أجدى حكاية كقب والزم بنا النوعين فهو قد وجب أسماء الأصوات ألفاظ استعملت كأسماء الأفعال في الاكتفاء بها دالة على خطاب مالا يعقل أو على حكاية صوت من الأصوات فالأول كقولك هلا لزجر الخيل وعدس لزجر البغل والثاني كقب لوقوع السيف وغاق للغراب |
307 |
وأشار بقوله والزم بنا النوعين إلى أن أسماء الأفعال وأسماء الأصوات كلها مبنية وقد سبق في باب المعرب والمبنى أن أسماء الأفعال مبنية لشبهها بالحرف في النيابة عن الفعل وعدم التأثر حيث قال وكنيابة عن الفعل بلا تأثر وأما أسماء الأصوات فهي مبنية لشبهها بأسماء الأفعال |
308 |
نونا التوكيد للفعل توكيد بنونين هما كنوني اذهبن واقصدنهما أي يلحق الفعل للتوكيد نونان إحداهما ثقيلة ك اذهبن والأخرى خفيفة ك اقصدنهما وقد اجتمعا في قوله تعالى ليسجنن وليكونن من الصاغرين يؤكدان افعل ويفعل آتيا ذا طلب أو شرطا أما تاليا أو مثبتا في قسم مستقبلا وقل بعد ما ولم وبعد لا |
309 |
وغير إما من طوالب الجزا وآخر المؤكد افتح كابرزا أي تلحق نونا التوكيد فعل الأمر نحو اضربن زيدا والفعل المضارع المستقبل الدال على طلب نحو لتضربن زيدا ولا تضربن زيدا وهل تضربن زيدا والواقع شرطا بعد إن المؤكدة ما نحو إما تضربن زيدا أضربه ومنه قوله تعالى فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم أو الواقع جواب قسم مثبتا مستقبلا نحو والله لتضربن زيدا فإن لم يكن مثبتا لم يؤكد بالنون نحو والله لا تفعل كذا وكذا إن كان حالا نحو والله ليقوم زيد الآن وقل دخول النون في الفعل المضارع الواقع بعد ما الزائدة التي لا تصحب إن نحو بعين ما أرينك ههنا والواقع بعد لم كقوله |
310 |
يحسبه الجاهل ما لم يعلما شيخا على كرسيه معمما والواقع بعد لا النافية كقوله تعالى واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة والواقع بعد غير إما من أدوات الشرط كقوله |
311 |
من نثقفن منهم فليس بآيب |
312 |
وأشار المصنف بقوله وآخر المؤكد افتح إلى أن الفعل المؤكد بالنون يبنى على الفتح إن لم تله ألف الضمير أو ياؤه أو واوه نحو اضربن زيدا واقتلن عمرا وأشكله قبل مضمر لين بما جانس من تحرك قد علما والمضمر أحذفنه إلا الألف وإن يكن في آخر الفعل ألف |
313 |
فاجعله منه رافعا غير اليا والواو ياء كاسعين سعيا وأحذفه من رافع هاتين وفي واو ويا شكل مجانس قفى نحو أخشين يا هند بالكسر ويا قوم اخشون واضمم وقس مسويا |
314 |
الفعل المؤكد بالنون إن اتصل به ألف اثنين أو واو جمع أو ياء مخاطبة حرك ما قبل الألف بالفتح وما قبل الواو بالضم وما قبل الياء بالكسر ويحذف الضمير إن كان واوا أو ياء ويبقى إن كان ألفا فتقول يا زيدان هل تضربان ويا زيدون هل تضربن ويا هند هل تضربن والأصل هل تضربانن وهل تضربونن وهل تضربينن فحذفت النون لتوالي الأمثال ثم حذفت الواو والياء لالتقاء الساكنين فصار أهل تضربن وهل تضربن ولم تحذف الألف لخفتها فصار هل تضربان وبقيت الضمة دالة على الواو والكسرة دالة على الياء هذا كله إذا كان الفعل صحيحا فإن كان معتلا فإما أن يكون آخره ألفا أو واوا أو ياء فإن كان آخره واوا أو ياء حذفت لأجل واو الضمير أو يائه وضم ما بقي قبل واو الضمير وكسر ما بقي قبل ياء الضمير فتقول يا زيدون هل تغزون وهل ترمون ويا هند هل تغزين وهل ترمين فإذا ألحقته نون التوكيد فعلت به ما فعلت بالصحيح فتحذف نون الرفع وواو الضمير أو ياءه فتقول يا زيدون هل تغزن وهل ترمن ويا هند هل تغزن وهل ترمن هذا إن أسند إلى الواو والياء وإن أسند إلى الألف لم يحذف آخره وبقيت الآلف وشكل ما قبلها بحركة تجانس الألف وهي الفتحة فتقول هل تغزوان وهل ترميان وإن كان آخر الفعل ألفا فإن رفع الفعل غير الواو والياء كالألف والضمير المستتر انقلبت الألف التي في آخر الفعل ياء وفتحت نحو اسعيان وهل تسعيان واسعين يازيد |
315 |
وإن رفع واوا أو ياء حذفت الألف وبقيت الفتحة التي كانت قبلها وضمت الواو وكسرت الياء فتقول يا زيدون اخشون ويا هند اخشين هذا إن لحقته نون التوكيد وإن لم تلحقه لم تضم الواو ولم تكسر الياء بل تسكنهما فتقول يا زيدون هل تخشون ويا هند هل تخشين ويا زيدون اخشوا ويا هند اخشى ولم تقع خفيفة بعد الألف لكن شديدة وكسرها ألف لاتقع نون التوكيد الخفيفة بعد الألف لكن شديدة وكسرها ألف لا تقع نون التوكيد الخفيفة بعد الألف فلا تقول اضربان بنون مخففة بل يجب التشديد فتقول اضربان بنون مشددة مكسورة |
316 |
خلافا ليونس فإنه أجاز وقوع النون الخفيفة بعد الألف ويجب عنده كسرها وألفا زد قبلها مؤكدا فعلا إلى نون الإناث أسندا إذا أكد الفعل المسند إلى نون الإناث بنون التوكيد وجب أن يفصل بين نون الإناث ونون التوكيد بألف كراهية توالي الأمثال فتقول اضربنان بنون مشددة مكسورة قبلها ألف واحذف خفيفة لساكن ردف وبعد غير فتحة إذا تقف |
317 |
واردد إذا حذفتها في الوقف ما من أجلها في الوصل كان عدما وأبدلنها بعد فتح ألفا وقفا كما تقول في قفن قفا إذا ولى الفعل المؤكد بالنون الخفيفة ساكن وجب حذف النون لالتقاء الساكنين فتقول اضرب الرجل بفتح الباء والأصل اضربن |
318 |
فحذفت نون التوكيد لملافاة الساكن وهو لام التعريف ومنه قوله لا تهين الفقير علك أن تركع يوما والدهر قد رفعه |
319 |
وكذلك تحذف نون التوكيد الخفيفة في الوقف إذا وقعت بعد غير فتحة أي بعد ضمة أو كسرة ويرد حينئذ ما كان حذف لأجل نون التوكيد فتقول في اضربن يا زيدون إذا وقفت على الفعل اضربوا وفي اضربن يا هند اضربي فتحذف نون التوكيد الخفيفة للوقف وترد الواو التي حذفت لأجل نون التوكيد وكذلك الياء فإن وقعت نون التوكيد الخفيفة بعد فتحة أبدلت النون في الوقف أيضا ألفا فتقول في اضربن يا زيد اضربا |
320 |
مالا ينصرف الصرف تنوين أتى مبينا معنى به يكون الأسم أمكنا الاسم إن اشبه الحرف سمى مبنيا وغير متمكن وإن لم يشبه الحرف سمى معربا ومتمكنا ثم المعرب على قسمين أحدهما ما أشبه الفعل ويسمى غير منصرف ومتمكنا غير أمكن والثاني ما لم يشبه الفعل ويسمى منصرفا ومتمكنا أمكن وعلامة المنصرف أن يجر بالكسرة مع الألف واللام والإضافة وبدونهما وأن يدخله الصرف وهو التنوين الذي لغير مقابلة أو تعويض الدال على معنى يستحق به الاسم أن يسمى أمكن وذلك المعنى هو عدم شبهه الفعل نحو مررت بغلام وغلام زيد والغلام واحترز بقوله لغير مقابلة من تنوين أذرعات ونحوه فإنه تنوين جمع المؤنث السالم وهو يصحب غير المنصرف كأذرعات وهندات علم امرأة وقد سبق الكلام في تسميته تنوين المقابلة واحترز بقوله أو تعويض من تنوين جوار وغواش ونحوهما فإنه عوض من الياء والتقدير جوارى وغواشي وهو يصحب غير المنصرف |
321 |
كهذين المثالين وأما المنصرف فلا يدخل عليه هذا التنوين ويجر بالفتحة إن لم يضف أو لم تدخل عليه أل نحو مررت باحمد فإن أضيف أو دخلت عليه أل جر بالكسرة نحو مررت بأحمدكم وبالأحمد وإنما يمنع الاسم من الصرف إذا وجد فيه علتان من علل تسع أو واحدة منها تقوم مقام العلتين والعلل يجمعها قوله عدل ووصف وتأنيث ومعرفة وعجمة ثم جمع ثم تركيب والنون زائدة من قبلها ألف ووزن فعل وهذا القول تقريب وما يقوم مقام علتين منها اثنان أحدهما ألف التأنيث مقصورة كانت كحبلى أو ممدودة كحمراء والثاني الجمع المتناهي كمساجد ومصابيح وسيأتي الكلام عليها مفصلا فألف التأنيث مطلقا منع صرف الذي حواه كيفما وقع |
322 |
قد سبق أن ألف التأنيث تقوم مقام علتين وهو المراد هنا فيمنع ما فيه ألف التأنيث من الصرف مطلقا أي سواء كانت الألف مقصورة ك حبلى أو ممدودة ك حمراء علما كان ما هي فيه ك زكرياء أو غير علم كما مثل وزائدا فعلان في وصف سلم من أن يرى بتاء تأنيث ختم أي يمنع الاسم من الصرف للصفة وزيادة الألف والنون بشرط أن |
323 |
لا يكون المؤنث في ذلك مختوما بتاء التأنيث وذلك نحو سكران وعطشان وغضبان فتقول هذا سكران ورأيت سكران ومررت بسكران فتمنعه من الصرف للصفة وزيادة الألف والنون والشرط موجود فيه لأنك لا تقول للمؤنثة سكرانة وإنما تقول سكرى وكذلك عطشان وغضبان فتقول امرأة عطشى وغضبى ولا تقول عطشانة ولا غضبانة فإن كان المذكر على فعلان والمؤنث على فعلانة صرفت فتقول هذا رجل سيفان أي طويل ورأيت رجلا سيفاتا ومررت برجل سيفان فتصرفه لأنك تقول للمؤنثة سيفانة أي طويلة ووصف أصلى ووزن أفعلا ممنوع تأنيث بتا كأشهلا أي وتمنع الصفة أيضا بشرط كونها أصلية أي غير عارضة إذا انضم إليها كونها على وزن أفعل ولم تقبل التاء نحو أحمر وأخضر فإن قبلت التاء صرفت نحو مررت برجل أرمل أي فقير فتصرفه لأنك تقول للمؤنثة أرملة بخلاف أحمر وأخضر فإنهما لا ينصرفان إذ يقال للمؤنثة حمراء وخضراء ولا يقال أحمرة وأخضرة فمنعا للصفة ووزن الفعل |
324 |
وإن كانت الصفة عارضة كأربع فإنه ليس صفة في الأصل بل اسم عدد ثم استعمل صفة في قولهم مررت بنسوة أربع فلا يؤثر ذلك في منعه من الصرف وإليه أشار بقوله وألغين عارض الوصفيه كأربع وعارض الإسميه فالأدهم القيد لكونه وضع في الأصل وصفا انصرافه منع وأجدل وأخيل وأفعى مصروفة وقد ينلن المنعا أي إذا كان استعمال الاسم على وزن أفعل صفة ليس بأصل وإنما هو عارض كأربع فألغه أي لا تعتد به في منع الصرف كما لا تعتد بعروض |
325 |
الاسمية فيما هو صفة في الأصل كأدهم للقيد فإنه صفة في الأصل لشيء فيه سواد ثم استعمل استعمال الأسماء فيطلق على كل قيد أدهم ومع هذا تمنعه نظرا إلى الأصل وأشار بقوله وأجدل إلى آخره إلى أن هذه الألفاظ أعنى أجدلا للصقر وأخيلا لطائر وأفعى للحية ليست بصفات فكان حقها أن لا تمنع من الصرف ولكن منعها بعضهم لتخيل الوصف فيها فتخيل في أجدل معنى القوة وفي أخيل معنى التخيل وفي أفعى معنى الخبث فمنعها لوزن الفعل والصفة المتخيلة والكثير فيها الصرف إذ لا وصفية فيها محققة ومنع عدل مع وصف معتبر في لفظ مثنى وثلاث وأخر ووزن مثنى وثلاث كهما من واحد لأربع فليعلما |
326 |
مما يمنع صرف الاسم العدل والصفة وذلك في أسماء العدد المبنية على فعال ومفعل كثلاث ومثنى فثلاث معدولة عن ثلاثة ثلاثة ومثنى معدولة عن اثنين اثنين فتقول جاء القوم ثلاث أي ثلاثة ثلاثة ومثنى أي اثنين اثنين وسمع استعمال هذين الوزنين أعني فعال ومفعل من واحد واثنين وثلاثة وأربعة نحو أحاد وموحد وثناء ومثنى وثلاث ومثلث ورباع ومربع وسمع أيضا في خمسة وعشرة نحو خماس ومخمس وعشار ومعشر وزعم بعضهم أنه سمع أيضا في ستة وسبعة وثمانية وتسعة نحو سداس ومسدس وسباع ومسبع وثمان ومثمن وتساع ومتسع ومما يمنع من الصرف للعدل والصفة أخر التي في قولك مررت بنسوة أخر وهو معدول عن الأخر وتلخص من كلام المصنف أن الصفة تمنع مع الألف والنون الزائدتين ومع وزن الفعل ومع العدل وكن لجمع مشبه مفاعلا أو المفاعيل بمنع كافلا |
327 |
هذه هي العلة الثانية التي تستقل بالمنع وهي الجمع المتناهي وضابطه كل جمع بعد ألف تكسيره حرفان أو ثلاثة أوسطها ساكن نحو مساجد ومصابيح ونبه بقوله مشبه مفاعلا أو المفاعيل على أنه إذا كان الجمع على هذا الوزن منع وإن لم يكن في أوله ميم فيدخل ضوارب وقناديل في ذلك فإن تحرك الثاني صرف نحو صياقلة وذا اعتلال منه كالجواري رفعا وجرا أجره كسارى إذا كان هذا الجمع أعني صيغة منتهى الجموع معتل الآخر أجريته في الجر والرفع مجرى المنقوص ك سارى فتنونه وتقدر رفعه أو جره ويكون التنوين عوضا عن الياء المحذوفة وأما في النصب فتثبت الياء وتحركها بالفتح بغير تنوين فتقول هؤلاء جوار وغواش ومررت بجوار وغواش ورأيت |
328 |
جوارى وغواشي والأصل في الجر والرفع جوارى وغواشي فحذفت الياء وعوض منها التنوين ولسراويل بهذا الجمع شبه اقتضى عموم المنع يعني أن سراويل لما كانت صيغته كصيغة منتهى الجموع امتنع من الصرف لشبهه به وزعم بعضهم أنه يجوز فيه الصرف وتركه واختار المصنف أنه لا ينصرف ولهذا قال شبه اقتضى عموم المنع وإن به سمى أو بما يحق به فالا نصراف منعه يحق |
329 |
أي إذا سمى بالجمع المتناهى أو بما ألحق به لكونه على زنته كشراحيل فإنه يمنع من الصرف للعلمية وشبه العجمة لأن هذا ليس في الآحاد العربية ما هو على زنته فتقول فيمن اسمه مساجد أو مصابيح أو سراويل هذا مساجد ورأيت مساجد ومررت بمساجد وكذا البواقي والعلم امنع صرفه مركبا تركيب مزج نحو معديكربا مما يمنع صرف الاسم العلمية والتركيب نحو معديكرب وبعلبك فتقول هذا معد يكرب ورأيت معديكرب ومررت بمعد يكرب فتجعل إعرابه على الجزء الثاني وتمنعه من الصرف للعلمية والتركيب وقد سبق الكلام في الأعلام المركبة في باب العلم |
330 |
كذاك حاوى زائدي فعلانا كغطفان وكأصبهانا أي كذلك يمنع الاسم من الصرف إذا كان علما وفيه ألف ونون زائدتان كغطفان وأصبهان بفتح الهمزة وكسرها فنقول هذا غطفان ورأيت غطفان ومررت بغطفان فتمنعه من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون كذا مؤنث بهاء مطلقا وشرط منع العار كونه ارتقى فوق الثلاث أو كجور أو سفر أو زيد أسم امرأة لا اسم ذكر |
331 |
وجهان في العادم تذكيرا سبق وعجمه كهند والمنع أحق ومما يمنع صرفه أيضا العلمية والتأنيث فإن كان العلم مؤنثا بالهاء امتنع من الصرف مطلقا أي سواء كان علما لمذكر كطلحة أو لمؤنث كفاطمة زائدا على ثلاثة أحرف كما مثل أم لم يكن كذلك كثبة وقلة علمين وإن كان مؤنثا بالتعليق أي بكونه علم أنثى فإما أن يكون على ثلاثة أحرف أو على أزيد من ذلك فإن كان على أزيد من ذلك امتنع من الصرف كزينب وسعاد علمين فتقول هذه زينب ورأيت زينب ومررت بزينب وإن كان على ثلاثة أحرف فإن كان محرك الوسط منع أيضا كسقر وإن كان ساكن الوسط فإن كان أعجميا كجور اسم بلد أو منقولا من مذكر إلى مؤنث كزيد اسم امرأة منع أيضا فإن لم يكن كذلك يأن كان ساكن الوسط وليس أعجميا ولا منقولا من مذكر ففيه وجهان المنع والصرف والمنع أولى فتقول هذه هند ورأيت هند ومررت بهند |
332 |
والعجمى الوضع والتعريف مع زيد على الثلاث صرفه امتنع ويمنع صرف الأسم أيضا العجمة والتعريف وشرطه أن يكون علما في اللسان الأعجمى وزائدا على ثلاثة أحرف كإبراهيم وإسماعيل فتقول هذا إبراهيم ورأيت إبراهيم ومررت بإبراهيم فتمنعه من الصرف للعلمية والعجمة فإن لم يكن الأعجمى علما في لسان العجم بل في لسان العرب أو كان نكرة فيهما كلجام علما أو غير علم صرفته فتقول هذا لجام ورأيت لجاما ومررت بلجام وكذلك تصرف ما كان علما أعجميا على ثلاثة أحرف سواء كان محرك الوسط كشتر أو ساكنة كنوح ولوط كذاك ذو وزن يخص الفعلا أو غالب كأحمد ويعلى |
333 |
أي كذلك يمنع صرف الاسم إذا كان علما وهو على وزن يخص الفعل أو يغلب فيه والمراد بالوزن الذي يخص الفعل ما لا يوجد في غيره إلا ندورا وذلك كفعل وفعل فلو سميت رجلا بضرب أو كلم منعته من الصرف فتقول هذا ضرب أو كلم ورأيت ضرب أو كلم ومررت بضرب أو كلم والمراد بم يغلب فيه أن يكون الوزن يوجد في الفعل كثيرا أو يكون فيه زيادة تدل على معنى في الفعل ولا تدل على معنى في الاسم فالأول كإثمد وإصبع فإن هاتين الصيغتين يكثران في الفعل دون الأسم كأضرب وأسمع ونحوهما من الأمر المأخوذ من فعل ثلاثي فلو سميت رجلا بإثمد وإصبع منعته من الصرف للعلمية ووزن الفعل فتقول هذا إثمد ورأيت إثمد ومررت بإثمد والثاني كأحمد ويزيد فإن كلا من الهمزة والياء يدل على معنى في الفعل وهو التكلم والغيبة ولا يدل على معنى في الاسم فهذا الوزن غالب في الفعل بمعى أنه به أولى فتقول هذا أحمد ويزيد ورأيت أحمد ويزيد ومررت بأحمد ويزيد فيمنع للعلمية ووزن الفعل فإن كان الوزن غير مختص بالفعل ولا غالب فيه لم يمنع من الصرف فتقول في رجل اسمه ضرب هذا ضرب ورأيت ضربا ومررت بضرب لأنه يوجد في الاسم كحجر وفي الفعل كضرب |
334 |
وما يصير علما من ذي ألف زيدت لإلحاق فليس ينصرف أي ويمنع صرف الاسم أيضا للعلمية وألف الإلحاق المقصورة كعلقى وأرطى فتقول فيهما علمين هذا علقي ورأيت علقي ومررت بعلقى فتمنعه من الصرف للعلمية وشبه ألف الإلحاق بألف التأنيث من جهة أن ما هي فيه والحالة هذه أعني حال كونه علما لا يقبل تاء التأنيث فلا تقول فيمن اسمه علقى علقاة كما لا تقول في حبلى حبلاة فإن كان ما فيه ألف الإلحاق غير علم كعلقى وأرطى قبل التسمية بهما صرفته لأنها والحالة هذه لا تشبه ألف التأنيث وكذا إن كانت ألف الإلحاق ممدودة كعلباء فإنك تصرف ما هي فيه علما كان أو نكرة والعلم أمنع صرفه إن عدلا كفعل التوكيد أو كثعلا |
335 |
والعدل والتعريف مانعا سحر إذا به التعيين قصدا يعتبر يمنع صرف الاسم للعلمية أو شبهها وللعدل وذلك في ثلاثة مواضع الأول ما كان على فعل من ألفاظ التوكيد فإنه يمنع من الصرف لشبه العلمية والعدل وذلك نحو جاء النساء جمع ورأيت النساء جمع ومررت بالنساء جمع والأصل جمعاوات لأن مفرده جمعاء فعدل عن جمعاوات إلى جمع وهو معرف بالإضافة المقدرة أي جمعهن فأشبه تعريفه تعريف العلمية من جهة أنه معرفة وليس في اللفظ ما يعرفه الثاني العلم المعدول إلى فعل كعمر وزفر وثعل والأصل عامر وزافر وثاعل فمنعه من الصرف للعلمية والعدل الثالث سحر إذا أريد من يوم بعينه نحو جئتك يوم الجمعة سحر فسحر ممنوع من الصرف للعدل وشبه العلمية وذلك أنه معدول عن السحر لأنه |
336 |
معرفة والأصل في التعريف أن يكون بأل فعدل به عن ذلك وصار تعريفه كتعريف العلمية من جهة أنه لم يلفظ معه بمعرف وابن على الكسر فعال علما مؤنثا وهو نظير جشما عند تميم وأصرفن ما نكرا من كل ما التعريف فيه أثرا أي إذا كان علم المؤنث على وزن فعال حذام ورقاش فللعرب فيه مذهبان أحدهما وهو مذهب أهل الحجاز بناؤه على الكسر فتقول هذه حذام ورأيت حذام ومررت بحذام |
337 |
والثاني وهو مذهب بني تميم إعرابه كإعراب ما لا ينصرف للعلمية والعدل والأصل حاذمة وراقشة فعدل إلى حذام ورقاش كما عدل عمر وجشم عن عامر وجاشم وإلى هذا أشار بقوله وهو نظير جشما عند تميم وأشار بقوله واصرفن ما نكرا إلى أن ما كان منعه من الصرف للعلمية وعلة أخرى إذا زالت عنه العلمية بتنكيره صرف لزوال إحدى العلتين وبقاؤه بعلة واحدة لا يقتضي منع الصرف وذلك نحو معد يكرب وغطفان وفاطمة وإبراهيم وأحمد وعلقى وعمر أعلاما فهذه ممنوعة من الصرف للعلمية وشيء آخر فإذا نكرتها صرفتها لزوال أحد سببيها وهو العلمية فتقول رب معد يكرب رأيت وكذا الباقي |
338 |
وتلخص من كلامه أن العلمية تمنع الصرف مع التركيب ومع زيادة الألف والنون ومع التأنيث ومع العجمة ومع وزن الفعل ومع ألف الإلحاق المقصورة ومع العدل وما يكون منه منقوصا ففي إعرابه نهج جوار يقتفى كل منقوص كان نظيره من الصحيح الآخر ممنوعا من الصرف يعامل معاملة جوار في أنه ينون في الرفع والجر تنوين العوض وينصب بفتحة من غير تنوين وذلك نحو قاض علم امرأة فإن نظيره من الصحيح ضارب علم امرأة وهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث فقاض كذلك ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث وهو مشبه بجوار من جهة أن في آخره ياء قبلها كسرة فيعامل معاملته فتقول هذه قاض ومررت بقاض ورأيت قاضي كما تقول هؤلاء جوار ومررت بجوار ورأيت جوارى ولاضطرار أو تناسب صرف ذو المنع والمصروف قد لا ينصرف |
339 |
يجوز في الضرورة صرف ما لا ينصرف وذلك كقوله تبصر خليلي هل ترى من ظعائن وهو كثير وأجمع عليه البصريون والكوفيون وورد أيضا صرفه للتناسب كقوله تعالى سلاسلا وأغلالا وسعيرا فصرف سلاسل لمناسبة ما بعده |
340 |
وأما منع المنصرف من الصرف للضرورة فأجازه قوم ومنعه آخرون وهم أكثر البصريين واستشهدوا لمنعه بقوله وممن ولدوا عامر ذو الطول وذو العرض فمنع عامر من الصرف وليس فيه سوى العلمية ولهذا أشار بقوله والمصروف قد لا ينصرف |
==========
|
|
صفحة الكتاب |
نص شرح إبن عقيل |
10 |
بسم الله الرحمن الرحيم قال محمد هو ابن مالك أحمد ربي الله خير مالك مصليا على النبي المصطفى وآله المستكملين الشرفا |
11 |
وأستعين الله في الفيه مقاصد النحو بها محويه نقرب الأقصى بلفظ موجز وتبسط البذل بوعد منجز وتقتضي رضا بغير سخط فائقة ألفية ابن معط |
12 |
وهو بسبق حائز تفضيلا مستوجب ثنائي الجميلا والله يقضي بهبات وافره لي وله في درجات الآخره |
13 |
الكلام وما يتألف منه كلامنا لفظ مفيد كاستقم واسم وفعل ثم حرف الكلم واحده كلمة والقول عم وكلمة بها كلام قد يؤم |
14 |
الكلام المصطلح عليه عند النحاه عبارة عن اللفظ المفيد فائدة يحسن السكوت عليها فاللفظ جنس يشمل الكلام والكلمة والكلم ويشمل المهمل كديز والمستعمل كعمرو ومفيد أخرج المهمل وفائدة يحسن السكوت عليها أخرج الكلمة وبعض الكلم وهو ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر ولم يحسن السكوت عليه نحو إن قام زيد ولا يتركب الكلام إلا من اسمين نحو زيد قائم أو من فعل و اسم كقام زيد وكقول المصنف استقم فإنه كلام مركب من فعل أمر وفاعل مستتر والتقدير استقم أنت فاستغنى بالمثال عن أن يقول فائدة يحسن السكوت عليها فكأنه قال الكلام هو اللفظ المفيد فائدة كفائدة استقم |
15 |
وإنما قال المصنف كلامنا ليعلم أن التعريف إنما هو للكلام في اصطلاح النحويين لا في اصطلاح اللغويين وهو في اللغة اسم لكل ما يتكلم به مفيدا كان أو غير مفيد والكلم اسم جنس واحده كلمة وهي إما اسم وإما فعل وإما حرف لأنها إن دلت على معنى في نفسها غير مقترنة بزمان فهي الاسم وإن اقترنت بزمان فهي الفعل وإن لم تدل على معنى في نفسها بل في غيرها فهي الحرف والكلم ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر كقولك إن قام زيد |
16 |
والكلمة هي اللفظ الموضوع لمعنى مفرد فقولنا الموضوع لمعنى أخرج المهمل كديز وقولنا مفرد أخرج الكلام فإنه موضوع لمعنى غير مفرد ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى أن القول يعم الجميع والمراد أنه يقع على الكلام أنه قول ويقع أيضا على الكلم والكلمة أنه قول وزعم بعضهم أن الأصل استعماله في المفرد ثم ذكر المصنف أن الكلمة قد يقصد بها الكلام كقولهم في لا إله إلا الله كلمة الإخلاص وقد يجتمع الكلام والكلم في الصدق وقد ينفرد أحدهما فمثال اجتماعهما قد قام زيد فإنه كلام لإفادته معنى يحسن السكوت عليه وكلم لأنه مركب من ثلاث كلمات ومثال انفراد الكلم إن قام زيد ومثال انفراد الكلام زيد قائم بالجر والتنوين والندا وأل ومسند للاسم تمييز حصل ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا البيت علامات الاسم |
17 |
فمنها الجر وهو يشمل الجر بالحرف والإضافة والتبعية نحو مررت بغلام زيد الفاضل فالغلام مجرور بالحرف وزيد مجرور بالإضافة والفاضل مجرور بالتبعية وهو أشمل من قول غيره بحرف الجر لأن هذا لايتناول الجر بالإضافة ولا الجر بالتبعية ومنهما التنوين وهو على أربعة أقسام تنوين التمكين وهو اللاحق للأسماء المعربة كزيد ورجل إلا جمع المؤنث السالم نحو مسلمات وإلا نحو جوار وغواش وسيأتي حكمهما وتنوين التنكير وهو اللاحق للأسماء المبنية فرقا بين معرفتها ونكرتها نحو مررت بسيبويه وبسيبويه آخر وتنوين المقابلة وهو اللاحق لجمع المؤنث السالم نحو مسلمات فإنه في مقابلة النون في جمع المذكر السالم كمسلمين وتنوين العوض وهو على ثلاثة أقسام عوض عن جملة وهو الذي يلحق إذ عوضا عن جملة تكون بعدها كقوله تعالى وأنتم حينئذ تنظرون أي حين إذ بلغت الروح الحلقوم فحذف بلغت الروح الحلقوم وأتى بالتنوين عوضا عنه وقسم يكون عوضا عن اسم وهو اللاحق لكل عوضا عما تضاف إليه نحو كل قائم أي كل إنسان قائم فحذف إنسان وأتى بالتنوين عوضا عنه |
18 |
وقسم يكون عوضا عن حرف وهو اللاحق لجوار وغواش ونحوهما رفعا وجرا نحو هؤلاء جوار ومررت بجوار فحذفت الياء وأتي بالتنوين عوضا عنها وتنوين الترنم وهو الذي يلحق القوافي المطلقة بحرف علة كقوله أقلى اللوم عاذل والعتابن وقولي إن أصبت لقد أصابن |
19 |
فجيء بالتنوين بدلا من الألف لأجل الترنم وكقوله أزف الترحل غير أن ركابنا لما تزل برحالنا وكأن قدن |
20 |
والتنوين الغالي وأثبته الأخفش وهو الذي يلحق القوافي المقيدة كقوله وقاتم الأعماق خاوي المخترقن |
21 |
وظاهر كلام المصنف أن التنوين كله من خواص الاسم وليس كذلك بل الذى يختص به الاسم إنما هو تنوين التمكين والتنكير والمقابلة والعوض وأما تنوين الترنم والغالي فيكونان في الاسم والفعل والحرف ومن خواص الاسم النداء نحو يا زيد والألف واللام نحو الرجل والإسناد إليه نحو زبد قائم فمعنى البيت حصل للاسم تمييز عن الفعل والحرف بالجر والتنوين والنداء والألف واللام والإسناد إليه أي الإخبار عنه واستعمل المصنف أل مكان الألف واللام وقد وقع ذلك في عبارة بعض المتقدمين وهو الخليل واستعمل المصنف مسند مكان الإسناد له |
22 |
بتا فعلت وأتت ويا افعلى ونون أقبلن فعل ينجلي ثم ذكر المصنف أن الفعل يمتاز عن الاسم والحرف بتاء فعلت والمراد بها تاء الفاعل وهي المضمومة للمتكلم نحو فعلت والمفتوحة للمخاطب نحو تباركت والمكسورة للمخاطبة نحو فعلت ويمتاز أيضا بتاء أتت والمراد بها تاء التأنيث الساكنة نحو نعمت وبئست فاحترزنا بالساكنة عن اللاحقة للأسماء فإنها تكون متحركة بحركة الإعراب نحو هذه مسلمة ورأيت مسلمة ومررت بمسلمة ومن اللاحقة للحرف نحو لات وربت وثمت وأما تسكينها مع رب وثم فقليل نحو ربت وثمت |
23 |
ويمتاز أيضا بياء أفعلي والمراد بها ياء الفاعلة وتلحق فعل الأمر نحو اضربي والفعل المضارع نحو تضربين ولا تلحق الماضي وإنما قال المصنف يا افعلى ولم يقل ياء الضمير لأن هذه تدخل فيها ياء المتكلم وهي لا تختص بالفعل بل تكون فيه نحو أكرمني وفى الاسم نحو غلامي وفى الحرف نحو إني بخلاف ياء افعلي فإن المراد بها ياء الفاعلة على ما تقدم وهي لا تكون إلا في الفعل ومما يميز الفعل نون أقبلن والمراد بها نون التوكيد خفيفة كانت أو ثقيلة فالخفيفة نحو قوله تعالى لنسفعا بالناصية والثقيلة نحو قوله تعالى لنخرجنك يا شعيب فمعنى البيت ينجلي الفعل بتاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة وياء الفاعلة ونون التوكيد سواهما الحرف كهل وفي ولم فعل مضارع يلي لم كيشم |
24 |
شرح ابن عقيل الجزء الأول وماضي الأفعال بالتامز وسم بالنون فعل الأمر إن أمر فهم يشير إلى أن الحرف يمتاز عن الاسم والفعل بخلوه عن علامات الأسماء وعلامات الأفعال ثم مثل بهل وفي ولم منبها على أن الحرف ينقسم إلى قسمين مختص وغير مختص فأشار بهل إلى غير المختص وهو الذي يدخل على الأسماء والأفعال نحو هل زيد قائم وهل قام زيد وأشار بفي ولم إلى المختص وهو قسمان مختص بالأسماء كفي نحو زيد في الدار ومختص بالأفعال كلم نحو لم يقم زيد ثم شرع في تبيين أن الفعل ينقسم إلى ماض ومضارع وأمر فجعل علامة |
25 |
المضارع صحة دخول لم عليه كقولك في يشم لم يشم وفي يضرب لم يضرب وإليه أشار بقوله فعل مضارع يلي لم كيشم ثم أشار إلى ما يميز الفعل الماضي بقوله وماضي الأفعال بالتامز أي ميز ماضي الأفعال بالتاء والمراد بها تاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة وكل منهما لا يدخل إلا على ماضي اللفظ نحو تباركت ياذا الجلال والإكرام ونعمت المرأة هند وبئست المرأة دعد ثم ذكر في بقية البيت أن علامة فعل الأمر قبول نون التوكيد والدلالة على الأمر بصيغته نحو اضربن واخرجن فإن دلت الكلمة على الأمر ولم تقبل نون التوكيد فهي اسم فعل وإلى ذلك أشار بقوله والأمر إن لم يك للنون محل فيه هو اسم نحو صه وحيهل |
26 |
فصه وحيهل اسمان وإن دلا على الأمر لعدم قبولهما نون التوكيد فلا تقول صهن ولا حيهلن وإن كانت صه بمعنى اسكت وحيهل بمعنى أقبل فالفارق بينهما قبول نون التوكيد وعدمه نحو اسكتن وأقبلن ولا يجوز ذلك في صه وحيهل |
28 |
المعرب والمبني والاسم منه معرب ومبني لشبه من الحروف مدني يشير إلى أن الاسم ينقسم إلى قسمين أحدهما المعرب وهو ما سلم من شبه الحروف والثاني المبني وهو ما أشبه الحروف وهو المعني بقوله لشبه من الحروف مدني أي لشبه مقرب من الحروف فعلة البناء منحصرة عند المصنف رحمه الله تعالى في شبه الحرف ثم نوع المصنف وجوه الشبه في البيتين الذين بعد هذا البيت وهذا قريب من مذهب أبي علي الفارسي حيث جعل البناء منحصرا في شبه الحرف أو ما تضمن معناه وقد نص سيبويه رحمه الله على أن علة البناء كلها ترجع إلى شبه الحرف |
29 |
وممن ذكره ابن أبي الربيع |
30 |
كالشبه الوضعى في اسمي جئتنا والمعنوي في متى وفي هنا وكنياية عن الفعل بلا تأثر وكافتقار أصلا ذكر في هذين البيتين وجوه شبه الاسم بالحرف في أربعة مواضع فالأول شبهه له في الوضع كأن يكون الاسم موضوعا على حرف |
31 |
واحد كالتاء في ضربت أو على حرفين كنا في أكرمنا وإلى ذلك أشار بقوله في اسمي جئتنا فالتاء في جئتنا اسم لأنه فاعل وهو مبني لأنه أشبه الحرف في الوضع في كونه على حرف واحد وكذلك نا اسم لأنها مفعول وهو مبني لشبهه بالحرف في الوضع في كونه على حرفين والثاني شبه الاسم له في المعنى وهو قسمان أحدهما ما أشبه حرفا موجودا والثاني ما أشبه حرفا غير موجود فمثال الأول متى فإنها مبنية لشبهها |
32 |
الحرف في المعنى فإنها تستعمل للاستفهام نحو متى تقوم وللشرط نحو متى تقم أقم وفي الحالتين هي مشبهة لحرف موجود لأنها في الاستفهام كالهمزة وفي الشرط كإن ومثال الثاني هنا فإنها مبنية لشبهها حرفا كان ينبغي أن يوضع فلم يوضع وذلك لأن الإشارة معنى من المعاني فحقها أن يوضع لها حرف يدل عليها كما وضعوا للنفى ما وللنهي لا وللتمني ليت وللترجي لعل ونحو ذلك فبنيت أسماء الإشارة لشبهها في المعنى حرفا مقدرا والثالث شبهه له في النيابة عن الفعل وعدم التأثر بالعامل وذلك كأسماء الأفعال نحو دراك زيدا فدراك مبنى لشبهه بالحرف في كونه يعمل ولا يعمل فيه غيره كما أن الحرف كذلك |
33 |
واحترز بقوله بلا تأثر عما ناب عن الفعل وهو متأثر بالعامل نحو ضربا زيدا فإنه نائب مناب اضرب وليس بمبني لتأثره بالعامل فإنه منصوب بالفعل المحذوف بخلاف دراك فإنه وإن كان نائبا عن أدرك فليس متأثرا بالعامل وحاصل ما ذكره المصنف أن المصدر الموضوع موضع الفعل وأسماء الأفعال اشتركا في النيابة مناب الفعل لكن المصدر متأثر بالعامل فأعرب لعدم مشابهته الحرف وأسماء الأفعال غير متأثرة بالعامل فبنيت لمشابهتها الحرف في أنها نائبة عن الفعل وغير متأثرة به وهذا الذي ذكره المصنف مبني على أن أسماء الأفعال لا محل لها من الإعراب والمسألة خلافية وسنذكر ذلك في باب أسماء الأفعال |
34 |
والرابع شبه الحرف في الافتقار اللازم وإليه أشار بقوله وكافتقار أصلا وذلك كالأسماء الموصولة نحو الذي فإنها مفتقرة في سائر أحوالها إلى الصلة فأشبهت الحرف في ملازمة الافتقار فبنيت وحاصل البيتين أن البناء يكون في ستة أبواب المضمرات وأسماء الشرط وأسماء الاستفهام وأسماء الإشارة وأسماء الأفعال والأسماء الموصولة |
35 |
ومعرب الأسماء ما قد سلما من شبه الحرف كأرض وسما يريد أن المعرب خلاف المبني وقد تقدم أن المبني ما أشبه الحرف فالمعرب ما لم يشبه الحرف وينقسم إلى صحيح وهو ما ليس آخره حرف علة كأرض وإلى معتل وهو ما آخره حرف علة كسما وسما لغة في الاسم وفيه ست لغات اسم بضم الهمزة وكسرها وسم بضم السين وكسرها وسما بضم السين وكسرها أيضا وينقسم المعرب أيضا إلى متمكن أمكن وهو المنصرف كزيد وعمرو وإلى متمكن غير أمكن وهو غير المنصرف نحو أحمد ومساجد ومصابيح |
36 |
فغير المتمكن هو المبني والمتمكن هو المعرب وهو قسمان متمكن أمكن ومتمكن غير أمكن وفعل أمر ومضي بنيا وأعربوا مضارعا إن عريا من نون توكيد مباشر ومن نون إناث كير عن من فتن |
37 |
لما فرغ من بيان المعرب والمبني من الأسماء شرع فى بيان المعرب والمبني من الأفعال ومذهب البصريين أن الإعراب أصل في الأسماء فرع في الأفعال فالأصل في الفعل البناء عندهم وذهب الكوفيون إلى أن الإعراب أصل في الأسماء وفي الأفعال والأول هو الصحيح ونقل ضياء الدين بن العلج في البسيط أن بعض النحويين ذهب إلى أن الإعراب أصل في الأفعال فرع في الأسماء |
38 |
والمبني من الأفعال ضربان أحدهما ما اتفق على بنائه وهو الماضي وهو مبني على الفتح نحو ضرب وانطلق ما لم يتصل به واو جمع فيضم أو ضمير رفع متحرك فيسكن والثاني ما اختلف في بنائه والراجح أنه مبني وهو فعل الأمر نحو اضرب وهو مبني عند البصريين ومعرب عند الكوفيين والمعرب من الأفعال هو المضارع ولا يعرب إلا إذا لم تتصل به نون التوكيد أو نون الإناث فمثال نون التوكيد المباشرة هل تضربن والفعل معها مبني على الفتح ولا فرق في ذلك بين الخفيفة والثقيلة فإن لم تتصل به لم يبن وذلك كما إذا |
39 |
فصل بينه وبينها ألف اثنين نحو هل تضربان وأصله هل تضربانن فاجتمعت ثلاث نونات فحذفت الأولى وهى نون الرفع كراهة توالي الأمثال فصار هل تضربان وكذلك يعرب الفعل المضارع إذا فصل بينه وبين نون التوكيد واو جمع أو ياء مخاطبة نحو هل تضربن يا زيدون وهل تضربن يا هند وأصل تضربن تضربونن فحذفت النون الأولى لتوالي الأمثال كما سبق فصار تضربون فحذفت الواو لالتقاء الساكنين فصار تضربن وكذلك تضربن أصله تضربينن ففعل به ما فعل بتضربونن وهذا هو المراد بقوله وأعربوا مضارعا إن عريا من نون توكيد مباشر فشرط في إعرابه أن يعرى من ذلك ومفهومه أنه إذا لم يعر منه يكون مبنيا فعلم أن مذهبه أن الفعل المضارع لا يبنى إلا إذا باشرته نون التوكيد نحو هل تضربن يا زيد فإن لم تباشره أعرب وهذا هو مذهب الجمهور وذهب الأخفش إلى أنه مبني مع نون التوكيد سواء اتصلت به نون التوكيد أو لم تتصل ونقل عن بعضهم أنه معرب وإن اتصلت به نون التوكيد ومثال ما اتصلت به نون الإناث الهندات يضربن والفعل معها مبني على السكون ونقل المصنف رحمه الله تعالى في بعض كتبه أنه لا خلاف في |
40 |
بناء الفعل المضارع مع نون الإناث وليس كذلك بل الخلاف موجود وممن نقله الأستاذ أبو الحسن بن عصفور في شرح الإيضاح وكل حرف مستحق للبنا والأصل في المبني أن يسكنا ومنه ذو فتح وذو كسر وضم كأين أمس حيث والساكن كم الحروف كلها مبنية إذ لا يعتورها ما تفتقر في دلالتها عليه إلى إعراب نحو أخذت من الدراهم فالتبعيض مستفاد من لفظ من بدون الإعراب والأصل في البناء أن يكون على السكون لأنه أخف من الحركة ولا يحرك المبني إلا لسبب كالتخلص من التقاء الساكنين وقد تكون الحركة فتحة كأين وقام وإن وقد تكون كسرة كأمس وجير وقد تكون ضمة كحيث وهو اسم ومنذ وهو حرف إذا جررت به وأما السكون فنحو كم واضرب وأجل |
41 |
وعلم مما مثلنا به أن البناء على الكسر والضم لا يكون في الفعل بل فى الاسم والحرف وأن البناء على الفتح أو السكون يكون في الاسم والفعل والحرف والرفع والنصب اجعلن إعرابا لاسم وفعل نحو لن أهابا والاسم قد خصص بالجر كما قد خصص الفعل بأن ينجزما |
42 |
فارفع بضم وانصبن فتحا وجر كسرا كذكر الله عبده يسر واجزم بتسكين وغير ما ذكر ينوب نحو جا أخوبني نمر |
43 |
أنواع الإعراب أربعة الرفع والنصب والجر والجزم فأما الرفع والنصب فيشترك فيهما الأسماء والأفعال نحو زيد يقوم وإن زيدا لن يقوم وأما الجر فيختص بالأسماء نحو بزيد وأما الجزم فيختص بالأفعال نحو لم يضرب والرفع يكون بالضمة والنصب يكون بالفتحة والجر يكون بالكسرة والجزم يكون بالسكون وما عدا ذلك يكون نائبا عنه كما نابت الواو عن الضمة في أخو والياء عن الكسرة في بني من قوله جا أخوبني نمر وسيذكر بعد هذا مواضع النيابة وارفع بواو وانصبن بالألف واجرر بياء ما من الأسما أصف شرع في بيان ما يعرب بالنيابة عما سبق ذكره والمراد بالأسماء التي سيصفها |
44 |
الأسماء الستة وهي أب وأخ وحم وهن وفوه وذو مال فهذه ترفع بالواو نحو جاء أبو زيد وتنصب بالألف نحو رأيت أباه وتجر بالياء نحو مررت بأبيه والمشهور أنها معربة بالحروف فالواو نائبة عن الضمة والألف نائبة عن الفتحة والياء نائبة عن الكسرة وهذا هو الذي أشار إليه المصنف بقوله وارفع بواو إلى آخر البيت والصحيح أنها معربة بحركات مقدرة على الواو والألف والياء فالرفع بضمة مقدرة على الواو والنصب بفتحة مقدرة على الألف والجر بكسرة مقدرة على الياء فعلى هذا المذهب الصحيح لم ينب شيء عن شيء مما سبق ذكره |
45 |
من ذاك ذو إن صحبة أبانا والفم حيث الميم منه يانا أى من الأسماء التي ترفع بالواو وتنصب بالألف وتجر بالياء ذو وفم ولكن يشترط في ذو أن تكون بمعنى صاحب نحو جائني ذو مال أي صاحب مال وهو المراد بقوله إن صحبة أبانا أي إن أفهم صحبة واحترز بذلك عن ذو الطائية فإنها لا تفهم صحبة بل هي بمعنى الذي فلا تكون مثل ذي بمعنى صاحب بل تكون مبنية وآخرها الواو رفعا ونصبا وجرا نحو جاءني ذو قام ورأيت ذو قام ومررت بذو قام ومنه قوله فإما كرام موسرون لقيتهم فحسبي من ذو عندهم ما كفانيا |
48 |
وكذلك يشترط في إعراب الفم بهذه الأحرف زوال الميم منه نحو هذا فوه ورأيت فاه ونظرت إلى فيه وإليه أشار بقوله والفم حيث الميم منه بانا أي انفصلت منه الميم أي زالت منه فإن لم تزل منه أعرب بالحركات نحو هذا فم ورأيت فما ونظرت إلى فم أب أخ حم كذاك وهن والنقص في هذا الأخير أحسن وفي أب وتالييه يندر وقصرها من نقصهن أشهر يعني أن أبا وأخا وحما تجري مجرى ذو وفم اللذين سبق ذكرها |
49 |
فترفع بالواو وتنصب بالألف وتجر بالياء نحو هذا أبوه وأخوه وحموها ورأيت أباه وأخاه وحماها ومررت بأبيه وأخيه وحميها وهذه هي اللغة المشهورة في هذه الثلاثة وسيذكر المصنف في هذه الثلاثة لغتين أخريين وأما هن فالفصيح فيه أن يعرب بالحركات الظاهرة على النون ولا يكون في آخره حرف علة نحو هذا هن زيد ورأيت هن زيد ومررت بهن زيد وإليه أشار بقوله والنقص في هذا الأخير أحسن أي النقص في هن أحسن من الإتمام والإتمام جائز لكنه قليل جدا هذا هنوه ورأيت هناه ونظرت إلى هنيه وأنكر الفراء جواز إتمامه وهو محجوج بحكاية سيبويه الإتمام عن العرب ومن حفظ حجة على من لم يحفظ وأشار المصنف بقوله وفي أب وتالييه يندر إلى آخر البيت إلى اللغتين الباقيتين في أب وتالييه وهما أخ وحم فإحدى اللغتين النقص وهو حذف الواو والألف والياء والإعراب بالحركات الظاهرة على الباء والخاء والميم نحو هذا أبه وأخه وحمها ورأيت أبه وأخه وحمها ومررت بأبه وأخه وحمها وعليه قوله |
50 |
بأبه اقتدى عدي في الكرم ومن يشابه أبه فما ظلم وهذه اللغة نادرة فى أب وتالييه ولهذا قال وفي أب وتالييه يندر أي يندر النقص واللغة الأخرى في أب وتالييه أن يكون بالألف رفعا ونصبا وجرا نحو هذا اباه وأخاه وحماها ورأيت أباه وأخاه وحماها ومررت بأباه وأخاه وحماها وعليه قول الشاعر |
51 |
إن أباها وأبا أباها قد بلغا في المجد غايتاها |
52 |
فعلامة الرفع والنصب والجر حركة مقدرة على الألف كما تقدر في المقصور وهذه اللغة أشهر من النقص وحاصل ما ذكره أن في أب وأخ وحم ثلاث لغات أشهرها أن تكون بالواو والألف والياء والثانية أن تكون بالألف مطلقا والثالثة أن تحذف منها الأحرف الثلاثة وهذا نادر وأن في هن لغتين إحداهما النقص وهو الأشهر والثانية الإتمام وهو قليل وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا لليا كجا أخو أبيك ذا اعتلا |
53 |
ذكر النحويون لإعراب هذه الأسماء بالحروف شروطا أربعة أحدها أن تكون مضافة واحترز بذلك من ألا تضاف فإنها حينئذ تعرب بالحركات الظاهرة نحو هذا أب ورأيت أبا ومررت بأب الثاني أن تضاف إلى غير ياء المتكلم نحو هذا أبو زيد وأخوه وحموه فإن أضيفت إلى ياء المتكلم أعربت بحركات مقدرة نحو هذا أبي ورأيت أبي ومررت بأبي ولم تعرب بهذه الحروف وسيأتي ذكر ما تعرب به حينئذ الثالث أن تكون مكبرة واحترز بذلك من أن تكون مصغرة فإنها حينئذ تعرب بالحركات الظاهرة نحو هذا أبي زيد وذوي مال ورأيت أبي زيد وذوي مال ومررت بأبي زيد وذوي مال الرابع أن تكون مفردة واحترز بذلك من أن تكون مجموعة أو مثناة فإن كانت مجموعة أعربت بالحركات الظاهرة نحو هؤلاء آباء الزيدين |
54 |
ورأيت آباءهم ومررت بآبائهم وإن كانت مثناة أعربت إعراب المثنى بالألف رفعا وبالياء جرا ونصبا نحو هذان أبوا زيد ورأيت أبويه ومررت بأبويه ولم يذكر المصنف رحمه الله تعالى من هذه الأربعة سوى الشرطين الأولين ثم أشار إليهما بقوله وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا لليا أي شرط إعراب هذه الأسماء بالحروف أن تضاف إلى غير ياء المتكلم فعلم من هذا أنه لا بد من إضافتها وأنه لا بد أن تكون إضافتها إلى غير ياء المتكلم ويمكن أن يفهم الشرطان الآخران من كلامه وذلك أن الضمير في قوله يضفن راجع إلى الأسماء التي سبق ذكرها وهو لم يذكرها إلا مفردة مكبرة فكأنه قال وشرط ذا الإعراب أن يضاف أب وإخوته المذكورة إلى غير ياء المتكلم واعلم أن ذو لا تستعمل إلا مضافة ولا تضاف إلى مضمر بل إلى اسم جنس ظاهر غير صفة نحو جاءني ذو مال فلا يجوز جاءني ذو قائم |
55 |
بالألف ارفع المثنى وكلا إذا بمضمر مضافا وصلا |
56 |
كلتا كذاك اثنان واثنتان كابنين وابنتين يجريان وتخلف اليا في جميعها الألف جرا ونصبا بعد فتح قد ألف ذكر المصنف رحمه الله تعالى أن مما تنوب فيه الحروف عن الحركات الأسماء الستة وقد تقدم الكلام عليها ثم ذكر المثنى وهو مما يعرب بالحروف وحده لفظ دال على اثنين بزيادة في آخره صالح للتجريد وعطف مثله عليه فيدخل في قولنا لفظ دال على اثنين المثنى نحو الزيدان والألفاظ الموضوعة لاثنين نحو شفع وخرج بقولنا بزيادة نحو |
57 |
شفع وخرج بقولنا صالح للتجريد نحو اثنان فإنه لا يصلح لإسقاط الزيادة منه فلا تقول اثن وخرج بقولنا وعطف مثله عليه ما صلح للتجريد وعطف غيره عليه كالقمرين فإنه صالح للتجريد فتقول قمر ولكن يعطف عليه مغايره لامثله نحو قمر وشمس وهو المقصود بقولهم القمرين وأشار المصنف بقوله بالألف ارفع المثنى وكلا إلى أن المثنى يرفع بالألف وكذلك شبه المثنى وهو كل ما لا يصدق عليه حد المثنى وأشار إليه المصنف بقوله وكلا فما لا يصدق عليه حد المثنى مما دل على اثنين بزيادة أو شبهها فهو ملحق بالمثنى فكلا وكلتا واثنان واثنتان ملحقة بالمثنى لأنها لا يصدق عليها حد المثنى ولكن لا يلحق كلا وكلتا بالمثنى إلا إذا أضيفا إلى مضمر نحو جائني كلاهما ورأيت كليهما ومررت بكليهما وجاءتني كلتاهما ورأيت كلتيهما ومررت بكلتيهما فإن أضيفا إلى ظاهر كانا بالألف رفعا ونصبا وجرا نحو جائني كلا الرجلين وكلتا المرأتين ورأيت كلا الرجلين وكلتا المرأتين ومررت بكلا الرجلين وكلتا المرأتين فلهذا قال المصنف وكلا إذا بمضمر مضافا وصلا |
58 |
ثم بين أن اثنين واثنتين يجريان مجرى ابنين وابنتين فاثنان واثنتان ملحقان بالمثنى كما تقدم وابنان وابنتان مثنى حقيقة ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى أن الياء تخلف الألف في المثنى والملحق به في حالتي الجر والنصب وأن ما قبلها لا يكون إلا مفتوحا نحو رأيت الزيدين كليهما ومررت بالزيدين كليهما واحترز بذلك عن ياء الجمع فإن ما قبلها لا يكون إلا مكسورا نحو مررت بالزيدين وسيأتي ذلك وحاصل ما ذكره أن المثنى وما ألحق به يرفع بالألف وينصب ويجر بالياء وهذا هو المشهور والصحيح أن الإعراب في المثنى والملحق به بحركة مقدرة على الألف رفعا والياء نصبا وجرا وما ذكره المصنف من أن المثنى والملحق به يكونان بالألف رفعا والياء نصبا وجرا هو المشهور في لغة العرب ومن العرب من يجعل المثنى والملحق به |
59 |
بالألف مطلقا رفعا ونصبا وجرا فيقول جاء الزيدان كلاهما ورأيت الزيدان كلاهما ومررت بالزيدان كلاهما وارفع بواو وبيا اجرر وانصب سالم جمع عامر ومذنب |
60 |
ذكر المصنف قسمين يعربان بالحروف أحدهما الأسماء الستة والثاني المثنى وقد تقدم الكلام عليهما ثم ذكر في هذا البيت القسم الثالث وهو جمع المذكر السالم وما حمل عليه وإعرابه بالواو رفعا وبالياء نصبا وجرا وأشار بقوله عامر ومذنب إلى ما يجمع هذا الجمع وهو قسمان جامد وصفة قيشترط في الجامد أن يكون علما لمذكر عاقل خاليا من تاء التأنيث ومن التركيب فإن لم يكن علما لم يجمع بالواو والنون فلا يقال في رجل رجلون نعم إذا صغر جاز ذلك نحو رجيل ورجيلون لأنه وصف وإن كان علما لغير مذكر لم يجمع بهما فلا يقال في زينب زينبون وكذا إن كان علما لمذكر غير عاقل فلا يقال في لاحق اسم فرس لاحقون وإن كان فيه تاء التأنيث فكذلك لا يجمع بهما فلا يقال في طلحة طلحون وأجاز ذلك الكوفيون وكذلك إذا كان مركبا فلا يقال في سيبويه سيبويهون وأجازه بعضهم |
61 |
ويشترط في الصفة أن تكون صفة لمذكر عاقل خالية من تاء التأنيث ليست من باب أفعل فعلاء ولا من بان فعلان فعلى ولا مما يستوي فيه المذكر والمؤنث فخرج بقولنا صفة لمذكر ما كان صفة لمؤنث فلا يقال في حائض حائضون وخرج بقولنا عاقل ما كان صفة لمذكر غير عاقل فلا يقال في سابق صفة فرس سابقون وخرج بقولنا خالية من تاء التأنيث ما كان صفة لمذكر عاقل ولكن فيه تاء التأنيث نحو علامة فلا يقال فيه علامون وخرج بقولنا ليست من باب أفعل فعلاء ما كان كذلك نحو أحمر فإن مؤنثه حمراء فلا يقال فيه أحمرون وكذلك ما كان من باب فعلان فعلى نحو سكران وسكرى فلا يقال سكرانون وكذلك إذا استوى في الوصف المذكر والمؤنث نحو صبور وجريح فإنه يقال رجل صبور وامرأة صبور ورجل جريح وامرأة جريح فلا يقال في جمع المذكر السالم صبورون ولا جريحون وأشار المصنف رحمه الله إلى الجامد الجامع للشروط التي سبق ذكرها بقوله عامر فإنه علم لمذكر عاقل خال من تاء التأنيث ومن التركيب فيقال فيه عامرون |
62 |
وأشار إلى الصفة المذكورة أولا بقوله ومذنب فإنه صفة لمذكر عاقل خالية من تاء التأنيث وليست من باب أفعل فعلاء ولا من باب فعلان فعلى ولا مما يستوي فيه المذكر والمؤنث فيقال فيه مذنبون وشبه ذين وبه عشرونا وبابه ألحق والأهلونا أولو وعالمون عليونا وأرضون شذ والسنونا وبابه ومثل حين قد يرد ذا الباب وهو عند قوم يطرد |
63 |
أشار المصنف رحمه الله بقوله وشبه ذين إلى شبه عامر وهو كل علم مستجمع للشروط السابق ذكرها كمحمد وإبراهيم فتقول محمدون وإبراهيمون وإلى شبه مذنب وهو كل صفة اجتمع فيها الشروط كالأفضل والضراب ونحوهما فتقول الأفضلون والضرابون وأشار بقوله وبه عشرون إلى ما ألحق بجمع المذكر السالم في إعرابه بالواو رفعا وبالياء جرا ونصبا وجمع المذكر السالم هو ما سلم فيه بناء الواحد ووجد فيه الشروط التي سبق ذكرها فمالا واحد له من لفظه أوله واحد غير مستكمل للشروط فليس بجمع مذكر سالم بل هو ملحق به فعشرون وبابه وهو ثلاثون إلى تسعين ملحق بجمع المذكر السالم لأنه لا واحد له من لفظه إذ لا يقال عشر وكذلك أهلون ملحق به لأن مفرده وهو أهل ليس فيه الشروط المذكورة لأنه اسم جنس جامد كرجل وكذلك أولو لأنه لا واحد له من لفظه وعالمون جمع عالم وعالم كرجل اسم جنس جامد وعليون اسم لأعلى الجنة وليس فيه الشروط المذكورة لكونه لما لايعقل وأرضون جمع أرض وأرض اسم جنس جامد مؤنث والسنون جمع سنة والسنة اسم جنس مؤنث فهذه كلها ملحقة بالجمع المذكر لما سبق من أنها غير مستكملة للشروط |
64 |
وأشار بقوله وبابه إلى باب سنة وهو كل اسم ثلاثي حذفت لامه وعوض عنها هاء التأنيث ولم يكسر كمائة ومئتين وثبة وثبين وهذا الاستعمال شائع في هذا ونحوه فإن كسر كشفة وشفاه لم يستعمل كذلك إلا شذوذوا كظبة فإنهم كسروه على ظباة وجمعوه أيضا بالواو رفعا وبالياء نصبا وجرا فقالوا ظبون وظبين وأشار بقوله ومثل حين قد يرد ذا الباب إلى أن سنين ونحوه قد |
65 |
تلزمه الياء ويجعل الإعراب على النون فتقول هذه سنين ورأيت سنينا ومررت بسنين وإن شئت حذفت التنوين وهو أقل من إثباته واختلف في اطراد هذا والصحيح أنه لا يطرد وأنه مقصور على السماع ومنه قوله اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف في إحدى الروايتين ومثله قول الشاعر دعاني من نجد فإن سنينه لعبن بنا شيبا وشيبننا مردا |
66 |
الشاهد فيه إجراء السنين مجرى الحين في الإعراب بالحركات وإلزام النون مع الإضافة ونون مجموع وما به التحق فافتح وقل من بكسره نطق |
67 |
ونون ما ثني والملحق به بعكس ذاك استعملوه فانتبه حق نون الجمع وما ألحق به الفتح وقد تكسر شذوذا ومنه قوله عرفنا جعفرا وبني أبيه وأنكرنا زعانف آخرين |
68 |
وقوله أكل الدهر حل وارتحال أما يبقي علي ولا يقيني وماذا تبتغي الشعراء مني وقد جاوزت حد الأربعين وليس كسرها لغة خلافا لمن زعم ذلك |
69 |
وحق نون المثنى والملحق به الكسر وفتحها لغة ومنه قوله على أحوذيين استقلت عشية فما هي إلا لمحة وتغيب |
70 |
وظاهر كلام المصنف رحمه الله تعالى أن فتح النون في التثنية ككسر نون الجمع في القلة وليس كذلك بل كسرها في الجمع شاذ وفتحها في التثنية لغة كما قدمناه وهل يختص الفتح بالياء أو يكون فيها وفي الألف قولان وظاهر كلام المصنف الثاني |
71 |
ومن الفتح مع الألف قول الشاعر أعرف منها الجيد والعينانا ومنخرين أشبها ظبيانا |
72 |
وقد قيل إنه مصنوع فلا يحتج به |
73 |
وما بتا وألف قد جمعا يكسر في الجر وفي النصب معا لما فرغ من الكلام على الذي تنوب فيه الحروف عن الحركات شرع في ذكر ما نابت فيه حركة عن حركة وهو قسمات أحدهما جمع المؤنث السالم نحو مسلمات وقيدنا بالسالم احترازا عن جمع التكسير وهو ما لم يسلم فيه بناء واحده نحو هنود وأشار إليه المصنف رحمه الله تعالى بقوله وما بتا وألف قد جمعا أي جمع بالألف والتاء المزيدتين فخرج نحو قضاة فإن ألفه غير زائدة بل هي منقلبة عن أصل وهو الياء لأن أصله |
74 |
قضية ونحو أبيات فإن تاءه أصلية والمراد منه ما كانت الألف والتاء سببا في دلالته على الجمع نحو هندات فاحترز بذلك عن نحو قضاة وأبيات فإن كل واحد منهما جمع ملتبس بالألف والتاء وليس مما نحن فيه لأن دلالة كل واحد منهما على الجمع ليس بالألف والتاء وإنما هو بالصيغة فاندفع بهذا التقرير الاعتراض على المصنف بمثل قضاة وأبيات وعلم أنه لا حاجة إلى أن يقول بألف وتاء مزيدتين فالباء في قوله بتا متعلقة بقوله جمع وحكم هذا الجمع أن يرفع بالضمة وينصب ويجر بالكسرة نحو جاءنى هندات ورأيت هندات ومررت بهندات فنابت فيه الكسرة عن الفتحة وزعم بعضهم أنه مبني في حالة النصب وهو فاسد إذ لا موجب لبنائه |
75 |
كذا أولات والذي اسما قد جعل كأذرعات فيه ذا أيضا قبل أشار بقوله كذا أولات إلى أن أولات تجرى مجرى جمع المؤنث السالم في أنها تنصب بالكسرة وليست بجمع مؤنث سالم بل هي ملحقة به وذلك لأنها لا مفرد لها من لفظها ثم أشار بقوله والذي اسما قد جعل إلى أن ما سمي به من هذا الجمع والملحق به نحو أذرعات ينصب بالكسرة كما كان قبل التسمية به ولا يحذف منه التنوين نحو هذه أذرعات ورأيت أذرعات ومررت بأذرعات هذا هو المذهب الصحيح وفيه مذهبان آخران أحدهما أنه يرفع بالضمة وينصب ويجر بالكسرة ويزال منه التنوين نحو هذه أذرعات ورأيت أذرعات ومررت بأذرعات والثاني أنه يرفع بالضمة |
76 |
وينصب ويجر بالفتحة ويحذف منه التنوين نحو هذه أذرعات ورأيت أذرعات ومررت بأذرعات ويروى قوله تنورتها من أذرعات وأهلها بيثرب أدنى دارها نظر عالي |
77 |
بكسر التاء منونة كالمذهب الأول وبكسرها بلا تنوين كالمذهب الثاني وبفتحها بلا تنوين كالمذهب الثالث وجر بالفتحة ما لا ينصرف ما لم يضف أو يك بعد أل ردف أشار بهذا البيت إلى القسم الثاني مما ناب فيه حركة عن حركة وهو الاسم الذي لا ينصرف وحكمه أنه يرفع بالضمة نحو جاء أحمد وينصب بالفتحة نحو رأيت أحمد ويجر بالفتحة أيضا نحو مررت بأحمد فنابت الفتحة عن الكسرة هذا إذا لم يضف أو يقع بعد الألف واللام فإن أضيف جر بالكسرة نحو مررت بأحمدكم وكذا إذا دخله الألف واللام |
78 |
نحو مررت بالأحمد فإنه يجر بالكسرة واجعل لنحو يفعلان النونا رفعا وتدعين وتسألونا |
79 |
وحذفها للجزم والنصب سمه كلم تكوني لترومي مظلمه لما فرغ من الكلام على ما يعرب من الأسماء بالنيابة شرع في ذكر ما يعرب من الأفعال بالنيابة وذلك الأمثلة الخمسة فأشار بقوله يفعلان إلى كل فعل اشتمل على ألف اثنين سواء كان في أوله الياء نحو يضربان أو التاء نحو تضربان وأشار بقوله وتدعين إلى كل فعل اتصل به ياء مخاطبة نحو أنت تضربين وأشار بقوله وتسألون إلى كل فعل اتصل به واو الجمع نحو أنتم تضربون سواء كان في أوله التاء كما مثل أو الياء نحو الزيدون يضربون فهذه الأمثلة الخمسة وهي يفعلان وتفعلان ويفعلون وتفعلون وتفعلين ترفع بثبوت النون وتنصب وتجزم بحذفها فنابت النون فيه عن الحركة التي هى الضمة نحو الزيدان يفعلان فيفعلان فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون وتنصب وتجزم بحذفها نحو الزيدان لن |
80 |
يقوما ولم يخرجا فعلامة النصب والجزم سقوط النون من يقوما ويخرجا ومنه قوله تعالى فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار وسم معتلا من الأسماء ما كالمصطفى والمرتقي مكارما فالأول الإعراب فيه قدرا جميعه وهو الذي قد قصرا |
81 |
والثان منقوص ونصبه ظهر ورفعه ينوى كذا أيضا يجر شرع في ذكر إعراب المعتل من الأسماء والأفعال فذكر أن ما كان مثل المصطفى والمرتقي يسمى معتلا وأشار بالمصطفى إلى ما في آخره ألف لازمة قبلها فتحة مثل عصا ورحى وأشار بالمرتقي إلى ما في آخره ياء مكسور ما قبلها نحو القاضي والداعي ثم أشار إلى أن ما في آخره ألف مفتوح ما قبلها يقدر فيه جميع حركات الإعراب الرفع والنصب والجر وأنه يسمى المقصور فالمقصور هو الاسم المعرب الذي فى آخره ألف لازمة فاحترز بالاسم من الفعل نحو يرضى وبالمعرب من المبني نحو إذا وبالألف من المنقوص نحو القاضي كما سيأتى وبلازمة من المثنى في حالة الرفع نحو الزيدان فإن ألفه لا تلزمه إذ تقلب ياء في الجر والنصب نحو رأيت الزيدين وأشار بقوله والثان منقوص إلى المرتقي فالمنقوص هو الاسم المعرب الذي آخره ياء لازمة قبلها كسرة نحو المرتقي فاحترز بالاسم عن الفعل نحو يرمي وبالمعرب عن المبني نحو الذي وبقولنا قبلها كسرة عن |
82 |
التي قبلها سكون نحو ظبي ورمي فهذا معتل جار مجرى الصحيح في رفعه بالضمة ونصبه بالفتحة وجره بالكسرة وحكم هذا المنقوص أنه يظهر فيه النصب نحو رأيت القاضي وقال الله تعالى يا قومنا أجيبوا داعي الله ويقدر فيه الرفع والجر لثقلهما على الياء |
83 |
نحو جاء القاضي ومررت بالقاضي فعلامة الرفع ضمة مقدرة على الياء وعلامة الجر كسرة مقدرة على الياء وعلم مما ذكر أن الاسم لا يكون في آخره واو قبلها ضمة نعم إن كان مبنيا وجد ذلك فيه نحو هو ولم يوجد ذلك في المعرب إلا في الأسماء الستة في حالة الرفع نحو جاء أبوه وأجاز ذلك الكوفيون في موضعين آخرين أحدهما ما سمي به من الفعل نحو يدعو ويغزو والثاني ما كان أعجميا نحو سمندو وقمندو وأي فعل آخر منه ألف أو واو أو ياء فمعتلا عرف |
84 |
أشار إلى أن المعتل من الأفعال هو ما كان في آخره واو قبلها صمة نحو يغزو أو ياء قبلها كسرة نحو يرمى أو ألف قبلها فتحة نحو يخشى فالألف انو فيه غير الجزم وأبد نصب ما كيدعو يرمي والرفع فيهما انو واحذف جازما ثلاثهن تقض حكما لازما ذكر في هذين البيتين كيفية الإعراب في الفعل المعتل فذكر أن الألف يقدر فيها غير الجزم وهو الرفع والنصب نحو زيد يخشى فيخشى مرفوع |
85 |
وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف ولن يخشى فيخشى منصوب وعلامة النصب فتحة مقدرة على الألف وأما الجزم فيظهر لأنه يحذف له الحرف الآخر نحو لم يخش وأشار بقوله وأبد نصب ما كيدعو يرمي إلى أن النصب يظهر فيما آخره واو أو ياء نحو لن يدعو ولن يرمي وأشار بقوله والرفع فيهما انو إلى أن الرفع يقدر فى الواو والياء نحو يدعو ويرمي فعلامة الرفع ضمة مقدرة على الواو والياء وأشار بقوله واحذف جازما ثلاثهن إلى أن الثلاث وهي الألف والواو والياء تحذف في الجزم نحو لم يخش ولم يغز ولم يرم فعلامة الجزم حذف الألف والواو والياء وحاصل ما ذكره أن الرفع يقدر في الألف والواو والياء وأن الجزم يظهر في الثلاثة بحذفها وأن النصب يظهر في الياء والواو ويقدر في الألف |
86 |
النكرة والمعرفة نكرة قابل أل مؤثرا أو واقع موقع ما قد ذكرا النكرة ما يقبل أل وتؤثر فيه التعريف أو يقع موقع ما يقبل أل فمثال ما يقبل أل وتؤثر فيه التعريف رجل فتقول الرجل واحترز بقوله وتؤثر فيه التعريف مما يقبل أل ولا تؤثر فيه التعريف كعباس علما فإنك تقول فيه العباس فتدخل عليه أل لكنها لم تؤثر فيه التعريف لأنه معرفة قبل دخلوها عليه ومثال ما وقع موقع ما يقبل أل ذو التي بمعنى صاحب نحو جاءني ذو مال أي صاحب مال فذو نكرة وهي لا تقبل أل لكنها واقعة موقع صاحب وصاحب يقبل أل نحو الصاحب |
87 |
وغيره معرفة كهم وذي وهند وابني والغلام والذي أي غير النكرة المعرفة وهي ستة أقسام المضمر كهم واسم الإشارة كذي والعلم كهند والمحلى بالألف واللام كالغلام والموصول كالذي وما أضيف إلى واحد منها كابني وسنتكلم على هذه الأقسام |
88 |
فما لذي غيبة أو حضور كأنت وهسم بالضمير يشير إلى أن الضمير ما دل على غيبة كهو أو حضور وهو قسمان أحدهما ضمير المخاطب نحو أنت والثاني ضمير المتكلم نحو أنا وذو اتصال منه ما لا يبتدا ولا يلي إلا اختيارا أبدا |
89 |
كالياء والكاف من ابني أكرمك والياء والها من سليه ما ملك الضمير البارز بنقسم إلى متصل ومنفصل فالمتصل هو الذي لا يبتدأ به كالكاف من أكرمك ونحوه ولا يقع بعد إلا في الاختيار فلا يقال ما أكرمت إلاك وقد جاء شذوذا في الشعر كقوله أعوذ برب العرش من فئة بغت علي فما لي عوض إلاه ناصر |
90 |
وقوله وما علينا إذا ما كنت جارتنا أن لا يجاورنا إلاك ديار |
92 |
وكل مضمر له البنا يجب ولفظ ما جر كلفظ ما نصب المضمرات كلها مبنية لشبهها بالحروف في الجمود ولذلك لا تصغر |
93 |
ولا نثني ولا تجمع وإذا ثبت أنها مبنية فمنها ما يشترك فيه الجر والنصب وهو كل ضمير نصب أو جر متصل نحو أكرمتك ومررت بك وإنه وله فالكاف في أكرمتك في موضع نصب وفى بك في موضع جر والهاء في إنه في موضع نصب وفي له في موضع جر ومنها ما يشترك فيه الرفع والنصب والجر وهو نا وأشار إليه بقوله للرفع والنصب وجر نا صلح كاعرف بنا فإننا نلنا المنح أي صلح لفظ نا للرفع نحو نلنا وللنصب نحو فإننا وللجر نحو بنا ومما يستعمل للرفع والنصب والجر الياء فمثال الرفع نحو اضربي ومثال النصب نحو أكرمني ومثال الجر نحو مر بي ويستعمل في الثلاثة أيضا هم فمثال الرفع هم قائمون ومثال النصب أكرمتهم ومثال الجر لهم وإنما لم يذكر المصنف الياء وهم لأنهما لا يشبهان نا من كل وجه لأن نا تكون للرفع والنصب والجر والمعنى واحد وهي ضمير متصل |
94 |
في الأحوال الثلاثة بخلاف الياء فإنها وإن استعملت للرفع والنصب والجر وكانت ضميرا متصلا في الأحوال الثلاثة لم تكن بمعنى واحد في الأحوال الثلاثة لأنها في حال الرفع للمخاطب وفي حالتي النصب والجر للمتكلم وكذلك هم لأنها وإن كانت بمعنى واحد في الأحوال الثلاثة فليست مثل نا لأنها في حالة الرفع ضمير منفصل وفي حالتي النصب والجر ضمير متصل وألف والواو والنون لما غاب وغيره كقاما واعلما الألف والواو والنون من ضمائر الرفع المتصلة وتكون للغائب وللمخاطب فمثال الغائب الزيدان قاما والزيدون قاموا والهندات قمن ومثال المخاطب اعلما واعلموا واعلمن ويدخل تحت قول المصنف وغيره المخاطب والمتكلم وليس هذا بجيد لأن هذه الثلاثة لا تكون للمتكلم أصلا بل إنما تكون للغائب أو المخاطب كما مثلنا |
95 |
ومن ضمير الرفع ما يستتر كافعل أوافق نغتبط إذ تشكر ينقسم الضمير إلى مستتر وبارز والمستتر إلى واجب الاستتار وجائزه |
96 |
والمراد بواجب الاستتار ما لا يحل محله الظاهر والمراد بجائز الاستتار ما يحل محله الظاهر وذكر المصنف في هذا البيت من المواضع التي يجب فيها الاستتار أربعة الأول فعل الأمر للواحد المخاطب كافعل التقدير أنت وهذا الضمير لا يجوز إبرازه لأنه لا يحل محله الظاهر فلا تقول افعل زيد فأما افعل أنت فأنت تأكيد للضمير المستتر في افعل وليس بفاعل لا فعل لصحة الاستغناء عنه فتقول افعل فإن كان الأمر لواحدة أو لاثنين أو لجماعة برز الضمير نحو اضربي واضربا واضربوا واضربن الثاني الفعل المضارع الذي في أوله الهمزة نحو أوافق والتقدير أنا فإن قلت أوافق أنا كان أنا تأكيدا للضمير المستتر الثالث الفعل المضارع الذي في أوله النون نحو نغتبط أي نحن الرابع الفعل المضارع الذي في أوله التاء لخاطب الواحد نحو تشكر أي أنت فإن كان الخطاب لواحدة أو لاثنين أو لجماعة برز الضمير نحو أنت تفعلين وأنتما تفعلان وأنتم تفعلون وأننن تفعلن هذا ما ذكره المصنف من المواضع التي يجب فيها استتار الضمير |
97 |
ومثال جائز الاستتار زيد يقوم أي هو وهذا الضمير جائز الاستتار لأنه يحل محله الظاهر فتقول زيد يقوم أبوه وكذلك كل فعل أسند إلى غائب أو غائبة نحو هند تقوم وما كان بمعناه نحو زيد قائم أي هو وذو ارتفاع وانفصال أنا هو وأنت والفروع لا تشتبه تقدم أن الضمير ينقسم إلى مستتر وإلى بارز وسبق الكلام في المستتر والبارز ينقسم إلى متصل ومنفصل فالمتصل يكون مرفوعا ومنصوبا ومجرورا وسبق الكلام في ذلك والمنفصل يكون مرفوعا ومنصوبا ولا يكون مجرورا وذكر المصنف في هذا البيت المرفوع المنفصل وهو اثنا عشر أنا للمتكلم وحده ونحن للمتكلم المشارك أو المعظم نفسه وأنت للمخاطب وأنت للمخاطبة وأنتما للمخاطبين أو المخاطبتين وأنتم للمخاطبين وأنتن للمخاطبات وهو للغائب |
98 |
وهي للغائبة وهما للغائبين أو الغائبتين وهم للغائبين وهن للغائبات وذ انتصاب في انفصال جعلا إياي والتفريع ليس مشكلا أشار في هذا البيت إلى المنصوب المنفصل وهو اثنا عشر أياي للمتكلم وحده وإيانا للمتكلم المشارك أو المعظم نفسه وإياك للمخاطب وإياك للمخاطبة وإياكما للمخاطبين أو المخاطبتين وإياكم للمخاطبين وإياكن للمخاطبات وإياه للغائب وإياها للغائبة وإياهما للغائبين أو الغائبتين وإياهم للغائبين وإياهن للغائبات |
99 |
وفي اختيار لا يجيء المنفصل إذا تأتى أن يجيء المتصل كل موضع أمكن أن يؤتى فيه بالضمير المتصل لا يجوز العدول عنه إلى المنفصل إلا فيما سيذكره المصنف فلا تقول في أكرمتك أكرمت إياك لأنه يمكن الإتيان بالمتصل فتقول أكرمتك |
100 |
فإن لم يمكن الإتيان بالمتصل تعين المنفصل نحو إياك أكرمت وقد |
101 |
جاء الضمير في الشعر منفصلا مع إمكان الإتيان به متصلا كقوله بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت إياهم الأرض في دهر الدهارير |
102 |
وصل أو افصل هاء سلنيه وما أشبهه في كنته الخلف انتمى |
103 |
كذاك خلتنيه واتصالا أختار غيري اختار الانفصالا أشار في هذين البيتين إلى المواضع التي يجوز أن يؤتى فيها بالضمير منفصلا مع إمكان أن يؤتى به متصلا فأشار بقوله سلنيه إلى ما يتعدى إلى مفعولين الثاني منهما ليس خبرا في الأصل وهما ضميران نحو الدرهم سلنيه فيجوز لك في هاء سلنيه الاتصال نحو سلنيه والانفصال نحو سلني إياه وكذلك كل فعل أشبهه نحو الدرهم أعطيتكه وأعطيتك إياه وظاهر كلام المصنف أنه يجوز في هذه المسألة الانفصال والاتصال على السواء وهو ظاهر كلام أكثر النحويين وظاهر كلام سيبويه أن الاتصال فيها واجب وأن الانفصال مخصوص بالشعر وأشار بقوله في كنته الخلف انتمى إلى أنه إذا كان خبر كان وأخواتها ضميرا فإنه يجوز اتصاله وانفصاله واختلف في المختار منهما فاختار المصنف |
104 |
الاتصال نحو كنته واختار سيبويه الانفصال نحو كنت إياه تقول الصديق كنته وكنت إياه وكذلك المختار عند المصنف الاتصال في نحو خلتنيه وهو كل فعل تعدى إلى مفعولين الثاني منهما خبر في الأصل وهما ضميران ومذهب سيبويه أن المختار في هذا أيضا الانفصال نحو خلتني إياه ومذهب سيبويه أرجح لأنه هو الكثير في لسان العرب على ما حكاه سيبويه عنهم وهو المشافه لهم قال الشاعر |
105 |
إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام |
106 |
وقدم الأخص في اتصال وقدمن ما شئت في انفصال ضمير المتكلم أخص من ضمير المخاطب وضمير المخاطب أخص من ضمير الغائب فإن اجتمع ضميران منصوبان أحدهما أخص من الآخر فإن كانا متصلين وجب تقديم الأخص منهما فتقول الدرهم أعطيتكه وأعطيتنيه بتقديم الكاف والياء على الهاء لأنهما أخص من الهاء لأن الكاف للمخاطب والياء للمتكلم والهاء للغائب ولا يجوز تقديم الغائب مع الاتصال فلا تقول أعطيتهوك ولا أعطيتهمونى وأجازه قوم ومنه ما رواه ابن الأثير في غريب الحديث من قول عثمان رضي الله عنه أراهمني الباطل شيطانا فإن فصل أحدهما كنت بالخيار فإن شئت قدمت الأخص فقلت الدرهم أعطيتك إياه وأعطيتني إياه وإن شئت قدمت غير الأخص فقلت أعطيته إياك وأعطيته إياي وإليه أشار بقوله وقدمن |
107 |
ما شئت في انفصال وهذا الذي ذكره ليس على إطلاقه بل إنما يجوز تقديم غير الأخص في الانفصال عند أمن اللبس فإن خيف لبس لم يجز فإن قلت زيد أعطيتك إياه لم يجز تقديم الغائب فلا تقول زيد أعطيته إياك لأنه لا يعلم هل زيد مأخوذ أو آخذ وفي اتحاد الرتبة الزم فصلا وقد يبيح الغيب فيه وصلا إذا اجتمع ضميران وكانا منصوبين واتحدا في الرتبة كأن يكونا لمتكلمين أو مخاطبين أو غائبين فإنه يلزم الفصل في أحدهما فتقول أعطيتني إياي وأعطيتك إياك وأعطيته إياه ولا يجوز اتصال الضميرين فلا تقول أعطيتني ولا أعطيتكك ولا أعطيتهوه نعم إن كانا غائبين واختلف لفظهما فقد يتصلان نحو الزيدان الدرهم أعطيتهماه وإليه أشار بقوله في الكافية |
108 |
مع اختلاف ما ونحو ضمنت إياهم الأرض الضرورة اقتضت وربما أثبت هذا البيت في بعض نسخ الألفية وليس منها وأشار بقوله ونحو ضمنت إلى آخر البيت إلى أن الإتيان بالضمير منفصلا في موضع يجب فيه اتصاله ضرورة كقوله بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت إياهم الأرض في دهر الدهارير وقد تقدم ذكر ذلك وقبل يا النفس مع الفعل التزم نون وقاية وليسى قد نظم إذا اتصل بالفعل ياء المتكلم لحقته لزوما نون تسمى نون الوقاية وسميت بذلك لأنها تقي الفعل من الكسر وذلك نحو أكرمني ويكرمني وأكرمني وقد جاء حذفها مع ليس شذوذوا كما قال الشاعر |
109 |
عددت قومي كعديد الطيس إذ ذهب القوم الكرام ليسى |
110 |
واختلف في أفعل في التعجب هل تلزمه نون الوقاية أم لا فتقول ما أفقرني إلى عفو الله وما أفقري إلى عفو الله عند من لا يلتزمها فيه والصحيح أنها تلزم وليتني فشاوليتي ندرا ومع لعل اعكس وكن مخبرا في البقايات واضطرارا خففا مني وعني بعض من قد سلفا |
111 |
ذكر في هذين البيتين حكم نون الوقاية مع الحروف فذكر ليت وأن نون الوقاية لا تحذف منها إلا ندورا كقوله كمنية جابر إذ قال ليتي أصادفه وأتلف جل مالي |
112 |
والكثير في لسان العرب ثبوتها وبه ورد القرآن قال الله تعالى يا ليتنى كنت معهم وأما لعل فذكر أنها بعكس ليت فالفصيح تجريدها من النون كقوله تعالى حكاية عن فرعون لعلي أبلغ الأسباب ويقل ثبوت النون كقول الشاعر |
113 |
فقلت أعيراني القدوم لعلني أخط بها قبرا لأبيض ماجد |
114 |
ثم ذكر أنك بالخيار في الباقيات أي في باقي أخوات ليت ولعل وهي إن وأن وكأن ولكن فتقول إني وإنني وأني وأنني وكأني وكأنني ولكني ولكنني ثم ذكر أن من وعن تلزمهما نون الوقاية فتقول مني وعني بالتشديد ومنهم من يحذف النون فيقول مني وعني بالتخفيف وهو شاذ قال الشاعر أيها السائل عنهم وعني لست من قيس ولا قيس مني |
115 |
وفي لدني لدني قل وفي قدني وقطني الحذف أيضا قد يفي أشار بهذا إلى أن الفصيح في لدني إثبات النون كقوله تعالى قد بلغت من لدني عذرا ويقل حذفها كقراءة من قرأ من لدني بالتخفيف والكثير في قد وقط ثبوت النون نحو قدني وقطني ويقل الحذف نحو قدي وقطي أى حسبي وقد اجتمع الحذف والإثبات في قوله قدني من نصر الخبيبين قدي ليس الإمام بالشحيح الملحد |
118 |
العلم اسم يعين المسمى مطلقا علمه كجعفر وخرنقا وقرن وعدن ولاحق وشذقم وهيلة وواشق العلم هو الاسم الذي يعين مسماه مطلقا أي بلا قيد التكلم أو الخطاب أو الغيبة فالاسم جنس يشمل النكرة والمعرفة ويعين مسماه فصل أخرج النكرة وبلا قيد أخرج بقية المعارف كالمضمر فإنه يعين مسماه بقيد التكلم كأنا أو الخطاب كأنت أو الغيبة كهو ثم مثل الشيخ بأعلام الأناسي وغيرهم تنبيها على أن مسميات الأعلام العقلاء وغيرهم من المألوفات فجعفر اسم رجل وخرنق اسم امرأة من شعراء العرب |
119 |
وهي أخت طرفة بن العبد لأمه وقرن اسم قبيلة وعدن اسم مكان ولاحق اسم فرس وشذقم اسم جمل وهيلة اسم شاة وواشق اسم كلب واسما أتى وكنية ولقبا وأخرن ذا إن سواه صحبا ينقسم العلم إلى ثلاثة أقسام إلى اسم وكنية ولقب والمراد بالاسم هنا ما ليس بكنية ولا لقب كزيد وعمرو وبالكنية ما كان في أوله أب أو أم كأبي عبد الله وأم الخير وباللقب ما أشعر بمدح كزين العابدين أو ذم كأنف الناقة وأشار بقوله وأخرن ذا إلخ إلى أن اللقب إذا صحب الاسم وجب تأخيره كزيد أنف الناقة ولا يجوز تقديمه على الاسم فلا تقول أنف الناقة زيد إلا قليلا ومنه قوله |
120 |
بأن ذا الكلب عمرا خيرهم حسبا ببطن شريان يعوي حوله الذيب |
121 |
وظاهر كلام المصنف أنه يجب تأخير اللقب إذا صحب سواه ويدخل تحت قوله سواه الاسم والكنية وهو إنما يجب تأخيره مع الاسم فأما مع الكنية فأنت بالخيار بين أن تقدم الكنية على اللقب فتقول أبو عبد الله زين |
122 |
العابدين وبين أن تقدم اللقب على الكنية فتقول زين العابدين أبو عبد الله ويوجد في بعض النسخ بدل قوله وأخرن ذا إن سواه صحبا وذا اجعل آخرا إذا اسما صحبا وهو أحسن منه لسلامته مما ورد على هذا فإنه نص في أنه إنما يجب تأخير اللقب إذا صحب الاسم ومفهومه أنه لا يجب ذلك مع الكنية وهو كذلك كما تقدم ولو قال وأخرن ذا إن سواها صحبا لما ورد عليه شيء إذ يصير التقدير وأخر اللقب إذا صحب سوى الكنية وهو الاسم فكأنه قال وأخر اللقب إذا صحب الاسم وإن يكونا مفردين فأضف حتما وإلا أتبع الذي ردف إذا اجتمع الاسم واللقب فإما أن يكونا مفردين أو مركبين أو الاسم مركبا واللقب مفردا أو الاسم مفردا واللقب مركبا |
123 |
فإن كانا مفردين وجب عند البصريين الإضافة نحو هذا سعيد كرز ورأيت سعيد كرز ومررت بسعيد كرز وأجاز الكوفيون الإتباع فتقول هذا سعيد كرز ورأيت سعيدا كرزا ومررت بسعيد كرز ووافقهم المصنف على ذلك في غير هذا الكتاب وإن لم يكونا مفردين بأن كانا مركبين نحو عبد الله أنف الناقة أو مركبا ومفردا نحو عبد الله كرز وسعيد أنف الناقة وجب الإتباع فتتبع الثاني الأول في إعرابه ويجوز القطع إلى الرفع أو النصب نحو مررت بزيد أنف الناقة وأنف الناقة فالرفع على إضمار مبتدأ والتقدير هو أنف الناقة والنصب على إضمار فعل والتقدير أعني أنف الناقة فيقطع مع المرفوع إلى النصب ومع المنصوب إلى الرفع ومع المجرور إلى النصب أو الرفع نحو هذا زيد أنف الناقة ورأيت زيدا أنف الناقة ومررت بزيد أنف الناقة وأنف الناقة |
124 |
ومنه منقول كفضل وأسد وذو ارتجال كسعاد وأدد وجملة وما بمزج ركبا ذا إن بغير ويه تم أعراب وشاع في الأعلام ذو الإضافة كعبد شمس وأبي قحافه |
125 |
ينقسم العلم إلى مرتجل وإلى منقول فالمرتجل هو ما لم يسبق له استعمال قبل العلمية في غيرها كسعاد وأدد والمنقول ما سبق له استعمال في غير العلمية والنقل إما من صفة كحارث أو من مصدر كفضل أو من اسم جنس كأسد وهذه تكون معربة أو من جملة كقام زيد وزيد قائم وحكمها أنها تحكى فتقول جاءني زيد قائم ورأيت زيد قائم ومررت بزيد قائم وهذه من الأعلام المركبة ومنها أيضا ما ركب تركيب مزج كبعلبك ومعدي كرب وسيبويه وذكر المصنف أن المركب تركيب مزج إن ختم بغير ويه أعرب ومفهومه أنه إن ختم بويه لا يعرب بل يبنى وهو كما ذكره فتقول جاءني بعلبك ورأيت بعلبك ومررت ببعلبك فتعربه إعراب ما لا ينصرف ويجوز فيه أيضا البناء على الفتح فتقول جاءني بعلبك ورأيت بعلبك ومررت ببعلبك ويجوز أيضا أن يعرب أيضا إعراب المتضايفين فتقول جاءني حضرموت ورأيت حضرموت ومررت بحضرموت وتقول فيما ختم بويه جاءني سيبويه ورأيت سيبويه ومررت بسيبويه فتبنيه على الكسر وأجاز بعضهم إعرابه إعراب ما لا ينصرف نحو جاءنى سيبويه ورأيت سيبوية ومررت بسيبوية |
126 |
ومنها ما ركب تركيب إضافة كعبد شمس وأبي قحافة وهو معرب فتقول جاءني عبد شمس وأبو قحافة ورأيت عبد شمس وأبا قحافة ومررت بعبد شمس وأبي قحافة ونبه بالمثالين على أن الجزء الأول يكون معربا بالحركات كعبد وبالحروف كأبي وأن الجزء الثاني يكون منصرفا كشمس وغير منصرف كقحافة ووضعوا لبعض الاجناس علم كعلم الأشخاص لفظا وهو عم من ذاك أم عريط للعقرب وهكذا ثعالة للثعلب |
127 |
ومثله برة للمبره كذا فجار علم للفجرة العلم على قسمين علم شخص وعلم جنس فعلم الشخص له حكمان معنوي وهو أن يراد به واحد بعينه كزيد وأحمد ولفظي وهو صحة مجيء الحال متأخرة عنه نحو جاءني زيد ضاحكا ومنعه من الصرف مع سبب آخر غير العلمية نحو هذا أحمد ومنع دخول الألف واللام عليه فلا تقول جاء العمرو |
128 |
وعلم الجنس كعلم الشخص في حكمه اللفظي فتقول هذا أسامه مقبلا فتمنعه من الصرف وتأتى بالحال بعده ولا تدخل عليه الألف واللام فلا تقول هذا الأسامة |
129 |
وحكم علم الجنس في المعنى كحكم النكرة من جهة أنه لا يخص واحدا بعينه فكل أسد يصدق عليه أسامة وكل عقرب يصدق عليها أم عريط وكل ثعلب يصدق عليه ثعالة وعلم الجنس يكون للشخص كما تقدم ويكون للمعنى كما مثل بقوله برة للمبرة وفجار للفجرة |
130 |
اسم الإشارة بذا لمفرد مذكر أشر بذي وذه تي تا على الأنثى اقتصر يشار إلى المفرد المذكر بذا ومذهب البصريين أن الألف من نفس الكلمة وذهب الكوفيون إلى أنها زائدة |
131 |
ويشار إلى المؤنثة بذي وذه بسكون الهاء وتي وتا وذه بكسر الهاء باختلاس وبإشباع وته بسكون الهاء وبكسرها باختلاس وإشباع وذات وذان تان للمثنى المرتفع وفى سواه ذين تين اذكر تطع يشار إلى المثنى المذكر في حالة الرفع بذان وفى حالة النصب والجر بذين وإلى المؤنثتين بتان في الرفع وتين في النصب والجر وبأولى أشر لجمع مطلقا والمد أولى ولدى البعد انطقا |
132 |
بالكاف حرفا دون لام أو معه واللام إن قدمت ها ممتنعه يشار إلى الجمع مذكرا كان أو مؤنثا بأولي ولهذا قال المصنف أشر لجمع مطلقا ومقتضى هذا أنه يشار بها إلى العقلاء وغيرهم وهو كذلك ولكن الأكثر استعمالها في العاقل ومن ورودها في غير العاقل قوله ذم المنازل بعد منزلة اللوى والعيش بعد أولئك الأيام |
133 |
وفيها لغتان المد وهي لغة أهل الحجاز وهي الواردة في القرآن العزيز والقصر وهي لغة بني تميم وأشار بقوله ولدى البعد انطقا بالكاف إلى آخر البيت إلى أن المشار إليه له رتبتان القرب والبعد فجميع ما تقدم يشار به إلى القريب |
134 |
فإذا أريد الإشارة إلى البعيد أتي بالكاف وحدها فتقول ذاك أو الكاف واللام نحو ذلك وهذه الكاف حرف خطاب فلا موضع لها من الإعراب وهذا لا خلاف فيه فإن تقدم حرف التنبيه الذي هو ها على اسم الإشارة أتيت بالكاف وحدها فتقول هذاك وعلي قوله رأيت بني غبراء لا ينكرونني ولا أهل هذاك الطراف الممدد |
135 |
ولا يجوز الإتيان بالكاف واللام فلا تقول هذالك وظاهر كلام المصنف أنه ليس للمشار إليه إلا رتبتان قربى وبعدى كما قررناه والجمهور على أن له ثلاث مراتب قربى ووسطى وبعدى فيشار إلى من في القربى بما ليس فيه كاف ولا لام كذا وذى وإلى من |
136 |
في الوسطى بما فيه الكاف وحدها نحو ذاك وإلى من في البعدى بما فيه كاف ولام نحو ذلك وبهنا أو ههنا أشر إلى داني المكان وبه الكاف صلا في البعد أو بثم فه أو هنا أو بهنالك انطقن أو هنا يشار إلى المكان القريب بهنا ويتقدمها هاء التنبيه فيقال ههنا ويشار إلى البعيد على رأى المصنف بهناك وهنالك وهنا بفتح الهاء وكسرها مع تشديد النون وبثم وهنت وعلى مذهب غيره هناك للمتوسط وما بعده للبعيد |
137 |
الموصول موصول الاسماء الذي الأنثى التي واليا إذا ما ثنيا لا تثبت بل ما تليه أوله العلامه والنون إن تشدد فلا ملامه |
138 |
والنون من ذين وتين شددا أيضا وتعويض بذاك قصدا ينقسم الموصول إلى اسمي وحرفي ولم يذكر المصنف الموصولات الحرفية وهي خمسة أحرف أحدها أن المصدرية وتوصل بالفعل المنصرف ماضيا مثل عجبت من أن قام زيد ومضارعا نحو عجبت من أن يقوم زيد وأمرا نحو أشرت إليه بأن قم فإن وقع بعدها فعل غير متصرف نحو قوله تعالى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وقوله تعالى وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فهي مخففة من الثقيلة ومنها أن وتوصل باسمها وخبرها نحو عجبت من أن زيدا قائم ومنه قوله تعالى أولم يكفهم أنا أنزلنا وأن المخففة كالمثقلة وتوصل باسمها وخبرها لكن اسمها يكون محذوفا واسم المثقلة مذكورا ومنها كي وتوصل بفعل مضارع فقط مثل جئت لكي تكرم زيدا |
139 |
ومنها ما وتكون مصدرية ظرفية نحو لا أصحبك ما دمت منطلقا أي مدة دوامك منطلقا وغير ظرفية نحو عجبت مما ضربت زيدا وتوصل بالماضي كما مثل وبالمضارع نحو لا أصحبك ما يقوم زيد وعجبت مما تضرب زيدا ومنه بما نسوا يوم الحساب وبالجملة الإسمية نحو عجبت مما زيد قائم ولا أصحبك ما زيد قائم وهو قليل وأكثر ما توصل الظرفية المصدرية بالماضي أو بالمضارع المنفي بلم نحو لا أصحبك ما لم تضرب زيدا ويقل وصلها أعني المصدرية بالفعل المضارع الذي ليس منفيا بلم نحو لا أصحبك ما يقوم زيد ومنه قوله أطوف ما أطوف ثم آوي إلى بيت قعيدته لكاع |
140 |
ومنها لو وتوصل بالماضي نحو وددت لو قام زيد والمضارع نحو وددت لو يقوم زيد فقول المصنف موصول الاسماء احتراز من الموصول الحرفي وهو |
141 |
أن وأن زكى وما ولو وعلامته صحة وقوع المصدر موقعه نحو وددت لو تقوم أي قيامك وعجبت مما تصنع وجئت لكي أقرأ ويعجبني أنك قائم وأريد أن تقوم وقد سبق ذكره وأما الموصول الاسمي فالذي للمفرد المذكر والتي للمفرد المؤنثة فإن ثنيت أسقطت الياء وأتيت مكانها بالألف في حالة الرفع نحو اللذان واللتان والياء في حالتي الجر والنصب فتقول اللذين واللتين وإن شئت شددت النون عوضا عن الياء المحذوفة فقلت اللذان واللتان وقد قرىء واللذان يأتيانها منكم ويجوز التشديد أيضا مع الياء وهو مذهب الكوفيين فتقول اللذين واللتين وقد قرىء ربنا أرنا اللذين بتشديد النون وهذا التشديد يجوز أيضا في تثنية ذا وتا اسمي الإشارة فتقول ذان وتان وكذلك مع الياء فتقول ذين وتين وهو مذهب الكوفيين والمقصود بالتشديد أن يكون عوضا عن الألف المحذوفة كما تقدم في الذي والتي جمع الذي الألى الذين مطلقا وبعضهم بالواو رفعا نطقا |
142 |
باللات واللاء التي قد جمعا واللاء كالذين نزرا وقعا يقال في جمع المذكر الألى مطلقا عاقلا كان أو غيره نحو جاءني الألى فعلوا وقد يستعمل في جمع المؤنث وقد اجتمع الأمران في قوله وتبلى الألى يستلئمون على الألى تراهن يوم الروع كالحدإ القبل |
144 |
فقال يستلئمون ثم قال تراهن ويقال للمذكر العاقل في الجمع الذين مطلقا أي رفعا ونصبا وجرا فتقول جاءني الذين أكرموا زيدا ورأيت الذين أكرموه ومررت بالذين أكرموه وبعض العرب يقول الذون في الرفع والذين في النصب والجر وهم بنو هذيل ومنه قوله نحن الذون صبحوا الصباحا يوم النخيل غارة ملحاحا |
145 |
ويقال في جمع المؤنث اللات واللاء بحذف الياء فتقول جاءني اللات فعلن واللاء فعلن ويجوز إثبات الياء فتقول اللاتي واللائي وقد ورد اللاء بمعنى الذين قال الشاعر فما آباؤنا بأمن منه علينا اللاء قد مهدوا الحجورا كما قد تجيء الأولى بمعنى اللاء كقوله فأما الأولى يسكن غور تهامه فكل فتاة تترك الحجل أقصما |
146 |
ومن وما وأل تساوي ما ذكر وهكذا ذو عند طييء شهر وكالتي أيضا لديهم ذات وموضع اللاتي أتى ذوات |
147 |
أشار بقوله تساوي ما ذكر إلى أن من وما والألف واللام تكون بلفظ واحد للمذكر والمؤنث المفرد والمثنى والمجموع فتقول جاءني من قام ومن قامت ومن قاما ومن قامتا ومن قاموا ومن قمن وأعجبني ما ركب وما ركبت وما ركبا وما ركبتا وما ركبوا وما ركبن وجاءني القائم والقائمة والقائمان والقائمتان والقائمون والقائمات وأكثر ما تستعمل ما في غير العاقل وقد تستعمل في العاقل ومنه قوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وقولهم سبحان ما سخركن لنا و سبحان ما يسبح الرعد بحمده و من بالعكس فأكثر ما تستعمل في العاقل وقد تستعمل في غيره |
148 |
كقوله تعالى ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء ومنه قول الشاعر بكيت على سرب القطا إذ مررن بي فقلت ومثلي بالبكاء جدير أسرب القطا هل من يعير جناحه لعلي إلى من قد هويت أطير |
149 |
وأما الألف واللام فتكون للعاقل ولغيره نحو جاءنى القائم والمركوب واختلف فيها فذهب قوم إلى أنها اسم موصول وهو الصحيح وقيل إنها حرف موصول وقيل إنها حرف تعريف وليست من الموصولية في شيء وأما من وما غير المصدرية فاسمان اتفاقا وأما ما المصدرية فالصحيح أنها حرف وذهب الأخفش إلى أنها اسم ولغة طييء استعمال ذو موصولة وتكون للعاقل ولغيره وأشهر لغاتهم فيها أنها تكون بلفظ واحد للمذكر والمؤنث مفردا ومثنى ومجموعا |
150 |
فتقول جاءني ذو قام وذو قامت وذو قاما وذو قامتا وذو قاموا وذو قمن ومنهم من يقول في المفرد المؤنث جاءني ذات قامت وفى جمع المؤنث جاءني ذوات قمن وهو المشار إليه بقوله وكالتي أيضا البيت ومنهم من يثنيها ويجمعها فيقول ذوا وذوو في الرفع و ذوى وذوي في النصب والجر وذواتا في الرفع وذواتى في الجر والنصب وذوات في الجمع وهي مبنية على الضم وحكى الشيخ بهاء الدين ابن النحاس أن إعرابها كإعراب جمع المؤنث السالم والأشهر في ذو هذه أعني الموصولة أن تكون مبنية ومنهم من يعربها بالواو رفعا وبالألف نصبا وبالياء جرا فيقول جاءني ذو قام ورأيت ذا قام ومررت بذي قام فتكون مثل ذي بمعنى صاحب وقد روى قوله فإما كرام موسرون لقيتهم فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا |
151 |
بالياء على الإعراب وبالواو على البناء وأما ذات فالفصيح فيها أن تكون مبنية على الضم رفعا ونصبا وجرا مثل ذوات ومنهم من يعربها إعراب مسلمات فيرفعها بالضمة وينصبها ويجرها بالكسرة ومثل ما ذا بعد ما استفهام أو من إذا لم تلغ في الكلام |
152 |
يعني أن ذا اختصت من بين سائر أسماء الإشارة بأنها تستعمل موصولة وتكون مثل ما في أنها تستعمل بلفظ واحد للمذكر والمؤنث مفردا كان أو مثنى أو مجموعا فتقول من ذا عندك و ماذا عندك سواء كان ما عنده مفردا مذكرا أو غيره وشرط استعمالها موصولة أن تكون مسبوقة بما أو من الاستفهاميتين نحو من ذا جاءك وماذا فعلت فمن اسم استفهام وهو مبتدأ وذا موصولة بمعنى الذي وهو خبر من وجاءك صلة الموصول والتقدير من الذي جاءك وكذلك ما مبتدأ وذا موصول بمعنى الذي وهو خبر ما وفعلت صلته والعائد محذوف وتقديره ماذا فعلته أي ما الذي فعلته واحترز بقوله إذا لم تلغ في الكلام من أن تجعل ما مع ذا أو من مع ذا كلمة واحدة للاستفهام نحو ماذا عندك أي أي شيء عندك وكذلك من ذا عندك فماذا مبتدأ وعندك خبره وكذلك من ذا مبتدأ وعندك خبره فذا في هذين الموضعين ملغاة لأنها جزء كلمة لأن المجموع استفهام وكلها يلزم بعده صله على ضمير لائق مشتمله |
153 |
الموصولات كلها حرفية كانت أو اسمية يلزم أن يقع بعدها صلة تبين معناها ويشترط في صلة الموصول الاسمي أن تشتمل على ضمير لائق بالموصول إن كان مفردا فمفرد وإن كان مذكرا فمذكر وإن كان غيرهما فغيرهما نحو جاءني الذي ضربته وكذلك المثنى والمجموع نحو جاءني اللذان ضربتهما والذين ضربتهم وكذلك المؤنث تقول جاءت التي ضربتها واللتان ضربتهما واللاتي ضربتهن وقد يكون الموصول لفظه مفردا مذكرا ومعناه مثنى أو مجموعا أو غيرهما وذلك نحو من وما إذا قصدت بهما غير المفرد المذكر فيجوز حينئذ مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى فتقول أعجبني من قام ومن قامت ومن قاما ومن قامتا ومن قاموا ومن قمن على حسب ما يعنى بهما وجملة أو شبهها الذي وصل به كمن عندي الذي ابنه كفل |
154 |
صلة الموصول لا تكون إلا جملة أو شبه جملة ونعني بشبه الجملة الظرف والجار والمجرور وهذا في غير صلة الألف واللام وسيأتي حكمها ويشترط في الجملة الموصول بها ثلاثة شروط أحدها أن تكون خبرية الثاني كونها خالية من معنى التعجب الثالث كونها غير مفتقرة إلى كلام |
155 |
قبلها واحترز بالخبرية من غيرها وهي الطلبية والإنشائية فلا يجوز جاءني الذي اضربه خلافا للكسائي ولا جاءني الذي ليته قائم خلافا لهشام واحترز بخالية من معنى التعجب من جملة التعجب فلا يجوز جاءني الذي ما أحسنه وإن قلنا إنها خبرية واحترز بغير مفتقرة إلى كلام قبلها من نحو جاءني الذي لكنه قائم فإن هذه الجملة تستدعي سبق جملة أخرى نحو ما قعد زيد لكنه قائم ويشترط في الظرف والجار والمجرور أن يكونا تامين والمعنى بالتام أن يكون في الوصل به فائدة نحو جاء الذي عندك والذي في الدار والعامل فيهما فعل محذوف وجوبا والتقدير جاء الذي استقر عندك أو الذي استقر في الدار فإن لم يكونا تامين لم يجز الوصل بهما فلا تقول جاء الذي بك ولا جاء الذي اليوم وصفة صريحة صلة أل وكونها بمعرب الأفعال قل |
156 |
الألف واللام لا توصل إلا بالصفة الصريحة قال المصنف في بعض كتبه وأعني بالصفة الصريحة اسم الفاعل نحو الضارب واسم المفعول نحو المضروب والصفة المشبهة نحو الحسن الوجه فخرج نحو القرشي والأفضل وفي كون الألف واللام الداخلتين على الصفة المشبهة موصولة خلاف وقد اضطرب اختيار الشيخ أبي الحسن بن عصفور في هذه المسألة فمرة قال إنها موصولة ومرة منع ذلك وقد شذ وصل الألف واللام بالفعل المضارع وإليه أشار بقوله وكونها بمعرب الأفعال قل ومنه قوله |
157 |
ما أنت بالحكم الترضى حكومته ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل |
158 |
وهذا عند جمهور البصريين مخصوص بالشعر وزعم المصنف في غير هذا الكتاب أنه لا يختص به بل يجوز في الاختيار وقد جاء وصلها بالجملة الإسمية وبالظرف شذوذا فمن الأول قوله من القوم الرسول الله منهم لهم دانت رقاب بني معد |
160 |
ومن الثاني قوله من لا يزال شاكرا على المعه فهو حر بعيشة ذات سعه |
161 |
أي كما وأعربت ما لم تضف وصدر وصلها ضمير انحذف يعني أن أيا مثل ما في أنها تكون بلفظ واحد للمذكر والمؤنث مفردا كان أو مثنى أو مجموعا نحو يعجبني أيهم هو قائم ثم إن أيا لها أربعة أحوال أحدها أن تضاف ويذكر صدر صلتها نحو يعجبني أيهم هو قائم الثاني أن لا تضاف ولا يذكر صدر صلتها نحو يعجبني أي قائم الثالث أن لا تضاف ويذكر صدر صلتها نحو يعجبني أي هو قائم وفي هذه الأحوال الثلاثة تكون معربة بالحركات الثلاث نحو يعجبني أيهم هو قائم ورأيت أيهم وهو قائم ومررت بأيهم هو قائم وكذلك أي قائم وأيا قائم وأي قائم وكذا أي هو قائم وأيا هو قائم وأي هوقائم |
162 |
الرابع أن تضاف ويحذف صدر الصلة نحو يعجبني أيهم قائم ففي هذه الحالة تبنى على الضم فتقول يعجبني أيهم قائم ورأيت أيهم قائم ومررت بأيهم قائم وعليه قوله تعالى ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا وقول الشاعر إذا ما لقيت بني مالك فسلم على أيهم أفضل |
163 |
وهذا مستفاد من قوله وأعربت ما لم تضف إلى آخر البيت أي وأعربت أي إذا لم تضف في حالة حذف صدر الصلة فدخل في هذه الأحوال الثلاثة السابقة وهي ما إذا أضيفت وذكر صدر الصلة أو لم تضف ولم يذكر صدر الصلة أو لم تضف وذكر صدر الصلة وخرج الحالة الرابعة وهي ما إذا أضيفت وحذف صدر الصلة فإنها لا تعرب حينئذ وبعضهم أعرب مطلقا وفي ذا الحذف أيا غير أي يقتفي إن يستطل وصل وإن لم يستطل فالحذف نزر وأبوا أن يختزل |
164 |
إن صلح الباقي لوصل مكمل والحذف عندهم كثير منجلي في عائد متصل إن انتصب بفعل أو وصف كمن نرجو يهب يعني أن بعض العرب أعرب أيا مطلقا أي وإن أضيفت وحذف |
165 |
صدر صلتها فيقول يعجبني أيهم قائم ورأيت أيهم قائم ومررت بأيهم قائم وقد قرىء ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد بالنصب وروى فسلم على أيهم أفضل بالجر وأشار بقوله وفي ذا الحذف إلى آخره إلى المواضع التي يحذف فيها العائد على الموصول وهو إما أن يكون مرفوعا أو غيره فإن كان مرفوعا لم يحذف إلا إذا كان مبتدأ وخبره مفرد نحو وهو الذي في السماء إله وأيهم أشد فلا تقول جاءني اللذان قام ولا اللذان ضرب لرفع الأول بالفاعلية والثاني بالنيابة بل يقال قاما وضربا وأما المبتدأ فيحذف مع أى وإن لم تطل الصلة كما تقدم من قولك يعجبني أيهم قائم ونحوه ولا يحذف صدر الصلة مع غير أي إلا إذا طالت الصلة نحو جاء الذي هو ضارب زيدا فيجوز حذف هو فتقول جاء الذي ضارب زيدا ومنه قولهم ما أنا بالذي قائل لك سوءا التقدير بالذي هو قائل لك سوءا فإن لم تطل الصلة فالحذف قليل وأجازه الكوفيون قياسا نحو جاء الذى قائم التقدير جاء الذي هو قائم ومنه قوله تعالى تماما على الذي أحسن في قراءة الرفع والتقدير هو أحسن |
166 |
وقد جوزوا في لاسيما زيد إذا رفع زيد أن تكون ما موصولة وزيد خبرا لمبتدأ محذوف والتقدير لاسي الذي هو زيد فخذف العائد الذي هو المبتدأ وهو قولك هو وجوبا فهذا موضع حذف فيه صدر الصلة مع غير أي وجوبا ولم تطل الصلة وهو مقيس وليس بشاذ |
168 |
وأشار بقوله وأبوا أن يختزل إن صلح الباقي لوصل مكمل إلى أن شرط حذف صدر الصلة أن لا يكون ما بعده صالحا لأن يكون صلة كما إذا وقع بعده جملة نحو جاء الذي هو أبوه منطلق أو هو ينطلق أو ظرف أو جار ومجرور تامان نحو جاء الذي هو عندك أو هو في الدار فإنه لا يجوز في هذه المواضع حذف صدر الصلة فلا تقول جاء الذي أبوه منطلق تعني الذي هو أبوه منطلق لأن الكلام يتم دونه فلا يدرى أحذف منه شيء أم لا وكذا بقية الأمثلة المذكورة ولا فرق في ذلك بين أي وغيرها فلا تقول في يعجبني أيهم هو يقوم يعجبني أيهم يقوم لأنه لا يعلم الحذف ولا يختص هذا الحكم بالضمير إذا كان مبتدأ بل الضابط أنه متى احتمل الكلام الحذف وعدمه لم يجز حذف العائد وذلك كما إذا كان في الصلة ضمير غير ذلك الضمير المحذوف صالح لعوده على الموصول نحو جاء الذي ضربته في داره فلا يجوز حذف الهاء من ضربته فلا تقول جاء الذي ضربت في داره لأنه لا يعلم المحذوف وبهذا يظهر لك ما في كلام المصنف من الإبهام فإنه لم يبين أنه متى صلح ما بعد الضمير لأن يكون صلة لا يحذف سواء أكان الضمير مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا وسواء أكان الموصول أيا أم غيرها بل ربما يشعر ظاهر كلامه بأن الحكم مخصوص بالضمير المرفوع وبغير أي من الموصولات لأن كلامه في ذلك والأمر ليس كذلك بل لا يحذف مع أي ولا مع غيرها متى صلح ما بعدها لأن يكون صلة كما تقدم نحو جاء الذي هو أبوه منطلق ويعجبني أيهم هو أبوه منطلق وكذلك المنصوب والمجرور نحو جاءني الذي ضربته في داره ومررت بالذي مررت به في داره ويعجبني أيهم ضربته في داره ومررت بأيهم مررت به في داره |
169 |
وأشار بقوله والحذف عندهم كثير منجلي إلى آخره إلى العائد المنصوب وشرط جواز حذفه أن يكون متصلا منصوبا بفعل تام أو بوصف نحو جاء الذي ضربته والذي أنا معطيكه درهم فيجوز حذف الهاء من ضربته فتقول جاء الذي ضربت ومنه قوله تعالى ذرني ومن خلقت وحيدا وقوله تعالى أهذا الذي بعث الله رسولا التقدير خلقته وبعثه وكذلك يجوز حذف الهاء من معطيكه فتقول الذي أنا معطيك درهم ومنه قوله ما الله موليك فضل فاحمدنه به فما لدى غيره نفع ولا ضرر تقديره الذي الله موليكه فضل فحذفت الهاء |
171 |
وكلام المصنف يقتضي أنه كثير وليس كذلك بل الكثير حذفه من الفعل المذكور وأما مع الوصف فالحذف منه قليل فإن كان الضمير منفصلا لم يجز الحذف نحو جاء الذي إياه ضربت فلا يجوز حذف إياه وكذلك يمتنع الحذف إن كان متصلا منصوبا بغير فعل أو وصف وهو الحرف نحو جاء الذي إنه منطلق فلا يجوز حذف |
172 |
الهاء وكذلك يمتنع الحذف إذا كان منصوبا متصلا بفعل ناقص نحو جاء الذي كانه زيد كذاك حذف ما بوصف خفضا كأنت قاض بعد أمر من قضى كذا الذي جر بما الموصول جر كمر بالذي مررت فهو بر |
173 |
لما فرغ من الكلام على الضمير المرفوع والمنصوب شرع في الكلام على المجرور وهو إما أن يكون مجرورا بالإضافة أو بالحرف فإن كان مجرورا بالإضافة لم يحذف إلا إذا كان مجرورا بإضافة اسم فاعل بمعنى الحال أو الاستقبال نحو جاء الذي أنا ضاربه الآن أو غدا فتقول جاء الذي أنا ضارب بحذف الهاء وإن كان مجرورا بغير ذلك لم يحذف نحو جاء الذي أنا غلامه أو أنا مضروبه أو أنا ضاربه أمس وأشار بقوله كأنت قاض إلى قوله تعالى فاقض ما أنت قاض التقدير ما أنت قاضيه فحذفت الهاء وكأن المصنف استغنى بالمثال عن أن يقيد الوصف بكونه اسم فاعل بمعنى الحال أو الاستقبال وإن كان مجرورا بحرف فلا يحذف إلا إن دخل على الموصول حرف مثله لفظا ومعنى واتفق العامل فيهما مادة نحو مررت بالذي مررت به أو أنت مار به فيجوز حذف الهاء فتقول مررت بالذي مررت قال الله تعالى ويشرب مما تشربون أي منه وتقول مررت بالذي أنت مار أي به ومنه قوله |
174 |
وقد كنت تخفي حب سمراء حقبة فبح لان منها بالذي أنت بائح أي أنت بائح به |
175 |
فإن اختلف الحرفان لم يجز الحذف نحو مررت بالذي غضبت عليه فلا يجوز حذف عليه وكذلك مررت بالذي مررت به على زيد فلا يجوز حذف به منه لاختلاف معنى الحرفين لأن الباء الداخلة على الموصول للإلصاق والداخلة على الضمير للسببية وإن اختلف العاملان لم يجز الحذف أيضا نحو مررت بالذي فرحت به فلا يجوز حذف به وهذا كله هو المشار إليه بقوله كذا الذي جر بما الموصول جر أي كذلك يحذف الضمير الذي جر بمثل ما جر الموصول به نحو مررت |
176 |
بالذي مررت فهو بر أي الذى مررت به فاستغنى بالمثال عن ذكر بقية الشروط التي سبق ذكرها |
177 |
المعرف بأداة التعريف أل حرف تعريف أو اللام فقط فنمط عرفت قل فيه النمط اختلف النحويون في حرف التعريف في الرجل ونحوه فقال الخليل المعرف هو أل وقال سيبويه هو اللام وحدها فالهمزة عند الخليل همزة قطع وعند سيبويه همزة وصل اجتلبت للنطق بالساكن |
178 |
والألف واللام المعرفة تكون للعهد كقولك لقيت رجلا فأكرمت الرجل وقوله تعالى كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول ولاستغراق الجنس نحو إن الإنسان لفي خسر وعلامتها أن يصلح موضعها كل ولتعريف الحقيقة نحو الرجل خير من المرأة أي هذه الحقيقة خير من هذه الحقيقة والنمط ضرب من البسط والجمع أنماط مثل سبب وأسباب والنمط أيضا الجماعة من الناس الذين أمرهم واحد كذا قاله الجوهري وقد تزاد لازما كاللات والآن والذين ثم اللات ولاضطرار كبنات الأوبر كذا وطبت النفس يا قيس السري |
179 |
ذكر المصنف في هذين البيتين أن الألف واللام تأتي زائدة وهي في زيادتها على قسمين لازمة وغير لازمة ثم مثل الزائدة اللازمة باللات وهو اسم صنم كان بمكة وبالان وهو ظرف زمان مبني على الفتح واختلف في الألف واللام الداخلة عليه |
180 |
فذهب قوم إلى أنها لتعريف الحضور كما في قولك مررت بهذا الرجل لأن قولك الآن بمعنى هذا الوقت وعلى هذا لا تكون زائدة وذهب قوم منهم المصنف إلى أنها زائدة وهو مبني لتضمنه معنى الحرف وهو لام الحضور ومثل أيضا بالذين واللات والمراد بهما ما دخل عليه أل من الموصولات وهو مبني على أن تعريف الموصول بالصلة فتكون الألف واللام زائدة وهو مذهب قوم واختاره المصنف وذهب قوم إلى أن تعريف الموصول بأل إن كانت فيه نحو الذي فإن لم تكن فيه فبنيتها نحو من وما إلا أيا فإنها تتعرف بالإضافة فعلى هذا المذهب لا تكون الألف واللام زائدة وأما حذفها في قراءة من قرأ صراط لذين أنعمت عليهم فلا يدل على أنها زائدة إذ يحتمل أن تكون حذفت شذوذا وإن كانت معرفة كما حذفت من قولهم سلام عليكم من غير تنوين يريدون السلام عليكم وأما الزائدة غير اللازمة فهي الداخلة اضطرارا على العلم كقولهم فى بنات أوبر علم لضرب من الكمأة بنات الأوبر ومنه قوله |
181 |
ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا ولقد نهيتك عن بنات الأوبر |
182 |
والأصل بنات أوبر فزيدت الألف واللام وزعم المبرد أن بنات أوبر ليس بعلم فالألف واللام عنده غير زائدة ومنه الداخلة اضطرارا على التمييز كقوله رأيتك لما أن عرفت وجوهنا صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو |
183 |
والأصل وطبت نفسا فزاد الألف واللام وهذا بناء على أن التمييز لا يكون إلا نكرة وهو مذهب البصريين وذهب الكوفيون إلى جواز كونه معرفة فالألف واللام عندهم غير زائدة وإلى هذين البيتين اللذين أنشدناهما أشار المصنف بقوله كبنات الأوبر وقوله وطبت النفس يا قيس السرى وبعض الاعلام عليه دخلا للمح ما قد كان عنه نقلا |
184 |
كالفضل والحارث والنعمان فذكر ذا وحذفه سيان ذكر المصنف فيما تقدم أن الألف واللام تكون معرفة وتكون زائدة وقد تقدم الكلام عليهما ثم ذكر في هذين البيتين أنها تكون للمح الصفة والمراد بها الداخلة على ما سمي به من الأعلام المنقولة مما يصلح دخول أل عليه كقولك في حسن الحسن وأكثر ما تدخل على المنقول من صفة كقولك في حارث الحارث وقد تدخل على المنقول من مصدر كقولك في فضل الفضل وعلى المنقول من اسم جنس غير مصدر كقولك في نعمان النعمان وهو في الأصل من أسماء الدم فيجوز دخول أل في هذه الثلاثة نظرا إلى الأصل وحذفها نظرا إلى الحال وأشار بقوله للمح ما قد كان عنه نقلا إلى أن فائدة دخول الألف واللام الدلالة على الالتفات إلى ما نقلت عنه من صفة أو ما في معناها |
185 |
وحاصله أنك إذا أردت بالمنقول من صفة ونحوه أنه إنما سمي به تفاؤلا بمعناه أتيت بالألف واللام للدلالة على ذلك كقولك الحارث نظرا إلى أنه إنما سمي به للتفاؤل وهو أنه يعيش ويحرث وكذا كل ما دل على معنى وهو مما يوصف به في الجملة كفضل ونحوه وإن لم تنظر إلى هذا ونظرت إلى كونه علما لم تدخل الألف واللام بل تقول فضل وحارث ونعمان فدخول الألف واللام أفاد معنى لا يستفاد بدونهما فليستا بزائدتين خلافا لمن زعم ذلك وكذلك أيضا ليس حذفهما وإثباتهما على السواء كما هو ظاهر كلام المصنف بل الحذف والإثبات ينزل على الحالتين اللتين سبق ذكرهما وهو أنه إذا لمح الأصل جيء بالألف واللام وإن لم يلمح لم يؤت بهما وقد يصير علما بالغلبه مضاف او مصحوب أل كالعقبه وحذف أل ذى إن تناد أو تضف أوجب وفي غيرهما قد تنحذف |
186 |
من أقسام الألف واللام أنها تكون للغلبة نحو المدينة والكتاب فإن حقهما الصدق على كل مدينة وكل كتاب لكن غلبت المدينة على مدينة الرسول والكتاب على كتاب سيبويه رحمه الله تعالى حتى إنهما إذا أطلقا لم يتبادر إلى الفهم غيرهما وحكم هذه الألف واللام أنها لا تحذف إلا في النداء أو الإضافة نحو يا صعق في الصعق وهذه مدينة رسول الله وقد تحذف في غيرهما شذوذا سمع من كلامهم هذا عيوق طالعا والأصل العيوق وهو اسم نجم وقد يكون العلم بالغلبة أيضا مضافا كابن عمر وابن عباس وابن مسعود |
187 |
فإنه غلب على العبادلة دون غيرهم من أولادهم وإن كان حقه الصدق عليهم لكن غلب على هؤلاء حتى إنه إذا أطلق ابن عمر لا يفهم منه غير عبد الله وكذا ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين وهذه الإضافة لا تفارقه لا في نداء ولا في غيره نحو يا ابن عمر |
188 |
الابتداء مبتدأ زيد وعاذر خبر إن قلت زيد عاذر من اعتذر وأول مبتدأ والثاني فاعل اغنى في أسار ذان وقس وكاستفهام النفي وقد يجوز نحو فائز أولوا الرشد |
189 |
ذكر المصنف أن المبتدأ على قسمين مبتدأ له خبر ومبتدأ له فاعل سد مسد الخبر فمثال الأول زيد عاذر من اعتذر والمراد به ما لم يكن المبتدأ فيه وصفا مشتملا على ما يذكر في القسم الثاني فزيد مبتدأ وعاذر خبره ومن اعتذر مفعول لعاذر ومثال الثاني أسار ذان فالهمزة للاستفهام وسار مبتدأ وذان فاعل سد مسد الخبر ويقاس على هذا ما كان مثله وهو كل وصف اعتمد على استفهام أو نفي نحو أقائم الزيدان وما قائم الزيدان فإن لم يعتمد الوصف لم يكن مبتدأ وهذا مذهب البصريين إلا الأخفش ورفع فاعلا ظاهرا كما مثل أو ضميرا منفصلا نحو أقائم أنتما وتم الكلام به فإن لم يتم به الكلام لم يكن مبتدأ نحو أقائم أبواه زيد فزيد مبتدأ مؤخر وقائم خبر مقدم وأبواه فاعل بقائم ولا يجوز أن يكون قائم مبتدأ لأنه لا يستغني بفاعله حينئذ إذ لا يقال أقائم أبواه فيتم الكلام وكذلك لا يجوز أن يكون الوصف مبتدأ إذا رفع ضميرا مستترا فلا يقال في ما زيد قائم ولا قاعد إن قاعدا مبتدأ والضمير المستتر فيه فاعل أغنى عن الخبر لأنه ليس بمنفصل على أن في المسألة خلافا ولا فرق بين أن يكون الاستفهام بالحرف كما مثل أو بالاسم كقولك كيف جالس |
190 |
العمران وكذلك لا فرق بين أن يكون النفي بالحرف كما مثل أو بالفعل كقولك ليس قائم الزيدان فليس فعل ماض ناقص وقائم اسمه والزيدان فاعل سد مسد خبر ليس وتقول غير قائم الزيدان فغير مبتدأ وقائم مخفوض بالإضافة والزيدان فاعل بقائم سد مسد خبر غير لأن المعنى ما قائم الزيدان فعومل غير قائم معاملة ما قائم ومنه قوله غير لاه عداك فاطرح اللهو ولا تغترر بعارض سلم |
191 |
فغير مبتدأ ولاه مخفوض بالإضافة وعداك فاعل بلاه سد مسد خبر غير ومثله قوله غير مأسوف على زمن ينقضي بالهم والحزن |
192 |
فغير مبتدأ ومأسوف مخفوض بالإضافة وعلى زمن جار ومجرور فى موضع رفع بمأسوف لنيابتة مناب الفاعل وقد سد مسد خبر غير وقد سأل أبو الفتح بن جنى ولده عن إعراب هذا البيت فارتبك في إعرابه ومذهب البصريين إلا الأخفش أن هذا الوصف لا يكون مبتدأ إلا إذا اعتمد على نفي أو استفهام وذهب الأخفش والكوفيون إلى عدم اشتراط |
193 |
ذلك فأجازوا قائم الزيدان فقائم مبتدأ والزيدان فاعل سد مسد الخبر |
194 |
وإلى هذا أشار المصنف بقوله وقد يجوز نحو فائز أولو الرشد أي وقد يجوز استعمال هذا الوصف مبتدأ من غير أن يسبقه نفي أو استفهام وزعم المصنف أن سيبويه يجيز ذلك على ضعف ومما ورد منه قوله فخير نحن عند الناس منكم إذا الداعي المثوب قال يالا |
195 |
فخير مبتدأ ونحن فاعل سد مسد الخبر ولم يسبق خير نفي ولا استفهام وجعل من هذا قوله حبير بنو لهب فلا تك ملغيا مقالة لهبي إذا الطير مرت فخبير مبتدأ وبنو لهب فاعل سد مسد الخبر |
196 |
والثان مبتدأ وذا الوصف خبر إن في سوى الإفراد طبقا استقر |
197 |
الوصف مع الفاعل إما أن يتطابقا إفرادا أو تثنية أو جمعا أو لايتطابقا وهو قسمان ممنوع وجائز فإن تطابقا إفرادا نحو أقائم زيد جاز فيه وجهان أحدهما أن |
198 |
يكون الوصف مبتدأ وما بعده فاعل سد مسد الخبر والثاني أن يكون ما بعده مبتدأ مؤخرا ويكون الوصف خبرا مقدما ومنه قوله تعالى أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم فيجوز أن يكون أراغب مبتدأ وأنت فاعل سد مسد الخبر ويحتمل أن يكون أنت مبتدأ مؤخرا وأراغب خبرا مقدما والأول في هذه الآية أولى لأن قوله عن آلهتي معمول لراغب فلا يلزم في الوجه الأول الفصل بين العامل والمعمول بأجنبي لأن أنت على هذا التقدير فاعل لراغب فليس بأجنبي منه وأما على الوجه الثاني فيلزم فيه الفصل بين العامل والمعمول بأجنبي لأن أنت أجنبي من راغب على هذا التقدير لأنه مبتدأ فليس لراغب عمل فيه لأنه خبر والخبر لا يعمل في المبتدأ على الصحيح وإن تطابقا تثنية نحو أقائمان الزيدان أو جمعا نحو أقائمون الزيدون فما بعد الوصف مبتدأ والوصف خبر مقدم وهذا معنى قول المصنف والثان مبتدا وذا الوصف خبر إلى آخر البيت أي والثاني وهو ما بعد الوصف مبتدأ والوصف خبر عنه مقدم عليه إن تطابقا في غير الإفراد وهو التثنية والجمع |
199 |
هذا على المشهور من لغة العرب ويجوز على لغة أكلوني البراغيث أن يكون الوصف مبتدأ وما بعده فاعل أغنى عن الخبر وإن لم يتطابقا وهو قسمان ممتنع وجائز كما تقدم فمثال الممتنع أقائمان زيد وأقائمون زيد فهذا التركيب غير صحيح ومثال الجائز أقائم الزيدان وأقائم الزيدون وحينئذ يتعين أن يكون الوصف مبتدأ وما بعده فاعل سد مسد الخبر |
200 |
ورفعوا مبتدأ بالابتدا كذاك رفع خبر بالمبتدا مذهب سيبويه وجمهور البصريين أن المبتدأ مرفوع بالابتداء وأن الخبر مرفوع بالمبتدأ |
201 |
فالعامل في المبتدأ معنوي وهو كون الاسم مجردا عن العوامل اللفظية غير الزائدة وما أشبهها واحترز بغير الزائدة من مثل بحسبك درهم فبحسبك مبتدأ وهو مجرد عن العومل اللفظية غير الزائدة ولم يتجرد عن الزائدة فإن الباء الداخلة عليه زائدة واحترز بشبهها من مثل رب رجل قائم فرجل مبتدأ وقائم خبره ويدل على ذلك رفع المعطوف عليه نحو رب رجل قائم وامرأة والعامل في الخبر لفظي وهو المبتدأ وهذا هو مذهب سيبويه رحمه الله وذهب قوم إلى أن العامل في المبتدأ والخبر الابتداء فالعامل فيهما معنوي وقيل المبتدأ مرفوع بالابتداء والخبر مرفوع بالابتداء والمبتدإ وقيل ترافعا ومعناه أن الخبر رفع المبتدأ وأن المبتدأ رفع الخبر وأعدل هذه المذاهب مذهب سيبويه وهو الأول وهذا الخلاف مما لا طائل فيه والخبر الجزء المتم الفائده كالله بر والأيادي شاهده عرف المصنف الخبر بأنه الجزء المكمل للفائدة ويرد عليه الفاعل نحو قام زيد فإنه يصدق على زيد أنه الجزء المتم للفائدة وقيل في تعريفه إنه الجزء المنتظم منه مع المبتدأ جملة ولا يرد الفاعل على هذا التعريف لأنه لا ينتظم منه مع المبتدأ |
202 |
جملة بل ينتظم منه مع الفعل جملة وخلاصة هذا أنه عرف الخبر بما يوجد فيه وفي غيره والتعريف ينبغي أن يكون مختصا بالمعرف دون غيره ومفردا يأتي ويأتي جمله حاوية معنى الذي سيقت له وإن تكن إياه معنى اكتفى بها كنطقي الله حسبي وكفى ينقسم الخبر إلى مفرد وجملة وسيأتي الكلام على المفرد فأما الجملة فإما أن تكون هي المبتدأ في المعنى أو لا |
203 |
فإن لم تكن هي المبتدأ في المعنى فلا بد فيها من رابط يربطها بالمبتدأ وهذا معنى قوله حاوية معنى الذي سيقت له والرابط إما ضمير يرجع إلى المبتدأ نحو زيد قام أبوه وقد يكون الضمير مقدرا نحو السمن منوان بدرهم التقدير منوان منه بدرهم أو إشارة إلى المبتدأ |
204 |
كقوله تعالى ولباس التقوى ذلك خير في قراءة من رفع اللباس أو تكرار المبتدأ بلفظه وأكثر ما يكون في مواضع التفخيم كقوله تعالى الحاقة ما الحاقة و القارعة ما القارعة وقد يستعمل في غيرها كقولك زيد ما زيد أو عموم يدخل تحته المبتدأ نحو زيد نعم الرجل وإن كانت الجملة الواقعة خبرا هي المبتدأ في المعنى لم تحتج إلى رابط وهذا معنى قوله وإن تكن إلى آخر البيت أى وإن تكن الجملة إياه أي المبتدأ في المعنى اكتفى بها عن الرابط كقوله نطقي الله حسبي فنطقي مبتدأ أول والاسم الكريم مبتدأ ثان وحسبي خبر عن المبتدإ الثاني والمبتدأ الثاني وخبره خبر عن المبتدإ الأول واستغنى عن الرابط لأن قولك الله حسبي هو معنى نطقي وكذلك قولي لا إله إلا الله |
205 |
والمفرد الجامد فارغ وإن يشتق فهو ذو ضمير مستكن تقدم الكلام في الخبر إذا كان جملة وأما المفرد فإما أن يكون جامدا أو مشتقا فإن كان جامدا فذكر المصنف أنه يكون فارغا من الضمير نحو زيد أخوك وذهب الكسائي والرماني وجماعة إلى أنه يتحمل الضمير والتقدير عندهم زيد أخوك هو وأما البصريون فقالوا إما أن يكون الجامد متضمنا معنى المشتق أولا فإن تضمن معناه نحو زيد أسد أي شجاع تحمل الضمير وإن لم يتضمن معناه لم يتحمل الضمير كما مثل وإن كان مشتقا فذكر المصنف أنه يتحمل الضمير نحو زيد قائم أي هو هذا إذا لم يرفع ظاهرا |
206 |
وهذا الحكم إنما هو للمشتق الجاري مجرى الفعل كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل فأما ما ليس جاريا مجرى الفعل من المشتقات فلا يتحمل ضميرا وذلك كأسماء الآلة نحو مفتاح فإنه مشتق من الفتح ولا يتحمل ضميرا فإذا قلت هذا مفتاح لم يكن فيه ضمير وكذلك ما كان على صيغة مفعل وقصد به الزمان أو المكان كمرمى فإنه مشتق من الرمي ولا يتحمل ضميرا فإذا قلت هذا مرمى زيد تريد مكان رميه أو زمان رميه كان الخبر مشتقا ولا ضمير فيه وإنما يتحمل المشتق الجاري مجرى الفعل الضمير إذا لم يرفع ظاهرا فإن رفعه لم يتحمل ضميرا وذلك نحو زيد قائم غلاماه فغلاماه مرفوع بقائم فلا يتحمل ضميرا وحاصل ما ذكر أن الجامد يتحمل الضمير مطلقا عند الكوفيين ولا يتحمل ضميرا عند البصريين إلا إن أول بمشتق وأن المشتق إنما يتحمل الضمير إذا لم يرفع ظاهرا وكان جاريا مجرى الفعل نحو زيد منطلق أي هو فإن لم يكن جاريا مجرى الفعل لم يتحمل شيئا نحو هذا مفتاح وهذا مرمى زيد وأبرزنه مطلقا حيث تلا ما ليس معناه له محصلا |
207 |
إذا جرى الخبر المشتق على من هو له استتر الضمير فيه نحو زيد قائم أي هو فلو أتيت بعد المشتق بهو ونحوه وأبرزته فقلت زيد قائم هو فقد جوز سيبويه فيه وجهين أحدهما أن يكون هو تأكيدا للضمير المستتر في قائم والثاني أن يكون فاعلا بقائم هذا إذا جرى على من هو له فإن جرى على غير من هو له وهو المراد بهذا البيت وجب إبراز الضمير سواء أمن اللبس أو لم يؤمن فمثال ما أمن فيه اللبس زيد هند ضاربها هو ومثال ما لم يؤمن فيه اللبس لولا الضمير زيد عمرو ضاربه هو فيجب إبراز الضمير في الموضعين عند البصريين وهذا معنى قوله وأبرزنه مطلقا أي سواء أمن اللبس أو لم يؤمن وأما الكوفيون فقالوا إن أمن اللبس جاز الأمران كالمثال الأول وهو |
208 |
زيد هند ضاربها هو فإن شئت أتيت بهو وإن شئت لم تأت به وإن خيف اللبس وجب الإبراز كالمثال الثاني فإنك لو لم تأت بالضمير فقلت زيد عمرو ضاربه لاحتمل أن يكون فاعل الضرب زيدا وأن يكون عمرا فلما أتيت بالضمير فقلت زيد عمرو ضاربه هو تعين أن يكون زيد هو الفاعل واختار المصنف في هذا الكتاب مذهب البصريين ولهذا قال وأبرزنه مطلقا يعني سواء خيف اللبس أو لم يخف واختار في غير هذا الكتاب مذهب الكوفيين وقد ورد السماع بمذهبهم فمن هذا قول الشاعر قومي ذرا المجد بانوها وقد علمت بكنه ذلك عدنان وقحطان التقدير بانوها هم فحذف الضمير لأمن اللبس |
209 |
وأخبروا بظرف أو بحرف جر ناوين معنى كائن أو استقر |
210 |
تقدم أن الخبر يكون مفردا ويكون جملة وذكر المصنف في هذا البيت أنه يكون ظرفا أو جارا ومجرورا نحو زيد عندك وزيد في الدار فكل منهما متعلق بمحذوف واجب الحذف وأجاز قوم منهم |
211 |
المصنف أن يكون ذلك المحذوف اسما أو فعلا نحو كائن أو استقر فإن قدرت كائنا كان من قبيل الخبر بالمفرد وإن قدرت استقر كان من قبيل الخبر بالجملة واختلف النحويون في هذا فذهب الأخفش إلى أنه من قبيل الخبر بالمفرد وأن كلا منهما متعلق بمحذوف وذلك المحذوف اسم فاعل التقدير زيد كائن عندك أو مستقر عندك أ في الدار وقد نسب هذا لسيبويه وقيل إنهما من قبيل الجملة وإن كلا منهما متعلق بمحذوف هو فعل والتقدير زيد استقر أو يستقر عندك أو في الدار ونسب هذا إلى جمهور البصريين وإلى سيبويه أيضا وقيل يجوز أن يجعلا من قبيل المفرد فيكون المقدر مستقرا ونحوه وأن يجعلا من قبيل الجملة فيكون التقدير استقر ونحوه وهذا ظاهر قول المصنف ناوين معنى كائن أو استقر وذهب أبو بكر بن السراج إلى أن كلا من الظرف والمجرور قسم برأسه وليس من قبيل المفرد ولا من قبيل الجملة نقل عن هذا المذهب تلميذه أبو علي الفارسي في الشيرازيات والحق خلاف هذا المذهب وأنه متعلق بمحذوف وذلك المحذوف واجب الحذف وقد صرح به شذوذا كقوله لك العز إن مولاك عز وإن يهن فأنت لدى بحبوحة الهون كائن |
213 |
وكما يجب حذف عامل الظرف والجار والمجرور إذا وقعا خبرا كذلك يجب حذفه إذا وقعا صفة نحو مررت برجل عندك أو في الدار أو حالا نحو مررت بزيد عندك أو في الدار أو صلة نحو جاء الذي عندك أو في الدار لكن يجب فى الصلة أن يكون المحذوف فعلا والتقدير جاء الذي استقر عندك أو في الدار وأما الصفه والحال فحكمهما حكم الخبر كما تقدم ولا يكون اسم زمان خبرا عن جثة وإن يفد فأخبرا |
214 |
ظرف المكان يقع خبرا عن الجثة نحو زيد عندك وعن المعنى نحو القتال عندك وأما ظرف الزمان فيقع خبرا عن المعنى منصوبا أو مجرورا بفي نحو القتال يوم الجمعة أو في يوم الجمعة ولا يقع خبرا عن الجثة قال المصنف إلا إذا أفاد نحو الليلة الهلال والرطب شهري ربيع فإن لم يفد لم يقع خبرا عن الجثة نحو زيد اليوم وإلى هذا ذهب قوم منهم المصنف وذهب غير هؤلاء إلى المنع مطلقا فإن جاء شيء من ذلك يؤول نحو قولهم الليلة الهلال والرطب شهري ربيع التقدير طلوع الهلال الليلة ووجود الرطب شهري ربيع هذا مذهب جمهور البصريين وذهب قوم منهم المصنف إلى جواز ذلك من غير شذوذ لكن بشرط أن يفيد كقولك نحن في يوم طيب وفي شهر كذا |
215 |
وإلى هذا أشار بقوله وإن يفد فأخبرا فإن لم يفد امتنع نحو زيد يوم الجمعة ولا يجوز الابتدا بالنكرة ما لم تفد كعند زيد نمره وهل فتى فيكم فما خل لنا ورجل من الكرام عندنا |
216 |
ورغبة في الخير خير وعمل بر يزين وليقس ما لم يقل الأصل في المبتدأ أن يكون معرفة وقد يكون نكرة لكن بشرط أن تفيد وتحصل الفائدة بأحد أمور ذكر المصنف منها ستة أحدها أن يتقدم الخبر عليها وهو ظرف أو جار ومجرور نحو في |
217 |
الدار رجل وعند زيد نمرة فإن تقدم وهو غير ظرف ولا جار ومجرور لم يجز نحو قائم رجل الثاني أن يتقدم على النكرة استفهام نحو هل فتى فيكم الثالث أن يتقدم عليها نفي نحو ما خل لنا |
218 |
الرابع أن توصف نحو رجل من الكرام عندنا الخامس أن تكون عاملة نحو رغبة في الخير خير السادس أن تكون مضافة نحو عمل بر يزين هذا ما ذكره المصنف في هذا الكتاب وقد أنهاها غير المصنف إلى نيف وثلاثين موضعا وأكثر من ذلك فذكر هذه الستة المذكورة |
219 |
والسابع أن تكون شرطا نحو من يقم أقم معه الثامن أن تكون جوابا نحو أن يقال من عندك فتقول رجل التقدير رجل عندي التاسع أن تكون عامة نحو كل يموت العاشر أن يقصد بها التنويع كقوله فأقبلت زحفا على الركبتين فثوب لبست وثوب أجر فقوله ثوب مبتدأ ولبست خبره وكذلك ثوب أجر |
220 |
الحادي عشر أن تكون دعاء نحو سلام على آل ياسين الثاني عشر أن يكون فيها معنى التعجب نحو ما أحسن زيدا |
221 |
الثالث عشر أن تكون خلفا من موصوف نحو مؤمن خير من كافر الرابع عشر أن تكون مصغرة نحو رجيل عندنا لأن التصغير فيه فائدة معنى الوصف تقديره رجل حقير عندنا الخامس عشر أن تكون في معنى المحصور نحو شر أهر ذا ناب وشيء جاء بك التقدير ما أهر ذا ناب إلا شر وما جاء بك إلا شيء على أحد القولين والقول الثاني أن التقدير شر عظيم أهر ذا ناب وشيء عظيم جاء بك فيكون داخلا في قسم ما جاز الابتداء به لكونه موصوفا لأن الوصف أعم من أن يكون ظاهرا أو مقدرا وهو ها هنا مقدر السادس عشر أن يقع قبلها واو الحال كقوله سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا محياك أخفى ضوؤه كل شارق |
222 |
السابع عشر أن تكون معطوفة على معرفة نحو زيد ورجل قائمان الثامن عشر أن تكون معطوفة على وصف نحو تميمي ورجل في الدار التاسع عشر أن يعطف عليها موصوف نحو رجل وامرأة طويلة في الدار العشرون أن تكون مبهمة كقول امرىء القيس مرسعة بين أرساغه به عسم يبتغي أرنبا |
224 |
الحادي والعشرون أن تقع بعد لولا كقوله لولا اصطبار لأودى كل ذي مقة لما استقلت مطاياهن للظعن |
225 |
الثاني والعشرون أن تقع بعد فاء الجزاء كقولهم إن ذهب عير فعير في الرباط الثالث والعشرون أن تدخل على النكرة لام الابتداء نحو لرجل قائم |
226 |
الرابع والعشرون أن تكون بعد كم الخبرية نحو قوله كم عمة لك يا جرير وخالة فدعاء قد حلبت علي عشاري |
227 |
وقد أنهى بعض المتأخرين ذلك إلى نيف وثلاثين موضعا وما لم أذكره منها اسقطته لرجوعه إلى ما ذكرته أو لأنه ليس بصحيح والأصل في الأخبار أن تؤخرا وجوزوا التقديم إذ لا ضررا الأصل تقديم المبتدأ وتأخير الخبر وذلك لأن الخبر وصف في المعنى للمبتدأ فاستحق التأخير كالوصف ويجوز تقديمه إذا لم يحصل بذلك لبس أو نحوه على ما سيبين فتقول قائم زيد وقائم أبوه زيد وأبوه منطلق زيد وفى الدار زيد وعندك عمرو وقد وقع في كلام بعضهم أن |
228 |
مذهب الكوفيين منع تقدم الخبر الجائز التأخير عند البصريين وفيه نظر فإن بعضهم نقل الإجماع من البصريين والكوفيين على جواز في داره زيد فنقل المنع عن الكوفيين مطلقا ليس بصحيح هكذا قال بعضهم وفيه بحث نعم منع الكوفيون التقديم في مثل زيد قائم وزيد قام أبوه |
229 |
وزيد أبوه منطلق والحق الجواز إذ لا مانع من ذلك وإليه أشار بقوله وجوزوا التقديم إذ لا ضررا فتقول قائم زيد ومنه قولهم مشنوء من يشنؤك فمن مبتدأ ومشنوء خبر مقدم وقام أبوه زيد ومنه قوله قد ثكلت أمه من كنت واحده وبات منتشبا في برثن الأسد فمن كنت واحده مبتدأ مؤخر وقد ثكلت أمه خبر مقدم وأبوه منطلق زيد ومنه قوله |
230 |
إلى ملك ما أمه من محارب أبوه ولا كانت كليب تصاهره فأبوه مبتدأ مؤخر وهو ما أمه من محارب خبر مقدم |
231 |
ونقل الشريف أبو السعادات هبة الله بن الشجري الإجماع من البصريين والكوفيين على جواز تقديم الخبر إذا كان جملة وليس بصحيح وقد قدمنا نقل الخلاف في ذلك عن الكوفيين فامنعه حين يستوي الجزآن عرفا ونكرا عادمي بيان كذا إذا ما الفعل كان الخبرا أو قصد استعماله منحصرا |
232 |
أو كان مسندا لذي لام ابتدا أو لازم الصدر كمن لي منجدا ينقسم الخبر بالنظر إلى تقديمه على المبتدأ أو تأخيره عنه ثلاثة أقسام قسم يجوز فيه التقديم والتأخير وقد سبق ذكره وقسم يجب فيه تأخير الخبر وقسم يجب فيه تقديم الخبر فأشار بهذه الأبيات إلى الخبر الواجب التأخير فذكر منه خمسة مواضع الأول أن يكون كل من المبتدأ والخبر معرفة أو نكرة صالحة لجعلها مبتدأ ولا مبين للمبتدأ من الخبر نحو زيد أخوك وأفضل من زيد أفضل من عمرو ولا يجوز تقديم الخبر في هذا ونحوه لأنك لو قدمته فقلت أخوك زيد وأفضل من عمرو أفضل من زيد لكان المقدم مبتدأ وأنت |
233 |
تريد أن يكون خبرا من غير دليل يدل عليه فإن وجد دليل يدل على أن المتقدم خبر جاز كقولك أبو يوسف أبو حنيفة فيجوز تقدم الخبر وهو أبو حنيفة لأنه معلوم أن المراد تشبيه أبي يوسف بأبي حنيفة ولا تشبيه أبي حنيفة بأبي يوسف ومنه قوله بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد |
234 |
فقوله بنونا خبر مقدم وبنو أبنائنا مبتدأ مؤخر لأن المراد الحكم على بني أبنائهم بأنهم كبنيهم وليس المراد الحكم على بنيهم بأنهم كبني أبنائهم والثاني أن يكون الخبر فعلا رافعا لضمير المبتدأ مستترا نحو زيد قام فقام وفاعله المقدر خبر عن زيد ولا يجوز التقديم فلا يقال قام زيد على أن يكون زيد مبتدأ مؤخرا والفعل خبرا مقدما بل يكون زيد فاعلا لقام فلا يكون من باب المبتدأ والخبر بل من باب الفعل والفاعل فلو كان الفعل رافعا لظاهر نحو زيد قام أبوه جاز التقديم فتقول |
235 |
قام أبوه زيد وقد تقدم ذكر الخلاف في ذلك وكذلك يجوز التقديم إذا رفع الفعل ضميرا بارزا نحو الزيدان قاما فيجوز أن تقدم الخبر فتقول قاما الزيدان ويكون الزيدان مبتدأ مؤخرا وقاما خبرا مقدما ومنع ذلك قوم وإذا عرفت هذا فقول المصنف كذا إذا ما الفعل كان الخبر يقتضي وجوب تأخير الخبر الفعلي مطلقا وليس كذلك بل إنما يجب تأخيره إذا رفع ضميرا للمبتدأ مستترا كما تقدم الثالث أن يكون الخبر محصورا بإنما نحو إنما زيد قائم أو بإلا نحو ما زيد إلا قائم وهو المراد بقوله أو قصد استعماله منحصرا فلا يجوز تقديم قائم على زيد في المثالين وقد جاء التقديم مع إلا شذوذا كقول الشاعر فيارب هل إلا بك النصر يرتجى عليهم وهل إلا عليك المعول |
236 |
الأصل وهل المعول إلا عليك فقدم الخبر الرابع أن يكون خبرا لمبتدإ قد دخلت عليه لام الابتداء نحو لزيد قائم وهو المشار إليه بقوله أو كان مسندا لذي لام ابتدا فلا يجوز تقديم الخبر على اللام |
237 |
فلا تقول قائم لزيد لأن لام الابتداء لها صدر الكلام وقد جاء التقديم شذوذا كقول الشاعر خالي لأنت ومن جرير خاله ينل العلاء ويكرم الأخوالا فلأنت مبتدأ مؤخر وخالي خبر مقدم |
238 |
الخامس أن يكون المبتدأ له صدر الكلام كأسماء الاستفهام نحو من لي منجدا فمن مبتدأ ولي خبر ومنجدا حال ولا يجوز تقديم الخبر على من فلا تقول لي من منجدا |
239 |
ونحو عندى درهم ولي وطر ملتزم فيه تقدم الخبر كذا إذا عاد عليه مضمر مما به عنه مبينا يخبر كذا إذا يستوجب التصديرا كأين من علمته نصيرا |
240 |
وخبر المحصور قدم أبدا كما لنا إلا اتباع أحمدا أشار في هذه الأبيات إلى القسم الثالث وهو وجوب تقديم الخبر فذكر أنه يجب في أربعة مواضع الأول أن يكون المبتدأ نكرة ليس لها مسوغ إلا تقدم الخبر والخبر ظرف أو جار ومجرور نحو عندك رجل وفي الدار امرأة فيجب تقديم الخبر هنا فلا تقول رجل عندك ولا امرأة في الدار وأجمع النحاة والعرب على منع ذلك وإلى هذا أشار بقوله ونحو عندي درهم ولي وطر البيت فإن كان للنكرة مسوغ جاز الأمران نحو رجل ظريف عندي وعندي رجل ظريف الثاني أن يشتمل المبتدأ على ضمير يعود على شيء في الخبر نحو في الدار صاحبها فصاحبها مبتدأ والضمير المتصل به راجع إلى الدار وهو جزء من الخبر فلا يجوز تأخير الخبر نحو صاحبها في الدار لئلا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة وهذا مراد المصنف بقوله كذا إذا عاد عليه مضمر البيت أي كذا يجب تقديم الخبر إذا عاد عليه مضمر مما يخبر بالخبر عنه وهو المبتدأ فكأنه قال يجب تقديم الخبر إذا عاد عليه ضمير من المبتدأ وهذه عبارة ابن عصفور في بعض كتبه وليست بصحيحة لأن الضمير في قولك في الدار |
241 |
صاحبها إنما هو عائد على جزء من الخبر لا على الخبر فينبغي أن تقدر مضافا محذوفا في قول المصنف عاد عليه التقدير كذا إذا عاد على ملابسه ثم حذف المضاف الذي هو ملابس وأقيم المضاف إليه وهو الهاء مقامه فصار اللفظ كذا إذا عاد عليه ومثل قولك في الدار صاحبها قولهم على التمرة مثلها زبدا وقوله أهابك إجلالا وما بك قدرة علي ولكن ملء عين حبيبها |
242 |
فحبيبها مبتدأ مؤخر وملء عين خبر مقدم ولا يجوز تأخيره لأن الضمير المتصل بالمبتدأ وهو ها عائد على عين وهو متصل بالخبر فلو قلت حبيبها ملء عين عاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة وقد جرى الخلاف في جواز ضرب غلامه زيدا مع أن الضمير فيه عائد على متأخر لفظا ورتبة ولم يجر خلاف فيما أعلم في منع صاحبها في الدار فما الفرق بينهما وهو ظاهر فليتأمل والفرق بينهما أن ما عاد عليه الضمير وما اتصل به الضمير اشتركا في العامل في مسألة ضرب غلامه زيدا بخلاف مسألة في الدار صاحبها فإن العامل فيما اتصل به الضمير وما عاد عليه الضمير مختلف |
243 |
الثالث أن يكون الخبر له صدر الكلام وهو المراد بقوله كذا إذا يستوجب التصديرا نحو أين زيد فزيد مبتدأ مؤخر وأين خبر مقدم ولا يؤخر فلا تقول زيد أين لأن الاستفهام له صدر الكلام وكذلك أين من علمته نصيرا فأين خبر مقدم ومن مبتدأ مؤخر وعلمته نصيرا صلة من الرابع أن يكون المبتدأ محصورا نحو إنما في الدار زيد وما في الدار إلا زيد ومثله ما لنا إلا اتباع أحمد وحذف ما يعلم جائز كما تقول زيد بعد من عندكما |
244 |
وفى جواب كيف زيد قل دنف فزيد استغنى عنه إذ عرف يحذف كل من المبتدأ والخبر إذا دل عليه دليل جوازا أو وجوبا فذكر في هذين البيتين الحذف جوازا فمثال حذف الخبر أن يقال من عندكما فتقول زيد التقدير زيد عندنا ومثله في رأي خرجت فإذا السبع التقدير فإذا السبع حاضر قال الشاعر نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف التقدير نحن بما عندنا راضون |
246 |
ومثال حذف المبتدأ أن يقال كيف زيد فتقول صحيح أي هو صحيح وإن شئت صرحت بكل واحد منهما فقلت زيد عندنا وهو صحيح ومثله قوله تعالى من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها أي من عمل صالحا فعمله لنفسه ومن أساء فإساءته عليها قيل وقد يحذف الجزآن أعني المبتدأ والخبر للدلالة عليهما كقوله تعالى واللائى يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن أى فعدتهن ثلاثة أشهر فحذف المبتدأ والخبر وهو فعدتهن ثلاثة أشهر لدلالة ما قبله عليه وإنما حذفا لوقوعهما موقع مفرد والظاهر أن المحذوف مفرد والتقدير واللائي لم يحضن كذلك وقوله واللائي لم يحضن معطوف على واللائي يئسن والأولى أن يمثل بنحو قولك نعم في جواب أزيد قائم إذ التقدير نعم زيد قائم وبعد لولا غالبا حذف الخبر حتم وفي نص يمين ذا استقر |
247 |
وبعد واو عينت مفهوم مع كمثل كل صانع وما صنع وقبل حال لا يكون خبرا عن الذي خبره قد أضمرا كضربي العبد مسيئا وأتم تبينى الحق منوطا بالحكم |
248 |
حاصل ما في هذه الأبيات أن الخبر يجب حذفه في أربعة مواضع الأول أن يكون خبرا لمبتدأ بعد لولا نحو لولا زيد لأتيتك التقدير لولا زيد موجود لأتيتك واحترز بقوله غالبا عما ورد ذكره فيه شذوذا كقوله لولا أبوك ولولا قبله عمر ألقت إليك معد بالمقاليد فعمر مبتدأ وقبله خبر |
250 |
وهذا الذي ذكره المصنف في هذا الكتاب من أن الحذف بعد لولا واجب إلا قليلا هو طريقة لبعض النحويين والطريقة الثانية أن الحذف واجب دائما وأن ما ورد من ذلك بغير حذف فى الظاهر مؤول والطريقة الثالثة أن الخبر إما أن يكون كونا مطلقا أو كونا مقيدا فإن كان كونا مطلقا وجب حذفه نحو لولا زيد لكان كذا أي لولا زيد موجود وإن كان كونا مقيدا فإما أن يدل عليه دليل أولا فإن لم يدل عليه دليل وجب ذكره نحو لولا زيد محسن إلى ما أتيت وإن دل عليه دليل جاز إثباته وحذفه نحو أن يقال هل زيد محسن إليك فتقول لولا زيد لهلكت أي لولا زيد محسن إلي فإن شئت حذفت الخبر وإن شئت أثبته ومنه قول أبي العلاء المعري |
251 |
يذيب الرعب منه كل عضب فلولا الغمد يمسكه لسالا |
252 |
وقد اختار المصنف هذه الطريقة في غير هذا الكتاب الموضع الثاني أن يكون المبتدأ نصا في اليمين نحو لعمرك لأفعلن التقدير لعمرك قسمي فعمرك مبتدأ وقسمي خبره ولا يجوز التصريح به قيل ومثله يمين الله لأفعلن التقدير يمين الله قسمي وهذا لا يتعين أن يكون المحذوف فيه خبرا لجواز كونه مبتدأ والتقدير قسمي يمين |
253 |
الله بخلاف لعمرك فإن المحذوف معه يتعين أن يكون خبرا لأن لام الابتداء قد دخلت عليه وحقها الدخول على المبتدأ فإن لم يكن المبتدأ نصا في اليمين لم يجب حذف الخبر نحو عهد الله لأفعلن التقدير عهد الله علي فعهد الله مبتدأ وعلي خبره ولك إثباته وحذفه الموضع الثالث أن يقع بعد المبتدأ واو هي نص في المعية نحو كل رجل وضيعته فكل مبتدأ وقوله وضيعته معطوف على كل والخبر محذوف والتقدير كل رجل وضيعته مقترنان ويقدر الخبر بعد واو المعية وقيل لا يحتاج إلى تقدير الخبر لأن معنى كل رجل وضيعته كل رجل مع ضيعته وهذا كلام تام لا يحتاج إلى تقدير خبر واختار هذا المذهب ابن عصفور في شرح الإيضاح فإن لم تكن الواو نصا في المعية لم يحذف الخبر وجوبا نحو زيد وعمرو قائمان الموضع الرابع أن يكون المبتدأ مصدرا وبعده حال سدت مسد الخبر وهي لا تصلح أن تكون خبرا فيحذف الخبر وجوبا لسد الحال مسده وذلك نحو ضربي العبد مسيئا فضربي مبتدأ والعبد معمول |
254 |
له ومسيئا حال سدت مسد الخبر والخبر محذوف وجوبا والتقدير ضربي العبد إذا كان مسيئا إذا أردت الاستقبال وإن أردت المضي فالتقدير ضربي العبد إذ كان مسيئا فمسيئا حال من الضمير المستتر في كان المفسر بالعبد وإذا كان أو إذ كان ظرف زمان نائب عن الخبر ونبه المصنف بقوله وقبل حال على أن الخبر المحذوف مقدر قبل الحال التي سدت مسد الخبر كما تقدم تقريره واحترز بقوله لا يكون خبرا عن الحال التي تصلح أن تكون خبرا عن المبتدأ المذكور نحو ما حكى الأخفش رحمه الله من قولهم زيد قائما فزيد مبتدأ والخبر محذوف والتقدير ثبت قائما وهذه الحال تصلح أن تكون خبرا فتقول زيد قائم فلا يكون الخبر واجب الحذف بخلاف ضربي العبد مسيئا فإن الحال فيه لا تصلح أن تكون خبرا عن المبتدأ الذي قبلها فلا تقول ضربي العبد مسيء لأن الضرب لا يوصف بأنه مسىء والمضاف إلى هذا المصدر حكمه كحكم المصدر نحو أتم تبييني الحق منوطا بالحكم فأتم مبتدأ وتبييني مضاف إليه والحق مفعول لتبييني ومنوطا حال سدت مسد خبر أتم والتقدير أتم تبييني الحق إذا كان أو إذ كان منوطا بالحكم ولم يذكر المصنف المواضع التي يحذف فيها المبتدأ وجوبا وقد عدها في غير هذا الكتاب أربعة |
255 |
الأول النعت المقطوع إلى الرفع في مدح نحو مررت بزيد الكريم أو ذم نحو مررت بزيد الخبيث أو ترحم نحو مررت بزيد المسكين فالمبتدأ محذوف في هذه المثل ونحوها وجوبا والتقدير هو الكريم وهو الخبيث وهو المسكين الموضع الثانية أن يكون الخبر مخصوص نعم أو بئس نحو نعم |
256 |
الرجل زيد وبئس الرجل عمرو فزيد وعمرو خبران لمبتدإ محذوف وجوبا والتقدير هو زيد أي الممدوح زيد وهو عمرو أي المذموم عمرو الموضع الثالث ما حكى الفارسي من كلامهم فى ذمتي لأفعلن ففي ذمتي خبر لمبتدإ محذوف واجب الحذف والتقدير في ذمتي يمين وكذلك ما أشبهه وهو ما كان الخبر فيه صريحا في القسم الموضع الرابع أن يكون الخبر مصدرا نائبا مناب الفعل نحو صبر جميل التقدير صبري صبر جميل فصبري مبتدأ وصبر جميل خبره ثم حذف المبتدأ الذي هو صبري وجوبا وأخبروا باثنين أو بأكثرا عن واحد كهم سراة شعرا |
257 |
اختلف النحويون في جواز تعدد خبر المبتدأ الواحد بغير حرف عطف نحو زيد قائم ضاحك فذهب قوم منهم المصنف إلى جواز ذلك سواء كان الخبران في معنى خبر واحد نحو هذا حلو حامض أي مز أم لم يكونا في معنى خبر واحد كالمثال الأول وذهب بعضهم إلى أنه لا يتعدد الخبر إلا إذا كان الخبران في معنى خبر واحد فإن لم يكونا كذلك تعين العطف فإن جاء من لسان العرب شيء بغير عطف قدر له مبتدأ آخر كقوله تعالى وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد وقول الشاعر من يك ذابت فهذا بتي مقيظ مصيف مشتي |
259 |
وقوله ينام بإحدى مقلتيه ويتقي بأخرى المنايا فهو يقظان نائم |
260 |
وزعم بعضهم أنه لا يتعدد الخبر إلا إذا كان من جنس واحد كأن يكون الخبران مثلا مفردين نحو زيد قائم ضاحك أو جملتين نحو زيد قام ضحك فأما إذا كان أحدهما مفردا والآخر جملة فلا يجوز ذلك فلا تقول زيد قائم ضحك هكذا زعم هذا القائل ويقع في كلام المعريين للقرآن الكريم وغيره تجويز ذلك كثيرا ومنه قوله تعالى فإذا هي حية تسعى جوزوا كون تسعى خبرا ثانيا ولا يتعين ذلك لجواز كونه حالا |
261 |
كان وأخواتها ترفع كان المبتدا اسما والخبر تنصبه ككان سيدا عمر ككان ظل بات أضحى أصبحا أمسى وصار ليس زال برحا فتىء وانفك وهذي الأربعه لشبه نفي أو لنفي متبعه ومثل كان دام مسبوقا بما كأعط ما دمت مصيبا درهما |
262 |
لما فرغ من الكلام على المبتدأ والخبر شرع في ذكر نواسخ الابتداء وهي قسمان أفعال وحروف فالأفعال كان وأخواتها وأفعال المقاربة وظن وأخواتها والحروف ما وأخواتها ولا التي لنفي الجنس وإن وأخواتها فبدأ المصنف بذكر كان وأخواتها وكلها أفعال اتفاقا إلا ليس فذهب الجمهور إلى أنها فعل وذهب الفارسي في أحد قوليه وأبو بكر بن شقير في أحد قوليه إلى أنها حرف |
263 |
وهي ترفع المبتدأ وتنصب خبره ويسمى المرفوع بها اسما لها والمنصوب بها خبرا لها وهذه الأفعال قسمان منها ما يعمل هذا العمل بلا شرط وهي كان وظل وبات وأضحى وأصبح وأمسى وصار وليس ومنها ما لا يعمل هذا العمل إلا بشرط وهو قسمان أحدهما ما يشترط في عمله أن يسبقه نفي لفظا أو تقديرا أو شبه نفي وهو أربعة زال وبرح وفتىء وانفك فمثال النفي لفظا ما زال زيد قائما ومثاله تقديرا قوله تعالى قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف أي لا تفتؤ ولا يحذف النافي معها إلا بعد القسم كالآية الكريمة وقد شذ الحذف بدون القسم كقول الشاعر |
264 |
وأبرح ما أدام الله قومي بحمد الله منتطقا مجيدا |
265 |
أي لا أبرح منتطقا مجيدا أي صاحب نطاق وجواد ما أدام الله قومي وعنى بذلك أنه لا يزال مستغنيا ما بقي له قومه وهذا أحسن ما حمل عليه البيت ومثال شبه النفي والمراد به النهي كقولك لا تزل قائما ومنه قوله صاح شمر ولا تزل ذاكر الموت فنسيانه ضلال مبين والدعاء كقولك لا يزال الله محسنا إليك وقول الشاعر |
266 |
ألا يا اسلمي يا درامي على البلى ولا زال منهلا بجرعائك القطر |
267 |
وهذا هو الذي أشار إليه المصنف بقوله وهذي الأربعة إلى آخر البيت القسم الثاني ما يشترط في عمله أن يسبقه ما المصدرية الظرفية وهو دام كقولك أعط ما دمت مصيبا درهما أي أعط مدة دوامك مصيبا درهما ومنه قوله تعالى وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا أي مدة دوامي حيا |
268 |
ومعنى ظل اتصاف المخبر عنه بالخبر نهارا ومعنى بات اتصافه به ليلا وأضحى اتصافه به في الضحى وأصبح اتصافه به في الصباح وأمسى اتصافه به في المساء ومعنى صار التحول من صفة إلى صفة أخرى ومعنى ليس النفي وهي عند الإطلاق لنفي الحال نحو ليس زيد قائما أي الآن وعند التقييد بزمن على حسبه نحو ليس زيد قائما غدا ومعنى زال وأخواتها ملازمة الخبر المخبر عنه على حسب ما يقتضيه الحال نحو ما زال زيد ضاحكا وما زال عمرو أزرق العينين ومعنى دام بقي واستمر وغير ماض مثله قد عملا إن كان غير الماض منه استعملا هذه الأفعال على قسمين أحدهما ما يتصرف وهو ما عدا ليس ودام |
269 |
والثاني ما لا يتصرف وهو ليس ودام فنبه المصنف بهذا البيت على أن ما يتصرف من هذه الأفعال يعمل غير الماضي منه عمل الماضي وذلك هو المضارع نحو يكون زيد قائما قال الله تعالى ويكون الرسول عليكم شهيدا والأمر نحو كونوا قوامين بالقسط وقال الله تعالى قل كونوا حجارة أو حديدا واسم الفاعل نحو زيد كائن أخاك وقال الشاعر وما كل من يبدي البشاشة كائنا أخاك إذا لم تلفه لك منجدا |
270 |
والمصدر كذلك واختلف الناس في كان الناقصة هل لها مصدر أم لا والصحيح أن لها مصدرا ومنه قوله ببذل وحلم ساد في قومه الفتى وكونك إياه عليك يسير |
271 |
وما لا يتصرف منها وهو دام وليس وما كان النفي أو شبهه شرطا فيه وهو زال وأخواتها لا يستعمل منه أمر ولا مصدر وفي جميعها توسط الخبر أجز وكل سبقه دام حظر |
272 |
مرده أن أخبار هذه الأفعال إن لم يجب تقديمها على الاسم ولا تأخيرها عنه يجوز توسطها بين الفعل والاسم فمثال وجوب تقديمها على الاسم قولك كان في الدار صاحبها فلا يجوز ههنا تقديم الاسم على الخبر لئلا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة ومثال وجوب تأخير الخبر عن الاسم |
273 |
قولك كان أخى رفيقي فلا يجوز تقديم رفيقي على أنه خبر لأنه لا يعلم ذلك لعدم ظهور الإعراب ومثال ما توسط فيه الخبر قولك كان قائما زيد قال الله تعالى وكان حقا علينا نصر المؤمنين وكذلك سائر أفعال هذا الباب من المتصرف وغيره يجوز توسط أخبارها بالشرط المذكور ونقل صاحب الإرشاد خلافا في جواز تقديم خبر ليس على اسمها والصواب جوازه قال الشاعر سلي إن جهلت الناس عنا وعنهم فليس سواء عالم وجهول |
274 |
وذكر ابن معط أن خبر دام لا يتقدم على اسمها فلا تقول لا أصاحبك ما دام قائما زيد والصواب جوازه قال الشاعر لا طيب للعيش ما دامت منغصة لذاته بادكار الموت والهرم |
275 |
وأشار بقوله وكل سبقه دام حظر إلى أن كل العرب أو كل النحاة منع سبق خبر دام عليها وهذا إن أراد به أنهم منعوا تقديم خبر دام على ما المتصلة بها نحو لا أصحبك قائما ما دام زيد فمسلم وإن أراد أنهم منعوا تقديمه على دام وحدها نحو لا أصحبك ما قائما دام زيد وعلى ذلك حمله ولده في شرحه ففيه نظر والذي يظهر أنه لا يمتنع تقديم خبر |
276 |
دام على دام وحدها فتقول لا أصحبك ما قائما دام زيد كما تقول لا أصحبك ما زيدا كلمت كذاك سبق خبر ما النافية فجيء بها متلوة لا تاليه يعني أنه لا يجوز أن يتقدم الخبر على ما النافية ويدخل تحت هذا قسمان أحدهما ما كان النفي شرطا في عمله نحو ما زال وأخواتها فلا تقول قائما ما زال زيد وأجاز ذلك ابن كيسان والنحاس والثاني ما لم يكن النفي شرطا في عمله نحو ما كان زيد قائما فلا تقول قائما ما كان زيد وأجازه بعضهم ومفهوم كلامه أنه إذا كان النفي بغير ما يجوز التقديم فتقول قائما لم يزل زيد ومنطلقا لم يكن عمرو ومنعهما بعضهم |
277 |
ومفهوم كلامه أيضا جواز تقديم الخبر على الفعل وحده إذا كان النفي بما نحو ما قائما زال زيد وما قائما كان زيد ومنعه بعضهم ومنع سبق خبر ليس اصطفى وذو تمام ما برفع يكتفي وما سواه ناقص والنقص في فتىء ليس زال دائما قفي اختلف النحويون في جواز تقديم خبر ليس عليها فذهب الكوفيون |
278 |
والمبرد والزجاج وابن السراج وأكثر المتأخرين ومنهم المصنف إلى المنع وذهب أبو علي الفارسي وابن برهان إلى الجواز فتقول قائما ليس زيد واختلف النقل عن سيبويه فنسب قوم إليه الجواز وقوم المنع ولم يرد من لسان العرب تقدم خبرها عليها وإنما ورد من لسانهم ما ظاهره تقدم معمول خبرها عليها كقوله تعالى ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وبهذا استدل من أجاز تقديم خبرها عليها وتقريره أن يوم يأتيهم معمول الخبر الذي هو مصروفا وقد تقدم على ليس قال ولا يتقدم المعمول إلا حيث يتقدم العامل |
279 |
وقوله وذو تمام إلى آخره معناه أن هذه الأفعال انقسمت إلى قسمين أحدهما ما يكون تاما وناقصا والثاني ما لا يكون إلا ناقصا والمراد بالتام ما يكتفي بمرفوعه وبالناقص ما لا يكتفي بمرفوعه بل يحتاج معه إلى منصوب وكل هذه الأفعال يجوز أن تستعمل تامة إلا فتىء وزال التي مضارعها يزال لا التي مضارعها يزول فإنها تامة نحو زالت الشمس وليس فإنها لاتستعمل إلا ناقصة ومثال التام قوله تعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة أي إن وجد ذو عسرة وقوله تعالى خالدين فيها ما دامت السموات والأرض وقوله تعالى فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ولا يلي العامل معمول الخبر إلا إذا ظرفا أتى أو حرف جر |
280 |
يعني أنه لا يجوز أن يلي كان وأخواتها معمول خبرها الذي ليس بظرف ولا جار ومجرور وهذا يشمل حالين أحدهما أن يتقدم معمول الخبر وحده على الاسم ويكون الخبر مؤخرا عن الاسم نحو كان طعامك زيد آكلا وهذه ممتنعة عند البصريين وأجازها الكوفيون الثاني أن يتقدم المعمول والخبر على الاسم ويتقدم المعمول على الخبر نحو كان طعامك آكلا زيد وهي ممتنعة عند سيبويه وأجازها بعض البصريين ويخرج من كلامه أنه إذا تقدم الخبر والمعمول على الاسم وقدم الخبر على المعمول جازت المسألة لأنه لم يل كان معمول خبرها فتقول كان آكلا طعامك زيد ولا يمنعها البصريون فإن كان المعمول ظرفا أو جارا ومجرورا جاز إيلاؤه كان عند البصريين والكوفيين نحو كان عندك زيد مقيما وكان فيك زيد راغبا ومضمر الشأن اسما انو إن وقع موهم ما استبان أنه امتنع |
281 |
يعني أنه إذا ورد من لسان العرب ما ظاهره أنه ولي كان وأخواتها معمول خبرها فأوله على أن في كان ضميرا مستترا هو ضمير الشأن وذلك نحو قوله قنافذ هداجون حول بيوتهم بما كان إياهم عطية عودا |
283 |
فهذا ظاهره أنه مثل كان طعامك زيد آكلا ويتخرج على أن في كان ضميرا مستترا هو ضمير الشأن وهو اسم كان |
284 |
ومما ظاهره أنه مثل كان طعامك آكلا زيد قوله فأصبحوا والنوى عالى معرسهم وليس كل النوى تلقي المساكين |
287 |
إذا قرىء بالتاء المثناة من فوق فيخرج البيتان على إضمار الشأن والتقدير في الأول بما كان هو أي الشأن فضمير الشأن اسم كان |
288 |
وعطية مبتدأ وعود خبر وإياهم مفعول عود والجملة من المبتدأ وخبره خبر كان فلم يفصل بين كان واسمها معمول الخبر لأن اسمها مضمر قبل المعمول والتقدير فى البيت الثاني وليس هو أي الشأن فضمير الشأن اسم ليس وكل النوى منصوب بتلقي وتلقي المساكين فعل وفاعل والمجموع خبر ليس هذا بعض ما قيل في البيتين وقد تزاد كان في حشو كما كان أصح علم من تقدما كان على ثلاثة أقسام أحدها الناقصة والثاني التامة وقد تقدم ذكرهما والثالث الزائدة وهي المقصودة بهذا البيت وقد ذكر ابن عصفور أنها تزاد بين الشيئين المتلازمين كالمبتدأ وخبره نحو زيد كان قائم والفعل ومرفوعه نحو لم يوجد كان مثلك والصلة والموصول نحو جاء الذي كان أكرمته والصفة والموصوف نحو مررت برجل كان قائم وهذا يفهم أيضا من إطلاق قول المصنف وقد تزاد كان في حشو وإنما تنقاس زيادتها بين ما |
289 |
وفعل التعجب نحو ما كان أصح علم من تقدما ولا تزاد فى غيره إلا سماعا وقد سمعت زيادتها بين الفعل ومرفوعه كقولهم ولدت فاطمة بنت الخرشب الأنمارية الكملة من بني عبس لم يوجد كان أفضل منهم وقد سمع أيضا زيادتها بين الصفة والموصوف كقوله فكيف إذا مررت بدار قوم وجيران لنا كانوا كرام |
291 |
وشذ زيادتها بين حرف الجر ومجروره كقوله سراة بني أبي بكر تسامى على كان المسومة العراب |
292 |
وأكثر ما تزاد بلفظ الماضي وقد شذت زيادتها بلفظ المضارع في قول أم عقيل ابن أبي طالب أنت تكون ماجد نبيل إذا تهب شمأل بليل |
293 |
ويحذفونها ويبقون الخبر وبعد إن ولو كثيرا ذا اشتهر تحذف كان مع اسمها ويبقى خبرها كثيرا بعد إن كقوله |
294 |
قد قيل ما قيل إن صدقا وإن كذبا فما اعتذارك من قول إذا قيلا |
295 |
التقدير إن كان المقول صدقا وإن كان المقول كذبا وبعد لو كقولك ائتني بدابة ولو حمارا أي ولو كان المأتي به حمارا وقد شذ حذفها بعد لدن كقوله من لد شولا فإلى إتلائها التقدير من لد أن كانت شولا |
296 |
وبعد أن تعويض ما عنها ارتكب كمثل أما أنت برا فاقترب ذكر في هذا البيت أن كان تحذف بعد أن المصدرية ويعوض عنها ما ويبقى اسمها وخبرها نحو أما أنت برا فاقترب والأصل أن كنت برا فاقترب فحذفت كان فانفصل الضمير المتصل بها وهو التاء فصار أن أنت برا ثم أتى بما عوضا عن كان فصار |
297 |
أن ما أنت برا ثم أدغمت النون في الميم فصار أما أنت برا ومثله قول الشاعر أبا خراشة أما أنت ذا نفر فإن قومي لم تأكلهم الضبع |
298 |
فأن مصدرية وما زائدة عوضا عن كان وأنت اسم كان المحذوفة وذا نفر خبرها ولا يجوز الجمع بين كان وما لكون ما عوضا عنها ولا يجوز الجمع بين العوض والمعوض وأجاز ذلك المبرد فيقول أما كنت منطلقا انطلقت ولم يسمع من لسان العرب حذف كان وتعويض ما عنها وإبقاء اسمها وخبرها إلا إذا كان اسمها ضمير مخاطب كما مثل به المصنف ولم يسمع مع ضمير المتكلم نحو أما أنا منطلقا انطلقت والأصل أن كنت منطلقا ولا مع الظاهر نحو أما زيد ذاهبا انطلقت والقياس جوازهما كما جاز مع المخاطب والأصل أن كان زيد ذاهبا انطلقت وقد مثل سيبويه رحمه الله في كتابه بأما زيد ذاهبا ومن مضارع لكان منجزم تحذف نون وهو حذف ما التزم |
299 |
إذا جزم الفعل المضارع من كان قيل لم يكن والأصل يكون فحذف الجازم الضمة التي على النون فالتقى ساكنان الواو والنون فحذف الواو لالتقاء الساكنين فصار اللفظ لم يكن والقياس يقتضي أن لا يحذف منه بعد ذلك شيء آخر لكنهم حذفوا النون بعد ذلك تخفيفا لكثرة الاستعمال فقالوا لم يك وهو حذف جائز لا لازم ومذهب سيبويه ومن تابعه أن هذه |
300 |
النون لا تحذف عنه ملاقاة ساكن فلا تقول لم يك الرجل قائما وأجاز ذلك يونس وقد قرىء شاذا لم يك الذين كفروا وأما إذا لاقت متحركا فلا يخلو إما أن يكون ذلك المتحرك ضميرا متصلا أولا فإن كان ضميرا متصلا لم تحذف النون اتفاقا كقوله لعمر رضي الله عنه في ابن صياد إن يكنه فلن تسلط عليه وإلا يكنه فلا خير لك في قتله فلا يجوز حذف النون فلا تقول إن يكه والإيكه وإن كان غير ضمير متصل جاز الحذف والإثبات نحو لم يكن زيد قائما ولم يك زيد قائما وظاهر كلام المصنف أنه لا فرق في ذلك بين كان الناقصة والتامة وقد قرىء وإن تك حسنة يضاعفها برفع حسنة وحذف النون وهذه هي التامة |
301 |
فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس إعمال ليس أعملت ما دون إن مع بقا النفي وترتيب زكن وسبق حرف جر أو ظرف كما بي أنت معنيا أجاز العلما تقدم في أول باب كان وأخواتها أن نواسخ الابتداء تنقسم إلى أفعال |
302 |
وحروف وسبق الكلام على كان وأخواتها وهي من الأفعال الناسخة وسيأتي الكلام على الباقي وذكر المصنف في هذا الفصل من الحروف الناسخة قسما يعمل عمل كان وهو ما ولا ولات وإن أما ما فلغة بني تميم أنها لا تعمل شيئا فتقول ما زيد قائم فزيد مرفوع بالابتداء وقائم خبره ولا عمل لما في شيء منهما وذلك لأن ما حرف لا يختص لدخوله على الاسم نحو ما زيد قائم وعلى الفعل نحو ما يقوم زيد وما لا يختص فحقه ألا يعمل ولغة أهل الحجاز إعمالها كعمل ليس لشبهها بها في أنها لنفي الحال عند الإطلاق فيرفعون بها الاسم وينصبون بها الخبر نحو ما زيد قائما قال الله تعالى ما هذا بشرا وقال تعالى ما هن أمهاتهم وقال الشاعر أبناؤها متكنفون أباهم حنقو الصدور وما هم أولادها |
303 |
لكن لا تعمل عندهم إلا بشروط ستة ذكر المصنف منها أربعة الأول ألا يزاد بعدها إن فإن زيدت بطل عملها نحو ما إن زيد قائم برفع قائم ولا يجوز نصبه وأجاز ذلك بعضهم الثاني ألا ينتقض النفي بإلا نحو ما زيد إلا قائم فلا يجوز نصب قائم وكقوله تعالى ما أنتم إلا بشر مثلنا وقوله وما أنا إلا نذير خلافا لمن أجازه |
304 |
الثالث ألا يتقدم خبرها على اسمها وهو غير ظرف ولا جار ومجرور فإن تقدم وجب رفعه نحو ما قائم زيد فلا تقول ما قائما زيد وفي ذلك خلاف |
305 |
فإن كان ظرفا أو جارا ومجرورا فقدمته فقلت ما في الدار زيد وما عندك عمرو فاختلف الناس في ما حينئذ هل هي عاملة أم لا فمن جعلها عاملة قال إن الظرف والجار والمجرور في موضع نصب بها ومن لم يجعلها عاملة قال إنهما في موضع رفع على أنهما خبران للمبتدأ الذي بعدهما وهذا الثاني هو ظاهركلام المصنف فإنه شرط في إعمالها أن يكون المبتدأ والخبر بعد ما على الترتيب الذي زكن وهذا هو المراد بقوله وترتيب زكن أي علم ويعني به أن يكون المبتدأ مقدما والخبر مؤخرا ومقتضاه أنه متى تقدم الخبر لا تعمل ما شيئا سواء كان الخبر ظرفا أو جارا ومجرورا أو غير ذلك وقد صرح بهذا في غير هذا الكتاب الشرط الرابع ألا يتقدم معمول الخبر على الاسم وهو غير ظرف ولا جار ومجرور فإن تقدم بطل عملها نحو ما طعامك زيد آكل فلا يجوز نصب آكل ومن أجاز بقاء العمل مع تقدم الخبر يجيز بقاء العمل مع تقدم المعمول بطريق الأولى لتأخر الخبر وقد يقال لا يلزم ذلك لما في |
306 |
الإعمال مع تقدم المعمول من الفصل بين الحرف ومعموله وهذا غير موجود مع تقدم الخبر فإن كان المعمول ظرفا أو جارا ومجرورا لم يبطل عملها نحو ما عندك زيد مقيما وما بي أنت معنيا لأن الظروف والمجرورات يتوسع فيها ما لا يتوسع في غيرها وهذا الشرط مفهوم من كلام المصنف لتخصيصه جواز تقديم معمول الخبر بما إذا كان المعمول ظرفا أو جارا ومجرورا الشرط الخامس ألا تتكرر ما فإن تكررت بطل عملها نحو ما ما زيد قائم فالأولى نافية والثانية نفت النفي فبقي إثباتا فلا يجوز نصب قائم وأجازه بعضهم الشرط السادس ألا يبدل من خبرها موجب فإن أبدل بطل عملها نحو ما زيد بشيء إلا شيء لا يعبأ به فبشيء في موضع رفع خبر عن المبتدأ الذي |
307 |
هو زيد ولا يجوز أن يكون فى موضع نصب خبرا عن ما وأجازه قوم وكلام سيبويه رحمه الله تعالى في هذه المسألة محتمل للقولين المذكورين أعني القول باشتراط ألا يبدل من خبرها موجب والقول بعدم اشتراط ذلك فإنه قال بعد ذكر المثال المذكور وهو ما زيد بشيء إلى آخره استوت اللغتان يعني لغة الحجاز ولغة تميم واختلف شراح الكتاب فيما يرجع إليه قوله استوت اللغتان فقال قوم هو راجع إلى الاسم الواقع قبل إلا والمراد أنه لا عمل لما فيه فاستوت اللغتان في أنه مرفوع وهؤلاء هم الذين شرطوا في إعمال ما ألا يبدل من خبرها موجب وقال قوم هو راجع إلى الاسم الواقع بعد إلا والمراد أنه يكون مرفوعا سواء جعلت ما حجازية أو تميمية وهؤلاء هم الذين لم يشترطوا في إعمال ما ألا يبدل من خبرها موجب وتوجيه كل من القولين وترجيح المختار منهما وهو الثاني لا يليق بهذا المختصر ورفع معطوف بلكن أو ببل من بعد منصوب بما الزم حيث حل |
308 |
إذا وقع بعد خبر ما عاطف فلا يخلو إما أن يكون مقتضيا للإيجاب أولا فإن كان مقتضيا للإيجاب تعين رفع الاسم الواقع بعده وذلك نحو بل ولكن فتقول ما زيد قائما لكن قاعد أو بل قاعد فيجب رفع الاسم على أنه خبر مبتدأ محذوف والتقدير لكن هو قاعد وبل هو قاعد ولا يجوز نصب قاعد عطفا على خبر ما لأن ما لا تعمل في الموجب وإن كان الحرف العاطف غير مقتض للإيجاب كالواو ونحوها جاز النصب والرفع والمختار النصب نحو ما زيد قائما ولا قاعدا ويجوز الرفع فتقول ولا قاعد وهو خبر لمبتدأ محذوف والتقدير ولا هو قاعد ففهم من تخصيص المصنف وجوب الرفع بما إذا وقع الاسم بعد بل ولكن أنه لا يجب الرفع بعد غيرهما وبعد ما وليس جر البا الخبر وبعد لا ونفي كان قد يجر |
309 |
تزاد الباء كثيرا في الخبر بعد ليس وما نحو قوله تعالى أليس الله بكاف عبده و أليس الله بعزيز ذي انتقام و ما ربك بغافل عما يعملون و وما ربك بظلام للعبيد ولا تختص زيادة الباء بعد ما بكونها حجازية خلافا لقوم بل تزاد بعدها وبعد التميمية وقد نقل سيبويه والفراء رحمهما الله تعالى زيادة الباء بعد ما عن بني تميم فلا التفات إلى من منع ذلك وهو موجود في أشعارهم وقد اضطرب رأي الفارسي في ذلك فمرة قال لا تزاد الباء إلا بعد الحجازية ومرة قال تزاد في الخبر المنفي وقد وردت زيادة الباء قليلا في خبر لا كقوله |
310 |
فكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة بمغن فتيلا عن سواد بن قارب وفي خبر مضارع كان المنفية بلم كقوله وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل |
311 |
في النكرات أعملت كليس لا وقد تلي لات وإن ذا العملا |
312 |
وما للات في سوى حين عمل وحذف ذي الرفع فشا والعكس قل تقدم أن الحروف العاملة عمل ليس أربعة وقد تقدم الكلام على ما وذكر هنا لا ولات وإن أما لا فمذهب الحجازيين إعمالها عمل ليس ومذهب تميم إهمالها |
313 |
ولا تعمل عند الحجازيين إلا بشروط ثلاثة أحدها أن يكون الاسم والخبر نكرتين نحو لا رجل أفضل منك ومنه قوله تعز فلا شيء على الأرض باقيا ولا وزر مما قضى الله واقيا |
314 |
وقوله نصرتك إذ لا صاحب غير خاذل فبوئت حصنا بالكماة حصينا |
315 |
وزعم بعضهم أنها قد تعمل في المعرفة وأنشد للنابغة بدت فعل ذي ود فلما تبعتها تولت وبقت حاجتي في فؤاديا وحلت سواد القلب لا أنا باغيا سواها ولا عن حبها متراخيا |
316 |
واختلف كلام المصنف في هذا البيت فمرة قال إنه مؤول ومرة قال إن القياس عليه سائغ الشرط الثاني ألا يتقدم خبرها على اسمها فلا نقول لا قائما رجل الشرط الثالث ألا ينتقض النفي بإلا فلا تقول لا رجل إلا أفضل من زيد ينصب أفضل بل يجب رفعه ولم يتعرض المصنف لهذين الشرطين |
317 |
وأما إن النافية فمذهب أكثر البصريين والفراء أنها لا تعمل شيئا ومذهب الكوفيين خلا الفراء أنها تعمل عمل ليس وقال به من البصريين أبو العباس المبرد وأبو بكر بن السراج وأبو علي الفارسي وأبو الفتح بن جنى واختاره المصنف وزعم أن في كلام سيبويه رحمه الله تعالى إشارة إلى ذلك وقد ورد السماع به قال الشاعر إن هو مستوليا على أحد إلا على أضعف المجانين |
318 |
وقال آخر إن المرء ميتا بانقضاء حياته ولكن بأن يبغى عليه فيخذلا |
319 |
وذكر ابن جنى في المحتسب أن سعيد بن جبير رضي الله عنه قرأ إن الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم بنصب العباد ولا يشترط في اسمها وخبرها أن يكونا نكرتين بل تعمل في النكرة والمعرفة فتقول إن رجل قائما وإن زيد القائم وإن زيد قائما وأما لات فهي لا النافية زيدت عليها تاء التأنيث مفتوحة ومذهب الجمهور أنها تعمل عمل ليس فترفع الاسم وتنصب الخبر لكن اختصت بأنها لا يذكر معها الاسم والخبر معا بل إنما يذكر معها أحدهما والكثير في لسان العرب حذف اسمها وبقاء خبرها ومنه قوله تعالى ولات حين مناص بنصب الحين فحذف الاسم وبفي الخبر والتقدير ولات الحين حين مناص فالحين اسمها وحين مناص خبرها وقد قرىء شذوذا ولات حين مناص برفع الحين على أنه اسم لات والخبر محذوف والتقدير ولات حين مناص لهم أي ولات حين مناص كائنا لهم وهذا هو المراد بقوله وحذف ذي الرفع إلى آخر البيت وأشار بقوله وما للات فى سوى حين عمل إلى ما ذكر سيبويه من أن |
320 |
لات لا تعمل إلا في الحين واختلف الناس فيه فقال قوم المراد أنها لا تعمل إلا في لفظ الحين ولا تعمل فيما رادفه كالساعة ونحوها وقال قوم المراد أنها لا تعمل إلا في أسماء الزمان فتعمل في لفظ الحين وفيما رادفه من أسماء الزمان ومن عملها فيما رادفه قول الشاعر ندم البغاة ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم |
321 |
وكلام المصنف محتمل للقولين وجزم بالثاني في التسهيل ومذهب الأخفش أنهالا تعمل شيئا وأنه إن وجد الاسم بعدها منصوبا فناصبه فعل مضمر والتقدير لات أرى حين مناص وإن وجد مرفوعا فهو مبتدأ والخبر محذوف والتقدير لات حين مناص كائن لهم والله أعلم |
322 |
أفعال المقاربة ككان كاد وعسى لكن ندر غير مضارع لهذين خبر هذا هو القسم الثاني من الأفعال الناسخة للابتداء وهو كاد وأخواتها وذكر المصنف منها أحد عشر فعلا ولا خلاف في أنها أفعال إلا عسى فنقل الزاهد عن ثعلب أنها حرف ونسب أيضا إلى ابن السراج والصحيح أنها فعل |
323 |
بدليل اتصال تاء الفاعل وأخواتها بها نحو عسيت وعسيت وعسيتما وعسيتم وعسيتن وهذه الأفعال تسمى أفعال المقاربة وليست كلها للمقاربة بل هي على ثلاثة أقسام أحدها ما دل على المقاربة وهي كاد وكرب وأوشك والثاني ما دل على الرجاء وهي عسى وحرى واخلولق والثالث ما دل على الإنشاء وهي جعل وطفق وأخذ وعلق وأنشأ فتسميتها أفعال المقاربة من باب تسمية الكل باسم البعض وكلها تدخل على المبتدأ والخبر فترفع المبتدأ اسما لها ويكون خبره خبرا لها في موضع نصب وهذا هو المراد بقوله ككان كاد وعسى لكن الخبر في |
324 |
هذا الباب لا يكون إلا مضارعا نحو كاد زيد يقوم وعسى زيد أن يقوم وندر مجيئه اسما بعد عسى وكاد كقوله أكثرت في العذل ملحا دائما لاتكثرن إني عسيت صائما |
325 |
وقوله فأبت إلى فهم وما كدت آئبا وكم مثلها فارقتها وهي تصفر |
326 |
وهذا هو مراد المصنف بقوله لكن ندر إلى آخره لكن في قوله غير مضارع إيهام فإنه يدخل تحته الاسم والظرف والجار والمجرور والجملة الإسمية والجملة الفعلية بغير المضارع ولم يندر مجيء هذه كلها خبرا عن عسى وكاد بل الذي ندر مجيء الخبر اسما وأما هذه فلم يسمع مجيئها خبرا عن هذين وكونه بدون أن بعد عسى نزر وكاد الأمر فيه عكسا |
327 |
أي اقتران خبر عسى بأن كثير وتجريده من أن قليل وهذا مذهب سيبويه ومذهب جمهور البصريين أنه لا يتجرد خبرها من أن إلا في الشعر ولم يرد في القرآن إلا مقترنا بأن قال الله تعالى فعسى الله أن يأتي بالفتح وقال عز وجل عسى ربكم أن يرحمكم ومن وروده بدون أن قوله عسى الكرب الذي أمسيت فيه يكون وراءه فرج قريب |
329 |
وقوله عسى فرج يأتي به الله إنه له كل يوم في خليقته أمر وأما كاد فذكر المصنف أنها عكس عسى فيكون الكثير في |
330 |
خبرها أن يتجرد من أن ويقل اقترانه بها وهذا بخلاف ما نص عليه الأندلسيون من أن اقتران خبرها بأن مخصوص بالشعر فمن تجريده من أن قوله تعالى فذبحوها وما كادوا يفعلون وقال من بعد ما كاد تزيغ قلوب فريق منهم ومن اقترانه بأن قوله ما كدت أن أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب وقوله كادت النفس أن تفيض عليه إذ غدا حشو ريطة وبرود |
331 |
وكعسى حرى ولكن جعلا خبرها حتما بأن متصلا |
332 |
وألزموا اخلولق أن مثل حرى وبعد أوشك انتفا أن نزرا يعني أن حرى مثل عسى في الدلالة على رجاء الفعل لكن يجب اقتران خبرها بأن نحو حرى زيد أن يقوم ولم يجرد خبرها من أن لا في الشعر ولا في غيره وكذلك اخلولق تلزم أن خبرها نحو اخلولقت السماء أن تمطر وهو من أمثلة سيبويه وأما أوشك فالكثير اقتران خبرها بأن ويقل حذفها منه فمن اقترانه بها قوله ولو سئل الناس التراب لأوشكوا إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا |
333 |
ومن تجرده منها قوله يوشك من فر من منيته في بعض غراته يوافقها |
334 |
ومثل كاد في الأصح كربا وترك أن مع ذي الشروع وجبا كأنشأ السائق يحدو وطفق كذا جعلت وأخذت وعلق |
335 |
لم يذكر سيبويه في كرب إلا تجرد خبرها من أن وزعم المصنف أن الأصح خلافه وهو أنها مثل كاد فيكون الكثير تجريد خبرها من أن ويقل اقترانه بها فمن تجريده قوله كرب القلب من جواه يذوب حين قال الوشاة هند غضوب وسمع من اقترانه بها قوله سقاها ذوو الأحلام سجلا على الظما وقد كربت أعناقها أن تقطعا |
337 |
والمشهور في كرب فتح الراء ونقل كسرها أيضا ومعنى قوله وترك أن مع ذي الشروع وجبا أن ما دل على الشروع في الفعل لا يجوز اقتران خبره بأن لما بينه وبين أن من المنافاة لأن المقصود به الحال وأن للاستقبال وذلك نحو أنشأ السائق يحدو وطفق زيد يدعو وجعل يتكلم وأخذ ينظم وعلق يفعل كذا واستعملوا مضارعا لأوشكا وكاد لا غير وزادوا موشكا |
338 |
أفعال هذا الباب لا تتصرف إلا كاد وأوشك فإنه قد استعمل منهما المضارع نحو قوله تعالى يكادون يسطون وقول الشاعر يوشك من فر من منيته وزعم الأصمعى أنه لم يستعمل يوشك إلا بلفظ المضارع ولم يستعمل أوشك بلفظ الماضي وليس بحيد بل قد حكى الخليل استعمال الماضي وقد ورد في الشعر كقوله ولو سئل الناس التراب لأوشكوا إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا نعم الكثير فيها استعمال المضارع وقل استعمال الماضي وقول المصنف وزادوا موشكا معناه أنه قد ورد أيضا استعمال اسم الفاعل من أوشك كقوله فموشكة أرضنا أن تعود خلاف الأنيس وحوشا يبابا |
339 |
وقد يشعر تخصيصه أوشك بالذكر أنه لم يستعمل اسم الفاعل من كاد وليس كذلك بل قد ورد استعماله في الشعر كقوله أموت أسى يوم الرجام وإنني يقينا لرهن بالذي أنا كائد وقد ذكر المصنف هذا في غير هذا الكتاب |
340 |
وأفهم كلام المصنف أن غير كاد وأوشك من أفعال هذا الباب لم يرد منه المضارع ولا إسم الفاعل وحكى غيره خلاف ذلك فحكى صاحب |
341 |
الإنصاف استعمال المضارع واسم الفاعل من عسى قال عسى يعسي فهو عاس وحكى الجوهري مضارع طفق وحكى الكسائي مضارع جعل بعد عسى اخلولق أوشك قد يرد غنى بأن يفعل عن ثان فقد اختصت عسى واخلولق وأوشك بأنها تستعمل ناقصة وتامة فأما الناقصة فقد سبق ذكرها وأما التامة فهى المسندة إلى أن والفعل نحو عسى أن يقوم واخلولق أن يأتى وأوشك أن يفعل فأن والفعل في موضع رفع فاعل عسى واخلولق وأوشك واستغنت به عن المنصوب الذي هو خبرها وهذا إذا لم يل الفعل الذي بعد أن اسم ظاهر يصح رفعه به فإن وليه نحو عسى أن يقوم زيد فذهب الأستاذ أبو علي الشلوبين إلى أنه يجب أن يكون الظاهر مرفوعا بالفعل الذي بعد أن فأن وما بعدها فاعل لعسى وهي تامة ولا خبر لها وذهب المبرد والسيرافي والفارسي إلى تجويز ما ذكره الشلوبين وتجويز |
342 |
وجه آخر وهو أن يكون ما بعد الفعل الذي بعد أن مرفوعا بعسى اسما لها وأن والفعل في موضع نصب بعسى وتقدم على الاسم والفعل الذي بعد أن فاعله ضمير يعود على فاعل عسى وجاز عوده عليه وإن تأخر لأنه مقدم في النية وتظهر فائدة هذا الخلاف في التثنية والجمع والتأنيث فتقول على مذهب غير الشلوبين عسى أن يقوما الزيدان وعسى أن يقوموا الزيدون وعسى أن يقمن الهندات فتأتي بضمير في الفعل لأن الظاهر ليس مرفوعا به بل هو مرفوع بعسى وعلى رأى الشلوبين يجب أن تقول عسى أن يقوم الزيدان وعسى أن يقوم الزيدون وعسى أن تقوم الهندات فلا تأتي في الفعل بضمير لأنه رفع الظاهر الذي بعده وجردن عسى أو ارفع مضمرا بها إذا اسم قبلها قد ذكرا |
343 |
اختصت عسى من بين سائر أفعال هذا الباب بأنها إذا تقدم عليها اسم جاز أن يضمر فيها ضمير يعود على الاسم السابق وهذه لغة تميم وجاز تجريدها عن الضمير وهذه لغة الحجاز وذلك نحو زيد عسى أن يقوم فعلى لغة تميم يكون في عسى ضمير مستتر يعود على زيد وأن يقوم في موضع نصب بعسى وعلى لغة الحجاز لا ضمير فى عسى وأن يقوم في موضع رفع بعسى ونظهر فائدة ذلك في التثنية والجمع والتأنيث فتقول على لغة تميم هند عست أن تقوم والزيدان عسيا أن يقوما والزيدون عسوا أن يقوموا والهندان عستا أن تقوما والهندات عسين أن يقمن وتقول على لغة الحجاز هند عسى أن تقوم والزيدان عسى أن يقوما والزيدون عسى أن يقوموا والهندان عسى أن تقوما والهندات عسى أن يقمن وأما غير عسى من أفعال هذا الباب فيجب الإضمار فيه فتقول الزيدان جعلا ينظمان ولا يجوز ترك الإضمار فلا تقول الزيدان جعل ينظمان كما تقول الزيدان عسى أن يقوما والفتح والكسر أجز فى السين من نحو عسيت وانتقا الفتح زكن |
344 |
إذا اتصل بعسى ضمير موضوع للرفع وهو لمتكلم نحو عسيت أو لمخاطب نحو عسيت وعسيت وعسيتما وعسيتم وعسيتن أو لغائبات نحو عسين جاز كسر سينها وفتحها والفتح أشهر وقرأ نافع فهل عسيتم إن توليتم بكسر السين وقرأ الباقون بفتحها |
345 |
إن وأخواتها لإن أن ليت لكن لعل كأن عكس مالكان من عمل كإن زيدا عالم بأنى كفء ولكن ابنه ذو ضغن هذا هو القسم الثاني من الحروف الناسخة للابتداء وهي ستة أحرف |
346 |
إن وأن وكأن ولكن وليت ولعل وعدها سيبويه خمسة فأسقط أن المفتوحة لأن أصلها إن المكسورة كما سيأتي ومعنى إن وأن التوكيد ومعنى كأن التشبيه ولكن للاستدراك وليت للتمني ولعل للترجي والإشفاق والفرق بين الترجي والتمني أن التمني يكون في الممكن نحو ليت زيدا قائم وفي غير الممكن نحو ليت الشباب يعود يوما وأن الترجي لا يكون إلا في الممكن فلا تقول لعل الشباب يعود والفرق بين الترجي والإشفاق أن الترجي يكون في المحبوب نحو لعل الله يرحمنا والإشفاق في المكروه نحو لعل العدو يقدم وهذه الحروف تعمل عكس عمل كان فتنصب الاسم وترفع الخبر |
348 |
نحو إن زيدا قائم فهي عاملة في الجزءين وهذا مذهب البصريين وذهب الكوفيون إلى أنها لا عمل لها في الخبر وإنما هو باق على رفعه الذي كان له قبل دخول إن وهو خبر المبتدأ وراع ذا الترتيب إلا في الذي كليت فيها أوهنا غير البذي أي يلزم تقديم الاسم في هذا الباب وتأخير الخبر إلا إذا كان الخبر ظرفا أو جارا ومجرورا فإنه لا يلزم تأخيره وتحت هذا قسمان أحدهما أنه يجوز تقديمه وتأخيره وذلك نحو ليت فيها غير البذي |
349 |
أو ليت هنا غير البذي أي الوقح فيجوز تقديم فيها وهنا على غير وتأخيرهما عنها والثاني أنه يجب تقديمه نحو ليت في الدار صاحبها فلا يجوز تأخير في الدار لئلا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة ولا يجوز تقديم معمول الخبر على الاسم إذا كان غير ظرف ولا مجرور نحو إن زيدا آكل طعامك فلا يجوز إن طعامك زيدا آكل وكذا إن كان المعمول ظرفا أو جارا ومجرورا نحو إن زيدا واثق بك أو جالس عندك فلا يجوز تقديم المعمول على الاسم فلا تقول إن بك زيدا واثق أو إن عندك زيدا جالس وأجازه بعضهم وجعل منه قوله فلا تلحنى فيها فإن بحبها أخاك مصاب القلب جم بلابله |
350 |
وهمز إن افتح لسد مصدر مسدها وفي سوى ذاك اكسر إن لها ثلاثة أحوال وجوب الفتح ووجوب الكسر وجواز الأمرين فيجب فتحها إذا قدرت بمصدر كما إذا وقعت في موضع مرفوع فعل |
351 |
نحو يعجبني أنك قائم أي قيامك أو منصوبه نحو عرفت أنك قائم أي قيامك أو في موضع مجرور حرف نحو عجبت من أنك قائم أي من قيامك وإنما قال لسد مصدر مسدها ولم يقل لسد مفرد مسدها لأنه قد يسد المفرد مسدها ويجب كسرها نحو ظننت زيدا إنه قائم فهذه يجب كسرها وإن سد مسدها مفرد لأنها في موضع المفعول الثاني ولكن لا تقدر بالمصدر إذ لا يصح ظننت زيدا قيامه فإن لم يجب تقديرها بمصدر لم يجب فتحها بل تكسر وجوبا أو جوازا على ما سنبين وتحت هذا قسمان أحدهما وجوب الكسر والثاني جواز الفتح والكسر فأشار إلى وجوب الكسر بقوله |
352 |
فاكسر في الابتدا وفى بدء صله وحيث إن ليمين مكمله أو حكيت بالقول أو حلت محل حال كزرته وإني ذو أمل وكسروا من بعد فعل علقا باللام كاعلم إنه لذو تقى |
353 |
فذكر أنه يجب الكسر في ستة مواضع الأول إذا وقعت إن ابتداء أي في أول الكلام نحو إن زيدا قائم ولا يجوز وقوع المفتوحة ابتداء فلا تقول أنك فاضل عندي بل يجب التأخير فتقول عندي أنك فاضل وأجاز بعضهم الابتداء بها الثاني أن تقع إن صدر صلة نحو جاء الذي إنه قائم ومنه قوله تعالى واتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء الثالث أن تقع جوابا للقسم وفي خبرها اللام نحو والله إن زيدا لقائم وسيأتي الكلام على ذلك الرابع أن تقع في جملة محكية بالقول نحو قلت إن زيدا قائم قال تعالى قال إني عبد الله فإن لم تحك به بل أجرى القول مجرى الظن فتحت نحو أتقول أن زيدا قائم أي أتظن الخامس أن تقع في جملة في موضع الحال كقوله زرته وإني ذو أمل ومنه قوله تعالى كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون وقول الشاعر ما أعطياني ولا سألتهما إلا وإني لحاجزى كرمي |
354 |
السادس أن تقع بعد فعل من أفعال القلوب وقد علق عنها باللام نحو علمت إن زيدا لقائم وسنبين هذا في باب ظن فإن لم يكن في خبرها اللام فتحت نحو علمت أن زيدا قائم هذا ما ذكره المصنف وأورد عليه أنه نقص مواضع يجب كسر إن فيها الأول إذا وقعت بعد ألا الاستفتاحية نحو ألا إن زيدا قائم ومنه قوله تعالى ألا إنهم هم السفهاء |
355 |
الثاني إن وقعت بعد حيث نحو اجلس حيث إن زيدا جالس الثالث إذا وقعت في جملة هي خبر عن اسم عين نحو زيد إنه قائم ولا يرد عليه شيء من هذه المواضع لدخولها تحت قوله فاكسر في الابتدا لأن هذه إنما كسرت لكونها أول جملة مبتدأ بها بعد إذا فجاءة أو قسم لا لام بعده بوجهين نمي مع تلو فا الجزا وذا يطرد في نحو خير القول إني أحمد |
356 |
يعني أنه يجوز فتح إن وكسرها إذا وقعت بعد إذا الفجائية نحو خرجت فإذا إن زيدا قائم فمن كسرها جعلها جملة والتقدير خرجت فإذا زيد قائم ومن فتحها جعلها مع صلتها مصدرا وهو مبتدأ خبره إذا الفجائية والتقدير فإذا قيام زيد أي ففي الحضرة قيام زيد ويجوز أن يكون الخبر محذوفا والتقدير خرجت فإذا قيام زيد موجود ومما جاء بالوجهين قوله وكنت أرى زيدا كما قيل سيدا إذا أنه عبد القفا واللهازم |
358 |
روى بفتح أن وكسرها فمن كسرها جعلها جملة مستأنفة والتقدير إذا هو عبد القفا واللهازم ومن فتحها جعلها مصدرا مبتدأ وفي خبره الوجهان السابقان والتقدير على الأول فإذا عبوديته أي ففي الحضرة عبوديته وعلى الثاني فإذا عبوديته موجودة وكذا يجوز فتح إن وكسرها إذا وقعت جواب قسم وليس فى خبرها اللام نحو حلفت أن زيدا قائم بالفتح والكسر وقد روى بالفتح والكسر قوله لتقعدن مقعد القصي مني ذي القاذورة المقلي أو تحلفي بربك العلي أني أبو ذيالك الصبي |
360 |
ومقتضى كلام المصنف أنه يجوز فتح إن وكسرها بعد القسم إذا لم يكن في خبرها اللام سواء كانت الجملة المقسم بها فعلية والفعل فيها ملفوظ به نحو حلفت إن زيدا قائم أو غير ملفوظ به نحو والله إن زيدا قائم أو اسمية نحو لعمرك إن زيدا قائم |
361 |
وكذلك يجوز الفتح والكسر إذا وقعت إن بعد فاء الجزاء نحو من يأتني فإنه مكرم فالكسر على جعل إن ومعموليها جملة أجيب بها الشرط فكأنه قال من يأتني فهو مكرم والفتح على جعل أن وصلتها مصدرا مبتدأ والخبر محذوف والتقدير من يأتني فإكرامه موجود ويجوز أن يكون خبرا والمبتدأ محذوفا والتقدير فجزاؤه الإكرام ومما جاء بالوجهين قوله تعالى كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم قرىء فإنه غفور رحيم بالفتح والكسر فالكسر على جعلها جملة جوابا لمن والفتح على جعل أن وصلتها مصدرا مبتدأ خبره محذوف والتقدير فالغفران جزاؤه أو على جعلها خبرا لمبتدأ محذوف والتقدير فجزاؤه الغفران وكذلك يجوز الفتح والكسر إذا وقعت أن بعد مبتدأ هو في المعنى قول وخبر إن قول والقائل واحد نحو خير القول إني أحمد الله فمن فتح جعل أن وصلتها مصدرا خبرا عن خير والتقدير خير القول حمد الله فخير مبتدأ وحمد الله خبره ومن كسر جعلها جملة خبرا عن خير كما تقول أول قراءتي سبح اسم ربك الأعلى فأول مبتدأ و سبح اسم ربك الأعلى جملة خبر عن أول وكذلك خير القول مبتدأ وإني أحمد الله خبره ولا تحتاج هذه الجملة إلى رابط لأنها نفس المبتدأ في المعنى |
362 |
فهي مثل نطقي الله حسبي ومثل سيبويه هذه المسألة بقوله أول ما أقول أني أحمد الله وخرج الكسر على الوجه الذي تقدم ذكره وهو أنه من باب الإخبار بالجمل وعليه جرى جماعة من المتقدمين والمتأخرين كالمبرد والزجاج والسيرافي وأبي بكر بن طاهر وعليه أكثر النحويين وبعد ذات الكسر تصحب الخبر لام ابتداء نحو إني لوزر يجوز دخول لام الابتداء على خبر إن المكسورة نحو إن زيدا لقائم |
363 |
وهذه اللام حقها أن تدخل على أول الكلام لأن لها صدر الكلام فحقها أن تدخل على إن نحو لإن زيدا قائم لكن لما كانت اللام للتأكيد وإن للتأكيد كرهوا الجمع بين حرفين بمعنى واحد فأخروا اللام إلى الخبر ولا تدخل هذه اللام على خبر باقي أخوات إن فلا تقول لعل زيدا لقائم وأجاز الكوفيون دخولها في خبر لكن وأنشدوا يلومونني في حب ليلى عواذلي ولكنني من حبها لعميد |
365 |
وخرج على أن اللام زائدة كما شذ زيادتها في خبر أمسى نحو قوله مروا عجالى فقالوا كيف سيدكم فقال من سألوا أمسى لمجهودا |
366 |
أي أمسى مجهودا وكما زيدت في خبر المبتدأ شذوذا كقوله أم الحليس لعجوز شهربه ترضى من اللحم بعظم الرقبة |
367 |
وأجاز المبرد دخولها في خبر أن المفتوحة وقد قرىء شاذا إلا أنهم ليأكلون الطعام بفتح أن ويتخرج أيضا على زيادة اللام ولا يلي ذي اللام ما قد نفيا ولا من الأفعال ما كرضيا |
368 |
وقد يليها مع قد كإن ذا لقد سما على العدا مستحوذا إذا كان خبر إن منفيا لم تدخل عليه اللام فلا تقول إن زيدا لما يقوم وقد ورد في الشعر كقوله وأعلم إن تسليما وتركا للا متشابهان ولا سواء |
369 |
وأشار بقوله ولا من الأفعال ما كرضيا إلى أنه إذا كان الخبر ماضيا متصرفا غير مقرون بقد لم تدخل عليه اللام فلا تقول إن زيدا لرضي وأجاز ذلك الكسائي وهشام فإن كان الفعل مضارعا دخلت اللام عليه ولا فرق |
370 |
بين المتصرف نحو إن زيدا ليرضى وغير المتصرف نحو إن زيدا ليذر الشر هذا إذا لم تقترن به السين أو سوف فإن اقترنت به نحو إن زيدا سوف يقوم أو سيقوم ففي جواز دخول اللام عليه خلاف فيجوز إذا كان سوف على الصحيح وأما إذا كان السين فقليل وإذا كان ماضيا غير متصرف فظاهر كلام المصنف جواز دخول اللام عليه فتقول إن زيدا لنعم الرجل وإن عمرا لبئس الرجل وهذا مذهب الأخفش والفراء والمنقول أن سيبويه لا يجيز ذلك فإن قرن الماضي المتصرف بقد جاز دخول اللام عليه وهذا هو المراد بقوله وقد يليها مع قد نحو إن زيدا لقد قام وتصحب الواسط معمول الخبر والفصل واسما حل قبله الخبر تدخل لام الابتداء على معمول الخبر إذا توسط بين اسم إن والخبر نحو إن زيدا لطعامك آكل وينبغي أن يكون الخبر حينئذ مما يصح دخول اللام عليه كما مثلنا فإن كان الخبر لا يصح دخول اللام عليه لم يصح دخولها |
371 |
على المعمول كما إذا كان الخبر فعلا ماضيا متصرفا غير مقرون بقد لم يصح دخول اللام على المعمول فلا تقول إن زيدا لطعامك أكل وأجاز ذلك بعضهم وإنما قال المصنف وتصحب الواسط أي المتوسط تنبيها على أنها لا تدخل على المعمول إذا تأخر فلا تقول إن زيدا آكل لطعامك وأشعر قوله بأن اللام إذا دخلت على المعمول المتوسط لا تدخل على الخبر فلا تقول إن زيدا لطعامك لآكل وذلك من جهة أنه خصص دخول اللام بمعمول الخبر المتوسط وقد سمع ذلك قليلا وحكى من كلامهم إني لبحمد الله لصالح |
372 |
وأشار بقوله والفصل إلى أن لام الابتداء تدخل على ضمير الفصل نحو إن زيدا لهو القائم وقال الله تعالى إن هذا لهو القصص الحق فهذا اسم إن وهو ضمير الفصل ودخلت عليه اللام والقصص خبر إن وسمي ضمير الفصل لأنه يفصل بين الخبر والصفة وذلك إذا قلت زيد هو القائم فلو لم تأت بهو لاحتمل أن يكون القائم صفة لزيد وأن يكون خبرا عنه فلما أتيت بهو تعين أن يكون القائم خبرا عن زيد وشرط ضمير الفصل أن يتوسط بين المبتدأ والخبر نحو زيد هو القائم أو بين ما أصله المبتدأ والخبر نحو إن زيدا لهو القائم |
373 |
وأشار بقوله واسما حل قبله الخبر إلى أن لام الابتداء تدخل على الاسم إذا تأخر عن الخبر نحو إن في الدار لزيدا قال الله تعالى وإن لك لأجرا غير ممنون وكلامه يشعر أيضا بأنه إذا دخلت اللام على ضمير الفصل أو على الاسم المتأخر لم تدخل على الخبر وهو كذلك فلا تقول إن زيدا لهو لقائم ولا إن لفي الدار لزيدا ومقتضى إطلاقه في قوله إن لام الابتداء تدخل على المعمول المتوسط بين الاسم والخبر أن كل معمول إذا توسط جاز دخول اللام عليه كالمفعول الصريح والجار والمجرور والظرف والحال وقد نص النحويون على منع دخول اللام على الحال فلا تقول إن زيدا لضاحكا راكب ووصل ما بذي الحروف مبطل إعمالها وقد يبقي العمل |
374 |
إذا اتصلت ما غير الموصولة بإن وأخواتها كفتها عن العمل إلا ليت فإنه يجوز فيها الإعمال والإهمال فتقول إنما زيد قائم ولا يجوز نصب زيد وكذلك أن وكأن ولكن ولعل وتقول ليتما زيد قائم وإن شئت نصبت زيدا فقلت ليتما زيدا قائم وظاهر كلام المصنف رحمه الله تعالى أن ما إن اتصلت بهذه الأحرف كفتها عن العمل وقد تعمل قليلا وهذا مذهب جماعة من النحويين كالزجاجي وابن السراج وحكى الأخفش |
375 |
والكسائى إنما زيدا قائم والصحيح المذهب الأول وهو أنه لا يعمل منها مع ما إلا ليت وأما ما حكاه الأخفش والكسائي فشاذ واحترزنا بغير الموصولة من الموصولة فإنها لا تكفها عن العمل بل تعمل معها والمراد من الموصولة التي بمعنى الذي نحو إن ما عندك حسن أي إن الذي عندك حسن والتي هي مقدرة بالمصدر نحو إن ما فعلت حسن أي إن فعلك حسن وجائز رفعك معطوفا على منصوب إن بعد أن تستكملا أي إذا أتي بعد اسم إن وخبرها بعاطف جاز في الاسم الذي بعده وجهان أحدهما النصب عطفا على اسم إن نحو إن زيدا قائم وعمرا |
376 |
والثاني الرفع نحو إن زيدا قائم وعمرو واختلف فيه فالمشهور أنه معطوف علىمحل اسم إن فإنه في الأصل مرفوع لكونه مبتدأ وهذا يشعر به ظاهر كلام المصنف وذهب قوم إلى أنه مبتدأ وخبره محذوف والتقدير وعمرو كذلك وهو الصحيح فإن كان العطف قبل أن تستكمل إن أي قبل أن تأخذ خبرها تعين النصب عند جمهور النحويين فتقول إن زيدا وعمرا قائمان وإنك وزيدا ذاهبان وأجاز بعضهم الرفع |
377 |
وألحقت بإن لكن وأن من دون ليت ولعل وكأن حكم أن المفتوحة ولكن في العطف على اسمهما حكم إن المكسورة فتقول علمت أن زيدا قائم وعمرو برفع عمرو ونصبه وتقول علمت أن زيدا وعمرا قائمان بالنصب فقط عند الجمهور وكذلك تقول ما زيد قائما لكن عمرا منطلق وخالدا بنصب خالد ورفعه وما زيد قائما لكن عمرا وخالدا منطلقان بالنصب فقط وأما ليت ولعل وكأن فلا يجوز معها إلا النصب سواء تقدم المعطوف أو تأخر فتقول ليت زيدا وعمرا قائمان وليت زيدا قائم وعمرا بنصب عمرو في المثالين ولا يجوز رفعه وكذلك كأن ولعل وأجاز الفراء الرفع فيه متقدما ومتأخرا مع الأحرف الثلاثة وخففت إن فقل العمل وتلزم اللام إذا ما تهمل |
378 |
وربما استغني عنها إن بدا ما ناطق أراده معتمدا إذا خففت إن فالأكثر في لسان العرب إهمالها فتقول إن زيد لقائم وإذا أهملت لزمتها اللام فارقة بينها وبين إن النافية ويقل إعمالها فتقول إن زيدا قائم وحكى الإعمال سيبويه والأخفش رحمهما الله تعالى فلا تلزمها حينئذ اللام لأنها لا تلتبس والحالة هذه |
379 |
بالنافية لأن النافية لا تنصب الاسم وترفع الخبر وإنما تلتبس بإن النافية إذا أهملت ولم يظهر المقصود بها فإن ظهر المقصود بها فقد يستغنى عن اللام كقوله ونحن أباة الضيم من آل مالك وإن مالك كانت كرام المعادن |
380 |
التقدير وإن مالك لكانت فحذفت اللام لأنها لا تلتبس بالنافية لأن المعنى على الإثبات وهذا هو المراد بقوله وربما استغنى عنها إن بدا إلى آخر البيت واختلف النحويون في هذه اللام هل هي لام الابتداء أدخلت للفرق بين إن النافية وإن المخففة من الثقيلة أم هي لام أخرى اجتلبت للفرق وكلام سيبويه يدل على أنها لام الابتداء دخلت للفرق وتظهر فائدة هذا الخلاف في مسألة جرت بين ابن أبي العافية وابن الأخضر وهى قوله قد علمنا إن كنت لمؤمنا فمن جعلها لام الابتداء أوجب كسر إن ومن جعلها لاما أخرى اجتلبت للفرق فتح أن وجرى الخلاف في هذه المسألة قبلهما بين أبي الحسن علي بن سليمان البغدادي الأخفش الصغير وبين أبي علي الفارسي فقال الفارسي هي لام غير لام الابتداء اجتلبت للفرق |
381 |
وبه قال ابن أبي العافية وقال الأخفش الصغير إنما هي لام الابتداء أدخلت للفرق وبه قال ابن الأخضر والفعل إن لم يك ناسخا فلا تلفيه غالبا بإن ذي موصلا |
382 |
إذا خففت إن فلا يليها من الأفعال إلا الأفعال الناسخة للابتداء نحو كان وأخواتها وظن وأخواتها قال الله تعالى وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وقال الله تعالى وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم وقال الله تعالى وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ويقل أن يليها غير الناسخ وإليه أشار بقوله غالبا ومنه قول بعض العرب إن يزينك لنفسك وإن يشينك لهيه وقولهم إن قنعت كاتبك لسوطا وأجاز الأخفش إن قام لأنا ومنه قول الشاعر شلت يمينك إن قتلت لمسلما حلت عليك عقوبة المتعمد |
383 |
وإن تخفف أن فاسمها استكن والخبر اجعل جملة من بعد أن إذا خففت أن المفتوحة بقيت على ما كان لها من العمل لكن لا يكون اسمها إلا ضمير الشأن محذوفا وخبرها لا يكون إلا جملة وذلك نحو علمت أن زيد قائم فأن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن وهو محذوف والتقدير أنه وزيد قائم جملة في موضع رفع خبر أن والتقدير علمت أنه زيد قائم وقد يبرز اسمها وهو غير ضمير الشأن كقوله |
384 |
فلو أنك في يوم الرخاء سألتني طلاقك لم أبخل وأنت صديق |
385 |
وإن يكن فعلا ولم يكن دعا ولم يكن تصريفه ممتنعا فالأحسن الفصل بقد أو نفي أو تنفيس اولو وقليل ذكر لو |
386 |
إذا وقع خبر أن المخففة جملة اسمية لم يحتج إلى فاصل فتقول علمت أن زيد قائم من غير حرف فاصل بين أن وخبرها إلا إذا قصد النفي فيفصل بينهما بحرف النفي كقوله تعالى وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون وإن وقع خبرها جملة فعلية فلا يخلو إما أن يكون الفعل متصرفا أو غير متصرف فإن كان غير متصرف لم يؤت بفاصل نحو قوله تعالى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وقوله تعالى وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم وإن كان متصرفا فلا يخلو إما أن يكون دعاء أولا فإن كان دعاء لم يفصل كقوله تعالى والخامسة أن غضب الله عليها في قراءة من قرأ غضب بصيغة الماضي وإن لم يكن دعاء فقال قوم يجب أن يفصل بينهما إلا قليلا وقالت فرقة منهم المصنف يجوز الفصل وتركه والأحسن الفصل والفاصل أحد أربعة أشياء |
387 |
الأول قد كقوله تعالى ونعلم أن قد صدقتنا الثاني حرف التنفيس وهو السين أو سوف فمثال السين قوله تعالى علم أن سيكون منكم مرضى ومثال سوف قول الشاعر واعلم فعلم المرء ينفعه أن سوف يأتي كل ما قدرا |
388 |
الثالث النفي كقوله تعالى أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولا وقوله تعالى أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه وقوله تعالى أيحسب أن لم يره أحد الرابع لو وقل من ذكر كونها فاصلة من النحويين ومنه قوله تعالى وأن لو استقاموا على الطريقة وقوله أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ومما جاء بدون فاصل قوله علموا أن يؤملون فجادوا قبل أن يسألوا بأعظم سؤل |
389 |
وقوله تعالى لمن أراد أن يتم الرضاعة في قراءة من رفع يتم في قول والقول الثاني أن أن ليست مخففة من الثقيلة بل هي الناصبة للفعل المضارع وارتفع يتم بعده شذوذا وخففت كأن أيضا فنوي منصوبها وثابتا أيضا روي |
390 |
إذا خففت كأن نوي اسمها وأخبر عنها بجملة اسمية نحو كأن زيد قائم أو جملة فعلية مصدره بلم كقوله تعالى كأن لم تغن بالأمس أو مصدرة بقد كقول الشاعر أفد الترحل غير أن ركابنا لما تزل برحالنا وكأن قد |
391 |
أي وكأن قد زالت فاسم كأن في هذه الأمثلة محذوف وهو ضمير الشأن والتقدير كأنه زيد قائم وكأنه لم تغن بالأمس وكأنه قد زالت والجملة التي بعدها خبر عنها وهذا معنى قوله فنوي منصوبها وأشار بقوله وثابتا أيضا روي إلى أنه قد روى إثبات منصوبها ولكنه قليل ومنه قوله وصدر مشرق النحر كأن ثدييه حقان |
====
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق